samedi 6 août 2022

لماذا لا نستلهم من تجارب البلدان الأجنبية الناجحة في الحقل التربوي ؟

 

 

أسوق لكم مقتطفات مقتضبة جدا من الاستنتاجات التربوية المفيدة المستوحاة من تجارب تربوية عالمية ناجحة ومتعددة:

1.    المكانة الأولى للصين في امتحان "بيزا" (PISA - البرنامج العالمي لمتابعة مكتسبات التلاميذ في فهم نص مكتوب وفي الرياضيات وفي العلوم):

يبدو أن ثلاث حجج كبيرة قد فقدت وزنها، حجج تفسر الفشل المدرسي في البلدان الغربية (Pays occidentaux): ضعف الميزانية المخصصة من الدولة، والفوارق بين الطبقات الاجتماعية، والثقافات المحلية التي لا تُولِي أهمية للتربية. ثلاثة عوامل مهمة لكن لا تكفي وحدها لتفسير النتائج المدرسية:

-         بين 1970 و1994، وفي عديد البلدان الغربية زادت ميزانية التعليم ضعفين أو ثلاثة أضعاف، ورغم هذا المجهود المادي الملحوظ لم تتحسسن النتائج إذا لم نقل أنها  في تراجع. في أمريكا مثلا حيث تصل تكلفة تعليم تلميذ واحد أعلى نِسَبِها، نجد هذا البلد في آخر ترتيب الدول المتقدمة في التعليم الثانوي. حسب تقدير أحد المختصين، الميزانية لا تدخل اعتبارات إلا بنسبة 10 بالمائة في تغيير النتائج المدرسية.

-         أكدت دراسات بريطانية أن خطر الفشل المدرسي يظل أكثر ارتفاعا عند التلاميذ الفقراء. وهذا ما أكدته أيضا الدراسات الأمريكية بقولها أن 60 بالمائة من النتائج المدرسية تتوقف على عوامل خارجية عن المدرسة مع العلم أن استراليا تحصلت على الرتبة التاسعة المشرفة في امتحان "بيزا" رغم الفوارق الكبيرة في الدخل بين أجرائها وأما الصين فقد فازت بالمرتبة الأولى رغم أنها تُعدّ من أكبر المجتمعات غير المتكافئة طبقيا.

-         يلعب المستوى الثقافي للأسرة -دون أدنى شك- دورا تربويا هاما. يتابع الأولياء الآسيويون نتائج أبنائهم أكثر من نظرائهم الأوروبيين ويساهمون بذلك في إنجاح مدارسهم. لذلك تتصدر منصة التتويج التربوي دول كسنغفورة وهونغ كونغ  وكوريا الجنوبية.

 

2.    ما هي إذن مفاتيح النجاح؟

لا يوجد نموذج واحد، لكن تتراءى لنا أربع مسارات للخروج من المأزق: اللامركزية التي تتمثل في إعطاء أكثر استقلالية للمؤسسات التربوية، والاعتناء أكثر بالتلامذة المتعثرين في دراستهم، وتنويع المؤسسات التربوية وانتداب مدرسين من ذوي كفاءات عالية:

-         يُعدُّ النظام التربوي البولوني من أكثر الأنظمة التربوية لامركزية في العالم حيث تتكفل البلديات بتمويل المدارس بعد أن تأخذ منحة نسبية من الدولة حسب عدد التلامذة المرسمين في ترابها. يتمتع رؤساء المؤسسات التربوية بكفاءة وحرية في انتداب المدرسين مباشرة وفي التصرف في الميزانية المخصصة لكل مدرسة. لذلك تجد  بولونيا مكانتها ومكانها في الترتيبات العالمية.

-         تراجعت أفضل المدارس الصينية عن هوسها وولعها بـ"النوابغ" و"العباقرة" وشرعت في تدعيم التلامذة المتعثرين. وهذا ما لم تفعله بريطانيا مما أثّر على نتائجها المدرسية العامة.

-         سمحت الحكومة البريطانية، منذ عهد "توني بلير"، بتأسيس "مدارس حرة" (ليس بالمعنى المتداول عندنا في تونس) ووضعتهم تحت تصرف الأولياء والمنظمات الخيرية والجمعيات لكن التمويل بقي من اختصاص الدولة. بدأ العدد بـ 203 مدرسة في ماي 2010 وبلغ اليوم، سنة 2016، 1635 "مدرسة حرة".

-         بعض البلدان، كفنلندا وكوريا الجنوبية، لا تنتدب من الأساتذة إلا الأوائل وترفع أجورهم. بريطانيا توفر منحا في الاختصاصات التي تشكو من نقص. أمريكا تجرّب التمييز بين المدرّسين ودفع الأجر حسب الاستحقاق وكفاءة المدرّس وهذا ما تعارضه دوما نقابة المدرّسين.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire