موقف من ظاهرة تعنيف
التلاميذ من قِبل المدرسين. مواطن العالَم د. محمد كشكار
أعي جيدا أن زملائي
المدرسين (ابتدائي و إعدادي و ثانوي و عالي) يتعرضون أيضا إلى ظاهرة العنف اليومي
من قبل بعض التلاميذ أو بعض الأولياء، لكنني - منهجيا - اخترت اليوم أن أتناول فقط
ظاهرة تعنيف التلاميذ من قبل المدرسين:
أولا العنف لا يُعالج
بالعنف و الخطأ لا يُصلح بخطأ أفظع منه.
ثانيا يبدو لي أن التجاء المدرس لتعنيف التلميذ هو أكبر دليل على فشله البيداغوجي في تبليغ رسالته. وفاقد الشيء لا يعطيه في هذه الحالة، أعني أن المدرّس (ابتدائي و إعدادي و ثانوي و عالي) لم يدرُس جامعيا البيداغوجيا (كيفية التدريس) و لا التعلمية (كيفية تقبّل المعرفة من قبل التلميذ) و لا أعتبر الندوات البيداغوجية التكوينية في مراكز التكوين الجهوية تحت إشراف المتفقدين، لا أعتبرها تكوينا أكاديميا كافيا لأن المتفقد نفسه لم يدرُس جامعيا البيداغوجيا و لا التعلمية و لا علم التقييم و لا علم نفس الطفل و لا علم التواصل و يصح على المتفقد ما يصح على المدرس: "فاقد الشيء لا يعطيه". ماذا بقي إذن للمعلم غير المجتهد ذاتيا؟ بقي له - للأسف الشديد - سلاح العنف لكي "يسيطر" على قسمه.
ثالثا، هذا الموقف التي اتخذته من ظاهرة تعنيف التلميذ من قبل المدرس، لا يعني البتة أن المدرس لا يخطئ و أنا أقر أنني أخطأت عديد المرات لكن هذا لا يمنعني من تدارك نفسي و محاولة إصلاح أخطائي و لا يمنعني أيضا من إدانة ظاهرة تعنيف التلميذ من قبل المدرس (أدين طبعا تعنيف المدرس من قبل التلاميذ أو الأولياء) إدانة شديدة لأنها تتنافى مع قداسة الحرمة الجسدية للإنسان ( و خاصة الطفل لأنه يمثل الحلقة الأضعف بدنيا و ذهنيا). يرد بعض المدرسين مبرّرين العنف بقولهم: و كيف نسيطر على قسم فيه 30 تلميذ يشوّش؟ من طبيعة التلميذ أن يشوّش لكن من غير الطبيعي أن نعاقبه بالضرب. ما هي الحلول للسيطرة على القسم؟ أولا، المدرس ليس مطالبا بالسيطرة على القسم كما يفهمها بعض المربين و ثانيا، قبل البحث عن الحلول و البدائل، علينا تجريم العنف و تحريمه بكل وضوح و هذا ما كنت أقوله لبعض زملائي الذين يبدؤون بتعنيف التلميذ و عندما يردّ التلميذ عنفا بعنف، يقدمون فيه تقريرا مطالبين بتأديبه: يا زميلي العزيز، لو بدأت بالاعتداء على تلميذ، يسقط حقك في تأديبه حتى لو رد عنفك بعنف، بل يصبح من واجبك الاعتذار للتلميذ و الولي و للأسرة التربوية عموما، و عليك أن تخفض لهم جميعا جناح الذل لعلك تستفيد من خطئك و لا تكرره أبدا.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 2 مارس 2014.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire