صدقتْ نُبوءة "سارتر"، بفضل "الفيسبوك" بدأ
عصرُ المثقفِ ينقرِضُ، المثقفُ الذي يفكِّر للآخرين! مواطن العالَم محمد كشكار،
دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا
Sartre a
dit: L`Intellectuel, c’est une création du XIXè siècle qui disparaîtra à la fin
du XXè ou du XXXè parce qu’il est fait pour disparaître. L’homme qui pense pour
les autres, cela n’a pas de sens. Tout homme qui est libre ne doit être
commandé par personne que par lui-même
مقال مستوحَى من المفكر اللبناني-الفرنسي أمين معلوف (Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset &
Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages, p 166 et 210):
لم
يترك "الفيسبوك" أي مواطن يشعر أنه مقصيٌّ من المشاركة في بناء حضارة
عالمية مشتركة لا تزالُ في طورها الجنيني. سَمَحَ لكل فردٍ بأن يجد في فضاء
"الفيسبوك" الافتراضي لغته الأصلية وبعض رموز ثقافته الخاصة. وفّرَ لكل
مُرتاديه فضاءً يعبرون فيه بكل حرية عن هويّاتهم وانتماءاتهم، إسلامية كانت أو
شيوعية أو دينية أو عَلمانية أو لغوية أو ثقافية أو فنية أو ذوقية. أعطَى لكل
إنسان -دون تمييز عرقي أو لوني أو طبقي أن جَنْدَرِي (H-F)- حق تكافؤ الفُرَص ومَنَحَ له
مجانيا إمكانية الانتماء المتعدد ولو قليلا إلى الحضارة العالمية المشتركة عوض
التقوقع داخل هويةٍ سلفيةٍ مُألَّهَةٍ.
بفضل كراماته الرقمية أصبح العاملُ (المتخرِّج من الابتدائي أو
الثانوي)، وعن دراية وجدارة، كاتبًا ومثقفًا ومفكرًا، قد يساوي في بعض الحالات أو
يفوق الدكتورَ. لا غرابة في ذلك فالعقل السليم هو الشيء الثمين الموزّع بعدلِ بين
البشر مهما اختلفت مستوياتهم التعليمية أو شهاداتهم العلمية.
"الفيسبوك" هو مجالٌ
مفتوحٌ لكل فردٍ يرغب في التعريف بـِ أو الدفاع عن كرامته أو لغته أو دينه أو
إيديولوجيته أو تقاليده أو ثقافته أو هويته أو أمته أو وطنه أو جهته أو موطنه أو
شغله. عالَمنا المعاصر، عالمٌ تغلب عليه المركزية الغربية الاقتصادية (رأسمالية متوحشة
ومهيمِنة) والعرقية (العرق الأوروبي) ولونية (الرجل الأبيض) واللغوية (الأنڤليزية
سائدة في مجالات الحياة) والدينية (المسيحية منتفخة) والثقافية (تقديم الإشباع
المادي على الفكري). لا يحق لنا، نحن المستضعفون المضطهدون في الأرض، أن نرفع
الراية البيضاء ونستسلم لهذا الواقع الظالم قبل أن نخوض المعركة. على العكس وجب
علينا أن نصمد ونقاوم دفاعًا عن ثقافتنا وهويتنا ولنا أسوة في نجاحات الذين ناضلوا
بذكاء وحكمة ضد الاستبداد (ثورة 14 جانفي 2011 التونسية) والظلامية (مقاومة الفكر
والجهاد السلفي الوهابي في تونس ولبنان) والفصل العنصري (مانديلا) والكراهية (نجاح
قلة من عمالنا المغاربيّين في الاندماج في بلدهم الثاني فرنسا) والنسيان (فلسطين)
والتكفير (هُزِمت حركة طالبان في أفغانستان وقريبًا بِحَولِ الله ستُهزَم قريبًا
شقيقتُها حركة داعش في سوريا والعراق) والمجاعة (نجاح الصين والهند في تحقيق
الاكتفاء الذاتي الغذائي خلال عشرية أو عشريتين) والجهل (إجبارية التعليم في تونس)
والخطر الديمغرافي (نجاح سياسة التنظيم العائلي بتونس السبعينات) والحيف بين الرجل
والمرأة (مجلة الأحوال الشخصية التونسية منذ 1956) والمرض (انقراض مرض الجِدري في
العالم بفضل التلقيح المبكّر).
نَقَلَنَا "الفيسبوك" نقلة نوعية ومكّننا من التمتع
بحرية في التعبير والنشر، حرية حَلُمْنَا بها كثيرًا وانتظرناها طويلاً ولم يوفرها
لنا، لا حاكِمُنا ولا ديننا ولا ثقافتنا. حرية عجيبة في عصر عجيب جعلت كل صاحب
فكرة، عبقرية كانت أو شاذة أو نافلة، يستطيع نشرها وتبليغها في ثانية إلى عشرات
الملايين في العالم دون رقيب أو حسيب إلا ضميره وأخلاقه.
أنهِي مقالي بدُعاءٍ لصالِح المدعو "فيسبوك" (Facebook):
هو مِلك للجميع دون تمييز وليس ملكا لأحد والحمد لله على هذه
المساواة الفيسبوكية التامة التي لم تتحقق في أي مجال آخر. كلنا شاركنا في تطويره
ولا فضل لفيسبوكي على آخر إلا بالنشر والجد والإخلاص والصدق والبقاء للأفضل
إنتاجًا ومن حسن حظنا أنه ليس حكرًا على الأكثر جاهًا أو مالاً أو نفوذًا أو
تعليمًا. الله يرحم مؤسسه ومستعمليه ومطوّريه ورب يبقِي عليهم الستر ويبعِد عليهم
أولاد الحرام وبنات الحرام الذين يحاولون تحويل وجهة "الفيسبوك"
التنويرية الخيرية التجميعية إلى وجهة عنصرية ظلامية تكفيرية إقصائية.
إمضائي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 1 ديسمبر 2015.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire