dimanche 2 février 2025

Mon 11e livre : النقد هدّامٌ أو لا يكونْ

 

                                                        

 


د. محمد كشكار

مواطن العالم، أصيل جمنة ولادة وتربية

 

النقد هدّامٌ أو لا يكونْ

هدّامٌ للتصورات غير العلمية 

 

 

 

تقديم

الأستاذ عفيف ساسي

وفيلسوف حمام الشط حبيب بن حميدة

 

 

 


صحيح، أنا أنقد الناس الكل،

لكنني لم أستثن نفسي ولا مهنتي ولا اختصاصي ولا يساريّتي ولا حضارتي ولا علمانيّتي ولا أمميّتي.

أعتذرُ مسبقًا لكل قارئٍ منكم قد يمسّه نقدي.

 

"وما فائدة الأقنعة على الوجوه والعورات عارية ؟"

 توفيق بكار، ص 27 و28

المصدر: موسم الهجرة إلى الشمال، الطيب صالح، دار الجنوب، تونس 2016، تقديم توفيق بكار، 156 صفحة، الثمن: 6،400 د. ت.

 


 

الإهداء

إلى روح المرحوم، صديقي ورفيق دراستي العليا، لسعد مولهي، أستاذ الديداكتيك السابق بالمعهد الأعلى للتربية والتكوين المستمر بباردو


 

فهرس

 

تقديم الأستاذ عفيف ساسي....................................5

تقديم الأستاذ حبيب بن حميدة.................................8

نقد اجتماعي...................................................14

الأخلاق........................................................102

الفساد..........................................................132

الإرهاب.......................................................166

نقد بعض مظاهر التدين الشائع في المجتمع التونسي......345

المُلْحَقات......................................................398

محتويات جدارياتي الفيسبوكية حول النقد الاجتماعي.....399

محتويات جدارياتي الفيسبوكية حول الأخلاق.............414

محتويات جدارياتي الفيسبوكية حول الفساد................425

محتويات جدارياتي الفيسبوكية حول الإرهاب.............428

نهاية..........................................................434

 

 

تقديم أول للأستاذ عفيف ساسي

 

أن تغادر بيتَك وفراشَك كل يوم دون انقطاع من السادسة إلى العاشرة صباحًا وتجلس وحيدًا في "مقهى الشيحي" (مقهى شعبية بحمام الشط الغربية) مصطحبًا كتابك مصرًّا على عادتك اليومية هذه رغم تقلبات الطقس صيفًا وشتاءً ثم تعود إلى بيتك مواصلاً القراءة عبر الأنترنات فلا بدّ أن تكون لك رغبة جامحة في المطالعة والقراءة وجمْع المعلومات من مصادرها الورقية والرقمية.

هذا هو ديدن صديقنا الكاتب الدكتور محمد كشكار وهذا الكتاب الذي بين أيدينا هو ثمرة هذا الجهد المضني والبحث والتمحيص الذي دأب عليه صاحبه دون كلل أو ملل. ودون رمي ورود أرى في هذا الكاتب مثالاً حيًّا للقارئ الجادّ الصبور يل أغبطه شخصيًّا على هذا النفَس الطويل في البحث والتنقيب والاستقصاء شعاره "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد" رغم انصرافنا نحن أبناء جيله عن المطالعة وانشغالنا بصغائر الدنيا ومشاغل الحياة اليومية واكتفائنا بالمعلومة السطحية المتوفرة على قارعة الطريق والصور العابرة والأخبار السائرة. ويرى أهل الاختصاص أن الشخص المعتاد على قراءة الكتب الجادّة صباحًا أو قبل النوم يكون قادرًا على فهم واستيعاب الآخرين ممّن حوله كما أنه يكون أقل عرضة للإصابة بمرض الزهايمر أو الخرف أو اضطراب وتشتت الانتباه. بحيث يبقى تركيزه عاليًا، الأمر الذي يساعده على مواصلة نشاطه الذهني وإنتاجه الفكري.

فصديقنا محمد كشكار كما قال عن نفسه جِسْرٌ بين اليسار المتحجّر المتكلّس واليمين المحافظ المتطرّف، يسعى إلى ردم الهوّة بين اليسار واليمين وبين العلمانية والدين وهذا لَعَمْري ليس بالأمر اليسير إذ سخطَ عليه اليساريون الاستئصاليون من أصدقائه القدامى معتقدين أن المصالحة مع الدين خيانة لمبادئ اليسار كما لا زالوا يتصورونها هُمْ. لكنه يسعى في كتاباته إلى القطع مع السائد لأن المثقف هو هدّام القناعات والتصورات غير العلمية والبداهات ويحارب الفكر التقليدي المحكوم بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعية القامعة للحريات فيأخذ بيدك ويجذبك من حيث لا تشعر إلى عالم أرحبَ وأفكار أكثر تنوّعًا فتبهرك المعاني المتجددة المدعومة بالحجج والبراهين والتي تكتظ بها مؤلفاته الأحد عشر... فهذا الكتاب كغيره من كُتبه ثريّ بالأفكار الجديدة التي تعجبك أحيانًا وتصدمك أحيانًا أخرى، لكنها تحرّك فيك مَلَكَة التفكير والمراجعة لكل ما هو سائد وتلك بلا ريب غاية كل كاتب مجدد جريء يسعى إلى الإفادة وتجديد بعض المفاهيم السائدة والمعاني الراكدة.. والأحكام المتداوَلة التي عفا على بعضها الزمان فأصبحت في خبر كان، وهنا يحضرني قول شاعر تونس العظيم أبو القاسم الشابي:

أيها الشعب ليتني كنت حطا**بًا فأهوي على الجذوع بفأسي

الدكتور محمد كشكار في كل ما يكتب كما يكرّر دائمًا في مقالاته "لا أكتب لإقناعكم بالبراهين والوقائع بل بكل تواضع أكتب لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى وعلى القارئ الحصيف تركِ الغث وأخذِ السمين" أو "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل لطف إلى تجريب مقاربة أخرى" وكذلك أيضًا "النقد هدّامٌ أو لا يكونْ: هدّامٌ للخرافات والتصورات غير العلمية، وليس من علامات الصحة أن تتأقلم مع مجتمع مريض".. والله من وراء القصد ḷ  

تقديم ثان لفيلسوف حمام الشط حبيب بن حميدة

Préface d’Habib Ben Hamida, philosophe d’Hammam-Chatt   

 

Critiquer, c`est dire non à la confusion et c’est justement ce que fait dans ce livre notre ami Mohamed Kochkar

C`est la confusion qui explique en dernière analyse le désespoir de nos intellectuels. Car la confusion est la vraie source de désordre, de l`anarchie et du chaos ; elle est guidée par un désir de régression, un désir pathétique destructeur qui exprime une attitude rétrograde de celui qui veut quitter l`univers humanisé ; celui qui, par son égoïsme bestial menace de faire table rase de tous les impératifs catégoriques, de tous les principes inviolables et de tous les acquis irréversibles de notre humanité.

On ne peut pas confondre, à proprement parler, le juste et l`injuste, le mérite et le démérite, la bonne et la mauvaise volonté, la vertu et le vice, le simple et le complexe, bref le bien et le mal, le vrai et le faux…

Quand toutes les valeurs sont sur le point de sombrer, et que les opinions éclatent dans toutes les directions, qui arrêtera notre chute dans l`abime du désespoir ?

Et c`est dans ce sens que la critique, en tant qu`effort de distinction, de clarification, de mesure, d`analyse et en tant que principe d`ordre, devient la voie royale qui nous rattache encore à la raison créatrice et à la renaissance vitale. La critique, en effet, ne nous précipite pas dans le délire et la folie ; car elle n`ajoute pas de surcharges arbitraires et gratuits, elle accouche, au contraire, selon l`ordre rationnel, d`un univers libéré de la nébuleuse des opinions et du nihilisme radical ; la critique annonce tout haut notre colère, notre révolte et notre indignation devant ce spectacle de désolation ; car l`intellectuel authentique, à l`image de Kochkar, refuse de s`embourber dans l`ivresse de la confusion et les ténèbres de l`inconscience. Dire non, c`est affirmer la possibilité de la critique et l`efficacité du logos en lutte contre toutes les confusions.

 

Phobie de la critique et critique de la phobie

La tyrannie commence par l`interdiction de la pensée critique. La phobie de la critique est une véritable perversion de l`esprit, car seule l`innocence de la parole libérée de tous les interdits, à travers le dialogue, la discussion, le débat, restitue à l`homme sa vraie vocation d`être un « un roseau pensant ».

Celui qui refuse la critique a une peur instinctive ; il est entravé par la panique à fuir en arrière loin du danger et de l`aventure. C`est un être affolé qui fait demi-tour, tourne le dos au devenir ; il est en proie à la débandade et à la confusion, il se replie sur soi, c`est-à-dire se réfugie dans la nuit de sa primitivité et rétrograde ainsi vers les profondeurs de son passé biologique.

La phobie est donc une capitulation, un aveu d`impuissance et une rupture de notre rapport au monde ; elle est le propre d`un être frileux et lâche.

Par contre l`être courageux refuse d`être neutralisé par la pensée de la fuite ; il accepte le débat, l`ouverture sur l`altérité ; il communique dans l`égalité et la réciprocité.

C`est la raison pour laquelle la critique est un acte d`indépendance par lequel on retrouve la spontanéité et la liberté de parler à partir d`une conscience bien intentionnée d`aller en avant vers son prochain. La critique brise ainsi notre solitude et rétablit directement le contact avec autrui. Enfin la critique, tout en nous libérant, de notre égoïsme et de nos instincts rétrogrades, inaugure une nouvelle ère de recherche pour un esprit dont le signe est de créer, de construire et d`enfanter dans la joie.

Socrate, le prédateur de la philosophie n`a-t-il pas prouvé par son courage que le postulat de la recherche de la vérité, c`est la critique.

 


 

نقد اجتماعي

 

أعتقد مبدئيًّا أنني متفائل بمستقبل أفضل للعالم لثلاثة أسباب: 1. مع كل مولود جديد يولد أمل جديد. 2. مع كل فجر جديد ينبثق أمل جديد. 3. التشاؤم نوع من الجُبن.

"حرية التعبير" لا يستفيد منها عادة إلا الأغنياء (مثل الفهري وبوطار) وباسم "الديمقراطية" يُطالَب الفقراء بالدفاع عنها وهم المحرومون منها.

 

مفاهيم أوظّفُها في تحليل كل الظواهر:
Épistémologie, anthropologie, interaction, émergence, complexité, auto-organisation, hasard.

 

النقدُ هدامٌ أو لا يكون. هدامٌ للتصورات غير العقلانية. هدمٌ قد يتلوه بناءٌ وقد لا يتلوه. النقدُ فردي أما البناء فجماعي أو لا يكون.

 

الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تجتمع أمتي على ضلالة". قال "أمتي" ولم يقل الأمة الإسلامية المعاصرة ! فهل نحن جزءٌ من أمته ؟

 

يبدو لي -والله أعلم- أن مجتمعنا التونسي يغلب عليه التفكير المانوي

 (pensée manichéenne, pensée simpliste paresseuse)

 ويصعب عليه التفكير المركّب

 (pensée complexe du philosophe français contemporain Edgar Morin, pensée nuancée)

 


 

قبل أن ننقد الدولة على ما لم تفعله، علينا أولا أن ننقد أنفسنا على ما في وسعنا أن نفعله ولم نفعله !

 

السلطة الكبيرة والسلطة الصغيرة (Le macro-pouvoir & Le micro-pouvoir) .

أبدأ بتحديد المفهومَين أعلاه باختصار واختزال شديدين خوفاً من الوقوع في الخطأ الذي قد يجرني إليه تواضع اطلاعي:

أقصد بـ"السلطة الكبيرة"، سلطة الرئيس ومستشاريه والحكومة ووزرائها والبرلمان ونوابه والدولة وجميع كبار مسؤوليها من رئيس المركز ورئيس البلدية إلى الوالي والمندوبين وغيرهم من القائمين على تنفيذ سياسة الدولة حتى لو كانت سياستها ضد قناعاتهم الشخصية أو الإيديولوجية، إلخ.
أقصد بـ"السلطة الصغيرة"، سلطة المدرس في المدرسة والموظف في الإدارة والشرطي في المركز أو في الطريق العام والميكانيكي في الورشة والطبيب في المستشفى أو في العيادة الخاصة والتاجر في متجره والعامل في المصنع والمزارع في الحقل أو في مقاولة بناء، إلخ.

ملاحظة منهجية: التركيز في هذا المقال على نقد "السلطة الصغيرة" لا يعني البتة إغفال أو إهمال نقد "السلطة الكبيرة" فالاثنتان تربطهما علاقة جدلية ولكن لكل مقام مقال.

أوحَى إليّ بهذا المقال ما سمعته اليوم في مقهى الشيحي من أستاذ جامعي، قال: "على الدولة أن تغلق نهائياً جل المعاهد العليا التي توجد داخل الجمهورية وخارج العاصمة. لقد سبق لي ودرّستُ في واحد منها وشعرتُ بأن الإدارة والطلبة لا يتركوننا نتعمق في اختصاصنا ويجرّوننا جرّا إلى تضخيم الأعداد (gonflement des notes) حتى يحققوا أعلى نسبة نجاح، على عكس ما يقع في كلية العلوم بالعاصمة التي درّستُ فيها أيضاً".

تعليقي الذي لم أقله للأستاذ (يئست من زملائي لأن جل مَن خاطبتُ منهم لا يقبل النقد الذاتي): "لو درّستَ يا أستاذ في هذه المعاهد العليا بنفس الجدية التي درّستَ بها في كلية العلوم لَما أصبح التعليم العالي في الداخل على ما هو عليه اليوم من تسيّب يتحمل مسؤوليته الأستاذ قبل الطالب. أنا درّستُ 38 عاماً في الثانوي في تونس والجزائر ولم يفرض عليّ أحدٌ يوماً كيفية إسناد الأعداد أو كيفية التدريس. فكيف يُفرَض عليكم تضخيم الأعداد في الجامعة يا أستاذ ؟ أنا أعرف أن الأستاذ الجامعي هو "بَايْ زمانه" ويحكم بأحكامه لذلك أرجوك، فقبل أن تنقد وزارة التعليم العالي على التسيب الذي قد تكون ساهمت فيه في المعاهد العليا الداخلية بصورة غير مباشرة، عليك أولا أن تنقد نفسك على ما تسببتَ أنت فيه وبصورة مباشرة من عدم تعمق في اختصاصك ومن تضخيم إرادي ومقصود في الأعداد لم يجبرك عليه أحدٌ".

كل فئة قطاعية تتهم غيرها بالفساد وترى في نفسها الفرقة الوحيدة الناجية:

-  المدرّسون يحمّلون مسؤولية تردّي التعليم في تونس للوزارة والإدارة والميزانية والبنية التحتية والبنية الفوقية والأولياء والرأسمالية والليبرالية والإمبريالية، لكنهم عادة ما يستثنون أنفسهم. أنا لا أنكر أن كل هذه العناصر لها ضلع في ما وصلنا إليه اليوم من تخلف علمي لكنها كلها تُعدُّ خارجة عن نطاق نفوذ الأستاذ. ماذا يفعل المدرس إذن في مثل هذه الحالة ؟ حسب رأيي، يبدأ بإصلاح نفسه ولا ينتظر إصلاح المنظومة الرسمية وكذلك يفعل المواطن الواعي الناقد أو يستحي ويصمت، طبيبًا كان المتحدث أو تاجرًا أو مهندسًا أو ممرضًا أو موظفًا أو فلاحًا أو عاملاً ǃ

-  هل سمعتم يوماً بمؤتمرٍ نظمه التلامذة وأولياؤهم، ووجهوا خلاله النقدَ للمدرسين والقيمين والإداريين ؟

-  هل سمعتم يوماً بمؤتمرٍ نظمه المرضى وأولياؤهم، ووجهوا خلاله النقدَ للأطباء والممرضين وإداريي المستشفى ؟

-  هل سمعتم يوماً بمؤتمرٍ نظمه اليساريون المستقلون، ووجهوا خلاله النقدَ لأحزاب اليسار ؟

-  هل سمعتم يوماً بمؤتمرٍ نظمه الإسلاميون المستقلون، ووجهوا خلاله النقدَ للأحزاب الإسلامية ؟

-  هل سمعتم يوماً بمؤتمرٍ نظمه الليبراليون المستقلون، ووجهوا خلاله النقدَ للأحزاب الليبرالية ؟

-  هل سمعتم يوماً بمؤتمرٍ نظمه المسلمون المفكرون، ووجهوا خلاله النقدَ لبعض مظاهر التدين الشائع والسائد منذ 14 قرناً ؟

-  هل سمعتم يوماً بمؤتمرٍ نظمه الشيوعيون المفكرون، ووجهوا خلاله النقدَ لبعض تجارب الماركسية في القرن العشرين ؟

-  هل سمعتم يوماً بمؤتمرٍ نظمه النقابيون المفكرون، ووجهوا خلاله النقدَ للنظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل ؟

 - لقد قتلنا التعصب الأعمى للوطن والإيديولوجيا والقطاعية السخيفة (Le  corporatisme) ؟

-  هل سمعتم يوماً صاحب مهنة ينقد في وسائل الإعلام أداءه أو أداء زملائه أو منتمياً لحزبٍ ينقد حزبه أو إيديولوجيته ؟

لكنني من جانبي فعلتُها بما تيسر لي من معرفة، نقدتُ علنا سيرتي المهنية والنقابية والفكرية وكثيرا من المثقفين التونسيين فعلوها قبلي وأحسن مني.

وماركس نفسه وَعَدَ بممارسة النقد الذاتي عند كتابة "البيان الشيوعي" ويبدو لي أنه لو قام اليوم لأنكر على الماركسيين الأرتدوكسيين أرتودكسيتهم التي تقول أن رأيهم هو الصراط الوحيد المستقيم.

وكان محمد صلى الله عليه وسلم مجددا ويبدو لي أنه لو قام اليوم لأنكر على المسلمين السلفيين سلفيتهم الشكلية.

أما سارتر فقد تمنى وتنبأ بانقراض مهنته كمثقف يفكر للآخرين.

فوق وقبل هؤلاء جميعا بـ14 قرن، فعلها القرآن الكريم ونقل لنا حرفيا حجج الشيطان في عصيان أوامر ربه ونقل لنا أيضًا حجج غير المصدقين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

بعد حفظ مقام القرآن الكريم، تصور اليوم مثلا جريدة "الضمير" لحزب حركة النهضة تخصص صفحة حرة لنقاد الحركات الإسلامية أو جريدة "صوت الشعب" لحزب العمال تخصص صفحة حرة لنقاد الأحزاب الشيوعية أو جريدة حزب حركة الشعب تخصص صفحة حرة لنقاد عبد الناصر وصدامǃ  ما أحوجنا لمثل هذا في زماننا هذا ǃ

 

 


 

مالها تونس المعاصرة ومالهم التونسيون المعاصرون ؟؟؟

 

-       كنا مستعمَرين فأصبحنا مستقلين.

-       كنا أمّين فأصبحنا متعلّمين.

-       كانت المرأة في الدار فتحررت وخرجت للعمل وأصبحت مساوية للرجل.

-       كنا بلا جامعات فأصبح عندنا عشرون جامعة.

-       كنا بلا مترو فأصبح عندنا عشرون مترو.

-       كنا بلا أوتوروت فأصبح عندنا عشرون أوتوروت.

-       كنا بلا قناطر فأصبح عندنا عشرون ألف قنطرة.

-       كان إنتاج الزيتون ضئيلاً فزرعنا عشرين ألف عود زيتون.

-       كان إنتاج الدﭬلة ضئيلاً فزرعنا عشرين ألف غرسة دﭬلة.

-       كنا نحتاج لمهندسين وأطباء فتخرّج آلاف المهندسين والأطباء.

-       كنا بلا ثورة فصار لنا ثورات وبرلمانات ودساتير ومحطات إذاعية وقنوات تلفزية

-       كان العشرات يصلون في مسجد واحد في جمنة فأصبح لنا ستة مساجد

-       كنا كلنا فقراء في جمنة فأصبح لدينا المليونير والملياردير.

-       كنا ناقصين حرية تعبير فأصبح لنا عشرون مليون كونت فيسبوك.

-       كنا متقشّفين قنوعين فأصبحنا من كبار المستهلكين وصغار المنتجين.

-       كان لنا حزب واحد فأصبح لنا 276 حزبًا.

-       كنا رجعيين فأصبحنا حداثيين كالأوروبيين.

-       كنا بيولوجيين في زراعتنا وغذائنا فأصبحنا كيميائيين أكثر من الأوروبيين.

-       كنا متمسكين بقِيمنا فأصبحنا متمسكين بقِيم الغرب.

-       كنا تونسيين مسالمين فأصبحنا في نظر العالَم الغرب عربًا داعشيين وإرهابيين...

خاتمة:

ماذا دهانا وماذا أصابنا نسينا مشيتنا ورقصنا على طبولهم فضحكوا على ذقوننا فهل نحن نستحق ما نحن عليه من فقر وجهل وهوان أم هم الظالمون ونحن المظلومون وإلى متى سنبقى هكذا ضحايا صامتين سلبيين وبقَدَرٍ -كتبناهُ بأنفسِنا ولم يكتبْه لنا الله- راضين مستكينين ؟؟؟

أطالبُ بإنشاء مخابر للتفكير في تونس ؟

 

Description :

Un think tank, groupe de réflexion ou laboratoire d'idées est un regroupement d'experts au sein d'une structure de droit privé, indépendante de l'État ou de toute autre puissance, et en principe à but non lucratif. Wikipédia

Moi, Citoyen du Monde, je préfère un regroupement de penseurs libres de toutes les obédiences, je ne vote pas pour les experts.

مؤسسةُ تفكير تُعنَى بتقييم سياسة البلاد. مؤسسةٌ مستقلةٌ تمامًا عن الحكومة ووزاراتها وإداراتها وعن جميع الأحزاب والجمعيات. مؤسسةٌ تكتفي بالتفكيرِ فقط مثلما تفعل الإبستمولوجيا في العلوم، تراقبُ الإنجازَ عن بُعدٍ لا غير. مؤسسةٌ تقول للمخطئ أخطأتَ، أما المصيبُ فنجاحه يُغنِيه عن الشكرِ. مؤسسةٌ على شكل الهيئات الدستورية لكن لا يعيّنُ البرلمانُ أعضاءَها. مؤسسةٌ نثقُ فيها وتُنيرُ لنا الطريقَ.

كيف سنختارُ أعضاءَها ؟

لا يعيّنهم الحاكم (رئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو البرلمان)، لا يُزَكّونَ أنفسَهم بل يعبّرون عن استعدادهم ويتطوّعون ويؤدِّون القَسَمِ على خدمة الوطن ولا شيء غير الوطن،  والشعبُ بأكمله هو الذي يزكّيهم عن طريق استفتاء شعبي عام.

أنا أقترحُ بعض الأسماء و"كل إناءٍ بما فيه يرشحُ". أنا مواطن تونسي أستاذ متقاعد، فقير راضٍ بقَدَرِيِ حلوه ومرّه، فرنكوفوني الدراسة والثقافة، مسلم مسالم غير متعصب لديني، عَلماني دارويني، يساري غير ماركسي غاندي الهوى، أممي السريرة متصالح مع هوية شعبي الأمازيغية-العربية-الإسلامية بعد طول اغترابٍ وانبِتاتٍ.

أقولها بصدقٍ لا بتواضعٍ تجميليٍّ سخيفٍ، وأنا أعلمُ بِنفسِي أكثرَ من أيِّ أحدٍ، أقول: "أنا لستُ من بين المؤهّلين للترشّحِ ولستُ أنا مَن يزكّي المترشحين بل الشعبُ وحده هو الذي ينفرد بهذه المهمة النبيلة. هو مجرّد اقتراحٍ لا أكثر ولا أقل فلا تُحمّلوه ما لا يتحمّلُ، أرجوكم كفاني مناكفات عقيمة ! اقتراحٌ صادرٌ عن مواطنٍ تونسي حرٍّ من بين ملايين التونسيين الأحرار".

أقترحُ ترشيحَ الشخصيات التي أعرفها مع الإشارة إلى أن دائرةَ معارفي دائرةٌ ضيقةٌ جدًّا: نزيهة رجيبة (أم زياد)، محمد الشريف الفرجاني، محمد حدّاد، عبد المجيد الشرفي، آمال ڤرامي، عياض بن عاشور، جوهر بن مبارك، ألفة يوسف، عبد الحميد الجلاصي، حمادي جابلله، حبيب بن حميدة فيلسوف حمام الشط، مصطفى العلوي، حمدي بشير حمدي، رضا بركاتي، محمد ضيفلله، عبد اللطيف الحناشي، الأمين بوعزيزي، ليلى بالحاج عمر، محمد المسلمي وسامي الطاهري ومحمد علي بوغديري بعد خروجهم من الاتحاد، محمد جمل، رياض خياري، منى نور الدين، لمين النهدي، آدم فتحي، لطفي بوشناق (لا أحب أغانيه لكنني أراه شخصًا يستحق الاحترام كفنان)، فاضل موسى، نضال السالمي،  فيصل حبيب، فيصل العش، النفطي حولة، من جمنة (بكار عزوز، حسين عزوز، عليه بن عبد السلام، طاهر الطاهري، محمد حداد، علي حمزة، توفيق بن خليفة)، عبد العزيز الكردي، لطفي بكوش، عيفة المولدي، كل زملائي الديداكتيين وعلى رأسهم بلـﭬاسم عمامي، إلخ.

 

والقائمة مفتوحة لأصحاب الإيديولوجيات المختلفة عن إيديولوجيتي (ماركسيين، نهضاويين، سلفيين غير جهاديين، قوميين، ليبراليين، دساترة، إلخ). خَطَرَت ببالي الأسماءَ التاليةَ من بين المختلفين عني إيديولوجيًّا: سامي براهم، أبويعرب المرزوقي، صلاح الدين الجورشي، سالم لبيض، منصف المرزوقي، لطفي زيتون، عبد الفتاح مورو، سمير ديلو، حبيب بوعجيلة، رضا بالحاج، عبد اللطيف العلوي، إلخ.

خاتمة: لاتُؤْذُونَنِي، الله لا يُؤذيكم، لا أقبلُ الإساءةَ، لا صراحةً ولا تلميحًا، ولا تُؤذوا أيضًا مَن اقترحتُ أسماءَهم أعلاه لأنني أحترمهم جدًّا جدًّا، على الأقل لا تفعلوها على صفحتي، ومَن سيفعلها سوف أحذف إساءَته مباشرةً وأحذفه هو نهائيًّا من صفحتي.

إمضاء مواطن العالَم

"أنا عند الإسلاميين شيوعي وعند الشيوعيين إسلامي ! لأن المفكر الحر يستحيل تصنيفه" (المفكر الإيراني الإسلامي الحر علي شريعتي، صديق الفيلسوف الفرنسي اليساري الملحد جان بول سارتر).

"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ" (محمد كشكار).

"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" (ميشال فوكو).

 و"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" (جبران).

لا أقصدُ فرضَ رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى تجريب مقاربةٍ أخرى، وعلى كل مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.

أنا اليومَ لا أرى خلاصًا للبشريةِ في الأنظمةِ القوميةِ ولا اليساريةِ ولا الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، أراهُ فقط في الاستقامةِ الأخلاقيةِ على المستوى الفردِيِّ وكُنْ كما شِئتَ.

La spiritualité laïque ou religieuse à l`échelle individuelle.


دُعَاءُ تعِسٌ صادرٌ عن مواطنٍ يائسٍ بائسٍ !

 

"اللهم زِدنا فسادًا على فسادٍ، فهو النبتُ الوحيدُ الذي ينمو في بلادِنا دون سِقايةٍ ولا رِعايةٍ.

طموحاتُنا للرذائلِ أكبرُ، زدنا مَثنى وثلاثي ورباعي لعل أمورَنا تتحسنُ !

نطلبُ المزيدَ، اللهم وزِّرْ فُسَّادَنا جميعًا حتى يشبعوا ونَجوعَ !

يا حنّانْ يا منّانْ، اِحْمِ مهرّبينا في بُرْط رادس ومعبر بنڤردانْ حتى يرخص عندنا "البِينْ" والبَنَانْ !

اللهم فَلّسْ قطاعَنا العام بسرعةٍ حتى يبركَ الجملْ بما حملْ. قُطّاع القِطاع الخاص مَلّوا الانتظار !

إعلامُنا إعلام العارْ، اللهم زدهُ عارًا على عارْ ولا تُبقِ فيه صادقًا واحدا إلا وأدخلتَه النارْ !

اللهم زلزلْ الأرضَ تحت أقدامِ شرفائنا ونُزهائنا واقطع نسلَهم من هذه البلاد.

اللهم أكثِرْ من سُرّاقِنا وأرذالِنا، فالفسادُ يُنعِشنا ويُحيِينا، أما الشرفُ فقد أصبح عيبًا في بلادِنا وأصبحت النزاهةُ عندنا عاهةً !

اللهم انزعْ الصدقَ من قلوبِنا، وازرَعْ الكذبَ مكانه، فالصادقُ فينا منبوذٌ مكروهْ والكذّاب فينا محبوبٌ حتى ولو كان ساقِطًا معطوبْ !

اللهم اغفِرْ لنا حسناتَنا لأنها ضارةٌ بمجتمعاتِنا، وزيّنْ لنا سيئاتَنا فهي التي تُسهّلُ لنا قضاءَ حاجاتِنا !

يا سميعُ يا عليمُ، قِنا عذابَ الجنةِ ومَتِّعْنا بِالخلودِ في النارِ، فالأولى لم نسعَ إليها ولا نستحقها، والثانية دارُنا التي نستحق. لم نعمل من أجل الأولى مثقال ذرّة وعملنا من أجل الثانية وزنَ الجبال في حياتِنا وبإرادتِنا وسواعدِنا ولم يُجبِرْنا على فعلِ ذلك أحدْ !..."



الخلاصة:

« Malheureusement, ce sont les vrai-vices privés qui nous font miroiter la pseudo-vertu publique ».


 

اليوم فقط عرفتُ لماذا حكومةُ البورجوازيةُ لا تهتم بتنظيف عاصمَتَنَا تونس ؟

 

للأغنياء عاصمتهم ولنا عاصمتنا !

عاصمتهم تشمل المرسى الشاطئ وسيدي بوسعيد وقرطاج الرئاسة والبحيرة 1 و2.

عاصمتنا تشمل السوق المركزية وأنهج الجزيرة وبومنديل وجمال عبد الناصر وأسبانيا وبريطانيا وروما والمنجي سليم والبلاد العربي وغيرها.

عاصمتهم دوماً نظيفة فلماذا تريدهم أن ينظفوا عاصمتنا ؟ شارع بورقيبة استثنوه فبارك الله فيهم ويرحم والديهم.


 

بطلُ قصتنا القصيرة لا يمكن أن يكون إلا مواطناً تونسيّاً !  

 

في مقهى الشيحي التعيسة التي لم تعد تعيسة، سمعتُ يوماً شابّاً فقيراً (أبٌ لطفل مريض) يحتجّ على فقدان الدواء في المستشفيات العمومية ثم يسترسل ويقول: "الله يهلك أصحاب الشر الليخدموا في السبيطارات ويسرقوا في دواء الفقراء أما أنا فالله يرحم والدين جاري، عساس في السبيطار (...) دبرلي باكو حرابش".

أظن أن ابنه شُفِيَ كاد الفقر أن يكون كفرًا !

 


 

سلوكيات منحرفة استفحلت في بلدي: فهل هي نِتاجُ عقليتنا "المتخلفة" أمْ نِتاجُ لعدم تطبيق القانون ؟

 

سؤالٌ معقدٌ والجواب عليه ليس بالهيّنِ ! سأحاول وأَجرِي على الله، محاولة شخصية انطباعية محدودة، غير معمّقة وغير أكاديمية.

لو سلّمنا جدلاً -كما يعتقد الكثيرون- أن المسألة مسألة عقلية عربية-إسلامية "متخلفة" لا غير، فإنني أرى نفسي عاجزًا على إيجاد أجوبة مقنِعة على  مجموعة من الأسئلة التي تؤرّقني فكريًّا:

-       لماذا تتغير عقلية العامل التونسي المهاجر بمجرّد تغيير مكان إقامته في عطلته السنوية بين فرنسا وتونس مثلاً ؟

العامل التونسي المهاجر يُقيم أحدَ عشرَ شهرًا في فرنسا وهو يحترم قانون الطرقات ويربط حزام الأمان (90 أورو أي 300 دينار لكل راكبٍ مخالفٍ) ويصل إلى مقر عمله في الوقت ويغادره أيضًا في الوقت ويدفع الضرائب كل عام... إلخ. شهرٌ واحدٌ يقضيه في تونس: هل يطبّق عُشر ما يطبّقه في فرنسا ؟

 

-       لماذا تتغير عقلية المستثمر الفرنسي بمجرّد تغيير مكان استثماره، من فرنسا إلى تونس مثلاً ؟

في بلاده فرنسا، بلاد القانون، يحترم قانون الشغل ويُشرّك النقابة الأساسية في تسيير شؤون العمّال ويحترم البيئة ويدفع الضرائب صاغِرًا... إلخ.

في تونس: أول ما يستقر، يحاول المستثمر الفرنسي التخلص من النقابيين القاعديين النزهاء الصادقين، ويحاول شراءَ ذِمَمَ متفقدي الشغل وذِمَمَ بعض الانتهازيين من المسؤولين السياسيين والنقابيين المحليين والجهويين، ويلوّثُ البيئة (خليج ڤابس مثالاً) دون رقيبٍ أو حسيبٍ ويربح من استثماره في تونس خارج القانون أكثر مما كان يربحه في فرنسا في إطار القانون ويدفع أجرًا لعماله التونسيين أقل بكثير ممّا كان يدفعه لعمّاله في فرنسا ويُعفَى من الضرائب في تونس بدعوى نقل التكنولوجيا وهو لم ينقل لنا شيئًا غير الاستغلال الفاحش والأمراض المستعصية (سرطان وأمراض صدرية)... إلخ.

-       المواطن العربي المسلم المقيم في الغرب بعقليته العربية-الإسلامية "المتخلفة"، لماذا نجح في الغرب في المشاركة الفعّالة في إنتاج المعرفة الحديثة وبناء الثقافة والعلم والتكنولوجيا ؟

-       لماذا نهضت ماليزيا وتركيا بعقلية إسلامية "متخلفة" ؟

من أسباب نهضة ماليزيا، أسوق لكم مثالاً واحدًا فقط: مَخاتير محمد، بانِي إقلاعَها، استعان بشركة أجنبية لمدة معينة من أجل تطهير حدود البلاد من التهريب والفساد ثم انطلق على أرضٍ صلبةٍ ولم يتهمه أحدٌ باللاوطنية.

-       لماذا نهضت الهند رغم تعدد الأديان والعقليات ؟

-       هل عقلية المسؤول الغربي أرقَى وأفضلَ من عقلية المسؤول العربي ؟

لو كانت كذلك لَما اغتُصِبت فلسطين وجُوِّع أطفال العراق وقُصِفت ليبيا وسوريا بالقنابل المحرَّمة دوليّا.

 

خاتمة: يبدو لي أن القانون هو نِتاجُ ذكاءٍ جمعيٍّ لذلك وجب تطبيقه حرفيّاً على الجميع ويجب التعويلُ عليه من أجل النهوض ببلداننا العربية عوض تضييع الوقت في جلدِ عقليتنا العربية-الإسلامية "المتخلفة"، جلدٍ ذاتيٍّ دون وجهِ حق، جلدٍ دون جدوى.

من حسن حظنا وحظ البشرية جمعاء أن تركيبة المخ البشري وقدرته المحتملة على الإبداع والابتكار، شيئان لا يختلفان عند الولادة سواء عند المواطن العربي أو المواطن الغربي ومع كل مولودٍ جديدٍ يولَدُ في ربوعِنا أملٌ جديدٌ.


ثلاثةُ شروخٍ تشقُّ المجتمعَ التونسيَّ منذ ظهورِ الإسلاميينَ في السبعينيات من القرنِ الماضي ؟

 

المقال مستوحَى فكرةً وأسلوبًا من كتاب:

François Burgat, L`islamisme en face, Ed. La Découverte, Paris, 1995.

1.   شرخٌ سياسيٌّ يتمثل في حرب التنازع على السلطة بين نظامٍ متشبثٍ بالكرسي (بورڤيبة 31 عام وبن علي 23)، نظامٍ يرفض رؤيةَ وجهِه في المرآة أي لا يعترفُ بأنه فقد قاعدته الشعبية، ومعارضة إسلامية تساندها أغلبية (انتخابات 89) ومن حقها أن تُعامَلَ بشكلٍ أفضلَ.

2.   شرخٌ اجتماعيٌّ-اقتصاديٌّ: القاعدة الاجتماعية للمعارضة اليسارية (الطلبة المهاجرون غير الدستوريين محرومون من منحة دراسية في عهد بورڤيبة، والطلبة المفروزون أمنيًّا في عهد بن علي)، والمعارضة الإسلامية (عشرات الآلاف من السجناء السياسيين والمنفيين والطلبة الإسلاميين المفروزين أمنيًّا أيضًا والعسكريين والأمنيين والموظفين العموميين المفصولين عن العمل)، هذه الشريحة  الاجتماعية المضطهدة لم تأخذ  نصيبها من الثروة الوطنية (نفط، فسفاط، سياحة، أراضي دولية، إلخ.)، ولم تستفد من المصعد الاجتماعي الذي وفّره التعليم العمومي والانفتاح الاقتصادي. كان الإسلاميون وأقاربهم يُمنعون من المشاركة في مناظرات وزارة الداخلية والجيش والقضاء ومَقصِيّين من فضاءات الاتحاد العام التونسي للشغل من قِبل الشريحة اليسارية المسيطِرة على بيروقراطية الاتحاد.

3.   شرخٌ ثقافيٌّ: النخبة السياسية، الماسكة بالسلطة أو المتواجدة في صفوف المعارضة اللائكية (الأحزاب اليسارية والليبرالية)، كانت وما زالت تتطور داخل أطُرِ الثقافة الغربية الفرنكوفونية، وفي نفس الوقت لا تُولِي أهمية كبيرة للثقافة العربية الإسلامية الناطقة بالعربية، لا بل لا تتورّع عن وصفها وعن جهل بأبشع النعوت: ظلامية، رجعية، متخلفة، لاهوتية، قروسطية، فاشيّة، غير علمية، عنصرية جندرية، إلى آخر القائمة من النعوت التي لا تنتهي.

 


 

جيلُ الشيوخِ جيلِي، جيلٌ كالطبلِ، الخطاب العالي والوِفاض الخالي !

 

جيلُ الكهولِ وجيلُ الشيوخِ، جِيلِي، جيلٌ وُلِدَ في الخمسينياتِ والستينياتِ والسبعينياتِ من القرن 20، يلومُ جيلَ الشبابِ على عدمِ إقبالِه على المطالعةِ والقراءةِ والكتابةِ. نصَبَ محكمةً، حَكَمَ  القاضِي وأصدر حكمه دونَ حضورِ المتهمِ ومحامِيه.

يبدو لي أن التهمةُ باطلةً. كيفَ ؟

عكس ما يتهيأ للشيوخ من أمثالي، فجيلُ الشباب، جيلٌ يقرأُ، يكتبُ، يشاهدُ، يسمعُ، يعلقُ، ويحاورُ أكثر ألف مرة من جيلِي، والدليلُ موثّق بالصوتِ والصورةِ في صفحاتِ الفيسبوكِ وفيديوهاتِ اليوتوبِ ومهرجاناتِ السينما والمسرحِ. جيلٌ يقرأُ ما لا نقرأُ، لا يعني أنه لا يقرأ. جيلٌ يشاهدُ ما لا نشاهدُ ويلاحظ ما لا نلاحظ، اهتماماتُه علميةُ وتكنولوجيةُ وسنمائيةُ ومسرحيةُ وموسيقيةُ وفكريةُ وتربويةُ وتعليميةُ ومُتْعَوِيةُ وأدبيةُ واجتماعيةُ وسياسيةُ، لكنها اهتماماتٌ تختلف عن اهتماماتِنا وهي أوسعُ مجالاً، وهذا ما لم يستوعبْه جِيلِي، لكن العينَ لا ترى إلا ما تريدُ أن ترى !

وهل رأينا كبارَنا يقرؤون حتى نلومَ صغارَنا ؟

 

أيها الشيوخ، أندادي، أفيقوا فعصرُ المثقفِ الذي يفكرُ للآخر قد ولّى وانتهى ! من أنتم حتى يتخذَكم جيلُ المستقبلِ قُدوةً ؟ جيلٌ أغلبُه فاشلٌ في دراستِه، فاشلٌ في حياتِه، فاشلٌ في تربِية أولادِه وبناتِه، فاشلٌ في نضالِه. الرجل منكم فاشلٌ مع المرأةِ والمرأةُ منكنّ فاشلةٌ مع الرجلِ. جيلٌ فاشلٌ مع النظافةِ، متأقلم مع الرداءة، فاشلٌ في الإبداعِ، متأقلمٌ مع الفشلِ نفسِه !

كان الأجدرُ بكم أن تبدؤوا بنقدِ أنفُسِكم  قبل أن تنقدوا الشبابَ وتصِفوه بالجهلِ وانعدامِ الضميرِ والأخلاقِ. ألستُم مسؤولين على تربيةِ هذا الجيلِ ؟ فإذا كان به اعوجاجٌ فهو من صنعِ أيدِيكم، وإذا كان ناقص تربيةً فمن "حسنِ أخلاقِكم"، وإذا كان جاهلاً فهو متخرجٌ من مدرستِكم العموميةِ، وإذا كان مهزومًا فقد رضعَ الهزيمةَ من "انتصاراتِكم في حرب 67"، وإذا كان جبانًا متخاذلاً فقد تعلمَ الشجاعةَ إبانَ سقوطِ  بغداد في 2003، وإذا كان فاسدًا فالفسادُ قد اكتسبَه من تقليدِ سلوكاتِكم "المستقيمةِ". ألستُم المسؤولينَ الأولينَ والأخيرينَ عن ضِياعِه إذا كان حقًّا ضائعًا كما تدّعونَ وتُبالِغون دونَ دراسةٍ أو قياسٍ علميٍّ ؟ سامحَكم الله على ما تأتونَ من ظلمٍ وافتراءٍ في حقِّ أبنائكم !

أما عن نفسي، فأنا أستاذٌ متقاعدٌ وكاتبٌ هاوٍ فاشلٌ متقوقِعٌ في "بَبُّوشْتِي"، أكتبُ لمتعتِي الفكريةِ ولا أهتمُّ تمامًا بمشاكلِ الشبابِ لأنها ببساطةٍ ليستْ مشاكلِي. في المقابلِ، أنا لستُ مسؤولاً سياسيًّا، ولا داعيةً ديني أو إيديولوجي أو فلسفي، ولستُ صاحبَ رسالةٍ تنويريةٍ أو تثقيفيةٍ أو تربويةٍ في هذا الوضع الفوضوي العبثي، ولم أدّعِ يومًا نُصْحَ أحدٍ أو هدايةِ الآخرينَ أو قيادَتِهم. يبدو لي أن المسؤوليةَ تقعُ بالكاملِ على عاتقِ مَن زكُّوا أنفسَهم لتحمُّلِها، أعني بهم، المدرّسينَ المباشرينَ في التعليمِ العموميِّ والخاصِّ، النوابَ المنتخَبينَ، مثقفِي السلطةِ والمعارضةِ، الأحزابَ، الجمعيات، النقابات، منشطي دورِ الثقافةِ والشبابِ، السنمائيينَ، المسرحينَ، الصحفيينَ وأخص باللوم الإعلاميينَ في الإذاعاتِ والتلفزاتِ، الأئمةَ والوعّاظَ، رجالَ الأعمال، الآباءَ والأمهات، المبدعينَ الكبارَ، والقائمةُ تطولُ...

خاتمة: بني وطني لا تحزنوا فكلنا في الهواء سواء، والمصيبةُ إن عَمت خَفّت، فالعالَمُ الليبرالي كله يحكمُه الشعارُ القاسي التالي (Les vices privés font la vertu publique)، وعالَمُنا اليوم، كله عالمٌ ليبرالي متوحش، والحمدُ لله الذي لا يُحمدُ على مكروهٍ سواهُ !

 


 

صرخةٌ ضد التمييز حسب العائلة أو المهنة أو الشهادة العلمية !

 

1.   صرخة ضد التمييز حسب العائلة:

يقولون: هذا "وِلدْ عائلة" أو "وِلدْ أصل". أتساءل: وماذا عساه أن يكون الآخر؟ طبيعي وِلدْ عائلة أيضاً، يحبها ويعتز بها مثل كل ابنٍ غير عاقٍّ ؟ من حسن حظ البشرية أن الأخلاق الهابطة والتربية السيئة كما الأخلاق العالية والتربية الجيدة لا تُورَّث جينيا بل تُكتسب، الأولى بالكسل والثانية بالكد والجد والعمل فكل فردٍ إذن هو قادرٌ على التحلي بالأخلاق العالية والتربية الجيدة إذا أراد ذلك واجتهد فكلنا إذن "أولاد عائلة وأولاد أصل"، لا فضلَ لأحدٍ عن الآخر إلا بما اكتسب من أخلاق طيبة.

يقول المتنبي في هذا الباب:

ما بقومي شرفت *** بل شرفوا بي *** وبنفسي فخرت لا بجدودي.

2.   صرخة ضد التمييز حسب المهنة:

يُكتب على قفا بطاقة التعريف الوطنية التونسية مهنة حاملها: أستاذ، طبيب، مهندس، عامل يومي، إلخ.

تقود سيارتك الخاصة، ترتكب خطأ مروريّاً، يوقفك شرطي المرور ويطلب أوراق السيارة مع بطاقة الهوية فيخاطبك مبتسما إذا كنت طبيبا أو أستاذا وعابسا إذا كنت عاملا يوميا.

أتساءل: ما الفرق في السياقة بين طبيب سائق سيارته بنفسه أو عامل سائق سيارته بنفسه ؟ ولعل العامل في بعض الأحيان يكون أفضل في السياقة من الطبيب في سياقته !

فما دخلُ المهنة الأصلية للسائق في حِذق السياقة ؟ وما ذنبُ العامل السائق بنفسه وبماذا يمتاز عليه الطبيب السائق بنفسه في احترام إشارات المرور؟ لماذا يُمنح الطبيب السائق بنفسه امتيازاً من قِبل الشرطي ويُعامَل معاملة حسنة وفي جل الحالات يُعفى من تطبيق القانون إذا أخطأ ؟ لماذا لا يُمنَح العامل السائق بنفسه نفس الامتياز من قِبل الشرطي ولماذا يُعامله الشرطي معاملة سيئة وفي أغلب الأحيان تُسلَّط عليه عقوبة مالية إذا أخطأ ؟ يبدو لي أن العاملَ المخلص أجدر بالمعاملة الحسنة من الطبيب المتاجر بالصحة أو الأستاذ المقاول بالعلم وقد تخفي المهنة عورات لا نراها.

أطالبُ بحذف المهنة من بطاقة التعريف حتى يُعامَلَ التونسي في الطريق العام كمواطن وليس كطبيب أو عامل، لأن الطبيبَ طبيبٌ في المستشفى أما خارج المستشفى فهو مواطن متساوٍ في الحقوق مع جميع المواطنين، اللهم إذا كان في مهمة في سيارة إسعاف.

يبدو لي أننا، نحن التونسيون، نخلط بين الحقوق والواجبات. الناس ليسوا سواسية في أداء الواجبات، العامل ليس كالطبيب، كلٍّ حسب اختصاصه لكنهم سواسية في الحقوق وبهذا فقط يمتاز المتحضر على غير المتحضر.

يُحكَى أن في دولة مصر الشقيقة يُكتب اسم الدين على بطاقة الهوية. يُحكَى أن في دول الغرب الصديقة لا يُكتب نوع المهنة ولا اسم الدين على بطاقة الهوية إذا وُجدت، والمقارنة مع الأحسن أفضل. من حسن حظي أنني لم أعد مميزا في بطاقة التعريف: لقد حُذِفت كلمة أستاذ وحلت محلها كلمة متقاعد فأصبح المتقاعدون من مختلف المهن سواسية رغم أنوفهم والحمد لله.

3.   صرخة ضد التمييز حسب الشهادة العلمية:

عادة ما يتكبر بعض الناس بشهاداتهم العلمية ويُصرّون على ارتكاب فعل التمييز ضد مَن أقل منهم في المستوى العلمي، ولا يرضون إلا إذا خاطبتهم بِــ : يا دكتور أو يا أستاذ !

لا يكون الدكتورُ دكتوراً إلا في اختصاصه وعادة ما يكون اختصاصه ضيقا ومحدودا جدا فمثلا أنا -وأعوذ بالله من كلمة أنا- أنا دكتور في تعلمية البيولوجيا (يعني كيف تُعلِّم أو تتعلم البيولوجيا)، لكنني لا أفقه إلا القليل في أقرب الاختصاصات إلى اختصاصي مثل تعلمية الرياضيات أو تعلمية الفيزياء، ولا أفقه شيئا في الفقه والفلك والشعر والفن والجغرافيا والاقتصاد وصيد السمك، وقائمة جهلي بالمعارف المتبقية أطول من نهر النيل، وفي غير اختصاصي أتساوى مع أي إنسان عادي، وقد أضرّك أكثر مما أنفعك إذا استشرتني ووثقت فيّ في غير اختصاصي، وقد يفيدك آخر ممن هو أقل مني شهائد علمية، وقد تجد في مجتمعنا دكتورا جاهلا بعديد المواضيع الاجتماعية الهامة، وفي نفس الوقت قد تجد فاقدَ شهائد علمية أعلَمَ من الدكتور بكثير في هذه المواضيع وقد صادفتُ بنفسي هذا الصنف النوعي من العالِمِين العِصامِيّين.

خلاصة القول: أقف بشدة ضد التمييز حسب العائلة أو المهنة أو الشهادة العلمية، لكنني في الوقت نفسه أقف وبحماس مع التمييز الإيجابي للمعاقين وكبار السن كأن نخصص مثلا حصة خاصة في كل وزارة لانتداب المعوقين عضويا أو نبجّل مُسِنّاً في الحافلة أو في الطابور.

 


 

صرخةُ كشكارْ المسِنّ ضد أندادِه المسِنّين !

 

Un cri de désespoir contre le monde des adultes

صرخةُ الفيلسوف ميشال أونفري، ترجمة مواطن العالَم: " المسِنّون  الذين يصيحون، يكذبون، يسرقون، ينهبون، يخونون، يَعِدُون ولا يوفُون، يبتسمون وخلف ظهورهم خناجرَ يخفون، يمزّقون، يقتلون، يغتصبون، عالَمُ كلابٍ مكلوبةٍ، كلابٌ تقبع في أوجارِها رابضةً على بَرازِها".

Référence: Michel Onfray, La lueur des orages désirés, Éd. Grasset, 2007, p. 348.

صرخةُ كشكارْ المسِنّ ضد أندادِه المسِنّين: المسِنّون الضالّون الذين يُصَلون ولا زالوا يفحشون وفي طريق المنكر سائرون. كلهم يظنون أنفسهم مثقفين معلمين مربّين موجهين، ودومًا من طَيْشِ الأطفال يتذمّرون ولا يدْرون أنهم على طيش هؤلاء الملائكة مسئولون أوّلون وأنهم هم الأحوجُ للتربية لو كانوا يعلمون ويعون. لا دينٌ رَدَعَهم ولا فلسفةٌ هذّبتهم ولا قانون. فهل يأتي يومٌ فيه عن غِيِّهم يرتدعون وربهم يتفكرون وإلى الطريق المستقيم يرجَعون وللإنسانية أنسنتَها يعيدون ولِـقِيَمَ الخير يُحْيون وعن ارتكابِ الرذائل ينقطعون والفضائلَ يُفضِّلون.

طُرفةٌ معبّرةٌ بلسانِ حلاقٍ جريدي مُقِيمٌ في المتلوّي ؟ مواطن العالم (مواطن عاشق للجريد والجريدية وجل عائلتي الموسّعة، عائلة كشكار تقيم في توزر)

 

صحفي أصيل المتلوّي ومقيم بحمام الشط رواها لي اليوم صباحًا في "مقهى الشيحي التعيسة التي لم تعدْ تعيسة".

حلاق جريدي -ثرثار كجل الحلاقين- يخاطب حرفاءه المثقفين ويشرح لهم المفاهيم السياسية الثلاثة التالية:

1.   الشيوعية: كلمة أتت من فعل "شيّع" مثل "شيّع" بيدك حَجرة أو فلاح "يشيّع" بيده بذور القمح فتنبت السنابل كلها سواسية كأسنان المشط.

2.   البورجوازية: كلمة أتت من "برج دلاع"، شكله هرمي، والبورجوازيون يقيمون في قِمة البرج وكل مَن يحاول تسلق البرج للوصول إليهم، يسقط من شدة مَلاسَةِ الضِلعَينِ.

3.   البَعْثْ: فرقةٌ بعثها ربي لتُفسِدَ في الأرض (إضافة من عندي: مثل صدّام والأسد الأب والابن).

تعليقي: حلاقٌ فيلسوفٌ !


 

في تونس، توجد اليوم فئتان متصارعتان بِـصمتٍ، فمِن أي فئة أنت وفي أي موكب تسير ؟

 

ملاحظة

للأمانة العلمية، أسلوبُ المقال أسفله أسلوبٌ مستوحَى من طُرفة بعنوان "العهد الجديد"، ص 86 من كتاب "البدائع والطرائف"، جبران خليل جبران، دار المعارف، سوسة\تونس، الطبعة الثانية، 1997، 148 صفحة.

في تونس توجد اليوم فئتان متصارعتان بِـصمتٍ: فئة صادقة وفئة غشاشة. أما الفئة الغشاشة فحتما لن تبنيَ لنا غدًا أفضلَ. وأما الفئة الصادقة ورغم نُدرتها فلن يبنيَ تونس غيرها وهي مطالَبة بتوسيع دائرة صِدقها ولو بالتضحية ببعض نفسِها ونفيسها.

تعال وأخبرني ما أنت ومَن أنت ومِن أي فئة أنت وفي أي موكب تسير ؟

1.   أأنت نقابي يريد أن ينتفع لوحده من النشاط النقابي ؟

أم أنت نقابي يريد أن ينفع منظوريه وينتفع هو أوتوماتيكيا من النشاط النقابي ؟

إن كنت من الفئة الأولى (نقابي أناني) فأنت انتهازيٌّ.. أنت نبتة طفيلية وجب اقتلاعها قبل أن تتفرع جذورها لأنك كلما ارتقيت نقابيا أكثر كلما أصبحت قدرتك على إدارة النفاق أكبر، أنت منافق بالقوة (sens philosophique : hypocrite en puissance)، منافق لم يرث النفاق في جيناته بل اكتسبه في حياته.

وإن كنت من الفئة الثانية (نقابي نزيه) فأنت بذرة طيبة وجب على العمال رعايتها دون شطط حتى لا تعلو كثيرا فيستحيل عليهم قطف ثمارها، ولو كنت أمينا صادقا فثق أنك لن تتجاوز حتما عضوية نقابة أساسية أو رئاستها.

للأسف الشديد فإن الفئة الأولى سائدةٌ في مجتمعنا التونسي أما الثانية فمهمّشةٌ !

 

2.   أأنت مُصلٍّ يتردد على الجامع خمس مرات في اليوم وخارج الجامع تاجر يحتكر الضروريات ليبيع بعشرة دنانير ما ابتاعه بدينار.. مدرّسٌ يعطي روسا خصوصية أسبوعية لخمسين أو مائة تلميذ من تلامذته وغير تلامذته، خارج المؤسسة التربوية العمومية أو الخاصة، في ظروف غير صحية وغير بيداغوجية ويمتص عرق أوليائهم باسم العلم.. موظفٌ متقاعسٌ.. حِرَفيٌّ غشاشٌ.. طبيبٌ تاجرٌ.. قاضٍ مرتشٍ.. محامٍ متحيّلٍ ؟

أم أنت مُصلٍّ تقيٌّ يخاف ربه داخل الجامع وخارجه.. تاجرٌ يُسهِّل التبادل بين المنتِج والمستهلِك..  مدرّسٌ يقوم بواجبه على أحسن وجه داخل المؤسسة التربوية العمومية أو الخاصة وإن أعطي دروسا خصوصية فبمقابل مادي معقول ولِعدد قليل من غير تلامذته.. موظفٌ صاحب رسالة وضمير نقي حي.. حِرَفيٌّ كفءٌ أمينٌ.. طبيبٌ مؤمنٌ برسالته الإنسانية.. قاضٍ عادلٌ.. محامٍ عاشقٌ للعدلِ.

إن كنت من الفئة الأولى (مُصلٍّ منافق) فأنت خطرٌ على المجتمع، ترددتَ على الجامع أو الحانة. أَلاَ تعرف أن الله يراك داخل الجامع وخارجه حتى وإن كنت أنت لا تراه داخل الجامع وخارجه ؟ أَلاَ تعرف أن الله ربما يسامح في حقه ولكنه سبحانه لا يسامح في حق عبده ؟ ألا تعلم أن أفضل طريقة للتقرّب من ربّك هي الإحسان لعبده (موعظةٌ جميلة أو حديث سمعته اليوم في قطار تونس-حمام الشط من شاب سلفي: "أن ترافق محتاجا وتساعده في قضاء حاجته خير من قضاء شهر اعتكاف في مسجد") ؟ أَلاَ تعي أن الله غنيٌّ عن خيرك ولا يضرّه شرّك ؟ أتنافِق مَن يستحيل نفاقه ؟ أتداهِن مَن لا يمكن أن يُداهَن ؟ أَلاَ تعرف أنك غير محبوب من الخالق قبل المخلوق ؟ ربما نجحت في التحايل على الثاني فهل تتصور ولو للحظة أنك ستنجح مع الله ؟

وإن كنت من الفئة الثانية (مُصلٍّ تقيٌّ) فأنت في الطريق المستقيم شَكَرَكَ الناس أو جحدوك.

للأسف الشديد فإن الفئة الأولى متواجدةٌ في مجتمعنا التونسي أكثر من الثانية ولو كنا عكس ما نحن عليه اليوم لَكُنا عدَونا وسبقنا ظلنا ولَكُنا من أوائل الدول المتقدمة ولَصَلُحَ أمرُنا وكُنا عن جدارة "خير أمة أخرِجت للناس" ولَكُنا قدوة ورحمة للعالمين ولَما كان حالنا اليوم كما هو عليه اليوم !

 

3.   أأنت معارضٌ يتخذ المعارضة زينة وخطابا مفرَغا من الصدق والإيمان، معارضٌ ناقد متحمس للسلطة، في الاتحاد والمقاهي والملتقيات، وهو في واقعه مدرسٌ يتأخر عن الالتحاق بقسمه 25 دقيقة في فترة الراحة أو موظفٌ لا تجده إلا نادرا في مكتبه أو طبيبٌ يجدد لك عطلة طويلة الأمد دون أن يرى وجهك أو متقاعدٌ يتمتع بجراية وهو لم يعمل بإخلاص يوما واحدا في حياته المهنية ؟

أم أنت معارضٌ يقوم بواجبه في عمله ويلوم المتقاعسين عن القيام بواجبهم، مسؤولين كانوا أو عمالا أو موظفين ؟

إن كنت من الفئة الأولى (معارضٌ مزيّفٌ) فأنت كالحرباء ذو لونين ولا يحق لك نقد الآخرين على فعلٍ أنت نفسك تأتي بمثله أو أشنع منه. وفي هذا الإطار أتذكر قول الشاعر:

لا تنه عن خلق وتأتي بمثله*** عار عليك إذا فعلت عظيمٌ.

وإن كنت من الفئة الثانية (معارضٌ صادقٌ) فأنت متماهٍ مع نقدك صادقٌ في لومك ويحق لك أن تقسو على الفئة الأولى وأمثالها كما يحلو لك وكما تشاء.

للأسف الشديد فإن الفئة الأولى تتكاثر في مجتمعنا التونسي بسرعة أكبر من الفئة الثانية وإلا لَما احتجنا للنقد أصلا !

إمضائي: نفسي مثقلةٌ بالأحلامِ فهل مِن بين القُرّاءِ مَن يشاركني حُلْمِي ويخفّف عني حَمْلِي ؟

كان الخجل أحرى بعرب الخليج أكثر من الفرنسيين !

 

مصدر الخبر:

حصة تلفزية صباحية (TéléMatin)، فى قناة فرنسية ناطقة بالفرنسية (Tv5MONDE)، فقرة (Les quatre vérités)، الضيف السياسي (François Bayrou, président d`un parti centriste français dans l`oppositionالتاريخ: يوم عيد الأضحى، الخميس 24 سبتمبر 2015.

الخبر:

قال الضيف معلقا على التدفق الديمغرافي الهائل على أوروبا ممثلاً في ملايين المهاجرين السوريين والعراقيين، ثم أضاف متأثرا متسائلا: "علينا أن نسأل أنفسنا كفرنسيين لماذا يرغب كل هؤلاء المهاجرون العرب  في الهجرة والإقامة في ألمانيا والنمسا والدول الأسكندنافبة ولم يعبّروا البتة عن رغبتهم في الهجرة إلى فرنسا، "دولة حقوق الإنسان ودار اللاجئين السياسيين" ثم تنهد وقال: أنا أخجل من نفسي (J`ai honte)". 

التعليق:

وددتُ لو قالها وأحس مرارتها قبله أمراء السعودية وقطر والإمارات والكويت والبحرين، أغنى الدول العربية وأقلها سكانا وأوسعها أرضا وأقربها ملجأ آمنا لضحايا سياسات حكام جيرانهم. لكنني لا ولن أطمع بالعسل من جحر الدبابير، فهم ملوك لا يستحون، فبعضهم لا يتورع عن إشعل الحروب الأهلية كما حدث في العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال ومدها بالمرتزقة من شتى أنحاء العالم وتمويلها وتسليحها وإجبار سكانها على الهجرة بالملايين.

 


 

يبدو لي أن كل الحضارات بُنِيَتْ على الطمعِ والأنانيةِ !

 

-       لقد قامت فرنسا بثورة "من أجل الحرية والأخوّة والمساواة" (1789)، وبعد تسع سنوات فقط احتَلتْ مصرَ (1798)، وبعد أقل من نصف قرنٍ الجزائرَ (1830)، ثم تونسَ فالمغربَ، نهَبت ثرواتَنا وشغَّلت سواعدَنا واستغَلتها أبشعَ استغلالٍ، وبعرقِنا بَنَتْ جزئيّاً نهضتَها الصناعية واحتلت فيتنام وأسست "ديمقراطيتَها" السياسية.

-       وقامت روسيا بثورة "من أجل العمال" (1917)، وبعد أربع سنوات فقط قام الجيشُ الأحمرُ بقيادة تروتسكي بقَمَعِ انتفاضةَ عمالِ ميناء كرونستاد (1921).

-       جاءت الديانات التوحيدية المسيحية والإسلام من رب العالَمين "رحمةً للعالَمين"، لكن "المسيحيين" و"المسلمين" قدّموا احتلال الأمصارَ دون رحمةٍ بحثًا عن الغنائم على رسالة التبشير السلمي بالدين الجديد.

-       سافر الأوروبيون من أسبانيا بحثًا عن طريقٍ تجاريٍّ جديدٍ للهند (عوض طريق الحرير المراقَب من قِبل المسلمين)، فاكتشفوا أمريكا واحتلوا أراضٍ وأبادوا شعوبًا وهدَموا حضاراتٍ (1492) وأسسوا دولاً "متحضرةً متطورةً"، سمّوا أهمها "أمريكا الشمالية"، وما زالت تُسمّى كذلك وما زالت أيضًا دولةً "متحضرةً متطورةً"، ومن قوة تحضرها شنَّت على الدول الأخرى مائتَيْ حربٍ استباقية ظالمة وضربت اليابان بقنبلتين نوويتين فقتلت 150 ألف مدني بريء في يومٍ واحدٍ.

-       وجاءت المَكْنَنَةُ (La révolution industrielle) فبدا لنا أنها حررت العمال من عناء الأعمال كما توهّم ماركس. لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن: بفضل المَكْنَنَةُ استغل الرأسماليون العمالَ وعلى بؤسهم بنوا "مجدًا تليدًا" وطوروا "حضارةً غربيةً". 

-       ثم جاء المنقِذُ "المحايِدُ"، جاء العلمُ، أقبل البدرُ علينا، استبشرنا به خيرًا، صَدَمَنا "خيرُه" فوقع الطلاقُ بين الإنسانية وبينه إنشاءً ذاتَ صباحٍ، يوم 6 أوت 1945 في هيروشيما وناڤازاكي.

-       ثم هلت علينا الثورةُ الخضراءُ، قلنا ذهبَ الجوعُ دون رِجعةٍ لكنه لم يذهب بل استقر وعشّشَ وعَمَّ ومعه جاءنا التلوثُ بالأسمدةِ المصنعةِ مُرْفَقًا بالاحتكارِ وغلاء الأسعارِ.

-       وحقوق الإنسان يُمَكَّنُ منها اليهوديُّ المستعمِرُ ويُحرَم منها الفلسطينيُّ المستعمَرُ.

-       والعِلاجُ للأغنياءِ والألمُ للفقراءِ.

-       والبنوك صناديق يَملؤها غصبًا الفقراءُ ويُفرِغها تحيُّلاً الأغنياءُ.

-       الثورةُ شجرةٌ يزرعُها الشجعانُ الشرفاءُ ويجنِي ثمارَها الانتهازيونَ الجبناءُ.

-       الديمقراطية: يومٌ واحدٌ كل خمس سنوات فيه يصوتٌ للفقراءِ، وخمس سنوات متتالية سلطة كاملة للأغنياء.

 

خاتمة: ما بُنِيَ على باطل فهو باطلٌ باطلْ، طالَ الزمانُ أو قَصُرَ ! لهم المالُ والجاهْ ولم يبقَ لنا إلا وجه اللهْ. سيأتي يومٌ نعيدُ فيه أنسنة الإنسانية، وحتمية بيولوجيّة سوف يأتي أناسْ غير هؤلاء الناسْ، أناسْ "لن يركبَ فيهم الأقرع على الفرطاسْ"، بل سوف يتعاون الاثنان، يترافقان، ويبنيان حضارةً على مقاس الناسْ، كل الناسْ، دون تمييزٍ بين دياناتٍ أو إيديولوجياتٍ أو أجناسْ.

 

 


المسؤولون التونسيون والرد على مكالمات المواطنين ؟

 

كل المسؤولين التونسيين (الأصدقاء وغير الأصدقاء من مدير معهد إلى مدير إدارة إلا الحبيب دغيم، جاري ومندوب سابق للتعليم بولاية منوبة) وكل المصالح الإدراية التونسية العمومية والخاصة (اتحاد شغل، مندوبية، CNAM, STEG, SONEDE إلا SOS Dépannage) لا يردّون على المكالمات الهاتفية وكأن الهاتف خُلِق لأشياء أخرى غير تسهيل قضاء المصالح واختصار المسافات.

اليوم اتصلتُ هاتفيا بسفارة فنلندا ومن أول رنة جاءني الرد. خاطبتني امرأة بلطف وأدب وأوصلتني بالملحقة الثقافية تلبية لرغبتي. كلّمتني الملحقة الثقافية وقالت لي إن رسالتي الألكترونية "إمايل" الموجهة للسفير منذ يوم وصلتْ وتتشرف بما ورد فيها وهي بصدد دراسة مطلبي الذي يتلخص في استدعائها هي شخصيا لإلقاء محاضرة حول النظام التربوي الفنلندي الناجح في مقر الاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس. وعدتني بجواب ولكنها لم تحضر.

حمام الشط، الثلاثاء 5 أفريل 2016.


 

كلما تهرّب أحدهم من دفع الضرائب إلا وسقطَ سقفٌ في مدرسة أو ظهرت حُفرٌ في الطريق أو نقصَ سريرٌ في مستشفى. (كاريكاتور مستوحَى من كاريكاتور في أخبار فرانس 24 حول فضيحة أوراق بنما)

 

-       عام 2009 تهرّب جل تجار الجملة التونسيين من دفع ما عليهم من ضرائب فأغلِق الخط الحديدي الرابط بين ڤفصة وتوزر وعام 2010 وقعت نفس الغلطة فانقطع الخط الحديدي الرابط بين تونس وطبرقة.

-       عام 2011 تهرّب جل المحامين التونسيين من دفع ما عليهم من ضرائب فتهشمت جل نوافذ قاعات مدارس معتمدية جدليان وتعطلت أقفال أبوابها وعام 2012 وقع نفس الشيء في معتمدية الحْفَيْ.

-       عام 2013 تهرّب جل الأطباء التونسيين الخواص من دفع ما عليهم من ضرائب فخُرِبت جل طرق معتمدية البير لَحمر وعام 2014 وقعت نفس المصيبة في معتمدية القصيبة.

-       عام 2015 تهرّب جل المهندسين التونسيين الخواص من دفع ما عليهم من ضرائب ففٌقِد نصف الدواء في  جل مستوصفات معتمدية دوز الغربي وعام 2016 وقعت نفس الكارثة في معتمدية الشوارفة.

-       عام 2020 سيتهرّب جل الصناعيين التونسيين من دفع ما عليهم من ضرائب وستُغلَق في تونس جل المدارس والمستشفيات وعام 2021 لو أعادوا الكَرّة فسأخسرُ أنا مرتب التقاعد هذه المرة.

-       جلنا أنانيون وغير الأناني فينا نتهكّم منه ونُحبِطه !

-       قال تعالى: " وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا". حسب تأويلي الحر: الفجور هو الأنانية، والتقوى هي الاستقامة ونكران الذات وإيثار الآخر. الآخر هو المختلف عنا جنسا أو لونا أو عرقا أو دينا أو فكرا أو ثقافة أو إيديولوجيا أو تاريخا أو جغرافيا. يبدو لي أن قدرَنا هو أن نحب هذا الآخر. ولو لم نحبه فكيف سنهديه أفضل ما عندنا: كنوز تراثنا المتمثلة في ديننا وفكرنا ومنطقنا وقِيمنا وتراثنا وتاريخنا وكرمنا وتقوانا. وهل تُقدَّم الهدايا لغير الأحبة ؟ ألَمْ يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". أخوه في الإنسانية، ملحدا كان أو لاأدريا أو يهوديا أو نصرانيا أو بهائيا أو بوذيا أو هندوسيا.

-              أما نحن اليوم معشر التونسيين، فعِوض أن ننهي عن المنكر، ترانا نحارب المعروف بنصائحنا العجيبة المتداولة باللغة الدارجة وكل إناء بما فيه يرشح: "ابعِدْ عَالشَّرْ وغَنِّيلُو".. "أخْطَأ رأسي واضربْ".. "سَيّبْ عْلِيكْ".. "آشْ إهِمِّكْ".. "آشْ لَزِّكْ".. "آشْ دَخِّلِكْ".. "تِلْهَى في حْوايْجَكْ".. "قِيمْ الفرضْ وانڤب لَرْضْ".. "عامِلْ فيها مُصلح اجتماعي"..، إلخ.

-       "إيه يا سيدي عامِلْ فيها مُصلح اجتماعي" ! ألم يأمرنا القرآن الكريم: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ".

-       أكاد أقسم بالله أنه لا توجد أمّة في التاريخ تصلي خمس مرات في اليوم وتذكر كلام الله وتتذكره أكثر من أمة المسلمين، وفي نفس الوقت والله لا توجد أمة في التاريخ لا تخاف ربها ولا تخشاه في سرّها وعلنها أكثر من أمة المسلمين المعاصِرة !

-       أمّة لم تبدع ولم تنجح إلا في محاربة النجاح رغم قلة تواجده فيها منذ عشرة قرون. تحارب أصحابه على ندرتهم وتتهكم من نجاحاتهم وتقلل من شأنها. وفي المقابل تتستر على الفاسد وتحميه تحت غطاء القبلية والعروشية.

-       أمّة لا تحاول أبدا تغيير ما اعتراها من وهن بل تقعد عن العمل وتمجد الكسل وتنتظر تغييرا قد يأتي وقد لا يأتي من السماء ولله في حكمته شؤون، سبحانه يَسأل ولا يُسأل، يُحاسِب ولا يُحاسَب، ناسية أو متناسية قوله تعالى: "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

-       الألمان غيّروا ما بأنفسهم بعد الحرب العالمية الثانية وكذلك فعل اليابانيون فغيّر الله ما بهم ورفعهم إلى أفضل الشعوب والدول دون أن يطلقوا رصاصة واحدة ضد أعدائهم بعد الهزيمة أما نحن فما زلنا في مكاننا قابعين وللرصاص ضد أنفسنا مُطلقين وللقدر دون عملٍ مستسلمين. نسأل الله العاقبة للأمة جمعاء ḷ


 

ماذا دهانا ؟

 

الخبر (TV SCIENCE & VIE, le 2\03\2016):

قرية في اليابان: لاحظ العلماء أن كثيرا من سكانها يعمِّرون أكثر من مائة سنة وفي صحة جيدة أيضاً. سألوهم عن سبب ارتفاع متوسط العمر المتوقع عندهم (espérance de vie) ؟ فأجابوا: "نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع، ونعتمد في أكلنا على الخضروات والغلال والسمك أكثر من لحم البقر والضأن". انطلَق البحث العلمي من هذه الملاحظة وشرَع البحّاثة الغربيون في إجراء تجارب على أقرب الحيوانات للبشر (قرد صغير جدا في حجم فأر) من أجل إيجاد نظام غذائي قد يُعتمد في المستقبل ويُعمّم لرفع متوسط العمر المتوقع في العالَم أجمع.

التعليق:

هذه المقولة الرائعة "نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع" موجودة في تراثنا  وهنالك مَن ينسبها للرسول صلى الله عليه وسلم وهنالك مَن ينكر ذلك أما أنا فلا أرى مانعًا من نسبة كل جميل للجميل واستبعاد كل حديث لا يتماشى مع مقاصد القرآن السامية وأخلاق الرسول العالية حتى ولو دوّنه مسلم أو البخاري. يبدو لي أن النظام الغذائي المتّبَع من قِبل معمِّرِي القرية اليابانية هو شبيه بالنظام الغذائي المتوسِّطِي (Le régime méditerranéen) الذي كان سائدا عندنا في تونس الستينات حيث كنا نعتمد في غذائنا على البروتينات النباتية (فول، عدس، جلبانة، إلخ.) أكثر من الحيوانية (اللحوم الحمراء) والكثير من الخضروات والغلال. لكن رغم وجود هذه الكنوز في تراثنا العربي الإسلامي، فقد اكتفينا بترديدها دون تفعيلها ولم يلتفت لها علماؤنا ولم يبحثوا فيها. يوجد فينا مَن يجوع ولا يجد ما يأكل وفينا مَن يأكل ولا يشبع. لم نفلح إلا في التباهي المزيّف بالقول أن كل ما توصّل إليه الغرب من تقدم بالعلم والعمل هو موجود عندنا في قرآننا وسيرة رسولنا: فهمٌ خاطئٌ لنشأة العلم وتطوره، العالِم الغربي لم يرفع غطاءً فوجد تحته عِلمًا. العلم يا سادة يا كرام هو أعقد من هذا الفهم السطحي، العلم بحثٌ واجتهادٌ ومعاناةٌ ومراكمةٌ لتجارب مَن سبقونا وفشلٌ ونجاحٌ وخيبةٌ وأملٌ. ما توصّل إليه العلم في القرن 21 م لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتوصّل إليه علماء القرن السابع ميلادي في المدينة المنوّرة أو في أثينا، ومعرفة القرن 21 يستحيل التفكير فيها في عهد الرسول إلا عن طريق الوحي الإلهي وهو من خصائص الأنبياء دون سواهم.


 

ما هي مواصفات الفرد التونسي الذي أنتجه النمط الليبرالي خلال ستين سنة من الاستقلال ؟ فكرة ميشال أونفري، تَونسة مواطن العالَم

 

هجاء:

سليلُ ثلاثة آلاف سنة حضارة لكنه لقيطُ وليس ابناً شرعيّاً لهذه الحضارات، لا ابن الأمازيغ ولا الفينيقيين ولا الرومانيين ولا المسلمين الشرقيين أو الأتراك ! ليس بِـملحدٍ وليس بِـمسلِمٍ، متذبذب حتى في عقيدته. نصف جاهلٍ ونصفُ مثقفٍ. مغرورٌ محدودٌ. طيّعٌ لرئيسِه صلبٌ مع مرؤوسيه. ضعيفٌ مع الأشدّاء شديدٌ مع الضعفاء. خبيثٌ وخبثُه مكشوفٌ. يعبد الفلوسَ ولا يعصَى لها أمرًا فإن لم تكن بين يديه فهو يعرف أقصرَ الطرقِ للوصول إليها. عاشقٌ للحيلة وتاركٌ للفضيلة. منافقٌ من الطراز الرفيع، ينافقُ حتى أمَّه وأباه. دعيٌّ مختصٌّ في التفاهات والأفكار البتراء وحب الذات الصغيرة. أناني حتى النخاع. مستهلك للأساطير والخرافات. سلفي لا يشبه السلف الصالح إلا في كثافة لِحِيِّهم وطول جلابيبهم. غدّارٌ لم تغير من قِيَمِه السوقية ثورةٌ بأكملها. غيرُ مهذبٍ. غيرُ قارئٍ. قصيرُ الذاكرةِ. مُنبتٌّ يرى نفسَه أكثر أصالةً من أصلِه. يتكلم عدة لغات ولا يتقن حتى لغته الأم. لديه قابليةٌ سريعةٌ للرشوة والارتشاء في آن. ضد العنصرية في الخارج وعنصري في تونس. مع المرأة في المقهى وضدها في المنزل. يحترم أمه ويحتقر أم أولاده. انتهازيٌّ بامتياز. ثوريُّ الخطابِ رجعِيُّ الفعلِ تافهٌ !

يبدو لي أن هذا النوع من البشرِ التونسي لا يحتاج إلى مخ يفكر به، فنخاعٌ شوكيٌّ يكفيه لقضاء حاجاته الحيوانية، دون تعميمٍ على كل التونسيين، فالشرفاء موجودون حتى وإن كانوا قلة قليلة.


 

ماذا تُخفِي أسطورة "التوافق" وماذا تخفي أسطورة "النضال" ؟


توافقٌ يخفي تناحرًا. ضبابٌ يخفي تجاذبات سياسية وصراعات إيديولوجية. قبلاتٌ تخفي حقدًا تاريخيًّا دفينًا. تقيةٌ تخفي ما في الصدور. سفينة نوح جمعت الضد مع ضده خوفًا من الغرق. لقاءٌ يخفي إقصاءً. شعاراتٌ برّاقةٌ وما خفي كان أعظم. حقائبٌ سيميائية تضم مفاهيمًا ساميةً، مفاهيمٌ فقدت مضمونَها في تونس "العزيزة" مثل: المصلحة العامة، الوطنية، مكافحة الفساد، الإسلام الديمقراطي، اليسار الديمقراطي، حرية التعبير، حرية الضمير، حرية المرأة، التضحية، إصلاح التعليم، الحوكمة الرشيدة، الدفاع عن المدرسة العمومية، إلخ.

يا أخي كُنْ كما شئتَ، أرجوك فقط لا تكذب على الخلق ولا تدّعِي ما ليس فيكَ. والله ما شوّه الإسلامَ إلا أشدُّ المدافعين عنه، وما مَيَّعَ حقوقَ الإنسان إلا الحقوقيون أنفسُهم، وما "شلّكَ" اليسارَ إلا المناضلون اليساريون، وما دجّن الاتحادَ إلا النقابيون المحترفون، وما ذيّل القضاءَ إلا القضاةُ المرتشون، وما رذّل المحاماةَ إلا المحامون الذين هم للقضاة راشون ومن الحرفاء مرتشون، وما أفسد التعليمَ العموميَّ إلا المسؤولون النقابيون والمدرسون المقاولون من الأساتذة والمعلمين، وما أفلس الشركات العمومية إلا عمالُها وموظفوها المتكاسلون، وما كرّه الناسَ في السياسة والسياسيين إلا الأحزابُ ومنتموهم الانتهازيون، وما أطاحَ بهيبة الدولة إلا مواطنيها الذين هم على القانون خارجون ومن الفوضى يشتكون ويتذمّرون، وما صغّر كبارَ القوم إلا أرذالُه، وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل !

أما المثقفون النقاد غير المؤهلين بالضرورة لتقديم البديل، القانعون بفقرهم  من أمثالي فأنتم مَن سمّاهم "الجالسون على الربوة" -وما أحلى الجلوسَ عليها رغم صعوبة الصعود إليها- فهم الفرقة الناجية من وَحَلِ الواقع المعيش، رجاءً اتركوهم وشأنهم يرحمكم الله، إنهم والله أعفُّ الناس.

 

Mes trois principales règles déontologiques

- Au moment d’écrire un article, je me demande s’il se trouve à ma connaissance, un seul homme honnête qui puisse être froissé par ce que je vais écrire.

- Pour l’auteur, il ne s’agit pas de convaincre par des arguments ou des faits, mais, plus modestement, d’inviter à essayer autre chose.

- À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence.




 

مجتمعُنا التونسيُّ مجتمعٌ غريبُ الأطوارِ، مجتمعٌ يتعايشُ دون مبالاة مع مجموعةٍ من المتناقضات: أهي نقطةُ ضعفه أم نقطةُ قوته ؟ 

 

هجاء:

-       الصدقُ من قِيَمِهِ المفضلة، والكذبُ عنده في المصالح جائزٌ.

-       يكرّمُ المرأةَ في كُتُبِه الدينية والإيديولوجية، ويتجاهلُ حقوقَها في حياته اليومية.

-       يغفرُ لسارقِ المال العامْ إذا كان من قبيلته، والسرقةُ في دينه حرامْ.

-       القمامة في كل مكانْ، والنظافة في دينه من الإيمانْ.

-       التكاسُلُ في عُرفه عادَةٌ، والعملُ في دينه عبادَةٌ.

-       دارُه مرتبَةٌ وأفكاره مبعثرَة.

-       يُنصتُ بأدبٍ للمثقف، وفي نفس الوقت يوقّرُ الغني الجاهلَ.

-       في مقاهيهِ المديرُ العامْ يجالسُ الخدامْ، وفي مكاتبِ إداراتِهِ الحاجبُ لا يحترم إلا أصحاب المقامْ.

-       في جوامعهِ، الأقلُّ علمًا يعِظُ الأكثرَ علمًا.

-       في معاهدِهِ النموذجيةِ وكلياتِهِ العلميةِ، يُكوّنُ الأطباءَ والمهندسينَ ويضطرّهم إلى الهجرةِ إلى أوروبا الغربيةِ والدولِ الخليجيةِ.

-       يَعيشُ فيه الشيوعيُّ بسلامْ، ويُصدّرُ إلى سوريا أكبر عدد من الدواعش.

-       يتهافتُ على الدروس الخصوصية، ويرفع شعار "تقرأ وَلاَّ ما تقراشْ، المستقبل مثمّاشْ".

-       يصلّي خمس مرات في اليوم الواحد ولا يجتنب المنكرات إل ما رحم ربي.

-       كل ما حوله ومن صُنعِهِ خالٍ من الجمالِ، مع أن الله جميل يحبُّ الجمالَ.

-       أنانيٌّ قَلوقٌ، رغم أن الله أوصاهُ بالصبرِ والمرحمةِ.

-       عند الشدائدِ يلتجئ لعَلمانيةِ الغربِ، وعند الانفراجِ يُكفّرُ عَلمانيةَ الغربِ.

-       يستفيدُ من علمِ الغربِ ويتمتعُ بِتكنولوجيتِهِ ، ويسبُّ فلسفةَ الغربِ التي أنتجت علمَ الغربِ.

-       فرّطَ في بُذوره الأصليةِ المتأقلمةِ مع بيئتِهِ المحليةِ، واستوردَ بالعملةِ الصعبةِ بذورًا هجينةَ. 

-       يُصدّرُ زيتَ الزيتونِ والتُمورَ، غذاءُ الفقراءِ، ويستوردُ السياراتَ الفاخرةِ وموادَّ التجميلِ للأغنياءِ.

-       تخلى عن نظامِه الغذائي المتوسطيِّ الصحيِّ، وبدّله بنظامٍ غذائيٍّ غربِيٍّ جالِبٍ لأمراضِ القلبِ والشرايينِ.

-       يبالِغُ في التحدُّثِ باسمِ الأخلاقِ ولا يُطبِّقُ القانونَ، وهو لا يعِي أن الثاني يَحمِي الأولَ.

-       يُمجِّدُ الأفوار (L`avoir) ولا يُثمّنُ السافوار (Le savoir)، وهو لا يعِي أن الثاني يُولِّدُ الأولَ.

 

خاتمة: المجتمعُ التونسيُّ بصفة عامة، مجتمَعٌ مسلِمٌ لكنه مستسلِمٌ لأهوائِه وغرائزِه.


 

مواقف سياسية شخصية لم أكن أجرؤ على نشرها "خَوفًا" من استياءِ بعض أصدقائي الستالينيين !

 

1.   موقف من مظاهرة الهاشمي الحامدي باعث تيار المحبة بِغَضِّ النظر عن تاريخه مع بن علي وخلفياته ونواياه السياسية التي قد تكون ديماغوجية وانتهازية:

يبدو لي أن مطالبه الاجتماعية معقولة وهي حسب اجتهادي تصبُّ في صالح الفقراء والمعطَّلين عن العمل، مثل: منحة بطالة على شرط أن تكون وقتية ولا تعوّض العمل الدائم. بطاقة علاج لكل مَن لا يقدر على الانخراط في الضمان ضد المرض (CNAM) وخاصة المزمن منه (APCI). مجانية التنقل في وسائل النقل العمومي لكل تونسي تجاوز سن 65. أنني أرى مثله أن الدولة قادرة على تلبية هذه المطالب خاصة ونحن نراها تُبعثِر المليارات على الأغنياء ولا تطلب حق الشعب من المتهربين من الضرائب أمثال رجال الأعمال وأصحاب المهن الحرة والتجارة الموازية. نزلتُ إلى مظاهرته في شارع بورقيبة بالعاصمة يوم 12 أكتوبر 2015 على الساعة 15 و30 والمظاهرة بدأت على الساعة 14، وصلتُ متأخرًا فلم أجد إلا العشرات من المتعاطفين قُبالَة المسرح البلدي.

2.   موقف من رَمْيِ التمورِ في الشارع (نوع دڤلة كانت أو كِنْتَة) احتجاجا على انخفاض ثمنها نتيجة الاحتكار:

دون مجاملة أو مواربة أو مخاتلة، أنا لا أدين طريقتهم في الاحتجاج، ففلاحو ڤبلي أوعَى وأدرَى وأقدَر مني ألف مرة على استنباط حلول لمشاكلهم بأنفسهم. لستُ واعِظًا دينيا إسلاميا لهم وإنما أريد أن أعبِّر عن رأي شخصي مخالِف، رأيٌ مَبنيٌّ على عِلم البيئة (Environnement ou Ecologie) ولمَن نسيَ أو تناسَى فللعِلمِ أيضا سُلّم أخلاقيات إنسانية راقية ونبيلة حِيالَ مثل هذه الطرُق في الاحتجاج (مثل رمي التفاح في أوروبا أو سكب الحليب على الأرض في الشمال الغربي، إلخ)، رأيي هذا رأيٌ قديم وسابِق لتاريخ إضرابهم العام يوم 5 نوفمبر 2015. الخلاصة: هم أحرار فيما يرَوْنه صالحا لهم ويخدم نضالَهم وأساندهم وأحيّيهم لكن لا أوافقهم وأنا حر في أن يكون لي رأي شخصي مخالِفٌ، رأيٌ لا يُلزمهم في شيء ولا يعطل نضالهم، لا من بعيد ولا من قريب. لستُ في حاجة إلى تذكير، أنا أعي جيدا أن "العافِس على الجمرة" ليس كالمتفرّج.  ختامًا أحترمهم وأشدّ على أياديهم والدڤلة دڤلتهم يفعلون بها ما يشاؤون ! أنا أحترمهم كبشر أحرار ولو كنت لا أوافقهم في طريقة احتجاجهم لذلك أطلب المعاملة بالمِثل وهذا حقي الذي لا ولن أتنازل عنه ولا ولن يقدر أن يسلبه مني أحد واعلموا أنني لا ولن أستجدي مزية من أحدٍ.

3.   موقف مما يحدث بـجامع اللخمي في صفاقس:

لا أساند ولا أدين الوزير بَطيخ ولا الإمام الجوادي وذلك لِـنَقْصٍ لديَّ في الإلمام بالمسألة إعلاميا وخاصة فقهيا. وبصفتي أنتمي فكريًّا وليس تنظيميًّا إلى التيار اليساري العَلماني، ألوم بشدة على الجوادي شَتْمَه في الجامع لليساريين والعَلمانيين لو صحّت الاتهامات ضده (الفيديوهات التي تابعتها في التلفزة والفيسبوك لم تكن واضحة الصوت). لكنني أرى أنه لا يجوز ديمقراطيا فرض إمام على المُصَلِّين في جامع اللخمي في صفاقس ولو بحجة هيبة الدولة وتطبيق القانون، وانطلاقا من الدستور أرى أنه من حق الإمام في الجامع الخوض في الشأن العام (هو بالضبط تعريف مفهوم السياسة) مع المُصلين دون توجيههم حزبيا أو الدعاء لـتيار سياسي بعينه (أقصد هنا التيار الإسلامي) أو الدعاء على تيار مخالف لتياره (أقصد هنا التيار اليساري والتيار العلماني) وهو حر خارج الجامع يعبر عن رأيه في الأحزاب كما يشاء ولو كنتُ أفضّل بصراحة أن لا يُنتدب لهذه الرسالة الإسلامية الأخلاقية إلا المستقلون حزبيا إذ لا وجودَ لمستقلين سياسيا.

4.   ملاحظة عابرة:

في هذه العاصفة السياسية التي يمر بها حزب نداء تونس، يتراءى لي أن لسان حال الغنوشي يترنم ويقول: "امطِري حيث شئت فخراجُكِ لي". يبدو لي، والله والأمريكان أعلم، أن خراج سحابة الانشقاقات الحزبية داخل النداء واليسار والقوميين والدساترة والتجمعيين قد يرجع كله أو جله بالفائدة على حزب حركة النهضة.

معنى كلمة "كشكار":

"كشكار دائم ولا علامة مقطوعة" (مَثل متداوَل في مصر منذ سبعة قرون). تفسيره: الكشكار هو الدقيق الخشن الذي يقدر على شرائه الفقراء، والعلامة هي الدقيق المكرَّر الذي لا يقدر على شرائه الفقراء. يشرِّفني أن تكون مقالاتي الفيسبوكية غذاءً فكريّا في متناول الفقراء.

حمام الشط، الأربعاء  11 نوفمبر 2015.

 

 


Haut du formulaire

تطبيق أحكام الشريعة أو المساواة الحداثية في تقسيم الإرث بين المرأة والرجل ؟

 

أمي، يامْنة بنت احْمِدْ، رحلت سنة 1993 ولم تترك لنا شيئًا، ما عدى ذكراها العطِرة. وما أبهاها من ذكرى، وما أعذبها ! وهل ملكت أمي شيئًا في حياتها حتى تورِّثه لنا بعد مماتها ؟ ملكت قلوبَنا، والقلوبُ عادةً لا تُورَّث (إلا في حالات التبرع بالأعضاء، قلبٌ سليمٌ مات صاحبه للتو، يرثه مريضٌ ينتظر الفرجَ). تركتْ لنا كنزًا من الحنان، حنانٌ لو قُسِّم على الخليقة بالتساوي لكفاها جميعًا، أما الإرث المادي فقد تركتْ لنا منه صِفرًا، والصفرُ عددٌ لا يُقسَّم بالشرع ولا بالحداثة !

المعذرة... نسيتُ... ماذا نسيتُ ؟ أمي تركتْ كنزًا ! لا أسخرُ ! حاشا أن أسخرَ من أمي، تاجُ رأسي والمُضحِّيةُ من أجلي وإخوتي وأخواتي بعد فقدان أبي وأنا في الخامسة عشرة من عمري. قبل وفاتها، أوصت بتقسيم كنزِها بالتساوي بين جارتَيها. كنزُها يتمثل في أربعة أوتادٍ حديديةٍ للمنسج، (وهذا هو كل ما ورثت عن والدَيها) و"عَدِيلة" (قفة كبيرة من الحلفاء). بالأوتادٍ الأربع، كانت أمي تحضّر الغزلَ لـ"مِنسِجْها" لصنع الحولِي (برنس الليبيين، أبيعه أنا في سوڤ الخميس بدوز بثمانية دنانير قي الستينات من القرن 20). هذا النشاط كان مصدر رزقها ورزق الباقين في الدار (ثلاثة أولاد تلامذة وأخت ضريرة) على مدى عقدَين من الزمن الصعب، كان عصرًا جميلاً بوجودِها. أما "العديلة" فكانت تجلبُ فيها العشبَ الأخضرَ لـ"شويهاتها" الخَمس. أوصت بالأوتادِ الأربعة لجارتها على اليمين، للت الزينة بنت غنوة، و"العديلة" لجارتها على اليسار، للت امْنِي بنت احْمِدْ.

أما أبي، بَايْ زمانه، فقد رحل سنة 1967 وترك لنا من الإرث المادي (حوش عربي آيل للسقوط، وعشرون نخلة وأتانًا عجوزًا). فهل هذا الإرثُ قابلٌ للقسمة ؟

خاتمة: علامَ تتخاصمون أيها المشرِّعون ؟ الفقراء لا إرث لهم أما الأغنياءُ، فثروتهم عادةً ما يكون مصدرُها الاستغلال، والاستغلالُ حرامٌ شرعًا وممنوع قانونًا. وهل يجوز تقسيمُ المال الحرامِ ؟

 


هل يحق للمفَقَّرين من المهمَّشين والمعطلين عن العمل أن يمارسوا حقهم الطبيعي في افتكاك قُوتِهم بالعنف ؟

 

هم افتكوه في تالة والڤصرين وسيدي بوزيد وحي التضامن وانتهى. لم ينتظروا رأي المثقفين ولا رأيي في الموضوع. والمثقف حسب رأيي لم ينصِّب يومًا نفسه وصيًّا عليهم ولا واعظًا لهم لأنه ببساطة مهمش مثلهم وخاصة إن كان من صِنف المثقفين الفقراء المهمّشين أمثالي.

لا يوجد عندنا في تونس طبقة بورجوازية ولا طبقة بروليتارية ولا طبقة متوسطة، لأن الطبقة تُعرّف بوعيها الطبقي ونحن-والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه- لا وجود لوعي طبقي عند أغنيائنا ولا عند متوسطي الحال منّا ولا عند عمالنا. عندنا أغنياء (رجال الأعمال والتجار الكبار، إلخ.) وفقراء (العمال بالفكر والساعد في القطاع العام والخاص والمعطلين عن العمل) وبينهما متوسطو الحال من أصحاب المهن الحرة (محامون، أطباء ومهندسون خواص، إلخ.) ومن خدمِ السلطان الكبار (نواب ومديرون ومديرون عامون وقضاة، إلخ.).

يبدو لي أنه لا يحق أخلاقيا لسارق كبير أن يلوم سارقا صغيرًا على ما سرق. أغنياؤنا جلهم فاسدون راشون ومرتشون. أما أنا وأمثالي الفقراء فلسنا سُرّاقًا والحمد لله ولا فُسّادًا ولا راشين ولا مرتشين. أنا فقير مثل فقراء تالة والڤصرين فمن حقي إذن أن أبدِي رأيي في إخواني بمحبة ولطف ومودة دون خلفيات ولا عُقَد وأقول الآتي:

-  بعض المناضلين السياسيين الماركسيين التونسيين (لا أشك في أهدافهم النبيلة لكنني أشك ثم أشك في وسائلهم لتحقيقها) يقولون في الفيسبوك: "ليس للعمال ما يخسرون سوى أغلالهم". لا يا أسيادي النزهاء الصادقون، فلو قامت حربٌ أهلية-لا قدّر الله-فسيخسر العمال حياتهم وحياة أبنائهم وانظروا وعُوا وإذا وعيتم فاتعظوا، انظروا إلى الحروب الأهلية في سوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال والسودان. مَن مات فيها يا تُرى ؟ مات الفقراء منّا بالملايين، هم وقود الحرب والخاسر الوحيد فيها. تمعّنوا في نوعية المهاجرين العرب إلى أوروبا، هم متوسطو الحال (أطباء ومهندسون، إلخ.) الذين يقدَرون على دفع مبلغ 15 ألف أورو (ما يفوق 45 ألف دينار تونسي) للمهرّبين المحترِفين، أما أغنياء سوريا فلم يمسَسْهم سوءٌ، فقط غيّروا مكان إقامتهم وسوق تجارتهم من سوريا إلى تركيا والأردن والإمارات وهم مرحَّبٌ بهم في "بلدهم التاني". مَن خسر إذن، الفقراء أم الأغنياء ؟ أنا يا أسيادي فقيرٌ وعندي ما أخاف عليه، أخاف أن أخسر عملي أو مرتبي أو حريتي أو كرامتي أو رجولتي أو سلامتي الجسدية أو زوجتي أو أحد أبنائي أو ابنتي (من ألطاف الله أن ابنتي الوحيدة عبير تُقيم خارج أرض المسلمين، تعيش في كندا مع حفيدتي سلمى) أو أحد إخوتي أو إحدى أخواتي أو أحد أقاربي أو إحدى قريباتي أو أحد جيراني أو إحدى جاراتي أو أحد أصدقائي أو إحدى صديقاتي أو بيتي أو حاسوبي أو فيسبوكي أو كتبي أو مقهايَ أو عَطّارِي وهم أغلى عندي من ثروات الأغنياء مجمّعة، فإن خسرتُ واحدا منهم فكأنني خسرتُ الدنيا جميعا، أخاف من الحرب الأهلية، والله أخاف، بصدقٍ أخاف، فكيف أحرّض عليها أحبابي وأحباب الله الفقراء ! لا وربّ الكعبة، لا وألف لا، فما لا أرتضيه لنفسي لا ولن أرتضيه لغيري. "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ 14 قرنًا.

أما الحق الطبيعي -ولأنه طبيعي- فهو أقرب للحيوانية منه للإنسانية، لذالك أرى عكس ما يراه بعض الآخرين، أرى أنه من مصلحتنا وواجبنا أن نتخلى عنه نهائيا لفائدة عقد اجتماعي (Le contrat social de Rousseau)  ولفائدة ديمقراطية اجتماعية تشاركية (La démocratie sociale et

participative)      على النمط الديمقراطي-الاشتراكي الأسكندنافي حيث المواطن والمسؤول السياسي يخافان ربهما بالفعل لا بالقول (عكس ما هو سائد عندنا). وإن أصررتم وألححتم على افتكاك قُوتِكم بالعنف ونهبتم مؤسساتكم وأسقطتم أسُسَ دولتكم فلن تجدوا مُشغِّلا يشغلكم ولا معلّمًا يعلّم أولادَكم ولا طبيبًا يداويكم ولا مستشفى يعالج مرضاكم أو سْتَاڤًا (STEG) تُضوّيكم أو سونادًا (SONEDE) تَسقيكم، بل ستجدون خلفكم وأمامكم، أمراء حربٍ بالسلاح يسوسونكم وبالنعال يدوسونكم . "خافوا على بلدكم يا مصريين"، قالها الفاشي السيسي زورًا وبُهتانَا، أما أنا فأقولها حبًّا وعِرفانَا، حبًّا لأهلي التْوانْسَه جملة وتفصيلا وعِرفانَا بالجميل لوطنٍ ليس لي ولا أريدُ أن يكون لي وطنٌ غيره.

لو تحاربنا -لا قدّر الله- وقتل الواحدُ منّا ابنَ فصيلته الإنسان، لَنزلنا تحت الحيوانية درجات وقامت الحربُ العمياءُ، حربُ الكُلِّ ضد الكُلِّ، حربٌ لا تفرّق بين العامل ورجل الأعمال ولا بين الحاكم والمحكوم ولا بين المسلم والكافر. هل تعلمون يا سادتي يا كرام أن الحيوانَ لا يفترس ابن فصيلَتِه  إلا نادرًا ؟ هل رأيتم يومًا أسدًا يفترس أسدًا أو غزالة تقضم غزالة أو نباتا أخضر يتغذى من نباتٍ أخضر مثله ؟ أنا لم أرَ ! فالأسد إذن يمتلك وعيًا غريزيا بفصيلته (La conscience de l`espèce) . أليسَ الحيوانُ أفضلَ من بعض بني الإنسان ؟ الإنسانِ الذي لا يمتلك وعيًا غريزيا بفصيلته هو مثل من العامل الذي لا يمتلك وعيًا طبقيًّا بطبقته !

 


 

وددتُ لو تعددت العواصمُ في كل دولة ؟ مواطن العالَم، ريفي النشأة والعقلية مقيم في العاصمة

 

ماذا يوجد في العاصمة الفريدة ؟

توجد فيها السلطة ويتجمع فيها نوابُ الشعب لتمرير قوانين أغلبها يخدم شركاءهم في الحكم وبعضها يجازي لوبيات الفساد على كرمِها معهم وقليل منها يلبّي مطالب الشعب، طبعًا دون تعميمٍ ظالِمٍ وغير علمي. تجمّعٌ يسهل التأثير عليه واستمالته بالمال أو بالإعلام أو بالوعد بمنصبٍ عالٍ في الحكومة. سندهم الوحيد الذي يتكئون عليه يتمثل في انتخابهم عبر الديمقراطية غير المباشرة لمونتسكيو ناسين أو متناسين أن الديمقراطية المباشرة لروسّو تكمل الأولى وتُجمّلها وتهذبها وتعيد أنسنتها على حد قول إدڤار موران، فيلسوف الإنسانية.

وتستقر في العاصمة كل الوزارات وجميع المقرات الرئيسية للشركات الكبرى ومن مينائها، رادس، يمر ثلثا السلع المهرّبة.

وتستفرد بأكبر التظاهرات الثقافية والمهرجانات الغنائية.

وتعشش فيها أوكار المخابرات، ومن كثرة حرصها عل تجميع كل المصالح العليا في مدينة واحدة تسهّل على المسؤولين مهامهم وتريحهم من عناء التنقل بين المدن حتى لا ينكشف أمرهم. أما راحة المواطن الذي يتنقل من ڤبلي (تبعد عن العاصمة 500 كم) لاستخراج وثيقة إدارية، فاسأل عنها نواب ڤبلي.

فالعاصمة تأكل الغلة وتحتقر العامل الفلاحي الريفي الذي أنتجها وتستهزئ من لهجته في مسلسلاتها التلفزية.

ماذا يوجد في المدن الأخرى ؟

يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر: في مدينة دوز (تبعد عن العاصمة 530 كم) يوجد نشاط ثقافي جمعياتي نسائي نفتقده نحن سكّان مدينة حمام الشط. في مدينة جمنة توجد تجربة اقتصاد اجتماعي تضامني لا توجد مثلها أو حتى أقل منها في العاصمة.

جل المصانع الكيميائية أبعِدت عن العاصمة ولا يهم الطبقة الحاكمة إذا مات خليج ڤابس محضنة سمك البحر الأبيض المتوسط وعش صغاره (La pépinière des alevins) أو تَلوَّثَ جو صفاقس وشاطئها.

تعليق:

حتى ولو تميزت كل الدول بعاصمة واحدة، فلماذا لا نكون السبّاقين في تعدد العواصم ؟

ما ضرّ لو طُبِّق التمييز الإيجابي في هذا المضمار وتعددت العواصم واقتربت السلطة من المواطن حتى تَسْهُلَ عليه مراقبتها ويقل تعرّضُ ممثليها للفساد ويصعب على الجواسيس والسفراء التأثير على قراراتهم السيادية.

لماذا لا تستقر وزارة الثقافة في الكاف مثلا ووزارة الشؤون الدينية في القيروان ووزارة الطاقة في ڤفصة ووزارة الاقتصاد في صفاقس ووزارة البيئة في ڤابس، ووزارة السياحة في جربة، إلخ ؟

لماذا لا يُوزَّع نشاط التصدير والتوريد البحري بالتساوي على عدة موانئ مثل ميناء صفاقس وڤابس وجرجيس ؟

خاتمة: أيها المسؤولون خطِّطوا للمستقبل وإلا سيتجاوزكم الزمن كما تجاوز مَن سبقكم رغم قبضته الحديدية (بن علي). المستقبل ملكٌ للأجيال الصاعدة والقادمة، ومَن يرفض التأقلم معه سينقرض، فالعلم والتكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة حتمًا ستهزمكم عاجلاً وليس آجلا، فلا تهنؤوا في عاصمتكم الوسخة الباهتة ولا تتباهوا علينا وتفتخروا بانتهازيتكم وتفاهتكم في بلاتوهات تلفزاتكم السخيفة.

إمضائي

"عَلَى كل خطابٍ سيئٍ نردّ بِخطابٍ جيدٍ، لا بِالعنفِ اللفظِي" (مواطن العالَم)

وَ"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

 




 

"ربي يعرف آش يعمل" ؟

 

"ربي يعرف آش يعمل"، جملةٌ قصيرةٌ مقتضبةٌ، وصلت أذنيّ غصبًا عني، سمعتها البارحة، الأحد، على الساعة السادسة صباحًا في طبرقة وأنا جالس وحدي في المقهى قبل الرجوع إلى تونس بعد المشاركة في حفل أربعينية أخي المناضل صالح كشكار. قالها فلاح (ظاهر من لباسه القريب من التقليدي) ردًّا على التعليق التالي لجليسه الفلاح حول هطول المطر مدرارًا يوم السبت بطبرقة: "هالعارِض هظايا باش يهلك الزرع".

حوارهما أوحى إليّ بالمقال التالي:

صحيح وأكيد أن "ربي يعرف آش يعمل". ومَن سِواه أدرَى بما يفعل" ؟ معرفته بما يفعل، أفهمها أنا خلافًا لما يبدو أن  الفلاح، مستهلِك المسلّماتِ، قد فهمها. المسلّمات ("ربي يعرف آش يعمل") تَختزلُ الفكرة العميقة، والاختزالُ عادة ما يشوّه الأصلَ. أظن أنه قَيَّمَ قدرة الله بمدى تحكّمِه في الأضداد، أي يَهَبُ لنا الغيثَ والحجرَ، الصحةَ والسقمَ، الغِنَى والفقرَ، الفرحَ والحزنَ، الحياةَ والموتَ، الصبرَ والجزعَ، إلخ.

كغير مختص في علوم اللاهوت أقدّم لقرّائي الكرام وجهة نظري المتواضعة في الموضوع: كلامُ الفلاّحَين سليمٌ للغاية، لكنني سأضيف له ما جادت به قريحتي البسيطة: "هالعارِض هظايا باش يهلك الزرع" هو تقييمٌ واقعيٌّ لما تحدثه  الفياضانات من انجرافٍ للتربة الصالحة للزراعة.

"ربي يعرف آش يعمل": أولاً، هو إقرارٌ لا طائل من ورائه لأن الله أمرنا أن نسعى. ثانيًا، الله -سبحانه وتعالى- منحَ الحياةَ إلى جميع الكائنات الحية (إنسان، حيوان، نبات وفطريات)، أكرمَها وأصبغَ عليها صفة من صفاته، ألا وهي صفة الخلود كأنواع وليس كأفراد (Excepté les espèces disparues comme les dinosaures)، ميّزها عن مخلوقاته الأخرى (التي نسمّيها نحن "غير حية" إلى أن نكتشف ما يخالف ذلك) فمفهوم الحياة نفسه، يبدو أن العلماء قد تجاوزوه ولم يعد موضوع بحث في مخابرهم كما أكد ذلك العالِم البيولوجي هنري أتلان)، خلقَها من هباءةٍ (Une molécule d`ADN ou d’ARN هباءةٍ قادرةٍ على تجديدِ نفسِها بِنفسِها عن طريق التكاثر الجنسي واللاجنسي.

كل المخلوقات، منحَها الرزق السهل واستثني منها البشرَ فقط، لكنه في المقابل خصَّنا بما هو أفضل من الرزق السهل، ألا وهو آلة البحث عن الرزق الصعب، مخٍّ بمليون مليار وصلة عصبية (dix puissance quinze synapses). مخٌّ نستطيع بواسطته أن نتجنّب قدر المستطاع مضارّ الكوارث الطبيعية: نُقيمُ سدودًا صغيرةً حِفاظًا على التربة من الانجراف أو سدودًا كبيرةً لتجميع المياه واستعمالها للرّيّ، عوض الرضا السلبي بحكمةِ الأضداد الإلهية التي نجهلُ مكنونَها وهل هي أضداد فعلاً أو تبدو لنا كذلك، حكمةٍ لا يعلمُ مدلولَها الحقيقيَّ إلا هو سبحانه. نبقى نحن في مَنطِقِنا البشريِّ العقلانيِّ فهو مَنْطِقٌ واضحٌ، مَنْطِقٌ لا يحتملُ الأضداد (La rationalité a horreur des contradictions).

 


 

من سوء حظنا !

 

من سوء حظنا 1، مدرستنا تنفّر ولا تبشّر. ديمقراطيتنا تعطّل ولا تقدّم. الحرية عندنا تُستعمل في غير محلها. إيماننا هش. علمانيتنا كافرة.

من سوء حظنا 2، ديننا الإسلام وأخلاقنا جاهلية. جل مدرسينا وأطبائنا تجار وليسوا رسلا. مستشفياتنا مسكّنة وليس علاجية. جل حرفيينا غشاشون متحيلون.

من سوء حظنا 3، اليهودي يعتز بدينه قولا وفعلا، والمسلم يعتز بإسلامه قولا ويرذّله فعلا. "قتلتنا الردة أن الواحد منا يحمل في الداخل ضده".

من سوء حظنا 4، مسخَنا الغرب حتى هجرْنا قِيمنا السمحة وجمّدنا ضميرنا وتخلينا عن رسالتنا الحضارية فغلبنا الطمع وأصبح الجشع وحده معدننا.

من حسن حظنا 5، قرآننا ما زال فينا وذاكرتنا حية ولغتنا فصيحة ومجمِّعة وجل ثرواتنا ما زالت في باطن أرضنا وكفاءاتنا العلمية تضاهِي كفاءات الغرب.

نبينا صلى الله عليه وسلم، قال "من غشنا فليس منا" وجل سياسيينا وتجارنا وميكانيكيينا وأطبائنا ومدرّسينا ومثقفينا وحِرفيينا غشاشون ! فمن بقي اليوم منا أمينًا يا رسول الله ؟

يبدو أن فقرنا وتخلفنا هما عقوبة عادلة ونستحقها على جبننا وكذبنا وليس قدرا من السماء. المفارقة الكبرى أن جدودنا الأوائل لم يكونوا مثلنا بل كانوا شجعانًا وصادقينَ.


 

يبدو لي أن للمعرفةِ في حمام الشط أربعةُ مستويات

 

La connaissance est un processus et le savoir est un résultat.

1.   المستوى السلبي الأول (-2): وهي المعرفة التي يبثها المتحزبون الملتزمون والنقابيون المحترفون، من كل حدبٍ وصوبٍ، يساريون وقوميون وإسلاميون ودستوريون، بِهدف كسبِ المتعاطفين واستقطابِ المريدين ثم تأطيرهم وتأهيلهم (Embrigadement et Encadrement). وهي من أسوء أنواع المعرفة وأتفهها لأن القائمين عليها والمروّجين لها أشخاصٌ انتهازيون بمختلف إيديولوجياتهم والغايةُ عندهم تبرر الوسيلة، غاياتهم عادة نبيلة ووسائلهم غالبًا ما تكون رذيلة. من حسن حظنا أن عددهم قليلٌ في حمام الشط.

2.   المستوى السلبي الثاني (-1): وهي المعرفة التي يلوكها ويجترّها مَن لم يسعفهم الحظ في الالتحاق بالجامعة أو تخرجوا منها كما دخلوها ولم يمسسهم وهجُ نارِ المعرفةِ العلميةِ. وهي الدرجة الأولى في سلم المعرفة (Le sens commun ou le 1er degré de connaissance). تراهم يرددون الشعارات الجوفاء والكليشيهات المتكلّسة والقوالب الجاهزة. يتكلمون بلسان خشبي، يمتهنون الوعظَ والإرشادَ ولا يطبقون نصائحَهم على أنفسهم. لا يوظفون ولو ملّيمتر مكعّب واحد من المادة الشخمة  التي وهبهم إياها الله والطبيعة (La matière cérébrale grise).

إنه من سوء حظنا أن هؤلاء يمثلون الأغلبية الغالبة والسائدة بحمام الشط ونجدهم للأسف في كل الشرائح والطبقات، أغنياءٌ وفقراءٌ، شبابٌ وكهولٌ وشيوخٌ، مباشرون ومتقاعدون، موظفون ومِهن حرة، عاطلون وعمّال، رجالٌ ونساءٌ.

3.   المستوى الإيجابي الأول (+1): وهي المعرفة العلمية (Le savoir scientifique ou le 2ème degré de connaissance)، وهي حِكرٌ على أصحاب الشهائد الجامعية العليا (معلمون، أساتذة، مربون، أطباء، مهندسون، تقنيون سامون). لكنهم، كلهم أو جلهم كـ"الحمارِ يحملُ أسفارًا"، تعلموا علومًا في الجامعة وشرعوا يرددونها في كل المناسبات كالببغاوات دون توظيف إبستموليجياتها المختلفة (الإبستمولوجيا هي نقدُ المعرفةِ، اختصاصٌ لا نُدرّسه في جامعاتنا التونسية إلا في بعض الاختصاصات للأسف).

4.   المستوى الإيجابي الثاني، الأعلَى والأخير (+2): الفلسفة وهي أم المعارف أو حب الحكمة وليست الحكمة الكاملة التي لن يبلغها أحدٌ إلا الله سبحانه وتعالى. في الفلسفة يفكر الفرد بعقله ولا يكتفي بإعادة نشر الاستشهادات الانتهازية (Les citations opportunistes) أو تلاوة ما حفظه دون تَرَوٍّ في كتبِ المفسرين ورجال الدين والمفكرين والعلماء والمؤرخين.

للأسف الشديد، لم أصادِف في حمام الشط إلا عيّنةً واحدةً وحيدةً (Mon unique échantillon) من هذا الطراز العالي، عيّنةٌ يجسمها جليسي المسائي اليومي بمقهى البلميرا بحمام الشط،، المفكر اليساري الحر غير المتعصب وغير المتطرف وغير الإقصائي وغير المنبت عن تربته العربية الإسلامية، الموظف المتقاعد ذو الخمسة والسبعين حَوْلاً، تلميذ الصادقية ومدرّس الفلسفة بمعهدها سابقًا، الأستاذ حبيب بن حميدة (هذا لا يعني أنه وحيدُ زمانه وإنما الأكيد عندي أن أمثالَه قليلون، نادرون ندرة المعادن النفيسة).

ملاحظة منهجية: لا يخلو أي مستوى من المستويات المذكورة أعلاه من فلتات، والاستثناء يؤكد القاعدة ولا ينفيها.

كيف خطر ببالي هذا التصنيف ؟

لي صديق حميم (سهيل حفضلاوي)، عاشق مثلي للفلسفة، ومثلي أيضًا جرّب مجالسة الأنماط الأربعة من سكان حمام الشط. وفي آخر المشوار فضلنا، أنا وهو، عن قناعةٍ ورضاءٍ، الترسيمَ في زاويةِ الوليِّ التقيِّ الصالحِ، وليٌّ من طينةٍ لا شرقيةٍ ولا غربيةٍ، طينةٌ عقلانيةٌ، وليٌّ "أكرهُ ما يكرهُ" استقطابَ المريدين، وليٌّ يفضلُ  محاورةَ المفكرينَ الند للند، الذين هم بعقولهم وحدها لا بغيرها يستنيرونَ، وعن شخصه بآرائهم يستقلونَ، وبألسنتهم فقط لا بألسنة الآخرين ينطقون. الله ينفعنا ببركاته ! آمين يا رب العالمين.

 

 

 


 

أسئلة وأجوبة مقتضبة للتحسيس وليس للشرح

 

1.   هل سينتهي الظلم يومًا من العالم وتعمّ المساواة ؟

لا، لن ينتهي إلى يوم القيامة لأن جيناتنا انتُقيت عبر ملايين السنين لتجعل من الفرد متضامنًا مع مجموعته وعدوانيًّا مع المجموعات الأخرى ولأن الله ألهَمَ نفسَنا (notre ADN) فجورَها وتقواها.

Pour en savoir plus, je vous invite à lire : Génétique du péché originel. Le poids du passé sur l`avenir de la vie. Christian de Duve (Prix Nobel de médecine 1974, biologiste-moraliste), Editions Poches Odile Jacob, Paris, 2017, 240 pages.

2.   هل الضمير المهني ما زال حيًّا ؟

مات الضمير المهني وشبع موتًا منذ أن بَرْلَتَتْ الرأسمالية جميع المهن (le capitalisme a prolétarisé tous les métiers).

Pour en savoir plus, je vous invite à lire : La fabrique des imposteurs, éd. Babel essai, 2015, 308 p., Prix 8,7  ; Roland Gori  (psychanalyste et professeur émérite de psychologie et de psychopathologie clinique à l'université Aix-Marseille).

3.   هل الماضي كان أفضل ؟

الماضي ومهما كان لا يمكن أن يكون أفضل من الحاضر ولا المستقبل.

Pour en savoir plus, je vous invite à lire : C’était mieux avant, Michel Serres, 2017, 84 pages.

4.   هل ما زال الوالدان يستطيعان أن يربّيا صغارَهما كما يشاءان ؟

تربية الصغار، مهمةٌ افتكتها الدولة الحديثة ووسائل الاتصال الاجتماعي من العائلة ودون رِجعة.

5.   هل منهجية تفكيرنا التبسيطية والتسطيحية ما زالت تصلح ؟

لا وألف لا، لم تعد تصلح وعوضتها منهجية التفكير المعقد (la pensée complexe).

Pour en savoir plus, je vous invite à lire : Le philosophe français Edgar Morin.

6.   هل أنتظر خيرًا من الإيديولوجيات بجميع أنواعِها ؟

لا، لا أنتظر منها خيرًا وعلى حد قول الفيلسوف الفرنسي جان-بول سارتر:

« Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites » Sartre Jean Paul, 1948, qu’est-ce que la littérature ? Collection idées / Editions Gallimard p.193).

7.   ما هو الجواب السحري والعلمي عن التساؤلات حول النسبة المئوية لكل عامل من العوامل المؤثّرة في ظاهرة ما ؟

التفاعل بين كل العوامل المتدخّلة (l’interaction) كأن نقول مثلا أن "الذكاء وراثي 100% ومكتسب 100%".

Pour en savoir plus, je vous invite à lire : Le philosophe français Albert Jacquard.

8.   ما هي أفضل مقاربة لتَناولِ ظاهرة ما ؟

أفضلها على الإطلاق هي المقاربة الشاملة (l’approche systémique) لكن هذا لا يعني أن المقاربات الأخرى لا تصلح مثل المقاربة التحليلية (l’approche analytique).

9.   هل القيم النبيلة ما زالت فاعلةً في المجتمع ؟

لا أظن، وعلى حد قول الروائي اللبناني-الفرنسي أمين معلوف "غرقتْ كل الحضارات وانهار فيها سلّم القيم".

Pour en savoir plus, je vous invite à lire : Le naufrage des civilisations, Amine Maalouf, 2019.

10.                 هل أنتظر لمشاكلي الدنيوية حلولاً من السماء ؟

لا، لا أنتظر والقرآن قالها لنا بصريح العبارة: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها" إلا الإنسان، وهبه الله عقلا وقال له اِبْحَثْ عن رزقِك بنفسِك "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

Pour en savoir plus, je vous invite à lire : Le CORAN.

حمام الشط في 25 ماي 2024.

 

الأخلاق

قرآنُ كريمٌ: "وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا".

Aristote : La vertu est le juste milieu entre deux vices.

 

الأخلاق تُمارَس ولا تُدرَّس.

قالها الفاروق منذ خمسة عشر قرنًا ولم نسمعها ولم نَعِها: "انصحوا الناس بصمت". قالوا: "كيف يا عمر؟" قال: "بأخلاقكم (أي بسلوككم)".

لو عمِلنا بنصيحة عمر بن الخطاب (انصحوا الناس بصمت)
لَقطعنا نهائيًّا مع وعظ "كهنة" الدين وإرشادهم العقيم.
(La morale moralisante)

« La vertu, quand elle s’expose elle cesse d’être vertueuse »

Le philosophe spirituel Michel Onfray, l’athée chrétien comme il se définit lui-même.

« La fin ne justifie pas les moyens et si les moyens sont injustes, la justice même devient injustice » Michel Onfray, philosophe français de la gauche libertaire qui ne met rien au dessus de la liberté, non marxiste et non libérale (qui récuse l`autorité du marché sur la société).

مذهب السعادة:

"أسْعِدْ نفسَكَ وأسْعِدْ الآخرين، دون إلحاق أي أذَى، لا بِنفسِك ولا بالآخرين"

« Jouis et fais jouir, sans faire de mal ni à toi ni à personne, voilà, je crois, toute la morale » Phrase de Sébastien-Roch Nicolas de Chamfort

هذه هي فلسفتي في الحياة. مواطن العالَم

حب الوالدين لأبنائهم تضمنه الغريزة (amour vital) أما حب الأبناء لوالديهم فتضمنه التربية، والغريزة أقوى من التربية (amour facultatif).

 


 

أفضل تعريف لمفهوم "الأخلاق" سمعته في حياتي !

 

"الأخلاق هي مجموعة أنشطة نقوم بها يوميا لمقاومة الألم اليومي الذي لا يمكن تجنبه". تَقْوَى عند الفقراء، تَقِلُّ عند الأغنياء، تَنْتَعِشُ في الأزمات، تَخْبُو في الرخاء.

La phrase entre guillemets est à Michel Serres : « La morale est un ensemble d’exercices pour lutter contre la douleur inévitable et quotidienne ».


 

فلسفة الأخلاق ؟ ترجمة مواطن العالَم، متعدّد الهُويات

 

 

-       الفيلسوف لِيفِيناس يؤكد أن السؤال، "لماذا يجب عليّ أن أكون أخلاقيًّا ؟"، ليس بداية طريق السلوك الأخلاقي السليم بل هو علامة نهايته.

 

-       عبارة "الأخلاق زينة" كلمتان متناقضتان (oxymore)، لأن البحثَ عن تلبية حاجة من وراء فعل أخلاقي يُفقِد هذا الفعل قيمتَه الأخلاقية.

 

-       الأخلاق ليست إلا تعبيرة إنسانية عفوية، تعبيرة لا تجلب أي مصلحة شخصية ولا يقودها انتظارُ ربحٍ أو رفاهة أو مجد أو تحسين وضعية اجتماعية.

 

-       كلنا اليوم نتفرج في التلفزة ونرى عن بُعد مآسي الآخرين (حروب، فيضانات، إلخ) لكننا لا نقدر على مساعدتهم عن بُعد فينتابنا شعورٌ مُرّ بالعجز والقلق.

 

-       قديمًا كان الجار يعرف ظروف جاره المادية والمعنوية ويمد له يد المساعدة عند الحاجة. اليوم عَزلنا مجتمع الاستهلاك ما بعد الحداثي السائل عن بعضنا البعض فأصبح الجارُ منّا لا يعرف شيئًا عن جاره.

Ma source d’inspiration : L’amour liquide. De la fragilité des liens entre les hommes, Zygmunt Bauman (sociologue-philosophe), Ed. Pluriel, 2010, 185 pages, 7,60€.

 

إمضائي (مواطن العالَم البستاني، متعدّد الهُويات، l’homme semi-perméable، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يساري غير ماركسي حر ومستقل، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي" - Adepte de l’orthodoxie spirituelle à l’échelle individuelle):

"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)

À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence. Le Monde diplomatique.

حمام الشط في 28 نوفمبر 2019.

 

 


الشر، كالخير، مزروعٌ في كل نفس بشرية حتى قبل الولادة

 

جُبِلَ الإنسانُ على الخير والشر. فكرة يؤيدها العلم (ADN) والقرآن والتربية هي الوسيلة الوحيدة لترجيح كفة الخير.

ولن يُنتزَعَ منه الشر إلا بواحد من الاحتمالات الأربعة التالية:

-       معجزة ربّانية

-       اكتشاف طبي (thérapie génique)

-       صدفة (mutation génétique)

-       تربية بنائية-اجتماعية ممنهجة ومكثفة ودائمة ومعمّمة

(éducation socio-constructiviste, systématique, intense, transversale et généralisée)

Source :  Christian de Duve, Génétique du péché originel, 2017, Prix Nobel de médecine 1974.


 

مساهمة بيداغوجية في ظاهرة حملات النظافة والتزيين المنتشرة هذه الأيام في مدن وقرى تونس

 

عملٌ تطوّعيٌّ أباركه لكنني أودّ لو تمت مَأسَسَتُه

Institutionnalisation: le transformer en une institution.

أو بالأحرَى تحويلَه إلى مفهومٍ

Conceptualisation : Élever au niveau du concept des pratiques empiriques ; organiser en concepts : Une théorie qui conceptualise des pratiques diverses.

كيف ؟ لماذا لا نستلهم من التجربة البيداغوجية الكندية الراقية ؟

في كندا، يُطالَبُ تلميذ الثانوي بـ40 ساعة تطوّع خلال فترة دراسته بالمعهد، ولا يتسلم الناجح في الباكلوريا شهادته إذا لم ينجز ساعاته كاملة حتى ولو حصل على 19\20 معدل. مثلا: يقوم التلامذة الكنديون (مسلمون وغير مسلمين) بخدمة المواطنين الكنديين المسلمين في حفلاتهم العامة بمناسبة الأعياد الدينية، وفي النهاية يمنح منظمو هذه الحفلات شهادة مشاركة للتلميذ المتطوع، شهادة وَرَقِية يستظهر بها في معهده وتُحفظُ في ملفه المدرسي

Les élèves du lycée doivent effectuer 40 heures de service communautaire durant leurs études secondaires.

لماذا لا نفعل مثلهم في وزارة التربية التونسية وقد انتشرت المعاهد عندنا في جميع مدننا الكبيرة والصغيرة، إجراءٌ بيداغوجيٌّ غير معقّدٍ ولا يتطلب تمويلاً باهظا ولا انتدابًا إضافيًّا، إجراءٌ يتماشى مع ديننا وتقاليدنا ولنا فيه قديمًا باعٌ وذراعٌ (أمثلة عشتُها أنا شخصيًّا في جمنة السبعينيات: كانت لنا عادة الاستنجاد  بالأقارب والأصدقاء والجيران، تطوّعًا ودون مقابل، رجالاً ونساءً، شيبًا وشبابًا وأطفالاً، نستنجد بهم للمساهمة في العمل في مناسبات عديدة، مثل الطبخ في الأفراح والأتراح وزردة سيدي حامد بوﭬبرين، أو عند تحضير منسج الصوف، أو عند جني التمور أو تسقيف الدار بالجريد، إلخ.).

لنأخذ مثالاً تطبيقيًّا من الواقع اليومي المَعِيش، وكل أمثلتي أستمدّها من بيئتي الأصلية ومسقط رأسي جمنة، لا لأنني جهويٌّ بل لأنني أعرف مدينة جمنة أكثر من غيرها من المدن التونسية الأخرى بما فيها حمام الشط محل إقامتي منذ ثلاثين سنة. تصوروا لو طَبَّقَ معهد جمنة ما يقع في كندا، معهدُنا فيه على أقل تقدير 10 أقسام ثانوي، كل قسم يضم على أقل تقدير 20 تلميذًا. أذكّر بالتجربة الكندية، كل تلميذ مطالَب رسميًّا بإنجاز 10 ساعات عمل تطوعي في العام، فماذا ستكون الحصيلة يا تُرى خلال عقدٍ من الزمن: 10 أقسام × 20 تلميذ × 10 ساعات في العام × 10 سنوات = 20 ألف ساعة عمل تطوّعي مجاني (إنشالله انكون ما اغلطّش في الحساب، لا لومَ على أستاذ علوم فات السبعين). والله العظيم طاقة عملاقة قد تُزحزِح كثبان الرمال جميعًا في كشّادَة وشِطيانْ وبوروزينْ (ثلاثُ واحاتِ نَخِيل دﭬلة نور بجمنة، تُهدّدُها الرّمالُ الصحراويةُ الزاحفةُ)، وتجعل من مدينة جمنة أنظف من مدن سويسرا، وتجعل من واحاتها أجمل واحات العالم، ومن فقرائها أسعد فقراء الدنيا، ومن قلوب أهلها أطهر من قلب حاتم الطائي، وقد تفتح لمتساكنيها، إن شاء الله، أبوابَ الجنة السبعةَ على مِصراعَيها !

 


حوار سريالي

 

العدل: أنت أيها الحاجب نادِ على القِيم الأخرى.

الحاجب: التقوى، الضمير المهني، الكرامة، الصدق والإخلاص.

التقوى: أقصوني وغيّبوني عن المشهد مذ مات صاحبي أبو ذَرّ، رضي الله عنه.

الضمير المهني: يمجّدونني في كتبهم وفي ندواتهم الثقافية لكنهم ينسونني تمامًا في أماكن أعمالهم.

الكرامة: منذ عشر سنوات، ثار العرب من أجلي وباسمي ثم نفوني من أوطانهم.

الصدق والإخلاص: "شيئان في بلدي قد خيبا أملي.. الصدق في القول والإخلاص في العمل" (منور صمادح ).

Source  d’inspiration : Michel Onfray, L’Invention du plaisir, biblio-essais, 2002.


 

إشكالية مطروحة منذ بداية التاريخ: هل نجحت الأخلاق الفلسفية والدينية في تغيير حياة البشر إلى الأفضل، أي من السلوك اللاحضاري إلى السلوك الحضاري ؟

 

عادة غير محبّذة من أكثرية المدمنين على شرب القهوة: عادة النقاش الجدي صباحًا.

أمس الأربعاء 30 جانفي 2019، ذهبتُ إلى مقهى الشيحي بحمام الشط كالعادة و"العوايد" على الساعة السادسة صباحًا. شرعتُ في قراءة مقال حول الصين في جريدتي الفرنسية المفضلة "لوموند ديبلوماتيك". بدأتُ في تسجيل الخطوط الكبرى للمقال الذي سأكتبه وأنشره في الغد. مرّت عليّ 120 دقيقة وأنا وحدي أقرأ، هي أسعد أوقات يومي. حوالَي الساعة الثامنة، بدأ الجلساء الاعتياديون في التقاطر والالتحاق بطاولتي.

ما المشكل إذن ؟ المشكل أن دماغي يغلي ومنشغلٌ بموضوع الصين. فما ذنبُ مَن جاء الأولُ (خميّس حسني) ليرتشف ببطءٍ أولَ قهوةٍ في اليوم ؟ أشغله هو أيضًا بمشكل الصين ؟ ذنبه أنه جلس في طاولة كشكار! وكلما قَدِمَ جليس آخرَ إلا وأعدتُ على مسامعه طرح نفس الموضوع (خمس مرات). وكل مَن سيفتح موقعي الفيسبوكي اليوم فجرًا على الساعة الرابعة صباحًا ويقرأني، أطلب منه المعذرة مسبقًا لأنني ربما أكون سبقتُ قهوته.

العاشرة، رجعتُ إلى الدار وحررتُ المقال في ست صفحاتٍ كاملةٍ. قررتُ أن لا أنشره حتى يمر بغربال الفلسفة الذي لا يتسرّب من ثقوبه الدقيقة إلا الجيد من الأفكار خاصة وأن موضوع الأخلاق موضوع فلسفي بامتيازٍ. جاء الموعد، السادسة مساءً، قابلتُ فيلسوف حمام الشط في مقهى الأمازونيا بحمام الشط أيضًا.

أتعرفون ماذا صنع بمقالي الذي تعبتُ في تحبيره ست ساعات، الصفحة بساعة ؟

مقالٌ خلتُه منطقيًّا وبموافقة جلسائي الصباحيين غير الدارسين للفلسفة أكاديميًّا، يعني معرفة درجة 2 (درجة 1 هي الحس العام) ولا أستثني نفسي طبعًا. الفلسفة تأتي في القمة، أي درجة 3، يعني فوق كل الاختصاصات العلمية، الصحيحة منها والتجريبية والإنسانية أيضًا.

ألم أقل لكم أن طاولة مقهى الشيحي الصباحية ناقصة فيلسوف ؟ أنا في الأمانة العلمية أو الأدبية لا أمزح وفي الفكر لا أجامل وأقرّ بجهلي للفلسفة، أقولها صدقًا فيذهب في ظن الآخرين أنه تواضع تجميلي.

بالفلسفة (معرفة درجة 3)، قَلَبَ الفيلسوف مقالي (معرفة درجة 2) رأسًا على عقب.

بعد التعديل والتحوير في مقهى الأمازونيا مساءً، أدفع إليكم بالنسخة الجديدة للحوار الذي دار في مقهى الشيحي صباحًا، دون تدقيق في صاحب الكلمة، أو قِيل الكلام فعلا أو لم يُقل، أو بهذا التسلسل أو غيره:

-       هل الأخلاق الفلسفية والدينية (والدين يدخل في مجال الفلسفة)، نجحت في تغيير حياة البشر إلى الأفضل، أي من السلوك اللاحضاري إلى السلوك الحضاري ؟

-       ماذا تقصد بـ"السلوك اللاحضاري" ؟

-       مثلاً في المقهى: ترمي أعقاب السجائر على أرضية المقهى المبلّطة، تضع منديل أنف (papier mouchoir) على الطاولة أو في المرمدة (cendrier)، تنشغل عن مخاطبك بالإبحار في جوّالك، تحتكر الكلمة أكثر من خمس دقائق، أو تتكلم بصوتٍ عالٍ دون موجَب، هذا السلوك اللاحضاري الأخير آتيه أحيانًا دون أن أشعر ثم أتدارك أمري وأعتذرُ ثم أنسى وأكررها. من باب التحضّر لم أذكر سلوكات لاحضارية أخرى.

-       وخارج المقهى ؟

-       لا تحترم إشارات المرور، لا توقف سيارتك احترامًا للمارة، تضع كيس مهملاتك أمام دار جارك، تغش في كيل السلعة وثمنها، لا تقوم بواجبك على أفضل وجه، إلخ.

-       لا.. الأخلاق الفلسفية والدينية لم تغيّر.

-       صحيح لم تغيّر (Un constat et non un jugement).

فاصل وأعود:

عرضتُ جوابَ جليسي وجوابي المتماثلَين على الفيلسوف، فكان هذا ردُّه: يبدو لي أن الجزمَ في مثل هذه المواضيع الفلسفية الجدلية شيءٌ يتطلب تمحيصًا وأمرٌ فيه نظرٌ. الدين غيّرَ فعليًّا (لكن جزئيًّا فقط) الأخلاقَ إلى الأفضلِ وكذلك فعلت الفلسفة. ألا ترى معِي أن الوازع الديني ما زال حاضرًا وبقوة في "اللاوعي" الشعبي (la masse)، أما في "الوعي" فهو يحضر ويغيب خاصة عند الحِرفيين ومتعاطي الكحول والعاصين عمومًا. صحيح أن الوازع الديني ذهب عند أولياء الأمور ومعه أخلاقهم ذهبت، وكذلك عند رجال الأعمال الجشعين. عند الصنف الأول غلبه حب السلطة السياسية، وعند الصنف الثاني غلبه حب السلطة المالية. أما الفلسفة  فكانت للصنفين الأخيرين بالمرصاد، تكشف نواياهم وتفضح وسائلهم وتنغص عليهم عيشتهم ولا تتركهم يتمتعون بما كسبوه من استغلال الشعب ظلمًا وبهتانًا.

أعود إلى حوار مقهى الشيحي:

-       جزئيًّا فقط.. الأخلاق الفلسفية والدينية غيّرت السلوك إلى الأقرب للإنسانية.. تفاهمنا.. والفضل، في تنبيهنا إلى اكتشاف هذا التغيير الجزئي، يرجع طبعًا للفيلسوف مشكورًا، ولكن في الجزء الذي لم يتغير، سألتُ جليسي: "هل المشكل يكمن في العقلية أو في القانون ؟".

-       في العقلية، طبعًا.

-       ما قولك في الفرنسيين ؟

-       متربّيين، طبعًا.

-       والتونسيين ؟

-       موش متربّيين، طبعًا.

-       ما رأيك إذن في مستثمر فرنسي "متربّي" ويحترم النقابيين في فرنسا، وعندما يأتي إلى تونس يصبح "موش متربي"، يرفت النقابيين ويرشي متفقد الشغل ؟ وما رأيك أيضًا في عامل تونسي مهاجر، في فرنسا "متربّي" ويحترم القانون ويقول لجاره الفرنسي بونجوغ، وعندما يأتي في عطلة إلى تونس يصبح "موش متربي"، لا يحترم إشارات المرور ولا يقول لجاره صباح الخير؟

-       المسألة تعقّدت أكثر؟

-       هي معقدة من أساسها فالبشرْ بشرْ في كل برْ، بشرٌ بجانبه الحيواني الغريزي (خوف، دفاع عن النفس من أجل البقاء، أنانية، شهوانية، إلخ) وجانبه الإنساني (كبح كل الغرائز لتهذيب النفس وجعلِها تليق بإنسانية الإنسان، صراعٌ مرير لكنه جميلٌ ولذيذٌ، صراعٌ ضد الطبيعة الحيوانية فينا بهدف أنسنتها أو إعادة أنسنتها، ومع كل مولودٍ جديدٍ يبزغ فجرٌ جديدٌ، جهادٌ أكبرُ ضد الذات وتجديفٌ واعٍ ضد التيّار، مثَلنا كمثَل سيزيف في صراعه من أجل الوجود).

Le philosophe humaniste Edgar Morin a dit: il faut réhumaniser l`humanité. Et Rousseau a dit: La civilisation, c`est réussir à passer de l`homme de la nature à l`homme de l`homme.

-       وهل السلوك الحضاري وراثي أو مكتسب ؟

-       ألم تسمع آخر ما قلتُه ؟ التحضّر هو شيئٌ لا يُورَّث في الجينات لذلك فهو مكتسبٌ 100%. أما "جيناتُنا، فما زالت أركَيِّيكْ، تعتقدُ المسكينة أننا ما زلنا نعيش في الغابة".

ADN = vieux logiciel biologique) Yuval Noah Harari  Sapiens. Une brève histoire de l`humanité, 2015  

-       والفلسفات والرسالات والإيديولوجيات، ألا تهذِّبُ الأخلاق ؟

-       هذبتها في حياة المؤسسين الأوائل، بعدهم وللأسف خبا لهيبُها وبَهِتَ بريقُها:

Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites, Sartre, 1948.

-       حتى الرسُلِ ؟

L`anthropologue Jacqueline Chabbi: La religion construit la société et la société construit sa religion.

يبدو لي، والله أعلم، أن مكارمَ الأخلاقِ التي أسسها وأرساها رسولنا الأكرم، صلى الله عليه وسلم، ذهبت معه وصحابته، رضي الله عنهم، ولم يَبْقَ ذكرُها موجودًا إلا في الكتب أو في القرآن المحفوظِ نرتّلها بُكرة وأصيلا، فصحّ علينا قوله تعالى وأصبح مَثلنا "كمَثل الحمار يحمل أسفارًا..". أما أخلاق مسلمي اليوم تحديدًا -ودون تعميمٍ-  فلا علاقة لها بالأخلاق الإسلامية السمحة إلا بالاسم، "شوية من الحنة وشوية من رطابة اليدين"، أسباب خارجية خارجة عن نطاقنا وأخرى داخلية ونحن مسؤولون عنها، وبين السبببن جدليةُ مستمرة (dialectique et interaction) قد تُولِّدُ انبثاقات غير معروفة مسبقًا (émergences).

-       ما أقسَى حكمك ؟

-       الواقع أقسَى ! ألم أقل لك أن المجتمع يصنع دينَه ؟

-       هل نترك القرآن إذن ؟

-       حاشا أن أقول مثل هذا "الكلام المباح" !

-       صحيح أن التربية الإسلامية لم تحسّن سلوكنا،  لكن هذا مبرِّرٌ غير كافٍ لكي نلغيها أو نهجرها. نتركها تأخذ مجراها في تعليمنا، وعدم تطبيق الأخلاق الإسلامية في الواقع هو حجة على مسلمي اليوم وليس حجة على القرآن، وقد يكون هذا الواقع البائس في عيوننا يخفِي عن إدراكنا حكمة ربانية نجهلها. مَن لم يطبق الأخلاق الإسلامية، فحسابه عند الله وحده يوم القيامة، عدالةٌ ربانية بعيدة عن عقولنا البشرية.

 - "إعيشكْ"، خلّينا في ما هو تحت إرادة البشر: الجزاء والعقاب بالقانون الوضعي (Le domaine du possible humain).

-       هنالك مَن ربّاهم القرآن.

-       صحيح 100%، لكنهم قلة قليلة جدًّا وإلا لَما دَنا واقعُنا من الدرك الأسفل، والاستثناءُ لا يلغي القاعدة. لِنرجع يا صديقي إلى موضوع الصين وكيف تراقب رعاياها رقميًّا بواسطة كاميرات منصوبة في كل الفضاءات العامة (مقاهي، حدائق، طرقات، محطات نقل، إلخ) وتسند لهم أعدادًا في حسابهم الاجتماعي وليس البنكي (Crédit social)، وحسب مجموعهم يُجازون أو يعاقبون.

-       تضعهم في السجن ؟ قُلْ لي: بماذا يُكتسَب السلوك الحضاري ؟ بالتربية أو بالقانون ؟

-       سبق وأن قلت لك "ابعِدنا عن مجال الدين"، أضِفْ له مجال القضاء.

-       بماذا يُكتسَب إذن ؟

-       رئيس الصين يقول: "بالجزاء والعقاب، بالجزرة والعصا نربّي شعبنا ونمنحه الأمن والأمان وبهما الاثنين يحيا الإنسان، نجحنا في تغيير بعض السلوكات اللاحضارية وحوّلناها إلى سلوكات حضارية، حصل هذا في ظرفٍ وجيزٍ من الزمن".

-       مثل ما فعل بافلوف مع كلب بافلوف ؟

-       بالضبط، لكن لِنلطِّفها قليلا ونقول علم النفس السلوكي (La psychologie comportementale) أو المدرسة السلوكية (Le béhaviorisme) المرتكزة على مبدأ المكافأة والحرمان من المكافأة.

-       كيف سنطبق هذا المبدأ اللاأخلاقي ؟

-       هو لاأخلاقي في وسائله لكنه ناجعٌ في نتائجه.

-       وهل الغاية تُبرِّرُ الوسيلة ؟

-       هي في المُطلَق والمنطق.. لا تُبرِّرُ، لكن في الصين يقولون أنها تُبرِّرُ !

-       الخبر كما ورد في لوموند ديبلوماتيك: نُصِبتْ كاميرات متصلة (caméras connectées) في كل مكان لمراقبة رعاياها، ثم معاقبة المخطئ ومجازات الأقل خطأ.

-       وهل يحق للدولة مراقبة رعاياها في الفضاء العام دون علمهم والحد من حريتهم الشخصية ؟

-       اعتراض هام يستحق التفكير، الجزء الأول لا جواب عندي عليه، أما الثاني فلي جوابٌ، وهو الآتي: حريتك الشخصية تقف عند حرية غيرك.

-        وهل المساس بالفضاء العام هو مساسٌ بحرية الغير ؟

-       على اسمه فضاء عام، أي مِلك العموم، والعموم هم أنا وأنت: الطريق العام ملكنا والساحات ومحطات النقل والحدائق العمومية وغيرها من الفضاءات العامة.

-       وهل الشواطئ فضاءات عامة ؟

-       طبعًا.

-       وهل يحق للدولة مراقبة العصافير من رعاياها، عصافير تتبادل القُبَلْ على شاطئٍ معزولٍ في بومْهَلْ، يتبادلونها على مَهَلْ لا على عَجَلْ ؟ (لا وجود لشاطئٍ في بومْهَلْ، الضرورة الشعرية حَكَمَتْ).

-       "سي علاء سَكِّرْ البرنامج" !

-       كليمة واحدة و"انسكّر البرناج": بالتربية الدينية والفلسفية قد نحسّن سلوك البشر لا بالجزرة والعصا. لسنا كلاب بافلوف ولن نقبل أن نكون، والإنسان حر أو لا يكون، وفَشَلَ الصينيون ولو نجحوا ! ويكفينا بلوغ الوسط، لذلك لا تعنينا الأطراف المتطرفة يمينًا أو شمالاً.

Aristote a dit: La vertu est le juste milieu.

قال تعالى : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا".

ملاحظة: قبل مقابلة الفيلسوف، كانت النسخة الأولى من هذا المقال (الملغاة) بمثابة مقدمة لنشر مقال يمجد نجاح الصين في مراقبة رعاياها وتربيتهم بالجزرة والعصا، ولو فعلتُها لَكنتُ متناقضًا مع روح وفلسفة مقالي السابق في ثلاثة أجزاء حول شمولية الرأسمالية الناعمة السائلة (مقال "ڤوڤل"). لذلك قيل لا خابَ مَن استشارَ.

خاتمة:

الديداكتيك، اختصاصي، قالت إن المعارفَ لا تغيّرُ القِيمَ، معارفَ علمية كانت أو فلسفية أو دينية.

 


الحداثة الغربية المعلّبة المعولمة غولٌ يغزونا بسهولةٍ وسيولةٍ ويهدّد قِيمنا العربية-الإسلامية بالانحلال ثم الانقراض. مواطن العالَم الكسّار-الجسّار بين التراث اليساري والتراث الإسلامي

 

أذكّر ببعض هذه القيم لعل الذكرى تنفع المؤمنين ولو أنني أصبحتُ أشك في المؤمنين أنفسهم:

1.   قيمة العاطفة التي تؤلف بين الوالدين وأبنائهما: "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" (قرآن).

2.   قيمة تُلزمنا برحمة الصغير واحترام الكبير: "ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا" (حديث).

3.   قيمة الإحساس بالواجب دون انتظار جزاءٍ أو شكورٍ: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" (حديث).

4.   قيمة التكامل في الأدوار بين الزوج وزوجته:" فاستجابَ لهُمْ ربُّهم أنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عاملٍ منكم من ذَكَرٍ أو أُنْثَى بعضُكم من بَعْضٍ"  (قرآن).

5.   قيمة الثقة التي يجب أن تسود بين الأصدقاء: "اخترْ الصديق قبل الطريق" (أقوال عربية).

6.   قيمة تقبّل النقد: " رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي" (الفاروق).

7.   قيمة تقبّل الاختلاف: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" (الشافعي). "اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية" (أقوال عربية).

تعليق: أين نحن اليوم من هذه القيم الإسلامية السمحة، قناديل أكيد مضيئة لكنها بعيدة المنال معلقة في السماء لا يطالها ولا يطبقها إلا الأتقياء وما أقل عددهم في مجتمعاتنا العربية المعاصرة. قيمٌ، صحيح موثّقة في القرآن والسيرة والتاريخ والأدبْ، لكنها موجودة فقط على الرفوف في الكتبْ ووضعُنا هو هو، بائسٌ منذ عديد الحِقَبْ. قيمٌ، يتباهى بها المسلمون والعرب على غير المسلمين وغير العرب و"دارْ النجّارْ بلا بابْ". قيمٌ عربية-إسلامية بل قُلْ كونية وأنتَ مرتاح البال، لخّصها رسول الكون محمد صلى الله عليه وسلم في جملة بليغة واحدة: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

خاتمة: تُراثُنا جَمِيلٌ وواقِعُنا للأسفِ الشديدِ قَبِيحٌ قبيحْ: "يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون كَبُرَ مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" صدق الله العظيم.

Source  d’inspiration: Le Monde diplomatique, août  2020, extraits de l’article de Mizubayashi Akira, romancier, [Au japon, le poids de la hiérarchie. « Langue servile » et société de soumission], p. 1 & 16

كل فرد يحوي نفسا فاجرة، فجور لن يفوق فجور الحيوان لكن الويل ثم الويل لو تجمعت ملايين النفوس الفاجرة مثل ما تجمعت في النازية والفاشية والستالينية

Un inné n’est pas aussi dangereux : Le nazisme, le fascisme et le stalinisme sont nés de la conjugaison de millions d’innés hostiles.

"لا يخلوان رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما" (حديث). بيولوجيا صحيح لو كان الشيطان هو الرغبة لكن التحكم في الرغبة هو من مكارم الأخلاق.

 

 

 


 

عرض اقتراح عقد أخلاقي (Contrat déontologique) موجه لأعضاء أي حلقةِ تفكيرٍ؟ Un think tank, groupe de réflexion ou laboratoire d'idées. مواطن العالَم د. محمد كشكار

 

1.   تقتصِرُ مهمتُها على النقدِ ولا شيءَ غير النقدِ ويكفيها شرفًا. والنقدُ فرديٌّ وهدّامٌ أو لا يكونُ، وليس مطالَبًا البتة بتقديم بديلٍ كامِلٍ وجاهزٍ، وهو مؤسسةٌ مستقلةٌ وقائمةٌ بذاتها. أما البديلُ البنّاءُ الذي ينبثِقُ بالضرورة عن النقدِ الهدّامِ، فهو جماعيٌّ أو لا يكونُ.

2.   أحترمُ شخصَك ولا أحترمُ أفكارَك إن كنتُ أختلف معها، بل أحاول دحضَها وتفنيدَها بكل ما أوتيتُ من منطقٍ، ولم آتِ صراحةً إلا لهذا الغرضِ.

3.   عند دخولِ مخبرِ الأفكارِ ينزعُ الأعضاءُ جُبةَ الانتماءِ الحزبِيِّ، كما ينزعُ العلماءُ جُبةَ الانتماءِ الدينِيِّ عند دخولِ مخبرٍ علميٍّ تجريبِيٍّ.

4.   عند إصدارِ أي بلاغٍ، يَحِقُّ للمعارِضِ نشرَ رأيِه جنبَ رأيِ المجموعةِ.

5.   لا يَحِقُّ للناطقِ الرسميِّ للمجموعةِ أن يجتهدَ وما على الرسولِ إلا البلاغُ، وإن جَدَّ جديدٌ فعليه بالرجوعِ إلى المجموعةِ لاستشارتِها.

حمام الشط، الأربعاء 11 جانفي 2017.

Haut du formulaire

 

 


 

 

الفساد

اللهم لا نسألك القضاء على الفسادْ، بل نسألك التخفيفَ فيه. لقد عمّ وسادْ كل البلادْ، وحده بعد الثورة أنعش الاقتصادْ وأبعد الكسادْ.


 

المواطن التونسي الفقير مُجبَرٌ على استهلاك الفساد، أما المسؤول السياسي أو الإداري أو النقابي فهو المُولِّدُ الأول للفسادِ والمستفيدُ الأكبرُ منه. لماذا إذن نعاقِبُ الأولَ وننتخبُ الثاني ؟

 

1.   كيف يستفيدُ المواطن التونسيُّ الفقيرُ من الفسادِ وكيف يساهمُ بصفةٍ غير مباشرةٍ في انتشارِه وتَفشيهِ في المجتمعِ التونسيِّ ؟ هو في الآخِرِ مستفيدٌ صغيرٌ من الفسادِ، وفسادُه الصغيرُ هذا لا يضر بغيره، أو لِنقل على الأقل أنه لا ينوي ذلك لكنه يتحمل المسؤولية الجزئية لو حصل ذلك:

-       الاقتصاد الموازي، نصف اقتصادِنا، اقتصادٌ يرتكزُ على التهريب والرشوة والغِش والاحتكار، لكنه في المقابل يشغّلُ آلاف العمال والموظفين ويوفر للفقراء السلع الأرخص في السوق، الروبافيكا وسوق المنصف باي مثالاً ساطِعًا على المفارقة الكبيرة والعجيبة.

-       المواطن التونسيُّ الفقيرُ يشتري السجائرَ المهربةَ لأنها ببساطة أرخص من السجائر غير المهربةِ.

-       يدفع عشرة دنانير رشوةً للشرطي المرتشي لو ضَبَطَه متلبسًا بعدم وضع حزام الأمان تجنبًا للخطية القانونية بأربعين دينارًا.

-       يبعث ابنه للدروس الخصوصية لأن نظامَنا التربوي يُصنفُ الذكاء ويرعى نوعًا واحدًا وحيدًا منه (L`intelligence intellectuelle) ويُهملُ أنواع الذكاء الأخرى كالذكاء الفني والذكاء المهني اليدوي ويشجعُ على الحِفظ دون فهمٍ (Dopage et bachotage) ويتعامل مع التلاميذ كما يتعامل الممرّن مع أحصنة السباق أو كما يتعامل عالم النفس مع فأر مخبر.

-       يشتري الغلالَ من بائعٍ دون رخصة لأنها أرخص من غلال الخضار المرخص له.

-       يبني في غابة حمام الشط غرب القنال لأن المتر المربع فيها أرخص بكثير من أرض AFH القانونية المهيأة.

2.   كيف يستفيدُ المسؤول السياسي أو الإداري أو النقابي من الفسادِ ويساهمُ بصفةٍ مباشرةٍ في انتشارِه وتَفشيهِ في المجتمعِ التونسيِّ ؟ هو في الأولِ والآخِرِ مستفيدٌ كبيرٌ من الفسادِ وفسادُه الكبيرُ هذا يضر بغيره أو لِنقل أنه  خَطَّطَ لذلك ويتحمل المسؤولية الأولى والأخيرة لأنه واعٍ بذلك:

-       بعض شرطيينا وديوانيينا يخالفون القانون ويشيرون  لحرفائهم بالرشوة ويرحِّبون بها إن قُدِّمت ليكسبوا كسبًا سهلاً سريعًا ومحرّمًا أخلاقيًّا.

-       بعض مدرِّسينا يشجعون تلامذتهم على التسجيل في الدروس الخصوصية ليكسبوا كسبًا سهلاً سريعًا ومحرّمًا أخلاقيًّا.

-       بعض سياسيينا يغضّون الطرف عن الفاسدين والمهربين مقابل رشوة من مالٍ فاسدٍ.

-       بعض نقابيينا، على أكتاف العمال في المسؤولية يتدرّجونْ فيصبحون بمصلحة العمال يلعبون.

-       بعض محامينا يتسابقون للدفاع عن الفاسدين من أجل الكسبِ السهلِ، السريعِ والمحرّمِ أخلاقيًّا.

-       بعض قضاتِنا يرتشون ويبرِّئون الفاسدين والمهربين.

-       بعض رجال أعمالنا يقضون حوائجهم عن طريق موظفين عموميين مرتزقة باعوا ضمائرهم المهنية.

-       بعض مقاولينا يغشون من أجل الكسبِ السهلِ السريعِ والمحرّمِ أخلاقيًّا.

-       بعض تجارنا يبيعون سلعًا مهرّبةً بأسعارٍ باهظةٍ من أجل الكسبِ السهلِ السريعِ والمحرّمِ أخلاقيًّا.

-       بعض فلاحينا وصيادينا وصِناعيينا يبيعوننا خُضَرًا وغلالاً وثمارًا، دجاجًا ولحمًا وسمكًا وسلعًا مجملةً مسَمّنةً مغشوشةً بأسمدةٍ وأدويةٍ كيميائيةٍ من أجل الكسبِ السهلِ السريعِ والمحرّمِ أخلاقيًّا.

-       بعض أطبائنا وبعض صيادلتنا يتاجرون بصحتنا من أجل الكسبِ السهلِ السريعِ والمحرّمِ أخلاقيًّا.

-       بعض حِرفيينا يسلبوننا ثمنًا باهظًا مقابل عملٍ غير متقنٍ.

-       أكبر الفُسّادِ في نظري هو إسلامي لا يخاف الله أو ماركسي لا يخاف ماركس أما الليبرالي الرأسمالي فهو أُسُّ الفسادِ الذي بُنِيت عليه الحضارةُ الغربيةُ الكولونياليةُ والنيوكولونياليةُ.

3.   خاتمة

الفساد يخدم جُلنا لكن بِنِسبٍ متفاوتةٍ في المسؤولية والانتهازية (الفقراء، الأغنياء، السياسيين، الشرطيين، الديوانيين، المحامين، القضاة، المدرسين، الحِرفيين، التجار، المقاولين، رجال الأعمال، السُّواق، الخضّارة، الجزارة، الفلاّحة، الصيادين، العمال، أولياء التلاميذ، المواطنين بالخارج، إلخ،.

الفسادُ، أجزِمُ أنه أخلاقيًّا شرٌّ كله، في المقابل أتفهم أنه عمليًّا ليس شرًّا كله، لذلك يبدو لي أنه ليس صدفةً أن يكون من الصعب بل من المستحيل القضاء عليه دون تغيير جذري للمجتمع، لم أقل ثورة، يئستُ من كل الثورات. لا أعتقد أن مظاهر الفساد ستزول وتضمحل تمامًا ولكن أرجو أن تخف وطأتها على الفقراء، على الأقل في المرحلة الانتقالية. أنا متفائلٌ وأومنُ أن عصرَ الخيرِ حتمًا قادمٌ ولا رادَّ لقضاء الله الخيِّرِ.

كل الدول دون استثناء يحكمها الفسادُ ولو بِنِسبٍ متفاوتةٍ، وكل أمجادِ الحضارات، كلها بالفساد شُيّدت، وكلها على الفساد أسِّست (الفينيقية، الإغريقية، الفارسية، الفرعونية، الصينية، الهندية، الأنْكا، الرومانية، الرأسمالية، الشيوعية، اليهودية-المسيحية، الإسلامية، أستثني من الأخيرة فترة الرسول صلى الله عليه وسلم حبًّا في شخصه وتنزيهًا لرسالته)، لذلك لا أتمنى عودةَ أي منها دون استثناء، بل يحدوني أملٌ كبيرٌ في انبعاثِ حضارةٍ جديدةٍ وانبثاقِها من بين مومِيات زميلاتها. حضارةٌ خاليةٌ من العنفِ والأنانية والجشعِ. حضارةٌ يسودُ فيها الخيرُ ويعُم الرخاءُ أرجاءَها. حضارةٌ يحكمها التضامنُ والتراحمُ والحب والمساواةُ. حضارةٌ تُعيدُ للإنسانيةِ بهاءَها ورونقَها، أي إنسانيتَها التي نَخَرَها الفسادُ خلال آلاف السنين (عبوديةٌ، جواري، احتلالٌ، إبادةٌ، تجارةُ عبيدٍ ورقيقٍ، سلاطين متجبرون، قُواد عسكريون دمويون، مثقفون بلاط، تعصبٌ عرقيٌّ ودينيٌّ، تهجيرٌ قسريٌّ، قمعٌ، ظلمٌ، قهرٌ، عُهرٌ، نهبٌ، تدميرٌ مُمَنهجٌ للطبيعةِ، إلى آخر المصائبِ والأهوالِ التي اقترفها الإنسانْ، من كل الإيديولوجياتِ والأديانْ، في حق أخيهِ الإنسانْ).

اللوحةُ ليست قاتمةً كما يوحِي المقالُ بذلك، ورغم كل ما سبق، فأنا متفائلٌ بِغدٍ أفضلَ وسأظلُّ، ومن الجُبنِ أن لا نتفاءلْ !

حمام الشط، الجمعة 13 أفريل 2018.

 


 

هل مِن حاذقٍ "فسّارْ"، يُفسِّر لي هذا الارتفاع المُشِطّ في الأسعارْ ؟ وقعُه نزلَ عليّ نارْ ودُمّارْ! مواطن العالَم، مواطن لا يفقه في علوم الرأسمالية المتوحشة شيئًا

 

-       عادة ما تُفسَّر ظاهرة الزيادات المشطّة في الأسعار بتفشّي ظاهرة الاحتكار وجشع التجار الوسطاء بين المنتج وبائع التفصيل. لكن الغريب هو عدم وجود وسطاء في سوق لحوم الدواجن، فهي سلعة تمر من المنتج (الشركات الصناعية-الفلاحية الكبرى) مباشرة إلى التاجر البسيط (دكاكين "المزرعة"). ما السبب إذن ؟

-       عادة ما نجرّم التجار الوسطاء ونبرّئ الفلاحين المنتجين بل ونتعاطف معهم ونقول عنهم مظلومين. يبدو لي أن بعض الفلاحين لم يعودوا أبرياء ولا مظلومين كما نتصوّر. تصوّرٌ خاطئٌ ورثناه من الحقبة ما قبل العهد المافيوزي (عهد بن علي). أصبحوا اليوم هم أيضًا تجارًا جشعينْ محتكرينْ دون ضميرٍ أو دينْ.  يخزنون سلعتهم، يحتكرونها، يتربصون بالمستهلك ويساهمون في تأجيج نار الأسعار. في الحقبة ما قبل العهد المافيوزي، كان عدد الوسطاء الكبار قليلا وكانت مراقبتهم من قِبل الدولة أيسر وأسهل. أما اليوم فقد ارتفعت أعدادهم كما ارتفعت أسعار سِلَعِهِم. الربح السهل والسريع أغرى بعض الفلاحين المنتجين، أغواهم وأضلّهم عن الطريق المستقيم. أصبح بعضهم فلاحين-تجار دون ترخيص (باتيندة)، أي فَلاحة مَعفيين من الضرائب وفي نفس الوقت تجار يربحون من التجارة الموازية ولا يدفعون الضرائب.

-       أسوق لكم بعض الأمثلة حيث يسود الربح المشط الذي يؤثمه الإسلام ولا تبيحه قوانين التجارة:

·      المصحات الخاصة باتت وأصبحت ثم أعلنت زيادة بـ30%  في بعض خدماتها المُكْلِفة أصلاً. أيُّ تبريرٍ معقولٍ لمثل هذا الفعل الشنيع في حق أعز الناس علينا وأحوجهم إلينا، مرضانا، الله يكون في عونهم ويشفيهم ؟

·      الصيدلية المركزية، أكبرُ منتجٍ للأدوية وأكبرُ مُوَرّدٍ لها، تزيد في الأسعار كما تشاء وهي الخَصْمُ والحَكَمُ في آن.

·      الخضّار يشتري البضاعة بثمن معلوم ويبيعها بضِعفه ضاربًا عرض الحائط بقوانين الدولة المحدِّدة لنسبة الزيادة المشروعة.

خاتمة: يبدو لي -والمختصون في علوم الاقتصاد أعلم- أن رجال الأعمال وتجار التفصيل وبعض الفلاحين الكبار والمتوسطين، كل هؤلاء أصابهم داء الجشع والربح السريع والسهل، ويبدو لي أيضًا أن دولتنا تخلت عن دورها التعديلي للأسعار وعن دورها الرقابي للوسطاء وتجار التفصيل. مَن يُجيرُ العاملَ اليومي أو  الشهّار، المستهلك الأكبر، بعد كل هذا الظلم المسلَّط عليه ؟ له الله، مُجيرُ مَن لا مُجيرَ لَهْ !

حمام الشط، الخميس 3 ماي 2018.

 


 

الفسادُ في القطاعِ العام في تونس أقوى وأخطر من فسادِ القطاعِ الخاص !

 

La corruption dans le secteur public tunisien se réduit à une multitude de mafias légalisées.

L`idée principale de cet article est inspirée de Michel Serres, Hominescence, Ed. Le Pommier, 2001

الفيروس، عدوٌّ للجسمِ، خطيرٌ وغير مرئيٍّ، يضرِبُ أهمَّ جهازٍ في الجسم، وهو جهازُ المناعة. يندسُّ في (ADN) خلايا الجسم ويُجبرها على أن تنتِجَ بنفسِها عدوَّها وبِملايين النسخ. لا تنفع معه المضادات الحيوية الطبيعية (Les anticorps) ولا المصنعة في الأدوية (Les antibiotiques).

القطاعِ العام يغِشُّ المواطِنِين، يغْدِرُ بهم ويرشيهم ويُفسِدُهم ويُعَذِّبُهم ويُرْعِبُهم وفي النهايةِ يُوهِمُهم بِأنه يخْدِمُهم وهكذا تتعفنُ أجهزتُه وتتحولُ إلى مافيات مقنّنةٍ.

فساد القطاعِ العام مستشرٍ في أروقةِ الوزاراتِ وفي مكاتِبِ المؤسساتِ: قطاعٌ هو بمثابةِ الجسمِ للخلايا وهو الملاذُ الوحيدُ للفقراءِ. هو عبارةٌ عن مجموعةِ مافيات صغيرة مستقلة ومنفردة لكنها كالذئابِ خطيرةٌ ومفترسةٌ.  فُسَّادُه يمْلِكُون مفاتيحَ جميع الدوائر الحكوميةِ، لذلك يسهلُ عليهم ضَرْبَ أعز ما نملك في هذه البلاد، أعني بذلك القطاعات العمومية الحياتية الأساسية في الدولة، وهي التعليم والصحة والنقل. وكالفيروسات يندسُّ هؤلاء في مسامِّ الدولةِ وفي أجهزتها التنفيذية. هُم موظفون كبار "نْظافْ شفافينْ" (Ministres, conseillers, PDG, inspecteurs, directeurs, etc.) يُدمّرون قصدًا المؤسسات العمومية (Écoles, Hopitaux, SNCFT, Tunis Air, Sociétés publiques du Pétrole et du Phosphate, port de Radès, etc.)، ويُوهِمُونَنَا بأن التفويتَ في هذه الشركات وخوصصتها يخدم المصلحة العامة، وفي نفس الوقت يَعِدُونَنَا بإنجاز مشاريع كبرى خيالية (كليات طب في ڤابس وجندوبة، معامل في سيدي بوزيد، ديوان تمور في ڤبلي، قنطرة في جربة، سكة حديدية تصل إلى بنڤردان ودوز، إلخ.).

يُوهِمُونَنَا.. يَعِدُونَنَا.. يكذبون.. نصدّقهم وننتخبهم.. يعودون ويُوهِمُونَنَا مجددًا.. يَعِدُونَنَا مجددًا.. يكذبون مجددًا.. وللأسف نصدّقهم مجددًا وننتخبهم مجددًا.

أغلبهم انتهازيون، طماعون، مرتشون، فاسدون ولمصالحهم الخاصة يعملون، وعلى امتيازاتهم يحافظون لا بل يحسِّنون، يشرِّعون ويقنِّنون (ألف دينار مِنحة حضور جلسة واحدة لكل عضو مجلس إدارة في البنك المركزي).

أما الفساد في القطاع الخاص فهو على الأقل مرئيٌّ وواضحٌ، ولا يدّعي إلا نادرًا خدمة الصالح العام، وهو قطاعٌ غير مموَّلٍ من دافِعِي الضرائب، إلا بعض رجال أعمال المافيات الموازية الراشين المستفيدين من تواطئهم مع رجال المافيات المقننة، أصحاب القرار، المسؤولون الحكوميون المرتشون، وهم كُثْرُ.

الاتحاد العام التونسي للشغل، كان مضادًّا حيويًّا لهذه المافيات المقننة، دواءٌ لا يقتل الفيروس بل يحاربُ الأمراضَ الانتهازيةَ (إيهام العامل بتحسين مستواه الاجتماعي بزيادةٍ طفيفةٍ في الشهرية، زيادةٌ لا تُغني من جوع ولا تؤمن من خوف). كان مُسكِّنًا ولم ولن يكون علاجًا. العاملُ يولد فقيرًا ويموتُ فقيرًا، ليس مكتوبًا ولكنه قَدَرُه إلى أن يأتي هو نفسه بما يخالِفُ ذلك.

ألا يوجدُ علاجٌ ناجعٌ لهذا الداء ؟

علاجٌ ناجعٌ عاجلٌ. لا. حربٌ على الفسادِ ؟ قال الصدّيق فصدِّقوه ! حربُ ماذا أيها الأبله ؟ هل رأيتَ في حياتِكَ يا وَلَدِي "فَسادٌ يُحاربُ فَسادًا" ؟

علاجٌ ناجعٌ آجلٌ. ممكنٌ ومحتملٌ.

عندي ثقةٌ كبيرةٌ في العصرِ العالمي المستقبلي لا في الجيل التونسي المستقبلي.

إمضائي

"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو

"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى" مواطن العالَم

حمام الشط، الثلاثاء 24 أكتوبر 2017.

 


 

لماذا ومنذ متى كَثُرَ الكلام حول الفساد السياسي في العالَم أجمع ؟ "لوموند ديبلوماتيك"، ترجمة مواطن العالَم

 

"عدد المقالات في الصحف الفرنسية (Le Monde et Libération)، التي تتناول الفساد بصفة أو بأخرى، تضاعفَ أربع مرات بين عشريتين (2630 مقال في عشرية 1981-1990، و10.520 في عشرية 1990-2000).

ما السبب ؟

1.   السبب الأول، نُشِرَ في دراسة عام 2004، ويقول ما يلي: قبل سنة 1990، تاريخ انهيار المعسكر الشيوعي، كانت معارك الأحزاب الانتخابية تدور حول رهانات إيديولوجية (يسار/يمين) رغم تغلغل الفساد آنذاك. بعد سنة 1990،  غيرت نفس الأحزاب من تكتيكها: برامج اليسار واليمين أصبحت متشابهة وتغيرت الأوليات المُلِحّة وأصبحت الكفاءة في ممارسة السلطة أولوية محدِّدة (...) التنافس السياسي إذن قاد هذه الأحزاب إلى إهمال نقاش المسائل الهامّة وفضّلت عليها تبادل الاتّهامات بالفساد بهدف النيل الرخيص من مصداقية الخصم. هذا التغيير في الاهتمامات كان بمثابة مأدبة بالنسبة لكبرى وسائل الإعلام. وسائل كانت متهمة بِـتفضيل ما تفضّله النخبة فوجدت في قضايا الفساد فرصة لتلميع صورتها (redorer leur blason). وما دامت تكشف فضائح الأغنياء والأقوياء في السلطة (Leurs turpitudes)، فهي إذن توهِمُ القرّاءَ بأنها حرةً، نزيهةً، حياديةً وموضوعيةً !

إضافة  مواطن العالَم: في تونس تضاعفَ الكلام حول الفساد مائة مرة على أقل تقدير في العشرية الأخيرة (2011-2019)، وذلك حسب رأيي ناتجٌ عن انقراض الرقابة على الإعلام وناتجٌ أيضًا عن دسترة حرية التعبير والنشر، ولا يعني البتة أن عهد بن علي كان أقل فسادًا، كان نظامًا مافيوزيًّا بامتيازٍ.

2.   السبب الثاني ينطلق من حركة إيديولوجية أعمق، غاب فيها النموذج السياسي الشيوعي ولم يعد أمام البلدان غير الديمقراطية (أوروبا الشرقية والعالَم الثالث) إلا خيارٌ واحدٌ يتمثل في النموذج السياسي الغربي الرأسمالي الليبرالي، نموذجٌ مُرفَقٌ وجوبًا بالحوكمة الرشيدة الخالية نظريًّا من الفساد (La bonne gouvernance).

Référence : Le Monde diplomatique, septembre  2019, extraits de l`article «À qui profite la lutte anticorruption ? Sermonner le monde ou le changer», par Benoit Bréville et Renaud Lambert, p. 13

حمام الشط في  4 سبتمبر 2019.

 


 

الحرب على الفساد داخل الحزب الشيوعي الصيني ! "لوموند ديبلوماتيك"، ترجمة مواطن العالَم، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي" (La spiritualité à l’échelle individuelle)

 

نوفمبر 2012، صرّح الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني وقال: "لو فشلنا في القضاء على الفساد داخل الحزب، ربما يسقط الحزبُ نفسُه".

انطلقت الحملة على الفساد داخل الحزب تحت عنوان "قتل النمور وسَحْقُ الذبابْ" (tuer les tigres et écraser les mouches أو بعبارةٍ أخرى "معاقبة الفاسدين من الأعضاء البسطاء كما المسئولين الكِبار"، وقد أوفَى الأمينُ بوعده !

حصيلة الحملة: مليون ونصف عضو شيوعي فاسد قُبِضَ عليهم خلال 6 سنوات (بين نهاية سنة 2012 ونهاية 2018). بالتفصيل: نصف مليون منهم يحتلّون مناصب في الحزب والدولة + 23 "نمر" من أعلى الرُّتَبِ. بصفةٍ عامّة، ثَمَّنَ الشعبُ هذا "الكَنْسَ".

تعليق مواطن العالَم: "أيها المتابعون والقرّاء، لا تفرحوا كثيرًا بما أتاه الحزب الشيوعي الصيني، واصبروا قليلاً حتى تعرفوا الطريقة التي تمّت بها هذه الحملة وتكتشفوا الأهداف غير النبيلة التي تختفي وراءها !".

 

الطريقة الصينية: اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وليس القضاء، هي الجهة الرسمية التي تولّت المحاسبة وهي أيضًا مَن أقرّت الإدانة مِن عدمِها. أما المحاكمات، إذا وُجِدت، فهي لا تتعدّى أن تكون إلا واجهة لمّاعةً. هذه التجاوزات سمحت بإزاحة المعارضين وتركيعِ محيطِهم.

Référence : Le Monde diplomatique, septembre  2019, Statut « Mouches et tigres chinois », p. 16.

حمام الشط في  5 سبتمبر 2019.


 

فسادٌ من نوعٍ آخرَ: مؤتمرات قَطَرْ والإمارات ! "لوموند ديبلوماتيك"، ترجمة مواطن العالَم

 

في الإمارات، تُقامُ مؤتمرات "فكرية كبيرة" تُقدّم فيها رشاوي للصحافيين الضيوف، عربًا وغربيين، تتراوح بين قلم جافّ مضخِم وساعة يد "رُولاكسْ". في 3 مارس 2018، قدّم رئيس فرنسا السابق، نيكولا ساركوزي، محاضرةً في أبو ظبي بمقابِل يقارب المائة ألف دولار، عنوانها "الديمقراطية التي تمنع بروز زعماء مُهابِين" من حجم جِينبينـﭬ الصين وبوتين روسيا ومحمد بن سلمان السعودية. خطابٌ لا يمكن إلا أن يعجِبَ الرجل القوي في الإمارات، الأمير ولي العهد محمد بن زايد آل نهيان.

في قَطَرْ، في أفريل الماضي، أقامت "منظمة برلمانية عالمية" مؤتمرًا حول مواضيع "التربية والمساواة بين الرجل والمرأة ومقاومة الإرهاب". تدقيقٌ في غاية الأهمية (Une précision de taille): لا وجودَ لبرلمان في دويلة قطر، يوجَد مجلس شورَى ذو طبيعة استشارية فقط.

Référence : Le Monde diplomatique, septembre  2019, Statut « Colloques sous influence dans le Golfe », par Akram BelKaid, p. 16 et 17

حمام الشط في  6 سبتمبر 2019.


 

مَن المستفيدونَ من حَمْلةِ الحربِ ضد الفسادِ التي تعلنها عادة الأحزاب الحاكمة لتغطِّي فسادَها هي بالذات ؟ مقال مستوحَى من جريدتي الشهرية الفرنسية المفضلة "لوموند ديبلوماتيك (Abonné)

 

"أكان ذلك من أجل تطويع القانون لأغراض فئوية قطاعية أو من أجل التأثير على أصوات الناخبين. الفساد هو وجه من وجوه التعبير العنيف عن سلطة الأقوياء. لكن هل أهدافُ مقاومِي الفساد تكونُ دائمًا نبيلة كما يدّعي أصحابُها ؟ وهل دوافِعُهم ودوافِعُ إعلامهم هي حيادية وموضوعية كما تبدو في ظاهرها ؟ في الأخير، هل تكفي الأخلاق لترشيد الحُكم والحُكّام ؟ وما هي الأولوية، وعظُ العالَم أو تغييره".

"الفساد يحدث عادة حتى في الدول الديمقراطية مثل فرنسا وروسيا وبريطانيا والبرازيل وكوريا الجنوبية وإسرائيل. الكارثة، التي نَعَتَها البابا فرانسوا أخيرًا بِـ"سرطان" المجتمعات العصرية،  تَقُضُّ مضاجع العالَم إلى درجة أن منظمة الأمم المتحدة أفردتها بيوم تحتفل فيه الكرة الأرضية بمقاومة الفساد، يوم 9 ديسمبر من كل سنة (...) في أمريكا، بين 2007 و2014، مائتا شركة من أنشط الشركات الأمريكية سياسيًّا، عندما أرادت التأثير على أصوات الناخبين، لم تكن في حاجة إلى رشوتهم مباشرة (كما يفعل عادة مرشحو دول العالم الثالث)، بل موّلت جمعيات رياضية مسانِدة لمرشحهم المفضّل: أنفقت عليها 5،8 مليار دولار (حوالي 15 مليار دينار، أي ما يُقارب نصف ميزانية تونس السنوية)، وفي نفس الحقبة حصدت ما زرعت، أي حصلت من الفائز على هدايا تعادل قيمتُها 4400 مليار دولار (حوالي 11000 مليار دينار، أي ما يُقارب 350 مرّة ميزانية تونس السنوية)، هدايا متنوعة: إعانات مالية تشجيعية، تخفيض أو إعفاء من دفع الضرائب (كالذي حصل عندنا منذ عام أو عامين في أزمة السياحة عندما أعفِيَ أصحاب النزل من خلاص فاتورات الماء والكهرباء ولم تلتفت الدولة إلى النصف مليون عائلة من ضعاف الحال المتضرّرين أكثر من كساد السياحة، مثل حِرَفِيِّ الصناعات التقليدية وعمال النزل المرسّمين والموسميين)".

حدث عندنا ما حدث في أمريكا، ففي سنة 2014، فعلها سليم الملياردير وموّل "النادي الإفريقي" قصد شراء ذِمَمِ أحبّاء الإفريقي في الانتخابات التشريعية ونجح نسبيًّا في مسعاه الانتهازي. رشوةٌ مقنّعةٌ أو تمويلٌ لا سقفَ له ولا يجرّمه القانون. كَمْ زَرَعَ سْلِيمْ وكَمْ حَصَدَ ؟ لا أملك أرقامًا.

استثناءٌ إيجابيٌّ، يُذكَرُ فيُشكَرُ: سامية عبّو، عضو برلمان عن حزب "التيار الديمقراطي" في الانتخابات التشريعية، حصدت هي ايضًا ما زرعت في جمنةن مسقط رأسي. ماذا زرعت وماذا حصدت ؟ زرعت مساندةً نضاليةً بِـنصرتها القانونية والمبدئية لِـ"جمعية حماية واحات جمنة" في معركتها المشهورة ضد مبروك كورشيد، وزير أملاك الدولة السابق. حصدت أصوات الناخبين الجمنين في الانتخابات البلدية الأخيرة لفائدة حزبها الذي فاز برئاسة بلدية جمنة، فاز على حساب "حزب النهضة"، صاحب الموقف المتذبذب من نفس القضية على المستوى المركزي، لكن والحق يقال لقد ساند نهضاويو جمنة قضيتهم بقوة وحماسة لا حدود لهما، أضف إليهم المساندة الشجاعة واللامشروطة لِـصديقتي النهضاوية، البرلمانية ممثلة ولاية ﭬبلي، السيدة المحترمة محبوبة ضيفلّه، أخت صديقي العزيز الحكيم والمؤرخ والأستاذ الجامعي محمد ضيفلّه.

خاتمة: في تونس ما بعد الثورة لم يعد الحدّ واضحًا، وقبلها لم يكن واضحًا أيضًا، لم يعد الحدّ واضحًا بين محاسبة الفاسدين وتبييض الفاسدين: جاءت العدالة الانتقالية ورَدِيفُها قانون المصالحة ومنحا فرصةً ذهبيةً للفاسدين لغسل جرائمهم المالية وذلك بخلاص الديون المتخلدة، خلاصٌ مرفوقٌ بغرامةٍ مالية، غرامة تطهّر بالمال الفاسد أموالَهم الفاسدة، تنظِّف ذِمَمَهم القذرة وتُوقِف التتبعات القضائية المتعلقة بشركاتهم، وتسوّي نهائيًّا وضعَهم القانوني، وعفا الله عما سلف، وبوس خوك، وما صار شيء، ولا محاكمة ولا محاسبة ولا هم يحزنون.. لا بل قد يصبح أحدٌ منهم رئيسَنا القادمَ المنتخبَ ديمقراطيًّا. النتيجة: الأغنياء هم ظاهريًّا مستهدَفون بالحرب ضد الفساد، هم أنفسهم يصبحون بالقُانونِ المائلِ المستفيدين، أما الفقراء فَفي كل الأحوال وعلى الدوام وفي كل الحروب هُمُ الخاسرون الأوّلون والأخيرون !

Référence : Le Monde diplomatique, septembre  2019, extraits de l`article «À qui profite la lutte anticorruption ? Sermonner le monde ou le changer», par Benoit Bréville et Renaud Lambert, p. 13

حمام الشط في  3 سبتمبر 2019.

 


 

فسادٌ من النوعِ الثقيلِ، فسادُ الشركاتِ الأمريكيةِ: "جينرال إلكتريكْ" نموذجًا ؟ "لوموند ديبلوماتيك"، ترجمة مواطن العالَم

 

شركة "جينرال إلكتريكْ" الأمريكية (GE) صنعت لنفسها سمعة "الفارس الأبيض" (chevalier blanc)، ونسجت علاقات وثيقة ومشبوهة مع "قطب مقاومة الفساد في وزارة العدل الفدرالية الأمريكية". الدليل: 15 نائبًا عامًّا سابقًا (procureur) كانوا يحتلون مناصب عليا داخل نفس الشركة عام 2014 في قسم "أخلاقيات داخل المؤسسة" (chargés de la compliance : éthique en entreprise).

منذ عام 2000، ابتدعت هذه الشركة طريقة جهنمية في المنافسة الليبرالية المفترسة، وفي ظرف 10 سنوات، ابتلعت أربع شركات منافسة كبرى والخامسة في الطريق (Alstom).

كيف ؟

تُقدّمُ  إلى الشركة الفريسة عرضَ شراءٍ مرفوقًا بملف فساد ضد أحد أو بعض مديريها أو مالكيها (وكلهم أو جلهم فاسدون)، عرضًا مسنودًا بوعدٍ لمساعدتهم على تسوية وضعيتهم مع القضاء. أما الشركات غير المنافسة والتي تبيع أو تروّج لبعض منتوجات (GE) فلا خوفَ عليها من مخالب "قطب مقاومة الفساد في وزارة العدل الفدرالية الأمريكية"، ولا هم يحزنون.

في سنة 2010، مثلاً، تمكنت (GE) من البيع مراكنةً للعراق (de gré à gré : sans appel d’offres) محركات توليد كهرباء تشتغل بالغاز (des turbines à gaz) بما يقابل عندنا 7،5 مليار دينار (تقريبًا رُبع ميزانية تونس السنوية).

تدقيقٌ في غاية الأهمية (Une précision de taille): الفساد يتمثل جَلِيًّا في أن العراق في تلك الفترة لا يحتاجُ لهذه المحرّكات لأنه لا يملك أصلاً القدرة على بناء محطات توليد كهرباء جديدة حتى يستعملها فيها فوجدت بغداد نفسها تملك عشرات التوربينات المستورَدة ولا تعرف ماذا تصنع بها !

تعليق مواطن العالَم: في أمريكا، القضاء غير مستقل، وفي تونس، القضاء مستقل !!!

Référence : Le Monde diplomatique, septembre  2019, extraits du statut « Le piège General Electric », p. 17.

حمام الشط في  7 سبتمبر 2019.

 


 

"كل الحضاراتِ، ودون استثناءٍ، بُنِيتْ على الفسادِ" ! فكرة فيلسوف غربي من القرن 18، نقل مواطن العالَم

 

"كل الحضاراتِ، ودون استثناء، بُنِيتْ على الفسادِ": جلها تأسسَ على المطالبة بالحق والحرية والعدالة الاجتماعية  وفي الواقع جلها شَيّدَ مجدَه على الفساد (ظلم الجنس اللطيف، رشوة، محسوبية، عبودية، إقطاع، حرب، احتلال، قتل، نهب، ظلم، استغلال، تهجير قسري، عصبية قبلية أو قومية أو دينية أو عِرقية أو طبقية، إلخ.).  جلها سقطَ كنتيجة طبيعية للفسادِ، والشيوعيةُ، تاريخيًّا أجَدُّ ضحيةٍ.

أحلام الإنسانية (السلام، الحق، الحرية، القِيم النبيلة، والعدالة الاجتماعية) لم تتحقق خلال تاريخ البشرية كله، ولو لِعقدٍ واحدٍ من الزمن.

رجاء: أعرض عليكم هذه الفكرة حتى أستفيدَ من دحضها أو تأكيدها، لذلك أرجوكم وأبوس أياديكم، انقدوا الفكرة واتركوا قائلَها وناقلَها، فالاثنان عدوّان شرسان للفاسدين مهما كان دينهم أو لونهم أو عِرقهم أو طبقتهم أو عِلمهم أو ثقافتهم.

إمضائي

Le pouvoir gouverne toujours comme les gouvernés gouverneraient s'ils avaient le pouvoir.  Jean Giono

Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites. Sartre Jean Paul, 1948

حمام الشط في 19 جويلية 2019.


 

لا يمكن أن نحارب الفساد بمنوال اقتصادي تنموي ليبرالي فاسد !

 

On ne peut pas lutter contre la corruption avec un modèle de développement libéral corrompu.

الفكرة واضحة جدا وبسيطة جدا والحجة الدامغة والصارخة تتمثل في الآتي: كل الحكومات التونسية المتعاقبة منذ الاستقلال، قبل وبعد الثورة، لم تنجح في محاربة الفساد (الرشوة، المحسوبية، التهريب، التهرّب من الضرائب، الغِش، الاحتكار، الزيادة في الأسعار، إلخ.)، لا بل استفحل وانتشر نتيجة صمتها وفي أكثر الأحيان بتواطئها رغم أنها كلها رفعت شعار "محاربة الفساد"، كلمة حق أرِيد باطلٌ. لماذا ؟ لأن الفساد لا يمكن أن يُحارب بمنوال اقتصادي تنموي ليبرالي فاسد ! وواهمٌ مَن ينتظر العسل من عش الدبابير !

للتوضيح أكثر، أعطي مثالاً حيًّا معاصرًا تحقق على أرض الواقع في تجربة جمنة (مسقط رأسي في ولاية ڤبلي)، تجربة صغيرة في الحجم، كبيرة في المعنى:

1.    قبل التجربة، كان المنوال الاقتصادي التنموي الليبرالي الفاسد سائدًا في تونس: توجد بجمنة واحة على ملك الدولة، تعد 11 ألف نخلة، دخلُها السنوي الحالي يقارب المليونَيْ دينار. عرضتْها الدولة للكراء في صفقة أقل ما يُقال فيها أنها صفقة مشبوهة ويكفي أن تطّلِعوا على معلوم الكراء السنوي حتى تتأكدوا من فساد الصفقة، الصفقة تمّت بالمراكنة (دون نشرٍ) واستُعمِلت فيها المحسوبية والرشوة (20 ألف دينار سنويًّا معلوم كراء لِواحة تدرّ ربحًا سنويًّا يساوي المليون دينار بعد طرح مصاريف العناية بالنخيل). كان المستثمر يضع كل الأرباح في جيبه وبعضها في جيوب مَن يتستّر على فساده من المسؤولين الحكوميين المحلّفين. لم يكن يشغّل إلا عشرة عمال قارّين فقط ولم يوظّف أي مليم في أي مشروع تنموي بجمنة، خيري أو ربحي. منوالٌ تنمويٌّ يخدم المصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة.

2.    خلال الثورة وقبل هروب بن علي (بالضبط، يوم 12 جانفي 2011)، طُرِد المستثمر الرأسمالي، استرجَع أهالي جمنة ملك جدودهم الذي اغتصبه المستعمر سنة 1910، اغتصابٌ أبّدته الدولة التونسية عوض إرجاع الواحة للجمنين أصحاب الأرض الشرعيين.  تغيّر المنوال التنموي، من منوال تنموي اقتصادي ليبرالي فاسد إلى منوال اقتصادي تنموي تشاركي-تضامني، فتغيّرت معه التنمية: فجأة، سَطَعَ نورُ الشفافية، انقرض الفساد، ذُلِّلت العوائق البيروقراطية، تضاعف الإنتاج وزاد الربحُ المشترك، ارتفع عدد العمال القارّين من 10 إلى 130. أصبح كل المدخول السنوي بعد طرح المصاريف (مليون دينار) يُصرف لفائدة المصلحة العامة حيث أنجزت الجمعية المسيِّرة للواحة عدة مشاريع اقتصادية غير ربحية ومشاريع اجتماعية وثقافية وأخرى خيرية وعمّ خيرها بلدة جمنة وأحوازها.

 

ملاحظة 1 موجهة للمشككين في المنوال التنموي الاقتصادي التشاركي-التضامني (Modèle de développement d`économie sociale et solidaire): في فرنسا الرأسمالية الليبرالية يساهم هذا المنوال في الاقتصاد الفرنسي بنسبة 12% ويشغِّل مئات الآلاف من الأجراء-الشركاء.

ملاحظة 2 موجهة إلى المتفائلين المنتظرين خيرًا قد يأتي من حكومة الشاهد، رئيس الحكومة الأسيق في عهد الرئيس الباجي قائد السبسي: وثيقة المخطط الخماسي لهذه الحكومة تعِد التونسيين برفع مساهمة الاقتصاد التشاركي-التضامني، مساهمة  قد تصل إلى 7% من الاقتصاد التونسي في نهاية 2020. الوعدُ كاذبٌ من أساسه والدليل أن هذه الحكومة نفسها هي التي تحارب اليوم تجربة جمنة وتريد القضاء عليها في المهد خوفًا من انتشارها في كامل تراب الجمهورية، ولو كانت صادقة في وعدها لشجعت تجربة جمنة واعتمدتها كنموذجٍ للمستقبل.

ملاحظة 3: هذه الكلمة، ألقيتُها يوم السبت 10 جوان 2018 في مسامرة رمضانية بقاعة الأفراح ببلدية حمام الشط نظمها فرع حزب الجمهوري بحمام الشط تحت إشراف عصام الشابي الأمين العام للحزب والمولدي الفاهم عضو المكتب السياسي وثالث لا أعرف اسمه ورابع لا أريد ذكر اسمه. حضرها جمعٌ غفيرٌ (14 امرأة و46 رجل) وكان عنوانها "الوضع السياسي الراهن".

حمام الشط، الاثنين 11 جوان 2018.

 

 

 

 

الإرهاب


 

أسباب انتشار عقيدة الجهاد العنيف (Le djihadisme) في العالَم غير الإسلامي تحت مجهر خبراء غربيين ؟ لوموند ديبلوماتيك، ترجمة مواطن العالَم

 

أبدأ بطرح الإشكالية: هل التطرف الديني مرتبطٌ بالإسلام أم هو تطرفٌ سياسيٌّ يتستر بالإسلام ؟

-       فهراد خُوشروكافار (مدير دراسات بجامعة فرنسية): "التطرف الديني يمثل ذروة الأزمة العميقة التي تمر بها المجتمعات الغربية (...) جاذبية داعش نتجت عن أزمة حلم، أي غياب أفق سياسي في مجتمعات تتفاقم فيها عدم المساواة أكثر فأكثر (...) غياب العدالة الاجتماعية تُنتِج اليوم تطرفًا مزدوجًا، شعبويًّا وجهاديًّا". "الإسلام في هذه الحالة ليس إلا انتحال اسم لحلم رجعي وقمعي يبرر العنف." (السلفية أو الوهابية الجديدة التي انتعشت مع ارتفاع سعر البترول سنة 1970).

-        

-       لوران بونالي (أستاذ علوم سياسية بجامعة نانتير): "الخطاب الجهادي يُغيّب المسألة الاجتماعية ويؤكد على وجود نظام قمعي لكنه يُرجِع أسبابَه إلى ثنائية غير مسلم ضد مسلم".

-       ميريام بن رعد (مؤلفة حول الإرهاب وأستاذة بجامعة هولندية): "حتى نفهم الظاهرة، يجب معالجة عقيدة الجهاد العنيف كإيديولوجيا معاصرة والاشتغال على الخطاب والرؤيا للعالم اللذين يتبناهما أتباعها".

-       حَسني عبيدي (أستاذ جامعة بجينيف وفرنسا):  يفسر:  يندر وجود علماء دين مسلمين يدحضون حجةً بحجةٍ منظومة البراهين الجهادية، خاصة باللغة الفرنسية، لغة هي نفسها متهمة بالانحياز للعدو من قِبل شبيبةٍ في طور البحث عن مجتمع إسلامي "مثالي"، لغةٌ ينسبونها إلى جهاز الدعاية الذي يخدم الأنظمة العربية أو الغربية، وكلها في نظرهم عدوة. "يُجمِع المجتمع الجامعي الفرنسي على القول بأن الإسلام، كدين، بريء من تهمة التسبب في انتشار عقيدة الجهاد العنيف، لكنه يجد صعوبة كبيرة في الدفاع عن هذه الفكرة لأنه ببساطة يجهل أغوار الدين الإسلامي. الإسلام ليس موضوعَ بحث باستحقاق: في فرنسا وأوروبا، لا توجد منابر جامعية كافية تهتم بدراسة الإسلام. الدراسة المعمقة والمقارنة هي السبيل الوحيد لتوفير أدوات مفاهيمية وحجج متينة قادرة على فهم كيف يصبح الجهاد العنيف تحويل وِجهة".

-       بيار بيشو (صحفي فرنسي وله مؤلفات حول الإرهاب): يُحذِّر: "يتمثل الخطر في اعتبار كل الجهاديين الفرنسيين أو الأوروبيين أشخاصًا غير مثقفين. أكيد، بعضهم لم يقرأ في حياته القرآن ولا يتكلم حتى العربية. لكن البعض الآخر منهم نَهَلَ من الإنتاج الديني لمنظري عقيدة الجهاد العنيف الذي وقع تحت يديه". "منذ ثلاثين سنة، أصبح لعقيدة الجهاد العنيف مُنظرون يرتكزون على كمٍّ هائلٍ من النصوص والتفاسير القرآنية. انتبهوا إلى "تأثير العدسة المكبرة" الذي يجرنا للخطأ المتمثل في ظاهرة المتدينين الجدد أو الأشخاص الذين يصبحون متطرفين بسرعة دون المرور بفترة طويلة من ممارسة الطقوس الدينية أو الذين لم يعيشوا في عائلات تصوم وتصلي. كل هذا لا يمكن أن يتم إلا إذا وُجدت عقيدة - من المؤكد أنها عقيدة أقلية لكنها منظمة مهيكلة وقوية بما فيه الكفاية -  قادرة على الإقناع والانتشار".

-       دنيا بوزار (عالِمة أنسنة) تعارض الفكرة السابقة: "الإسلام ليس سببًا للإرهاب بل هو وسيلة يستعملها المجنِّدون (...) من بين 13 ألف مكالمة التي وصلت في بضعة أشهر عن طريق الهاتف الأخضر المجاني من العائلات الفرنسية الحريصة على حماية أبنائها من التجنيد الداعشي، 40%  منها لا تتوفر لديها مرجعية إسلامية، و5%  منها يهود. أولادهم لم يُولُّوا وجوهم  يومًا نحو جامعٍ أو مسجدٍ".

-       ميشيل فيفيوركا (عالِم اجتماع ومدير دراسات):  "وراء كل عنف أقصى توجد عقيدةٌ قصوى، حتى ولو يكون الجهاديُّ قد اكتشفها في آخر لحظة، حتى لو كانت متأتية من توظيف النصوص، وحتى لو تدخلت عوامل أخرى ساعة المرور إلى التنفيذ" (لكن المتحدث يعترف بوجود استثناءات، مثل الإرهابي النورويجي الذي قتل 80 شخصًا سنة 2011 دون أن يكون مدفوعًا بعقيدة دينية، عقيدته من طبيعة أخرى، نستطيع أن نذكّر أيضًا بالعنف الأقصى للنازية).

-       فهراد خُوشروكافار (مدير دراسات بالجامعة الفرنسية): "الشبان الفرنسيون المعنيون يوظفون إسلامًا غارقًا في الخيال ليصبغوا بالقدسية كرههم للمجتمع (...) يجتزئون من القرآن ما يساعدهم ويقابلون سورتين حربيتين - الأنفال والتوبة - مع أخريات متسامحة جدًّا" (هذه الأخريات يتجاهلها قصدًا الإنتاج الديني لمنظري عقيدة الجهاد العنيف).

-       عصام ظفراوي (أستاذ اقتصاد وسياسة بجامعة فرنسية): " عقيدة الجهاد العنيف شرٌّ متعدد الرؤوس والأشكال، شرٌّ في تحوّلٍ سريعٍ وثابتٍ" (بلغة أخرى، موضوعٌ يصعب الإلمامُ بكل جوانبه لندرة الدراسات المباشرة حوله).

-       لوران بونالي (أستاذ علوم سياسية بجامعة نانتير) يقدّر أن: "نقص الدراسات الميدانية في هذا المجال يجعل المختصين يستقرئون الواقع انطلاقًا من الملاحظات النادرة المتاحة أمامهم. نستطيع بناء أفكار  انطلاقًا من خاصيات مميزة مشتركة بين بعض الجهاديين، لكن هذا لا يعني أنها تفسر كل شيء، أو تدعي أن كل حاملٍ لهذه الخاصيات قابلٌ للتحول إلى جهاديٍّ عنيفٍ."

-       لويس مارتيناز (مدير دراسات بجامعة العلوم السياسية بفرنسا): "إلى حد الساعة، في مستوى الجامعة، لا يمكن اعتبارُ داعشَ ومجنَّديها القادمين من أوروبا كموضوع بحثٍ. من المفروض أن تُنجَز دراسةٌ على أوسع نطاقٍ لمحاورة هؤلاء الجهاديين. المؤسف أنها مستحيلة التحقيق لأسبابٍ أمنيةٍ بديهيةٍ." (في الغالب، لم يبق إلا طريق مساءلة الجهاديين المسجونين).

-       لوران بونالي (أستاذ علوم سياسية بجامعة نانتير) يحذّر: "حتى في هذه الحالة، انتبهوا للدوافع المركبة والمؤلفة بَعديًّا من قِبل هؤلاء الجهاديين السجناء."

-       دافيد تومسون (صحفي وله مؤلفات حول الإرهاب) والثنائي بيشو-كايات كانوا مع ذلك روادًا في هذا المجال، أجروا حوارات مباشرة مع جهاديين في الميدان.

-       ميشيل فيفيوركا (عالِم اجتماع ومدير دراسات) يلخص:  "بالنسبة لفرنسوا بورغا، المسألة تكمن أولاً وقبل كل شيء في الهيمنة الاستعمارية، جيل كيبال يرى أن الدين هو مركز الداء، أما أولفيي روا، هذا الدارس الثالث للتطرف الجهادي فهو يُرجح ظاهرة التطرف الشبابي.

-       أولفيي روا: عقيدة الجهاد العنيف لا تَنتُج "من تطرف الإسلام بل من أسلمة التطرف. (ثم يشرح) يوجد تطرف إسلامي، هذا بديهي (...) لماذا إذن أميز بين الاثنين؟ لأن التطرف الجهادي العنيف، بالنسبة لي، ليس نتيجةً ميكانيكيةً للتطرف الديني. أكثر الإرهابيين هم شباب الجيل الثاني من المهاجرين، تطرفوا حديثًا ودون المرور بمسلك ديني طويل المدى."

-       جيل كيبال: يتحدث في كتابه الأخير عن "فضاء جهادي عالمي أين يتشابك التهميش الاجتماعي، الماضي الاستعماري، الاستياء السياسي وحِدّة التدين الإسلامي."

-       فرنسوا بورغا: يُرجِع سبب الظاهرة لعدم جهوزية المؤسسات الوطنية والدولية للعيش المشترك وهذا هو الذي "يصنع أتباع المستقبل" لعقيدة الجهاد العنيف.

-       إمانويال ماكرون (رئيس فرنسا الحالي، 2018): نشأ التطرف "لأن الجمهورية فشلت أو استقالت" تاركةً وراءها، "في عديدٍ من المدن وكثيرٍ من الأحياء، ممثلين لديانةٍ مشوهةٍ (...) يجلبون حلولاً لم تعد  الجمهورية توفرها."

-       رفائيل ليوجيي (فيلسوف، عالم اجتماع، وأستاذ بجامعة إيكس): السلفية أصبحت اليوم "مفهوم-حقيبة، يجمع داخلها بين الإسلام السياسي والإرهاب"، كلمة تشير إلى إرادة "الرجوع إلى نمط حياة السلف بهدف تقليد الصحابة الذين عاشوا في القرن السابع ميلادي"، كلمة أصبحت في فرنسا "ظاهرة موضة" حيث تظهر العقيدة في اللباس، اللحية، وأصبح نمط الحياة يطغى عليه هاجس التشبث بالحلال. حوالي سنة 2010، يدقق الفيلسوف مسترسلاً: "شباب الأحياء المحرومة أصبح راغبَا في تصفية حساباته مع المجتمع الفرنسي مستغلاً بروز ظاهرة الإسلاموفوبيا على الساحة (كره الإسلام والمسلمين)" بتحريضٍ من اليمين المتطرف وجزء من الطبقة السياسية، رغم أن هؤلاء "المنتفضون"  لا يرتبطون "لا بالإسلام ولا بالإسلام السياسي". لا يتكلمون العربية، لا يحفظون القرآن ولا يلتقون مع أطروحات الإسلام السياسي إلا "في كونه يضيف فعالية وجدوى لتحركاتهم من أجل تحقيق رغبة الانتقام". 

-       ميريام بن رعد (لها مؤلفات حول الإرهاب وأستاذة بجامعة هولندية): "أن تكون سلفيًّا لا يعني أن تتحول مباشرة إلى الفعل العنيف أو التطرف". كانت الأنظمة الديكتاتورية في الماضي (بن علي في تونس ومبارك في مصر) تجند السلفيين المسالمين لمواجهة الراديكاليين اليساريين والإسلاميين.

-       لوران بونالي (أستاذ علوم سياسية بجامعة نانتير) يتكلم عن: "تحولات مجهرية وتغيرات متسلسلة ومتتالية" تُعلّمُ (jalonner) مسالك الجهاديين الفرنسيين الذين اطلع على ملفاتهم. بالنسبة له، هي "مسائل الإقصاء، انعدام العدالة الاجتماعية، والمعتقدات الدينية أو الإيديولوجية، كلها مسائل مربوطة ببعضها شديد الارتباط".

-       فرنسوا بورغا (23 عام إقامة في العالم العربي لدراسة حركات الإسلام السياسي) الذي يفضل فكرة القطيعة: أول سبب في "طلب الجهاد العنيف" من قِبل الجهادي المحتمَل هو "لفظه من قِبل المجتمع الأصلي" أي الفرنسي، معتقدًا أنه لن يصبح أبدًا "مواطنًا فرنسيًّا كامل الحقوق" بل سيصبح "فرنسيًّا مقصِيًّا معبّدًا". الدافع الثاني عند بورغا يكمن في "العَرض المغرِي الذي يقدمه له الجهاد العنيف"، عرضٌ مُقدمٌ "كجوابٍ على النقائص التي غذت الطلب". أما الثالث فهو "حب المغامرة". فهراد خُوشروكافار يضيف دافعًا رابعًا: "قد تبدو داعش كمانحةٍ لترقية اجتماعية" مع تسلمِ فوريٍّ لِشُغلٍ ومُرتبٍ.

-       دنيا بوزار (عالِمة أنسنة) لا تعارض: "كلما ضاق المكانُ بالشباب هنا، إلا وزاد البحث عن مكانٍ أوسعَ في الآخرة (...) عدد من الجهاديين يحافظ على نمط عيش يقل  فيه الحلال، كحول، مخدرات وانحرافات طفيفة. هنا ترى دنيا بوزار "النماذج الأخطر" التي تستنهض غريزة الموت وتبغي "الشهادة" طمعًا في الفوز بـ"الجنة" حيث تصبح كل المتعٍ حلالاً.

-       فرنسوا بورغا: "بعض الجهاديين يثيرون مسألة إهانة الأب، عامل مهاجر، أو يتعرضون لميزان القوى بين الغرب والشرق. حتى المسألة الفلسطينية لا تظهر إلا  نادرًا في حجج التبرير". بورغا يقدّر أن العامل المركزي يتمثل في "فرنسا، أرض الإذلال"، مثلاً، في أوت 2016، عُيّن مواطن فرنسي غير مسلم (جان-بيار شوفانمان) على رأس مؤسسة إسلام فرنسا. هل يمكن أن نتخيل فرنسيًّا غير يهودي يرأس مؤسسة ليهود فرنسا ؟

-       وصل عدد الجهاديين الفرنسيين إلى حوالي ألفَي مجاهد ذهبوا إلى سوريا والعراق، ثلثهم أتى من مجتمعات فرنسية لم تهاجر من بلدان إسلامية.

-       فهراد خُوشروكافار يذكّر بأن ثلث متساكني السجون الفرنسية - أين ينشط مجنِّدو داعش - يشكون من أمراض ذهنية، نصفهم قد يتوجب إيواءه مستشفى الأمراض العقلية (...)  يضيف قائلاً أنه "بين 40% و60% من مجموع سجناء فرنسا هم مسلمون (...) الإسلام السلفي يرفض العنف وأغلبية المساجين السلفيين يحلمون بالهجرة إلى بلد مسلم، بلدٌ قد يستطيعون العيش فيه مع عقيدتهم بسلام أفضل من العيش في فرنسا". أضاف رفائيل ليوجيي قائلاً: "منذ 2015، قلتُ أن قاعات رياضة كمال الأجسام تضم  جهاديين محتملين أكثر مما تضمه الجوامع" وهو نفسه من مُحِبي فنون الدفاع عن النفس، وأن الرغبة في استعراض العضلات قد يساعد على المرور للتطبيق. قاضي الإرهاب، مارك تريديفيك، قال أن: "القاعدة لا تجنّد المرضى نفسيًّا، أما داعش، فعلى العكس، تجند المجرمين العنيفين الذي مارسوا القتل أو هم مستعدون لممارسته".

كيف نحارب التطرف الجهادي العنيف؟

-       بيار بيشو يفضل "الحلول السياسية لمشاكل الشرق الأوسط وتوقف التدخلات العسكرية الغربية التي تغذي الدعوة للجهاد العنيف. فالانتصار على داعش لن يغير شيئًا بل يجب تجفيف منابع الإنتاج الإيديولوجي للجهاديين العنيفين.

-       حَسني عبيدي - في نفس السياق - يقترح التفكير في حل على مستوى عالمي وينصح بالتنسيق مع بحاثين عرب مثل مروان شهادة ومحمد أبو رمانة، والاستعانة برجال دين مسلمين لدحض "القيم المقدسة" التي يتبناها الجهاديون من أجل إقناعهم بالتخلي عن الأفعال العنيفة لنشر الإسلام.

-       فهراد خُوشروكافار يقول أنه بعد القبض على الجهاديين وشل حركتهم والتعرف على هُوياتهم، يجب مساعدتهم على "التفكير في مراجعة تمشيهم الخاص". قبل سِن العشرين عامًا، يؤكد عالِم الاجتماع على أن الإيديولوجيا لا تلعب إلا دورًا هامشيًّا: مشاكل الشخص الذاتية هي التي تطغى، لذالك يجب الاهتمام بالجانب النفسي لـ"إزالة التطرف". دنيا بوزار لها كامل الأحقية في الاعتقاد بأن بعض الشباب هم ضحايا التلاعب الطائفي. لكنها تقع في الخطأ عندما تعتقد أن هذا النموذج يمكن أن يُعمَّم لأن المسألة تتعدى علم النفسي الفردي: يواصل خُوشروكافار قائلاً: في أوروبا، جزء كبير من الشباب المقصي، هم من أصل مسلم "يُعانون من انعدام المساواة، فيرفضون في المقابل أن ينضموا إلى الرؤيا العلمانية التي تحكم المجتمع العصري".

-       جيل كيبال يقول إن "السجن هو بمثابة جامعة للجهاديين"، لذلك وجبت محاربة الدعوة للجهاد داخله مما قد يمنع تلاقي السلفيين دعاة السلام بالجهاديين دعاة العنف.     

Référence: Le Monde diplomatique, décembre 2017, «Beaucoup de controverses et peu d`études de terrain, Le djihadisme sous la loupe des experts», par Akram Belkaid et Dominique Vidal (Journaliste et historien), pp. 8 et 9.

حمام الشط، الأحد 25 مارس 2018.

 


 

أيها الغربيون وأيها العرب اللائكيون (دون تعميم): أرجوكم تثبتوا قبل أن تُقحِموا القرآنَ  والحضارةَ العربيةَ الإسلاميةَ في النقاش السائد والدائر حول أسباب الإرهاب الداعشي ؟ فكرة مفكر مسيحي لبناني، السياسي والاقتصادي جورج قرم. ترجمة بتصرف مواطن العالَم

 

يبدو لي أن حاضنة (La couveuse) الإرهاب الداعشي ليست دينية ولا حضارية بل هي دنيوية سياسية (Profane-politique et non religieuse-civilisationnelle) والأدلة عديدة ومتعددة وعلى سبيل الذكر لا الحصر أذكر لكم بعضها:

-       لو كانت الأسبابُ صِداميةً-حضاريةً لَما افتتن العربُ بالحضارة الغربية ولَما بعثوا أبناءهم للدراسة في أكبر الجامعات الغربية، فحتى رجال الدين منهم فضّلوا الغرب ولم يرسلوا أبناءهم إلى جامعة الملك فيصل في السعودية أو جامعة الأزهر بمصر. نحن نرى أن كل الفئات الاجتماعية العربية مبهورة بما حققته الحضارة الغربية من رُقِيٍّ وتقدّمٍ وأغلبهم يتمنون العيش في البلدان الغربية (أغنياء وفقراء، نخبة وعامة، رجال ونساء، أطفال وشباب وشيوخ، يساريون وإسلاميون، ليبراليون ومحافظون، إلخ). نحن نرى أيضا أن حزبًا إسلاميًّا مثل حزب النهضة يدفع مئات الملايين من العملة الصعبة لتدريب أبنائه على ممارسة الحكم المحلي في بعثة إلى بريطانيا أو أمريكا ونلاحظ إصرار بعض قياداته على البقاء الإرادي والاستقرار الحر في الغرب مفضِّلين حضارته على خدمة حزبهم في تونس وحريصين على مستقبل دراسي أفضل لأبنائهم في الجامعات الغربية العَلمانية.

-       لو كانت الأسبابُ صِداميةً-حضاريةً لَما هاجر إلى ألمانيا قرابة المليون مسلم سوري وعراقي من الطبقة المتوسطة متحَدِّين الموت غرقًا.

-        ولو كانت الأسبابُ دينيةً لَما التجأ إلي الغرب وأقام في بلدانه العَلمانية عقدًا أو عقدين من الزمن أبرزُ قيادات الحركات الإسلامية المضطهدة في بلدانها الإسلامية.

-       لو أرجعنا أسبابَ الإرهابِ الداعشي لِما ورد في القرآن فهل يجوز لنا بالقياس إرجاع أسباب جرائم الغرب الحديثة ضد الإنسانية لِما جاء في التوراة والأناجيل مثل الاحتلال الاستيطاني الصهيوني العنصري لكل أرض فلسطين أو إبادة شعب الهنود الحمر في أمريكا الشمالية أو 150 ألف قتيل مدني ياباني في هيروشيما أو 45 ألف ضحية مدنية جزائرية في سطيف 1945 أو الملايين من المواطنين اليهود الذين قضوا نحبهم ظلمًا في معسكرات الاعتقال النازية أو... أو...

-       فرانسوا بورڤا، عالِم سياسي فرنسي، مختص في دراسة الحركات الإسلامية: "قال لي مرة نائب إخواني أردني: لو طبقتم قِيَمَكم الواردة في إعلانكم العالمي لحقوق الإنسان ولم تكيلوا بمكيالين في قضية الصراع العربي-الصهيوني لأصبحنا كلنا غربيين".

خاتمة: أرجوكم لا تُقحِموا القرآن  والحضارة العربية الإسلامية في النقاش السائد والدائر حول أسباب الإرهاب الداعشي فمَن كان بيتُه من زجاجٍ لا يرمي الآخرين بِحجرٍ، بل تمهلوا وتفحصوا واحذروا أن تخدعكم المظاهر فالمحتوى سياسي واللغة رمزية إسلامية وابحثوا عن الأسباب الحقيقية الكامنة في أنظمتِكم السياسية الرأسمالية الغربية المعتدية على بلداننا العربية الإسلامية والناهبة لخيراتنا الأحفورية والبشرية (العمال المهاجرون والأدمغة العربية المهاجرة إلى الغرب) والمتحالفة مع أنظمتنا العربية الديكتاتورية التابعة أو العميلة.

حمام الشط، الاثنين 27 فيفري 2017.


 

من سوء حظنا نحن العربُ أن التطرفَ الديني عندنا يتصاعد وبِوتِيرَةٍ سَرِيعَةٍ ! فكرة جورج قرم، كاتب ومفكر حر لبناني. تأثيث مواطن العالَم

 

جورج قرم: "الشريف رضا (بداية القرن 20) كان أكثر تطرّفًا من محمد عبده، حسن البنا الإخواني أكثر تطرّفًا من الشريف رضا، سيد قطب الإخواني أكثر تطرّفًا من حسن البنا، أسامة بن لادن السلفي الجهادي أكثر تطرّفًا من سيد قطب، أبوبكر البغدادي السلفي الجهادي أكثر تطرّفًا من أسامة بن لادن" (بداية القرن 21).

أضيف: الإخوان المسلمون الجزائريون (حرب أهلية) أكثر تطرّفًا من الإخوان المسلمين السوريين، والإخوان المسلمون السوريون (معارضة مسلحة) أكثر تطرّفًا من الإخوان المسلمين المصريين (معارضة سلمية) والنهضاويون التونسيون أقل تطرّفًا من الاثنين (على مستوى خطاب وممارسة القيادة اليوم: ديمقراطية، دستور وضعي، حرية الضمير والمعتقد، مجلة الأحوال الشخصية التي تضمن مساواةً كاملةً وحقوقًا أساسيةً للمرأة، التداول السلمي على السلطة، فصل الدعوي عن السياسي، الحوار الوطني وسياسة التوافق والتعايش وتقاسم السلطة مع الخصم السياسي بغض النظر عن اختلافي مع حزب "النهضة" في مشروعه السياسي والفكري والمجتمعي).

ميشال أونفري، فيلسوف فرنسي: "الحضارة اليهودية-المسيحية في حالة تفسّخ وتدهور وانحطاط، والدليل أنك لن تجد اليوم مسيحيًّا واحدا مستعدًّا للتضحية والاستشهاد دفاعًا عن دينه أو رسوله بينما تجد آلافًا من المسلمين مستعدين لذلك من أجل نصرة دينهم ورسولهم".

تعليق: نصرة الدين الإسلامي والرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو سلاح ذو حدين، فلو كان نصرةً للعدل والحق فهو مطلوبٌ ومحمودٌ، لكن لو كان تعصبًا أعمى وتكفيرًا وإقصاءً لغير المسلمين كما هو حال النصرة والقاعدة وداعش وأنصار الشريعة وبوكو حرام وفتح الشام، فهو مرفوضٌ ومذمومٌ.

وذلك لسببٍ منطقِيٍّ واضحٍ وهو التالي: المفروض أن الإنسانَ يتعصب لمِلكِه، ونحن نعلم أن الإسلامَ رسالةٌ نزلت للعالمين مسلمين وغير مسلمين، ورسولنا محمد بُعِثَ رحمة للعالمين مسلمين وغير مسلمين. كفانا إذن تشويهًا للإسلام وانحرافًا عن رسالته السمحة المتسامحة ولْنَكُفّ عن نسبة عنصريتنا وتكبرنا وكرهنا للآخر إلى حديثٍ أو قرآنٍ وهما  مِن أوهامِنا وأطماعِنا براءٌ في براءٍ.

نفحة أمل أنهي بها مقالي: يبدو لي ولبعض الفلاسفة الفرنسيين أن التطرفَ الإسلامي له لغةٌ ورمزيةٌ إسلاميةٌ وأسبابٌ سياسيةٌ، وليست أسبابًا دينيةً كما يتوهم أغلب ُالغربيين وبعضٌ من المسلمين.

ويبقى الغربُ الاستعماري (خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بما فيها روسيا وإسرائيل) هو المولِّدُ الرئيسي لإرهاب دُوَلِهِ المسَلَّطِ على العالَم الثالث بِرُمّته، المولِّدُ بدوره لإرهاب الحركات الإسلامية المذكورة أعلاه، ويبقى الغربُ كافرًا بحقوق الإنسان خارج حدوده الجغرافية وكأن الإنسان لا وجودَ له خارجها. لا يعنيني كمسلم كُفرَه بالإسلام، فنحن أيضًا نَكفرُ باليهودية والمسيحية في ثوبَيهِما المعاصرَين، وذلك لأنني كمسلم أيضًا أومن بحرية المعتقد استنادًا لما نزل في القرآن الكريم من آيات تؤكد وتُبيح هذه الحرية المطلقة مثل: "لا إكراه في الدين" و"فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ "و"وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا".

« Notre crise dans le monde arabe s`explique mieux, non par le retour au religieux, mais plutôt par le recours au religieux qui maquille parfaitement les pieux corrompus » Georges Corm, penseur libre  libanais

حمام الشط، الثلاثاء 7 مارس 2017.


 

ما مدى صحة مقولة "المتطرّفون يتشابهون" (Les extrêmes se rejoignent) ؟

 

ديونتولوجيًّا، لستُ مختصًّا في الحركات المتطرفة ولا في الإرهاب "الشيوعي" أو "الإسلامي"، هو اجتهادٌ متواضعٌ، لا أكثر ولا أقل.

منهجيًّا، سأكتفي بـتناولُ مثالَين اثنَين فقط: المتطرّفون "الشيوعيون" (شيوعيون من كل الجنسيات) والمتطرّفون "الإسلاميون" (مسلمون من كل الجنسيات). مَن هم بالضبط ؟

-       المتطرّفون "الشيوعيون"، ظاهرة تاريخية وقعت في النصف الثاني من القرن الماضي: هم الماركسيون اللينينيون أي الستالينيون والماويون، ومنظماتهم السرية التالية: مثل "بادر ماينهوف" الألمانية، "الجيش الأحمر" الألمانية، "الجيش الأحمر" اليابانية، "الفعل المباشر" الفرنسية، " الألوية  الحمراء" الإيطالية، "الجبهة الشعبية" الفلسطينية، "الخمير الحمر" الكمبودية (وصلت إلى السلطة 1975-1979 وأثخنت في الشعب إرهابًا، قتلت ربعه على أقل تقدير)، إلخ.

-       المتطرّفون "الإسلاميون"، ظاهرة معاصرة بدأت في أواخر القرن الماضي ولا تزال متواصلةً حتى اليوم: هم  الإسلاميون أو "الذين يُنسَبون خطأً للإسلام كَوَحْيٍ" أو "الذين يُنسَبون صوابًا للإسلام كحضارة" (فكرة التمييز بين الاثنين، الوحي والحضارة، لـصاحبها ديكارت المسلمين، المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي)، أو "الإسلام الغاضب" كما ينعته المفكر الإسلامي التونسي راشد الغنوشي، ومنظماتهم السرية والعلنية التالية: "القاعدة" السعودية، "القاعدة" المغاربية، "أنصار الشريعة" التونسية، "داعش" السورية-العراقية، "داعش" الليبية، "النصرة" السورية، "طالبان" الأفغانية، "التكفير والهجرة" المصرية، "الأفغان الجزائريون"، إلخ.

 

1.   ما هي أهم نقاط الخلاف الإيديولوجي بينهما ؟

-       "الإسلاميون": يؤمنون بالقضاء والقدر، واليوم الآخر، والشهادة، والجنة والنار، ويؤمنون بالله وحده لا شريك له.

-       "الشيوعيون": لا يؤمنون بالله، ولا القضاء والقدر، ولا اليوم الآخر، ولا الشهادة، ولا الجنة والنار، يؤمنون بالإنسان وحده دون سواه.

-       "الإسلاميون": يرغبون في تطبيق الشريعة مع تنفيذ عقوبات الحدود، ويؤمنون بأن الحاكمية لله وحده وليس للشعب، والدستور الوحيد الذي يعترفون به هو القرآن وصحيح البخاري.

-       "الشيوعيون": يرغبون في تطبيق ديكتاتورية البروليتاريا، ويؤمنون بأن الحكم للحزب الشيوعي وحده وليس للشعب، والمرجع النظري الوحيد الذي يعترفون به يتمثل في أفكار وممارسات الرباعي "ماركس-أنجلس-لينين-ستالين" و"ماو" بالنسبة للماويّين منهم.

 

2.   ما هي أهم نقاط التشابه في الوسائل بينهما ؟

-       "الإسلاميون": وسيلتهم الأساسية لتحقيق مشروعهم السياسي تتمثل في العنف المسلّح ضد "أعداء الإسلام" (الجهاد المقدّس).

-       "الشيوعيون": وسيلتهم الأساسية لتحقيق مشروعهم السياسي تتمثل في العنف المسلّح ضد الأنظمة الرأسمالية (العنف الثوري).

-       "الإسلاميون": يقتلون أو يرهبون أو يعذبون المسلحين والمدنيين، مسلمين وغير مسلمين.

-       "الشيوعيون": يقتلون أو يرهبون أو يعذبون المسلحين والمدنيين، شيوعيين وغير شيوعيين.

-       "الإسلاميون": لا يؤمنون بالديمقراطية ولا بالتداول على السلطة.

-       "الشيوعيون": لا يؤمنون بالديمقراطية ولا بالتداول على السلطة.

-       "الإسلاميون": ربما قد يكونون استوحوا من الشيوعيين وسائل الإرهاب الحديثة ومن الستالينية استلهموا أساليب تنظيماتهم الحديدية، لأن التراث الإسلامي يبدو خالياً من هكذا وسائل وأساليب (أمين معلوف).

 

ملاحظة تجنبًا لبعض التعاليق السخيفة والمزايدات الأكثر سخافة التي مللتُ قراءتها على صفحتي:

تنبيهٌ قد يبدو للبعض منكم حادًّا في لهجته، لكنني أراه ضروريًّا جدًّا، وهو موجّهٌ مباشرة إلى بعض الفيسبوكيين الذين نصّبوا أنفسهم "حماة القرآن"، إنهم يتجاهلون أن للقرآن حافظًا أمينًا وهو الله جل جلاله، ولو تركه في ذمة هؤلاء المسلمين المتعصبين لَفرّطوا في بعضه كما فرّطوا في البعض من عقولهم ومنطقهم وسيادتهم وأراضيهم وثرواتهم الباطنية وقيمهم وتقاليدهم وتراثهم !

كلما انتقِد أمثال هؤلاء، إلا وأشهروا سماحة الإسلام حجة في وجوه منتقديهم ! مالك بن نبي قال: "ليس الإسلام هو الحضارة، الإسلام وَحْيٌ نزل من السماء بينما الحضارة لا تنزل من السماء وإنما يصنعها البشر عندما يحسنون توظيف ملكاتهم" (الغنوشي، 2015). الإسلام وَحْيٌ نزل من السماء، رسالة للعالمين، مسلمين وغير مسلمين، هو معجزة إلهية لا استحقاق لكم فيها أيها المتطفلون، فلا تتباهوا على الآخرين بما ليس من صُنعكم.

إرهاب إسلامي أو منسوب للإسلام خطأً أو صوابًا، إسلام داعشي، إسلام غاضب.. تعددت الأسماء والمسمّى واحدٌ، وهل قرأتم يومًا في إحدى مقالاتي أن الإرهابَ أتى من الإسلام ؟ كنتُ ولا زلتُ أردد دومًا أنه أتى من البشر، فلو كانوا شيوعيين نقول "إرهاب شيوعي" (بين معقّفَين)، ولو كانوا يهودًا نقول "إرهاب يهودي" (بين معقّفَين)، ولو كانوا مسيحيين نقول "إرهاب مسيحي" (بين معقّفَين)، ولو كانوا مسلمين نقول "إرهاب إسلامي" (بين معقّفَين)، لا أكثر ولا أقل.

حمام الشط في 10 مارس 2020.

 

Haut du formulaire

 

 

 

 

 

 

Haut du formulaire

 


 

Conférences de François Burgat sur You Tube. Extraits transcrits par Citoyen du Monde

 

Politologue français et directeur de recherche au CNRS, il a vécu 23 ans dans les pays arabes (Algérie, Syrie, Liban, Yémen).

Il a dit : «Un bon musulman pour les Français est un musulman qui n'est plus musulman».

1.   La « French Connexion Terroriste » ?

Le journaliste : Un papier, écrit par deux chercheurs américains et qui a fait beaucoup parler de lui, dit : les pays qui ont produit le plus de recrues parmi Daesh sont des pays francophones : la France, la Belgique (francophone, à discuter), le Liban et la Tunisie.

Burgat : La France, quand elle a fait irruption dans l`imaginaire musulman, elle l`a violé et y a fait et laissé beaucoup plus de dégâts que les anglophones. « En France, on n`a pas élu un président noir comme aux USA et un maire musulman comme en Angleterre ». La violence symbolique que nous avons initiée dans l`imaginaire musulman est beaucoup plus forte. Le mode d`acculturation ou de déculturation française dans les pays musulmans colonisés a été infiniment plus grande de ce qu`ont causé les anglais au Yémen ou en Egypte. L`archétype de la colonisation française a été poussé au delà des limites. 

2.   هل ساهمت اللائكية الفرنسية في تَطَرُّفِ بعض الإسلاميين في المغرب العربي ؟

قال:  اللائكية الفرنسية (La laïcité)، وريثة فكر الثورة الفرنسية الاستئصالي للفكر المسيحي والمعادي له صراحة ("خَنْقُ آخِرَ مَلِكٍ بواسطة أمعاءِ آخرِ قِسٍّ")، ساهمتْ جزئيًّا في الجنوح للتطرف (La radicalisation) وبِدرجاتٍ متفاوتةٍ لدى بعض الإسلاميين في المغرب العربي ولدى إخوانهم المهاجرين في فرنسا من الجيل الثاني لأنها اغتصبت زادهم الثقافي الرمزي الديني واللغوي وأحدثت قطيعة في دلالات الألفاظ العربية (Une rupture sémantique dans l`imaginaire symbolique)، وبنسبة أقل فعلت مثلها العَلمانية (Le sécularisme) في البلدان الأنڤلوسكسونية (بريطانيا، ألمانيا، أمريكا وأستراليا).

3.   حول رجوع الإرهابيين وإعادة تأهيلهم ؟

قال:

-       خصومي الفرنسيون يُسمونني "فرانسوا بوركا" بسبب تفهمي لظاهرة الإرهاب "العربي-الإسلامي".

-       قال لي مرة قيادي إخواني أردني: "نحن ضد الغرب لا لأننا لا نؤمن بقيمه الجمهورية، بل لأنه لا يطبق هذا القيم ويكيل بمكيالين حيال القضية الفلسطينية وينحاز كليا لإسرائيل".

-       أسباب الإرهاب ليست دينية، إنها سياسية. وللتطرّفِ (La radicalisation) جذورٌ سياسية ليست دينية وسياسة الغرب حيال العرب ليست غريبة عن ميكانيزم تحوّل سلفي علمي إلى سلفي جهادي (تعليق مواطن العالَم: الآن فقط فهمتُ لماذا ينجحُ دعاةُ الإرهابِ بسرعة في استقطاب الشباب. كنتُ أغارُ من قدرتهم الفائقة على الإقناع -شيءٌ نفتقده نحن معشر المدرّسين- حتى اكتشفتُ اليوم سر نجاحهم. ينجحون بسرعة لا لأنهم أذكى من المدرّسينَ أمثالي بل لأن الشبابَ المسلمَ مظلومٌ سياسيا من قِبل حكامه وحكام الغرب لذلك يستلمون الضحية جاهزة ومُهيّأة للانتقامِ ممن ظلموها وأهانوها وهمّشوها. المسلم الناقم يهربُ من جحيمهم في فرنسا (Islamophobie) إلى سوريا فيلاحقونه بطائراتهم وصواريخهم ودْرُوناتِهم.

-       أما إعادة تأهيل الإرهابيين فمعالجة النتيجة تكون من نفس جنس السبب (La radicalisation est politique donc la déradicalisation devrait être aussi politique et non religieuse) لذلك لا يجب أن تشمل الإرهابيين وحدهم بل عليها أن تشمل أيضا الحكام الغربيين أنفسهم، ولن تنجح العملية بواسطة تعليم التسامح المُضَمَّن في سُوَرِ  القرآن بل بمراجعة سياسة حكام الغرب وحكام العرب حيال الشعوب العربية كافة. يبدو لي أن حكام الغرب أصحاب الهيمنة العالمية (L'hégémonie mondialiste) يتحملون مسؤولية في ولادة الإرهاب أكبر بكثير من مسؤولية الإرهابيين أنفسهم لذلك يبدو لي أن الأولين أحوج لإعادة التأهيل من الثانين.  

-       دولة السعودية تطمح إلى المحافظة على مُلكها وما نشرُها للوهابية في صفوف المسلمين في العالم  وتدخلها في اليمن (مرة مع الحوثيين الشيعة ومرة ضدهم) وفي مصر (صنفت حركة الإخوان المصرية كحركة إرهابية وساندت الانقلابي السيسي وحزب النور المصري الوهابي) إلا خدمة لهدف إستراتيجي نفعي وليس نُصرة للإسلام أو دفاعًا عن السنة ضد الشيعة. فعروشُهم مهدَّدة إستراتيجيا من قِبل السنة المعتدلين (الإخوان وغيرهم في الخليج ومصر وسوريا) وليس من قِبل إيران والشيعة.

4.   Est-ce que le Qatar forme un danger pour la France ?

 

Quels sont les syndromes postcoloniaux français indicibles ? 

Le syndrome du PSG (avant Qatar, il appartenait à un  américain).

Le  syndrome d`Eljazira.

Le Qatar, interlocuteur non exclusif des frères musulmans qui l`accusent d`ailleurs d`être l`ami d`Israël et l`allié des forces occidentales opposés (USA et Europe).

Certains journalistes français accusaient Qatar de subventionner un salon du livre organisé par une association de musulmans français proche des frères musulmans et ils racontaient que dans ce salon se vendaient des livres très dangereux. Eh bien ce salon n`a jamais eu lieu en France car il a été annulé.

5.   L`islamisme est le troisième étage de la fusée de la décolonisation

1er étage : les guerres d`indépendance des pays arabes. Dire  à  l`occidental : lève-toi de ma chaise et quitte mon pays.

2e étage : la nationalisation du pétrole arabe. Dire  à  l`occidental : rends-moi les clés de mes usines d`extraction du pétrole.

3e étage : l`islamisme arabe d`aujourd`hui. Dire  à  l`occidental : je ne veux plus de ton lexique politique, dorénavant je vais m`exprimer dans mon propre lexique musulman et ne pas être occidental ne veut pas dire être anti-occidental (Une rupture sémantique, pas nécessairement morale).

6.   « Le meilleur ennemi de Daesh, c`est Daesh »

Daesh se déploie par défaut. On doit tirer des leçons de ce qui s`est passé à Ben Guerdane (sud tunisien frontalier de la Libye où Daesh a fait récemment une incursion): quand il n`y a pas une carence absolu des institutions politiques fonctionnelles, la population ne va pas sauter dans les bras de Daesh. Donc, qu`est ce qui  va sauver la société libyenne de Daesh, c`est tout sauf les bombes occidentales qui vont faire exactement l`effet inverse, puisqu`elles confortent la légitimité symbolique des destinataires de bombes.

7.   « Je suis français et je ne suis pas Charlie »

Pourquoi les musulmans se fâchent et se manifestent quand ils voient une caricature de leur prophète Mahomet ?

Dans Charlie hebdo, on montrait un musulman tuant un non musulman tout bêtement parce que ce dernier lui a montré une caricature de son prophète Mahomet. Une analyse mesquine ! Pour comprendre, faites un zoom un peu en arrière, ajoutez au dessin les F16 bombardant et tuant environ 4 millions de citoyens innocents depuis 1991 (Chiffre mentionné par Michel Onfray) dans des pays musulmans (l`Afghanistan, l`Irak, la Libye, la Syrie et Gaza), puis rajoutez  les drones américains qui ont tué mille citoyens yéménites dans des expéditions extrajudiciaires depuis 2002.

En plus, ce n`est plus de l`humour ou de l`ironie, ca s`appelle de l`injure, de la haine et de la stigmatisation de la communauté musulmane, c`est une liberté d`expression sélective, absence totale de caricatures envers les juifs, c`est deux poids deux mesures, c`est les lumières qui n`éclairent qu`un seul côté de la route (la manif du 11 janvier 2015 à  Paris, pour protester avec Charlie contre l`attentat terroriste du 7, s`est terminée dans une synagogue où on brandissait le drapeau d`Israël et on criait Bibi Bibi. Produire un dessin, c`est parler à tout le monde avec une grande gueule ; et avec les grandes gueules on dit des grosses bêtises !

8.   Plus en envoie de bombardiers aux pays musulmans, plus on abaisse le niveau de sécurité de nos concitoyens français en France et ailleurs dans le monde, et les performances des pilotes de nos Rafales vont affecter celles de nos fantassins et Vigipirate en France sans pour autant changer le rapport de forces sur le terrain des ennemis.

9.   Quelle est l`arme de destruction massive du terrorisme islamique?

Le problème, c`est qu`elle est très très chère, et personne ne veut payer le prix. Ce n`est pas la bombe atomique, ni les missiles, ni les drones ? Elle porte un nom horrible, elle porte le nom Partage ! Le Partage ou la Terreur ? Partage des ressources pétrolières,  Partage de la Palestine, Partage des ressources symboliques comme le Partage du droit à la parole aux heures de grande écoute dans le tissu politique français ou la fin de la fabrication de fausses élites musulmanes en France pour faire taire la communauté musulmane française (La chalghoumisation, concept échafaudé au nom de l`Imam de Drancy, Hassen Chalghoumi).

10.                 Quelle est la différence entre les deux organisations islamiques terroristes, Al-Qaïda et Daesh ? 

La différence entre Al-Qaïda et Daesh : la première est née en Afghanistan et a lutté contre un ennemi colonial occidental (L`URSS), la deuxième est née en Irak, elle lutte contre un ennemi occidental et un ennemi religieux sectaire (L`Iran et les chiites arabes au pouvoir en Irak et en Syrie).

11.                  « Quelle est la différence entre un communiste français qui a combattu à Cuba contre Batista et un jihadiste français qui combat aujourd`hui en Syrie contre Bachar dans les rangs de Daesh ?
Le premier n`a pas fait d`attentats à Paris, le deuxième a fait ».

Citoyen du Monde Dr Mohamed Kochkar :

 « Quelle est la différence entre un révolutionnaire tunisien qui a combattu contre Israël dans les rangs de la résistance palestinienne et un jihadiste tunisien qui combat aujourd`hui contre Bachar dans les rangs de Daesh ?

Le premier n`a pas fait d`attentats à Tunis, le deuxième a fait ».

12.                 Une révolution peut en cacher une autre, le cas syrien et le cas malien

En Syrie, les Kurdes luttent pour leur indépendance nationale, contrairement aux sunnites qui luttent contre l`Iran et les chiites arabes au pouvoir en Irak et en Syrie. Au Mali, les Twaregs du Nord luttent aussi pour leur indépendance nationale car ils étaient oubliés lors du partage du legs colonial français.

Kochkar : Je tiens à préciser que pour déconstruire la machine qui a fabriqué le terrorisme islamique, François Burgat a insisté sur le facteur politique sans pour autant négliger les autres facteurs adjuvants, comme le profit économique capitaliste, le religieux , le psychologique, le culturel, le cultuel, les rites, le symbolique, l`emprisonnement, la torture, la répression, la non-représentativité, l`instrumentalisation, la manipulation, la théorie du complot, la conspiration et l`infiltration pour identifier et pour produire aussi (Mossad, CIA, MI6, etc.), etc. Il y a eu interaction entre tous ces facteurs cités, d`où vient la complexité et émerge le terrorisme. Donc on devrait avoir recours à une approche systémique si on veut bien faire le travail de l`intellectuel, c`est à dire la déconstruction.


 

ما لِقومي وماذا دهاهم ؟ تأليف أمين معلوف، الروائي العربي-الفرنسي المخضرَم، عضو الأكاديمية الفرنسية منذ سنة 2011، ترجمة وتأثيث مواطن العالَم

 

نص المؤلف:

"إنما الأمم كالمعادن، لا يتلألأ منها إلا السطحُ" أنتوان ريفارول، 1753-1801

الغريب أن الشعوبَ العربية أضحت شعوباً كارهةً لنفسها مما دفعها دفعاً إلى الحنين لزمن الاحتلال الغربي. نادراً ما تجد في تاريخ البشرية شعوباً مثل العرب، كرههم لأنفسهم أوصلهم إلى التطرف ! فعوض أن يرفعوا من شأن ماضيهم الحضاري المشرّف ويفتخروا بمساهماتهم الهامة في بناء الحضارة الإنسانية، مساهماتهم في الرياضيات والفلك والهندسة المعمارية والموسيقى وفن الخط والطب والفلسفة، وعوض أن يُذكّروا معاصريهم بأمجاد قرطبة وغرناطة وفاس والأسكندرية وسِيرتة وبغداد ودمشق وحلب، عوض كل هذا نرى أحفادَ عظماء بنائي الأمس غير قادرين على إثبات أحقيتهم في إرث هم أصحابه الشرعيون، وكأنهم يتعمّدون إحراجَ عشاق حضارتهم ويمنحون مجاناً حججاً لذامّيها.

قديما، كل من كان يكره العرب كان يُنعت بالعنصري المعادي للأجانب والمشتاق لزمن الاستعمار، أما اليوم فكُره العرب أصبح عند غير العرب كُرهًا شرعيا وغير مخالف للضمائر. باسم الحداثة أصبح العرب يوصَمون بمعاداة المرأة، وباسم العلمانية أصبح العرب يُنعتون بأعداء حرية الضمير والتعبير.

 

أشَد ما كان يضايقني في شبابي هو تفشي ظاهرة فقدان الثقة لدي بني قومي (p. 18, il a dit : “ma nation arabe”) وانعدام القدرة لديهم على تولي مستقبلهم بأيديهم. يبدو أن هذه الظاهرة السلبية ليست حكرا على العرب أو المسلمين بل هي ظاهرة نجدها عند كل الشعوب التي خضعت للاحتلال طويلا أو رضخت لأوامر تأتي من سلطة تقع وراء البحار (العثمانيون والغرب). شعوبٌ مستلبة السيادة والإرادة. شعوبٌ تابعة للدول العظمى (أمريكا، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الباب العالي). شعوبٌ تنتظر قرارا قد يأتي أو لا يأتي من هيئة خارجية عُليا. شعوبٌ لا تثق في قراراتها السيادية خوفا من أن تُحتقر أو لا تُؤخذ في الاعتبار أو تُرفض تماما ودون مبرر معقول. تبعيةٌ نتجت عن شعور بالنقص جراء تاريخ طويل مليء بالهزائم والنكسات والإحباطات المتعاقبة واليأس الموروث والمكتسب في آن: ما الفائدة من المقاومة، من الاحتجاحات، من الغضب، من المطالبة بالحقوق ما دمنا نعرف مسبقا أن كل هذا سينتهي بحمام دم ؟ ومَن يدعي عكس هذا فهو ساذجٌ أو جاهلٌ. لذلك قالوا "سلطان غشوم خير من فتنة تدوم".

مهما كان مضحكا ومزعجا، فإن ظاهرة فقدان الثقة في النفس تبدو مع ذلك خفيفة بالمقارنة مع ما بدأ ينطلق منذ عقد أو عقدين وينتشر في العالم العربي والإسلامي وفي أماكن تواجد العرب والمسلمين بالخارج، ألا وهي ظاهرة  كُره النفس وكُره الآخر. ظاهرةٌ مقرونةٌ بتبجيل الموت وتمجيد العمليات الانتحارية. ليس من السهل ترتيب الكلمات لتفسير مثل هذا الانحرافُ المَسْخُ: "إلى الجنة ذاهبينْ، شهداء بالملايينْ" (شعار رُفع في سوريا، فيديو نُشِر في أفريل 2011). شعارٌ رُدِّد في عدة بلدان مجاورة. كنتُ أنظر إلى هؤلاء الرجال بإعجاب مخلوط بِرعبٍ. لقد أثبتوا شجاعة كبيرة في مواجهة الطلق الناري بأيدي فارغة وصدور عارية. لكن كلماتهم هذه كشفت نفوسا مكسورة وعرّت كل مأساة العالم.

عندما ييأس فردٌ معزولٌ ويفقد الأمل في الحياة، نُحمِّل المسؤولية لعائلته في بعث الأمل فيه من جديد. لكن عندما تيأس شعوبٌ بأكملها وتستسلم لشعور الرغبة في تدمير الآخر وتدمير نفسها في آن، هنا نُحمِّل المسؤولية لأنفسنا كلنا، للشعوب الأخرى المعاصرة، لشركائهم في الإنسانية، نُحمِّلهم جميعًا مسؤولية إيجاد علاج ودواء. إن لم يكن من باب التضامن مع الآخر، يكون على الأقل من باب إرادة الحياة، لأن اليأس، في زمننا هذا، بدأ ينتشر ويَنفُذ إلى ما وراء البحار، من مسامّ الجدران، ويَعبُر خطوط الحدود الجغرافية والذهنية، وليس من السهل صدّه أو الحد من انتشاره.

خاتمة مواطن العالم:

الطبيب الذي يُشخِّص سرطانًا لأول مرة عند مريض لا يعني أنه متشمت في المريض أو غير مبالٍ بمصيره. تشخيصُ أمين معلوف تشخيصُ طبيبٍ مسؤولٍ، واعٍ ومحترفٍ، وعلينا نحن كلنا، مواطني العالم،  تقع مسؤولية اكتشاف الدواء الناجع، وإلا غرقت حضاراتنا وغرقنا كلنا معها وانقرض من النوع البشري من على وجه الأرض ! وقهرُ الشعوب العربية والإسلامية من قِبل الحكومات الغربية والعربية (ترامب والسيسي نموذجان) ليس دواءً لإرهاب الحركات الإسلامية. يبدو لي أن أفضل سلاحٍ ضد القهر والإرهاب هو تقسيمُ ثروات العالم بالعدلِ بين دول الشمال ودول الجنوب وبين الأغنياء والفقراء دون تمييزٍ بين مسلمٍ وغير مسلمٍ.

الإرهابُ الغربي المحترِف المسمَّى دبلوماسيًّا حربًا استباقية دون وجه حق (شنت منها أمريكا 200 منذ نشأتها، آخرها ضد يوغسلافيا والعراق وأفغانستان وكذلك فعلت شقيقتيها فرنسا وبريطانيا)، إرهابٌ مارسته الحكومات الغربية (فرنسا، أمريكا، بريطانيا وغيرها)، إرهابٌ يُنكِره جل مثقفي الغرب باستثناء ميشيل أونفري، فرانسوا بورڤا، وميشيل كولون وغيرهم ممن لا أعرفهم. إرهابٌ غربيٌّ رسميٌّ لم يشرْ إليه أمين معلوف في كتابه هذا، وهو ليس معذورًا، أولاً بصفته مفكرًا عالميًّا وثانيًا بصفته لبنانيًّا مسيحيًّا منتميًا للحضارة العربية-الإسلامية، أو هي أحد مكونات هويته أو على الأقل حضارة آبائه وأجداده حيث وُلد في ترابها، نشأ، شبّ، درس وتزوّج في سن مبكرة ثم هاجر واستقر نهائيًّا في فرنسا.

لا يحق لأوباما أن ينعت أسامة بالإرهابي، كما لا يحق لأسامة أن ينعت أوباما بالإرهابي، لكن يحق لمواطن العالَم أن ينعت الاثنين بالإرهاب، أوباما قبل أسامة.

Référence: Le naufrage des civilisations, Amin Maalouf, Grasset, 332 p, 22 €, pp. 85-92.

حمام الشط، الخميس 25 أفريل 2019.

 

 

 

 

 

 


 

الإرهابُ الذي يقوم به مسلمون ويُنسَبُ خطأ للإسلام. جزء 1

 

"الإرهابُ سلاحُ القَوِيِّ وليس سلاحَ الضعيفِ" مقولة لِـنعوم شومسكي، استشهد بها  François Burgat. ترجمة مواطن العالَم

يردّد الناس عادة أن "الإرهابَ هو سلاحُ الضعيفِ". وهذا خطأ شائعٌ ومُفبرَكُ مُدبَّرٌ. الإرهابُ هو سلاحُ القوي وليس سلاح الضعيف، والأنكَى أن هذا القوي الخبيث هو مَن ابتدع هذه الحيلة ونجح في إيهامِنا خطأ بأن الضحيةَ  هي الجلادُ (الضحيةَ: الحركات الإسلامية بما فيها حزب الله وحماس والإخوان المسلمون المصريون)، وبأن الجلادَ هو الضحيةُ (الجلاد: الحكومات الغربية ومخابراتها وجيوشها ورجال أعمالها والحكومات الإسلامية التابعة لها كآل سعود وبن علي والسيسي والأسد والصهاينة).

تعليق مواطن العالَم

 L`occident a réussi de nous jouer  un tour de prestidigitateur et de nous convaincre que le terrorisme est l`arme du faible.

الداعشي الذي قتل بالكلاشنكوف غدرًا عشرات المدنيين الفرنسيين العُزّل في مسرح باريسي هو إرهابيٌّ هاوٍ ومُدانٌ بشدة.

بوش الذي قتل بالطائرة المُقنبِلة غدرًا آلاف المدنيين العراقيين العُزّل هو إرهابيٌّ محترفٌ ومُدانٌ بأكثر شدةٍ.

إمضائي

 « Aux yeux de Socrate, un homme de valeur ne peut être lésé par quelqu`un qui ne le vaut pas. » Michel Onfray

حمام الشط، الأحد 5 فيفري 2017.

Haut du formulaire

 

 

 


 

Haut du formulaire

الإرهابُ الذي يقوم به مسلمون ويُنسَبُ خطأ للإسلام – جزء 2

 

محاضرةً حول التطرف الإسلامي العنيف. تقديم عالِم السياسة أوليفيي رْوَا. ترجمة مواطن العالَم

العنوان:

Conférence-débat avec Olivier Roy “Comprendre l`extrémisme violent” Culture, politique et globalisation

الجهة المنظمة:

 Middle East Directions & Nations Unies Tunisie
المكان والزمان: دار الثقافة ابن رشيق، الاثنين 27 مارس 2017، من الساعة 10:20 إلى 12 (المحاضرة دامت 50د بالضبط).

الحضور: 80 مشاركًا، تونسيون وأجانب جلهم شباب، نساء ورجال، صحفيون ومثقفون.

 سبب ذهابي: سمعتُ عن المحاضر أنه يدافع عن وجهة نظر حول التطرف الإسلامي العنيف، وجهة نظر مغايرة لِـوجهة نظر فرانسوا بورڤا الذي دافعتُ عن فكرته أخيرًا في محاضرتي الأخيرة بحمام الشط وهذا رابطها https://www.youtube.com/watch?v=1P4wsebwoqA

إليكم تلخيص لأهم ما ورد في محاضرة الباحث "رْوَا" من أفكار:

 أبدأ بخلافه مع "بورڤا": "بورڤا" يرى أنه ما دام للتطرف الإسلامي أسباب سياسية ليست دينية فإعادة تأهيل المتطرفين تكون من نفس جنس الأسباب أي سياسية وليست دينية أيضًا. يتفق "رْوَا" مع "بورڤا" في الحل الذي يتمثل في إعادة التأهيل السياسي ومعاملة الجهاديين العائدين وخاصة غير الإرهابيين منهم، معاملتهم كمجاهدين مسلمين وليس كمرضَى أو إرهابيين. يختلف معه في أسباب التطرف العنيف: قبل التسعينيات، مارس المجاهدون العرب الجهاد ضد المستعمِر في أفغانستان ولم يمارسوا الإرهاب خارج أفغانستان. وُلِد الجهاد الإرهابي بعد التسعينيات مع "القاعدة" وبن لادن وتطور مع داعش سنة 2014. يتفق "رْوَا" و"بورڤا" مع باحثَين أمريكيين يقولان بأن الدول الفرنكوفونية اللائكية (فرنسا، بلجيكا، كوزوفو وتونس) أنتجت أكبر عدد من الإرهابيين الإسلاميين بسبب اللائكية الفرنسية التي أخرجت الدين الإسلامي من الفضاء العمومي في هذه الدول الأربع.

يرى "رْواى" أن:

 - الإرهابيين الإسلاميين في العالَم الغربي كلهم سلفيون جهاديون، أما السلفيون الجهاديون في العالَم الإسلامي فليسوا كلهم إرهابيين.

-  للتطرف الإسلامي العنيف أسباب روحانية وليست سياسية وليست دينية وليست صوفية (Des causes mystiques spirituelles non politiques, non théologiques et non soufies) .والدليل أن الإرهابي عادة ما يمر مباشرة لـ"الانتحار الحلال" قبل أن يقرأ القرآن أو يتعمق فيه وذلك لأنه يعشق الموت الذي تقرّبه من لقاء ربه في الجنة دون المرور بكثرة الصلاة وتعدد الصيام وطول قيام الليل. الإرهابي الإسلامي لا يخطط لنجاته بعد تنفيذ العملية ولا يملك مخططا احتياطيا بديلا (Plan B) ويُمسرِح عنفه واستشهاده مثل ما يفعل مهرّبو المخدرات في أمريكا اللاتينية، فوقْعُ فعلِه إذن غير مُجدٍ سياسيا وعسكريا وينحصر تأثيره في الرعب الصادم المشهدي والفرجوي الدعائي، مما جلب إعجاب المافيا الإيطالية بشجاعة منفذي العمليات الإرهابية الإسلامية. رُبع الإرهابيين الإسلاميين البلجيكيين اعتنقوا الإسلام حديثا ونصفهم اعتنق الفكر الجهادي في السجون ولذلك نجد جلهم يفتقر إلى نضوج ديني وثقافة إسلامية. كان الإرهابيان البلجيكيان الأخوان عبد السلام يديران حانة بالفعل وليس للتمويه ولكن قبل ثلاثة أسابيع من تنفيذ عمليتهما، وضعا العَلم الأسود شعارا على صفحتيهما الفيسبوكيتين. جل الإرهابيين الإسلاميين المقيمين في فرنسا وبلجيكا ينحدرون من الجيل الثاني  (deuxième génération) ولم يرثوا ثقافة آبائهم، ربما لاختلاف اللغة وصعوبة ترجمة التراث الديني أو لعدم حاجة الأبناء لثقافة الآباء للتواصل مع وسَطهم الاجتماعي غير المسلم.

 - ليس لـداعش مشروعٌ اجتماعيٌّ لبناء دولة قادرة على الاستقرار والدوام. ينحصر مشروعُها في الجهاد وكأنه غاية وليس وسيلة.

 - انتشرت رسالة السلفية بسرعة في العالم وتعولمت لفقرِ محتواها وسهولة ترجمتها لكل اللغات ووضوح مبادئها البسيطة. القادة الدعاة السلفيون يعتقدون اعتقادا جازما وراسخا أنهم وحدهم يمتلكون الحقيقة وما على المنخرطين الجدد إلا السمع والطاعة والتنفيذ والإنجاب قبل الاستشهاد من أجل خلق جيل بُناة المستقبل، جيلٌ يتربى تحت جناح الأوائل ويتشبع بثقافة الجهاد والموت في سبيل تحقيق حُلُمٍ غير قابل للتحقيق.

 

 


 

الإرهابُ الذي يقوم به مسلمون ويُنسَبُ خطأ للإسلام – جزء 3

 

أسبابُ الإرهاب الإسلامي في العالمِ ؟ مواطن العالَم

يبدو لي أنها ليست مرتبطةً بعامل واحد فقط كالفقرِ وحده أو الجهلِ أو التخلّفِ.

بل هي مرتبطةٌ بتورُّمِ عائداتِ النفطِ الخليجي، وتحديدًا بتسلّطِ ملوكِ وأمراءِ السعوديةِ والإماراتِ وقَطرْ. ظَهَرَ الإرهابُ الإسلامي في العالمِ في بداية الثمانينيات متزامنًا مع ارتفاع سعر النفط الخليجي بعد الحظر سنة 1973، سنة حرب أكتوبر بين مصر وإسرائيل.

اغتنَى الخليجُ دون جهدٍ (ثروة أحفورية) فبدأت الحروبُ الأهلية، وفي رحمها نشأ الإرهابُ، ولن يتوقفَ الشرُّ إلا عند نزول سعرِ البترول وإفقارِ أمراءِ الخليجِ.

ماذا فعل أمراءُ الخليج حتى نحمّلهم كل هذه المسؤولية ؟

أجرموا في حق العالم العربي وسأكتفي بذكر جريمتين نقلاً عن مجلة "لوموند ديبلوماتيك" (عدد نوفمبر 2017):

-       "ما زال أثرُ التشوّهِ الذي أحدثته عائدات البترول يلعب دورَهُ السامّ بالتمام، وذلك بتوظيفِ مبالغَ مالية خيالية (دولة قطر لوحدها صرفت 137 مليار دولار لتمويل الحرب الأهلية في سوريا، مبلغٌ يساوي تقريبًا 9 أضعاف ميزانية تونس السنوية المقدّرة حاليًّا بحوالي 30 ألف مليون دينار)، وظفتْها لخدمة مصالح أنانية حقيرة خاصة (البذخ والفسق) وتطبيق سياسات قمعية في الداخل وتمويل حروب أهلية في الخارج. (...) ولن يكبح جِماحَ حِدة تدخلاتهم إلا انهيار أسعار البترول مما سيحرمهم أيضًا من الموارد الضرورية للمحافظة على السلم الاجتماعي الداخلي. (...) أو يكبحها تطوُّرُ إنتاج الطاقة البديلة المتجددة (ريح، شمس) الذي سيسمح بتعميم استعمال السيارات الكهربائية في سياق الحد من الاحتباس الحراري المتزايد أكثر فأكثر. نُضيفُ إلى ما سبق ظهور غاز الشيست في الأسواق العالمية والذي سوف يساهم في منافسة النفط وتحطيم أسعاره."

-       "في العشريتين الأخيرتين، استثمرت دول الخليج المصدرة للبترول جانبًا مهمًّا من رساميلها السيادية التي تُقَدّر بآلاف ملايير الدولارات مما أجبر الحكومات الخليجية على تكريس جهودها في إدارة هذه المبالغ الضخمة الموظفة عادة في الخارج عوض توظيفها في تنمية اقتصاديات بلدانها. يلح علينا السؤال الأساسي التالي: مَن هو المالِك الشرعي لهذه الثروة ؟ السلطان، عائلته، الشركات  العمومية (أرامكو مثلاً)، البنوك الأجنبية أين أودِعَت هذه المبالغ المالية الهائلة، أو بالأحرَى أين أودِعَ البلدُ كله."

خاتمة: يبدو لي (ليس اجتهادًا ولا تأويلاً بل هو قِياسٌ مجازيٌّ) أن الآية الكريمة "وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا". أمر الله مترفيها بالطاعة، ففسقوا فيها بمعصيتهم (الطبري)،  يبدو لي أن هذه الآية تنطبق على وضعنا الحالي: مُتْرَفِيهَا هم ملوك وأمراء الخليج والقرية هي سوريا واليمن والصومال.

قال فرنسوا بورڤا، عالِم السياسة الفرنسي والمختص في دراسة ما يُسمَّى خطأ بالإرهابِ الإسلامي: "حلُّ مسألة الإرهاب الإسلامي يكمن في إحلالِ العدلِ في العالَم، خاصة بين العربِ والغربِ أو بين الجنوبِ والشمالِ، والإسلامُ هو صوتُ العربِ خاصة والجنوبِ عامة".

حمام الشط، الخميس 30 ديسمبر 2017.

Source: Le Monde diplomatique, novembre 2017, « Urgence économique, Impasse idéologique », par Hicham Alaoui, chercheur à l`Université Harvard, p.  22.


الإرهابُ الذي يقوم به مسلمون ويُنسَبُ خطأ للإسلام – جزء 4

 

الرجل الإرهابي الداعشي هو الإنسان الوحيد الذي يتمتع بحريته الطبيعية ! فكرة فيلسوف حمام الشط حبيب بن حميدة، نقل مواطن العالَم

الرجل الإرهابي الداعشي هو الإنسان الوحيد الذي يتمتع بحريته الطبيعية، حرية حيوانية تتجسم في ممارسة القتل والتنكيل في جهاد الكفار !

قبل ظهور الحضارات وبعدها وقبل ظهور الديانات الأرضية والسماوية وبعدها، كان الإنسان ولا يزال بعضه حرًّا كالحيوان "حوت يأكل حوت وقليل الجهد يموت" حسب نظرية الانتقاء الطبيعي لداروين. قال الفيلسوف الأنڤليزي هوبز: "الإنسان ذئبٌ لأخيه الإنسان"، وأنا أقول عن  الرجل الإرهابي الداعشي أنه آلة مدرّبة على القتل تفوق بكثير شراسة الذئاب يا هوبز !

كانت حرب الكل ضد الكل (Le chaos) تسود العالم حتى الثورة الفرنسية سنة 1789م، خاف الفردُ أن يفقد حياته فيفقد حريته الطبيعية في متعة القتل، فانبثق فيه حب الحياة (L`instinct de vie) وحكّم عقله خوفًا من الموت  وقال: "حتى لا أفقد حياتي سأتخلى عن حريتي (Je t`obéis et tu me protèges) لفائدة سلطة تمثلني (Le contrat social de Rousseau, 1762)". أما الدواعش الوهابيون فهم لا يخافون من الموت بل يمجّدون ثقافة الموت وينشرونها ولا يعترفون حتى اليوم بالديمقراطية ولا بالعقد الاجتماعي.

هذه المسألة لا علاقة لها بالدين ولا بالتقدم لأن هذه النزعة التدميرية نجدها قديمًا عند الملوك المستبدين وحديثًا عند الديكتاتوريين (سلبوا حرية مواطنيهم دون عقد اجتماعي Les citoyens ont obéi, les dictateurs ne les ont pas protégés)، ونجدها أيضًا عند الرأسماليين الجشعين والدول الاستعمارية: كان جل الملوك (دواعش عصرهم) هم الوحيدون الذين  يتمتعون بحريتهم الطبيعية في ممارسة الجنس مع أي امرأة في مملكاتهم ولهم حق قتل أي مواطن دون أن يُسألوا عما فعلوا من فواحش أو جرائم. وكان الديكتاتوريون كذلك أيضًا ولا يزالون: هتلر وبول بوت فعلا أشنع مما فعله الدواعش، الأول في ألمانيا  أحرق اليهود وقتل الملايين من الروس وغير الروس وأخصَى المعوقين ذهنيًّا واستعمر نصف العالم، والثاني في كمبوديا أباد رُبع شعبه في أربع سنوات. أما الرأسماليون الجشعون والدول الاستعمارية فلا شيء يردعهم أمام الربح، دمروا دولاً بأكملها، أفغانستان، الصومال، العراق، ليبيا، سوريا والقادم أظلم وأهانوا وأذلّوا حديثًا اليونانيين أبناء دينهم وعِرقهم وبُناة حضارتهم ومؤسسي ديمقراطيتهم في عهد الحكومة اليسارية المنتخبة ديمقراطيًّا، حكومة سيريزا.

حمام الشط، الثلاثاء 27 ديسمبر 2016.


 

الإرهابُ الذي يقوم به مسلمون ويُنسَبُ خطأ للإسلام – جزء 5



إرهابُنا وإرهابُهم والكَيلُ بمكيالَينِ حتى في الإرهاب ؟

- إرهابُنا، صرخة المهزومين المظلومين المستعمَرين المقهورين.

- إرهابُهم، سوط المنتصرين الظالمين المستعمِرين القاهرين.

- إرهابُنا، صوت الجنوب.

- إرهابُهم، صدى الشمال.

- إرهابُنا، "محلي سلفي رجعي".

- إرهابُهم، "دولي علماني حداثي".

- إرهابُنا، تتناوله وسائل الإعلام بالتقييم والتحليل وتنشر له ألف صورة وصورة وكأنه "ماتش كورة".

- إرهابُهم يمرّ دون صورة ولو واحدة للذكرى.

- إرهابُنا، يُنفذه متطرفون منبوذون في دينهم ومجتمعهم وفي العالم أجمع.

- إرهابُهم، ينفذه مهندسون طيارون بأمرٍ من رؤساء دولهم الديمقراطية وفيهم من حاز على جائزة نوبل      للسلام (أوباما، صاحب الـ2300 اغتيال سياسي خارج أمريكا بواسطة طيارات دون طيار).

- إرهابُنا، بالسكين والدهس والذبح. –بِجِدٍّ- ما أوسخه وما أبشعه !

- إرهابُهم، بالطائرات والصواريخ والقنابل. –بسخريةٍ- ما أنظفه !

- إرهابُنا، سببه الظلم وأداته الجهل.

- إرهابُهم، سببه الجشع وأداته العلم.

- إرهابُنا، نحن أكبر ضحاياه عددًا.

- إرهابُهم، نحن ضحاياه الوحيدون (4 مليون قتيل مسلم منذ سنة 1991حسب تصريح متكرر لأشهَر فيلسوف فرنسي معاصر معارض يساري غير ماركسي أناركي تحرري ملحد-مسيحي، اسمه ميشيل أونفري، نشر 100 كتابٍ).

- إرهابُنا، حصيلته ثقيلة ومُضِرّة لكنها أقل ضررًا بالإنسانية من حصيلة إرهابهم: عشرات أو مئات الضحايا من المواطنين الغربيين الأبرياء.

- إرهابُهم، حصيلته أثقل بكثير من حصيلة إرهابنا وأكثر ضررًا بالإنسانية: مدنٌ دُمِّرَتْ بأكملها وملايين الضحايا من المواطنين العرب الأبرياء.

- إرهابُنا، مُدانٌ بالإجماع من أهله قبل غير أهله.

- إرهابُهم، مُدانٌ من قلة من أهله وكثرة من غير أهله.

- إرهابُنا ناطقٌ باللغة العربية (الله أكبر).

- إرهابُهم ناطقٌ باللغات الأجنبية (أنڤليزية، فرنسية، روسية، عبرية).

- إرهابُنا قِزمٌ واسمه بن لادن، الزرقاوي، البغدادي (مواطنون مغمورون).

- إرهابُهم عِملاقٌ واسمه بوش، ساركوزي، بوتين، نتنياهو، بايدن (رؤساء دول مرموقون).

حمام الشط، الاثنين 14 ماي 2018.

الإرهابُ الذي يقوم به مسلمون ويُنسَبُ خطأ للإسلام – جزء 6

 

ما هي نقاط التشابه بين مناضل يميني أو يساري التحق بإسبانيا سنة 1936 للدفاع عن الجمهورية ومجاهد مسلم ذهب اليوم ليحارب في صفوف داعش والنصرة ؟ ترجمة مواطن العالَم

-       لا يوجد أي تشابه في الأهداف -والحرية لكل واحد منهما في اختيار هدفه- لكن يوجد شبه تطابق في المسار لكن المجاهدين يتفردون بتعرضهم إلى سوء الاستقبال عند عودتهم إلى بلدانهم الأصلية عكس اليساريين الذين يُستَقبلون عند عودتهم كأبطال الملاحم.

-       يوجد ما يقارب 3000 مجاهد إسلامي من جنسيات أوروبية بين أصيل ومجنَّس. لو فرضنا أن نصفهم رجع بعد الحرب وأن عُشرُ الذين رجعوا لم يتوبوا عن الإرهاب تحريضا أو ممارسة فسينتشر 150 شخص يحذِقون فنون القتال ويحسِنون استعمال المتفجرات وقد يكوِّنون في العالم  شبكات من رفاق السلاح وقد ينفذون عمليات إرهابية نوعية في أوروبا. لذلك اتخذ الاتحاد الأوروبي جملة من التدابير الردعية لمجابهة العائدين من المجاهدين، نذكر منها: سحب الجنسية و\أو حجز وثائق الهوية والاستحقاقات الاجتماعية والإيقاف التحفظي ومنع الإشهار خاصة على الأنترنات وتشديد المراقبة على الحدود. لقد أنشأت دولة "الدنمارك" مراكزَ لعلاج داء التطرف الإسلامي وفي كل الدول تقريبا جُنِّدت الموارد البشرية الاجتماعية والصحية والتربوية والعائلات أيضا لإبلاغ السلط بأي نية للإلتحاق بداعش أو بالنصرة.

-       طِوال القرن العشرين تعددت أمثلة اليمينيين واليساريين المحاربين رغم معارضة بلدانهم الأوروبية: من الكتائب العالمية في إسبانيا (1936-1939) إلى الكتائب التي ساندت الثورة الساندينية في نيكارڤوا (1979) إلى المتطوعين الفرنسيين ضد البلشفية (1941-1944) إلى محارِبي "ماشال" في الحرب التي أدت إلى إنشاء دولة إسرائيل (1948). شارك هؤلاء المحاربون المتطوعون في أكثر من خُمُسِ الحروب المسجلة بين سنة 1816 وسنة 2005 ويتراوح عددهم بين بعض المئات وعشرات الآلاف.

Référence : Le Monde diplomatique, août 2015

 


 

الإرهابُ الذي يقوم به مسلمون ويُنسَبُ خطأ للإسلام – جزء 7

 

ما هي الدوافع المشتركة بين المحاربين المتطوعين من اليسار أومن اليمين المتطرف وبين الجهاديين الإسلاميين ؟ ترجمة مواطن العالَم

1.   الإيديولوجيا أو التعصب لوهم الفاشية والنازية أو وهم الشيوعية أو وهم الحرية أو وهم "الإسلام هو الحل".

2.   حُلُم تكوين دولة من عدم: دولة الشيوعية (الاتحاد السوفياتي سابقًا) أو دولة اليهودية (إسرائيل) أو دولة الإسلام (داعش) أو دولة الأكراد (بين إيران والعراق وسوريا وتركيا) أو دولة الفلسطينيين (غزة والضفة الغربية) أو دولة الأرمن (أذريبجان).

3.   استقطاب المحاربين المتطوعين بالاعتماد على الوسطاء المقيمين في البلدان الأصلية مثل أعضاء الأحزاب السياسية والمنظمات الصهيونية والجمعيات الخيرية والثقافية الإسلامية أو اليهودية أو اليسارية أو اليمينية (تأهيل إيديولوجي وعسكري ولوجستي مثل تهريب المتطوعين والسلاح والتجهيزات التكنولوجية والأموال عبر الحدود) أما وكالة الاستعلامات الأمريكية (CIA) فقد سهلت سنة 1980 نشاط بعض المساجد الأمريكية لانتداب وتمويل المتطوعين للجهاد في أفغانستان لكنها في المقابل تستنكر نشاطهم في معظم الأوقات.

4.   الاستغلال الحديث لمزايا الأنترنات من قِبل المجاهدين الإسلاميين أو تكثيف الاتصال المباشر عند الإمكان أو توظيف علاقات المحاكاة والتنافس بين رفاق الدراسة أو العمل أو الحزب أو الجامع أو البلد أو المدينة أو الحي وحتى العلاقات العائلية.

5.   يمثل العمال والشباب (15-30) أكثرية من بين المتطوعين من كل الاتجاهات.

6.   من شروط التطوع: غياب العمل القار عند المتطوع أو غياب الاستقرار العائلي وخاصة غياب الأبناء وهذا ما يفسر التواجد المكثف للشباب والطلبة.

7.   التطوع من أجل قضية إيديولوجية أو دينية أو قومية أو عرقية يمنح الشاب فرصة للقطع مع تفاهة المعيش اليومي ويعطيه هدفا وولادة من جديد ويرفع من شأنه أمام نفسه وأمام محيطه ويثمّن كفاءاته إن كانت له كفاءات وفي بعض الأحيان يدرّ عليه أجرا مرتفعا وفي أحسن الحالات يردّ له كرامة مفقودة في بلده الأصلي.

8.   قد يغيّر المتطوع اتجاهه الفكري من شيوعي إلى فوضوي أو من النصرة إلى داعش.

9.   حُسن النية وقوة الإرادة والقليل من التدريب لا تكفي لتشكيل مقاتل ناجع وقد يمثل المتطوعون الأجانب عبئا ثقيلا على المحاربين المحترفين في ضوء ندرة المؤونة والسلاح والذخيرة التي يفضِّل التنظيم تخصيصها لمن يحسِن استغلالها واستعمالها. يترك المتطوعين الجدد للأشغال الثانوية والروتينية أو يجندهم كمتاريس بشرية (chair de canon) حيث يزداد عدد القتلى والجرحى أو يدفعونهم دفعا للقيام بعمليات انتحارية مما ينجر عنه عادة إحباط لدى البعض منهم أو فرار من ساحة المعركة (داعش أنشأت شرطة خاصة في مدينة الرِّقة لتعقّب الفارّين وقد قتلت مائة منهم. رجع 27% من 1210 متطوع انطلقوا من فرنسا). يتميز أصحاب الكفاءات النادرة منهم بمعاملة أفضل كالمهندس والطبيب والطيار والميكانيكي، إلخ. وحتى في حالة الانتصار النهائي فعادة لا يبقى الأجانب في البلد المضيف وفي حال تعذرت عودتهم، يحترف عدد كبير منهم القتال ويتنقل من ساحة صراع إلى ساحة صراع آخر لعرض خبرتهم مما يقلل من شأن نظرية صراع الحضارات.

10.        عائق اللغة والثقافة المختلفة بين المتطوعين الأجانب يضطر التنظيم عادة إلى تجميعهم حسب لغتهم الأم وهذا ما يزيد من عزلة الكتائب عن بعضها البعض وخاصة عزلتهم عن أهل البلد الذين يدافعون عن عائلاتهم ومدنهم وقُراهم أكثر من دفاعهم على القضية الجامعة. يمتاز المجاهدون الأجانب براديكالية أكثر من أبناء البلد وقد يعارِضون الهدنة والاتفاقيات الإستراتيجية التي تراها القيادة المحلية ضرورية مع المجموعات المسلحة ذات الطابع السياسي أو الديني أو الطائفي وقد يحاولون فرض وجهة نظرهم على المدنيين على حساب تاريخ هؤلاء المحلي أو الجهوي أو الوطني.

المصدر:

Le Monde diplomatique, n°737-62è année, août 2015. Extraits de l`article “Les raisons d`un engagement armé, des brigadistes aux djihadistes », Page 1, 22 et 23, par Laurent Bonelli, maître de conférence en science politique à l`Université Paris Ouest Nanterre La Défense, Institut des sciences sociales du politique.

 حمام الشط، الأحد 9  أوت 2015.

 

 

 


حضرتُ اليوم مؤتمرًا حول الإرهاب-الإسلامي في نزل فاخر في العاصمة

 

اليوم الأول في المؤتمر:

ملاحظة منهجية: سأنقل لكم ما دار في المؤتمر بكل أمانة صحفية إيمانًا مني بالعلم فمهما طوعتْه السلطة الرأسمالية لصالحها سيبقى فيه شيءٌ لله وللفقراء المسحوقين المضطهدين.

 

الجهة المنظمة: رئاسة الجمهورية والاتحاد الأوروبي. لم تصلني دعوة، لا من الأول ولا من الثاني، وصلتني من صديق صديقي الدافئ الهادئ الجميل.

الحضور: 100 مشارك، تقريبًا عشرُهم أجانب وخمسُهم نساء سافرات.

المكان وما أدراك ما المكان(Mövenpick) : نزلٌ لم أر مثله في حياتي (وأنتَ ماذا رأيتَ في حياتك يا موظف يا فَڤرِي ؟)، رأيتُ رُخامًا في رخامٍ، السورُ نصف-رُخام، الجدرانُ رُخامٌ، الأرضيةُ رُخامٌ، الوحدة الصحية رُخامٌ ولها قاعة انتظار فيه صالون (تكلفة بيت حمّام واحد تبني دارًا في حمام الشط!)، لم أتعرّف على مكان وعاء الصابون السائل إلا عندما سألتُ ولم أعرف كيف تُفتح حنفية بيت الحمّام إلا بعد لأيٍ، بابُ بيت الحمّام يشبه باب "كوفر-فور بْلَنْدِي". قال لي الحارس، النزل يُمنَع فيه تناول الخمر بأمر من صاحب أرض البحيرة 1 و2، السعودي الشيخ صالح (لا يعرف من المحرّمات في الإسلام إلا الخمر أما نَهْبُ ثروات الشعب السعودي فليس من المحرمات).

الافتتاح: الأميرال كمال عكروت مستشار أول لرئيس الجمهورية تكلم بالعربية، وممثل الاتحاد الأوروبي "الشقيق" تكلم بالفرنسية، ألاثنان رحّبا بالمشاركين.

المحاضر عدد 1: آلان ڤرينيار، جامعة لياج، بلجيكا، قال أن أصله بوليس. تكلم بالفرنسية وقال: "ماركسيو السبعينيات سبقوا الدواعش في "دومان" الإرهاب. حلّل، فسّر، أرّخ وللأسف لم يضف إلى معلوماتي السابقة شيئًا يُذكر فيُشكر ما عدى الشعار الرائع التالي:

"Restaurer le pouvoir des neurones chez les extrémistes aux dépens de celui des hormones".

ثم أضاف قائلاً عن أسباب التطرف العنيف (La radicalisation): التطرف = لقاء شخص متطرف + السلفية + التزامن مع وضع سياسي مشجع + غياب الأب + حي قزديري + الانتماء الخيالي إلى خير أمة أخرجت للناس. السلفية هوية سهلة فما عليك إلا أن تقلد سلوكات معينة ولا تحتاج إلى تفكير. يشعر المنتمي أنه يُكفّر عن ذنوبه ويشتري بذلك الدنيا والآخرة في آنٍ. الدواعش البلجيكيون من أصل عربي يعودون إلى بلجيكا للانتقام من دولة احتقرتهم وهمشتهم في طفولتهم وشبابهم.

سؤالي الذي وجهته بالفرنسية للمحاضر عدد 1:

"Je vous invite à commenter la citation suivante de François Burgat, politologue et islamologue français renommé, il a posé une question à laquelle il a directement répondue: Quelle est l`arme de destruction massive contre le terrorisme islamique ? Le partage des richesses d`une manière équitable entre le Nord et le Sud.

J`ai cru qu`il a boudé ma question. Après, il est venu auprès de moi et s`est excusé en me disant qu`il est un peu sourd et il a ajouté que le phénomène est beaucoup plus complexe. Il est revenu une deuxième fois auprès de moi au restaurant et m`a donné raison et il a ajouté en ironisant : regarde ce qu`est la vie à l`intérieur de cet hôtel et à l`extérieur.

المحاضر عدد 2: سفيان الزريبي، طبيب نفساني (Psychiatre)، تكلم بالفرنسية وقال:

-       التطرّف حصل بِتدرّجٍ.

-       كلنا لنا بُعد معرفي ديني وهو الذي يؤسس سلوكاتنا المنظمة

Une dimension cognitive: des schémas de pensée religieux organisés qui fondent notre comportement.

-       مخنا مهيّأ للاعتقاد بطرق معرفية مختصرة (Des raccourcis cognitifs).

-       تمثلات صوفية : إحساس بالذنب، بالخطأ، بالعقاب لاسترجاع التوازن.

-       أئمة التطرّف فنانون (Les radicalisateurs sont des artistes): يهيّجون التمثلات النائمة (إسرائيل، عنف الغرب ضدنا، الاحتلال، إلخ.) من أجل تبرير انبثاق التطرّف  وتعزيز التفكير الثنائي (الخير\الشر، العربي\اليهودي، دار الحرب\دار الإسلام، إلخ.).

-       وقال أشياء أخرى مهمة جدًّا يطول نقلُها مثل: المتطرفون ليسوا مرضى نفسانيين بل أشخاص عُرضة للتأثر (Vulnérables).

علّق عليه بالفرنسية زميله صلاح الدين الڤلالي الجمني قائلاً: هل سيد قطب شخصٌ عُرضة للتأثر ؟ هو شخصٌ ينفذ إلى عمق الأشياء.

المحاضِرة عدد 3: إيزابال ديمولان، بلجيكا (OCAM): تناولتْ قضية مساندة عائلات المتطرفين بالقوة أو بالفعل بالمعنى الفلسفي للكلمتين الأخيرتين. إشكال: التعاون مع البوليس يتعارض مع عدم إفشاء سر العائلات المعنية. وقالت أشياء أخرى مهمة جدًّا يطول نقلُها.

المحاضِرة عدد 4: آمنة جبلاوي، مديرة معهد التنمية البشرية (Islamologue تكلمت بالفرنسية وقالت: أربعة أركان التطرف السلفي هي: الولاء، البراء، التوحيد، التكفير (Loyauté, désaveu, monothéisme, excommunication). وقالت أشياء أخرى مهمة جدًّا يطول نقلُها.

المحاضِرة عدد 5: ممثلة إدارة ديوان الخدمات الجامعية بوزارة التربية، عنوان محاضرتها "مقاومة التطرّف: من أجل مدرسة أكثر تسامحًا"، تكلمت بالفرنسية وقالت أن فوكو قال: "المدرسة تُعدّ فضاءً سجنيًّا بامتياز". بداية موفّقة ! ثم نقلت أشياء جميلة فعلها الديوان (Trop  beau pour être vrai)، ولو فعل الديوانُ نصفَها في نصفِ عددِ المؤسسات التربوية التونسية لكان بطل الأبطال !

المحاضِر عدد 6: ممثل وزارة التربية، عنوان محاضرته "التربية على المواطنة: من أجل مجتمع هادئ، عادل، ومدمَج..."، تكلم بالعربية. الجواب بائن من عنوانه، عنوان يَرْشَحُ لغةً خشبيةً، أو ما معنى مجتمع هادئ ؟ واصلَ طوال 45د والخشب يتقاطر من عباراته التالية: لا نشك لحظة.. التنمية المستدامة.. تضافر الجهود.. يهدف في نهاية الأمر إلى بناء قناعات لبناء مجتمع هادف في كنف.. وضعُ الخطط الكفيلة في نطاق برنامج الأمم المتحدة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية (قلت في نفسي: هم تدخلوا في شؤوننا الداخلية وانتهى يا سيّدي !). خرجتُ أدخّنُ هروبًا من العجب التربوي الخالي من المعلومة المفيدة والنقد الهدّام والبحث العلمي (نصيحة إلى وزارة التربية: لا تبعثي إلى الندوات الثقافية إداريينَ مُحَفْلَطِينَ مُزَفْلَطِينَ محدودينَ، ابعثي باحثينَ أحرارًا مستقلينَ والحمد لله عندك منهم الكثير خارجَ جدرانِ بناية باب بنات).

المحاضِر عدد 7: مانويل توريز، جامعة بابلو أولافيد، إسبانيا، تكلم بالأنڤليزية ولم أفقه منه شيئًا رغم الترجمة الفورية لأنها ترجمة شكلية قاصرة.

خاتمة: في نهاية اليوم الأول، أخذتُ الكلمة بالفرنسية قصدًا وقلتُ الآتي وختامُها مِسْكٌ:

Pour éviter toute ambiguïté, je ne suis ni islamiste ni marxiste ni nationaliste ni libéral. Je suis de la gauche mutualiste d`avant Marx. Vous avez mentionné les trois termes suivants : la complexité, l`approche systémique et la critique. Vous avez parlé de la déradicalisation des acteurs terroristes salafistes, mais vous avez omis d`évoquer la déradicalisation des policiers et des hommes politiques occidentaux qui ont envoyé leurs drones pour tuer (d`après Le Monde diplomatique, Obama a signé 2000 arrêts de morts extraterritoriaux par drones)  et leurs avions pour détruire des villes entières (Sarkozy en Libye) et pour tuer aussi des innocents en Irak (d`après Michel Onfray, philosophe français renommé, les gouvernements occidentaux ont exterminé 4 millions de victimes des nôtres depuis la première guerre du Golfe en 1991). Je ne déculpabilise pas les nôtres, Daech n`a pas le droit de dire qu`Obama est terroriste et vice versa, mais moi j`ai le droit de dire que Daech est terroriste, Obama est terroriste et Sarkozy aussi est terroriste

حمام الشط، الثلاثاء 26 فيفري 2019.


 

حضرتُ اليوم محاضرة بعنوان "الإرهاب ونزعة التكفير"

 

المكان: الاتحاد الجهوي للشغل ببنعروس.

زمن المحاضرة : من الساعة 18 إلى الساعة 19، يوم الخميس 13 أوت 2015.

الحضور: من 400 إلى 500 بشر.

المحاضر: ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية (الحزب السوري القومي الاجتماعي بلبنان).

أكتفي من المحاضرة بعرض فقرتين قصيرتين لكن معبِّرتين وأضيف لهما تعليقين مقتضبين:

الفقرة الأولى: قال المحاضر الدونكِيشوتي: " بن غوريون، مؤسس إسرائيل، قال في وصيته ما يلي: [تقف إسرائيل على ساقين اثنتين. تتمثل الأولى في أن إسرائيل إذا احتلت أرضا عربية فلن تخرج منها إلى الأبد. أما الثانية فتؤكد أن إسرائيل هي دولة قادرة على شن حرب على العرب متى شاءت]. كسرنا لها الأولى عندما طردناها من لبنان وحررنا الجنوب سنة 2000 ثم كسرنا لها الثانية عندما هزمها حزب الله اللبناني في حرب 2006 فأصبحت إسرائيل بإرادتنا كسيحة".

تعليق 1: وهي كسيحة كما قلتَ، فعلتْ بنا إسرائيل بعد 2006 في غزة ما فعلت فلو لم تكن كسيحة فما عساها أن تفعل بنا يا تُرى ؟

الفقرة الثانية: قال قنديل مخاطِبًا الحضور  المتعاطف معه والمشجع له بالوقوف والتصفيق: "هل تعرفون لماذا حاربوا سنة 2011 بشار الأسد بالذات ؟ وأجاب على سؤاله  بنفسه: لأنه كان يَعُدُّ بالتنسيق مع حزب الله اللبناني آخر حرب كانت ستدمّر إسرائيل لو وقعت وكان حزب الله حاضرا لإمطار إسرائيل بمعدل ألف صاروخ في اليوم".

تعليق 2: لماذا لم يطلِق نظام الأسد الأب والابن كرطوشة واحدة على إسرائيل طيلة قرابة نصف قرن (من 1967 إلى 2011) ومقاطعة الجولان السوري محتلة من قِبل إسرائيل ؟ ولماذا لم يطلِق نظام الأسد الأب والابن كلمة واحدة -ليس كرطوشة واحدة- على تركيا طيلة قرابة قرن (من 1930 إلى 2015) ومقاطعة لواء الأسكندرون السوري محتلة من قِبل تركيا ؟

خلاصة القول:

لم أتوسّع في الكتابة عن هذه المحاضرة أو بالأحرى البيان الخطابي التحريضي المتشنج والمتعصّب والمدافِع عن إرهاب نظام بشار الأسد. لم أتوسع لأنني وبوضوح تام أدين بنفس الشدة كل أنواع الإرهاب، سواء جاء من الدولة أو من المنظمات الجهادية. ضقتُ ذرعا بهذا النوع من العنتريات الجوفاء، أحسستُ بضيق شديد تطوّرَ بسرعة إلى اختناق فغادرتُ القاعة تجنبًا للغثيان. أنهي هذا الهذيان وأقول: "أحاول بكل جهدي أن أتجنب التعليق حتى لا أفقد في المقهى آخر رفيق لي".

حمام الشط، الجمعة 14 أوت 2015.Haut du formulaire


 

حضرتُ اليوم مؤتمر المثقفين التونسيين ضد الإرهاب

 

المكان: قصر المؤتمرات بالعاصمة.

الزمان: الأربعاء 12 أوت 2015 من الساعة 18 إلى الساعة 20.

الحضور: من 500 إلى ألف، نصفهم داخل القاعة والنصف الآخر خارجها، كهول وكهلات (رأيت محجبة واحدة داخل قاعة المؤتمرات مع الإشارة أنني لستُ من دعاة ارتداء الحجاب وفي الوقت نفسه لستُ من الداعين لمنعه بالقانون). لم أجد لي في  الجمع الكبير إلا خمسة أصدقاء.

منشطة المؤتمر: مريم بالقاضي، نجمة قناة نسمة لباعثها نبيل القروي.

لن أتوسع في الكتابة عن هذا المؤتمر لأن منظميه اليساريين (جلهم -حسب الظاهر- أصيلي المدن من ذوي الفكر اليساري والعيشة البورجوازية والتجارة بالعلم كالتجارة بالدين وكلاهما رأسمال رمزي ومادي لا ينمو إلا باستغلال الإنسان العارِف لأخيه الإنسان غير العارِف). يساريون لا يعترفون بيسارية أمثالي (الوافدين من الريف إلى العاصمة من ذوي الفكر اليساري غير الماركسي وعيشة أقل من عيشة عمال السكك الحديدية). خَطَبوا فينا، أساتذة جامعيون، تونسيون وأجانب، رجالا ونساء. يبدو لي أن جلهم من سجناء براديڤم (نسق تفكير) "الثقافة اليسارية المتكلسة والسائدة في العالم العربي"، أي برجوازيون صغار الذيين قال فيهم ماركس ما لم يقله مالك في تارِك الصلاة. مثقفون جهابذة في إقصاء واحتقار المختلف عنهم حتى لو كان يساريا مثلي وليس مثلهم فما بالك لو كان جمهوريا أو مرزوقيا أو نهضاويا ! أنا أظن أنهم قادرون ماديا ومعنويا على الانفصال وعدم التماهي مع مجتمعهم المسلم، أما أنا فقد قرّرت أن أفعل في مجتمعي المسلم، فلزام عليَّ إذن أن أتكلم بلسانه (المجتمع)، أن أنطق بمنطقه، أن أخضع لقانونه.

 

بكل محبة وصدق ولطف، أعيب على رفاقي الماركسيين ميلهم المفرط لتوجيه الخطاب النقدي الصدامي (Discours Frontal) المباشر الجارح لخصومهم في الفكر والسياسة وفي الوقت نفسه يهملون القيام بواجبهم الماركسي المتمثل في النقد الذاتي لتاريخ الإيديولوجية الماركسية والتجربة الاشتراكية الفاشلة في الاتحاد السوفياتي وكمبوديا وألبانيا وكوريا الشمالية.

الإرهابيون الإسلاميون العرب ورثوا الفكر الإسلامي المتطرف المتكلس عن الفقهاء من أجدادهم وغذوه في السبعينات بالسلاح الغربي والبترودولار الخليجي بهدف القضاء على فكرة العدالة الاجتماعية اليسارية خدمة للرأسمالية العالمية المتوحشة، أما الماركسيون العرب فقد استوردوا الفكر الماركسي المتطرف المتكلس واكتسبوه دون أن يطوّروه ويكيّفوه ويؤقلموه مع تراثهم العربي الإسلامي.

لا أشك لحضة في دموية الإرهابيين العرب الداعشيين الإسلاميين ولن أقارنها بالعنف الثوري الذي يؤمن به اليساريون العرب ويبدو لي أنه لم ولن تتسنى لهم فرصة ممارسته، لا لأنهم ملائكة بل لأنهم لم ولن يصلوا يوما إلى السلطة في العالم العربي الإسلامي، على الأقل على المدى القصير والمتوسط. وقد تملكني هذا الإحباط المُعدي بعد قراءة مقالين في جريدة "لومند ديبلوماتيك"، عدد أوت 2015، حول وأد التجربة اليسارية اليونانية في المهد من قِبل الرأسمالية العالمية.

خلاصة القول:

ما جالستُ يومًا في حياتي غير الماركسية ماركسيا تونسيا إلا ونَبَزَنِي وتبادلنا الاحتقار الصامت، ولم تشفع لي عندهم يساريتي المختلفة عن يساريتهم ولا عَلمانيتي المختلفة أيضا عن عَلمانيتهم.

حمام الشط، الأربعاء 12 أوت 2015.

Haut du formulaire

 

دَعْوشَنا بعض فِقهُنا الإسلامي باستثناءِ القرآن والحديثِ الصحيحِ !

 

يبدو لي أننا، نحنُ المسلمون، أنتجنَا - خلال أربعة عشر قرنًا - أطنانًا من كُتُبِ الفِقْهِ الإسلامي، ما يفوقُ حاجتنَا بكثيرٍ. صدّرنَا الغثَّ منه إلى بلاد العَجمِ عن طريق الوهّابيّةِ السياسيّةِ السعوديّةِ المَقيتةِ ما يكفي لدعوشةِ أعتَى العَلمانيين المسلمين الأوروبيين في عقرِ دارِهم، "دار الكُفْرِ". وفي "دار الإسلام" وظفه دعاتنَا الوهابيون من كل الجنسيات لغسل أدمغة شبابِنا والزجِّ بهم في حروبٍ أهليّةٍ أبادتْ الملايين من المسلمين وخدمتْ أعداءَنا الإسرائيليين وتجّار السلاح الغربيين. ربي يرزقنا بــ"ديكارت" مسلِم يُغربِل فِقهَنا المتراكم، ويُخلِّصُنا من غثه، ويرشدُنا إلى سمينِه. آمين يا رب العالَمين، رَبُّ المسلمينَ وغير المسلمينَ.

حمام الشط، الجمعة 30 ديسمبر 2016.


 

سؤالٌ تربويٌّ حيّرني، وأخيرً وجدتُ له جوابَا ! ترجمة بتصرف، مواطن العالَم

 

Source: Le Monde diplomatique. N° 763 - 64e année. Octobre 2017, Article, p. 26: Nihilisme et radicalisation, par Vincent Sizaire.

السؤال: كيف نجحت داعش في غسلِ أدمخة الآلافِ من الشبابِ المسلمِ واستقطابهم، رغم اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم وأعراقهم وجنسياتهم وطبقاتهم الاجتماعية ومستوياتهم الثقافية وحالاتهم المادية ؟

أنا كأستاذ درّستُ 38 عامًا، وككاتب كتبتُ 13 كتابًا نشرتُ منها 10 منها 4 حول التربية، وكأنترنوت  نشرتُ أكثر من  5 آلاف مقال خلال 12 سنة من التدوين الفيسبوكي، ورغم هذا الكد والجهد لم أنجح في غسل دماغ واحد ولا حتى مخيخ ولم أستقطب أحدًا ولا أطمح لذلك.

فما السر إذن وراء النجاح السريع الذي حققته داعش في مجالٍ فشل فيه المختصون ؟

الجواب: لا وجود لسر ولا هم يحزنون !

يبدو لنا من أول وهلةٍ أن داعش نجحت حيث فشل جل المربين. "الواقع أن الشيء الوحيد الذي حققته داعش هو نجاحها في إبرازِ فَشَلِنا". فَشَلْنا في تربية أولادنا على القِيمِ الإيجابية، قِيمُ الحب والجمال (la beauté est éducatrice) والحوار والتسامح والاحترام المتبادل والإيمانِ بحرية المعتقد والضمير والعملِ بمقاربةٍ متعددة الزوايا والأخذِ في الاعتبار تعقّد مشاكلنا وتعدد حلولها .(la complexité)  فَشَلْنا في تحصينهم ضد القيم السلبية، قيم  الكراهية والتطرف والعدوانية والإقصاء والاستئصال واكتفينا بمقاربةٍ أحادية الزاوية والتجأنا إلى التسطيح والتبسيط والحل الأوحد.  داعش لم تنجح بل وجدت مخًّا جاهزًا شاذًّا عَفِنًا، لم تغسله ولم تخلصه من أدرانه بل على العكس لَطّخته وَحَشَتْهُ تأويلاً دينيًّا أحاديًّا عدوانيًا متطرفًا.

1.   أوليفيي رْوَا، عالِم السياسة، قال: "سقوط المرشح لممارسة الإرهاب الإسلامي في فخ الفعل الإجرامي يتأتى، أولا من طريقة تفكيره العدمية، وثانيًا مما تعرِضه داعش من فُرَصِ نادرة لإمكانية إشباع أنانيته وحبه لذاته (...) يبدو لنا أن تطرّفَه السلوكي يسبق تطرفَه الديني. ولنفس الأسباب يتراءى لنا أيضًا أن انتقالَه إلى العنف المادي وتحولَه من الانحراف إلى الاستعداد والالتزام بالجهاد في سوريا والعراق يسبق انتدابَه من قِبل داعش". هو إنسانٌ تقيٌّ ومؤمن (Engagé)، وهدفه الأسمَى هو الفوز بالخلودِ في الجنة، وأقصر طريقٍ لتحقيق أمنيته هو الاستشهاد في سبيل الله كما صوّرته له الدعاية الداعشية. 

2.   فرانسوا سان-بونيه، أستاذ تاريخ القانون، قال: "الإستراتيجية الغربية للحرب ضد الإرهاب تُرجِعنا للعصور الوسطى، نحن نرى الدولة تتكفل بمهمة القضاء على الإرهاب على حساب انتهاكات جسيمة تقوم بها خارِقةً بكل عنجهيةٍ جميع بنود البيان العالمي لحقوق الإنسان مثل تدمير ست دول إسلامية آمنة (أفغانستان، العراق، ليبيا، الصومال، اليمن وسوريا) وتشييدِ سجونٍ في أراضي محتلة، أبو غريب في بغداد وڤوانتنامو في أرض كوبية".

3.   ميشيل روزنفلد، أستاذ القانون الدستوري، قال: "من الأفضلِ أن لا تتم مواجهة إرهاب الكلاشنكوف بإرهاب الطائرات، فالاثنان مجرمان لأنهما يقتلان المدنيين الأبرياء وكلاهما إذن مدانٌ وبنفس الشدة، بل تتم بتمسكِ الغرب بدولة القانون الديمقراطي في الأقوالِ والأفعالِ، وإلا حصلنا على نتيجةٍ عكسيةٍ وقَوَّت الدول الغربية الإرهابَ الإسلامي وهي تظن أنها تحاربه".

4.   فرانسوا بورڤا، عالِم السياسة، سأل وأجاب نفسَه: "ما هو سلاح الدمار الشامل ضد الإرهاب الإسلامي ؟ العدلُ بين الشمال (الدول المتقدمة) والجنوب (دول العالَم الثالث)، والكف عن نهب ثروات المسلمين، والحد من التدخل في شؤونهم الداخلية، وتحرير أراضيهم المغتصَبَة (الأراضي الفلسطينية  وقطاع الجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة كلها محتلة مِن قِبلِ إسرائيل منذ سنة 1967م، مقاطعة لواء الأسكندرون المحتلة مِن قِبلِ تركيا منذ سنة 1930م، الجزر الإماراتية الثلاث، طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى، المحتلة مِن قِبلِ إيران منذ سنة 1971م، مدينتَي سبتة ومليلة المحتلتان مِن قِبلِ إسبانيا منذ سنة 1425م)".

حمام الشط، السبت 21 أكتوبر 2017.

 


 

فظيعٌ دَهْسُ عشرات المارة تحت عجلات سيارة في فرنسا  (la promenade des anglais à Nice)

 

أفظعُ منه رَجْمُ آلاف الأبرياء بـقنابل طيارة في ليبيا أو في سوريا.

كل الغرب يدين الإرهاب العربي وهو نفسه يتفاخر بإرهابِ عدوه الغربي.

المصيبة أن العالَم الغربي لا يرى في الطيار الغربي إرهابيًا بل يراه مقاتلاً من أجل الحرية ومدافعًا مسلحًا عن حقوق الإنسان. أي إنسانٍ وأي حقوقٍ ؟

مواطن العالَم من أصل عربي يقول:

-       Terroriste, celui qui fait écraser des dizaines de piétons sous les roues de sa voiture en France ou en Angleterre.

-       Plus terroriste, celui qui fait écraser des milliers d`innocents sous les bombes de son avion en Libye ou en Syrie.

-       Le Monde entier condamne le terroriste arabe qui se vantait lui même d`avoir tué son ennemi occidental.

-       Le malheur, c`est que le monde occidental ne voit  pas son aviateur comme terroriste, au contraire il le valorise en tant que combattant de la liberté et défenseur armé des droits de l`homme. Quel Homme et quels Droits ?

 


 

لومٌ خفيفٌ على رئيسٍ خفيفٍ !

 

قرّر رئيس حكومتِنا الموقَّر غلقَ ثمانينَ مسجدًا بعد عملية سوسة الإرهابية.

كَــ"مواطن تونسي عَلماني يساري غير ماركسي ومعارِض للنهضة والنداء"، أعبّر عن معارضتي الفكرية الواضحة لهذا القرار وذلك بإيجاز للأربعة أسباب التالية التي لا يوجدُ من بينها سببٌ شخصيٌّ أو إيديلوجيٌّ واحدٌ:

1.    هذا القرار يبدو أنه مخالِفٌ للدستور التونسي الذي يضمن لجميع المواطنين التونسيين حرية المعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدينية داخل دُورِ العبادة. يُحكى أن: دولة بريطانيا العُظمى، وبعدَ أخطر أربع عمليات إرهابية وقعت في لندن سنة 2005 وحصدت أربعين بريطانيا، هذه الدولة العلمانية غير الإسلامية لم تُغلِق مسجدا واحدا من بين الألف مسجد المنتشرة في ربوعها مع الإشارة إلى أن كل هذه المساجد كانت ولا تزال خارج السيطرة المباشرة للحكومة البريطانية التي كانت أسمَى من أن تتدخل في معتقدات مواطنيها المسلمين وأذكَى من أن تُملِي على أئمتِهم خُطَبَ الجمعة. يبدو لي أن المسلمين الذين يستوطنون الدول العلمانية، يعيشون بكرامة سالمين محترمين ويمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية، أحسن من أشقائهم الذين يعيشون في الدول الإسلامية العربية والأعجمية. والغريب في الأمر أن جل بني ديني يكرهون ويُعادون العَلمانية ويصنِّفونها كفرا أو إلحادًا وهي في الواقع نظام مجتمعي لا أكثر ولا أقل، نظام تُصانُ فيه حرية الضمير والمعتقد.

2.    وددتُ لو أصدر حضْرتُه قرارًا يمنع الخطابات التكفيرية والعنصرية والاستئصالية والاقصائية عموما حيثما وُجِدتَ: في  الأحزاب والجمعيات ووسائل الإعلام (المسموعة والمرئية والمكتوبة ورقيا ورقميا) والمؤسسات التربوية العمومية والخاصة (الروضات والمدارس والإعداديات والثانويات والجامعات) وفضاءات الدمغجة الدينية والإيديوليجية وليس دورِ العبادة الإسلامية والمسيحية واليهودية والبهائية وغيرها من الديانات الأخرى.

3.    قال الفيلسوف الأمريكي التقدمي نعوم شومسكي: "كل خطاب متطرّف في جهة لا يخدم إلا المتطرّفين في الجهة المقابلة"، يعني أن رئيس حكومتنا الموقَّر بقراره هذا قد يكون وفّر لخصومه على طبقٍ من ذهبٍ حجةً قويةً مقنعةً سوف يوظفونها حتما ضده.

4.    ولو أراد رئيس حكومتنا الموقَّر بقراره هذا أن يجفّف منابع الفكر الإرهابي فأتوجه إلى سيادته وأقول له بكل احترام: "لقد أخطأت الهدف يا سيدي ! لأن المنظمات الإرهابية أذكى مما تتصور يا سيادة الريِّس وقد تخلّت جل هذه المنظمات إراديا وتقريبا كليا عن توظيف المساجد لبث فكرها واستقطاب مريديها، لا خوفًا من بطشِكم، وإنما لأن هذه الطريقة التقليدية والبدائية والعلنية والمفضوحة والمحلية والأسهل مراقبةً من قِبل البوليس السرّي لم تعد مُجدية وفاتَها العصر الرقمي بسنين ضوئية وقد وَجَدت هذه المنظمات المحترفة ضالّتها في فضاء الأنترنات العالمي السرّي على حكومتك فقط وهو الفضاء الأرحب والأحدث والأسهل تنفيذا والأصعب مراقبةً من قِبل البوليس. لو كنتُ أملك القدرة وأردتُ تجفيف منابع الفكر الإرهابي في العالم العربي لبدأت بتجفيف جميع آبار النفط العربي التي لم نجنِ من أرباحها إلا الإرهاب والتبعية والفساد والتخلف والعَمالة والخيانة والفتنة والحرب والتشرد ولعِلْمِك فقد  وُلِد هذا الفكر ورَضَع  البترول العربي العفِن فتشوّه خُلُقِيًّا وتشيطَن وانتشر في العالم أجمع بفضل مساندة ورعاية ملوك البتردولار الخليجي العربي منذ سبعينات القرن العشرين. خرجتْ الثروات البترولية الأحفورية من باطن الأرض فكانت نعمة على غير العرب ونقمة على العرب أجمعين. كرهتُ النفط وأتمنى أن يأتي يومٌ تحترق فيه آخر قطرة من النفط العربي فينقرض حينها  الفكر الإرهابي العربي ويتوب آخر إرهابي عربي.

حمام الشط، الثلاثاء 29 جوان 2015.


 

كلام لم يقله محللونا السياسيون في بلاتوهات فضائياتنا تعليقًا على عملية برلين الإرهابية التي نفذها أخيرًا مواطنٌ إسلامي ؟

 

بعد تذكيرهم البارحة بوجهة نظر ميشال أونفري، الفيلسوف الفرنسي الأكثر شهرة حاليًّا، أضيف وجهة نظري الشخصية المحدودة لمحاولة فهم الأسباب العميقة للإرهاب المَنسوبِ خطأً للإسلام: "هو ذكّرَنا بالعامل الأساسي الخارج عن عالَمِنا العربي-الإسلامي المتجسم في الأنظمة الامبريالية الرأسمالية الغربية، أما أنا فسأذكّرهم بالعامل الأساسي الداخِلِي، وهو الآتي: صعود الفكر الوهابي السعودي وانتشاره في العالَم العربي والغربي وتزامنه مع غلاء البترول وتكدّس ثروة من البترو-دولار في فترة السبعينيات، فترة تكاثر الحركات الإسلامية العسكرية-الجهادية التي وُلدت ونشأت وتدربت وترعرعت في أفغانستان خلال حربها ضد الاتحاد السوفياتي، وذلك برعاية المعسكر الغربي-العربي المعادي للشيوعية. قبل السبعينيات كان الإرهابُ سلاحًا "ثوريّا" شيوعيًّا "مشروعًا" ضد الأنظمة الامبريالية الرأسمالية الغربية (قائمة غير كاملة للمنظمات "الثورية" أو "الإرهابية" حسب التموقع الإيديولوجي لكل شخص: "الكتائب الحمراء" بإيطاليا، "العمل المباشر" بفرنسا، "بادرماينهوف" بألمانيا، "الجيش الأحمر" باليابان، "نظام بول بوت" بكمبوديا، "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" وخطف الطائرات المدنية وتهديد حياة المواطنين الأبرياء في الجو، إسرائيليين وغير إسرائيليين)، قبل السبعينيات لم نكن نسمع بالإرهاب الإسلامي وخاصة بهذا العنف المجاني الأعمى وبهذا الانتشار العالمي، رغم أن حزب التحرير بفلسطين والأردن، وحركة الإخوان المسلمين بمصر، تأسسا في عشرينيات القرن العشرين". 

Internet: Durant ces deux dernières décennies, l’Arabie a dépensé la somme colossale de 87 milliards de dollars  pour propager le wahhabisme dans le monde, a assuré une étude académique très sérieuse, réalisée par l’expert en conflits entre religions Alex Alexiev et publiée dans le magazine Middle East Monitor. Ce chiffre rendu public lors d’une audience au sein du Sénat américain le 26 juin 2003 s’est avéré être très proche de celui dévoilé par l’ancien conseiller auprès du Secrétaire d’Etat américain des finances, David Aufhauser, un an plus tard et qui était de l’ordre de 75 milliards de dollars.

Ajout : L’Arabie Saoudite a dépensé la somme de 87 milliards de dollars pour propager le wahhabisme dans le monde (environ 174 milliards dinars, 6 fois le budget annuel actuel de l`Etat tunisien). On raconte que c`est une somme plus importante que la somme dépensée par Hitler pour propager le nazisme dans le monde.  L’Arabie Saoudite est plus riche que l`Allemagne d`antan et le  wahhabisme contemporain est dangereux comme le nazisme des années quarante.

حمام الشط، السبت 24 ديسمبر 2016.


كيف تنتدب "داعش" انتحاريّيها الفرنسيين المسلمين ؟

 

-       اسمك ؟

-       آلان.

-       منذ الساعة اسمك علي.

-        حاضر (في نفسه: وكأنني سمعتها من إيريك زمّور).

-       وجواز سفرك ؟

-       ليس فوقي.

-       جواز سفرك أعني به الشهادة.

-       أشْهَدُ أَنّ لَّا إِلَٰهَ إِلَّإ الله وأَشْهَدُ أن محمدًاً رسولُ الله

-       ماذا تريد ؟

-       أريد الجنة ؟

-       وهل تعرف أقصر طريق إلى الجنة ؟

-       المواظبة على الصلاة مدى الحياة كما قرأتُ ؟

-       هذا طريق صحيح لكنه طريق طويل.

-       وما الأقصر ؟

-       عملية استشهادية في باريس في سبيل الله تُغنيك عن مليون صلاة.

-       وكيف السبيل إلى الله ؟

-       هل أنت مستعد في سبيل الله أن تنسى أمك وأباك الكفرة ؟

-       نعم.

-       هل أنت مستعد في سبيل الله أن تفجّر برج إيفل بباريس بمن فيه دون أن يرفّ لك جَفِنٌ ؟

-       نعم.

-       هل أنت مستعد لخيانة وطنك من أجل إقامة دولة الخلافة ؟

-       نعم.

-       من أجل خدمة دولة الخلافة هل أنت مستعد أن تكذب وتسرق وتزنى وترشي وتبيع مخدرات وتنشر فيروسات ؟

-       نعم.

-       إذا طلبنا منك أن تشوّه وجه طفل كافر ابن جنرالٍ كافرٍ معتدٍ بحامض الكبريت. هل تفعل ؟

-       نعم.

-       هل كانت لك عشيقة ؟

-       نعم.

-       جدّد علاقتك بها، ربما نحتاجها يومًا.

-       حاضر.

-       هل كنت تشرب خمرًا ؟

-       نعم.

-       لا تنقطع عن شربها، ربما نزرعك يومًا جاسوسًا في الحانات. سمعنا عنكم أنكم تبوحون بأسراركم في الحانات.

-       حاضر.

-       أتعرف عنا شيئًا ؟

-       أعرف أن ربكم حليم واسمه الله وأن رسولكم كريم واسمه محمد وأن دستوركم عظيم واسمه القرآن الذي يقول عكس ما تطلبه منّي يا سيدي.

-       انْسَ ما عَلِمْتَ وتَعَلَّمْتَ ولا تُصْغِ لأحدٍ غيري فأنا الله ورسوله والقرآن trois en un كما تقولون في لغتكم الجميلة.

ملاحظة: سيناريو خيال في خيال.

Source d’inspiration : 1984, livre de George Orwell, éd. Folio, Barcelone 2022, 408 pages (traduit de l’anglais par Amélie Audiberti. Edité pour la première fois en français en 1950 par Gallimard).

حمام الشط في 13 أوت 2022.

لماذا لا يوجدُ تعريفٌ رسميٌّ موحّدٌ لمفهومِ الإرهابِ ؟ محمد الشريف الفرجاني، أستاذ بجامعة الأنوار ليون 2، مناضلٌ يساريٌّ من جيل الستينيات ومقيمٌ سابقٌ بالسجونِ البورڤيبيةِ (75-80). ترجمة وصياغة مواطن العالم

 

كل التعريفات المقترحة من القانونيين والحقوقيين وقع رفضها من قِبل الكونغرس الأمريكي لأن كل واحد منها ينطبق أول ما ينطبق على أمريكا قبل غيرها !

قتلُ المدنيين الأبرياء ؟ لأمريكا نصيبُ الضبعِ.

إرهابُ الدولة ؟ تحمل مشعله.

التآمرُ على الدولِ المجاورةِ والبعيدةِ ؟ في تاريخها القصير (500 عام) شنت على غيرها من الدول ظلمًا 200 حرب استباقية.

حمام الشط، الاثنين 29 ماي 2017.


 

يجب أن لا نخجل من أنفسنَا، لنا ضلع في هذا الإرهاب كما لغيرنَا ولنا كما لغيرنَا أيضا باع وذراع في المشاركة الفعّالة في بناء الحضارة الإنسانية !

 

المصدر:

Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages.

كتب أمين معلوف ص 94: "أنا أعتبِرُ الحضارة الغربية المعاصِرة المسيطِرة حدثًا لا سابقةَ له في التاريخ. مرّت في التاريخ فترات تجلى فيها تقدّمِ بعض الحضارات على غيرها جميعًا (الفرعونية المصرية، ما بين النهرين في العراق، الصينية، اليونانية، الرومانية، البيزنطية أو العربية-الإسلامية). لكن ما تفجّرَ في أوروبا منذ القرن الثالث عشر ميلادي هو شيء مغاير تمامًا. أنا أتمثله كعملية إخصاب: عديد الحيوانات المنوية تتجه نحو البويضة، واحدٌ منها فقط نجح في اختراق غشائها وأبعِدَ باقي المرشحين. من الآن فصاعدا أصبح للحضارة الغربية المسيطِرة أبٌ واحدٌ، لا أبًا قبله ولا أبًا بعده، وله وحده سيشبه الابن. لماذا هو وليس غيرَه ؟ هل هو أفضل من جيرانه أو منافسيه ؟ هل كان الأسلم فيهم أو الأكثر وعْدًا مستقبلا ؟  ليس بالضرورة، ليس بصورة قاطعة. عديد العوامل تدخلت في انبثاق الحضارة الغربية، منها ما هو مرتبط بأداء وكفاءة المواطن الغربي، ومنها ما هو خاضع للظروف الموضوعية، ومنها ما هو رهين الصدفة..." انتهت الاستعارة وتوقف الاستشهاد.

نص محمد كشكار:

رغم أن الحظ لم يحالِفنا ولم نلقِّح بويضَة الحضارة المتفوقة لكننا لم نكتف بدور المتفرج: في تأسيس العمران شاركنا وفي تطوير الطب والفلك والجبر والألڤوريتم والبصريات كذلك فعلنا وفي التعايش بين الأديان سبقْنا. كنا لهذه البويضة بمثابة الرحم الحنون ولم نتنكر للمولود إلا بقدر عقوقه لنا. في القرنين الماضيين، غذّينا الغربَ بعَرَقِنا ولم يبخل عليه ملايين من عمالنا المهاجرين بجهدهم في مزارعه ومصانعه، دخلوا دواميسَ مناجمه واستخرجوا فحمها  وبأيديهم عبّدوا طرقاته السيّارة وشيدوا قناطره وأعلوا ناطحات سحابه. واليوم مئات الآلاف منّا يدرّسون في معاهده وجامعاته ويعملون بحّاثة في مخابره، وبفضل ابتكاراتهم نالَ الغربُ أعلى الجوائز العالمية العلمية والأدبية (أحمد زويل وفاروق الباز ومحمد أوسط العياري وأمين معلوف والطاهر بن جلون ومحمد أركون وغيرهم كثيرون).

لماذا نُصِرُّ على رفضِ مولودٍ (الحضارة الغربية)، شاركْنا، نحن المُبدِعون باللغة العربية عبر التاريخ، في تنشِئته وتربيته وأفدنا واستفدنا ولا زلنا نستفيدُ من ذكائه ! كمواطن عربي-مسلم، أنا أناضل لمرافقة نفسي ورفاقي في العِرق والثقافة من أجل مساعدة أنفسنا على تخطي أزمة الهوية التي نمرُّ بها في هذا الزمن الرديء. نساعد أنفسنا على تجاوز حزننا على فقدان جزء هام من هويتنا وحضارتنا العربية-الإسلامية دون الإحساسِ بمرارة عقدة الذنب أو حلاوة وهم التفوق ودون شعورٍ بالإهانة ودون تنكّرٍ لتاريخنا المجيد جزئيًّا ونسبيًّا ككل التواريخ.

حضارتهم شاركنا في صنعها وإرهابنا ليسوا أبعدَ منّا إليه. صحيح أنهم تفوقوا علينا علميًّا وتكنولوجيًّا والغريب أنهم كذلك فعلوا في مجال الإرهاب، فلا ينتظروا منّا إذن تبنّي انفرادي للقيط مزدوج الهوية، سليل صلبنا وصلبهم في آن واحد. نحن اكتوينا بنارين، نارُ إرهابهم الجوّي ونار إرهابنا الأرضي. ما أبعد إرهابهم عن إرهابنا ! ما أكثر قتلانا من الإرهابَيْن مقارنة بعدد قتلاهم ! نُدينهم ونُدين أنفسنا وسنقاوم إرهابهم وإرهابنا وسننتصر بحول السماء وسنبقى شامخين أحياء كالنسر فوق القمة الشمّاء. أتمنى أن نتخلى عن عاداتِنا الجاهلية، نزرعُ البذرة ونُنكِر نسبَ المولود في الحالتيْن !

 سؤال إنكاري:

لماذا لا تصنَعُ الدولُ الأسكندنافية -مثَلي الأفضل حاليًّا- إرهابًا، ولا تصدِّرُ إرهابًا، ولا تستورِدُ إرهابًا، ولا تغذِّي إرهابًا، ولا تأوي إرهابًا، ولا تسلّطُ إرهابًا على أحد، لا في الداخل ولا في الخارج، ولم يُسلَّط عليها إرهابٌ إلا نادِرًا ؟

حمام الشط، الأربعاء 25 نوفمبر 2015.

 

 

 

 


 

ما هي تداعيات النمو الاقتصادي الصيني والنمو الديمغرافي الإسلامي على العالم الغربي ؟ ترجمة مواطن العالَم

 

La religion n`est pas l`opium du peuple, mais la vitamine du faible. Régis Debray, philosophe français, gaulliste de gauche.

نص هنتڤتون:

1.   النمو الاقتصادي للصين والمجتمعات الآسيوية الأخرى مَنَحَ حكومات دولهم الرغبة والوسائل لكي تفرضَ شروطها على الدول الغربية الشريكة.

2.    النمو الديمغرافي في البلدان الإسلامية، خاصة ارتفاع نسبة الشباب في مجتمعاتهم، لم يوفر لنا إلا مجندين -وبعدد كبير- لخدمة أهداف الحركات الإسلامية الأصولية المتعصبة، والإرهاب الإسلامي (إضافتي: داعش، القاعدة، النصرة، أنصار الشريعة، جند المقدس، بوكو حرام، الشيشان، الروهنڤا، مالي، إلخ)، والانتفاضات الاحتجاجية، والهجرة نحو العالم الغربي (إضافتي: أوروبا، أستراليا، أمريكا اللاتينية، أمريكا الشمالية وكندا). تَزايُدُ عدد السكان يهدد البلدان الإسلامية وغير الإسلامية بفوضى هدامة (Le chaos)، في حين أنه في نفس الوقت لا يزيد الدول الآسيوية إلا قوةً ومناعةً (إضافتي: ويوفر لها مئات الملايين من الأيدي العاملة المختصة والمهندسين بأجور متدنية).

Référence: L`idée principale est inspirée de Samuel P. Huntington, Le Choc des civilisations, Éd. Odile Jacob, p.p 143-144, Economie et démographie dans les civilisations montantes.

حمام الشط، الأحد 31 ديسمبر 2017.

 

 

Haut du formulaire

 

 


 

مرافعة ضد كل مَن يؤكد دون علم بأن أكثر الإرهابيين الإسلاميين هم من خريجي الشعب العلمية

 

أولا، أعرض تعريفي الشخصي للإرهاب: يبدو لي أن الإرهابي، بغض النظر عن دينه أو عرقه أو جنسيته، هو كل شخص تسبب عمدا في قتل مدني أعزل مهما كان دين الضحية أو عرقها أو جنسيتها من أجل خدمة هدف سياسي مهما كان نوعه. يؤلمني جدا قتل مدني بريء أعزل طفلا كان أو كهلا أو مسنّا، إسرائيليا كان أو أمريكيا أو بريطانيا أو فرنسيا أو بلجيكيا كما يؤلمني أيضا وبنفس الدرجة قتل مواطن غزاوي أو سوري أو عراقي أو تونسي. جرمٌ عظيمٌ وذنبٌ كبيرٌ لا يغفره إنسانٌ عاقلٌ مسالمٌ ولا تبرره مقاومة ولا يخففه دفاع عن قضية مهما كانت عادلة.

هل قام أصحاب الاتهام أعلاه ببحث علمي موثق في الموضوع ؟ وحتى لو فعلوا ذلك على عينة تونسية، فهل يحق لهم تعميم نتائجهم أو استخراج قاعدة من بحوثهم المحصورة في المكان والزمان العربيَّين الإسلاميَّين ؟

بكل لطف ألفت نظر المتهِمِين إلى تواجد الإرهاب غير الإسلامي في تاريخ الغرب الحديث وأطالبهم بالبحث في أنواعِ الشُّعَبِ الجامعية التي تخرّج منها هؤلاء الإرهابيون المحترفون غير المسلمين. مَن هم الإرهبون الغربيون في التاريخ الحديث ؟ هي الأنظمة والمنظمات الإرهابية التالية مع الإشارة أنني أدين فقط بعض عملياتهم المسلحة الموجهة ضد المدنيين الأبرياء العزل حتى ولو كانوا من دولة العدو ولا أدين عملياتهم الدفاعية الشرعية عن طريق مقاومة مسلحة ضد عدو مستوطن مسلح أو من أجل صد عدوان خارجي ضد جنود العدو: كل نظام دولة استعمر دولة أخرى (يدخل في هذا الإطار تقريبا كل الدول الغربية التي أتت هذا المنكر بصفة عسكرية مباشرة ولا زالت تأتيه بصفة اقتصادية أسوأ)، الأنظمة المسيحية الفاشية والديكتاتورية (هتلر، موسولوني، فرانكو)، الأنظمة الشيوعية التي أرهبت وأرعبت عمّالَها (ستالين، ماو، بول بوت)، الأنظمة الرأسمالية المسيحية والإسلامية التي قصفت فيتنام وأفغانستان ويوغسلافيا والعراق وسوريا وليبيا والصومال وغزة واليمن (أمريكا الشمالية، فرنسا، بريطانيا، كندا، استراليا، ألمانيا، بلجيكا، تركيا، السعودية، مصر). الأنظمة اليهودية (إسرائيل). الأنظمة الإسلامية التي قطعت الأيدي والرؤوس (السعودية، إيران، السودان). المنظمات التي مارست الإرهاب ضد المدنيين العزل خلال القرن العشرين: المنظمات المسيحية الأمريكية (ٍ CIA et Ku Klux Klan). المنظمات الشيوعية: بادرماينهوف الألمانية، الألوية الحمراء الإيطالية، الفعل المباشر الفرنسية، الجيش الأحمر الياباني، الجبهة الشعبية الفلسطينية. المنظمات الإسلامية: حماس، الجهاد، فتح، التكفير والهجرة، القاعدة، النصرة، طالبان، أنصار الشريعة، جند الإسلام، داعش، بوكو حرام. ابحثوا فيما ماذا درَس بوش وريغن وميتران وهولاند وبلير وهتلر وموسولوني وفرانكو وستالين وماو وبول بوت قبل أن تبحثوا أين درَس البغدادي وبن لادن والڤضڤاضي. ولا تنسوا أن النظام التربوي في العالم أجمع متهم بالتركيز على تدريس المعارف والمعلومات والتجارب العلمية لغاية في نفس رأس المال الحاكم وإهمال تدريس القيم الكونية العلمية والدينية في الشعب العلمية كما في الشعب الإنسانية على السواء لغاية في نفس العم سام.

ملاحظة استفزازية:

أحتكر لنفسي ولجميع مواطني العالم المسالمين إدانة إرهاب داعش وأنكره على كل مَن ينهَى عن مكروه ويأتي بمثله، أنكره على كل مواطن غربي لم يدنْ إرهاب حكوماته المتعاقبة، وعلى كل يساري لم يدنْ إرهاب الأنظمة والمنظمات الشيوعية، وعلى كل إسلامي لم يدنْ إرهاب الأنظمة والمنظمات الإسلامية. وأنهِي بأفضل قول لأفضل قائل، النبي والرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، رواه البخاري ومسلم. قال لأخيه يعني لأخيه الإنسان بصفة عامة وليس أخيه المسلم فقط.

في الآخر يبدو لي أن مقاومة الإرهاب لا تكون بالإرهاب نفسه وإلا سقطت حجة المقاوِم وهي وقوفه ضد إرهاب عدوه المسلَّط عليه وتساوت المقاومة بالإرهاب. حزب الله أبدع في مقاومة إسرائيل دون إرهاب المدنيين في إسرائيل عربا ويهودا، قام بثلاث عمليات انتحارية شرعية المقاومة ضد ثلاث ثكنات أجنبية في بيروت (ضد ثلاثة جيوش محتلة الأمريكية والفرنسية والإسرائيلية)، عمليات لا أدينها ولكنني لا أتبناها لأنها تتعارض مع إيماني الغاندي بالمقاومة السلمية ولن أفضّل العنف على السلمية وإذا اضطُرِرتُ للاختيار بين الجبن والعنف فسأختار الثاني مُجبرا أخاكم لا بطل على حد قول مثَلِي الأعلى، النبي الإنساني غاندي:

 Je crois en vérité que s'il fallait absolument faire un choix entre la violence et la lâcheté, je conseillerais la violence. (...) Mais je crois que la non-violence est infiniment supérieure à la violence.

وأنهِي أيضًا بغاندي:

Gandhi : l’ennemi ne trouvera pas chez moi une résistance physique contre laquelle il peut s’appuyer mais une résistance de l’âme qui l’aveuglera.

إمضائي:

قال مواطن العالَم محمد كشكار:

- أنا الذي أحمل في رأسي نقدًا دائمًا للسائد القائم وكأني أحمل مرضًا مزمِنًا وأتطلع إلى مواجهة الحجة بالحجة دون أن يتهافت عقلي فهل تعتقد أن يهتز نَقدِي لعُنفك اللفظي، يا "مستقيم الرأي" ؟

- أشعر أن هناك اختلافات كافية بيني وبين القرّاء لذلك أجد من الضرورة المحافظة على شعرة معاوية التي تفصل بيني وبينهم من أجل إمكانية مواصلة المناقشة بطرق مثمرة.

- أؤكد ما قلت صادقا مع نفسي، ليس عن تواضع مبطّن بالغرور ولا عن مَسكنة يُراد بها استجداء العطف، وإنما لأنني أعي جيدا أن اختصاصي العلمي سيبقى بطبيعته اختزاليا ناقصا ومحدودا.

Jean Jaurès conciliait patriotisme et internationalisme. Aujourd'hui il faut associer ces deux termes qui sont antagonistes pour la pensée non complexe: patriotisme et cosmopolitisme signifiant "citoyen du monde" (Edgar Morin).

Citoyen du monde a dit: Chacun de nos problèmes est un phénomène complexe. Les causes nationales et les causes internationales de nos maux sont tellement imbriquées les unes dans les autres et en perpétuelle interaction qu’il m’est impossible de les séparer : C’est pourquoi je suis devenu citoyen du monde, 100% patriotique et 100% cosmopolite.

Edgar Morin : "Le temps est venu de changer de civilisation".

حمام الشط، الأحد 3 أفريل 2016.


 

المقامة الإرهابية: مقارنة انطباعية شخصية محدودة بين الإرهاب الإسلامي وإرهاب الحكومات الغربية ؟

 

-       إرهابهم اعتداء رأسمالي سافِر وإرهابنا ردُّ اعتداء عقائدي أعمى.

-       الإرهاب الغربي هو إرهاب حكومات "ديمقراطية" (إسرائيل وروسيا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا).

-       الإرهاب الإسلامي هو إرهاب جماعات خارجة على قوانين بلدانها، وترى الديمقراطية كُفرًا (القاعدة وداعش).

-       الإرهاب الغربي قتل خارج حدود دُوَلِهِ أربعة ملايين مسلم مدني بريء منذ حرب الخليج الأولى سنة 1991 ولم يقتل مواطنًا غربيًّا واحدًا، لا في الداخل ولا في الخارج.

-       الإرهاب الإسلامي قتل منذ انطلاقه بضعة آلاف من المواطنين الغربيين (حوالي ثلاثة آلاف في عملية 11 سبتمبر وحدها) وقتل مئات الآلاف من المواطنين المسلمين (في الجزائر وحدها 200 ألف، قتلهم إرهاب الجماعات الإسلامية المتمردة وإرهاب الجيش المسلم الحاكم). إرهابُنا يضرب أبرياءَهم لكي يضغط على حكوماتهم، أما نحن فقد تحالف ضدنا إرهابهم وإرهابنا لكي يضغط علينا وعلى حكوماتنا المتواطئة مع الإرهابَيْنِ. أبرياؤهم ضحية إرهابٍ واحد، أما أبرياؤنا فهم ضحية إرهابَيْنِ اثنينِ. الله يكون في عَونِنا وعَونِهم.

-       إرهابهم محترِف ومنتِج لأحدث أسلحة الدمار الشامل وغير الشامل.

-       إرهابنا يشتري أسوأ الأسلحة من مصانع إرهابهم.

-       أنا أدين بشدة إرهابنا المستبيح دماءنا وسليل جهلنا ولَقِيطَ إرهابهم، وأدين بشدة أكثر إرهابهم الحامي لشعوبهم وحكوماتهم والمولّد لإرهابنا.

حمام الشط، الأحد 25 ديسمبر 2016.


 

مقارنة طريفة بين عنف "الحشاشين" في القرن 11-12م وعنف "الدواعش" في القرن 20-21م ؟

 

ملاحظة منهجية: هذه المقارنة الطريفة التي سأجريها بين عنف "الحشاشين" في القرن 11-12م وعنف "الدواعش" في القرن 20-21م، لا تعني البتة أي إدانة مُسقطة للتاريخ الإسلامي بل هي عبارة عن بحثٍ في سببٍ واحدٍ من بين الأسباب الأخرى العديدة المولِّدة للإرهاب الداعشي المعاصر ولا تعني أيضاً أنني لا أعي أو أهمل الأسباب الخارجية التآمرية. منهجية تحديد البحث على سبب واحد لا تعني تهميش الأسباب الأخرى وليعلم القرّاء أنني قد سبق لي أن نشرتُ حولها عدة مقالات نقدية، ولكل مقام مقال.

كل ما سأذكره عن "الدواعش" من معلومات تاريخية هو من عندي، وكل ما سأذكره عن "الحشاشين" هو مأخوذ من الكتاب التالي:

Les croisades vues par les Arabes, Amin Maalouf, Editions J`ai lu, Paris, 1985, 316 pages.

المقارنة:

1.   ظروف التأسيس:

"الحشاشين" في القرن 11-12م: وُلِد مؤسِّسُهم حسّان (الشيعي) في عهد كان المذهب الشيعي فيه مُسيطرا على مصر وسوريا (الفاطميون) وفي فارس والعراق (البويهيون يسيطرون على فارس وعلى الخليفة العباسي في قلب بغداد). وجدَ حسّان في مصر أتباعاً متدينين أصوليين شيعة يشاركونه فكرة تجديد الخلافة الفاطمية الشيعية في مصر والثأر من الخلافة السلجوقية السنية في العراق. احتل حسّان حِصْناً جبلياً يُسمى في ذلك العصر "حصن الموت" قرب مدينة قزوين على بعد 100كلم من طهران اليوم.

"الدواعش" في القرن 20-21م: وُلِد مؤسِّسُهم البغدادي (سنّي) في عهد كان المذهب السنّي فيه مُسيطرا على جميع البلدان الإسلامية ما عدى سوريا (الحكّام علويون وأغلبية الشعب سنّية) سَلطنة عُمان (الشعب خوارج أو إباضية) وإيران (الشعب شيعة). وجدَ البغدادي في  العراق أتباعاً متدينين أصوليين سنّة يشاركونه فكرة تجديد الخلافة السنّية في العراق وسوريا والثأر من الحكم الشيعي في العراق (المالِكي) وسوريا (بشّار) وإيران. احتل البغدادي مدينة الموصل ثاني مدينة بعد بغداد وأكبر منتج للنفط.

2.   طريقة الاستقطاب والتلقين العقائدي أو المذهبي:

"الحشاشين" في القرن 11-12م: يُصنف الأتباعُ حسب مستواهم الثقافي وإخلاصهم وشجاعتهم. يتلقون تكويناً مكثفاً في أصول الدين وفنون القتل والقتال. وكذلك يفعل "الدواعش" في القرن 20-21م.

3.   طريقة تنفيذ العمليات "الإرهابية" من منظورنا و"الجهادية" من منظورهم: 

"الحشاشين" في القرن 11-12م: سلاحهم المفضل هو الاغتيال. ينتشر أعضاء المذهب فُرادى أو على شكل مجموعات قليلة العدد. يتنكرون في زِيِّ تجار أو نُسّاك، يتعرفون على مكان تنفيذ الجريمة ويرصدون تحركات ضحيتهم المحتملة ثم يضربون. التحضير سري للغاية والتنفيذ علني عمومي ومَشهدي (Spectaculaire) يقع أمام أكبر عدد ممكن من المتفرجين. لذلك يكون مكان التنفيذ المفضل بالنسبة لهم هو الجامع والزمان هو وضح النهار. يُعتبر القتل لديهم ليس فقط وسيلة للتخلص من الخصم بل هو قبل كل شيء درسٌ يُعطَى للعموم: درسٌ مزدوج يتلخص في تسليط عقابٍ قاسٍ على الضحية وإبراز بطولة المُنفذ الانتحاري في الشجاعة و"التضحية في سبيل الله". إذعان المنفذين للأوامر وهدوؤهم ورباطة جأشهم عند التنفيذ تدعو للشك في أنهم يتناولون منشطات أو مخدرات. وكذلك يفعل "الدواعش" في القرن 20-21م.

4.   تهمة الخيانة للوطن العربي وتهمة التخابر مع العدو من أجل انتصار مذهبهم الإسلامي (سنّة أو شيعة ) على المذهب الخصم وهو إسلامي أيضاً:

 "الحشاشين" في القرن 11-12م: يُلامون على تعاطفهم مع الأعداء (الفرنجة في الحروب الصليبية، المحتلون للقدس). ينظرون بعين الرضا للجيوش الصليبية التي تلحق الهزيمة تلو الهزيمة بالحكّام السنّة السلاجقة. فِعْلُ "الحشاشين" يشبه داء الجذام (La lèpre) الذي ينخر العالَم العربي في وقتِ يحتاج فيه هذا العالَم لشحن كل طاقاته من أجل التصدي للاحتلال الصليبي. نفس اللوم يُوجه لـ"الدواعش" في القرن 20-21م على تعاطفهم مع الإسرائيليين المحتلين للقدس. ينظرون بعين الرضا للجيوش الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية التي تلحق الهزيمة تلو الهزيمة بالحكّام الشيعة في سوريا (نظام بشّار) ولبنان (حزب الله). فِعْلُ "الدواعش"  يشبه داء السيدا (Le SIDA) الذي ينخر العالَم العربي من الداخل ويضعف مناعته (جيوشه واقتصاده) في وقتِ يحتاج فيه هذا العالَم لشحن كل طاقاته من أجل التصدي للاحتلال الصهيوني.

5.   لا يعترفون بأي سلطة إسلامية قائمة حتى لو كانت تنتسب إلى مذهبهم لذلك هم مكروهون ومضطهدون من قِبل جميع الدول الإسلامية:

"الحشاشين" في القرن 11-12م: لا يعترفون بالخليفة الفاطمي رغم أنه شيعي. وكذلك يفعل "الدواعش" في القرن 20-21م، لا يعترفون بملك السعودية، الراعي الرسمي للمذهب السنّي في العالَم الإسلامي المعاصر.

حمام الشط، الثلاثاء 29 ديسمبر 2015.


 

نحن الغربيون، بدأنا بظلم المسلمين فلماذا نتعجب من رد فعلهم ضدنا ؟ أرهَبناهم فأرهَبونا ؟ فكرة الفيلسوف اليساري الفرنسي ميشيل أونفري. صياغة وتعليق مواطن العالَم

 

ميشيل أونفري، فيلسوف فرنسي يساري غير ماركسي ملحد مشهور جدا في فرنسا (نشرَ قرابة المائة كتاب في الفلسفة) أسسَ جامعة شعبية مفتوحة في مدينة "كانْ" الفرنسية. يساري تحرري اشتراكي (Gauche libertaire: la justice sociale) وليس يساريا ليبراليا مثل الحزب الاشتراكي الحاكم في فرنسا (Gauche libérale : le marché fait la loi).أرّخُ لتحوّل اليسار الفرنسي من النهج التحرري إلى النهج الليبرالي بداية من سنة 1983 على يد الرئيس ميتران الذي قال: "خيّروني بين تحقيق العدالة الاجتماعية التي انتُخِبتُ من أجلها أو المشي في ركاب أمريكا وألمانيا، فاخترتُ أوروبا الليبرالية نصف المتوحشة التابعة لأمريكا الليبرالية المتوحشة".

قال الفيلسوف: "منذ حربِنا ضد العراق سنة 1990 حتى حربنا الأخيرة ضد داعش سنوات 2014-2017، قتلنا بواسطة طيارينا الإرهابيين المحترفين أربعة ملايين مسلم. فكيف نتعجب من العمليات الإرهابية الإسلامية الانتقامية ضدنا في باريس ؟".

استعملت داعش صرخته الصادقة ووظفتها إعلاميا في شريط دعائي لكنها لم تنس أن تنعته بأكبر ملحد في العالَم وكأنها هي الوصية على الإيمان في العالم متجاهلة آيات حرية العقيدة في القرآن: "لا إكراه في الدين" و"مَن شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر". أهُم أكثر حرصًا على الإسلام من رب العالَمين، رب المسلمين ورب غير مسلمين ؟ وللملحد في رحمة الله نصيبٌ ! نصيبٌ قد يكون مستقبلا أكبرَ من نصيبِ ناعتِه الحالِي بالكفر، ولنا عبرة في إسلام الفيلسوف الفرنسي الملحد روجي ڤارودي الذي خدم الإسلام أكثر من بلدان عربية بملايين مصليها وآلاف علمائها ودعاتها التقليديين.

يا ميشيل، يا رفيقي في اليسارية التحررية غير الماركسية وغير الليبرالية، وصديقي الافتراضي: إرهابكم الخارجي وإرهابنا الداخلي، إرهابان يُسلّطان علينا يوميا في سوريا والعراق وليبيا وتونس. أنتم ظلمتم المسلمين فظلمتكم داعش. فبأي ذنبٍ تعاقبنا داعش، نحن المسلمون المسالمون ؟


 

هل للإرهاب أسباب واضحة المعالم ؟

 

أبدأ بتعريف مفهوم الإرهاب حسب وجهة نظري المحدودة جدا والانطباعية جدا وهي أبعد ما تكون على التحليل العلمي الموثق: "الإرهابي هو كل مَن تسبب بصفة مباشرة أو غير مباشرة في ترويع أو جرح أو قتل مواطن مدني أعزل بغض النظر عن دين المجرم ودين الضحية. والإرهاب نوعان: الأول والأخطر هو إرهاب الدول مثل الذي مارسه هتلر في أوروبا وموسولوني في إيطاليا وستالين في الاتحاد السوفياتي السابق وبول بوت في كمبوديا وبوش في أفغانستان والعراق وساركوزي في ليبيا والملك سلمان في اليمن وصدام في كردستان وبشار في سوريا والسيسي في مصر وبشير في السودان وطالبان في أفغانستان وغيرهم كثيرون، عرب وعجم، مسلمون وغير مسلمين. الثاني هو إرهاب المنظمات مثل الذي مارسته المنظمات اليهودية في الثلاثينات والشيوعية في السبعينات (بادرماينهوف وأخواتها) والإسلامية في التسعينات (القاعدة وبناتها)".

لو كان الإرهاب مرتبطًا بالدين الإسلامي فقط لَما وجدنا إرهابيين يهود وبوذيين وشيوعيين.

لو كان الإرهاب مرتبطًا بالعرق العربي فقط لَما وجدنا إرهابيين أوروبيين في داعش وبادرماينهوف.

لو كان الإرهاب مرتبطًا بالجهل فقط لَما وجدنا إرهابيين جامعيين في داعش وبادرماينهوف.

لو كان الإرهاب مرتبطًا بالنظام التربوي المتخلف فقط لَما وجدنا مئات الإرهابيين الذين درسوا كل مراحل تعليمهم في أمريكا وألمانيا وفرنسا.

لو كان الإرهاب مرتبطًا بالفقر فقط لَما وجدنا إرهابيين من الطبقة الوسطى في داعش وبادرماينهوف.

لو كان الإرهاب مرتبطًا بالتخلف فقط لَما وجدنا إرهابيين من الدول المتقدمة مثل بوش الابن وساركوزي أحدث عَرَّابَيْ  الإرهاب في العالم العربي.

لو كان الإرهاب مرتبطًا بالظلم أو القهر فقط لَكان الألمان واليابانيون أكبر الإرهابيين بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية.

لو كان الإرهاب مرتبطًا بالاحتلال فقط لَكان الفلسطينيون والفيتناميون أكبر الإرهابيين في العالم.

لو كان الإرهاب مرتبطًا بالظلم فقط لَكانت الأنظمة الديكتاتورية فقط تفرّخ الإرهابيين في العالم.

يبدو لي أن الإرهابَ ليس حتميًّا وليس معروفًا مسبّقًا بل هو انبثاق (Émergence) من تفاعل بعض الأسباب المذكورة أعلاه فيما بينها فمقاومته إذن متعددة الرؤوس وليست مضمونة العواقب وإنما هي مجرد وقاية تتمثل في القضاء على الأسباب الموضوعية كالظلم والقهر والاحتلال والجهل والفقر والتخلف وتقسيم الثروات غير العادل بين الشمال والجنوب. الإرهاب كجبل الثلج نرى الجزء الظاهرَ منه وما خفي كان أعظمُ.

يبدو لي أن إرهاب الدول أفظع مليون مرة من إرهاب المنظمات، الأول يقتل من السماء بـ"نظافة" والثاني من الأرض بـ"وساخة"، الأول بالصواريخ والطائرات والثاني بالكلاشينكوف والأحزمة الناسفة، الأول يحصد أرواح مئات الآلاف والملايين والثاني العشرات والمئات، الأول تسنده الشرعية الدولية والثاني تقف ضده الشرعية الدولية، الأول لا تجد له تفسيرا سوى الجشع والربح  والثاني يفسره جزئيا -ولم أقل يبرره- الاحتلال والظلم والفقر والجهل. الأول لا يحق له أن يدين الثاني فهو الذي أنجبه وأرضعه وكبّره أما أنا فيحق لي أن أدين وبنفس الحماس الأول والثاني ومَن لم يستنكر الأول لا يحق له أخلاقيا أن يستنكر الثاني.

خلاصة القول: يبدو لي أن للإرهابيين صفتين قارّتين ومشتركتين وهما التعصب لإيديولوجية أو دين أو عرق معيّن والاعتقاد الجازم بامتلاك الحقيقة كل الحقيقة، صفتان نجدهما في هتلر وستالين وبوش وساركوزي وكارلوس والبغدادي وليلى خالد والڤضڤاضي والعبدلّي وزملائهم في العالم أجمع.

إضافة رأيٍ ضد ما هو سائد عند العرب حول الإرهاب:

أبدأ بتوضيح موقفي من الرأي القائل بشرعية "مواجهة الإرهابِ بالإرهابِ" ومَثلِي الأعلى في هذا الباب هما النبيّان غير السماويّين "غاندي" و"مانديلا" اللذان واجها إرهاب الدولة بالمقاومة السلمية وانتصرا عليه انتصارًا مُبينًا. يبدو لي أن لا شيءَ يبرّر الإرهابَ حتى لو كان إرهابٌ في سبيل تحرير الأوطان من الإرهاب نفسه، فإرهاب "حماس"، مثلاً، في المقاهي والشواطئ والحافلات والعُلب الليلية الإسرائيلية لا يبرره إرهاب إسرائيل في غزة، والاعتداء بالسكاكين الفلسطينية على مواطنين يهود إسرائيليين مدنيين عُزّل لا يبرره منعُ الصلاة في المسجد الأقصى ولا يبرره حتى حشرُ عشرة آلاف مقاوم فلسطيني في سجون الاحتلال، وإلا سقطت حجتنا المنطقية القوية التي تردد وتقول للعالَم أن "إسرائيل دولة دينية عنصرية إرهابية" وأصبحنا في استعمال وتوظيف الإرهاب نحن وإسرائيل سواسية. أنا لا أؤمن بالمقاومة المسلحة طريقًا وحيدًا للتحرر من الاستعمار ولي أسوة في الألمان واليابانيين، هزمتهم أمريكا وذلّتهم وأهانتهم ولم يطلقوا ضدها ولو رصاصة واحدة، ليس جُبنًا بل اختاروا للتحرر طريقًا أفضلَ حسب رأيي، طريق العلم والعمل، ونجحوا في مسعاهم نجاحًا منقطع النظير. وفي المقابل لا أدين مَن اختار سبيل المقاومة المسلحة على شرط أن تكون مقاومة موجهة حكرًا ضد الأعداء المسلحين جنودًا كانوا أو مستوطنينَ، كما فعل حزب الله اللبناني ضد جنود أمريكا وفرنسا وإسرائيل أما ما يفعله نفس الحزب اليوم في سوريا فهو إرهابٌ في إرهابٍ سواءٌ كان موجهًا ضد داعش أو ضد المعارضة السورية الشرعية السلمية أو المسلحة.

حمام الشط، الاثنين 7 ديسمبر 2015.

 

 

 

موقفِي الفكريُّ الشخصيُّ جدًّا حول مسألة "الجهاز السري، وتسفير الشباب التونسي إلى سوريا"، التهمة الموجهة إلى حزب النهضة من قِبل جل اليساريين

 

مقدمة منهجية، رفعًا لكل لَبْسٍ مُحْتَمَلٍ:

-       أولاً، ليست لي أي "أجندا"، صَدَّقَ مَن صَدَّقَ، أو كَذَّبَ مَن كَذَّبَ، لا يَعنيني تَصديقَ أحدٍ ولا تَكذيبَ أحدٍ.

-       ثانيًا، أنا لستُ نهضاويًّا ولن أكون، وذلك لسببَين اثنَين رئيسيّين: 1. النهضة لا تعادي الرأسمالية، وأنا أمقتُ الرأسمالية.

-       ثانيَا، النهضة إسلامية وأنا عَلماني على الطريقة الأنڤلوساكسونية غير المعادية للدين والمتدينين.

-        ثالثًا، أنا لم أعد ماركسيًّا ولا لينينيًّا ولا ستالينيًّا ولا ماويًّا. جل الماركسيين التونسيين لم ينتقدوا علنيًّا التجربة الشيوعية في القرن العشرين ولم يدينوها بوضوح تامّ، وأنا أنتقدُ علنيًّا التجربة الشيوعية في القرن العشرين وأدينُها وبوضوح تامّ.

-       رابعًا، أنا مسالِمٌ إلى حد النخاع، وغاندِيُّ الهوى إلى حد التقديس.

Gandhi : l’ennemi ne trouvera pas chez moi une résistance physique contre laquelle il peut s’appuyer mais une résistance de l’âme qui l’aveuglera.

-       خامسًا، أنا أفكّر فقط، أفكّر بحريةٍ كاملةٍ واستقلالية تامّةٍ عن كل الأحزاب والتيارات بما فيها التيار الهلامي غير المنَظّم الذي أنتمي إليه، وهو اليسار غير الماركسي، أو يسار ما قبل ماركس. يسار تونسي متصالح جدليًّا مع الهوية الأمازيغية-الإسلامية-العربية.

-       سادسًا، لستُ مُحقِّقًا ولا قاضيًا ولا أملكُ ملفّات على أحدٍ، والمتّهمُ ، عنديَ، بريءٌ حتى تَثْبُتَ إدانتُه، والقضاءُ هو الفيصلُ بين المُدَّعِي والمُدَّعَى عليه.

1.   موقفِي الفكريُّ الشخصي جدًّا من تهمةِ تسفير الشباب التونسي إلى سوريا من قِبلِ حزب النهضة:

-       لا يحق لـ"اليساريين التونسيين الذين لم ينقدوا علنيًّا التجربة الشيوعية في القرن العشرين ولم يدينوها بوضوح تامّ"، لا يحق لهم نقدَ النهضة حتى ولو كانت التهمة ثابتة. لماذا ؟ لأن هؤلاء اليساريين يعملون بالمقولة غير المنطقية التالية: "حرامٌ عليكم، حلالٌ عليَّ"، أو المقولة الشعبية "جزار إعَظِّمْ على امْراڤزي" (قِياسًا، لا يحق للحكّام الغربيين إدانة إرهاب داعش، لأنهم إرهابيون أكثر منها، يكفيني حُجَجًا ما فعلته أمريكا من جرائمَ ضد الإنسانية في أفغانستان والعراق، وما فعلته فرنسا في ليبيا ومالي).

-       لو كنتُ شيوعيًّا مثل هؤلاء الشيوعيينَ، ولو كنتُ شابًّا سليمًا مُعافَى، ولو كانت ثورةُ سوريا ثورةً شيوعْيّةً، لكنتُ أول المتطوّعين للسفر إلى سوريا لِمساندة رفاقي الشيوعيينَ السوريينَ ضد ديكتاتوريةِ بشّارْ من أجلِ نُصرةِ الأمميةِ الشيوعيةِ في العالَمِ.

-       أصْدُقُكم القولَ ولا أخْفِي عنكم سِرًّا فاتَ عليه 46 عامًا: عندما كنتُ شابًّا طالِبًا شيوعيًّا في أوائل السبعينياتْ، كنتُ أتمنَّى الالتحاقَ والانضمامَ إلى ثورةِ ظُفارْ الشيوعيةِ في عُمانْ، وكنتُ في اليقظةِ أحلمُ بتَفجِيرِ نفسِي في مجلسِ الأمّةِ بباردو، أسوةً بالفوضويِّ-الأنارشيست المشهورِ، شقيقُ الزعيمِ الشيوعيِّ لينينْ. الحمدُ لله، لم أعُدْ شابًّا ولا شيوعيًّا، وبقيَ الحلمُ "الشيوعيُّ - هذا الحلمُ الداعشيُّ قبل ظهورِ داعشَ - حلمًا مرعِبًا ! كنت سأفعلُ ذلك أسوة بما فعله أحرار وجمهوريو الدول الغربية الديمقراطية وما فعله ستالين نُصرةً لثوار إسبانيا في حربهم ضد فاشية فرانكو، وأسوة بما فعله كاسترو نُصرةً لثوار ناميبيا وأنڤولا (أرسلَ لهم 100 ألف جندي مسلّح بالكلاشينكوف والدبّابات).

-       وبِما أنني لستُ من هؤلاء اليساريين ولا من هؤلاء النهضاويين، فيحق لي إذن ولأمثالي أن نُدينَ تَصديرَ العنفَ الثوري، لا فرقَ عندنا، أكان التصديرُ هذا باسمِ نُصرةِ الأممية الشيوعية أو نُصرةِ الأمة الإسلامية.

2.   موقفي الفكريُّ الشخصي جدًّا من تهمةِ تكوينِ جهازٍ أمنيٍّ-عسكريٍّ سريٍّ من قِبلِ حزب النهضة:

لو كنتُ رئيسَ حزبٍ شيوعيٍّ سرّيٍّ أو رئيسَ حزبٍ إسلاميٍّ سرّيٍّ، يناضلُ للإطاحة بنظامٍ ديكتاتوريٍّ أو فاشيٍّ، ولم أكن ساذِجًا أو غِرًّا أو غبيًّا، لأنشأتُ على الفور جهازًا أمنيًّا-عسكريًّا سريًّا.  لكن، لو سقطَ النظامُ الذي أناضلُ ضده وقبلتُ عن طواعية اللعبة الديمقراطية، فسأحُلُّ جهازي السابق وألغيه لانتفاء الحاجة إليه، ولو لم أحُلَه فأنا مُدانٌ لـ"العنكوش"، نهضواويًّا كنتُ أو شيوعيًّا.

-       خاتمة: موقفي الفكريُّ الشخصيُّ هذا، موقفٌ حرٌّ مستقلٌّ، لا علاقةَ له البتةَ بالسياسةِ الراهنةِ ولا بالاصطفافِ وراءَ النهضةِ وأنصارِها أو الاصطفافِ وراءَ اليسار وأنصارِه. صَدَّقَ مَن صَدَّقَ، أو كَذَّبَ مَن كَذَّبَ، لا يَعنيني تَصديقَ أحدٍ ولا تَكذيبَ أحد.

لكن وكبَشَرٍ روحانيٍّ (Une spiritualité à l`échelle individuelle) حسّاسٍ وضعيفٍ كجل البشرِ: الاعتِرافُ بِجُهدي الفكريِّ وحيادِيتي واستقلاليّتي وموضوعيّتِي وعَفويَّتِي وسذاجتِي وصِدقِي، كل هذا شيءٌ يُفرِحُنِي، أمّا الثلبُ فيُؤْلِمُني جدًّا لكن لمْ ولا ولنْ يُحْبِطَنِي، والسلامْ على مَن غَفَرَ لي أخطائِي وزَلاّتِي وهي كثيرة ٌ، والسلامْ أيضًا على مَن لمْ يَغفِرْها لِي، جَلَّ مَن لا يُخطِئُ، واللهُ وحدهُ هو الغَفّارُ الرَّحِيمُ، لا شريكَ لَهْ في المَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ.

حمام الشط، الجمعة 25 جانفي 2019.

« DAESH C`EST L`OTAN (ou NATO) », a dit J L Mélenchon, candidat de gauche à la présidentielle française 2017 (PCF inclus non le PS de Hollande).

Je souscris, signe, confirme et partage cette formule choc sans pour autant justifier ou blanchir les crimes contre l`humanité qu`a commis DAESH ; et les exemples qui l`illustrent sont multiples, récents, sanguinaires voire criminels: Yougoslavie, Irak, Afghanistan, Lybie, Syrie, etc.

Hammam-Chatt, le vendredi 2 décembre 2016.

 


 

Éloge de la non-violence !

 

Source d`inspiration : l`émission « historiquement show » diffusée sur canal « histoire », le mardi 9 février 2016 entre 13h et 13h45.

 

Un écrivain contemporain français a dit « sots sont ceux qui croyaient que l`homme est non-violent de nature ». L`homme ne naît pas non-violent, il le devient ! Il me parait que la non-violence est la valeur humaine acquise la plus précieuse.

Un autre écrivain français du 18e siècle, âgé de 30 ans a dit : « avant, les princes se battaient pour un lot de terrain en recrutant des soldats mercenaires qui leur  coutaient beaucoup d`argent. Maintenant les empereurs et rois se battent pour des idées et ils arrivent à rallier et enrôler facilement et gratuitement des milliers de soldats volontaires, et c`est pourquoi d`ailleurs la guerre est devenue bon marché pour les princes, très chère pour les sujets. Pourquoi donc voulez-vous qu`ils cessent de faire la guerre entre eux tant qu`ils n`ont rien à perdre? C`est nous les perdants et la chair-de-canon.

Tolstoï, l`ancien officier, a changé de cap le jour où il a enquêté sur la guerre de Napoléon en Russie, 70 mille victimes en 10 heures. Il a écrit « Guerre et Paix ». Il a  fondé  le mouvement international de non-violence. Un jeune avocat lui a envoyé une lettre d`adhésion, c`était Gandhi. Imaginez combien de millions de vies a épargné Gandhi à son pays ?

Avant, un guerrier était inévitablement un homme courageux car il affrontait face à  face son ennemi. Maintenant, au contraire, le soldat mercenaire est devenu de plus en plus lâche et de plus en plus peureux, il essaye par tous les subterfuges technologiques d`éviter le face à face avec l`ennemi, il tue un ennemi qui ne voit pas.

La non-violence est notre salut, nous les démunis. On n’a aucun intérêt à faire la guerre à nos semblables. Les riches, et s`ils insistent encore à la faire qu`ils la fassent sans nous, loin de nous, avec leurs robots peut-être et qu`ils nous laissent pauvres mais au moins tranquilles.

Malheureusement et jusqu`à nos jours, bon nombre de personnes dites normales font encore l`éloge de leurs anciens héros guerriers, Antara, Khaled ibn Elwalid, Salahuddine, Nacer et Saddam pour nous musulmans et César, Richad cœur de lion, Napoléon, Staline, Mao, Pol Pot, De Gaule, Bush pour eux non musulmans.  Même les correspondants contemporains de guerre, les soi-disant pacifistes n`ont pas échappé à la règle et se sont rangés souvent derrière l`un des deux belligérants aux dépens de l`autre. Moi je refuse de prendre un guerrier comme exemple ou idole, je comprends son comportement dans son époque mais j`ai d`autres personnes dignes de mon estime, ce sont les grands hommes, artistes, savants et écrivains comme Gandhi, Sartre, Averroès, Avicenne, Bachelard, Hachem Salah, Abdallah Aroui, Nejib Mahfoud, Taha Hussein, Tolstoï, Oum Khalthoum, Fairouz, etc.

Ma signature

« Pour l`auteur, il ne s’agit pas de convaincre par des arguments ou des faits, mais, plus modestement, d’inviter à essayer autre chose » (Michel Fabre & Christian Orange, 1997).

« À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence » (Le Monde Diplomatique).

Einstein disait :"On ne résout pas un problème avec les modes de pensée qui l'ont engendré".

Ma devise principale : « Faire avec les conceptions non scientifiques  pour aller contre ces mêmes conceptions et en même temps amener les apprenants à auto-construire leurs  propres conceptions scientifiques ». « Les conceptions non scientifiques ne sont pas fausses car elles offrent pour ceux qui y croient un système d`explication qui marche ».

Mon public-cible: les gens du micro-pouvoir (Foucault) comme  les enseignants, les policiers, les artisans, les médecins, les infirmiers, les employés de la fonction publique, etc.

Mauris Barrès : « Penser solitairement mène à penser solidairement ».

Taoufik Ben Brik : « nomme-moi offrande, et je m`offrirai ! ».

Hammam-Chatt, mardi 9 février 2016.


 

Est-ce que Daech est une religion ou une idéologie ? Citoyen du Monde (idée de mon ami le « philosophe » Habib Ben Hamida)

 

Le bouddhisme, le hindouisme, le judaïsme, le christianisme, l`islam et le bahaïsme sont des religions. Les frères musulmans, Elkaida, Ennosra, ansar echaria, jond elislam  et Daech sont des partis politiques modernes idéologiques extrémistes construits sur le modèle stalinien et qui se maquillent avec des cosmétiques islamiques. Ils n`ont rien à voir avec la foi islamique comme le franquisme, le fascisme et le nazisme n`ont rien à voir avec le christianisme et comme le sionisme n`a rien à voir aussi avec le judaïsme. Tous, Ils cherchent le pouvoir et la fin pour eux justifie les moyens et les derniers vont disparaitre comme ils ont disparu leurs prédécesseurs. Je suis confiant, tôt ou tard, la foi universelle vaincra l`extrémisme de tout bord.

Hammam-Chatt, le 28 mars 2016.


 

L`extrémisme, la guerre et le terrorisme ?

Écrit par Habib Ben Hamida (Retraité, ancien Prof de philo à la Sadikia)

 

L`extrémisme et la violence représentent pour l`auteur (Mohamed Kovhkar) deux issues de désespoir. Ces dérives extrémistes, maximalistes ont eu pour conséquence de briser l`élan de la renaissance dans le monde arabo-islamique. On assiste impuissant le plus souvent  à un spectacle de désolation où le chaos crée un état de confusion à la fois intenable et durable, absurde et chronique, insoluble et indissoluble, et scandaleusement viable.

Les pays arabes sont sous la menace d`un démembrement inéluctable. Tout vole en éclat, il ne reste que les débris fracassés et les miettes éparpillées, tout le pays est dévasté comme en Syrie et c`est la guerre qui s`éternise.

La critique de Kochkar est une dénonciation de ceux qui font l`apologie de la violence et de la guerre, de ceux pour qui autrui est l`obstacle à supprimer, car le violent, le terroriste s`acharne contre l`autre, vole son domicile, viole son corps, profane sa vie privée…

La guerre viole …, les foyers et les femmes, elle … l`invasion et l`agression : elle est une chaîne de violences orientées avec l`intention d`éliminer l`autre. N`importe qui combat n`importe qui, voilà le nouveau visage  de la guerre qui s`éternise dans le monde arabe : guerre à la fois étrangère et civile, guerre de tous contre tous où tout est brouillé, mélangé.

La guerre fabrique un monde de désespoir assez semblable à l`enfer.

Le propre du terrorisme c`est de forcer artificiellement toutes les forces à travailler pour la guerre, la mort et le chaos. Il pérennise l`état violent, rend la tension aiguë, explosive et insoutenable ; il dérègle tous les mécanismes de contrôle, de modération et transforme grâce à son génie diabolique les machines construits par le travail et pour le travail utile et vital, en armes de guerre qui accélèrent le naufrage de tous dans le chaos et le néant.

Le terroriste n`est pas un constructeur, un ingénieur ; il est plutôt un génie malfaisant, un manipulateur de tous les objets, de tous les outils ; c`est un agité qui fait fondre toutes les forces dans un gaspillage aveugle et c`est avec une frénésie aveugle qu`il dilapide tous les acquis de notre civilisation : c`est le délire d`une action dévastatrice, d`une violence pour rien, c`est de la démence pure.

Hammam-Chatt, mercredi 8 juin 2016.

 

 


 

Je suis optimiste

 

Je suis optimiste car je crois en l’Homme et en son cerveau. Ce cerveau qui a émergé, il y a des milliers d’années, de l’interaction perpétuelle entre l’inné et l’acquis. Il me parait que le cerveau humain est la chose la mieux partagée entre les humains sans distinction de couleur, de religion, d’ethnie ou de classe. Un cerveau unique en son genre, fruit de l’évolution darwinienne, aussi complexe et capable de pensée globale et complexe ne peut pas être arrêté par un terroriste comme Bush ou Daech ! Heureusement que tout le monde nait doté d’un cerveau c. à d. doté de la raison et la raison est la clé de tout progrès social. Notre cerveau peut établir pendant les premières années de sa vie un million de milliards de synapses et peut stocker, trier et mobiliser en une fraction de seconde une somme incalculable d’informations nécessaires à la résolution des problèmes quotidiens de la vie et Daech ne forme qu’un epsilon dans le cours de son parcours. L’évidence même confirme qu’un Daech n’enfante pas automatiquement un autre Daech et qu’un Einstein n’engendre pas automatiquement un autre Einstein !ut du formulaire

 


 

الشعبُ السوريُّ البريءُ في كمّاشةِ الإمبرياليةِ الغربيةِ-العربيةِ والدكتاتوريةِ البشّاريةِ والحركاتِ الإسلاميّةِ "المعتدلةِ" منها والمتطرِّفةِ، السنيّةِ منها والشيعيةِ ؟

 

يُساقُ البريءُ إلى المصيدةِ متلبسًا بقهرِ الزمانِ متهمًا بجريمةِ القدرِ الذي أنجبَه في هذه الظروفِ الضاريةِ، في هذا العصر الرديءِ المتردِّي من عُلوٍ، تتلقفُه حَيّةٌ بثلاثةِ رؤوس، الإمبرياليةُ الغربيةُ-العربيةُ والدكتاتوريةُ البشّاريةُ والحركاتُ الإسلاميّةُ "المعتدلةُ" منها والمتطرِّفةُ، السنيّةِ منها والشيعيةِ، تُغويهِ، يتحللُ سُمُّها في دمِه، يلتهمُ شرهُها جوعَه، يراوغُ خبثُها طيبتَه، يعانقُ غدرُها عفويتَه، تتغلبُ عدوانيتُها على سلميتِه، تختلطُ قسوتُها بدموعِه، فيتّحدان في جسمٍ مفزعٍ في بلدٍ بلا حدودٍ في ساحةٍ مكتظةٍ مقفِرةٍ، إلا من الذين قَذَفَ بهم القدر. وأمام تلك الحشودِ المتجمهرةِ وعلى مسمع من الشعبِ السوري الصامتِ الحاقدِ المقهورِ المحرومِ من الحقِّ في استردادِ الحقِّ، يرقصُ العقلُ المشوّهُ على أجسادِ الخلقِ السويِّ، تُقطعُ الأرزاقُ وتُصلبُ الأعناقُ وتُدَمَّرُ الأسواقُ، يظلُّ الإسلامُ شامخًا، تبقى الثورةُ إنجازُ الشجعانْ والعروبةُ حُضنُ النَّصْرانْ والديمقراطيةُ مطمحُ الغَلبانْ، وباسمها جميعًا دُنِّستِ الجوامعُ والصلبانْ، ومن أجلها تقاتلَ الأتباعُ، الأعاجِمُ والعربانْ، وهُتِكتْ الأعراضُ واغتُصِبتْ النِّسْوانْ. طُمِستْ الأنسابُ ومُحِيتْ إلى الأبدِ الأسماءُ وانقرضتْ الأعراقُ وفي تَدمرَ دُمِّرتْ الحضارةُ، جُفِّفتْ الينابيعُ ودُفِنتْ الأشواقُ، أمِيتَ الأملُ وفي بلادي نَمتْ مكانَه الأشواكُ، بلادي اليوم هي سوريا وشعبيَ اليوم هو الشعبُ السوريُّ.

حمام الشط، الأحد 16 أفريل 2018.


« Nous vous attendons dans la joie, nous vous accueillons dans le deuil »

 

Source de l`info: canal « Toute L`Histoire »

Pour préparer le débarquement en Normandie, les mille avions des alliés ont bombardé des villes entières et causé la mort de 60 mille français et françaises. Ces derniers leur ont répliqué : « nous vous attendons dans la joie, nous vous accueillons dans le deuil ».

Ils l`ont déjà fait en France en 1944 et ils continuent de le faire après un demi siècle en Afganistan, en Irak et en lybie. Qu`est-ce qu`on attend d`un monstre aveuglé par sa puissance ? La destruction et rien d`autre que la destruction ! Ils ne sont pas moralement meilleurs que les ennemis de l`humanité, Hitler et Daech et ils l`ont malheureusement bien prouvé.

Hammam-Chatt, mardi 1 mars  2016.


 

Voilà ce qu`a dit Michel Onfray avant l`attentat d`hier en France ?



Michel Onfray est aujourd`hui le plus populaire des philosophes français. C`est un écrivain athée chrétien de gauche libertaire antilibérale.

Le terrorisme de la dictature libérale occidentale (Le marché capitaliste dicte ses lois à la société mondiale via Israël, l`Amérique du Nord, la France, la Belgique, l`Italie, l`Angleterre, etc.) avec la complicité passive de certains pays arabes (Le Qatar, l`Arabie saoudite, les Emirats arabe unis, etc.) et de la Turquie islamique, ce terrorisme occidental a tué 4 millions de musulmans depuis 1991(Afghanistan, Somalie, Irak, Syrie, Libye, Mali).

Daech (l`Etat islamique d`Irak-Syrie) a répondu au terrorisme judéo-chrétien par le terrorisme islamique. C`est nous qui avons créé le terrorisme islamique. Notre civilisation judéo-chrétienne est en décadence.

Mon commentaire :

En tant que musulman tunisien de gauche libertaire antilibérale, j`approuve son constat et avec la même fermeté, je condamne les deux formes de terrorisme, judéo-chrétien et islamique. Contrairement à ce que vous avez affirmé (L`essor de la civilisation islamique en face de la décadence de la civilisation judéo-chrétienne), Monsieur Michel Onfray, notre civilisation arabo-islamique est en décadence aussi, victime de son succès miné de l`intérieur.

Hammam-Chatt, vendredi 15 juillet 2016.


 

الإرهاب جرثومة، لا يمكن القضاء عليها إلا بواسطة العلاج الجيني !

 

يبدو لي أن هنالك وجه شبه كبير بين ظاهرة الإرهاب الإسلامي الجهادي والأمراض الناتجة عن خلل بِنْيَوِي-بيولوجي-فيزيولوجي في المناعة الذاتية مع الإشارة الهامة أنني لستُ أنا مَن ينسب الإرهابَ للإسلام وإنما مرتكبوه هم الذين أعلنوا بألسنتهم عن هويتهم الإسلامية بإطلاق صيحات "الله أكبر" في مسرح العمليات وبعد العمليات التي مباشرة تبنّتها الدولة الإسلامية (داعش) علانية ودون لَبس. بقي أنني لستُ غِرًّا ولا القارئ أيضا حتى نَخلط بين المسلم العادي والمسلم الداعشي ونلصق تهمة الإرهاب بدين معيّن أو إيديولوجيا بعينها.

ما وجه الشبه بين الإرهاب والجرثومة ؟:

-       مِثلهم مثل الإرهابيين المسلمين الجهاديين الداعشيين، تُخطئ الأجسام المضادة (Les anticorps) لدى المريض بفقدان المناعة الذاتية، فتصيبُ خلايا الجسم السليمة (Le soi) وتُتلِفها عوض أن تصيبَ خلايا العدوّ (Le non-soi)، مثلما تُتلِف خطأً الأجسام المضادة لدى مريض السكري نفسه خلايا معثكلته (Le pancréas). كذلك يفعل الجهاديون الإسلاميون الداعشيون وأمثالهم. لو قمنا بجَرْدٍ لتصنيف ضحاياهم لوجدنا أن 99% منهم مسلمونَ.

-       الأمراض الناتجة عن خلل بنيوي-بيولوجي-فيزيولوجي في المناعة الذاتية مثل مرض السكري نوع 1 (يحقن المريض هرمون الأنسولين يوميا أو يموت تدريجيا) هي أمراض مزمنة وليس لها علاج شافٍ حتى الآن مثلها مثل الإرهاب.

-       العلاج الوحيد الواعد لهذه الأمراض هو العلاج الجيني (La thérapie génique): نأمل تعويض جينات خلايا المُعَثكَلَة  العاجزة عن أداء وظيفتها الفيزيولوجية السليمة المتمثلة في إنتاج هرمون الأنسولين الناجِع المسؤول عن تعديل السكر في الدم، واستبدالها بجينات سليمة تقوم مقامها. كذلك الإرهاب لا يمكن القضاء عليه إلا بالقضاء النهائي والمُبرَم على كل الأنظمة الرأسمالية الغربية المتوحشة التي لا تبغي إلا الربحَ الفاحش ولا شيءَ غير الربحِ ولو على جثث مئات الآلاف من المدنيين المسلمين في الجزائر وسوريا والعراق واليمن ولبنان وأفغانستان والشيشان وكشمير وغيرها من الدول العربية والإسلامية، يجب القضاء أيضًا على أنظمة الدول العربية التابعة لها واستبدالها  كلها سلميا وديمقراطيا بأنظمة عَلمانية  اشتراكية ديمقراطية مثل أنظمة الدول الأسكندنافية الحالية التي نفعت شعوبها ولم تغزنا قَط ولم تستعمرنا بصفة مباشرة أو غير مباشرة ولم يصلنا منها حتى الآن عَلَى حد علمي أي ضرر يُذكر.

حمام الشط، الأحد 15 نوفمبر 2015.

Définition des maladies auto-immunes (Wikipedia)

Elles sont dues à une hyperactivité du système immunitaire à l'encontre de substances ou de tissus qui sont normalement présents dans l'organisme. Parmi ces maladies peuvent être cités la sclérose en plaques  (التصلب المتعدد), le diabète de type 1.

Leur cause n'est pas encore bien élucidée, certaines d'entre elles sont considérées comme des maladies d'abondance : un lien est par exemple avéré entre l'arthrite (التهاب المفاصل) et l'obésité (السِّمنَة).

La plupart des maladies auto-immunes sont probablement le résultat de causes multiples, telles qu'une  prédisposition génétique (الاستعداد الوراثي) stimulée par une infection, associée à la présence d'une substance chimique ou d'un aliment.

 

 

 

 

 


 

أبارك الانفعال العاطفي العام والصادق ( La sincère émotion collective) الذي أظهره الفرنسيون مساندةً لأقارب وأصدقاء ضحايا وجرحَى الإرهاب الإسلامي الداعشي كما باركتُ الانفعال العاطفي العالمي والصادق الذي تَلَا نشر صورة جثة الطفل السوري على شواطئ تركيا، لكن...


كمواطن العالَم (
Citoyen du Monde) أتمنى على الفرنسيين وعلى سكان العالَم أجمع أن يعبّروا على نفس العواطف عندما يضرِب الإرهاب الدولي الرسمي الغربي المدنيين السوريين والعراقيين والليبيين والأفغان. عندها فقط ترٍقّ العاطفة وترتقي وتسمو وتتجرد من العنصرية وتتأنسن وعندها فقط تتساوى ضحايانا مع ضحاياهم وعوطفنا مع عواطفهم.

إمضائي
وكمسلم يساري تحرري غير ماركسي معادي لليبرالية اليمين واليسار (
Gauche libertaire non marxiste et antilibérale)، أدين بشدة ودون تحفظ الانقلاب العسكري الفاشل على الرئيس التركي المنتَخَب أردوڤان كما أدنتُ سابقا الانقلاب العسكري "الناجح" على الرئيس المصري المنتَخَب مُرسي وأجرّم نظام بشار الأسد بنفس الدرجة التي أجرّم بها داعش والنُّصرة، ولو خيّروني بين شرٍّ وشرْ لاخترتُ عن وعي الخير ولو كان جنودُه حاليا سلبيين، والمستقبل سوف يكون أفضلَ إن شاء الله وشاء الإنسان، والتشاؤم جُبنٌ والتفاؤلُ دون عملٍ كسلُ، وسبب البلية في العالَم هي الليبرالية، مسيحية كانت أو يهودية أو إسلامية أو عَلمانية، يمينية أو يسارية، وأحسن الأنظمة السياسية التي تسود العالم اليوم حسب رأيي هي الدول الأسكندنافية بما تحققه من سِلمٍ وعدالة اجتماعية نسبية لمواطنيها.

حمام الشط، السبت 16 جويلية 2016.


الدواعش: خلقهم الإسلام أم خلقوا إسلامًا على مقاسِهم يستجيب لغرائزِهم ؟

 

تسكنهم نزعات لا علاقة لها بمقاصد الإسلام النبيلة: استعداء العقل وتفضيل النقل، الإكراه في الدين ونبذ مبدأ حرية المعتقد، كُره جميع الكتب من غير القرآن، محاربة الحياة باسم ما بعد الحياة، الفساد في الأرض باسم الجهاد، تحريم الجنس على الغير واحتكاره لأنفسهم، إهانة المرأة التي كرّمها الإسلام في بداياته، تكريس الاستلاب والتبعية للمخلوق دون الخالق، حب الموت ونبذ الحياة طمعا في الجنان والحور العين.

كَمْ مِن إمامٍ داعشِي في جوامعنا كَثُرَ نقلُه وقَلَّ عقلُه، ذاكرتُه ذاكرة فيل، وذكاؤه ذكاء نحلة.

للأمانة العلمية، انطباعٌ وصلني نقلاً مُتواتِرًا.

حمام الشط، الاثنين 9 جانفي 2017.


 

السلفية الجهادية، حركة رجعية دولية ومسلحة ؟ (L’internationale salafiste réactionnaire et armée)

 

من المشرق إلى المغرب يوجَد تقريبًا عشرات الملايين من الجهاديين (en acte et en puissance) تجمعهم في الخيمات الدعوية إيديولوجية واحدة وطقوس مشتركة. منذ نصف قرن أو منذ ارتفاع سعر النفط ارتفع شأنهم وقويت شوكتهم وذلك باقتناء أفتك الأسلحة من الغرب الذي يكفّرونه شعوباً وحكومات. فرعنوا وتجبّروا رافعين قناع التقوى على جباههم وعوراتهم تحت الجلباب عارية، تغذّيهم أساسًا دولٌ غنيةٌ وسخيّةٌ كالسعودية وقطر والإمارات. نجاحهم المدوِّي مقرونٌ بأسماء أكبر الإرهابيين مثل بن لادن والظواهري والزرقاوي والبغدادي ومسرح بطولاتهم ليس الجهاد في إسرائيل ضد الصهاينة المغتصِبين بل الجهاد ضد إخوانهم المسلمين المسالمين في الصومال والعراق وسوريا وليبيا واليمن وضربات بين الحين والآخر لتسجيل الحضور في تونس والمغرب والجزائر.

 حركة رجعية في غاياتها، حديثة في وسائلها (facebook, twitter, Youtube, vidéos, mise en scène, etc )، أكبر حركة إسلامية مهيكلة منظمة مسلحة ومنتشرة في كل أنحاء العالم، العربي والغربي.

دُعاتُها يركّزون في خطبهم الفضائية على تكفير اليساريين والعَلمانييين، وقدح المساواة بين والرجل والمرأة وحرية اللباس وحرية التعبير وحرية المعتقد، وتحريم الإجهاض والغناء والرقص والموسيقى والرسم والنحت والتمثيل والسينما والاختلاط بين الرجال والنساء، واضطهاد الأقليات الدينية والعرقية والجنسية باسم قراءة نصّية سطحية للقرآن الكريم ومقاصد الشريعة -حسب اجتهادي المتواضع- من تأويلاتهم براءٌ براءْ.

فمنذ سنة 2011، استلم السلفيون مشعل العنف الثوري الذي كان حكراً على اليساريين (ثورة ظفار 1964 -1976 في عُمان، ثورة الفلسطينيين في عَمّان في سبتمبر الأسود 1970): أنا يساري غاندي الهوى، لا أتعاطف مع الجهتين، وأقف فكريّاً ضد العنف مهما كان مأتاه ومهما كان فاعله ومهما كانت قضيته حتى لو كانت قضية تحرير.

الموجة الأولى من السلفية بدأت مع الإيديولوجيا الوهابية في السعودية في القرن 18ميلادي مع مؤسسها محمد بن عبد الوهاب (1703-1792)، والمفارقة أن نفس القرن في فرنسا أنتج ثورة ضد الدين.

الموجة الثانية تأججت وتزامنت مع توفر البترودولار الخليجي في أوائل 1970 وموت عبد الناصر.

 الموجة الثالثة والأخطر اشتعلت سنة 2011 مع الثورات العربية المسلحة في سوريا وليبيا وما سمّي بالربيع العربي.

في العالم أجمع، لا زال السلفيون يسجلون نقاطًا، نقاطًا للأسف غير مضيئة، نجاحات تتمثل في حروب أهلية مُهلِكة للنسل والحرث،  نجاحات سرطانية تنتشر بسرعة في أجزاء الجسم العربي الضعيف أصلاً.

خاتمة : الله يسترنا، نحن المسلمون، من جهاد المسلمين.

Source d’inspiration: Le Monde diplomatique, septembre 2020, extraits de l’article «Expansion de l’évangélisme. L’internationale réactionnaire» par Akram Belkaid et Lamia Oualalou, journaliste & auteure, pp. 1 & 13.

حمام الشط، الجمعة 12 سبتمبر 2020.

 

 

 

Haut du formulaire

Bas du formulaire

 


 

بعض أسباب نشأة داعش. نقل بتصرف مواطن العالَم

 

قال سارتر عن حرب الجزائر: "إن الحرب مثل سهم البومارانج (jeu boomerang) يرتد إليك بنفس القوة التي ترميه بها دون أن تشعر".

وقال شاعرنا العظيم أبو الطيب المتنبي: "ومَنْ يَجعَلِ الضِّرْغامَ للصّيْدِ بازَهُ...تَصَيّدَهُ الضّرْغامُ فيما تَصَيّدَا".

وعلى ذلك فَقِسْ: عن إرهاب الحكومات الغربية الاستعماري وتسبُّبِه الجزئي في نشأة الحركات الإرهابية الإسلامية المعاصرة مثل القاعدة وداعش والنصرة وغيرها.

وواهِم مَن يعتقد أن صانعَ الإرهاب سوف يخلصنا من الإرهاب !

تجفيف ينابيع الإرهاب يجب أن يبدأ من عندهم لا من عندنا.

الغربُ ليس جادّا في محاربة الإرهاب الإسلامي وإنما هو جادٌّ فقط في تجنّب ضرباته على أرضه.

واسترسل الكاتب والسياسي الالماني يورجن تودنهوفر الذي أقام مدة في داعش وقال: لن نقضي على داعش بالقنابل والصواريخ بل يجب رد الحقوق لأصحابها. انصفوا السنة في العراق وسوريا ولا تساعدوا خصمهم الشيعي على ظلمهم وقهرهم و لا تعاملوا مسلمي الغرب بعنصرية. وقال أيضا أن الدواعش لا يطبقون المبادئ السمحة الموجودة في القرآن وأنهم مرتدون عن الإسلام.

تعليق:

يا حكّام الغرب، يا تجّار السلاح، إذا لم تستحوا فافعلوا ما شئتم. تنحّوا جانبا ولا تنتحلوا صفة الدفاع عن حقوق الإنسان، يا قتلة الإنسان بالملايين في الجزائر واليابان وفيتنام وفلسطين والعراق وأفغانستان وليبيا. هل قتلتْ داعش مثلما قتلتم ؟  هل حاصرتْ داعش وجوّعتْ شعوبًا كاملة بأطفالها وشيوخها  مثلما جوّعتُم أنتم شعوب كوبا وغزة والعراق؟ هل استعمرتْ داعش واستوطنت مثلما استعمرتُم أنتم واستوطنتم في فلسطين وجنوب إفريقيا وأمريكا الجنوبية والشمالية نفسها بعد ما أبَدْتم الملايين من السكان الأصليين واستعبدتم الباقي وجلبتم لخدمتكم ملايين السود من إفريقا ؟ هل نهبتْ داعش ثروات المستعمرات مثلما نهبتم أنتم ؟ هل سرقتْ داعش آثار مصرَ والعراق والصين وأمريكا اللاتينية مثلما سرقتم أنتم ؟ هل احتكرتْ داعش تكنولوجيا صناعة الأدوية مثلما احتكرتموها أنتم ؟ هذا لا يعني أن داعش بريئة من دم يوسف، فهي أيضا قتلتْ ونهبتْ وهدمتْ الآثار، لكنها فعلتْ كل الجرائم هذه في بلاد المسلمين ولم تغزكم في عُقر داركم كما فعلتم أنتم ولم تُيتم أبناءكم ولم تثكل نساءكم ولم تلوّث تربتكم وبحركم وجوّكم. ما أبعد جرائم داعش عن جرائمكم ! أنتم الإرهاب العلمي المحترف أما داعش فأنتم المسؤولون الأولون عن جرائمها فسلاحها من مصانعكم وبترولنا تبيعه لكم بأبخس الأثمان. خَنَقتونا بأيدي دواعشنا وشوّهتم إسلامنا بمسلمينا. اللعنة عليكم، لا يحق لكم وصف داعش بالإرهاب يا مولِّدي وراعيي الإرهاب. أنا فقط، أنا العربي المسلم والمسيحي واليزيدي واليهودي والملحد، أنا المكتوي بناركم ونارها، أنا مَن يحق لي وصفكم أنتم وداعش بالإرهاب.

حمام الشط، الثلاثاء 28  جويلية 2015.

 

 

 


 

القاعدة وداعش، لماذا استثنيا إيطاليا من دون كل الدول الغربية ؟

 

جواب من اجتهاد مواطن غير مختص في البحوث الصحفية:

-       إيطاليا لم تحتل دول الشرق الإسلامية (احتلت ليبيا).

-       إيطاليا مَهْدُ الكاتوليك الذين ربما ما زالوا يؤمنون بأن اليهود صلبوا المسيح.

-       في عام من الأعوام أهدى الفريق الوطني الإيطالي كأس العالم إلى منظمة التحرير الفلسطينية.

-       إيطاليا لم تبعث جنودها للحرب في أفغانستان ولا لبنان ولا العراق ولا سوريا.

 

إمضائي:

"الوطنية والعالمية، علينا اليوم الجمع بين هذين المفهومين المتناقضين في الفكر المعقّد: الجمع بينهما يخلق مواطن العالَم" (إدﭬار موران )

Edgar Morin: patriotisme et cosmopolitisme signifiant "citoyen du monde" (Deux termes antagonistes pour la pensée non complexe).

Gauche et islam signifiant "citoyen du monde Mohamed Kochkar" (deux termes antagonistes pour la pensée non complexe).

Je suis en perpétuel conflit intra-cognitif: en équilibre/déséquilibre permanent.

 

"وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا" (س73:آ10)

حمام الشط في 7 أوت 2021.


 

عمر بن الخطاب لم يُطَبِّق وقتيًّا حكم الله بسبب خوفه من الله ورأفة بعباده !

 

أيها الوجهُ الإسلامَوِيُّ المتشددُ العنيفُ، أنتَ وبالٌ على المسلمينَ وغير المسلمينَ، واللهُ ربُّ العالَمين رؤوفٌ بعباده رحيمٌ بهِم أجمعين، مسلمسن وغير مسلمين !

هو الإسلام التكفيري العنيف، إسلام الإكراه في الدين، إسلام القاعدة وداعش وفروعهما، إسلام بعض الإسلاميين المتشددين العنيفين غير المجتهدين وغير المجددين.

عنفٌ، تطرّفٌ، تشدّدٌ، إكراهٌ، تكلّسٌ، صِفاتٌ بعيدةٌ كل البُعدِ عن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وإلا لَما اصطفاه الله لِحَمْلِ الرسالةِ ولما بَعَثَه لإتمام مكارِمِ الأخلاقِ ورَحمَةً للعالَمين، مسلمينَ وغير مسلمينَ.

1.   هذا التَّوْقُ المتطرفُ المثالي، المتعالي على الواقع، يمنح معتنقيه شعورًا مفرطًا بقوةٍ دمويةِ الوسيلة. قديمًا كان الصوفية يحاولون الاستغراق في أحلام اليقظة هروبًا من واقعٍ لا يُطاق. أما اليوم فالأمر يختلف، يكفي أن ترسم إسلامًا متطرفًا مثاليًّا لحياتك ومن ثَمَّ تحاول إجبار الناس على الخضوع لمشيئتك ظنا منك أنها مشيئة الله والرسول، كذلك فعل البغدادي في داعش، وكل مَن يختار لنفسه إسلامًا مسالمًا في هذه الدولة الداعشية الديكتاتورية يُعتبر مارقًا وزنديقًا وكافرًا وجبت تصفيته جسديًّا بعد التنكيل به حيًّا وميّتًا. وهكذا تفعل المجتمعات الشمولية (Les sociétés totalitaires)، حيث يُجرّم ويُحرّم الفن في بلاد الفن وتُهدم الآثار في مدينة تَدْمُرْ بأمرٍ من صاحب الأمرِ خليفة المسلمين والذمّيين أبو بكر البغدادي. الإسلام الداعشي المتطرف المثالي حيث لا تصوّرَ للإسلام إلا تصوّرُ الخليفة، تصوّرٌ يشبه قصص الأطفال المرعبة والوعيُ سوف يأتي لا محالة -وشاء الشعب- مع الثورة القادمة التي لن تُبقِي ولن تَذَر على هذا النمط المتكلس من الإسلام. والغريب أن بعض رَعايا داعش يخضعون إراديًّا لسلطة الخليفة بابتهاج شديد وذلك لأن سلطته تُخلِي مسؤوليتهم من تحمّل مصائرهم بأنفسهم وتُريح ضمائرهم من الإحساس بالعار وبذنب ما اقترفوه من جرائم في حق الإنسانية. أما العيش المشترك وترديد الشعارات النمطية الموحدة تحت الراية السوداء، فيمنحهم شعورًا عذبًا بالانتماء إلى دولة الخلافة الإسلامية، انتماء يَقتل فيهم الاختلاف، وبكل صفاقة ووقاحة يَنفِي فيهم الغَيرِية (L`altérité)، ويُميتُ الإبداع، ويَطرد الحرية من دار الإسلام، ويُهجّر الناسَ قسرًا من أرض الشام والعراق، وباسم الإسلام تُشوّه قِيمَ الإسلام السَّمحة. وفي دولة دين "اقرأ" تُحرق الكتب (Les autodafés)، فيصبح رعاياها لا يقرؤون إلا كتب المتشددين التكفيريين. يبدو لي أن هذا التعصب الأعمى يقودنا إلى تبنِّي هُوية قاتلة للإسلام والمسلمين وليس نُصرةً لهما كما تدعي المنظمة الإرهابية التي تُطلِق على نفسها "جبهة النصرة" أو الأخرى التي تُسمّي نفسها "أنصار الإسلام"، فهم أعداء الإسلامِ وليسوا بأنصاره. بفضل داعش نحن العرب أصبحنا قَتلَة ودونها نحن بطبيعتنا مسلمين مسالمين، فلتنقرض داعش غير مأسوفٍ عليها وعلى أمثالها (فكرة هذه الفقرة الأولى مستوحاة من مقال لِطبيب النفس والأعصاب "بورِيس سيرولْنِيكْ"، صفحة 17 بمجلة "العالم والحياة" (Le Monde et La Vie)، عدد خاص 2017، أما التأثيثُ فمِن إنتاجي الخاص).

2.   من حسن حظ المسلمين وغير المسلمين أن الإسلام أنجب باكِرًا عمر الخطاب رضي الله عنه، رائدُ المجتهدين والمجددين والإسلام لا زال في فجره، الذي -وخِلافًا للمتشددين جاء رحمة للمسلمين وغير المسلمين- لم يُطَبِّق وقتيًّا حكم الله بسبب خوفه من الله ورأفة بعباده وليس طمعًا في منصب أو جريًا وراء إرضاء الناس. لم يقطع يد السارق في عام المجاعة ولم يطبق أربعة أحكام أخرى يضيق المقام هنا لذكرها جميعًا. تصوّروا معي هول الكارثة، لو طبّق نظام "بن علي" الحدود الشرعية، فلو فعلها لـحَكَمَ بعض قُضاتِه الظالمين المرتشين بالإعدام شنقا على الغنوشي والجبالي وديلو والبحيري وبن سالم بتهمة الخروج على الحاكم المسلم، وبالإعدام رميا بالرصاص على حمة الهمامي وزوجته راضية النصراوي ومنصف المرزوقي ونجيب الشابي ومصطفى بن جعفر بتهمة العَلمانية والكفر والإلحاد. قال الفيلسوف أبو يعرب المرزوقي في هذا المضمار في برنامج الشريعة والحياة في قناة الجزيرة،  وقد يصبح المعنى -بعد ما صُغته بتصرف  غير مطابق حرفيا لما قاله الأستاذ بالضبط: "وللشريعة في الواقع وجهان: وجه تربوي ووجه ردعي. فلو طوّرنا الوجه الأول فقد نستغني عن الوجه الثاني لأنه عندما يكبر الوازع الذاتي التربوي الأخلاقي عند الفرد والمجتمع تنقص عندهما الحاجة للوازع الخارجي الردعي". (إضافتي: و ما أحوجنا اليوم إلى الوجه التربوي أكثر من حاجتنا إلى الوجه الردعي وربما لن نحتاج في المستقبل لهذا الوجه الجزائي إطلاقًا).

حمام الشط، الخميس 2 مارس 2017.


 

ما يُسَمَّى بـ"الإرهاب الإسلامي" هو في الواقع ليس إسلاميا بل هو إرهاب سياسي ما بعد حداثي وعالمي مرقمن و90% من فيديوهات الإرهابيين تتحدث عن السياسة وليس على الدين

 

قبل 1989، كان بن لادن يُعتبر ﭬيفارا السعودية.
بعد 1989، عادَى دولته وحليفتها أمريكا فاعتبره الاثنان إرهابيا
وأنا أيضا رغم أنني أعاديهما الاثنتين.

علي عكس ما يسطّح الكثيرون، بن لادن لم تدفعه CIA ولم تموّله فهو لا يعوزه الدافع ولا المال. مولت الأفغان نكاية في الاتحاد السوفياتي.

L’idée est inspirée d'un conférencier sur youtube que je n'ai pas réussi à saisir le nom (il accompagne François Burgat).

Haut du formulaire

 

 

بعضُ العِلمِ الأمريكي منحازٌ لمنتجِيه، فهو إذن ليس موضوعيًّا ولا محايدًا: بعضُ الباحثينَ الأمريكان أعداءٌ للإنسانيةِ مخرّبونَ مجرمونَ إرهابيونَ ! لوموند ديبلوماتيك، ترجمة وتأثيث مواطن العالَم

 

عسكريٌّ أمريكيٌّ جالسٌ  وراء شاشة ويقود طائرة دون طيار (un drone) وعلى بعد آلاف الكيلومترات من ساحة المعركة يطلق النار على مسلمين في الأرض، عادة ما تكون هوياتهم مجهولة قبل قتلهم وإنما وقع تصنيفهم عن بعد حسب تحركاتهم واتصالاتهم الهاتفية والمباشرة بـ"إرهابيين إسلاميين" بواسطة آلية رقمية تجسّسية تُسمّى نظامًا خوارزميًّا أو "الرادار الاجتماعي". هذا المشهد أصبح مألوفًا في العراق واليمن أو في إفريقيا في إطار الحرب ضد القاعدة في المغرب الإسلامي وبوكو حرام في نيجيريا...

باحثون في العلوم الاجتماعية يمضون كل وقتهم في غربلة المجتمعات المحلية ومراقبة الشعوب عن قرب: يجمعون المعطيات من وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي والمخابرات العسكرية على أمل الكشف عن نبضات قلب الشعوب ووجهات نظرها التي قد تقلب موازين القوى في الصراعات الداخلية أو الخارجية، مثلاً: الإلمام بموجة التعاطف التي برزت حول قائد متمرد، أو على العكس موجة من الكراهية ضد جيوش الاحتلال.

نوع من "الرادار الاجتماعي" (Le radar social algorithmique): يحلل المكالمات الهاتفية والرسائل الرقمية الخاصة ويكشف عن أهم مواضيع النقاشات الدائرة بين المدونين ويربطها بعواطفهم وميولاتهم النفسية بهدف التنبؤ بالانتفاضات الشعبية قبل وقوعها، أي المراقبة السائلة عن بعد (messenger, fb, twiter, instagram, watsap, viber, etc). يبدو اليومَ جليًّا أنه  من الصعب أن تكسب حربًا نظامية أو معركةً ضد الحركات المتمردة (طالبان في أفغانستان، داعش في العراق والشام، بوكو حرام في نيجيريا، المحاكم الإسلامية في الصومال، إلخ.) دون مساندة معنوية من المدنيين المحليين (الحاضنة الشعبية)، والعلوم الاجتماعية هي مَن تساعد الجيوش على الفوز بهذه المساندة عن طريق تجويد آليات ناعمة لإقناع الجماهير.

ظهرت هذه الطريقة لأول مرة سنة 2010 في العراق حيث عُوِّضت التحليلات البشرية بتحليلات الحواسيب والبرمجيات. طريقةٌ توظف باحثين في العلوم الاجتماعية واختصاصات أخرى مثل علماء النفس والسلوك، باحثون يبلّغون عن أقل التغييرات الاجتماعية والنفسية التي قد تطرأ داخل المجتمعات المحتلة، بصفة مباشرة (فلسطين، أفغانستان، سوريا) أو غير مباشرة (العراق، اليمن، المغرب العربي)، ثم تُحوَّل المعلومات المجمّعة إلى خوارزميات، يقف العمل البشري هنا  ويبدأ عمل الحواسيب وأذرعتها التقنية الطائلة أكثر من أيدي البشر.

Algorithme : Ensemble de règles opératoires dont l'application permet de résoudre un problème.

انتفاضات الربيع العربي 2011 نجت من قبضة أخطبوط هذا "الرادار الاجتماعي" الجهنمي الذي يبدو أن مبرمجيه نسوا أن الانتفاضات لا تبدأ على صفحات الفيسبوك ولا على تويتر، بل تبدأ خارج الخط (hors ligne) في مناطق الظل مثلما وقع في مصر وتونس (الڤصرين، سيدي بوزيد، بوزيان، تالة، إلخ.).

خللٌ آخر ظهر في نظام القياس الذي يستعمله هذا "الرادار الاجتماعي": وسائل الإعلام التي يعتمدها في جمع المعلومات حول الأفراد والشعوب المضطهدة لا تعطي دائما قراءة أمينة لواقع هذه الشعوب وخاصة عندما تكون محكومة من قِبل أنظمة استبدادية أو محمية من قِبل مصالح لوبيات مالية عالمية قوية ونافذة.

للأسف ساهمتْ مؤسسات البحث العلمي الجامعي وبصفة نشيطة في خلق وتطوير آليات "الرادار الاجتماعي": عسكرةُ العلوم الاجتماعية داخل الحرم الجامعي سمحتْ بتوفير التمويلات اللازمة للبحوث حول علم الاجتماع وعلم النفس وعلم ألنروبولوجيا، وإغراءات الدولار جعلت عالم المعرفة يقبل بتحويل محاربة الإرهاب ومقاومة الانتفاضات الشعبية، مهام سيادية بامتياز، إلى مواضيع بحث علمي في التعليم العالي العمومي والخاص.

مُخرجات "الرادار الاجتماعي الخوارزمي" أصبحت سلعةً تُباع وتُشترى ومصدرًا للربح السريع حيث يتم تسويقها لدى الشركات الخاصة، الخدماتية منها (الأمن الخاص) والتجارية (بيع الأغذية): شركات خدمات أمن المؤسسات والشخصيات. الشركات الصناعية التي تصبو إلى الاستثمار في البلدان المصنفة "خطر" مثل العراق وتونس والجزائر واليمن. الشركات التجارية التي ترغب في سبر أذواق المستهلكين وشهواتهم المحتملة أو المولَّدة فيهم بفعل فاعل (رأس المال) قصد توجيهها أو تعديلها لمصلحة رجال الأعمال. كل هذه الأنواع من الشركات تلتقي مصالحها في استلاب وعي المواطن وترغيبه فيما لا يرغب فيه عادة (rendre indispensables des besoins non indispensables).

المصدر:

Le Monde diplomatique, mars 2019, extraits de l`article : Les sciences sociales au service de la contre-insurrection. Portrait de l`intellectuel en soldat.  Par Olivier Koch, Enseignant-chercheur, p. 12.

حمام الشط، السبت 16 مارس 2019.


 



 

نقد بعض مظاهر التدين الشائع في المجتمع التونسي

 

أركان الإسلام الخمسة هي أركان عقلانية وليست غيبية

أي ظاهرة ومحسوسة وخاضعة للقياس

وما في القلب لا يدركه إلا الله ولا يحاسِب عليه إلا الله.

أتفهّمُ موقفَ أبناء ديني المسلمين عندما يقولون أن تاركَ الصلاة كافرٌ لكنني لا أشاركهم في هذا الحكم القاسي والذي يخرج عن اختصاصهم.

 

 « Certaines féministes suisses se convertissent à l’Islam car c’est une religion qui prime l’être sur le paraître»

Une déclaration d’une journaliste suisse qui m’a beaucoup plue.

(Source : Tv RTS)


 

Le « Salaf Vertueux » était révolutionnaire, les « salafistes jihadistes » sont réactionnaires !

 

Le « Salaf  Vertueux » : le messager de Dieu, Mohamed (Qu'Allah le bénisse et lui accorde la paix), ses disciples et les disciples de ses disciples (Que Dieu les bénisse) ont fait une révolution sociale et culturelle profonde au VIIè siècle après J.-C. Ils n’étaient pas « salafistes » par rapport aux valeurs de leurs prédécesseurs. Au contraire, ils étaient des innovateurs. Ils ont accompli une rupture épistémologique avec le paganisme et le polythéisme de leurs ancêtres

Je pense que les prédicateurs prosélytes « salafistes jihadistes » (comme l’égyptien Wajdi Gounim et ses disciples) justifient l’injustifiable comme la circoncision des jeunes filles (ختان البنات), la polygamie (تعدد الزوجات), l’aliénation de la femme (استلاب المرأة),  le concubinage « halal » (إباحة الجواري و المحظيات و ما ملكت أيمانكم), le sexisme (التمييز على أساس الجنس ),  la lapidation des adultères (رجم الزانية), la torture (التعذيب),  la flagellation (الجَلْد),  la violence (العنف),  l’esclavagisme ( العبودية), la dictature (لايعترفون بالديمقراطية), l’état religieux (الدولة الدينية),  le parti unique de Dieu (ضد التعددية الحزبية),  la monarchie oligarchique (لا يعترفون بالانتخابات), le racisme (التمييز العنصري).

Les « salafistes jihadistes » ont accompli deux ruptures réactionnaires, une avec leur propre patrimoine musulman éclairé et une autre avec le modernisme occidental actuel.


 

ابنة اليساري تحجبت وابنة الإسلامي بقيت سافرة  !

 

لا أرى أي غرابة في الحالتين (Ce n’est pas paradoxal dans les deux cas) !

لماذا ؟

1. عقلية الآباء تغيرت بفعل العولمة بغض النظر عن إيديولوجياتهم وثقافاتهم.

2. سلطة الآباء في النازل واستقلالية الأبناء في الطالع، سِمة الدولة الحديثة التي أخذت مكان العائلة مهما اختلفت الحضارات.

3. يجب أن نفهم ونقرّ أن أبناءنا ليسوا من صُلبنا وحدنا، هم من صُلب أمهاتهم أيضًا، فهم إذن ليسوا نسخًا مطابقة للأصل لآبائهم.

4. كل مولود جديد هو انبثاق من بويضة وحيوان منوي، هو كائن استثنائي، لا مثيل له لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل، فاتركوه ينحت شخصيته بنفسه.

5. فرادته جاءت من التكاثر الجنسي مولّد الجديد والتعقيد.


بعضُ سَلْعَنَةٍ للدين أفْقَدَتْهُ بعضَ قداستِه !

 

1.   إمام جمعة موظفٌ وليس متطوّعًا.

2.   بعض أساتذة التفكير الإسلامي، ثانوي وجامعة ، لا يؤمنون بالإسلام أصلاً.

3.   تِلاوة القرآن بمقابِل في الأتراح والأفراح.

4.   داعية في التلفزة يتاجر بكلام الله.

5.   تاجرٌ أو طبيبٌ يتظاهر بالتقوى من أجل كسب ودّ الحرفاء.

6.   مرشّحٌ يتظاهر بالتقوى من أجل كسب أصوات الناخبين.

7.   حاكمٌ يتظاهر بالتقوى من أجل تمرير قراراته الشعبوية.

8.   غنيٌّ، من حلاله وحرامه، يتفاخر ببناء  جامعٍ أو تأدية زكاته أو صدقاته.

9.   غنيٌّ، من حلاله وحرامه، يحجّ سبع مرّات ولا يتوبُ ظنًّا منه أن الله غافلٌ عن سيئاته.

10.                 كاتبٌ يبيع الاستقامة مع الله في كتبه وهو في الواقع غير مستقيمٍ مع مخلوقات الله، البشرُ والشجرُ والحيوانُ والحَجَرُ.


 

وجهة نظر من الدرس الذي يسبق خطبة الجمعة

 

لست من أهل الاختصاص في المسائل الفقهيّة ولكنّ موضوعات الدرس الذي يسبق عادة خطبة الجمعة تهمني لأنها تهتمّ بشؤون الدنيا أحيانًا. لذا رأيت من واجبي الكتابة فيها، مساهمة مني في الارتقاء بالمستوي العلميّ لهذا الدرس.

لنترك جانبًا الإمام الكلاسيكي المختصّ في الدين وهو موظّف قار ولن أتدخّل في دوره، وأقترح في كل جمعة، وبعد تنسيق وإعداد مسبق, استدعاء متدخّل من بين المواظبين على الصلاة. يُختار هذا الشخص تحت إشراف الإمام ويكون محل ثقته  وثقة مرتادي الجامع ومن الأفضل أن يكون مختصّا في فرع من فروع العلم ومتطوّعا غير قار لأن "من مقوّمات الخطيب علمه وثقافته"، والعلم والثقافة يحتويان مجموعة اختصاصات لا يمكن أن يلمّ بها ويتقنها شخص واحد، لا سيّما في عصرنا هذا، ولا يُعقل أن يصمت المصلّي المختصّ وهو يسمع خطيبا غير مختصّ يشرح ويحلّل ويعظ ويرشد في مسائل الناس ومشكلاتهم (الدنيويّة) التي يسألونه عنها ويطلبون رأيه فيها".

على سبيل الذكر لا الحصر, أسوق أمثلة تجسّم الموضوعات الدنيويّة التي يُرجى أن يتدخّل فيها الضيف الخطيب العالِم الدنيوي في درس الجمعة الدنيوي الذي يسبق خطبة الجمعة الدينية:

1.   ما أحوجنا كلنا لتوصيات خطيب مختصّ في كتابة عقود البيع والشّراء ونحن نتعرّض يوميا للاحتيال باسم القانون.

2.   في افتتاح السنة الدراسية: لماذا لا نأتي بخطيب مختصّ في علوم التربية يشرح للناس كيفيّة تهيئة ابنائهم لعام دراسي ناجح ؟

3.   بمناسبة الأزمة الماليّة العالميّة: لماذا لا نستدعي خطيبا خبيرا في الشؤون الماليّة يشرح للناس أسباب الأزمة ونتائجها ؟

4.   إثر انتشار مرض معيّن في العالم أو في البلاد: لماذا لا نرحّب بخطيب طبيب في الجامع يُطَمْئن الناس وينصحهم بما يجب فعله في مثل هذه الظروف ؟

5.   في موسم الحج: لماذا لا ندعو خطيبا مختصّا في الطبّ الوقائيّ، يشرح للمرشّحين للحج فوائد التلقيح أو كيفية اتّقاء ارتفاع درجة الحرارة في الأراضي المقدسة ؟

6.   قبل رمضان: لماذا لا نستقدم خطيبا مختصّا في التغذية يحذّر المرضى وكبار السن والمعذورين شرعيا من مخاطر الصوم على صحتهم ؟

7.   قبل فصل الصيف وكثرة حركة السيارات: لماذا لا نستفيد من علم وتجربة خطيب خبير في حوادث الطرقات، هذه الحوادث التي تقضي سنويا على 36 ألف ضحية وتصيب 400 ألف مواطن في جملة البلدان العربية ؟

8.   قبل موسم الأفراح: لماذا لا نستضيف خطيبًا خبيرًا في التلوّث الصوتيّ ينبئنا عن مضارّ الضجيج المنبعث من مكبرات الصوت ؟

9.   في اختتام السنة الدراسية: لماذا لا نستدعي خطيبا عالِم نفس يفسر للأولياء أسباب النجاح والفشل الدّراسي و كيفيّة التعامل مع أبنائهم في الوضعيّتين ؟

 

لقارئ أن يرد و يقول: "هذه موضوعات محاضرات علميّة مختصّة تُلقى في دُور الثقافة والجامعات"، أجيبه مسبقًا: ما الضّرر لو يصبح الجامع دار دين ومنارة علم في آن واحد ؟

بالله عليك، أيها القارئ الكريم، تصوّر معي واحلم -ولو للحظة- بالفائدة التي قد تحصل لمواطن مسلم مواظب على خطبة الجمعة عندما يتلقّى اثنين وخمسين تدخّلا علميّا  ولو لعشر دقائق في الأسبوع  في مجالات علمية مختلفة خلال سنة على يد مختصّين "وهذا يمثل في حد ذاته مساقًا دراسيًّا كاملا" قد تتخرّج منه أجيال بدرجة علمية محترمة، خاصة وأن كثيرًا من المصلين لا يرتادون دُورَ الثقافة لانشغالهم بعملهم، ومنهم من لم يسعفه النظام التربوي وظروفه الخاصّة في الوصول للجامعة.

ولقارئ آخر أن يحتجّ ويتمسّك بتراث السلف الصالح فلا يريد تغييرا حتى ولو كان مفيدا. أجيبه: "في العصور الماضية كانت العلوم قليلة واجتماعها في إمام واحد كان ممكنًا، أضِف إلى ذلك أن ترسيخَ العقيدة يشغل بالهم أكثر من المسائل الدنيويّة والعلميّة".

إنني لا أدّعي أن هذه التدخّلات سوف تعوّض محاضرات الجامعة أو دروس المعهد وهذا غير ممكن عمليّا "لتنوّع المستمعين اليها, باختلاف مستوياتهم وطبقاتهم العلميّة والاجتماعيّة" ولقِصَر زمن الخطبة.

لو قدّر الله وطُبِّقت هذه المبادرة فسوف تمهّد لإرساء ثقافةٍ نحن في أشدّ الحاجة اليها خاصّة في مجتمع ابتعد كثيرا عن القراءة، ثقافةٌ شعبيّةٌ سمعيّةٌ نفسيّةٌ تربويّةٌ صحيّةٌ وحقوقيّةٌ مبسّطةٌ لكنها صحيحةٌ وصادرةٌ عن مختصّين.

وقد تفتح هذه المبادرة المجال للعمل الخيريّ وتؤسّس لنمطٍ جديدٍ من التطوّع العلميّ قد يعطي فرصةً لأصحاب المعرفة وجلهم فقراء في بلادنا، فرصةٌ تمكنهم من التصدّقِ بما يملكون من العلم، خاصة وأن العلمَ هو الكنز الوحيد الذي يزيد كلما أنفقتَ منه.


 

"وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ": دعاءٌ صباحيٌّ صادرٌ عن يساريٍّ مسلمٍ عَلمانيٍّ، متشبثٍ بعلمانيتِه وهو نفسه لا يعرفُ لماذا !

 

مقدمة:

"وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ" (سورة الأعراف، آية 34).

Michel Onfray (philosophe français athée-chrétien) a dit en substance : Les civilisations, comme les individus, naissent et meurent. Exemples de civilisations mortes : la pharaonique, la babylonienne, la sumérienne, la grecque, l’araméenne, la roumaine, la byzantine, l’inca, etc. La civilisation judéo-chrétienne, aujourd’hui elle est en décadence et elle est en voie de disparition et vous, les occidentaux,  vous ne pouvez rien faire pour aller contre et éviter son naufrage comme vous n’avez pas pu éviter en 1912 celui du Titanic. La civilisation musulmane est une civilisation encore jeune car elle a encore des adeptes qui sont prêts à se sacrifier pour la sauver (eh bien, c’est M. O. qui a dit ça et non Mohamed Kochkar, vous pouvez vérifier  à votre guise).

Amin Maalouf (un libanais-français, penseur libre, excellent romancier et membre de l’académie française depuis 2011) a écrit récemment, avril 2019, un livre intitulé : Le naufrage des civilisations. 

الدعاء:

يا رب.. أهدنا وامهلنا، نحن أمة العرب، ولا تآخذنا بما فعل السياسيون الفاسدون منا، "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ"، وامنحنا فرصة أخيرة حتى نغيّر بأيدينا ما بأنفسنا، وإذا لم نكن في المستوى، فاحصدنا حصادًا لا يتلوه زرعٌ.

للأسف الشديد، إنها حقيقة وَاقعِنا المرّ، لقد بدأ نجمُنا بالأفول (حَصَلَ منذ عشرةِ قرونٍ)، ابتعدنا عن جوهر ديننا (الجوهر عندي أنا، هو "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي"، وليس الصوم والصلاة المفرغَين من التقوى)، تمسّكنا بالقشور (التدين المزيف: أقِمْ الصلاة في مِيقاتِها وغِش في البيع، احتكر السلع، طفّف في الميزان، قرّي ليتيد بِـجَشَعٍ، رفّع في الأسعار، إلخ.)، دَبّ الخلاف بيننا، حرّفْنا كلماتك، شوّهْنا رسالتك، فأخذَنا التمزقُ والشتاتُ شرّ مأخذٍ، وفي قلوبنا تضاءلتِ التقوى وإلى عقر دارنا تسلّلَ الفجور، كرهْنا بعضنا بعضًا، كرهْنا أنفسنا، وباسمك كبّرْنا وبسلاح أعدائنا  قتلْنا بعضنا بعضًا. "قتلتْنا الردة.. قتلتْنا الردة.. قتلتْنا إن الواحدَ منا يحمل في الداخل، ضدّه !" (مظفّر النوّاب).

يا رب.. أغِثْ أهل الخير منا وادْحَرْ أهلَ الشر عنا ثم أقِمْ للفضيلة عرشًا في بلدانِنا كما أقمته في البلدان الأسكندنافية واهدِمْ عرشَ الفسادِ عندنا كما هدمتَه عندهم.

خاتمة:

إنه التلميحُ والتلويحُ وهو، لَعَمْرِي، عند أولِي الألباب أبلغُ من البَوحِ والتصريحِ!

 

المصدر:

مقالٌ من تأليفي لكن فكرته  مستوحاة من كتاب "آفاق في فهم الهداية الإلهية"، بقلم عبد الحسين فكري، الطبعة الأولى، ديسمبر 2016.

دينُنا الإسلام يدعو إلى أكبر قدر من التجريد والتعقيد ونحن لا نؤمن إلا بالبسيط المحسوس.

الله تعالى متعالٍ مجرّدٌ لا تُدركه الحواس الخمس وجَنته أيضا مجرّدةٌ لا وجود فيها لجنس الدنيا ولا خمرها ويوم حِسابه غير معلوم. قرآنه غني بالصور المجازية. يعلم الغيب وحده. الإيمان بوجوده في كل مكان (إن لم تكن تراه فهو يراك) ووحدانيته وقدرته اللامتناهية، كلها معاني مجرّدةٌ أيضا. هو وحده القادر على قياس التقوى والإيمان و هو وحده أيضا القادر على تقييمهما ونحن البشر لا نعرف ميزانَه يوم القيامة (قال رسوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: "دخلتْ امرأة النار في هِرّة حبستها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خَشاشْ الأرض"، خَشاشْ الأرض هو هوامها وحشراتها).

لو دخل مسلمٌ سكران متمايلا مسجدا طوعا تائبا إلى ربه مستغفرا طالبا العفو واللجوء لمن لا ملجأ له غير رب العالمين، لَفضحَتْه أنوف المصلين ونهشته الأعين ولَعنته الألسن قبل أن تطرده الأيدي من بيت الله. أفِقْ أيها المسلم غير التقيِّ فالمسجد ليس بيت المسلمين ولا بيت أحد، حرٌّ أنت في بيتك تطرد منه مَن تشاء ولم يُنصِّبك الله حاجبا على بيته فالرحمان الرحيم الغفور الكريم يترك بيته مفتوحا لا يُغلق أبدَا، يرحِّب فيه بكل البشر دون تمييز عقائدي بين عباده أجمعين، يستقبل فيه النفوس الحائرة أو التائهة قبل النفوس المطمئنة العامرة بالإيمان التي تعتبر كل أديم الأرض دون حيطان بيوتا لربها. ولنا في رسولنا أسوة حسنة عندما استقبل في المسجد الأول أول بِعثةً مسيحية دبلوماسية خارجية. ولو كان المسلمون مسلمين لَسلِم السكران من ألسنتهم وأيديهم ولأخذوا بيده وأجلسوه في الصف الأول وأوصوا جيرانه في الصلاة أن يساعدوه على أداء واجبه الديني لعل الله يهديه ويقلِع عن الإدمان المضرّ بالصحة والعائلة وقصة الأعرابي الذي دخل المسجد وبال فيه واستغرب من ذلك الصحابة لكن الرسول صلى الله عليه وسلّم منعهم من إمكانية إيذائه وقال: "دعوه ولا تزرموه "، وحينما انتهى وضّح له النبي الكريم أن هذا مسجد ولا يحسن به أن يفعل فيه ما فعل، فمن فرط فرحه بأخلاق الرسول ورِفعتِها وصبره عليه قال: "اللهم ارحمني وارحم محمدا ولا ترحم أحدا غيرنا" فأجابه مصحِّحا: "يا هذا قد ضيّقت واسعا، فإن الله قال ورحمتي وسعت كل شيء"، تأمل جيدا قال الله كل شيء حتى الجمادات.

لا يدري المُصلِّي المتسرّع المعتدِي على المسلم السكران أو لا يريد أن يدري أن نفس المسجد قد يستقبل يوميا العديد من المسلمين غير التائبين المتسترين بالتقوى الطقوسية الشكلية من ذوي الراوئح النتنة غير المفضوحة وقد يكون من بينهم الحاكم المعروف بظلمه وجبروته والقاضي المعروف بالارتشاء والانحياز والمدرِّس المعروف بتقاعسه في العمل واستغلاله التلاميذ في الدروس الخصوصية مُشطَّة الثمن وهذا أسمّيه أنا "البغاء السرِّي التربوي" وهو أبشع استغلال للأطفال في الوجود.

لو سرق جائع عُلبة جُبن من تاجر على الرصيف، تاجرٍ مهرِّبٍ ومتهرّبٍ من الضرائب لَمَسَكه المارّة وأشبعوه سبّا وضربا وهم لا يدرون أن السارق الجائع سرق قوته من سارق محترف كان أولى أن لا يشتروا منه ويدعوا الشرطة أن تقبض عليه وتسلِّمه للعدالة كي تقتص منه حق السارق الجائع وحق المواطنين التونسيين المظلومين المسالمين المسلمين وغير المسلمين. نَجري يوميا وراء مُرتكبي اللَّمَمِ مثل المعاصي المحسوسة كالسرقة الحياتية والإفطار في المطاعم والمقاهي المغلقة على المُفطرين لأسباب لا نعلمها ولا يحق لنا أن نعلمها وحتى لو علمناه فالله وحده حسيبهم يوم القيامة، نتمسك بالقشرة ولا ننفذ للبّ ونترك مرتكبي الكبائر في رمضان مثل المعاصي غير المرئية كاحتكار السلع والزيادة في الأسعار والتقاعس في العمل بحجة الصيام. "أعجب لمسلم يبيت جائعا ولا يشهر على المسلمين من الغد سيفه"، قالها أبو ذر الغفاري. وأنا أعجب من الدولة وقضائها الفاسد أغلبه وشرطتها المرتشية أكثرها والناس عموما كيف يأخذون اللقمة بعنفٍ من فمِ المحتاج ويضعونها بلطفِ في فم المُتخم من الكسب الحرام. يأخذونها جَهرا نُصرة للحق على حد بصيرتهم القاصرة والقصيرة وهم في الواقع للظلم مسانِدون وللقهر مؤبِّدون. يا ليتهم أخذوا الحقَّ المسلوبَ بالقانون الظالم من قِبل الأغنياء المافيا وردّوه لأصحابه العمال الفقراء. الأغنياء المافيا يسرقون وللتمويه يؤسِّسون علومَ سوقهم ويقدِّمونها لنا في ثوب من الموضوعية المزيفة فيستلِبون كياننا ويشوِهون ثقافتنا ويطمِسون تراثنا ويستثمِرون بأموالنا (قروض الدولة) ويصدِّرون ربحهم وهم عن أعمالهم لا يُسألون وفي تونس بالآلاف يُعدُّون ومن كل أنحاء العالم قادِمون ولعرَقنا مُمتصون ولثرواتنا الطبيعية والبشرية ناهبون ولعمالنا بأبخس المرتبات مُشغِّلون مستغِلّون وللحروب الأهلية في أوطاننا العربية مُشعِلون ولمئات الآلاف مِنَّا بأيدي إخواننا قاتِلون.

مِن أفضل ما سمعت من آيات التجريد في القصص الديني المسيحي والإسلامي: كان سيدنا إبراهيم الخليل لا يأكل حتى يمر عابر سبيل يشاركه طعامه. قدِم عابر سبيل، أكل وشرب ثم طلب من إبراهيم أن يوقد له نارا ففعل. قام الضيف يصلي للنار فنهره النبي وطرده قائلا: أتعبد النار في بيت الخليل ؟ كلّمه الله عاتبًا له ومربّيا: يا إبراهيم كم عُمر هذا الضيف ؟ قال: ستون سنة. قال: تحمّلته أنا ستين سنة ولم أقبض روحه ولم تستطع أنتَ أن تتحمله ليلة واحدة ! ما أروع هذه الحكمة الإلهية. كم تمنيت لو أخذ بها وطبقها حُماة الدين الجدد في الوطن العربي المَنكوبِ منهم وبِهم.

باب الرحمة عند ربي واسع لا يُغلق أبدا. رحمته وسِعت المسلمين والكفّار. هذه الكلمة الأخيرة يعتبرها المسلمون سَبّة وإذا اعتبروها كذلك فنحن نعرف أنه لا يجوز للمسلم أن يسبّ غيره مهما كانت عقيدته. المسلم يرى الإسلام هدية من الله فكيف يمكن أن نهدي لآخر هدية ونحن نكرهه. كفَرَ تعني غطى الشيئ مثل ما يغطي الفلاح البذور الزراعية بالتراب حتى تنبت وتنمو. قال القرضاوي: المسيحي يكفر بالإسلام والمسلم يكفر بالمسيحية ويقول أن كتابهم محرّف أي كل واحد يكفر بدين الآخر ولا يعترف بالاختلاف رغم أن الاثنين موحِّدان. أما "العلماء المسلمون" ودعاة التلفزيون -الله يهديهم إلى إبستمولجيا الدين- لم يدركوا كنه الاختلاف المركّب حتى داخل الإسلام نفسه وما وجود تعدّدُ المذاهب الإسلامية لدى السنّة والشيعة إلا خير دليل على هذا التعقيد (la complexité). حاول "العلماء المسلمون" تبسيط الدين لتحقيق أغراض سياسية عن طريق الدين فشوهوه وضيقوا في رحمة الله وللأسف وصلوا في النهاية إلى إقصاء جل إخوانهم المسلمين. فتح الرحمان بابه للفيلسوف الفرنسي روجي ڤارودي فأسلم ولم يأبه الله بـ69 عاما التي قضاها قارودي قبل إسلامه في عقيدة الإلحاد. أما عامة المسلمين الذين لم يقرؤوا القرآن بعمق معرفي ولو يتبصروا في آياته وأسباب نزولها التأريخية فما أفقرهم وما أغناه. إنني والله أشفِق على الصنفين من مسلمي اليوم.

إذا انطلقنا من التعريف التالي للعلم الغربي الحديث منذ تأسيسه في بداية النهضة الأوروبية في القرن الثاني عشر ميلادي المتزامنة مع أفول الحضارة العربية الإسلامية وبداية عصور الانحطاط العربي الإسلامي بعد حادثة حرق كتب ابن رشد في الأندلس: "العلم الغربي الحديث هو دراسة واشتغال على واقع الكائنات الحية بما فيها البشر والظواهر الطبيعية غير الحية وهو مبنِي على الخطأ والصواب والشك فيه طريق إلى يقين غير ثابت قد يدعونا إلى مزيد من الشك". علماء الغرب ينتجون معرفة جديدة و "العلماء المسلمون" لا ينتجون معرفة جديدة بل يفسرون ويؤولون معرفة قديمة، معرفة تشتغل على الغيب والإيمان بالمكتوب والقضاء والقدر، معرفة تنبني على اليقين ولا مجال للشك في مسلّماتها فهي يقين من أولها إلى آخرها ولا مجال أيضا للخطأ فيها فهي صواب إلهي لا يأتيه الخطأ لا من ورائه ولا من أمامه مع الإشارة أن هذا الفصل بينهما لا ينقص من قيمة العلم ولا من قيمة الإيمان. هما مجالان متوازيان لا يلتقيان لكنهما لا يتناقضان وهذا لا ولن يمنع أن يكون العالِم الحديث مؤمنا لكن عليه أن ينزع جبة الإيمان قبل الدخول إلى المخبر كما فعل العالم العبقري الفرنسي المؤمن لويس باستور الذي عرّفنا على العالم غير المرئي للجراثيم.


 

حفرَ الغربُ هُوَّةً بين مستقبل العربِ وحاضرهم وحفر العربُ بأيديهم هُوَّةً أخرى بين حاضرهم وماضيهم المجيد جزئيًّا ونسبيًّا، فأصبحوا أمة بين هُوَّتَيْن أو هاوِتَيْن ! ترجمة مواطن العالَم

 

المصدر:

Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages, page 70

نبذة عن أمين معلوف:

كاتب باللغة الفرنسية (Prix Goncourt 1993 pour « Le Rocher de Tanios »)، مزدوج الجنسية، من عائلة وتنشِئة مسيحية-عربية، لبناني-فرنسي، متعدد الهويات، لا ينكر انتماءه إلى أي واحدة منها وفي الوقت نفسه لا يضخّم من شأن واحدة على حساب الأخرى.

نصوص مختارة من أمين معلوف:

صفحة 76: "الشيء الذي أناضل اليوم ضده وسأناضل دومًا ضده، هو هذه الفكرة الثنائية الخاطئة القائلة بوجود دينٌ -مسيحي- من جهة يهدف إلى نشر التقدم والحرية والتسامح والديمقراطية، ومن الجهة الأخرى دينٌ -إسلامي- مهيأ من البداية للاستبداد والظلامية".

"أعرِّف المؤمن كالآتي: هو مَن يؤمن بـبعض القيم -التي ألخصها في واحدة:  كرامة الكائن البشري. أما الباقي فلا يعدو إلا أن يكون أساطير وآمال".

"لا تخلو ديانة من التعصب والتشدد والتطرف، لكن إذا قمنا بجردِ ما أنجزته الديانتان المتنافستان عبر التاريخ، لَلَاحظنا أن الإسلامَ لا يخجل من ماضيه.  فلو كان أجدادي مسلمين في بلدٍ محتل من قِبل الجيوش المسيحية عوض أن يكونوا مسيحيين في بلدٍ محتل من قِبل الجيوش الإسلامية، لا أعتقد أنهم كانوا قادرين على مواصلة العيش والمحافظة على مسيحيتهم في مدنهم وقراهم طيلة 14 قرن. ماذا حصل في المقابل لمسلمي إسبانيا وسيسيليا ؟ انقرضوا عن بكرة أبيهم، مقتولين أو مُكرَهين على الهجرة أو مُمَسَّحِين بالقوة. منذ فجره، يزخَر التاريخ الإسلامي بقدرة عجيبة على التعايش مع الآخر. في أواخر القرن XIX، كانت إسطنبول، عاصمة أكبر قوة إسلامية في ذلك العصر، تعدّ في سكّانها أغلبية غير مسلمة، أساسيا يونانيين وأرمينيين ويهود. لـنتخيل في نفس العصر أن نصف سكان باريس أو لندن أو فيانّا أو برلين يتكون من مسلمين ويهود ؟ لا يزال بعض المواطنين الأوروبيين إلى اليوم يمتعضون من سماع الآذان في مدنهم".

"يجب أن نقارن ما يصلح للمقارنة. أسّسَ الإسلام "اتفاقية تسامح" (un “protocole de tolérance”) في عهدٍ كانت فيه المجتمعات المسيحية لا تتحمل الآخر".

"بعد ما كان العالَم الإسلامي وعلى مدى قرون، رافعًا راية التسامح، أصبح اليوم في مؤخرة الأمم" (كشكار: "أضحى العالَم الإسلامي اليوم يُنعتُ بالتشدد والتطرف والتعصب والرجعية والظلامية ومعاداة المرأة والفن وحقوق الإنسان".)

"بالنسبة لي، بيّنَ التاريخ بوضوح أن الإسلامَ يحمل في داخلِه استعدادات وإمكانيات كبيرة للتعايش والتفاعل الخصب مع الثقافات الأخرى، لكن التاريخ الحديث بيّن أيضا أن رِدّة قد تحدث وقد تبقى هذه الإمكانيات الكامنة فيه كامنة على طول. ... لو طبقنا التاريخ المقارَن على العالَم المسيحي والعالَم الإسلامي، سنكتشف من جهة، دين متعصب، حامل لنزعة الاستبداد، لكنه تغيّر شيئا فشيئا إلى دين تفتح على الآخر، ومن الجهة الأخرى، دين حاملٌ لرسالة تفتّح، لكنه شيئا فشيئا انحرف إلى سلوكيات متطرفة واستبدادية".

صفحة 85: "المجتمع الغربي صَنَعَ الكنيسة والدين اللذان كان هو في حاجة لهما". ... كل المجتمع شارَك، بمؤمنيه وملحديه" (كشكار: " يبدو لي، حسب اجتهادي، أن هذه الجملة الأخيرة لأمين معلوف، يقابلها في قرآننا : "إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم").


 

حديثٌ شاركتُ به في المقهى، اليومَ صباحًا: سِتُّ قِيمٍ سَمحَةٍ، أحببتُ الإسلامَ لأجلها، وللأسف الشديد لم يطبقها جل المسلمين طيلة أربعة عشر قرنًا !

 

1.   شهادة "لا إله إلا الله" هي بمثابة بيانٍ أسس لتحرر الإنسان من كل سلطة لبشر على بشر مهما كان موقع الأول والثاني في المال أو الجاه أو النسب أو العرق أو العلم أو الأخلاق.

2.   لا وساطة بين الخالق والمخلوق حتى للرسول محمد نفسه، صلى الله عليه وسلم، فما بالك بالبشر الآخرين.

3.   "العن المعصية ولا تلعن العاصي".، المعصية ثابتة الضرر للعاصي نفسه قبل الآخرين، أما العاصي فهو بشرٌ خطّاءٌ بطبيعته، والله غفورٌ رحيمٌ، ورحمته وسِعت الأرضَ ومَن عليها، وبابُ التوبةِ مفتوحٌ لآخر لحظة في الحياة. أفقُه وعفوُه، سبحانَه، واسعانِ جدا وجل الفقهاء ضيقوا فيهما دون رخصةٍ منه لقِصرٍ في نظرهم.

4.   قِمّة الصبر على الملحِدِ وكرم إمهاله دون إهماله: الفيلسوف الفرنسي المسلم حديثًا روجي ڤارودي (1913- 2012) أسلم وعمره تسعة وستون عامًا. زنديق (hérétique ) من أب ملحدٍ وأمُّ أمّه مسيحية كاثوليكية ورِعة، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي ونائب عنه (1933-1970 سنة فصله من الحزب)، كتب رسالة دكتوراه حول المادية (Théorie matérialiste de la connaissance, Sorbonne, 1953)، اعتنق البروتستنتية والكاتوليكية ثم الإسلام سنة 1982. أهَدَيْتَه أنتَ أم الله هداه ؟

5.   قِمّة النصحِ بـ"التي هي أحسن": في حضور الرسول صلى الله عليه وسلم، دخل رجلٌ وتَبَوَّلَ وفي مسجده. لم ينهره الرسول ونهى أصحابه عنه. غلبَ النهرُ النهرَ وفاض نهرُ المحبةِ وغمرَ نهرَ النهرِ واقتلعه من قلب الصادقِ الأمينِ. تعلم المخطئ من أخلاق قُدوتِنا. تخيلوا اليوم لو دخل أجدٌ مسجدا في تونس وفعلها، فكيف سيكون رد فعل المصلين وما عساهم به فاعلون ؟ أأنتم أحرص من الرسول على بيوت الله ؟

خاتمة: أركانُ الإسلام خمسةٌ، لكنها لو رُفِعت على أرضية غير أرضية التقوى، لَكانَ وُجودُها كعَدَمِهِ أو أنْكَى !


 

كلنا أنانيون وغير الأناني فينا نتهكم منه ونحبِطه !

 

قال تعالى: " وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا". حسب تأويلي الحر: الفجور هو الأنانية، والتقوى هي الاستقامة ونكران الذات إيثارا للآخر، الآخر المختلف عنا جنسا أو لونا أو عرقا أو دينا أو فكرا أو ثقافة أو إيديولوجيا أو تاريخا أو جغرافيا. قدرُنا أن نحب هذا الآخر، ولو لم نحبه فكيف سنهديه أفضل ما عندنا: كنوز تراثنا المتمثلة في ديننا وفكرنا ومنطقنا وقِيمنا وتراثنا وتاريخنا وكرمنا وتقوانا. وهل تُقدم الهدايا لغير الأحبة ؟ ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". أخوه في الإنسانية، ملحدا كان أو لاأدريا أو يهوديا أو نصرانيا أو بهائيا أو بوذيا أو هندوسيا.

       أما نحن اليوم معشر التونسيين، فعِوض أن ننهي عن المنكر، ترانا نحارب المعروف بنصائحنا العجيبة المتداولة بأمثال هجينة من اللغة الدارجة التالية وكل إناء بما فيه يرشح:

-       "ابعِد عَالشَّرْ وغَنِّيلُو"

-       "أخْطَأ رأسي واضربْ"

-       "سَيّبْ عْلِيكْ"، "آشْ إهِمِّكْ"، "آشْ لَزِّكْ"، "آشْ دَخِّلِكْ"، "تِلْهَى بَحْوايْجَكْ"

-       "الكَفْ مايْعانِدْ المِخْيِطْ"

-       "لا تدخّل يدّك للغار، لا تلدغك العڤارب"

-       "قِيمْ الفرضْ وانڤب لَرْضْ"

-       "خلّي أهل البْلِي في بْلاهم"

-       "اللِّخافْ اسلِمْ"

-       "باتْ مغلوب ولا اتباتْ غالب"

-       "رِزْڤ البِيلِيكْ"

-       "ما بِالإمكانْ أحسن مما كانْ"

-       "اعْملْ كِيما جاركْ وَلَّ حوِّل باب داركْ"

-       "عامِلْ فيها مُصلح اجتماعي"

إيه يا سيدي "عامِلْ فيها مُصلح اجتماعي" ! ألم يأمرنا القرآن الكريم: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ". والله لا توجد أمة في التاريخ تصلي خمس مرات في اليوم والبعض منها لا يخاف ربه !

أمة لم تبدع ولم تنجح إلا في محاربة النجاح رغم قلة تواجده فيها منذ عشرة قرون. تحارب أصحابه على ندرتهم وتتهكم من نجاحاتهم وتقلل من شأنها. وفي المقابل تتستر على الفاسد وتحميه تحت غطاء القبلية والعروشية.

أمة لا تحاول أبد تغيير ما اعتراها من وهن بل تقعد عن العمل وتمجد الكسل وتنتظر تغييرا قد يأتي وقد لا يأتي من السماء ناسية أو متناسية قوله تعالى: "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". غيّر الألمان ما بأنفسهم بعد الحرب العالمية الثانية وكذلك فعل اليابانيون فغيّر الله ما بهم ورفعهم إلى أفضل الشعوب والدول دون أن يطلقوا رصاصة واحدة ضد أعدائهم بعد الهزيمة أما نحن فما زلنا في مكاننا قابعين وللرصاص ضد أنفسنا مُطلقين وللقدر دون عملٍ مستسلمين. الله يستر العاقبة...

 


 

هل يرضى عليك الخالق مهما صَليت وصُمت لو ظلمت المخلوق ؟

 

"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" وكما يبدو لي لا يمكن أن تنالَ رضا الخالق لو ظلمتَ المخلوق لأن ﺍﻟﻠﻪ عز وجَل ﻳﺴﺎﻣﺢ ﻓﻲ ﺣﻘﻪ ﻭﻻ ﻳﺴﺎﻣﺢ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﺨﻠﻖ. ماذا يفعل جُل المسلمين اليوم ؟

إن اللذين يتسابقون في القيام بالفرائض الدينية الثلاث (صلاة وصوم وحج أما الزكاة فيتغافلون عن إيتائها) ويتقربون من الله الجبّار الرحيم الغفّار طمعا في جنته وفي نفس الوقت يتقاعسون في أداء واجباتهم نحو المجتمع (عدل، أمن، ضرائب، ضمير مهني، عدم الغش والارتشاء والاحتكار والزيادة في الأسعار، إلخ) ويهضمون حقوق الفرد الضعيف غير الصبور وغير الغفور طمعا في الكسب الحرام، لن ينالوا جنة الأول ولا رِضا الثاني لكن لو أنصفوا الثاني لَرضي عليهم الأول وفازوا بالدارَين.

-       جُل المسلمين يَصَلّون ولم تنههم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر. فهل ستكون صلاتهم جواز سفر لجنة خالق البشر ؟ لو أثبتوا أنني قلتُ ما ليس فيهم أكون لهم معتذِرا.

-       جُل المسلمين يصومون ولا يحسّون بالفقر ولا يحسنون للفقير ويتكاسلون في أعمالهم ويطففون في ميزانهم ويجهرون بالسوء في معاملاتهم. هل سيقبل الله صيامهم ؟ لو كذّبوا كلامي أكون لهم مَمنونًا.

-       جُل الحُجّاج المسلمين يحجّون ويرجعون كما ذهبوا. هل سيكون ذنبهم مغفورا وحجهم مقبولا ؟ لو رجعوا إلينا تائبين متقين أكون بهم مُباهِيًا.

-       بعض المسلمين الذين لا يظلمون ولا يسرقون ولا يرشون ولا يرتشون ومن الضرائب لا يتهربون وإلى الفقراء ينحازون لكنهم لا يصلون ولا يصومون ولا يحجون وفي رحمة ربهم ينتظرون وفي غفرانه يطمعون. هل سيقبل الله إسلامهم ؟ تلك هي المعضلة (that is the question) ! لو كانوا فعلا كذلك فلماذا نكفِّرهم إذن ؟

 


 

ليس الغرب في مادّيته وإباحيّته وجها مناقضا لسلوكيات المسلمين عبر التاريخ بقدر ما هو وجههم الخفي الذي يحاولون طمسه أو نفيه. نقل مع إضافة بين قوسين لمواطن العالَم

 

المصدر

كتاب "نقد النص"، علي حرب، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية، 1995، الدار البيضاء، 285 صفحة. استعرته من المكتبة العمومية بحمام الشط.

نص علي حرب صفحة 53 و54:

من هنا يبدو الخِداع في كلام حسن حنفي على "دهريّة الغرب وإباحيته ودنيويته". فنحن دهريون كالغرب وربما أكثر منه (الدهريّة هو اعتقاد فكري ظهر في فترة ما قبل الإسلام أو الجاهلية، ويُشتقّ المصطلح من الدهر لاعتبارها الزمان أو الدهر السبب الأول للوجود وأنّه غير مخلوق ولا نهائي، وتعتبر الدهريّة أن المادّة لا فناء لها، ويعدّ هذا الاعتقاد قريبًا من اعتقاد اللادينيّة والإلحاد والمادّيّة. وذكر في القرآن عنهم:  "وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ". ويكيبيديا). ذلك أننا نتنافس على الحطام ونعيش الحياة بقضّها وقضيضها. يُعرف ذلك من علاقتنا بالمال ومن ممارستنا للجنس والسلطة. فبالنسبة إلى هذه الأخيرة نحن أبعد ما يكون عن التعالي. فشهوتنا إلى السلطة ومحافظتنا عليها بأي ثمن وولاءاتنا العصبية جعلتنا نقتتل ماضيا وتجعلنا نقتتل حاضرا أيما اقتتال، ولو اقتضى الأمر الاستنجاد بالغير على الأنا. أليس هذا ما حصل منذ الملك الضليل (امرؤ القيس) حتى حرب الخليج (بين العراق وإيران)، ومنذ حادثة السقيفة حتى آخر نسخة من حروبنا الأهلية، مرورا بالطبع بالحرب الأهلية "النموذجية" بين الأميرين أبي عبد الله بن محمد وعمه وسميه في آن قبل خروج العرب من الأندلس ؟ بالنسبة للمال كان الرشيد في عصره يقول للغَيْمَة: اذهبي حيث شئت فإن خراجك عائد إليّ، أي كان أشبه ما يكون برئيس الولايات المتحدة اليوم، زعيما لأكبر إمبراطورية مالية. أما الجنس فحدّث ولا حرج. فقد أباحت لنا الشريعة أن نستمتع بهن بعد أن ندفع لهن أجورهن، وأن نقتني منهن ما ملكت الأعيان، ولو كن بالعشرات بل المئات، وكان بإمكان الواحد أن يذهب إلى سوق الرقيق الأبيض لكي يبتاع جارية كما يبتاع أي شيء من الأشياء. هكذا كانت لنا فيما مضى خلافة أقمناها هي عبارة عن إمبراطورية للمال من جهة وإمبراطورية للجواري والإماء من جهة أخرى. ولا ضير في ذلك. ولكن لا نقولن أن الغرب مادي إباحي في حين أننا محافظون وروحانيون. فنحن سخّرنا المجال القدسي في خدمة دهريتنا ودنيويتنا. وهذا هو شأن المجال الدنيوي، لا يكف عن إنتاج أبعاده الرمزية وأشكاله القدسية. إذن ليس الغرب مغايَرَتنا المطلقة بقدر ما هو وجهنا الخفي الذي نحاول طمسه أو نفيه.

 

 


 

ما الفرق بين أمة الكلام بلا فعل أو أمة اللسان بلا يد (العالَم الإسلامي) وأمة الكلام والفعل أو أمة اللسان واليد (الأمة الغربية واليابان) ؟

 

الخبر (TV SCIENCE & VIE, le 2\03\16):

قرية في اليابان: لاحظ العلماء أن كثيرا من سكانها يعمِّرون أكثر من مائة سنة وفي صحة جيدة أيضا. سألوهم عن سبب ارتفاع متوسط العمر المتوقع (espérance de vie) عندهم ؟ فأجابوا: "نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع ونعتمد في أكلنا على الخضروات والغلال والسمك أكثر من لحم البقر والضأن". انطلق البحث العلمي من هذه الملاحظة وشرع البحّاثة الغربيون في إجراء تجارب على أقرب الحيوانات للبشر (قرد صغير جدا في حجم الفأر) من أجل إيجاد نظام غذائي قد يُعتمد في المستقبل ويُعمّم لرفع متوسط العمر المتوقع في العالَم أجمع.

التعليق:

هذه المقولة الرائعة "نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع" موجودة في تراثنا  وهنالك مَن ينسبها للرسول صلى الله عليه وسلم وهنالك مَن ينكر ذلك أما أنا فلا أرى مانعًا من نسبة كل جميل للجميل واستبعاد كل حديث لا يتماشى مع مقاصد القرآن السامية وأخلاق الرسول العالية حتى ولو دوّنه مسلم أو البخاري. يبدو لي أن النظام الغذائي المتّبَع من قِبل معمِّرِي القرية اليابانية هو شبيه بالنظام الغذائي المتوسِّطِي (Le régime méditerranéen ) الذي كان سائدا عندنا في تونس الستينات حيث كنا نعتمد في غذائنا على البروتينات النباتية (فول، عدس، جلبانة، إلخ.) أكثر من الحيوانية (اللحم الأحمر) والكثير من الخضروات والغلال. لكن رغم وجود هذه الكنوز في تراثنا العربي الإسلامي، فقد اكتفينا بترديدها دون تفعيلها ولم يلتفت لها علماؤنا ولم يبحثوا فيها. يوجد فينا مَن يجوع ولا يجد ما يأكل وفينا مَن يأكل ولا يشبع وفي شهر الصيام والتقوى نأكل ما يكفينا -لو اكتفينا- لثلاثة أشهر عادية. لم نفلح إلا في التباهي المزيف بالقول أن كل ما توصل إليه الغرب من تقدم بالعلم والعمل هو موجود عندنا في قرآننا وسيرة رسولنا: فهمًا خاطئا منّا لنشأة العلم وتطوره، العالِم الغربي لم يرفع غطاءً فوجد تحته عِلمًا. العلم يا سادة يا كرام هو أعقد (plus complexe) من هذا الفهم السطحي، العلم بحثٌ واجتهادٌ ومعاناةٌ ومراكمةٌ لتجارب مَن سبقونا وفشلٌ ونجاحٌ وخيبةٌ وأملٌ. ما توصل إليه العلم في القرن 21 م لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتوصل إليه علماء القرن 7 م في المدينة أو في أثينا ومعرفة القرن 21 يستحيل التفكير فيها في عهد الرسول إلا "علم الغيب" وهو من معجزات الله وليس للبشر، أنبياءٌ وعبادٌ، أي جدارةٍ فيه أو استحقاقٍ. والله أعلم...


 

صمويل هنتنڤتون، أخطأ وأصاب في نظريته "صِدامُ الحضاراتِ" ! تأليف أمين معلوف، ترجمة وتأثيث مواطن العالَم

 

نص أمين معلوف:

أصاب هنتنڤتون خاصة في صدام الأديان (1996). نظريتُه، ورغم فضاعتها فقد أيدتها الأحداث المتتالية سريعًا في أوائل القرن 21م.

أخطأ كثيرًا عندما تنبأ بأن هذا الصدام سوف يقع بين "دار الكفر" و"دار الإسلام" (التسميات بين معقّفين من عندي، معلوف كتب: Les différentes aires culturelles)، وسوف يعزز اللحمة بين المنتسبين لكل دارٍ.

يبدو أن العكس هو الذي حصل: ما يميز عالمنا اليوم ، ليس انصهار المجموعات الصغيرة داخل المجموعات الكبيرة (العالم الغربي، العالم العربي-الإسلامي، إلخ.)، بل العكس أي السعيُ الحثيثُ لتجزئة المجزّأ وتقسيم المقسّم في جو مشحون بالرداءة والخساسة والعنف والحِدّة والفظاظة والحِقد والإقصاء والكراهية والتمييز والعنصرية.

نحن نرى اليوم أن ظاهرة العنف والتجزئة في "دار الإسلام" أصبحت ظاهرة للعيان ولا تحتاج إلى تحليلٍ أو برهان. يبدو لي أننا قد أخذنا عهدًا على أنفسنا بتجميع كل مساوئ هذا الزمن الرديء وضخمناها إلى حد العبثية. نجحنا في تشويه صورتنا في عيون غير المسلمين ومن فرط ذكائنا لم نغفل عن تشويهها في عيوننا نحن أيضًا، أقصدُ المسلمين الوسطيين غير المنتمين للإسلام المتزمّت أو الإسلام العنيف. أشعلناها وبأيدينا، أشعلنا حروبًا أهلية، دموية، ضارية، شديدة، عنيفة، وفتَّاكة في أفغانستان ومالي ولبنان وسوريا والعراق وليبيا واليمن ونيجيريا والصومال والسودان.

(إضافة مواطن العالم: والبلدان الإسلامية - التي سَلِمَت من الحرب الأهلية - أصابها التهريب والفساد والإرهاب والهوانْ، مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب والأردن وباكستانْ. انفردنا بالحالة القُصوى ولم نر لحالنا مثيلا، لا في الغرب ولا في الصين ولا في الهند ولا في برّ بني عريانْ).

أما الحالة الأدنى من التقسيم فنجدها أيضًا في العالَم غير الإسلامي، في أسكتلندا وإيرلندا المملكة المتحدة، كاتلونيا أسبانيا، كورسيكا فرنسا، كوزوفو سربيا، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، دول الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي سابقًا، إلخ.

يبدو لي أن بوادر الانقسام بدأت تبرز وتكثر في كل مجتمع وعلى مستوى الإنسانية جمعاء، وفي المقابل بدأت عوامل الوحدة تتناقص. يبدو أن العالم كان مرتبطًا بأسمنتٍ مغشوشٍ.

(إضافة مواطن العالم: جاكلين الشابي، عالِمة الأنسنة والإسلاميات - Anthropologue et islamologue - قالت: "الدين يخلق مجتمعًا، والمجتمع يخلق دينَه".

عالمنا العربي-الإسلامي، عالمٌ مربوطٌ بأسمنتٍ مغشوشٍ، أسمنت "تديّن أغلبية المسلمين المعاصرين": الإسلام جاء رحمة للعالمين، دين التوحيد جاء للسلام والتوحيد بين الحضارات والأمم، ونحن جعلنا منه عاملَ تفريقٍ وفتنةٍ وعنفٍ وإرهابٍ. أقصينا من رحابه غير المسلمين، وكأنهم ليسوا من مخلوقات الله ولا يستحقون رحمته سبحانه. ظلمنا أنفسَنا وما ظلمنا أحدٌ، "جَنَتْ على نفسها براقش". الرسالة المحمدية وحّدت بيننا وخَلقت منا أمة واحدة وحضارة واحدة بعد ما كنا أممًا متعددة وحضارات مختلفة - عرب، أمازيغ، فرس، أتراك، منغول، تتار، أوروبيون، هنود، إلخ - ونحن خلقنا دينًا على مقاس أنانيتنا وجشعنا وشهواتنا، دينًا لا يمت لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم بصلة، ليس بسبب تعدد مذاهبه بل بسبب تناحر مذاهبه وتقاتل مريديها من شيعة وسنّة وسلفية وغيرها).

إمضاء مواطن العالَم:

الهُوية هُويّات، أنا مواطن العالَم، كشكاري، ڤَصْرِي-شِتْوِي، حَمَادِي، جمني، حمّام-شطي، تونسي، شمال إفريقي، أمازيغي، عربي، وطني، قومي، أُمَمِي، مسلم، عَلماني، يساري غير ماركسي، عربي اللسان، فرنكفوني، محافظ، حداثي. كل هُوية تُضافُ إليّ، هي لشخصيتي إغناءُ وكل هُوية تُقمَعُ فيّ هي لشخصيتي إفقارُ.

و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

Référence: Le naufrage des civilisations, Amin Maalouf, Grasset, mars 2019, 332 p, 22 €, p. 245 .

 

فلسفةٌ كونيةٌ رحبةٌ خرجت من رحمٍ إسلاميٍّ ؟ تَصَوّر واحدا جمعَ صفات أربعًا، يراها بعض الإسلاميين أكبرَ خطرٍ على الإسلام: أممي ويساري وعلماني وفرنكوفوني.

"وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا" (قرآن).

تفسير الطبري: "ولا تمش في الأرض مختالا مستكبرا (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ)، إنك لن تقطع الأرض باختيالك، (وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا) بفخرِك وكِبْرِك...".

آياتٌ رائعاتٌ ذكّرتني بطفولتي، فاستحضرتُ صورةَ "رجُلَيْ دين"، شيخانٍ من جمنة مسقط رأسي، جارُنا عمي علي بن عبد الله (لا تربطني به أي صلة قرابة) والهاشمي بكّار إمامُ جامعِنا القديمِ الوحيدِ (اليوم أصبحوا ستة جوامع والسابع في الطريق، فهل زادت التقوى في جمنة ؟). كيف كانا يمشيان ؟ جسمانِ نحيفانِ، كانا يمشيانِ وكأنهما خائفانِ على أديمِ الأرضِ من التمزّقِ. وجهانِ نيّرانِ مضيئانِ مشرقانِ دومًا مبتسِمَانِ رغم قساوة الطقسِ. كانا يتلوانِ القرآنَ والدعاءَ بخشوعٍ وتهدّجٍ وارتعاشٍ حتى بلغ حدّ البكاءْ.

تصوّرٌ رومنطيقيٌّ عن "رجال الدين" المسلمين، طبعاه في مخيّلتي، تصوّرٌ يسرّني كلما تذكّرتُه ولن أرضى له بديلا !

أما اليومُ، فلِبعضِ "رجالِ الدين" الإسلاميين الشباب صورةٌ منفِّرةٌ منبتّةٌ مخالِفةٌ: لِحيةٌ شعثاءُ، وجهٌ مكفهِرٌّ، هندامٌ مستورَدٌ، بِنيةُ مصارعِ ثيرانٍ، تسمعُ أنينَ الأرض تحت أقدامهم من بعيدٍ، ينظُرون إلي الخلقِ شَزَرًا. إذا تقاطعتْ سُبُلُنا، أهرعُ إلى الرصيف الموازي. سِيمَاهُمْ فِي لباسِهم ونعالِهم المستوردَةِ، في عيونِهم، في مِشيتِهم، في نظرتِهم، في حِقدِهم مِنْ أَثَرِ الغِلِّ الذي في نفوسِهم ! الله يُجِيرُنا منهم ويَحمينا من غضبِهم !


 

أيمّة المساجد لا يفهمون أن المصلين لا يفهمون !  

 

يبدو لي أن جل أيمة المساجد التونسيين لا يفهمون أن المصلين لا يفهمون. لا يفهمون خطابهم الفقهي المتكلس والمتعالي، خطاب قد عفا عليه الزمن وفاته بسنين ضوئية، "فصاروا يحصرون الدعوة في الدعاء على الأعداء في خُطَبٍ بلهاء لا تحرك غير الهواء".

ملاحظة: الجملة الموضوعة بين ظفرين، جملة مقتبسة من كتاب "شرعية الحكم في عصر العولمة" (هامشة 34، صفحة 72) ، أبو يعرب المرزوقي،  الدار المتوسطية للنشر، بيروت - تونس، 2008، 272 صفحة.


 

يبدو لي أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان أول وآخر مجتهد جريء من داخل المنظومة الإسلامية الأرتدوكسية. نقل دون تعليق مواطن العالَم

 

المصدر:

سلسلة موافقات يشرف عليها كمال عمران، كتاب "العامل الديني والهوية التونسية"، تأليف سعد غراب، الدار التونسية للنشر، الطبعة الثانية، 1990، 186 صفحة.

نص الكاتب، صفحة 78:

واشتهر عمر بن الخطاب بصورة باجتهاداته الجزئية مثل إبطال متعتي الحج والنساء وزيادة "الصلاة خير من النوم" في آذان الفجر وإسقاط "حي على خير العمل" من الأذان والإقامة وإمضاء طلاق الثلاث وإحداث صلاة التراويح وقطع العطاء عن المؤلفة قلوبهم وإبطال قطع يد السارق عام المجاعة ومنع التزوج بالكتابيات... إلى غير ذلك من المسائل التي أثارت في بعض الأحيان شيئا من الجدل كما سنرى.

1.   نصوص مختارة متفرقة ومستعارة من النت ولم أضف حرفا واحدا من عندي:

متعة الحج: ويسمى هذا الحج بحج التمتع وعمرته بعمرة التمتع لقوله تعالى : " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج " ولان الحاج يتمتع بالحل بين إحرامي العمرة والحج ومدة الحل بين الإحرامين (فإذا أحل من إحرامه حلّ له كلّ شيء من النساء والطيب) هي متعة الحج التي منعها الخليفة عمر ومن تبعه على ذلك ويأتي بها جل المسلمين في هذا اليوم .

2.   متعة النساء:  نِكَاحِ الْمُتْعَةِ ومُتْعَةِ النِّسَاءِ فِي الحَجّ.

3.   إمضاء طلاق الثلاث: قال ابن عباس: بلى كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل جعلوها واحدة على عهد رسول اللهﷺ وأبي بكر وصدرًا من إمارة عمر، فلما رأى الناسَ، يعني عمر، قد تتابعوا فيها قال: أجيزوهن عليهم. بعض العلماء ينكرون الطلاق بالثلاث كشيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيّم وغيرهما. أن المطلقة ثلاثاً لا تحل للمطلق حتى تنكح زوجاً غيره.


 

يبدو لي أنه من التبسيط والتسطيح أن نحشر الإسلام في تفسير كل ما يحدث في البلدان الإسلامية ! ترجمة مواطن العالَم

 

المصدر:

Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages

نص أمين معلوف:

صفحة 90: ما أقف ضده اليوم، هو هذه العادة الركيكة التي سلكها -في الشمال كما في الجنوب- الملاحظون عن بُعد  والأتباع المتحمسون والتي تتمثل في تصنيف كل حدثٍ يقع، في بلد إسلامي، تحت يافطة الإسلام. والواقع يُقِرّ بوجود عواملَ أخرى متداخلة في اللعبة وهي أصلَح بكثير لتفسير ما يحدث.

تستطيع أن تقرأ عشرة مجلدات حول تاريخ الإسلام منذ انبعاثه، لكنك قد لا تفهم شيئًا مما يقع في جزائر القرن العشرين. اقرأ فقط ثلاثين صفحة حول الاحتلال الفرنسي وحرب التحرير الجزائرية وسـتفهم أفضل بكثير. (...) عادة ما نضخِّم من دور الأديان في التأثير على الشعوب وفي المقابل نقلِّل من دور الشعوب وتاريخها في التأثير على الأديان. أنا أعي أن التأثيرَ متبادلٌ، المجتمع يصنع دينه والدين بدوره يصنع المجتمع. لكنني ألاحظ أن نوعًا من التفكير بدأ يقودنا إلى التركيز على جانب واحد فقط من الجوانب المتعددة لهذه الجدلية، مما قد يتسبب في ضبابية في الآفاق والرُّؤَى.

 


 

لن تقومَ للعربِ المسلمينَ قائمةٌ ما لم يغربلوا تراثَهم الحضاري ويتخلوا عن نهجِ المقاومةِ المسلّحةِ

 

يبدو لي والله أعلَم أنه لن تقومَ للمسلمينَ قائمةٌ ما لم يغربلوا تراثَهم الحضاري بغرابيلَ العلومِ الحديثةِ وأولُها الإبستمولوجيا (معرفة المعرفة) والأنتروبولوجيا (علم الأنسنة). لم أقل "يغربلوا قرآنَهم"، فالغربُ نهضَ ولا يزال يقدّسُ توراتَه وإنجيلَه.

يبدو لي والله أعلَم أنه لن تقوم للعربِ قائمةٌ ما لم يتخلوا في السرِّ والعلنِ عن نهجِ المقاومةِ المسلّحةِ في الداخل وفي الخارج. لم أقل يَجبُنوا ويستسلموا لعدوّهم كما يفعلُ اليومَ في فلسطين رئيس السلطة الفلسطسنسة في الضفة الغربية محمود عباس، بل يكدّوا ويجتهدوا ويصمدوا وينتصروا كما انتصرَ غاندي ومانديلا وألمانيا واليابان والصين في هونكونڤ. فهل هُمُ أقل وطنيةً منّا أم هل نحنُ أشجعُ منهم ؟ والله ولي التوفيق.


 

مقتطفات أعجبتني من محاضرة للفيلسوف الفرنسي Rémi Brague حول الإسلام

 

-       "الإسلام وككل دين أنتج أتقياء ومجرمين، أنتج المجاهد الورع الأمير عبد القادر الجزائري كما أنتج مجرم الحرب تيمور لنك".

-       الشاعر الألماني جوته قال: "لو كان الإسلام يعني الاستسلام إلى الله فكلنا سنعيش ونموت مسلمين".

-       ترجمة كلمة إسلام بكلمة Soumission ليست Péjorative لو كانت النية طيبة لأن لا عيبَ في الاستسلام إلى الله وحده دون الاستسلام للعباد.

-       "كلام الله عند المسيحيين هو عيسى نفسه (Le verbe) أما الإنجيل فهو كلام أصحاب عيسى. عند المسلمين، كلام الله هو القرآن" لا غير.

-       "صفقة الخداع": الفرنسيون يقولون للمسلمين: نقبل دينكم، صلوا وصوموا وحجوا، لكننا لا نقبل بعض ما جاء في قرآنكم مثل الحجاب.

-       "الإيمان بوجود الله عند المسلمين هو أمرٌ بديهيٌّ ولا يحتاج لأي برهان أو قوة إرادة لذلك يتعجبون ممن لا يدينون بالإسلام".

-       Est-ce que l’Islam est violent ? Le but de l’Islam n’est pas la violence mais la force comme « force reste à la loi », ou la force publique qui n’est pas violente et elle peut être juste.

-       "القرآن ليس عنيفًا بل هو يرفع بيداغوجيًّا في منسوب العنف في الخطاب حتى يجنّبنا الوقوع في العنف الفعلي". Jacqueline Chabbi, anthropologue française

-       الإسلام يسألك عن أدائك لأركانه الخمسة ولا يسألك عما في صدرك فهو إذن أكثر ليبرالية من المسيحية.

-       L’islam n’est pas une orthodoxie (croire ce qu’il faut) mais une orthopraxie (se conduire de la bonne manière).

-       هل يوجد إسلام معتدل ؟ لو كنت مسلما لقلت لك إن هذه شتيمة. لو كنت أعتبرُ الإسلامَ دينًا جبدًا فسأطلب لنفسي جرعةَ حصان ‼

-       L’islamisme n’est pas tout l’Islam, c’est un islam parmi tant d’autres approches de l’Islam.

-       لو كان المشرّعُ بشرًا فسنحتاج حتمًا لتأويل القانون لأن البشر لا يمكن أن يدرك مسبقًا كل الحالات المحتملة. وإذا كان المشرّع هو الله فماذا نفعل ؟ ننفذ ودون تأويلٍ أو ترددٍ أو نقاشٍ.

-       عندما يتكلم مسيحي أو يهودي عن الديانات الإبراهيمية فهو يقصد الديانات التوحيدية الثلاث أما المسلم فيقصد الإسلام فقط ("ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا" قرآن).

-       "الإسلام لا يعتبر نفسه خاتم الديانات وآخرها فقط بل يعتبر نفسه أيضًا أولها وأقدمها وما محمد إلا مُذكِّرٌ بإسلام إبراهيم. ("مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (آل عمران: 67)" و الإسلام دينٌ أزليٌّ سبق ظهورَ الكونِ نفسِه. ("وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ" الأعراف: 172).

-       سُئِلَ الفيلسوف Rémi Brague: "لو رجع محمد اليوم ففي أي بلد سيختار العيش ؟" فأجاب: "في بلده الأصلي على ما أظن، لكن دون حُكمِ السعوديين".

إضافتي:

عندما نقول "حضارة عربية-إسلامية" يحق لكل مسلم أن يضيف حضارته الأصلية التي شاركت في صنع الحضارة الإسلامية (فارسية، تركية، هندية، أمازيغية، إلخ)، لكن لو قلنا "حضارة إسلامية" دون أي إضافة فكفى المسلمين شر التعصب لقومياتهم الأصلية حتى ولو كانت مساهِمة فعليًّا في صُنع الحضارة الإسلامية.

أركان الإسلام هي أركان عقلانية وليست غيبية أي أركان ظاهرة ومحسوسة وخاضعة للقياس وما في القلب لا يدركه إلا الله ولا يحاسِب عليه إلا الله.


 

 

ANNEXE


 

 

المُلْحَقات

-       محتويات جدارياتي الفيسبوكية حول النقد الاجتماعي

-       محتويات جدارياتي الفيسبوكية حول حول الأخلاق

-       حتويات جدارياتي الفيسبوكية حول الفساد

-       محتويات جدارياتي الفيسبوكية حول الإرهاب

 

ملاحظة:

من يرغب في الاطلاع أكثر، عليه إذن أن يتحمل الجهد ويُكمِل قراءة الملحقات.

 


 

محتويات جدارياتي الفيسبوكية حول النقد الاجتماعي

(جمعتها خلال قراءات دامت سنوات 2012-2024)

 


 

-       كنا نقف ضد نظرية الاستبدال العظيم (le grand remplacement) عندما كان اليمين الفرنسي يوظفها ضد مهاجرينا وها نحن بدورنا اليوم نوظفها ضد الأفارقة.

-       أستاذٌ غير مطلعٍ على "الإبستمولوجيا" عادة ما ينتابه شعور بالاعتداد بما كسبه من معرفة، شعور قد يجرّه إلى عدم التثبّت في ما يدرّسه.

-       مواطنٌ عربي غير مطلع على الأنتروبولوجيا عادة ما ينتابُه شعورٌ بالنقص حيال الحضارة الغربية لأنه لم يتعلم أن "لا حضارة أفضل من حضارة".

-       العين الخارجية ترى ما لا تراه العين الداخلية (Épistémologie): "خوذوا عيني شوفوا بيها"، عين غير مسلمة، عين ف هوﭬو، ف بورﭬا، أ معلوف.

-       طبيعي أن النقاد "لا يعجبهم العجب، ولا الصيام في رجب" وإلا انتهى دورهم في المجتمع. ومن انحاز منهم إلى صف الحاكم لم يعد يعتبر ناقدا.

-       الناقدُ مؤسسة قائمة ومستقلة بذاتها وغير مطالَب بالبديل. لا ينكر على المناضل الميداني دوره فلا تنكروا في المقابل جلوسه على الربوة.

-       النقد فردي أو لا يكون والبديل جماعي أو لا يكون. البديل ليس شيئا جاهزا حتى نهديه بل يصنع بمشاركة الناقد والمنقود وأهل الذكر.

-       النقدُ هدامٌ أو لا يكون، هدامُ للتصوّرات غير العلمية والمسلمات والشعوذة. هدمٌ من أجل إعادة بناء الإنسانية على أرضيةٍ عقلانية صلبة.

-       عالم البيولوجيا يبحث ويقوم بتجارب ثم ينشر نتائجه. ناقد البيولوجيا-"شادْ ﭬازة"-يراقب العالم ويعد أخطاءه. لولا النقد لما تطور العلم!

-       الناقد ينقد ولا يثأر في المسائل الشخصية. أيُعقل أن يكون لي ثأرٌ مع كل هذا الجمع الكريم: مع المتفقدين والقيمين والأطباء والنقابيين ؟

-       لا أفهم ما معنى نقد بناء لأن النقد هدّام أو لا يكون هدام للخرافات والتصورات غير العلمية والهدم يأتي قبل البناء والعمليتان منفصلتان.

-       "ليس من علامات الصحة أن تتأقلم مع مجتمعٍ مريض"
التأقلمُ الناقدُ هو الواجب لمن أراد أن يفعل في مجتمعه سياسيا أو ثقافيا أو اجتماعيا.

-       Nos concitoyens optimistes disaient souvent: l’avenir de la Tunisie, nous le ferons.. N’attendons pas faisons-le avec les moyens du bord.

-       صديق إمام جمعة في مدينة المنستير، دكتور في التفكير الإسلامي، قام بخطبة تتكون من عشرين سؤالاً دون أي جواب (إبستمولوجيا). اسمه لطفي البكوش.

-       أختي الضريرة المستنيرة قالت لي "اقرأْ في روحك النقص تْبات عالكمال" مَثل شعبي فيه حكمة لأن السعيَ في حد ذاته كمالٌ والكمال لله وحده.

تعليق هيدري دزاير: من الأدعية المأثورة التي تؤكد حكمة قولها" اللهم اجعلني في عيني صغيرا". حفظها الله وزادها نورا.

-       "أبرتايد" هو نظام الفصل العنصري بين البيض والسود. أليس نوعًا من "أبرتايد" ما يسود عالمنا اليوم من فصل بين الغرب والعالم الثالث ؟

-       التونسي المتحزب، تونسي في سلوكه الانتهازي، يساريًّا كان أو إسلاميًّا أو قوميًّا أو دستوريًّا. كلهم متخرّجون من نفس المدرسة الحداثة الغربية.

-       الطبقة الغنية المعارضة للسلطة تشتكي مثلنا من غلاء الأسعار وهي بدورها ترفع علينا أسعار خدماتها (أطباء، تجار، فلاحون، صناعيون).

-       العاصمة (4 ولايات، فيها خُمس سكان البلاد) تستهلك أربعة أخماس الثروة الوطنية وتنفرد بـ4/5 إنجازات الدولة والخواص وتحتكر كل التلفزات.

-       المواطن التونسي ليس كالمواطن الياباني ويطلب من المسؤول التونسي أن يكون كالمسؤول الياباني. هل يحق له ذلك وهل هو سلوك منطقي ومسؤول ؟

-       وحدهم الفقراء العرب لا يفرّون من بلدانهم، لا لأنهم أكثر وطنية من "الحرّاقة" بل لأنهم لا يملكون ثمن "الحرقة".

-       "اللِّخافْ اسْلِمْ"، مَثَلٌ شعبي تونسي: خُفنا من بن علي فاضطهَدنا، من الإسلاميين فتغرّبنا، من اليساريين فتسلعنا، من النقد فتكلّسنا، من الاختلاف فتعصبنا لهويتنا !

-       "النظافة من الإيمان والوسخ من الشيطان": قولة شهيرة تداولتها جل نصوص التراث الإسلامي، حفظها عن ظهر قلب جل المسلمين وردّدوها كالببغاوات. يبدو لي أن كل مَن قَبِلَ بسُلَّمِ هذا التقييم السليم ثم دعا غيرَه إليه ولم يطبقه-مسلِمًا كان أو غيرَ مسلِمٍ- فقد تبوأ درجةً، هي للشيطان أقرب وعن الإيمان أبعد.

-       أنا أقف مع الحرية المطلقة للنشر ولا حل لمشاكل الحرية إلا بمزيد من الحرية وأستند في موقفي للقرآن الذي نشر أقوال المعارضين لله ورسوله محمد، صلى الله عليه وسلم.

-       يبدو لي أن قلة العدل، وليس العدل كما قال ابن خلدون، هي أساس العمران (La croissance): العمران متطور في البلدان الرأسمالية والرأسمالية عدوة العدالة الاجتماعية !

-       "الشعب يكره النخبة"، كليشيه يتردد كثيرًا. تصويب: الشعب يكره النخبة الانتهازية المغتصِبة للمشهد لكنه يحترم النخبة النزيهة المغيبة عمدًا عن المشهد.

-       كنا مجتمعا قنوعا رشيد الاستهلاك. غزتنا قِيم الليبرالية الغربية فأصبحنا للأسف الشديد مجتمعا متكالبا على الاستهلاك لكن قليل الإنتاج .

-       لو علم الحاسِدُ أن "الحسدَ هو أعلَى درجاتِ الإعجابِ" لَوارَى حَسَدَه لأنه سيفضح إعجابَه بالمحسودِ مهما حاول إخفاءَه، وكلما بالغ في التقليل من شأن ضحيته إلا وعَظُمَتْ زلتُه وكذّبَ نفسَه بنفسِه وزالت منطقيًّا أسبابُ حقده !

-       ما زلنا نقتاتُ من فُتاتِ الغرب وثقافته وسياسته وعلمه وتكنولوجيته وقيمه ونمط عيشه. نحرث في أرض ليست أرضنا ونترك أرضنا دوما بَورًا   !

-       ما معنى دولة متخلفة ؟ هي الدولة التي تعجز عن تحويل المواد الطبيعية إلى مواد مصنعة. للأسف كل الدول العربية عجزت حتى الآن عن فعل ذلك.

-       مجتمعنا متكون من ثلاث طبقات: العليا تحكم. الوسطى تصرخ وتردّ الفعل في الدنيا وذلك برفع أسعار خدماتها. أما الدنيا فتتحمل وتئن وتتألم.

-       الحرية، العدالة، التضامن، الإيثار، قيم كونية نبيلة لكنها قيم معلقة في السماء لم نرها يوما هبطت إلى الأرض لكنها كالدين تشعرك بطمأنينة.

-       اليوم يبدو أن كل المهن تخلت عن رسالاتها التي خلقت من أجلها فالمعلم صار موظفا ولم يعد رسولا وكذلك الطبيب. الرأسمالية مصنع المحتالين.

Source d’inspiration : « La fabrique des imposteurs » éd. Babel essai, 2015, 308 pages, Prix 8,7  ; Roland Gori  (psychanalyste et professeur émérite de psychologie et de psychopathologie clinique à l'université Aix-Marseille).

-       يبدو لي أن العلاقات الوراثية (قرابة) أقوى ألف مرة من العلاقات المكتسبة (صداقة، زمالة، شعرة تقطعها نسمة) لأن ADN أقوى من التربية.

-       يبدو لي أن الصدقة الممنوحة سرا من شخص إلى شخص فيها ذل للفقير ولا تليق بالاثنين. الأسلم تمنح عن طريق جمعية والأفضل أن نوفر له شغلا.

-       يبدو لي أن فترة المراهقة لم تكن موجودة قبل الحداثة. أسبابها: ارتفاع أمل الحياة وطول التعليم أخرا سن الزواج ودخول معترك الحياة.

-       احمِدْه على ما أعطاك لكن لا تنخدع بأنك عملت عملا يستحق العطاء ولا تتباه على من تظن أنه لم يعطه لعله أعطاه ما لم يعطك لحكمة نجهلها.

-       "الإسلام نزل عالميا في مكة وأصبح محليا" (E Geoffroy): الخليج حنبلي/مصر شافعية/ تركيا حنفية/ شمال إفريقيا مالكي/عُمان إباضية/إيران شيعة.

-       غير المتدين لا يعرف ربه إلا عند الأزمات أما المتدين فيعرف ربه خمس مرات في اليوم. لكن الاثنين يتشابهان في المعاملات السيئة أحيانًا.

-       الأستاذ اليساري والأستاذ الإسلامي، الاثنان مقاولا "أوتيد". الطبيب اليساري والطبيب الإسلامي، الاثنان نفس ثمن الفحص. لا أثر للمبدأ في سلوكاتهما !

 

-       الاستلابُ الديني (l’aliénation) قد يُضِلُّ بعض الإسلاميين، وعبادة الشخصية قد تحوّل أفضل الزعماء إلى طغاة (ناصر، بومدين، بورﭬيبة..).

-       أخطار عالمية ثلاثة: 1. تناقص الثروات الطبيعية الناتج عن جشع الإنسان. 2. توظيف الدين في السياسة لأغراض شخصية. 3. إقبال الشباب على الإرهاب.

-       شهادة "لا إله إلا الله" وآية "لستَ عليهم بمسيطر": المفروض تلغيان نهائيّاً من حياتنا "عبادة الشخصية" وفكرة "الولاء الأول والأخير للحزب".

-       الإسلام إسلامان. واحد نزل وحيا (القرآن) والثاني أنتجه المجتمع (الحضارة الإسلامية). الأول قدوة والثاني واقع معيش يسعى لبلوغ القدوة لكنه مهدد بالانحطلط.

-       الإسلام وحي من الله أما الحضارة الإسلامية فهي من صُنع البشر. فلا تكفّروا المجتهدين في نقد الثانية حتى ولو تطرّفوا في النقد. (مالك بن نبي)

-       "الجنة تحت أقدام الأمهات" الإسلام كرّم المرأة، لكن الإسلام وحي من السماء ولا استحقاق لأحد فيه، وأنتم أيها المسلمون المعاصرون ماذا فعلتم بها ؟

-       "الدين المعاملة"، قولة أبصم عليها بالعشرة لكنني أعود وأفكر وأسأل: هل التدين الشائع عندنا اليوم هو أيضًا المعاملة الحسنة أم هنالك قطيعة بين الاثنين ؟

-       الإسلام ليس بالأمر الهيّن حتى نتركه في أيدي المتطرفين والمتعصبين والدعاة تجار الدين والأئمة غير المتكونين أو الأئمة المتحزبين الانتهازيين !

-       الحضارة الإسلامية، يجب أن نهتم بها جميعا ونحولها إلى موضوع مخبر يشتغل عليه علماء السوسيولوجيا والأنتروبولوجيا والتاريخ والفلسفة واللغة.

-       اجتهادٌ صادرٌ عن غير مختص في الفقه الإسلامي حول المقولة الإسلامية "مَن تزوجَ فقد أكملَ نصفَ دينِه" مواطن العالَم: أظن أن المقصودَ بنصف الدين هو العِفّة والدليل منقول [السنّة دلّت على مشروعية الزواج، وأنه سنة من سُنَنِ المرسلين، وبالزواج يستطيع الإنسان بتوفيق من الله تعالى التغلب على كثير من نزعات الشر، فإن الزواج أغض للبصر، وأحصن للفرج، كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج.." (متفق عليه)]. أما حسب اجتهادي المتواضع، فيبدو لي أن المقصودَ بنصف الدين هو القدرة على الخلق أعني به الإنجاب، أي أن الإنسان أصبحَ مساهمًا في تكوين الإنسانية لكن بمشيئةِ الخالقِ، باعتبار أن الإنسان هو خليفة الله في الأرض.

-       الصحابة رضي الله عنهم، كانوا يفهمون القرآن ويفسّرونه أفضل منّا لأنهم عاشوا في البيئة التي نزل فيها، لكنهم للأسف لم يدونوا تفاسيرهم إلا قلة قليلة منهم.

-       هم قدّموا العقلَ على النقلِ فتقدموا، ونحن قدّمنا النقلَ على العقلِ فتخلفنا. المطلوب حسب اجتهادي إعمالُ العقل في النقل وليس فصلهما لأنهما متفاعلان فيما بينهما.

-       أليس الإسلام "الدين المعامة" ؟ فما بال البعض منا يكره البعض منا لمجرد أنه إسلامي أو يساري ؟ ما لك أنت والسرائرالتي لا يعلمها إلا الخالق.

-       إن أكرمكم عند الله أتقاكم: أفضل آية عندي لأنها هداية مرسلة للعالمين ولا تخص المسلمين وحدهم. للأسف لم نعمل بها مذ مات مُبلّغها صلى الله عليه وسلم.

-       جُل مسلمي اليوم يطبقون يوميّاً وعمليّاً ما تمليه عليهم أنماط الحداثة الغربية ويتشبثون نظريا بمبادئ الإسلام. إسلامٌ تركوه بإرادتهم.

-       مِن وحي النقاش الصباحي بمقهى الشيحي "التعيسة التي لم تعدْ تعيسة": حتى لو كنتَ تُشركَ به ولا تَعبدُه، فكل خليةٍ من خلاياكَ المائة مليار مليار تسبّحُ بحمده و تَعبدُه، وحتى لو كنتَ متمرّدًا على قدرتِه فكل جينةٍ من جيناتكَ الثلاثين ألف لا تعبّرُ عن نفسها إلا بمشيئته، وحتى لو كنتَ لا تنتظرُ عفوَه فرحمتُه سبقت ضيقَ أفقِكَ وشملتك في رحمِ أمك، وحتى لو كنتَ ارتكبتَ أكبرَ الكبائر فـ"يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت ... إن الكبائر في الغفران كَاللَّمَمِ (صغائر الذنوب)". "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (قرآن).

-       إن الله قد يسامح في حقه لكنه لا يسامح في حق عبده المظلوم. افهموها يا "حِشَرِيّين" بين الخالق وعباده واتركوا الحساب لصاحب الحساب يوم الحساب: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (قرآن). في هذه الآية لم يستثن المشركين الذين سبق له سيحانه وأن استثناهم في آية أخرى. رحمته وسعت كل شيء فلا تضيّقوا في مساحتها.

-       حضارتنا العربية-الإسلامية حضارة جميلة لكن لا حضارة أفضل من حضارة. حضارة أسسها الأجداد الأحرار وخذلها الأحفاد فصارت قيمنا شعارات دون تطبيق.

-       "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله": آية نزلت في المسلمين المؤسسين أصحاب الرسالة. جل مسلمي اليوم موظفون لدى النظام الرأسمالي !

-       سمعت أخيرًا أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا بالغيث النافع لصالح مشركي قريش. فكيف يستبيح بعضنا اليوم الدعاء بالشر على غير المسلمين ؟

-       عدمُ الاستقامة مع الناس يحاسِبُ عليها الناس والله، أما عدمُ لاستقامة مع الله (تارك الصلاة) فلا يحاسِبُ عليها إلا الله يوم القيامة.

-       "من المستحيل، بل من الغباء، أن نريد فهم الله وتفسيره (...) بإمكاننا القول بأن حتى عجزنا عن إثبات وجود الله، يعزز مسألة الله (...)  لم يوجد ولن يوجد أي بحث علمي عن وجود الله لأن هذه البحوث تتعلق بأشياء والله ليس شيئًا خاضعًا للقياس. والحال أن وجود الله ونفي وجود الله، الاثنان لا ينتميان إلى حقول العلم والعقلانية والموضوعية، أي إلى الوجود الموضوعي الذي يمكن البرهنة عليه". (شهادة جان لوك ماريون، فيلسوف وعضو الأكاديمية الفرنسية، مسيحي "كاثوليكي مقتنع" وأخصائي عالمي في ديكارت. المصدر: ج. ل. ماريون، جريدة لوبوان، جويلية 2012).

-       الأعياد الدينية عطل رسمية. شهر رمضان كل أيامه أعياد فلماذا لا يكون عطلتنا السنوية لنتفرغ للعبادة. مقاربة معاكسة: العمل عبادة أيضا.

-       يا مَن تطلبون منه النصر وزوال الفقر، لم ينصركم ولم يغنكم. أتدرون لماذا ؟ لأنكم تخشون الناس ولا تخشونه، تعبدون القرش ولا تعبدونه. إنه غفور رحيم !

-       لماذا نشترط في الأستاذ أن يكون مجازا في اختصاصه ولا نشترط في إمام الجمعة نفس الشيء. هل دور الإمام أقل أهمية تربويا من دور الأستاذ ؟

-       يبدو أن أغلبية أئمة الجمعة ليس لهم دراية معمقة بالتفكير الإسلامي والفلسفة عموما والإمام مدرسة لو أعددته أعددت شعبا وسطا غير متطرف.

-       إمام الجمعة رسول، رسول لا ينزل الوحي عليه من السماء بل يأتي من التكوين الجامعي أساسا ومن التكوين الذاتي. إذا وظفته قتلت الرسالة فيه.

-       موعظةٌ جميلة سمعتها في قطار تونس-حمام الشط من شاب سلفي: "أن ترافق محتاجَا وتساعده في قضاء حاجته خير من قضاء شهر اعتكاف في مسجد". تعليقي: وصفُ الحديث بعبارة "موعظةٌ جميلة" لا ينقص من قيمته كحديث بل يزيد.

-       نتباهى بإسلامٍ ليس فينا، عن المعاملات أتحدث وليس العبادات. معاملاتكم العادلة نحن نحتاجها وعباداتكم قد تنفعكم لكنها لن تنفعنا والله الغني "وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى".

-       نقول عن أنفسنا أننا مسلمون مؤمنون ! ليس إيمانًا الإيمان الذي لا يشكم الغرائز ويهذب النفس وينقّي الضمير ويحث على فعل الخير مع الغير.

-       للإيمان مهمتان أساسيتان: الرضا بالقدر حلوه ومره والجعل من الضعف قوة فاعلة. نحن المسلمون وقفنا عند الأولى وهي مهمة لكنها ليست فاعلة.

-       ثلاث لا نطبق منها إلا اثنتين (1و2): 1. خشية الله. 2. الصلاة. 3. فعل الخير تطوعا لخدمة الآخر مهما كان فكر هذا الآخر أو دينه أو عرقه.

-       "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير"(التغابن، 2): وهذا دليل على أن التكفير لا يعلمه إلا الله ولا يعلمه البشر.

-       أيها المسلم التونسي ليس فضلا منك أن تعتبر كل التونسيين مسلمين بل هو أمر لأن الذي خلقك وخلقهم سماهم مسلمين حتى ولو كانوا غير مؤمنين.

-       قل لله الشفاعةُ جميعًا" (الزمر:44): حق اختص به الله وهو أرحم الراحمين، ولا يحق لنبي أن يشفع لأمته إلا بإذنه سبحانه. د. مصطفى محمود

-       "اعملْ ما يعجبك وصلِّ على اللّـيشفعلك" (مثَل شعبي): لا يكفي أن نقول لا إله إلا الله ونعوّل على شفاعة النبي" د. مصطفى محمود

-       "روح الاتكالية عند المسلمين فظيعة: عايشين على همّة الغربيين واكتشافاتهم. نركب سيارات ونعالج بأدوية هم صنعوها" د. مصطفى محمود

-       يبدو لي أنه لا يحق لنا كمسلمين أن نقول "آمنّا" إلا إذا وصلَ حرصُنا على نظافة مؤسساتنا التربوية إلى مستوى حرصِنا على نظافة جوامعنا.

-       يشيّدون بيوتا لله في السعودية وفي العالم أجمع ويهدمون بيوتا للبشر في اليمن وسوريا وليبيا. الخالق لا يحتاج لكم فارفعوا أيديكم عن مخلوقاته !

 


محتويات جدارياتي الفيسبوكية حول الأخلاق

(جمعتها خلال قراءات دامت سنوات 2012-2024)

 


-        

-        

-       مصطفى الحافي أستاذ الفيزياء وشكري بالرحال أستاذ رياضيات، لن أوفيهما حقيهما مهما شكرتهما على ما قدماه لابني من دروس مجانية طيلة 4 سنوات.

-       أطالب بقضاء قريب من المواطن، قاضٍ في كل قرية، قاضٍ يعرف واقع المتقاضين قبل أن يقرأ ملفاتهم، قاضٍ نمنحه صكًّا على بياض درءًا لضعفه.

-       اعتذار رسمي: في بعض ساعات الغضب أرمي التهم جزافًا على بعض السياسيين أو الإعلاميين أو المثقفين. أعبّر على ندمي وأعتذر إليهم جميعا.

-       أفضلُ نعمةٍ في الوجود ليس المالُ ولا الجمال ولا الصحة ولا العلم بل القناعةُ والرضا بالقليل. حكمةٌ كنتُ أسخرُ من قائلها حتى عشتُها.

-       على كل تونسي يحب لأخيه التونسي ما يحب لنفسه، ومرتبه الشهري يزيد على ثلاثة آلاف دينار، أن يتنازل عن الخمس لانتداب واحد عاطل عن العمل.

-       أقول: أحب. أحب الناس الكل. أقولها وأزرعها على الشرفات. أقولها وأثنّيها ولستُ واهمًا فيها. أقولها وأمر ولا أنتظر جزاء من ستفيديها.

-       الاحترامُ هو الاسمُ الآخرُ للحبِّ.

-       الأخلاق الإسلامية، ندرّسها يوميا في جوامعنا ومدارسنا، لا نمارسها في حياتنا، لا جهرا ولا سرّا. ما أذكانا، شوّشْنا أذهانَ أبنائنا. هل يسمعوننا أم يقلدوننا ؟

-       الأخلاق الحميدة كونية أو لا تكون وتتناقض تماما مع أي نوع من التعصب لدين أو وطن أو عرق أو قومية أو إيديولوجية أو حزب أو نقابة، إلخ.

 

-       الأخلاق سلوك يمارس وليست معرفة تدرس. قال عمر: "انصحوا الناس بصمت". قالوا: "كيف يا عمر؟" قال: "بأخلاقكم (أي بسلوككم لا بوعظكم وإرشادكم)".

-       الأخلاق عند الفيلسوف كانط: يكفي أن يكون الدافع إلى فِعل أخلاقي له علاقة بتحقيق مصلحة ما حتى تسقط الأخلاق من العلياء إلى الحضيض. J-P D

-       الأغنياءُ المسلمونَ الفاسدونَ يتصورونَ أنهم يطهّرونَ أموالَهم الحرامْ بالزكاةِ والصدقةِ. واهمونَ ! مواطن العالَم

-       الأم مدرسة لأبنائها إذا أعددتها أو لم تعدّها والدليل أم الحيوان. والأم لا تقل لها أف ولا تنهرها حتى لو كانت بائعة هوى على الطرقات.

-       الأمر بالمعروف قد يكون بصمتٍ وليس بالوعظ والإرشاد، يكون بالتطوّع لخدمة الغير ولوجه الله ولكم في "جمعية إيثار" بجمنة أسوةٌ ونموذجٌ.

-       نعيش في عالم أصبحت فيه الانتهازية والعدوانية والأنانية من الصفات المحمودة، عالم هُمِّشَ فيه الصدق والإخلاص والإيثار والواجب.

-       الإنسان ليس خيّرًا بطبعه وليس شريرًا بطبعه: حقيقة ذكرها القرآن (فألهمها فجورها وتقواها) وأكّدها الآدِآن (ADN).

-       التعصّب لفكرة أو دين أو وطن، لا تُليّنه النقاشات المختزلة في المقاهي بل تزيده صلابة. تُهذّبه المطالعة الحرة والمكثفة بلغة أجنبية.

-       "التعليمُ رسالة وليس وظيفةً" و"أحلام اليوم هي حقائق الغد": شعاران مهمّان أرجو كتابتهما على جدران كل مدارسنا من الروضة إلى الجامعة.

-       توضيح حول شعار التعليم رسالة وليس وظيفة رسالة علمية وليست دينية أي أن يحب المدرس عمله رغم سوء الظروف ويرغّب التلميذ في تعلم العلم.

-       توضيح حول شعار "أحلام اليوم هي حقائق الغد" يكفي أن تنظر إلى تجربة كوريا الجنوبية، فبفضل استثمارها في التعليم، نهضت في عشريتين فقط.

-       حجاب المرأة المسلمة المعاصرة قد يُنبِئ عن التزام ديني وقد يحجب عنا عدم التزام ديني.

-       "الدين النصيحة". النصيحة بصمت كما قال عمر بن الخطاب أي بسلوكك الحسن لا بتكفير المسلم لمجرد أنه نقل لك فكرة مخالفة للسائد. اتقوا الله !

-       الرأسمالية سلعنت كل القِيم وشوهت كل المهن: الحِرَفي فقد فنه والمدرس رسالته والطبيب إنسانيته والواعظ الديني لم يعد ينصح لوجه الله !

-       الصدقُ مع الآخرين عادة ما يجلب لك عكس ما كنت تنتظر من الآخرين، لكنه مريح للضمير (استنتاج شخصي غير قابل للتعميم وغير قابل للتكذيب).

- العلم (la Science) لم يُدمّر الروحَ فقط، بل دمّر الجو والأرض والبحر والكائنات الحية (في 30 عاما، انقرض  80% من الحشرات و60% من الفقريات).

- حبيب بن جميدة، فيلسوف حمام الشط قال: "الفضيلة هي عنوان الإنسانية مثل الصدق، الأمانة. الشجاعة عند اليونان هي أم الفضائل. وأنا أقول: الرأسمالية مقبرة الفضائل ! ".

- القناعة ليست عجزًا ولا استقالة. القناعة هي صبرٌ وفعلٌ وبسالة. قد تبدو للآخرين قيدًا وهي في الواقع تحرر من رغبات نفسٍ للجشعِ ميالة.

- القِيم السَمحة في الإسلام، أكيد 100% سمحة، لكنها بقيت معلّقة في السماء من حيث أتت، ولم نر لها أثرا في مجتمعنا التونسي إلا نادرًا  !

- المتدين الذي لم يُربّه دينُه ليس متدينا أصلا ! واليساري الذي لم تُربّه يساريتُه ليس يساريا أصلا ! أنهلُ من النبعَين ولا أرى مانعًا.

- العرب يدّعون أنهم أكثر الناس خشية لله و أن الغربيين أقل خشية لله. الله أغدق على الغربيين وحرَم العرب لأن الخشية الصادقة لا يقدّرها إلا هو !

- الناس لا يولدون أحرارا. الحرية لا تورث بل تكتسب. والدليل نولد ولنا انتماءات قد تساعدنا أو تكبلنا (دين،مستوى اجتماعي،إلخ. (M.Onfray)

- النصيحة الصادقة كطِيب العطر، تنطلق منك دون أن تعرف مرساها وتصل لغيرك دون أن يعرف مأتاها. لا تمنح الناصح امتيازا ولا تحرج المنصوح.

- إنسانية الإنسان تقاس بمقياس واحد أحد لا غير، ألا وهو عمل الخير أي التطوع الإرادي والمجاني لخدمة الغير. لا تقاس بالدين أو الثقافة أو الوظيفة.

- أيها المسلمون، وأنا منكم وإليكم، كُفّوا عن التباهي بما ليس من صنعكم! القرآن الكريم. كونوا أهلا لحمل رسالته، رسالة لا تخصكم وحدكم

- من يتباهى بالقرآن كمن يتباهى بدواء ليس من صنع بلده لمجرد أنه شرب فشفاه. اعمل خيرا في الناس فسيرى الله عملك والناس.

- "كنتم خيرَ أمة أخرِجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهَون عن المنكر" هل عمل المسلمون المعاصرون بالمعروف داخل دولهم وبينها حتى يأمروا به غيرهم !

- "كنتم خيرَ أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" وهل ترك العرب منكرًا لم يأتوه (خذلان غزة) حتى يعطوا دروسًا لغيرهم  !

-       تعريف قرآني لمواطن العالم: هو الثقافة ضد الطبيعة، هو المواطن الذي يجاهد جهادا أكبر ضد نفسه التي جُبلت على التعصب لقوميته ضد الغير.

-       "رمضان كريم"، لكننا نحن لسنا كرماء بالكلمة الطيبة ورمضان لن يغيّرنا ما دمنا لم نغيّر أنفسنا. "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسَّاها".

-       رولان بارتس قال: اللغة=فاشية لأن "الفاشية لا تتمثل في منعنا من الكلام بل تتجسم في إجبارنا على الكلام" مثال: الجدل حول أخبار تافهة !

-       شيوعي، إسلامي، قومي، دستوري، مسلم، يهودي، مسيحي، بهائي، لاأدري، ملحد، متساوون بالنسبة لي أنا، كلهم كأسنان المشط على شرط أن يكونوا غانديي الهوى.

-       عادة ما نرى المصلين نظيفين لطفاء في صلاة الجمعة. أتمنى أن أراهم على هذه الحالة طيلة أيام الأسبوع خاصة في الشارع بعد العمل.

-       نعيش اليوم عصرا تسود فيه المساواة الشكلية لا الحقيقية.
المحامون هم فرسان هذا العصر الأغبر واليساريون حراس جمعيات المساواة الشكلية.

-       الأمم المتحدة تصنّف الشعوب إلى سعيدة وأقل سعادة، على أساس الناتج المحلي الإجمالي (PIB) ونِسب التمدرس. معيار كمّي وهمي. السعادة لا تقاس ! 

(Source d’inspiration : Evaluation mal-faisante qui morcelle ou évaluation bien-faisante créatrice de liens ? Marie-Françoise Bonicel. in Apprendre par l’erreur, sous la coordination de Maridjo Graner et André Giordan, Ecole changer de cap (Article traduit en arabe par Mohamed Kochkar, docteur en didactique de la biologie, UCBL1, 2007.)

-       غالبا ما أبدأ الناس بالتحية والتودد لهم، وغالبا ما يُعتبَرُ تَوددي ضعفا في الشخصية ولا يرونه لياقة وأدبا. ما أقسى العيش في المدن  !

-       "فمَن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره" حسب اعتقادي، المقصود بالعمل في القرآن ليس (le travail) بل هو التطوع لفائدة الآخرين (le bénévolat).

-       في كل الأديان، ليس مؤمنا من لا يحول إيمانه إلى عمل الخير يتطوع لخدمة الغير مجانا عند المقدرة البدنية أو المالية أو العلمية.

-       مجتمعنا هل غلب عليه الجشع أو التطوع ؟ في مجتمعنا "الليكيد" (Zygmunt Bauman)  ذاب كل "سوليد": تخنّث فيه الرجال، تخلينا عن قِيمنا والتقاليد. لم يبق فيه "سوليد" إلا الفساد على كل صعيد !

-       قال لي أحدهم: فلان شتمك في غيابك. فقلت له: هو رماني بسهم ولم يصبني فلماذا حملت أنت السهم وغرسته في قلبي" (منقول عن Tawfik Ichbeh  )

-       قبل عصر التعليم الممنهَج والعمومي المعمَّم، كانت مسؤولية تربية الأبناء تعود إلى الوالدَين (علاقة حب متبادَل) وكان قليل منهم يتمردون عل سلطة أوليائهم. جاءت الدولة الحديثة فأخذت على عاتقها تربية الأطفال (علاقة كُره متبادَل) فأصبح كثير منهم يتمردون عل سلطة أوليائهم وعلى سلطة الدولة.

ربي قال "وبالوالدين إحسانًا" ولم يقل "وبالدولة إحسانًا" !

-       « Le Coran mecquois est la morale d’une secte. Le Coran médinois est la morale d’une religion et la religion est une secte réussie » Michel Onfray

ترجمة طريفة للحديث "إذا عصيتم فاستتروا":

« Ils ne veulent pas que les hommes se livrent pendant le jour à certains plaisirs, et ils prescrivent de les couvrir des ombres de la nuit, de peur que la vue, en imprimant dans l’âme des images très vives, n’en excite trop souvent le désir ». Source : Michel Onfray, L’Invention du plaisir, biblio-essais, 2002, p. 248.

-       Les  occidentaux nous accusent d’être anti-juifs (on a une raison). Je les accuse d’être anti-non occidentaux (ils n’ont pas de raison).

-       Ta manière de voir pourrait être différente de la mienne, mais ton estime de soi ne pourra jamais être supérieur au mien donc respect mutuel.

-       L'homme a été sélectionné naturellement pour être solidaire à l’intérieur du groupe, hostile aux autres groupes. (Ma source d’inspiration : Génétique du péché originel. Le poids du passé sur l`avenir de la vie. Christian de Duve (Prix Nobel de médecine 1974, biologiste-moraliste), Editions Poches Odile Jacob, Paris, 2017, 240 pages).


 

محتويات جدارياتي الفيسبوكية حول  الفساد

(جمعتها خلال قراءات دامت سنوات 2012-2024)

 


 

-       والجشع هو أيضا نوع من الفساد والغريب أن المجتمع لا يصنفه كذلك لكثرة ما تعود عليه، هو فساد هيكلي قيمي أخلاقي يرتكبه الشعب ضد الشعب.

-       والأدهى وأمر أن الجشع هو نوع من الفساد الزئبقي لا يقدر على مقاومته سعيّد ولا القضاء. يقاوَم بالضمير والتعليم والفنون والفلسفة والجمال.

-       الفساد مرض مزمن يصيب كل البشر ولا علاج له سوى التربية والتعليم. دينيا: هو الفجور الذي ألهمه الله في النفس. علميا: هو غريزة وراثية.

-       الفساد مرض مزمن يصيب كل البشر ولا علاج له سوى التربية والتعليم. دينيا: هو الفجور الذي ألهمه الله في النفس. علميا: هو غريزة وراثية.

-       غربالُ الفسادِ في بلادِي، غربالٌ انتقائي (sélectif) لكنه غربالٌ عجيب، ثقبه تمسك السمك الصغير وتترك الحوت الكبير يمرّ !

-       منذ سقوط منوال التنمية الشيوعي سنة 1989، المنوال الوحيد المنافس للرأسمالية كثُر الحديث على مكافحة الفساد، حيلة لتغطية الفساد نفسه!

-       يبدو أن تعديل التمييز الجهوي للساحل(قبل الثورة) لا يجب أن يكون بالتمييز الإيجابي للداخل(بعد الثورة) بل بعدم التمييز مستقبلاً بين ساحل وداخل. 

-       الفسادُ حاصرني، كدّر حياتي ولم أجدْ إلا الصمود السلبيّ له حلاًّ. كلما رفعوا اللأسعارَ، خفضتُ النفقات مكرهًا ولم أخفضْ له الجناحَا.

-       القضاء مستقل في العالم عموماً، أي مستقل عن الضمير والعدل والحق والحقيقة، وخاصة عن  الفقراء والضعفاء، منحازٌ إلى الأغنياء والأقوياء.

-       "زُوزْ كْباشْ في مَعْلَفْ، واحد يسْمَنْ واحد يَضْعَفْ": هما بلا شك القطاع الموازي المافيوزي (الفساد) والقطاع العمومي في تونس.

 


 

محتويات جدارياتي الفيسبوكية حول الإرهاب

(جمعتها خلال قراءات دامت سنوات 2012-2024)

أعرّف الإرهاب حسب اجتهادي المتواضع: هو قتل أو جرح أو ترويع مدنيين عُزّل من السلاح لأسباب إيديولوجية أو دينية أو عنصرية سواء قام به فرد أو مجموعة أو منظمة أو دولة.

الإرهابُ هو تقنيةُ صناعة الرعب التي يستعملها القوي (الدول) والضعيف (حركات المقاومة) من أجل الحصول على تغيير سريع في موازين القوَى.

« La meilleure arme de destruction massive contre le terrorisme islamique est le Partage économique entre le Nord et le Sud » François Burgat

ما هو أفتَك سلاح ضد الإرهاب الغربي (حكومات، طائرات، ضحايا بالملايين) والإسلامي (جماعات، حزام ناسف، ضحايا بالآلاف)؟ العدل.

François Burgat

Pour déradicaliser les terroristes repentis, il vaut mieux

« Restaurer le pouvoir des neurones chez les extrémistes aux dépens de celui des hormones ».

تعريفٌ قرآنيٌّ للإرهاب: "‏مَن قتل نفسًا بغير نفسٍ أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومَن أحياها فكأنما أحيا النَاس جميعًا".

 

عندما أنقل رأي مفكرٍ، لايعني أنني أتبناه ولا يعني أيضًا أنني لا أتبناه. أنقل عنه لأنه مختص في موضوع أنا لست مختصا فيه.

 

 


 

-       Le terrorisme islamique : L`occident islamophobe récolte localement ce qu`il a semé internationalement: 4 millions de morts musulmans depuis 1991. Michel Onfray

-       أيها الغربيون: نحن المسلمون تعايشنا مع اليهود في سلام طيلة قرون واليوم نعادي اليهود الصهاينة لأنهم اغتصبوا أرضنا أما انتم فأحرقتموهم عنصرية.

-       رأيي: أنا أدين الإرهاب ولا أصنفه مهما كان دين فاعله ومهما كان دين الضحية وأتعاطف مع الضحية المدنية مهما كان دينها أو جنسيتها

-       أنا أدين اللاسامية العنصرية (antisémitisme) ولا أصنفها ولا أقيسها وأتعاطف مع اليهودي المدني الأعزل المسالم ضحيتها مهما كانت جنسيته.

-       لماذا ينتحر الإرهابي الإسلامي؟ لأنه يرى في استشهاده أقصر الطرق وأيسرها للوصول للجنة دون عناء الصلاة والصيام سنينًا. (Olivier Roy)

- J-P. Chevènement: « L’islam des lumières » (J. Berque).

E. Zemmour: « C’est un oxymore ».

J-P. Chevènement: Les mutazilites. Tv CNEWS

-       إرهابنا cru وإرهابهم cuit على الكانون. إرهابهم action وإرهابنا réaction. إرهابنا des loups solitaires وإرهابهم une meute de loups.

-       الإرهابُ هو تقنيةُ صِناعةِ الخوفِ التي يَستعملُها الضعيفُ في مجابهةِ القويِّ من أجلِ الحُصولِ على تغييرٍ سريعٍ في موازينِ القُوَى.

-       ضحايا إرهاب الأنظمة الدكتاتورية (هتلر، ستالين، ماو، بولبوت، فرنكو) أكثر بكثير من ضحايا إرهاب بعض المنظمات الإسلامية (قاعدة، داعش).

-       ضحايا إرهاب الجيوش النظامية للدول الغربية الديمقراطية أكثر بكثير من ضحايا إرهاب بعض المنظمات الإسلامية (القاعدة، داعش).

-       ضحايا إرهاب التطهير العرقي (مسلمي البوسنة،هنود قارة أمريكا،روندا) أكثر بكثير من ضحايا إرهاب بعض المنظمات الإسلامية (القاعدة، داعش).

-       ضحايا إرهاب الجماعات الإجرامية لمهربي المخدرات في أمريكا اللاتينية أكثر بكثير من ضحايا إرهاب بعض المنظمات الإسلامية (القاعدة، داعش)

-       المقارنة بين إرهاب داعش وإرهاب الآخرين لا تعفي داعش من الإدانة "مَن قتل نفسًا بغير نفس، أو فساد في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعا".

-       الحكومات العربية تقول: "فشلنا في مقاومة الإرهاب كما فشلت الحكومات الغربية". هم باغتهم الإرهاب أما عندنا فباض وفرّخ وأسس دولة داعش.

-       القيم الإسلامية النبيلة مهددة بالانقراض: الحركات الإسلامية المسلحة تدفعها إلى حتفها دفعا. حضارتنا كانت عربة قاطرة فأصبحت مجرورة.

-       اللائكية الفرنسة تدّعي تحييد الدين وهي أصبحت شبه-دين تكفّر مَن ينتقدها مِن اليساريين المدافعين عن المسلمين الفرنسيين.

 

 

-       سنة 2016، أنشأت فرنسا مركزا لاستئصال التطرف من أدمغة الشباب السلفي الفرنسي (déradicalisation). فشل وفرغ بعد 6 أشهر من افتتاحه.

-       في مركز استئصال التطرف من الشباب السلفي الفرنسي، كان المشاركون يمنعون من الصلاة في أوقاتها أو جماعة ولم يُهيأ لهم مسجدا. يصلون في غرفهم.

-       في مركز استئصال التطرف من أدمغة السلفيين الفرنسيين، الإدارة التسلطية أجبرت 10 مربين متعاطفين على الاستقالة متهمة إياهم بأنهم أصبحوا يفكرون مثل السلفيين.

-       في أمريكا لا يحق للشرطة أن تفتش البوبال أمام المنزل إلا بإذن قضائي. ودون إذن، أمر أوباما باغتيال  2000 إسلامي بـالدرون خارج أمريكا.


إصداراتي خلال الفترة الممتدة من سنة 2010 إلى سنة 2024

 

ثمانيةُ كُتُبٍ من سنة 2010 إلى سنة 2023:

  1. Enseigner des valeurs ou des connaissances? L’épigenèse cérébrale ou le "tout génétique" ? Édition électronique, Presses Universitaires Européennes. (PUE), 2010, 386 pages. 

2. Le système éducatif au banc des accusés ! «Les professeurs ne comprennent pas que leurs élèves ne comprennent pas», Édition libre, Tunis 2016, 160 pages. Ce livre a été traduit en 2022 en 7 langues occidentales par la maison d’édition numérique « Presses Universitaires E

uropéennes (PUE) ».

3. جمنة وفخ العولمة، طبعة حرة، تونس 2016، 224 صفحة.

4. الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي - سَفَرٌ في الديداكتيك وعِشْرَةٌ مع التدريس (1956-2016)، طبعة حرة، تونس 2017 ، 488 صفحة.

5. حكايات طريفة، طبعة حرة، تونس 2021، 95 صفحة.

6. حدّث ميشيل سارّ قال...، طبعة حرة، تونس 2022، 110 صفحة.

7. مواقف وآراء حول الإسلام والمسلمين، دار علوي للنشر، تونس 2023، 350 صفحة.

8. حدّث ﭬاستون باشلار قال: "الأساتذة لا يفهمون أن تلامذتهم لا يفهمون !"، دار يس للنشر، تونس 2023، 285 صفحة.

9. حدّث أمين معلوف قال...، طبعة حُرّة، تونس 2024، 174 صفحة.

10. حدّثت جريدة "لوموند ديبلوماتيك" قالت... (النسخة الفرنسية 2019-2023) ، طبعة حُرّة، تونس 2024، 290 صفحة.

11. النقد هدّامٌ أو لا يكون. هدّامٌ للتصورات غير العلمية. 2024،  436 صفحة.


 


 


 

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire