موقف مبدئي، عاطفي، انطباعي،
ظرفي، اعتباطي، فوضوي- سَمِّهِ ما شئت - المهم أنه معاكس للسائد لدى اليمين الإسلامي
(قيادة النهضة) و اليسار الماركسي-القومي (قيادة الجبهة الشعبية). مواطن العالَم
د. محمد كشكار (يساري غير ماركسي و غير منتم لأي حزب أو جمعية)
تعليق حول ما بُثَّ بقناة
"التونسية"، في برنامج سمير الوافي "لمَن يجرؤ فقط"، الأحد 9
مارس 2014، الساعة التاسعة ليلا:
لأول مرة بعد الثورة أتعاطف
مع عبد الرؤوف العيادي (الشخصية المكروهة عادة من قِبل اليسار الماركسي و القومي، رغم
ماضيه اليساري بحركة "برسبكتيف" و ماضيه النضالي الحقوقي ضد نظام بن علي)،
أتعاطف معه ضد منتقديه من رموز "التجمّع الدستوري الديمقراطي"، و أؤيده و
أحيّيه في تمسّكه بـ"قانون تحصين الثورة"، الإجراء الثوري الذي يتمثل في
الإقصاء السياسي لرموز التجمّع و ذلك بحرمانهم من الترشح و الانتخاب لمدة خمس أو
عشر سنوات متتالية، و هذا في نظري يُعدّ أضعف الإيمان بالثورة، و لا تعارضني بقولك،
خاصة عندما تصدر المعارضة من يساري معارض و ليس موالي لبن علي: هات ملفات
لإدانتهم. فأرد عليك صارخا غاضبا: و هل طلب الثوار المهمشون ملفات بن علي و
الطرابلسية قبل الإطاحة بهم؟ و أضيف مزمجرا: و هل نحتاج إلى ملفات حتى ندين رموز
التجمّع؟ و أنهي بأدب و عقلانية: صفتهم و
منزلتهم في التجمع تكفي لإدانتهم، إدانة سياسية و ليست قضائية، و هذا ما نطلبه و
هو أضعف الإيمان بالثورة.
أضعف الإيمان بالثورة الذي
تخلى عنه - للأسف الشديد - اليسار الماركسي المـ"تجمّع" في الجبهة
الشعبية، هذه الجبهة التي وضعت اليد في اليد - تكتيكيا أو استراتيجيا، أمر لا
يعنيني - مع عدو الأمس "رموز الدساترة و التجمّعيين" و أحيتهم بعد ما
حكمت عليهم الثورة بالموت السياسي الأبدي - و إلا ضد مَن قامت الثورة؟ أجيبوني بربكم
يا جبهويين - و أقول عدو الأمس و ليس خصم سياسي الأمس، لأن العدو السياسي هو الذي
يقتل و يعذب و يسجن و يشرّد و ينفي و يجوّع و يروّع و يرهب و يرعب عشرات الآلاف من
المواطنين الأبرياء طيلة ستين عاما من حكمه (قلة منهم تنتمي لليسار الماركسي أو
التيار القومي و الأغلبية تنتمي للتيار الإسلامي و خاصة حركة الاتجاه الإسلامي
التي أصبحت حركة النهضة لاحقا). كيف بربكم تبررون ما لا يتبرر، كيف تتحالفون أو
تلتقون - ليس المهم في الكلمة، المهم في الفعل و قد حصل - مع مَن صنّفه ماركس
بنفسه كعدو طبقي، و هو فعلا مستغل الطبقة العاملة التي تدعون الدفاع عنها، و أنتم
في الواقع تدافعون على امتيازاتكم و مصالحكم الضيقة المادية منها و المعنوية كبرجوازية
صغيرة، و قد قال ماركس فيكم ما لم يقله مالك في الخمر، قال بما معناه: البرجوازية
الصغيرة فئة انتهازية متذبذبة محدودة و أقصى طموحها يتمثل في الالتحاق السريع بالطبقة
البرجوازية الكبيرة.
تاريخ أول نشر على النت:
الاثنين 10 مارس 2014.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire