جزء 3: صورات مسلم تونسي علماني يساري غير ماركسي حول
الإسلام؟ مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا
أبدأ بتعريف مفهوم التصورات:
" التصورات (Les représentations en psychologie ou
les conceptions en didactique) هي الأفكار التي تنقلها الثقافة
الشعبية عن طريق العادات والتقاليد والحكم والأمثال والأساطير والملاحم والشعر
والفن والأدب والسيَر وليس الثقافة الرسمية عن طريق التعليم والفقه والخطاب الديني
القديم أو الجديد، الحكومي أو المعارض في المساجد والجوامع والفضائيات".
11.
في باب نبذ المعصية:
يقول التراث الإسلامي:
"اِلْعَنوا المعصية ولا تلعنوا العاصي" فالمعصية مفروغ من ضررها ومتفق
على إدانتها من الجميع أما العاصي فباب الله سيبقى مفتوحًا أمامه إلى آخر رمق من
حياته ولو كره المتشددون ولو حاولوا غلقه فلن يفلحوا أبدَا.
12. في باب حب الناس، كل
الناس دون تمييز من أي نوع:
خلق الله المخلوقات مختلفة في
اللون والعرق والجنس والدين "وَلَوْ
شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً" بل "وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" ولم يقل
لتعاركوا، فالحرب الدائرة اليوم بين المسلمين أنفسهم هي إذن من صنع أيديهم القذرة
وأمخاخهم الوسخة وليس من التأويل السليم للقرآن في شيء وقال "إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" ولم يقل إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ
اللَّهِ شيعتكم أو سنّتكم. فحب الناس جميعًا إذن هو بمثابة العبادة وعشقا لله في
خلقه مسلمين وغير مسلمين. قدرُ المسلم أن يحب الناس جميعًا، المسيحي واليهودي
والملحد والعاصي، هذا النوع من الحب هو أمرٌ إلهي وليس اختيارًا ولو شاء المسلم
هداية هؤلاء الناس جميعًا بالتي هي أحسن عن طريق إهدائهم أفضل هدية عنده وهي
الإسلام فلن يجد طريقًا أمامه إلا الحب، وهل يمكن أن نقدّم أغلى هدية عندنا لشخص
نكرهه؟ طبعًا لا. فالحب ديننا وقدرنا وطريقنا الوحيد إلى الله ولا طريق لنا غيره
فلْنرضى بقدرنا ونحب، نحب بلا حد، لا نبتغي من وراء حب الناس، كل الناس، لا جزاءً
ولا شكورَا غير رضاه عن طريق إرضاء مخلوقاته، كل مخلوقاته دون تمييز بينهم، تمييزًا
عرقيا أو لونيا أو جنسيا أو دينيا. ومن حكمة الله ولطفه بنا أن فرض علينا حب
البشر، كل البشر، ولم يترك هذا الشأن لأهوائنا وضعفنا وغرائزنا وتعصبا وأنانيتنا.
13. في
باب إقامة العدل على الأرض:
يقول التراث الإسلامي:
"حاكم كافر عادل خيرٌ من حاكم مسلم ظالم ". قدّمَ الإسلامُ العدلَ على
العقيدة الإسلامية وفضّله على الظلم ولو
أتى هذا العدل من حاكم كافر. أي تفتحٍ على الآخر هذا؟ أي عشقٍ للعدل هذا؟
14.
في باب نشر التسامح:
يقول
التراث المسيحي والتراث الإسلامي: كان سيدنا إبراهيم الخليل لا يأكل حتى يمر عابر
سبيل يشاركه طعامه. قدِم عابرُ سبيلٍ، أكل وشرب ثم طلب من إبراهيم أن يوقد له نارًا
ففعل. قام الضيفُ يصلي للنار فنهره النبي وطرده قائلا: "أتُعبد النار في بيت
الخليل؟" كلّمه الله مربّيًا ومعلّمَا: "يا إبراهيم كم عُمُرُ هذا
الضيف؟" قال: "ستون سنة". قال الله: "تحملتُه أنا ستون سنة ولو
شئتُ لقبضتُ روحَه وأنتَ لم تستطع أن تتحمله ليلة واحدة!" ما أروع هذه الحكمة
الإلهية لو أخذ بها وطبقها دعاة الدين الجدد.
15.
في باب تشجيع حرية التعبير:
حكمة
بحق ربّانية، اتعظت منها الإنسانية و أتمنى من كل جوارحي أن يعيها مسلمو اليوم: هل
الرسوم المسيئة للرسول أم الشيطان وكفار قريش أكثر إيذاء للذات الإلهية والشخصية
المحمدية؟ طبعا الشيطان وكفار قريش، أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم. من
حكمة ربنا الأعلى أنه نقل لنا حرفيا في القرآن الكريم، كلام وحجج أعدائه وأعداء نبيه محمد صلى الله عليه وسلّم، ولم يكتف بحرية التعبير والنشر المطلقة لهؤلاء
المعارضين في كتابه المبين، بل فات وارتقى وعلا، سبحانه وتعالى، على ذلك بسنين ضوئية وأمرنا أن نردد كلامهم عند
قراءة القرآن الكريم دون حذف حرف واحد خمس مرات في صلواتنا اليومية وأن نرتله
صباحا مساء وأن نتهجّده ليلا حتى مطلع الفجر واعتبر هذا عبادة يتقرب بها المخلوق
من خالقه ولم يعتبره هو، صاحب الشأن علا شأنه، لا مسّا من الذات الإلهية ولا
تطاولا على الشخصية المحمدية. حدث هذا، والإسلام لا زال في أوله ولم يستقر في
القلوب بعدُ، فما بالك الآن وقد تربّع و عشّش في قلوب مليار ونصف مليار مسلم
منتشرين في العالم أجمع. تصور اليوم جريدة "الضمير" الإسلامية تخصص صفحة
حرة لحزب العمال أو جريدة "صوت الشعب" الشيوعية تخصص صفحة حرة لحزب حركة
النهضة.
يُتبع...
إمضائي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن
يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل
ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد.
لا
أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر
أخرى وعلى كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
Ma devise
principale : Faire avec les conceptions non scientifiques (elles ne sont
pas fausses car elles offrent pour ceux qui y croient un système d`explication
qui marche) pour aller contre ces mêmes conceptions et simultanément aider les
autres à auto-construire leurs propres
conceptions scientifiques
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 12 ديسمبر 2015.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire