Affichage des articles dont le libellé est نقد التعليم في تونس و في العالم.. Afficher tous les articles
Affichage des articles dont le libellé est نقد التعليم في تونس و في العالم.. Afficher tous les articles

jeudi 5 mai 2016

تكليفٌ وليس تشريفًا. مواطن العالَم محمد كشكار ، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

تكليفٌ وليس تشريفًا. مواطن العالَم محمد كشكار ، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

لقد تم اليوم صباحًا إعلامي من قِبل الاتحاد العام التونسي للشغل باختياري عضوا بلجنة البرامج والتقييم، لجنة من بين عدة لجان سوف تتوج أعمال "الحوار حول إصلاح المنظومة التربوية". تكليفٌ أعتز به وتزكيةٌ لم أسْعَ إليها البتة فشكرا للنقابة العامة للتعليم الثانوي. يحضر أعمال هذه اللجان أيضا أعضاءٌ آخرون ممثلون عن وزارة التربية وعن المعهد العربي لحقوق الإنسان، أي الثلاثي الراعي للحوار التربوي. تنحصر مهمة الأعضاء النقابيين في الدفاع عن مشروع الاتحاد حول إصلاح المنظومة التربوية. ستنطلق الأعمال بداية من الأسبوع القادم إن شاء الله.
ملاحظة: لا أنتظر من أصدقائي الافتراضيين تهاني لأن المهمة تكليفٌ وليست تشريفًا خاصة وأنني متطوعٌ مائة بالمائة ومتقاعد لا أهدف من وراء عملي هذا إلى ترقية أو تعيين في وظيفة والله المعين بل أنتظر منهم آراءً وأفكارًا رغم أن باب الاقتراحات قد أقفِل بعد مشاورات قاعدية كثيفة دامت ما يقارب السنتين.

إمضاء
باب النقاش التربوي عندي دائما مفتوح و"الذهن غيرُ المتقلِّبِ ذِهنٌ غير حرٍّ".

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 5 ماي 2016.


  

lundi 2 mai 2016

مقترحات من أجل إصلاح تربوي لسنة 2050. مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

مقترحات من أجل إصلاح تربوي لسنة 2050. مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا
1. التراجع عن تدريس العلوم باللغة العربية وإعادة تدريسها باللغة الفرنسية ومن الأفضل بالأنجليزية في التعليم الأساسي الابتدائي والإعدادي كما فعل المغرب الشقيق (للأسف لغتي الأم لا تنتج اليومَ علمًا ولن يلم العرب باللغة العربية لو لم يلموا بآليات تطوير اللغات وهذه الآليات مكتوبة ومنشورة بالفرنسية والأنجليزية والألمانية، والدليل أن جل مبدعينا بالعرية هم ملمين بلغة أجنبية مثل طه حسين والحكيم ومحفوظ وجعيط ودرويش والمسعدي وغيرهم والشاذ يُحفظ ولا يُقاس عليه ويكفي العربية شرفا أن تكون لغة تدريس العلوم الإنسانية ناقلة قيم هويتنا العربية الإسلامية).
Sachez que je ne suis pas contre le principe d`enseigner les sciences en ma langue maternelle avec laquelle j`écris la majorité écrasante de mes articles de vulgarisation scientifiques ou autres, mais dans l`enseignement scientifique contemporain c`est différent car j`ai remarqué en Algérie (80-88) que l`étudiant arabisé (qui a étudié les sciences en arabe au lycée et étudie la médecine en français à l`université) trouve beaucoup de difficultés à lire des revues spécialisées comme "Sciences & Vie" ou "La recherche" et cet handicap pourrait nuire à ses performances scientifiques. à mon avis il faut préparer un bon terrain (traduction et production) si on veut enseigner correctement les sciences en arabe. enfin je vous rapporte que les scientifiques européens avaient étudié sans complexe les sciences arabes en arabe en Andalousie et sans complexe aussi le chercheur français contemporain est obligé d`écrire ses articles en anglais si non il ne sera pas publié ni connu mondialement
2. التراجع عن تدريس الفلسفة باللغة العربية وإعادة تدريسها باللغة الفرنسية ومن الأفضل بالأنجليزية في التعليم الثانوي والجامعي (للأسف لغتي الأم لا تنتج اليومَ فلسفةً).
3.
إلغاء التفقد البيداغوجي في التعليم الأساسي والثانوي كما هو ملغى في كل جامعات العالم وكما فعلت فنلندا الصديقة (أنجح وأنجع نظام تربوي في العالم).
4.
إلغاء خطة قيم في الإعداديات والثانويات كما فعلت أمريكا الصديقة.
5.
تدريس الدين المقارن عوضا عن تدريس التربية الإسلامية كما لم تفعل أي دولة، لا شقيقة ولا صديقة والإسلام يعترف بجميع الأديان التوحيدية، لا بل يمجد أنبياءها ويعتبرهم مسلمين قبلنا جميعًا والقرآن نفسه قارن بين الأديان التوحيدية الثلاثة وغيرهم.
6.
العمل بنظام الـ45 دقيقة لكل حصة تعلمية كما فعلت أمريكا الصديقة.
7.
الترفيع في سن الدخول للابتدائي من ستة إلى سبع سنوات كما فعلت فنلندا الصديقة (أنجح وأنجع نظام تربوي في العالم).
8.
ضم التعليم ما قبل المدرسي (بداية من سن 3 سنوات) إلى وزارة التربية وإبعاده عن وزارة المرأة والطفولة وتحفيظ الصغير القرآن والشعر (دون شرح) وذلك لأغراض بيداغوجية وجمالية.
9.
مطالبة تلامذة الثانوي بـ40 ساعة عمل تطوعي مقسمة على أربع سنوات (كل عام 10 ساعات) كما فعلت كندا الصديقة.
10.
إرجاع العمل بمجانية التعليم الكاملة لأبناء الفقراء (الموظفين والعمال والمعطلين عن العمل وصغار الفلاحين والتجار) أي: نقل مجاني ووجبة ساخنة يومية مجانية وأدوات مدرسية مجانية وترسيم مجاني. وفرته الدولة في الستينيات فلماذا لا توفره اليوم؟
11.
إرجاع التعليم المهني في الإعدادي والثانوي وتطعيمه بـ 80 في المائة من الناجحين في السيزيام.
12.
سحب مهمة التقييم الجزائي والإشهادي نهائيا من المدرس وتكليفه بمهمة التقييم التكويني فقط وإسناد النوع الأول إلى المختصين في التقييم (عين خارجية عارفة وعالمة).
13.
الاقتصار على امتحان جزائي إشهادي إجباري واحد في نهاية كل مرحلة تعليمية (السيزيام والنوفيام والباكلوريا).
14.
لا يُنتدب لتدريس العلوم -سواءً في الأساسي أو الثانوي أو الجامعي- إلا مَن تحصل على الماجستير في اختصاصه ودرس أكاديميا الاختصاصات التالية: الإبستمولوجيا، تاريخ العلوم، الديداكتيك، البيداغوجيا، علم التقييم، علم نفس الطفل، علوم التواصل وعلوم الحاسوب.
15.
إلغاء التعليم النموذجي العمومي لانعدام منفعتنا منه (جل خرّيجيه يهاجرون للخارج طمعا في المادة بعدما فضلناهم وبجلناهم واقتطعنا من قوت أولادنا وأنفقنا عليهم من عرقنا بسخاء.
16.
إلغاء الإضراب عن التدريس والنص عيه في الدستور في التعليم (En Finlande, le meilleur système éducatif dans le monde, la dernière gréve des enseignants a été effectué en l`an 1994). مع الإشارة أنني شاركت بل أطرت وأشرفت على كل الإضرابات التي أنجِزت في المعاهد والإعداديات التي درست فيها طيلة ثلاثين سنة وتحملت المسؤولية النقابية ثلاث مرات كمندوب نقابي في غار الدماء وعضو نقابة جهوية بجندوبة وكاتب عام نقابة أساسية بحمام الشط.
17.
ربط إصلاح النظام التربوي في الأساسي والثانوي بالإصلاح التربوي في الجامعة وفي التعليم ما قبل المدرسي.
18.
تزويد المدارس الابتدائية بميزانية تصرّف مثلما هو معمول به في الإعداديات والثانويات.
19.
تخصيص مادة مستقلة لتدريس الطب الوقائي لكل الاختصاصات في التعليم الأساسي والثانوي والجامعة. يضطلع بهذه المهمة أطباء وقاية.
20.
إصلاح التعليم لا يمكن أن يأتي من رجال التعليم المباشرين ولن يأتي قطعًا من المتفقدين المباشرين وذلك لسبب منطقي: جلهم (مدرسون ومتفقدون) محافظون (Des conservateurs) أو ممتثلون بسلبية قاتلة للمقاربات البيداغوجية السائدة (Des conformistes) أو أعداء التجديد. هم غير مغرَمين ولا يؤمنون برسالة التعليم وغير مستعدين لبذل أي مجهود إضافي في القسم ولا خارجه وهم قوم لا يقرؤون المراجع العلمية ولا المجلات العلمية المختصة. هم غير متكونين في علوم التربية ولم يدرسوا البيداغوجيا في الجامعة ولا التعلمية (Didactique ou épistémologie de l`enseignement) ولا الإبستمولوجيا ولا تاريخ العلوم ولا علم نفس الطفل ولا علم التقييم (L`évaluation) ولا علوم التواصل ولا الإعلامية (L`informatique est un outil d`apprentissage normalement utilisé dans toutes les disciplines). يَغارون مرضيا من التلميذ ولا يعترفون بمركزيته كـمحور العملية التربوية، يستكبرون ويتوهمون أنهم هم محور العالم. وليعلم مَن لا يعلَم بعدُ أن أعظم المنظِّرِين في مجال التربية ليسوا من رجال تعليم بداية من الفيلسوف روسّو (Émile ou De l'éducation) إلى الطبيبة مونتيسوري (Aide-moi à faire seul) وعالِمَيْ النفس والنمو، فيڤوتسكي (Le socioconstructivisme et la ZPD) وبياجي (Le constructivisme).
21.
كل مدرس يبدأ بتعنيف تلميذ لفظيا أو ماديا، يسقط حقه أوتوماتيكيا في تتبع هذا التلميذ ولا يحق لهذا المدرس أن يطالب بمثول هذا التلميذ أمام مجلس التربية أو التأديب مهما كان نوع رد فعل التلميذ المعتدَى عليه حتى ولو كان عنفا لفظيا أو ماديا والإشكال لا يُحلُّ إلا وديا مع التلميذ ووليه والإدارة.
22. Dans les disciplines scientifiques, on enseigne des connaissances 
(
المعارف العلمية الجافة)
sans enseigner les valeurs scientifiques intrinsèques 
(
مع العلم أن القيم العلمية لا تتناقض البتة مع القيم الكونية أو الدينية السامية) 
on oublie souvent que les connaissances ne changent pas automatiquement les valeurs et on oublie surtout que les savants ou producteurs du savoir scientifique n`ont jamais été objectifs ou neutres 
23.
في تعليمنا اليوم، نبحث (مدرّسون وأولياء) بجنون (La frénésie) عن أفضل النتائج (Les meilleures performances: les lycées pilotes) وكأن التلامذة أحصنة في ميدان سباق، يُحقنون بأنجع المنشطات (Le dopage: L`étude)، ونهمل الأنواع الأخرى من الذكاء وعن جهل نُحْبِطُ الأكثرية المتكونة من التلامذة المتوسطين. 
Aristote a dit depuis 25 siècles: “La vertu est le juste milieu entre deux vices” Exp: Le courage n'admet ni excès [l'excès du courage est la témérité] ni défaut [le défaut de courage est la peur]). Il me semble qu`on est entrain d`encourager la monoculture de l`intelligence 
24.
أطمح لإلغاء الترتيب المدرسي بين التلاميذ، فلا أول ولا أخير، ولا منتصر ولا مهزوم، فيتخرجون جلهم أذكياء ومتفوقين كلٍّ في مجاله، حدّاد متفوق، ميكانيكي متفوق، طبيب متفوق، أستاذ متفوق، محام متفوق، قاض متفوق، إلخ. 
انظر اليوم ماذا أنتجت لنا مدرستنا التونسية المبنية على الجزاء والعقاب والأعداد والترتيب؟ أنتجت لنا غالبا: 
-
حدّادا لا يتقن صنعته، 
-
ميكانيكيا غشاشا، 
-
طبيبا يتاجر بصحتنا رغم تفوقه الدراسي بمواصفات العصر، 
-
أستاذا يحشو عقول أبنائنا رغم تفوقه الدراسي الأحادي الجانب، 
-
محاميا يبيع تفوقه لمن يدفع أكثر، 
-
قاضيا يرتشي فيظلم رغم تفوقه الدراسي المزعوم.
والقائمة تطول وأنا لستُ "مزروب" ولنا متّسع من الوقت وفسحة من الأمل حتى موفى سنة 2050...
Remarque: Cette date (2050) a été prononcé par mon ancien prof André Giordan pour les pays européens lors d`un colloque de didactique à Sousse vers l`an 2000. Giordan a remplacé en 1980 Jean Piaget dans la direction du labo de didactique et épistémologie de Genève
إمضائي:
"
وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)... فجر سنة 2050
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 2 ماي 2016.


mercredi 27 avril 2016

تدخلي الخامس في الحمامات خلال الندوة الوطنية حول "الحوار حول إصلاح المنظومة التربوية: من المخرجات إلى الأجرأة":. مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

تدخلي السادس والأخير في الحمامات خلال الندوة الوطنية حول "الحوار حول إصلاح المنظومة التربوية: من المخرجات إلى الأجرأة":. مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

تدخلي السادس والأخير في اليوم الثالث خلال الحصة المسائية في ورشة "الحياة المدرسية":
نقد النظام التأديبي داخل الإعداديات والمعاهد (نظام بالٍ ومتكلسٍ وقاسٍ على التلميذ وحان وقت مراجعته على ضوء تقدم علوم التربية وحق التلميذ في الكرامة والاحترام):
- مِن المفروض أن تكون المدرسة المكان الوحيد الذي يُخطئ فيه التلميذ ولا يُعاقَب حتى يتعلم من خطئه بهدف الطموح إلى التقليل من أخطائه في الحياة العملية بعد التخرج مع الأخذ بالحكمة التالية التي قد تَقِي التلميذ من الأخطاء الممكن اتقاؤها:
Le manque d`autorité envers les enfants est une forme de maltraitance
- أؤيد الرأي القائل بضرورة حضور ممثل عن التلاميذ (تلميذا منتخبا كان أو وليا منتخبا أيضا) في كل المجالس التربوية القديمة أو المُزمعِ إحداثها قريبا في المعهد مثل مجلس التربية أو التأديب والمجلس البيداغوجي ومجلس المؤسسة ومجلس التوجيه.
- يجب مراجة عقوبة الغش في الامتحان لأنها قاسية جدا (المحاولة الأولى، من 4 أيام إلى 15 يوم وفي المحاولة الثانية قد تصل إلى الرفت النهائي من الإعدادية أو المعهد) ولأن التلميذ لا يتحمل مسؤولية أسباب الغش وحده، مسؤولية مشتركة، يتحملها قبله الوزير ومصمم البرامج والأستاذ، فلماذا نعاقب أضعف طرف من بين الأطراف المسؤولية عن الغش؟ ألأنه دون سَنَدٍ أي "البهيّم الڤصيّر"؟
- أنهِي بقانوني الخاص الذي سبق وأن نصحتُ به عديد الزملاء ولا أتذكر أحدا منهم لم يعمل بنصيحتي، قانون قاسٍ على الزملاء، رحيمٍ بالتلاميذ الضحايا الأبرياء: كل مدرس يبدأ بتعنيف تلميذ لفظيا أو ماديا، يسقط حقه أوتوماتيكيا في تتبع هذا التلميذ ولا يحق لهذا المدرس أن يطالب بمثول هذا التلميذ أمام مجلس التربية أو التأديب مهما كان نوع رد فعل التلميذ المعتدَى عليه حتى ولو كان عنفا لفظيا أو ماديا والإشكال لا يُحلُّ إلا وديا مع التلميذ ووليه والإدارة.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 28 أفريل 2016.
Haut du formulaire





تدخلي الرابع في الحمامات خلال الندوة الوطنية حول "الحوار حول إصلاح المنظومة التربوية: من المخرجات إلى الأجرأة":. مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

تدخلي الرابع في الحمامات خلال الندوة الوطنية حول "الحوار حول إصلاح المنظومة التربوية: من المخرجات إلى الأجرأة":. مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

تدخلي الرابع في اليوم الثاني خلال الحصة الصباحية بعد محاضرة أحمد الملولي بعنوان "المرجعية الوطنية للبرامج "، المرجعية المطلوبة حسب رأيه هي مرجعية المنهاج (le curriculum) التي لا أفقهها شخصيا:
حول تكوين ملف لمتابعة النموّ الذهني للتلميذ: مَن سيمسك بهذا الملف المهم لو قُدِّر له الظهور؟ كونّا عديد الملفات حول التلميذ، كلها تأديبية أو جزائية أو إشهادية؟ حان الوقت أن نكوّن لفائدته ملفا علميا يقدم له خدمات بعد ما أبدعنا في رصد هفواته وتعقب أخطائه وتسليط أقسى العقوبات عليه.
يبدو لي أن مدرّسه المباشر هو أكفأ شخص مؤهل للقيام بهذه المهمة وقد يستفيد منها المدرّس قبل التلميذ. الطبيبة الإيطالية ماريا مونتيسوري، رائدة البيداغوجيا والديداكتيك والنموّ الذهني للطفل قبل بياجي وفيڤوتسكي، قالت منذ سنة 1900: "المدرّس باحث ميداني أو لا يكون". وللأسف الشديد فإن البحث الميداني  (La Recherche-Action) مجالٌ أهملناه أو غيّبناه في مؤسساتنا التربوية في الأساسي والثانوي واكتفينا بالبحوث الجامعية (La Recherche Fondamentale: master, doctorat et post-doctorat) التي غالبا ما تكون نُسخًا باهتة لبحوث غربية سبقتها ولذلك بقيت مركونة في رفوف مكتبات الجامعات التونسية ولم ولن ترى النور ما دامت لا تدرس واقعنا.
تتمثل مهمة الماسك بملف النموّ الذهني للتلميذ في متابعة هذا الأخير في نتائجه، في عثراته التعلمية، في أخطائه المعرفية، في تصوراته العلمية وغير العلمية، في العوائق التي تعرقِل نموّه الذهني، إبستمولوجية كانت أو عضوية أو اجتماعية أو مادية أو نفسية أو مادية أو حتى الذوقية منها والمزاجية أو ميولاته الفنية والفلسفية، إلخ.


إضافة:

أعلمتني ابنتي عبير المقيمة بكندا أن مثل هذا الملف موجود في معاهد كندا، ويضم ممّا يضم، يضم التطوع للقيام بأعمال مجانية خيرية إجبارية تربويا يُطالَبُ بها تلميذ الثانوي وتُثري ملفه الدراسي (عَشرُ ساعاتٍ في العام الأول في المعهد، ولا يتسلم الناجح في الباكلوريا شهادته إذا لم ينجز ساعاته الأربعين كاملة)، مثلا: يقوم التلامذة الكنديون المسلمون وغير المسلمين بخدمة الكنديين المسلمين في مهرجاناتهم خارج منازلهم بمناسبة أعيادهم الدينية ويَمنح منظمو هذه الحفلات العامة شهادة مشاركة للتلميذ المتطوع، شهادة شرفية يستظهر بها في معهده وتُحفظُ في ملفه المدرسي للعِبرة والتاريخ، أي شعبِ هذا؟ وما أبعدنا عليه! لكننا قادرون على مثل ما فعل أو أكثر. تنقصنا الإرادة السياسية فقط، أي ينقصنا كل شيء!

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 27 أفريل 2016.





lundi 25 avril 2016

تدخلي الثالث في الحمامات خلال الندوة الوطنية حول "الحوار حول إصلاح المنظومة التربوية: من المخرجات إلى الأجرأة":. مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

تدخلي الثالث في الحمامات خلال الندوة الوطنية حول "الحوار حول إصلاح المنظومة التربوية: من المخرجات إلى الأجرأة":. مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا

تدخلي الثالث في اليوم الثاني خلال الحصة الصباحية بعد محاضرة نبيل الهواشي بعنوان "مداخل الإصلاح التربوي: التشخيص والمقترحات":
سمعتكم دوما تأكدون على تملك اللغة العربية أولا وتتغاضون على الواقع الذي يصرخ ويقول أن  لغة تدريس العلوم الأولى في الثانوي والعالي في تونس هي اللغة الفرنسية وليست للأسف الشديد اللغة العربية الأم. يبدو لي أنه يجب أن نتفق أولا على تحديد لغتنا العلمية الأولى (الفرنسية أو العربية؟) ثم نركز على حث أولادنا على تملكها حتى يتمكنوا من تملك العلوم الحديثة. وإذا اخترنا اللغة العربية كأداة لتدريس العلوم في تونس فعلينا أو نوفر لها أسباب النجاح ونَقِيها الفشل المنتظر وذلك أولا بترجمة المراجع العلمية الحديثة التي يحتاجها طالب الطب أو الهندسة مع العلم أن العلوم اليوم تتطور بسرعة مذهلة لا يقدر على ملاحقتها إلا العداؤون. وهل نحن منهم؟ ثانيا بإصدار مجلات علمية مختصة ذات قيمة عالية (Des revues spécialisées cotées  ) في كل علم على حِده ناطقة بالعربية، ننشر فيها ما ننتجه من علمٍ وهو اليوم شحيح وقليل وننقل فورا ما ينتجه الغرب وهو كثير وغزير. مهمة صعبة جدا بل شبه مستحيلة التحقيق دون إرادة سياسية وطنية صادقة وجدية!
أضيف ملاحظة حول حال اللغة الفرنسية في المواد العلمية اليوم في الثانوي، هي أيضا لا تحظى باهتمام من قِبل أساتذة العلوم في معاهدنا الذين هم مطالبون بإتقانها وتوظيفها جيدا في القسم لأن مسؤولية تعليمها للتلميذ ليست منوطة فقط بأستاذ الفرنسية بل هي مسؤولية مشتركة يتحملها كل أساتذة العلوم الذي يدرسون بالفرنسية (الرياضيات، علوم الحياة والأرض، الفيزياء، التكنولوجيا، الإعلامية). للأسف نرى البعض من هؤلاء الأخيرين يستعملون اللهجة العربية الدارجة في مخابرهم المغلقة بدعوى أن التلميذ ضعيف في الفرنسية. كيف سيتحسن هذا التلميذ الضعيف وأنت تغشه من حيث أنك تظن أنك تنفعه؟ تغشه مرتين، الأولى عندما تتخلى عن واجبك الذي يحتم عليك قانونيا استعمال الفرنسية في القسم وبصنيعك هذا تساهم في تدهور المستوى الألسني لدى التلميذ، والثانية عندما تمد التلميذ ورقة امتحان في ثلاث أو أربع صفحات مكتوبة بلغة فولتير وتطالبه بحل مسائلها اعتمادا على النص وأنت لم تدربه على فك رموز هذه اللغة الأجنبية.
لقد عانت الشقيقة الجزائر (درّستُ فيها ثمان سنوات 80-88) من هذه الازدواجية وانعدام الوضوح في الرؤيا عند تحديد لغة تدريس العلوم. رَفَعَ المسئولون السياسيون الجزائريون شعار التعريب ولم يهيئوا له أسباب النجاح، وبتعريبهم اللاوطني والمتسرّع لتدريس العلوم جهّلوا أولاد الشعب وهم أرسلوا أولادهم للدراسة في الخارج بلغة يحاربونها هم أنفسهم في الداخل. طالِبُ الطب الجزائري القادم من شعبة علمية معربة تماما في الثانوي يجد صعوبة كبيرة في دراسة الطب بالفرنسية بالجامعة. يقع نفس الشيء عندنا عندما ينتقل تلميذ الإعدادي (يدرس البيولوجيا بالعربية) إلى الأولى ثانوي (يدرس البيولوجيا بالفرنسية). كان زملائي الجزائريين، أساتذة العلوم بالعربية في الإعدادي، خريجي التعريب الأوائل، يجدون صعوبة لغوية كبيرة في تصفح مجلة علمية فرنسية مثل (La Recherche ou Sciences & Vie).

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 26 أفريل 2016.




jeudi 14 avril 2016

مقدمة لكتابي الثالث القادم قريبا إن شاء الله وعنوانه "سلسلة نقد السائد. جزء 1: نقد السائد في النظام التربوي التونسي". مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا ( Didactique de la biologie)

مقدمة لكتابي الثالث القادم قريبا إن شاء الله وعنوانه "سلسلة نقد السائد. جزء 1: نقد السائد في النظام التربوي التونسي". مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا
( Didactique de la biologie)

في هذا الكتاب، سمحتُ لنفسي أن أكتب أثرا "خالٍ من تلك العتمة وذاك الركام من الاستشهادات والإحالات المضنية التي تلهي القاريء الصفحة تلو الأخرى وتصدك عن المسك بجوهر الموضوع" (جملة قالها الموسيقار الألماني العبقري فاغنر تمجيدا لكتاب صديقه الفيلسوف الألماني العظيم نيتشه. المصدر: كتاب "نيتشة والفلسفة"، محمد المزوغي، 2010)، رغم أنني أعي جيدا أن كل أثر علمي عادة ما يخضع لمعايير علمية وقواعد محددة وأن للكتابة العلمية ديونتولوجيتها وأن ناقل العلم مثلي لا يجب أن يكتب جزافا بل كل ما يورده يجب أن يكون مضبوطا وموثقا ومبرهنا عليه. تسع سنوات سجن لذيذة قضيتها في البحث العلمي بين ماجستير ودكتورا، تخللها كد وجهد فُرِضا عليّ ديونتولوجيا من قِبل أساتذتي المحترمين الأعزاء فقبلتها كَرها، وحالما حصلتُ على الشهادة الأخيرة قلتُ للجامعة والجامعيين ما قالته أم كلثوم في الأطلال :
أعطني حريتي أطلق يديَّ .. إنني أعطيت ما استبقيت شيَّ 
آه من قيدك أدمى معصمي .. لِمَ أبقيه وما أبقى عليَّ 
أشعر أنني لم أخلَق للبحث العلمي، وشهادة الدكتورا في نظري هي بمثابة بطاقة دخول إلى مجال البحث العلمي وليست تتويجا له كما يعتقد غير الجامعيين. أنا أخذت بطاقة الدخول وعوض أن أدخل القسم غادرت المعهد نهائيا كالتلميذ العاق أو المتنطع. أحس ميلا كبيرا لغير النفع المادي المباشر في الوجود، أعني الفن. النتيجة أنني لا في العلم فلحت ولا في الفن!
يأتي كتابي هذا خاليا من أي استشهاد يُذكر عكس ما جاء في كتابي بالفرنسية وهذا أمر ناشز ومحرج للغاية في ميدان علم التعلمية (Didactique) الذي بُني أصلا على أساس الدقة العلمية والصرامة في الإحالات والاستشهادات المكثفة والأمانة في ذكر المراجع. لكنني لم ولن أجرؤ على التهجم على العلم الذي بحثت فيه وتمتعت به، العلم الذي فتح عينيّ على آفاق أوسع وأرحب من علم البيولوجيا، اختصاصي الأول والأساسي وأتمنى أن لا أموت بالنسبة للعلم كما مات نيتشه حسب تعبير العالِم الفيلولوجي الكبير هرمان أوسنر ولا أريد أن يزدريني أصدقائي الديداكتيين الجامعيين التونسيين وفي الوقت نفسه أشك في أن أصبح يوما ما ديداكتيكيا حقيقيا.
أحسُّ أن علمَ الديداكتيك يسجُنُ عقلي ويضيِّقُ من مجال حركتي الفكرية ويقمعُ رغبتي في التحرر والولوج إلى مجالات فكرية أخرى أوسعَ وأرحبَ وأشملَ.
هذا التوجه الفكري الذي اخترتُه بمحض إرادتي، دون ضغوط خارجية، يوفرُ لي مساحة من التفكير أكبر مما يتمتعُ به زميلي الباحث الديداكتيكي الجامعي الملتزم حرفيا بما سطره الأوائل والرواد العظام. نتائج هذا الاختيار الانتحاري علميا انعكست على خياراتي الحياتية وأثرت في مسار حياتي المهنية والشخصية وقلصت من صداقاتي، وغيرت من طريقة تعامل زملائي الأساتذة معي وخاصة مَن اضطلع بمهمة التفقد منهم.
خرجتُ من بيضة الديـ(داكتيـ)ك لا أشبه أبي في صرامته واستقامته (son orthodoxie). لا أروم الرجوع إليها أو الانتساب إليه. أتراني، هل ارتكبتُ خيانة علمية أم تراني أضفتُ وعمّدتُ ولادة علمبة؟ لن أتصالح مع أبي إلا إذا غيّر جلده واسمه ليصبح اسمه "إبستمولوجيا التعليم" وجلده الفلسفة حيث لا صرامة ولا استقامة!
أشعرُ أنني متلائم أكثر مع التسمية المؤسِّسة المعبّرة الجديدة-القديمة لعلم الديداكتيك، ولا أشعرُ بالانتماء إلى قسم علوم التربية. 
أي تربية أيها الأبله؟
- نكوّنُ محاميا من جيوب دافعي الضرائب الموظفين العموميين للدفاع عن المظلومين ، يتخرّجُ فينقلب لسانا حادا يدافع بِنَهَمٍ عن الظالمين من الطرابلسية إلى زين العابدين.
- نكوّنُ طبيبا يؤدي اليمين ويتعهد بعلاج كل الموجوعين، يتخرجُ فيهجر المستشفى الذي درّبه ويترك المرضى الذين علموه مهنته ويفتح عيادة خاصة للمتهربين من دفع الضرائب من الميسورين.
-
نكوّنُ أستاذا لنقل العلم لأبناء الفقراء والمحرومين، يترسمُ فيصبح مقاولا يبيع العلم في الڤاراجات والدكاكين.
-
 ندرّسُ معارفَ (Les connaissances scientifiques) خالية من القيم الإنسانية الكونية (Les valeurs humaines universelles)  ونحن نعرف مسبقا أن المعارف بلا قِيم كحافلة ركاب تجري دون سائق.
-نغتالُ الإبداعَ في عيون أطفالنا بدعوى الانضباط السلوكي والتجانس الذهني. نشعِل النار ونقول الدخان مْنِينْ؟ نربي دجاجا أبيض متجانسا ونقول فقر الدم (ثقافة الاختلاف وقبول الآخر) مْنِينْ؟ نقدّم تعليما موحّدا لتلامذة مختلفين في الذكاء (الذكاء الفني والذكاء العملي والذكاء النقدي، إلخ.) ونتوهم أننا نعدل بينهم وبعد التخرج نزجّ بهم في مجتمع غير متجانسٍ إلا في عقول المربّين ونطالب متسلقَ الجبال بتوظيف ما تعلمه في درس السباحة.
- لا نعطي أهمية كبرى لتعليم القيم الإنسانية الكونية والفلسفة ولا ندرّس العَلمانية الأنڤلوسكسونية ومقارنة الأديان وفي نفس الوقت نتساءل من أي مدرسة تخرّج هذا الكمّ الهائل نسبيا من الدواعش التونسيين؟
-
لا نُولِي عناية خاصة لتنمية الميول الفنية وصقلها ونتعجب من انتشار الرداءة في الإنتاج والأذواق متجاهلين أن حاسة التذوق الفني ليست هِبةً من السماء بل هي انبثاقٌ من تفاعل المكتسب مع الوراثي. الموهبة وحدها لا تصنع فنانا مبدعا وكذلك لن يصنعه التدريب وحده مهما فعلتَ.

إمضائي:
وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" جبران"

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 14 أفريل 2016.

mercredi 7 mai 2014

هل يوجد لدى الطفل مستويان من النموّ الذهنيّ ؟ د. محمد كشكار

هل يوجد لدى الطفل مستويان من النموّ الذهنيّ ؟ د. محمد كشكار

أعتمد في مقالي هذا علي كتاب بالفرنسيّة  عنوانه
 "Vygotsky aujourd’hui
 نشر بباريس سنة 1985 تحت اشراف
 B.       Schneuwly  و J.P. Bronckar

عندما نحدّد "العمر الذهنيّ"  l'âge mental
 لدى الطفل بواسطة اختبارات
 الحاصل الذكائي QI  
نتكلّم دائما على نوع واحد فقط من النمو و هو "النموّ الذهنيّ الفعليّ (الحالي)" لكن مثلما أثبتته التجارب, يعجز هذا الحاصل الذكائي  عن الإحاطة الكاملة بحالة النموّ الذهني عند طفل في لحظة معيّنة

لنفرض جدلا أن لدينا طفلين اجتازا اختبار الحاصل الذكائي و حدّدنا عمرهما الذهنيّ بسبع سنوات (لهما القدرة على حل المسائل المناسبة لأطفال في عمرهما). هل هذان الطفلان متساويان فعلا في النمو الذهني ؟ لو حاولنا إخضاعهما لإختبارات أخرى, قد يظهر بينهما اختلاف مهمّ : قد يستطيع أحدهما و بسهولة حل اختبارات مناسبة لأطفال يكبرونه بعامين, أما الآخر فلا يحل الا الاختبارات التي تفوق سنه بستّة أشهر. نستنتج إذا أنهما ليس متساويان في الذكاء  خاصة إذا أخذنا في الإعتبار القدرة الكامنة و الممكنة و المحتملة لدى الطفلين التي قد تظهر و تتجسّم لو وفّرنا لها وضعيّة إجتماعيّة تعلّميّة يحتكّ فيها الطفل مع الغير مدرّسين و أقران

نصل هنا إلى تعريف النوع الثاني, غير المعروف لدى غير أهل العلم, من النموّ الذهني و المسمّى
"المنطقة الأقرب للنمو"    ZPD : Zone proximale de Développement
هذا المفهوم اكتشفه عالم النفس و البيداغوجيا السوفياتي الاشتراكي "فيقوتسكي" في أوائل القرن العشرين و الذي يعرّفه في النقاط التالية

-         ما يقدر الطفل على إنجازه, بمساعدة المدرسين و بحضور أقرانه, يحدّد  مستوى "منطقته الأقرب للنمو
-         ما يقدر الطفل على إنجازه اليوم بمساعدة المدرّسين و بحضور أقرانه, يستطيع تحقيقه بمفرده غدا
-         يختلف مستوى حل المشاكل الذهنيّة الذي يصل اليه الطفل بمفرده عن مستوى حل المشاكل الذي يصل اليه مع أقرانه و تحت إشراف ومساعدة المدرّسين
-         نستطيع تحديد حالة النموّ الذهنيّ عند الطفل بالاعتماد على المستوين المذكورين أعلاه : "النموّ الذهنيّ الفعليّ ( الحاليّ)" و "المنطقة الأقرب للنموّ
-         لو تركنا الطفل المتخلّف ذهنيّا وحده دون رعاية تربويّة لما وصل الى أيّ شكل من أشكال التفكير المجرّد
-         لو أخذنا مثلا طفلا سليما يعيش في عزلة مع والدين "صم- بكم"’ سيبقى هذا الطفل أصم-أبكم رغم تمتّعه بالملكات البيولوجية للنطق و السمع و نتيجة لذلك لا تتطور في مخه الوظائف الذهنيّة العليا المرتبطة بالكلام و اللغة
-         لو أخذنا في الاعتبار في التعليم مستوى "النموّ الذهنيّ الفعليّ (الحاليّ)" فقط لما اكتشف الطفل طاقاته الكامنة و الممكنة مستقبلا
-         لو سبقنا نموّ الطفل المستقبليّ و قدّمنا له أنشطة أعلى من مستواه الحاليّ لكن تقع في "المنطقة الأقرب للنموّ" يعني غير مستحيلة الإنجاز و بحضور أقرانه و تحت إشراف و مساعدة مدرّسين لتحسّن مستواه
-         كل وظيفة ذهنيّة عالية تظهر مرّتين خلال نمو الطفل: أولا في شكل نشاط جماعيّ و اجتماعيّ كوظيفة ذهنيّة مشتركة و هذا يقع في القسم و أثناء التطبيق, ثم على شكل ملكية فردية كوظيفة ذهنية داخلية و هذا يحصل بعد الدرس عند إدراك عملية الإدراك من قبل المتعلم
-         نصل الي الإستنتاج التالي : من المفروض أن لا يتزامن التعليم الحديث مع النمو الذهني للطفل بل يسبقه و ينشّطه و يوقظ فيه التطوّر التدريجيّ للنموّ الذهنيّ

بعد هذا التقديم النظري المختصر و الضروريّ, نحاول توظيف هذه النظريات لتحليل واقعنا التعليميّ التونسي

-         هل اطّّلع  مدرّسونا, ابتدائي و ثانوي, على هذه النظريّات البيداغوجيّة "الخلاّقة بالمعنى الحرفيّ للكلمة" يعني تخلق الذّكاء و التي ترتكز عليها المدرسة البنائيّة لـ"بياجي" و هي الشعار المرفوع و غير المطبق لوزارة التربية و التكوين التونسية
-         لنفرض أن مدرّسينا اطّلعوا عليها و نسأل: هل الدولة أوجدت الأرضيّة و المناخ الملائم لتطبيقها ؟ طبعا الجواب بالنفي و الدليل الذي أستحضره الآن ويقظّ مضجعي هو "الستة و الثلاثون تلميذا" الذين ينتظرونني يومين في الأسبوع في المعهد الّذي أادرّس فيه
-         لنحلم قليلا, لو اطّلع (أكاديميّا يعني في الجامعة) مدرّسونا في الابتدائي والثانوىّ و الجامعيّ على البيداغوجيا و التعلميّة و علم نفس الطفل و الايبستومولوجيا
و علم التقييم   L’évaluation
و إدراك عملية الإدراك la métacognition
و لو وفّرت لنا الوزارة قاعات واسعة لسبعة عشرة تلميذ في القسم كما يطالب الفرنسيّون و لو جهّزت كل قاعات الدروس بالحواسيب و ربطتها بالأنترنات و لو ضرب أجرنا في خمسة لصنع التلميذ التونسي المعجزات كما فعل زميله الكوري الجنوبي حيث يخصّص في بلاده أكبر ميزانيّة للتعليم الابتدائي, يأتي بعده الثانوي ثم العالي عكس ما عندنا بالضبط فهرمنا التعليمي مقلوب و هرمهم ثابت على قاعدة عريضة و صلبة فنحن نبني على الرمل و هم يبنون على الاسمنت المسلح
-         نحن في تونس ما زلنا نعتبر التلميذ  فأر تجارب, نرسم له مسبّقا متاهة و نعرف مسبقا من أين سيدخل و من اين سيخرج فلا نترك له حرّية التفكير و التفاعل مع الوضعيات التعلّميّة الجديدة  و لا نلامس "منطقته الأقرب للنمو" و لا نعطي له الفرصة للتعلّم الذاتيّ  البنّاء لتفجير طاقاته الكامنة فننقل شيئا فشيئا فشلنا و جهلنا و محدودية تفكيرنا الى مخّه الفتي المرن.
-         عوض أن نوقظ فيه  التطوّر التدريجيّ للنموّ الذهنيّ كما يقول فيقوتسكي, بالعكس يأتينا الطفل متعطّّّشا للمعرفة - و بفضل أساليبنا البالية و جهلنا بالعلوم التربويّة و الإجتماعّة و النفسيّة الحديثة - يتراجع نموّه الذهني تحت مستوى "النمو الذهنيّ الفعليّ (الحاليّ)" فيصبح ابن الست سنوات يحمل عمرا ذهنيا متخلفا سنتين عن عمره البيولوجي

خلاصة القول
قال لي صديقي " أنت تحلم" فقلت أنا واع بأنني أحلم و أدرك حالة الحلم التي أمر بها. أحلم, لكنني واع أيضا بأن حلمي مشروع و ممكن التّحقيق لو توفّرت الظروف الملائمة فالكوريّون الجنوبيّون ليسوا أفضل منا كبشر عندما أقلعوا  نحو التقدم  في عشرين سنة بالاعتماد أساسا على تحسين التعليم

تاريخ أول نشر على النات
حمام الشط في 27 نوفمبر 2008


samedi 3 mai 2014

تبسيط المفاهيم العلمية قد يجر التلميذ إلى الخطأ. مواطن العالم د. محمد كشكار

تبسيط المفاهيم العلمية قد يجر التلميذ إلى الخطأ. مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النات: حمام الشط في 29 نوفمبر 2008.

تتجاذب التفكير العلمي المعاصر مقاربتان المقاربة التحليلية (Approche analytique)  و المقاربة الشاملة   (Approche systémique  ).
 يقارن "جوآل دي روسناي" المقاربتين في كتابه "الرؤيا الشاملة" (Le Macroscope) صفحة  119.

1.     المقاربة التحليلية:
-         تعزل العناصر و تركز عليها.
-         تعتمد على الدقة في التفاصيل.
-         تبدل متغير واحد في الوقت نفسه.
-         مقاربة ناجعة عندما تكون التفاعلات خطية و ضعيفة.
-         تؤدي إلى التعليم التقليدي، يعني كل مادة تعليمية على حِده.

2.     المقاربة الشاملة:
-         تربط العناصر و تركز على التفاعلات بينها.
-         تعتمد على الإدراك الشامل للمسألة و الرؤية من كل الجوانب و لا تهمل أي زاوية من الزوايا مهما كانت ضعيفة
-         تبدّل مجموعات من المتغيرات في نفس الوقت.
-         مقاربة ناجعة عندما تكون التفاعلات غير خطية و قوية.
-         تؤدي إلى التعليم الحديث عبر تعّلمات المواد المشتركة مثلا الربط و الجمع في قسم واحد و فصل واحد بين تدريس الفيزياء و تدريس علوم الحياة و الأرض.

تكمن نجاعة المقاربة التحليلية السببية الخطية في بساطتها و سهولة استعمالها فهي مريحة و مطمئنة للإنسان لأنها ترسم علاقة خطية مباشرة بين السبب والنتيجة, مثلا: المرض نتيجة الجراثيم (قد يكون نتيجة دواء مثل مضادات الالتهاب) و السمنة نتيجة كثرة الأكل (قد تكون نتيجة قلة الحركة) والسلوكيات نتيجة الجينات (قد تكون نتيجة   التفاعل بين الجينات و المحيط.

رغم بساطتها أسهمت المقاربة التحليلية في تطور العلوم التجريبية كعلم الجراثيم و علم الوراثة لكنها أصبحت الآن عاجزة بمفردها عن تفسير بعض الظواهر المعقدة بل أصبحت عائقا في وجه التعلم لأنها تختزل العلاقة في سبب و نتيجة و تنسى أو تتناسى العلاقة الجدلية بينهما :  مثلا: المخ يؤثّر في السّلوك و السلوك يؤثّر في المخ, و المعلم يعلم التلميذ و يتعلم منه, و الإنسان يلوث المحيط و المحيط الملوث يضر بصحة الإنسان, الخ.

يعتمد بعض مدرسي البيولوجيا في تدريسهم لعلم الوراثة على المقاربة التحليلية السببية الخطية فقط. و في هذه الحالة تؤدي المقاربة الخطية إلى الحتمية الوراثية التي تؤكد أن كل جينة تحدد مسبقا صفة ما. و نحن نعرف أن الكائنات الحية معقدة بطبيعتها و كل عناصرها البيولوجية الداخلية متفاعلة فيما بينها و متفاعلة في الوقت نفسه مع المحيط الخارجي. إذا كانت الحياة معقدة بطبيعتها، فهل يمكن أن يكون تدريسها بسيطا ؟ اذا كان هذا التبسيط من أجل الضرورة البيداغوجية فالنتيجة عكسية لأن المعلومة غير العلمية ترسخ في ذهن التلميذ مثل المعلومة العلمية و يصعب تصحيحها في ما بعد كما ذكرت في مقالي السابق "التصورات الخاطئة لا تزول بسهولة".

عندما يعتمد المدرس المقاربة التحليلية الخطية يجد نفسه مجبرا على تبسيط الشبكات المعقدة:
 نأخذ مثلا علاقة الجينات بالصفات, صحيح أن لون العينين و فصيلة الدم صفتان محددتان مسبقا تماما بالوراثة وصحيح أيضا أن كثيرا من صفاتنا الشكلية كلون البشرة و السمنة و غيرها مكتوبة بصفة رمزية في الجينات لكن يجب علينا أن لا ننسى دور المحيط في تشكيل هذه الصفات فالأسمر تزيد سمرته أو تنقص حسب بيئتة و السمنة مرتبطة بالحمية و الحركة. لا يكمن الرهان على التحديد المسبق للصفات الجسمية الدنيا مثل لون البشرة بل يتمثل الرهان في تعميم هذه الحتمية الجينية على القدرات الذهنية فتصبح أفعال المرء وسلوكياته الاجتماعية نتيجة عوامل وراثية لا سلطة للمرء عليها مثلما يحاول بعض العلماء إيهامنا بأنهم اكتشفوا جينة إدمان الكحول و جينة الشذوذ الجنسي و جينة العنف و جينة الذكاء وحتى جينة الأيمان بالله (مجلة الحياة و العلم [ Science & Vie ] عدد 1055 أوت 2005   و قد أنتجت هذه المقاربة الخطية في علم الوراثة إطارا للتفكير (براديقم   paradigme) "الكل الوراثي" (paradigme du tout génétique) الذي هيمن على التفكير عشرات السنين لكن المنظّر في البيولوجيا "هنري اتلان" تنبأ بانهياره في كتابه "نهاية'' الكل الوراثي'' ؟ نحو براديقمات جديدة في البيولوجيا" الصادر في باريس سنة 1998.

تكمن غير علمية هذا الإطار للتفكير المسمى "الكل وراثي" في تاليه الجينات و التسليم بنتائجها, فالذكاء و الصحة هبة منها و المرض و العنف قدر مسلط منها. قد ينتج عن هذا النسق عديد المواقف غير العلمية,  فيصبح العنف والمرض و الذكاء وراثيا و ليس مكتسبا من التفاعل الاجتماعي. يبدو أن هذا البراديقم  المتسربل بالعلم ليس حياديا لأنه  يغلّب، في تفسيره للصفات الإنسانية، الجانب الو راثي على الجانب المكتسب. قد يؤدي الاعتماد على هذا البراديقم لتفسير أسباب المشاكل الاجتماعية كالعنف و الفشل الدراسي و تعاطي المخدرات إلى الاقتصار على العوامل الوراثية فقط و إهمال العوامل الاجتماعية المكتسبة.

خلاصة القول:
يتمثل تدريس البيولوجيا في تفسير الظواهر الطبيعية المعقدة و التركيز على التفاعلات التي تقع بين عناصرها المتعددة لذلك يحتاج المدرس إلى الاستعانة بالمقاربتين, التحليلية و الشاملة, لأن كل واحدة منها تكمّل الأخرى
يعتبر مفهوما التفاعل و التعقيد (l’interaction et la complexité) مفهومان مهمان في العلم يكملان مفهومي الخطية و التبسيط (la linéarité et la simplification)  و يؤسسان براديقم علمي جديد. هذان المفهومان الجديدان قد لا يسهلان فك رموز مسألة علمية ما بل بالعكس يعقدانها لكن في نفس الوقت يضعانها على الطريق السليم للوصول للحل العلمي. خذ مثلا الذكاء, فهو" وراثي % 100   و مكتسب%  100 " حسب المقولة الشهيرة لعالم الوراثة المشهور بنضاله الاجتماعي و مساندته العلنية لفاقدي السكن القار، العالم الجيني "ألبار جاكار". نرث عن والدينا مخا بشريا يتكون تقريبا من 10 مليار خلية عصبية. تقع داخل كل خلية مليارات من التفاعلات الكيميائية. الخلية ليست بمعزل عن محيطها فهي تتبادل معه مليارات من العناصر الكيميائية المتغيرة باستمرار. كل خلية قادرة على ربط 10 آلاف وصلة عصبية مع مثيلاتها. نكتسب من خلال تفاعلنا مع المحيط و حسب تجربتنا الشخصية مليون مليار وصلة عصبية (10   puissance  15 synapses)   تبنيها أو تعيد بناءها خلايانا المخية بعد الولادة. لنعلم أن عدد الجينات عند الإنسان حسب آخر إحصاء سنة 2001 لا يفوق 30 ألف جينة. نسبة %  98,9 منها مكررة أو صامتة أي لا دور معروف لها الآن و نسبة   1,1 % فقط  صالحة لصنع البروتينات. نصل إلى الاستنتاج التالي: النموذج التحليلي السائد « جينة واحدة تبرمج لصنع  بروتينة واحدة" لم يعد قادرا وحده على تفسير وجود عشرات الآلاف من البروتينات و مليارات الوصلات العصبية و مليارات الأجسام المضادة المكونة لمناعة الجسم المتطورة و المتجددة حسب تعرض الجسم لمضار الأجسام الدخيلة من جراثيم و بروتينات أجنبية و جزيئات معدنية ملوثة.

و أختم هدا المقال بطرح الإشكالية التالية: كيف ندرج المقاربة الشاملة في كل مستويات التعليم التونسي حتي لا تطغى المقاربة التحليلية وحدها على التفكير العلمي ؟

إمضاء م. ع. د. م. ك.
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال ناقص أو سيء نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.