mercredi 26 mars 2014

لو أصبحت وزيرا للتربية التونسية! بقلم مواطن العالم د. محمد كشكار

لو أصبحت وزيرا للتربية التونسية! بقلم مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 14 جوان 2010.

تاريخ إعادة النشر على النت: حمام الشط في 11.05.10 و 4.06.10 و 30.12.10 و 22.01.13.

ملاحظة هامة: لكل مقام مقال، مع أن المقام التربوي لم يتغير في تونس رغم الثورة.
من فضلكم، انتبهوا إلى تاريخ أول نشر لهذا المقال على النت: حمام الشط في 14 جوان 2010، أي في زمن المخلوع "بن علي" و قبل ثورة 14 جانفي 2011 بنصف عام.

نص المقال:
بعد ما قرأ شقيقي صالح كشكار مقالي المنشور بالـ"فايسبوك" "حكايتي مع الوزير", طلب مني أن أكتب مقالا أحكي فيه ماذا سأفعل افتراضيا و أؤكد افتراضيا و نظريّا لو عُينتُ، لا سمح الله، وزيرا. حفاظا على مصداقيتي الفكرية النقدية و تمسّكا بحيادي الفكري بين أطروحات المعارضة التونسية، أطمئن قرّائي الأعزّاء أنني لن أرشّح نفسي لأي منصب سياسي و لن أكون وزيرا لسبب بسيط و هو الآتي: أنا أدّعي أنني ناقد مفكر حر و مستقل و أتمنى أن أكون في مستوى هذه المهمة العظيمة و القائمة بذاتها و أرى أن كل مثقف ينخرط في السلطة، قد يفقد استقلاليته الفكرية و يفقد في الوقت نفسه القدرة على نقد منظومة يسكن داخلها و أنا لا أريد أن أفقد استقلاليتي الفكرية بحول الله
لنفترض أنني سميت اليوم وزيرا فاسمعوا و عوا معشر المعلمين و الأساتذة و إذا وعيتم فاحلموا و تخيلوا عسى أن يتحقق حلمكم يوما, هم يروه بعيدا و نحن نراه قريبا. شعار المرحلة الانتقالية: "بالموجود و المجهود نقترب من المنشود.

استوحيت الرد الاستباقي التالي على قرائي بعد النشر من تعليقات قرائي قبل النشر و هؤلاء الأخيرين يمثلون بالونة الأكسجين التي أطلقها للتجربة قبل النشر قصد تلمس رد الفعل على ما أكتب: قد يبدو للبعض أن أفكاري طوباوية و مثالية و حتى لو كانت كذلك فما الضرر في ذلك فالثورات الكبرى بدأت أحلاما طوباوية. أؤكد لكم أن كل أفكاري مستقاة من الواقع الحالي الأمريكي أو الفرنسي أو واقع تونس الستينات ( كانت جل المعاهد في الستينات مجهزة بقاعة رياضة متعددة الاختصاصات و مغطاة و منذ تلك الفترة لم تبن و لو قاعة واحدة في أي معهد محدث بعد تلك الفترة). لقد تصورت البدائل المستقبلية  المطروحة في هذا المقال انطلاقا من دراستي الأكاديمية لعلوم التربية بفرنسا. لم تصدر مني في هذا المقال فكرة واحدة لا تستند إلى نظرية علمية و كما يقول العلماء "كل تطبيق جيد تسبقه بالضرورة نظرية جيدة.

إليكم أيها الزملاء الكرام قراراتي القابلة للنقاش و الباحثة عن التفنيد قبل التنفيذ الجدي في تونس 2050 و لا أدعي و ليست مهمتي و لا في استطاعتي تقديم مشروع تربوي بديل شامل و متكامل, إنما هي صرخة استغاثة أخلاقية ضد واقع مؤلم تلظى بناره الأستاذ محمد كشكار لمدة 36 عاما. فهل يعاتب من صمت دهرا و صرخ ساعة في الفايسبوك؟

1.   باب الميزانية:
قرار: يبدو لي أن الهرم التعليمي في تونس هرم مقلوب لأن الدولة تخصص الحظ الأوفر من الميزانية للتعليم الثانوي ثم الإعدادي ثم الابتدائي و لو عكست لأصابت و صححت الخطأ و وضعت الهرم على قاعدته الأساسية المتمثلة في التعليم الابتدائي.

2.   باب البيداغوجيا:
قرار1.2:
على الوزارة تطبيق الشعار الذي رفعته في مشروع مدرسة الغد منذ عام 2000 و المتمثل في اعتماد المدرسة البنائية لبياجي و فيقوتسكي ( يبني التلميذ معرفته بنفسه بالاحتكاك بالمحيط  و بمساعدة المدرس و الأقران) نموذجا بيداغوجيا- تعلميا و منهجا في التعلم مع احتفاظ المدرس بحرية اختيار النموذج المناسب للوضعية المناسبة من بين كل النماذج التربوية الأخرى مثل التلقين و التقليد و الدرس-المحاضرة و التخلي عن التدريس في القسم و ترك التلميذ يتعلم بنفسه دون مساعدة ظاهرة من المدرس.

قرار2.2:
على الوزارة التخلص التدريجي من النموذج السائد في المؤسسات التعليمية و هو  نموذج المدرسة السلوكية لواتسون و سكينر( يلقن التلميذ المعرفة من المدرس و لا يشارك في بنائها فيصبح "كالحمار يحمل أسفارا") مع احترامي الشديد للتلامذة و هذا وصف و ليس شتما و المهم أخذ العبرة من التشابه بينهما في حمل المعلومات و عدم الاستفادة منها و ليس في محتوي مخيهما. يكتسب التلميذ الحالي معلومات  لا يستفيد  منها و لا يوظفها في المكان المناسب و الوضعية المناسبة.

قرار3.2:
على الوزارة تطبيق بيداغوجيا المشروع منذ الابتدائي (مشروع علمي بسيط أو معقد يختاره و ينفذه مجموعة من التلامذة تحت إشراف مدرسيهم) حتى ندرب التلميذ على البحث العلمي و العمل الجماعي و المبادرة الشخصية و الاعتماد على النفس و الاستقلال المتدرج عن المدرس منذ الصغر.

قرار4.2:
على الوزارة التقليل من تدريس النظري المجرد في الثانوي و تعويضه بتدريس بعض التطبيقات العملية في الفيزياء و الكيمياء و علوم الحياة و الأرض.

قرار5.2:
إدراج تدريس الممارسات الاجتماعية المرجعية أو التقليدية
  Les pratiques sociales de référence
 في البرنامج الرسمي و الحد من سيطرة المعرفة العالمة
  Le savoir savant
التي تخص فقط العلوم الصحيحة و التجريبية مثل الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء و علوم الحياة و الأرض و ما ينتج عن تطبيقاتهم من تكنولوجيا. توجد المعرفة العالمة في الجامعات و المؤتمرات العلمية و المجلات العلمية المختصة. توجد الممارسات الاجتماعية التقليدية متغلغلة في المجتمع لكنها محتقرة و متجاهلة من رجال العلم القابعين في أبراجهم العاجية و المتكبرين على هذا النوع الأساسي من المعرفة الشعبية النفعية المباشرة. يقولون أن هذه المعرفة الاجتماعية التقليدية لا ترتقي إلى مرتبة المعرفة العالمة و نبلها. نرى اليوم أن بعض الممارسات الاجتماعية مثل الرياضة بدأت تقتحم باحتشام عالم المعرفة العالمة المغلق و بدأنا نسمع ببحوث معمقة و دكاترة في الرياضة. لماذا لا ندرس نظريا و تطبيقيا كيفية إعداد بعض الأطباق الشهية التونسية كالكسكسي و الطاجين؟ لماذا لا يتعلم تلامذتنا إناثا و ذكورا الخياطة و النجارة و الحدادة و البناء و "البريكولاج" في التعليم العام و ليس المهني مثل ما يفعل تلامذة فنلندا؟ لماذا لا يتعلم تلامذتنا إناثا و ذكورا السياقة في المعهد؟ لماذا نفصل بين المدرسة و ما يقع في المجتمع؟ لماذا لا تكون مدرستنا مرآة للمجتمع تعكس علمه و معرفته و تقاليده أيضا؟

قرار6.2:
على الوزارة برمجة مواضيع تعليمية تهم التلامذة التونسيين في القرن الحادي و العشرين بعد سبر آرائهم كتعليم السياقة و الموسيقى و المسرح و الموضة و الوقاية من أمراض الشباب (لماذا يحتكر هذه المعرفة الأطباء و الإطار شبه الطبي فقط) و التربية العاطفية و النفسية و التدريب على فنون البستنة و الطبخ و تربية الصغار و تعدد الحرف أو حب الترقيع الحرفي ( bricolage البريكولاج) كما كان معمولا به في فرنسا في مادة العلوم التطبيقية. ينتدب لهذا النوع من التعليم العام مدربون (بكسر الراء) من القرية أو المدينة القريبة حسب كفاءاتهم و ليس حسب شهاداتهم, يشرف عليهم مدرس خبير. قد يمنع عمل الأم و الأب خارج المنزل و الدراسة المطولة للأولاد الكبار توريث صغارهم مهاراتهم المكتسبة مثل ما كان الحال قديما، ابن النجار يصبح نجارا و ابن الحداد حدادا.

قرار7.2:
تقوم الوزارة مشكورة كل عام بإحصاءات لتقييم نتائج الامتحانات و نتائج التوجيه و هي إحصاءات دقيقة و موثوق بها و متعبة و مكلفة حسب ما قال لي بعض أصدقائي المديرين و كلهم تقريبا أصدقائي لأنني كنقابي قاعدي و ليس هيكلا أفصل بين نشاطي النقابي الحر و المستقل و علاقاتي الإنسانية و الحضارية معهم، يوم الإضراب، سبق لي أن طلبت من المدير و الناظر مغادرة قاعة الأساتذة عندما تدخل المدير في ما أقول لزملائي. لماذا لا تدرس الوزارة و تفحص نتائج الإحصاءات و توظفها لإصلاح التعليم؟ أنا أدرّس علوم الحياة و الأرض للسنة الأولى ثانوي (4 سنوات قبل الباكلوريا) منذ 15 سنوات على الأقل و لم ألاحظ أي إصلاح واضح في هذا المستوى.

قرار8.2:
على الوزارة تعريب تدريس العلوم في الابتدائي و الإعدادي و الثانوي و الجامعة أو فرنستها تماما و لا نتركها على حالها معربة في الأساسي (ابتدائي و إعدادي) و مفرنسة في الثانوي و الجامعة. يصل التلميذ إلى الثانوي حاملا مصطلحات علمية معرّبة فيتعطل في فهم المصطلحات الفرنسية الذي يتعرض لها في الثانوي. أنا أميل لفرنسة تدريس العلوم في كل مراحل التعليم من الروضة إلى الجامعة لا لضعف حسي العربي القومي و إنما لأن التعريب دون مراجع علمية بالعربية و دون أساتذة متكونين بالعربية و دون مجلات علمية مختصة تنشر إنتاجنا العلمي يساوي تجهيلا و تفقيرا لثقافة الأستاذ و التلميذ. كان الأوربيون يدرسون العلوم عربية الإنتاج في الأندلس بالعربية و لم يروا غضاضة و لا نقصا في ذلك حتى نهضوا و أنتجوا علما و دوّنوه بلغتهم.

قرار 9.2:
على الوزارة برمجة الانتقال التدريجي من تدريس العلوم بالفرنسية إلى تدريسها باللغة الأنقليزية لما لهذه الأخيرة من ثقل علمي اقتصادي ثقافي في العالم. يبدو لي أن عالم الثقافة بالأنقليزية أرحب ألف مرة من عالم الفركوفونية الذي سجنتنا فيه الهيمنة الفرنسية لمدة قرن و نصف من الزمن.

3.   باب النجاح و الامتحانات:
قرار1.3:
على الوزارة الأمر بعدم تجاوز 20 تلميذا في كل قسم و في كل مستويات مراحل التعليم مع العلم أن في سنغافورة, بلد التعليم المتقدم جدا, يصل الفصل الواحد إلى 40 تلميذا. لا يكفي أن نغير عاملا واحدا حتى تتحسن المنظومة التربوية كاملة لأن العوامل السببية متداخلة و متشعبة و معقدة.

قرار2.3:
على الوزارة إرجاع العمل بـ"الامتحانات – الغرابيل" الثلاثة السيزيام (امتحان نهاية المرحلة الأولى من التعليم الأساسي أو المرحلة الابتدائية) و النوفيام (امتحان نهاية المرحلة الثانية من التعليم الأساسي أو المرحلة الإعدادية) و الباكلوريا دون إسعاف بالنجاح لمن لم يتحصل على معدل 10 من 20.

قرار3.3:
لا يرتقي تلميذ من مستوى أدنى إلى مستوى أعلى إلا إذا كان حاصلا على معدل سنوي 10 على 20 دون إسعاف بالنجاح لمن تحصلوا على 9 من 20. يكفينا إسعافا, لقد امتلأت مؤسساتنا بالموظفين غير الأكفاء الناجحين بالإسعاف و قريبا نصبح شعبا مسعفا تضحك من جهله الأمم.

قرار4.3:
على الوزارة إلغاء الأسبوع المغلق و ترك الحرية للمدرس يبرمج امتحاناته بالاتفاق المسبق مع الزملاء و الإدارة.

قرار5.3:
على الوزارة السماح للتلميذ بالاستعانة بالوثائق و المستندات خلال امتحانات توظيف المعلومات, مثلا: ما ضرّ لو استعان تلميذ بوثيقة تحتوي على قصائد شعرية في امتحان الإنشاء أو مستند يذكّر بالقواعد و النظريات في امتحان الرياضيات أو الفيزياء. أما تنشيط الذاكرة و تقييم الحفظ  في كل المواد فيكون شفويا وفي السبورة باعتماد مقياس علمي متعدد المهارات و أمام لجنة من مدرسين اثنين لضمان العدل و الإنصاف.

4. أبواب القانون الأساسي الخاص بالمدرسين:
1.4. باب الانتداب
قرار1.1.4:
على الوزارة عدم التمييز بين معلم ابتدائي و أستاذ إعدادي و أستاذ ثانوي في الحقوق و الواجبات و التكوين العلمي و شروط الانتداب و المرتب و عدد ساعات العمل و تطلق على الثلاثة صفة و اسم مدرس.

قرار2.1.4:
على الوزارة إلغاء مناظرة "الكاباس
CAPES
( شهادة الكفاءة للأستاذية في التعليم الثانوي) لخلوّها من التكوين الأكاديمي الذي أحرص عليه دائما.  يتخرج المدرس من مدرسة المهن التربوية كما خططت الوزارة لذلك. يدرس فيها الطالب البيداغوجيا و التعلمية و علم نفس الطفل و الابستيمولوجيا و علم التقييم و إدراك عملية الإدراك لمدة عامين على أيد أساتذة دكاترة جامعيين مختصين و لا على أيد متفقدين أو أساتذة ثانوي ملحقين أو أساتذة جامعيين غير مختصين. يدخل إلى هذه المدرسة العليا الحائزون على الماجستير, كل في اختصاصه.

2.4.  باب التحفيز:
قرار1.2.4:
يرتقي المدرس من درجة إلى درجة مرتين في حياته. مرة أولى, من مدرس إلى مدرس أول بعد 15 سنة أقدمية و يضاف له شهريا نصف المرتب و مرة ثانية, من مدرس أول إلى رتبة مدرس خبير بعد خمس سنوات أقدمية في الرتبة الثانية و يضاف له النصف الثاني من المرتب فيصبح المدرس الخبير يتقاضى ضعف مرتب المدرس المبتدئ. إذا انطلقنا من مبدأ أن كل المدرسين المنتدبين حاصلين على شهادة الماجستير في اختصاصاتهم, يرتقي فوريا, دون قضاء مدة 15 سنة في التعليم, إلى مدرس أول كل من تحصل على الماجستير في علوم التربية أو التبريز في اختصاصه و لا يرتقي فوريا إلى مدرس خبير إلا من تحصل على الدكتورا في علوم التربية فقط لأنها الدكتورا الوحيدة التي ترجع بالفائدة المباشرة على التعليم الثانوي ( بماذا يستفيد تلاميذ التعليم الأساسي أو الثانوي لو تحصل مدرس على دكتورا في علم الوراثة مثلا، ممكن يتحسن أداؤه قليلا.

قرار2.2.4: 
على الوزارة تمكين الأساتذة المجتهدين و المنضبطين في العمل من حوافز مادية يقررها سنويا المجلس البيداغوجي في المعهد. يرجع المدرس المشع و المنضبط و المجتهد إلى عمله في سبتمبر و هو ينتظر زيادة في المرتب لا تقل عن 1 من 20 من مرتبه الجاري وقتها.

3.4.      باب المرتبات:
قرار1.3.4:
-         على الوزارة مضاعفة مرتبات كل من يعمل بوزارة التربية بما فيهم الوزير نفسه. لكم أن تسألوا من أين آتي بالميزانية الإضافية؟ آتي بها من الإلغاء المتدرج للمصالح الطفيلية التالية مع ضمان حقوق من يعمل فيها.

-         على الوزارة إلغاء كل الإدارات الجهوية و جيشها العرمرم من الإداريين. ذهبت مرة في رمضان إلى الإدارة الجهوية ببنعروس للسؤال عن غياب منحة الإنتاج الهزيلة. قصدت الموظف المعروف. وجدت بابه موصدا. سألت ثلاثة من زملائه, قالوا ذهب إلى الوزارة في مأمورية. قابلت في الممر رئيس المصلحة المالية و كان يعرفني فسألني: ما حاجتك يا كشكار؟ حكيت له ما وقع. رجع إلى مكتبه و أخذ مفتاح مكتب الموظف المغلق و فتحه. وجدنا الموظف المعني نائما مختبئا وراء كوم من الملفات. خرجنا الاثنان دون تعليق. ما هو تعداد سكان تونس, ألا يساوون سكان مدينة من مدن الصين أو الهند, فلماذا تهدر أموال المواطنين المساهمين في إقامة هذه اللامركزية المزيفة ؟ و لماذا لا نستغل إنجازات التكنولوجيا الحديثة التي نتغنى بها طول الوقت و نقيم أنترنات داخلية
Intranet
 تربط بين كل مؤسسات وزارة التربية فيستطيع الوزير و بنقرة واحدة على الفأرة أن يعرف عدد التلاميذ المتغيبين في الحصة الأولى في معهد بنقردان.

-         على الوزارة إلغاء عديد المصالح البيروقراطية في عقر دارها. تحتوي وزارة التربية في السويد على موظفين اثنين فقط, الوزير و كاتبه, و تبلغ مساحتها 300 متر مربع فقط. ذهبت وزيرة التربية الفرنسية مرة في زيارة ودية لوزارة التربية السويدية. دخلت قاعة الانتظار المتواضعة في الوزارة المعنية, جلست, قدمت لها امرأة عادية اللباس القهوة و رحبت بها فسألتها الوزيرة الفرنسية: عندي موعد مع الوزيرة السويدية و قد حان الوقت. أجابتها المرأة العادية قائلة: أنا الوزيرة فأهلا و سهلا بك في السويد. لا تتمتع الوزيرة في السويد لا بسيارة مجانية و لا بسكن مجاني و لا بطباخين مثل ما هو الحال في فرنسا. عندما تريد الوزيرة زيارة مؤسسة تربوية, تضع البلدية المعنية سيارة و سائق على ذمتها. السويد, بلد العدل, والله لو رجع عمر بن الخطاب, رضي الله عنه, حيا و سألوه: يا فاروق, أي بلد حقق شعارك "متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا". لأجاب فورا و دون تردد: السويد، السويد، السويد.

هذه الفقرة الموالية القصيرة المضافة لـ"باب المرتبات" أعلاه (مِن كلمة أول كلمة "أطالب" إلى آخر كلمة "بنيانها") من مقال "لو أصبحت وزيرا للتربية التونسية"، أعاد نشرها أدمين صفحة "أساتذة التعليم الثانوي" يوم السبت 19 جانفي 2013، و بعد ساعة من نشرها، علّق عليها 36 فيسبوكي (فيهم الثناء و فيهم التهجم المجاني) و اقتسمها 100، و بعد 10 ساعات أصبح العدد 53 تعليق/190 "برتاج" (اقتسام) و 200 "جام"، و بعد 17 ساعة أصبح العدد 66/ 242 و 250 "جام"، و بعد 23 ساعة أصبح العدد 77/ 280 و 283 "جام"، و يوم الثلاثاء 22/01 على الساعة السابعة صباحا وصل العدد إلى 88/347 و 320  "جام"’، و على الساعة الثالثة مساء وصل العدد إلى 89/353 و 322 "جام"، و في المقابل عندما أعدت نشر نفس المقال كاملا و على نفس الصفحة يوم الثلاثاء 22 جانفي 2013، مرت عليه 7 ساعات و لم يتلق أي تعليق و أي "برتاج" و أي "جام":

أطالب بالزيادة في المرتبات، لا لطمع أو جشع في نفسي، فهي قنوعة و الحمد لله و حتى إن لم تكن كذلك فـ36 عام من الفقر و الغبن و الاحتقار من قبل المجتمع (مثل دارج تونسي: "أعط بنتك لمعلّم حتى تلقالها راجل") كافية لتعلمني القناعة رغم أنفي بل أصبحت القناعة تسري في عروقي و تزاحم الكريات الحمراء و خوفي أن تجلب لي جلطة و أموت شهيد القناعة التربوية. أطالب بالزيادة حتى يصبح معلم أولادكم محترما و قدوةً فينتفع بشخصيته المتوازنة تلاميذه و يحاولون تقليده و يصبون للوصول إلى ما وصل إليه و لا يتشبهون بالمحترفين و المنحرفين من بعض لاعبي الكرة أو بعض الفنانين سارقي أموالنا و عرقنا بالباطل و مفسدي شبيبتنا. أطالب بالزيادة حتى نحمي المدرس، ألم يكد أن يكون رسولا، من الانحراف و بيع العلم في "القاراجات" garages
  و زيادة الأعداد بالرشوة  و تضخيم المعدلات السنوية لتلامذة الباكلوريا حتي ينتفعوا باحتساب الـ25 في المائة في معدل النجاح في الباكلوريا و ينجحون دون وجه حق يعني بـ8 من 20 معدل في الامتحان الرسمي للباكلوريا. أطالب بالزيادة و بتنظيرنا بالقضاة، ألا يعطونهم مرتبا محترما حماية لهم من الطمع، نحن أولى لأننا نمارس اشرف مهنة في التاريخ و في الوجود لأنها هي التي صنعت القاضي و الطبيب و المحامي و الخبير و غيرهم من الإطارات العليا في المجتمع و بقيت مهنتنا في أدنى درجات السلم الوظيفي في الوظيفة العمومية. يتقاضى موظف البنك سبعة عشر شهرية في العام و نحن نتقاضى منحة إنتاج لا تكفي علف للدجاج. أطالب بالزيادة لأننا بناة
الدولة و أساسها و عمادها و من مصلحتها أن تقوينا حتى لا ينهار بنيانها.

4.4. باب المديرين:

قرار.4.4. 1:
يدير المعهد أو الإعدادية مديران اثنان عوضا عن واحد. على الوزارة إحداث خطة مدير فني, في المعهد أو في الإعدادية, حتى نرتقي بخطة المرشدين التربويين أو القيمين العامين الحاليين و نلغي خصامهم الدائم و التاريخي مع المديرين بسبب عدم تحديد المسؤولية و بسبب التنازع على السلطة البيروقراطية الفارغة. ينتخب المدير التربوي البيداغوجي لكل مؤسسة من قبل زملائه لفترتين متتاليتين أو منفصلتين لا ثالثة لهما. يترشح لخطة مدير بيداغوجي من تخطى الأربعين من خريجي مدرسة المهن التربوية الحائزين على الماجستير في الاقتصاد و التصرف أو خريجي مدرسة الادارة و يترشح لخطة مدير فني من تخطى الأربعين أيضا و كان حائزا على الماجستير في البيداغوجيا و متخرج من مدرسة المهن التربوية. يسيّر المدير التربوي الفني المؤسسة و يسهر على توفير التجهيزات التعلّمية و اللوجستية و يقوم أيضا مقام المقتصد. يترأس المدير التربوي البيداغوجي المجلس البيداغوجي المنتخب أيضا من المدرسين و الأولياء و التلاميذ. يسطر المجلس البيداغوجي سياسة المؤسسة من جدول الأوقات إلى مجالس التربية. لا يتمتع المدير بأي سلطة مستقلة عن المجلس البيداغوجي. تنفذ قرارات المجلس البيداغوجي حرفيا في المؤسسة حتى و لو اختلفت لأسباب محلية طارئة مع أوامر الوزارة.

5.4. باب التخفيض في ساعات العمل:
قرار5.4. 1:
نظرا لأن مهنة التعليم تعتبر مهنة شاقة مثل ما هو الحال في الابتدائي فعلى الوزارة تخفيض 3 ساعات عمل لكل مدرس بلغ 45 عاما وتخفيض 3 ساعات أخرى لكل من بلغ الخمسين. يحال الأستاذ على التقاعد عند سن 55 مهما كانت أقدميّته في التعليم.

قرار5.4. 2:
على الوزارة تحديد الحصة الدراسية الواحدة بـ45 دقيقة تليها راحة بـ15 دقيقة مثل ما يقع عندنا في شهر التقوى و الإيمان, شهر رمضان العظيم و في أمريكا العظيمة أيضا.

6.4. باب الإصلاحات في المرحلة الابتدائية من التعليم الأساسي:
قرار.6.4. 1:
على الوزارة تعيين مدرس مختص في مجال معين في الابتدائي (مثلا مدرس لغة عربية أو مدرس لغة فرنسية أو مدرس علوم أو مدرس فنون أو مدرس رياضة) و تعميق تكوينه في هذا المجال فقط مع تكوينه أيضا في علوم التربية.

 5. باب تغيير هندسة بناء المؤسسات التربوية:
قرار1.5:
على الوزارة بناء سور عال حول كل المؤسسات التربوية و تعيين حارس دائم في الباب يحميها من الدخلاء مثل ما هو موجود الآن بمعهد الصادقية بتونس العاصمة الذي خلته, عند مروري أمامه لأول مرة, مجلسا للنواب لنظافته و زخرفة معماره. على الوزارة إخراج الساحة من وسط المؤسسة إلى جانبها. يخرج التلميذ من قاعة الدرس فيلتحق بالساحة الخارجية حيث توجد دار الثقافة و دار المسرح و قاعة الرياضة الحرة و المكتبة الكلاسيكية و الرقمية و قاعة المراجعة حيث يتولى القيمون, الذين تحولوا بعد التكوين إلى منشطين, تسيير النوادي القارة و المستمرة و المفتوحة على الدوام  تحت إشراف وزارة الرياضة و وزارة الثقافة.

قرار2.5:
على الوزارة بناء قاعة رياضة مجهزة في كل مؤسسة تربوية فلا يعقل أن أمارس أنا في الستينات كل أنواع الرياضة داخل قاعة مغطاة في قابس و يلعب أولادي في ملاعب معشبة بالحشائش و الأشواك البرية في برج السدرية أو لا يلعبون تماما بحجة "ملعب يستحيل فيه اللعب"
 Terrain impraticable

6. باب إلغاء العقوبات المسلطة على التلاميذ:
قرار1.6:
على الوزارة إلغاء عقوبة الطرد النهائي للتلميذ كما ألغيت عقوبة الإعدام للمجرمين للتشابه الواضح بينهما. لا نستطيع تدارك الخطأ لو وقعنا فيه بعد تسليط العقوبتين. الأولى إعدام فكري و الثانية إعدام جسدي. تمتاز الثانية على الأولى بحضور محام محنّك. نعوض عقوبة الطرد النهائي بنقلة عقاب إلى معهد بعيد عن مقر السكن يقترحها مجلس التربية بالمعهد.
قرار2.6:
إذا قدّر و حصل و بدأ المدرس بالاعتداء اللفظي أو المادي على تلميذ و رد التلميذ بالمثل أو أكثر فعلى الأستاذ عدم تتبع التلميذ لا إداريا و لا مدنيا و عليه تقديم اعتذار للولي و للإدارة لأن البادئ أظلم. كرامة الأستاذ عالية في السماء و هي أرفع من ينالها تلميذ متهور مهما فعل. قد يخطئ الحدث أو المراهق و الشيء من مأتاه لا يستغرب لكن على المدرس القدوة التعقل و التروي قبل اتخاذ أي إجراء تأديبي ضد أي سلوك غير حضاري يصدر عن التلميذ.

7. باب التكوين المهني:
قرار 1.7:
على الوزارة إرجاع  العمل بنظام التكوين المهني و تحسينه و تمكين المنتسبين إليه من اجتياز الباكلوريا و مواصلة تعليمهم العالي إن توفرت فيهم شروط التفوق. توجيه 80 في المائة من الناجحين في النوفيام (امتحان نهاية المرحلة الثانية من التعليم الأساسي أو المرحلة الإعدادية) إلى التعليم المهني. توجه دولة ألمانيا, و ما أدراك ما دولة ألمانيا, 70 في المائة من تلامذتها إلى التعليم المهني عند نهاية مرحلة الأساسي التي تدوم عندهم 10 سنوات. إذا كانت ألمانيا المصنعة تحتاج إلى 70 في المائة من أبنائها في المهني فنحن أحوج منها إلى نسبة اكبر من أبنائنا المهنيين لبناء دولة فتية مصنعة.

8. باب معضلة دفتر المناداة:
قرار1.8:
على الوزارة إلغاء العمل بدفتر المناداة الذي تسبب في رفت عدد من التلامذة و تعويضه بجهاز رقمي دون سلك توفره لكل أستاذ مثل الجهاز الذي يستعمله النادل في مقاهي الحمامات و يسجل عليه طلبات الزبائن فتظهر فوريا على شاشة جهاز آخر عند العامل على طاولة الشرب. يرجع النادل إلى الداخل فيجد طلبات الزبائن حاضرة دون صياح و لا ضجيج. يستطيع المدير أن يعرف و يسجل فوريا كل الغيابات و تمر شبكة المعلومات عبر كل الأساتذة و قد تصل المعلومة فوريا إلى الأولياء المربوطين بالأنترنات و بهذه الطريقة يراقب الولي ابنه يوميا و الوقاية خير من العلاج. قد يظهر لبعض الزملاء أن هذا المطلب مثالي و غالي الثمن, لقد قال لي أحد زملائي مدرس التقنية أن تلامذة النهائي تقنية قادرون على تصنيع هذا الجهاز البسيط تكنولوجيا و قال لي مدير صديق أن الوزارة تحضر لتطبيق هذا النظام الرقمي قريبا.

قرار2.8:
على الوزارة تخصيص قاعة لكل اختصاص, مثلا قاعة التاريخ و الجغرافيا, قاعة الفرنسية, قاعة العربية جنب المخابر العلمية. يصبح للقاعة بطاقة تعريف و هيبة و احترام. يأخذ كل أستاذ مفتاحا يفتح به القاعة و يغلقها عند الخروج فنحافظ على القاعات من الإهمال و على التجهيزات من الإتلاف.

قرار3.8:
على المتفقد أن يعلم مسبقا المدرس المقصود بتوقيت زيارته. من حق المدرس المعني أن يعين مرافقا إجبارييا للمتفقد. يكون هذا المرافق زميلا من رتبة المدرس الخبير من نفس الاختصاص و من أي مؤسسة. لا يسند المتفقد أي عدد تقييمي اعتباطي بل يوجه و بكل لطف المدرس المعني بالتقويم إلى تكوين أكاديمي في معرفة يفتقدها. يوفر هذا التكوين مركز التكوين على أيد مكونين مختصين في الميدان (أساتذة جامعيين أو مدرس خبير أو خبير في ميدان خارج عن التعليم مثل المهندسين و الأطباء) و لا على أيدي مدرسين عاديين مكلفين بالتكوين و هم غير متكونين في موضوع التكوين. على الوزارة إرساء تفقد علمي و موضوعي و ليس فجائيا و بوليسيا كما يطالبوننا نحن بتقييم التلميذ موضوعيا مع العلم أنه لا المتفقد و لا المدرس الحالي درسا علم التقييم في الجامعة فالاثنان في الجهل سواء و من يقيّم دون علم كمن يزن دون ميزان.

9. باب الإعلامية أو علوم الحاسوب أو "الباب الافتراضي":
قرار 1.9:
على الوزارة تعميم الإعلامية أو التكنولوجيات الحديثة ( استعمال الحاسوب و السبورة الرقمية التفاعلية) على كل مراحل التعليم و التركيز على الابتدائي قبل الإعدادي و الثانوي لما تمثله هذه التجهيزات من تحفيز للصغار. تعميم التدريس بواسطة التكنولوجيات الحديثة على كل المواد العلمية و الإنسانية.

قرار 2.9:
على الوزارة تخصيص معاهد مهنية في كل ولاية تهتم بتدريس تلامذة مسلك علوم الإعلامية فقط.

10. باب المساواة بين المدرّسة و المدرّس:
قرار1.10:
على الوزارة احترام مبدأ تكافؤ الفرص بين المرأة و الرجل و مبدأ التمييز الإيجابي لصالح المرأة في المؤسسات التربوية و انتداب 50 في المائة من كل جنس في كل المستويات وصولا للوزير فمرة وزيرة للتربية التونسية و مرة وزير.

11. باب اقتسام المسؤولية:
قرار1.11:
لو ساءت ظروف العمل في مؤسسة تربوية ما, فعلى الجميع, مدرسين و عملة و تلامذة و أولياء و إدارة, تحمل المسؤولية و حل الإشكال فيما بينهم دون الاتكال على الوزارة.

12. باب الحزم المفيد للتلميذ:
قرار1.12:
على الوزارة التوصية بالحزم مع التلاميذ لأن التسامح المبالغ فيه و غياب السلطة يمثل نوعا من سوء المعاملة للطفل. لكن الحزم لا يعني تشديد العقوبات بل يعني الانضباط و الوقاية قبل ارتكاب التلميذ لسلوك غير حضاري.

13. باب مفتوح:
قرار 1.13:
على الوزارة تعيين يوم ثان في الثلاثية لاستقبال الأولياء لا للسؤال عن نتائج أبنائهم و إنما للاطلاع على ما يدرس أبناؤهم و نسميه "يوم مدرسي مفتوح على المجتمع". يخرج المدرسون من قاعاتهم المغلقة إلى الساحة في الصيف أو إلى الممر المحمي في الشتاء, يعرض مدرسو العلوم بعض التجارب العلمية على جمهور الأولياء و يفسر مدرسو العلوم الإنسانية بعض النظريات الفلسفية و يقرأ مدرسو العربية بعض القصائد الشعرية. سوق علمية ثقافية تقرب الولي من المعرفة التي يتعلمها ابنه و قد شاهدت هذه التجربة بأم عيني في معهد في نانسي بفرنسا عام 2000.

14. باب الخيال العلمي التونسي:
قرار1.14:
على الوزارة توفير سيارة صغيرة و حافلة متوسطة لكل مؤسسة تربوية. نستعمل السيارة الصغيرة لقضاء احتياجات المؤسسة العاجلة و الطارئة أما الحافلة فنستغلها في الرحلات الدراسية و الترفيهية. يبرمج  كل مدرس طلباته: مدرس  علوم الحياة و الأرض يروم هو و تلامذته زيارة حديقة "إشكل" ببنزرت لمشاهدة الطيور المهاجرة عن قرب, مدرس التاريخ يرغب في زيارة "قصر الجم", مدرس الفيزياء يريد زيارة مدينة العلوم.

قرار2.14:
قبل 15 سبتمبر تاريخ الرجوع إلى الدراسة, يتصل التلامذة افتراضيا أو رقميا بمؤسساتهم فيتعرفون مسبقا على مدرسيهم, كل من سيرته الذاتية المنشورة على الـ"نات". يختار التلميذ قسمه و مدرسه في كل اختصاص و يدونه في موقع المؤسسة. يتصل المدرس أيضا و يعرف تلامذته و يختار أقسامه. ينسق المجلس البيداغوجي بين رغبات التلامذة و رغبات مدرسيهم و يحاول التوفيق بينهما و يلبي رغبات الشريكين في العملية التربوية قدر المستطاع.

قرار3.14:
على الوزارة توفير اثنين أو ثلاثة مدرسين من نفس الاختصاص في القاعة الواحدة في نفس الحصة حتى يختار التلميذ مع من يريد أن يتعامل أثناء الحصة و بهذه الطريقة نقضي على بطالة أصحاب الشهائد و نستفيد من طاقاتنا البشرية التي صرفنا عليها الكثير.

قرار4.14:
للتلميذ الحق في مغادرة الحصة و القاعة متى شاء و له حرية اختيار الالتحاق بقاعة أخرى مع مدرس آخر في مادة أخرى. لا تستغربوا من هذا القرار فهو ليس طوباويا كما قد يتراءى لكم لأول وهلة فقد كان الكاتب المصري العظيم طه حسين يفعل هكذا في جامع الأزهر في أوائل القرن العشرين. كانت تقام في الجامع حلقات متباعدة و متعددة الاختصاصات من نحو و شعر و فقه يسيّرها شيوخ علم. كان طه حسين يستمع إلى شيخ اللغة فعندما يسأم التعقيد اللغوي يأخذ محفظته بصمت و أدب و يغادر الحلقة متجها إلى حلقة الشعر حيث الخيال و الغزل العذري ثم يعود بعد الترفيه ليواصل الإنصات مع التركيز لمدرس الأدب. لا يمس هذا التصرف الحر من كرامة المدرس و لا يخل باللياقة و الأدب و إلا لما فعلها عميد الأدب العربي. على العكس من ذلك قد يحفّز هذا التصرف التلميذ على اكتساب المعرفة التي يرغب فيها و يميل إليها و يوجه نفسه بنفسه نحو المسلك التعليمي المطلوب (أدبي أو علمي أو اقتصادي) كما تدعو وزارتنا اليوم إلى ذلك في التوجيه المدرسي لتلامذة السنة الأولى ثانوي (أربع سنوات قبل الباكلوريا.

قرار5.14:
على الوزارة أن تنشر, بطاقة مواظبة التلميذ و أعداده و ملاحظات مدرسيه, فوريا على شبكة رقمية داخلية سرية لا يطلع عليها إلا المعنيون بالأمر من أولياء و مدرسين و إدارة. كل ولي يطلع فقط على نتائج ابنه بواسطة كلمة سر فيستفيد من هذه المعلومات الرقمية التقييمية و يستغلها في تربية ابنه أو ابنته.

قرار6.14:
على الوزارة تجهيز كل قاعة درس بحواسيب و سبورات رقمية تفاعلية. إذا رغب المدرس, يمكن ربط قاعة الدرس  بـ"النات" بواسطة كاميرا حتى يتابع التلميذ المريض الغائب درسه من سريره في منزله أو في المستشفى.  يستطيع أن يستغل هذه التقنية التلميذ الذي لم يفهم الدرس في القسم فيعيده في البيت مرة أو مرتين حسب قدراته الذهنية و هنا تتجسم البيداغوجيا الفارقية بفضل التكنولوجيات الحديثة.

15. باب الاستشراف المستقبلي المحلي والعالمي:
قرار1.15
على الوزارة استشراف مستقبل التعليم في تونس و التحضير للمرحلة القادمة 2100 حيث سينقرض نظام التعليم في صيغته الحالية و تتطور المؤسسة التربوية الحالية و يختفي التلميذ الكلاسيكي و المدرس الكلاسيكي المباشر ليتركا مكانهما لتلامذة حقيقيين يتعلمون عبر الأنترنات و مدرسين من لحم و دم يبرمجون و يقدمون دروسهم عبر الأنترنات. يحكى أن في ماليزيا, البلد الإسلامي الوحيد المتقدم نسبيا, جامعة افتراضية تضم 40 ألف طالب لا يأتون إلى الجامعة إلا لماما لمتابعة دروس تطبيقية أو لإجراء الامتحانات في آخر السنة الدراسية. لا تستخفون بالتعليم الافتراضي فسائق الطائرة يتدرب افتراضيا قبل أن يطير فعليا و من حسن حظنا أن الطبيب الجراح يجرّح افتراضيا قبل أن يجرّح المريض فعليا.

خلاصة:
يعتبر التعليم التونسي و التعليم الأردني من أحسن الأنظمة التعليمية في الوطن العربي و يعتبر التعليم التونسي من أسوأ الأنظمة التعليمية لو قارناه بأنظمة التعليم في الدول الغربية المتقدمة. يعتبر التعليم الفرنسي، قدوتنا، و هو من أسوأ الأنظمة التعليمية في أوروبا أما التعليم الفنلندي و الألماني فيعدان من أفضلهم. يبدو لي أن المقارنة بالأحسن أفضل و أجدى و أرفع من المقارنة بالأسوأ.

ملاحظة1:
أعتذر مسبقا لزملائي مدرسي العربية و الفرنسية و الإعلامية عن أي سوء فهم نحو اختصاصهم قد يكون صدر مني في المقال.

ملاحظة2:
لا تلوموني إن لم أرتب جيدا قراراتي فعذري الوحيد أنني لم أباشر بعد عملي الجديد و لن أباشره إلى يوم يبعثون.

ملاحظة3:
أمضي مقالاتي دائما بصفة مواطن العالم لأنني بالفعل أحمل بطاقة تعريف مواطن العالم عدد 185608 الصادرة في 30/11/2007 بباريس من التسجيل الدولي لمواطني العالم
 66, boulevard Vincent Auriol FR 75013 PARIS. France.
هذه البطاقة هي بمثابة اعتراف علني بواجب مدني عالمي نحو الإنسانية دون تمييز جنسي أو عرقي أو قومي أو ديني أو حضاري و هي صرخة أممية أخلاقية في وجه النظام العالمي الجديد الظالم الذي أصبح لا معقولا و عبثيا و انتمائي العالمي يكمّل و يجمّل و لا يتعارض مع انتمائي لبلدي تونس.

ملاحظة4:
رد لطيف على هجوم عنيف من بعض القراء في تعليقاتهم حول هذا المقال الذي نشر سابقا في مواقع أخرى: طبعا مقالاتي مجرد كلام و أحلام في هذا الزمن الردئ لكن ممكن تتحقق في زمن أفضل. أنا لم اقل و لم أدّعى أنني قادر على تنفيذ ما ورد فيها من قرارات وزارية افتراضية أو أريد تنفيذها بمفردي بل هي مجرد وجهة نظر، هي فكرة ذاتية لا تلزم نظريا و أؤكد نظريا للمرة الألف إلا قائلها البسيط النكرة. التطبيق يا قرائي الأعزاء يلزمه سلطة مادية و معنوية و استشارة المجموعة المعنية و موافقة هذه الأطراف المتشابكة، مع الأسف الشديد، ليست الآن في جيبي. أنا حر أكتب ما أشاء و في أي موضوع أشاء و الفضل يرجع للـ"فايسبوك" هذه المساحة الحرة التي متعتنا بها التكنولوجيا الحديثة و أحلم بما أريد و حسب ما أريد فلا رقابة لأحد على ما أفكر و أظن أنني لم أجبر أحدا على قراءة ما أكتب. أنا مجرد مدرس من بين  120 ألف مدرس، أنا لست وزيرا، إنما قلت مجازا من باب الخيال و الحلم و الاستشراف و علم المستقبل، قلت لو و اجعلوا ألف سطر تحت كلمة لو، لو أصبحت وزيرا و أنا واثق أنني لن أصبح وزيرا إلى يوم يبعثون و أظن حتى ما بعد البعث. أنا لست داعية، لا فكريا و لا سياسيا، و لست معلما و لا واعظا، لكن لا أقبل رقيبا على أفكاري مهما بدت لبعض القراء طوباوية فاتركوها و شأنها إن لم تعجبكم أو ردوا بمقال أحسن و أعطونا وجهة نظر معاكسة لوجهة نظري التي لا تروق لبعضكم و هذا من حقكم لكن ليس من حقكم التحقير و الاستخفاف بما يكتبه غيركم و كأنكم أنتم الوحيدون على صواب و كل الآخرين على خطأ.


Ma signature

Je n’appartiens et je n’ai jamais appartenu à aucun parti politique reconnu ou non reconnu par le pouvoir non institutionnel tunisien depuis 1956, je ne crois en aucune idéologie, je n’attends aucune récompense matérielle ou morale et je ne postulerai jamais  un poste de responsabilité politique. Je suis totalement indépendant et je le resterai inchaallah
Je ne fais pas du prosélytisme politique ou religieux. Je ne suis pas un flagorneur  et ça ne m’ajoute rien qu’ils me lisent un ou mille mais je tiens compte et je me fie beaucoup aux dires des critiques
Moi, je ne pense que pour moi-même et non pour les autres et je ne donne pas des recettes car je n'en ai pas
Le critique critique et ne propose pas de  solutions. Son  rôle s'arrête là. Moi, je milite pour que les intellectuels qui pensent pour les autres disparaissent de la planète terre et que chacun devienne un intellectuel
À ce moment - là, on pensera ensemble et nous trouverons la solution convenable, ensemble aussi. À mon avis, penser pour les autres est un délit passible de peines correctionnelles
Ça m’enchante beaucoup et ça me réconforte énormément quand je vois que mes publications dans ma page facebook sont affichées par 143 mille 985 internautes, citoyens du monde entier (samedi 6/02/11, 20h

إمضاء م. ع. د. م. ك.
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه. عبد الله العروي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire