dimanche 2 février 2025

Mon 6e livre : حدّث ميشيل سارّ قال

 



محمد كشكار، مواطن العالم، أصيل جمنة ولادة وتربية

 

 

 

 

 

حدّث ميشيل سارّ قال...

 

 

 

 

 

 


الإهداءُ:

-  إلى مشجعتي بالكلمة الطيبة على الكتابة والنشر مامية فزاني (زوجة صديقي رضا بركاتي)

إلى روح المرحوم شقيقي صالح كشكار

- إلى روح المرحوم صديقي الهادي صالح

- إلى روح المرحوم أستاذي ميشيل سارّ


أتوجه بالشكر الجزيل إلى عمر الجمني، الفنان الخطاط، على تصميم غلافات أربعة من كتبي الستة مجانًا.


فهرس الكتاب

حول تعريف الفيلسوف......................................................8

فيلسوفي المفضّل يصحح بعض المفاهيم....................................11

رأيٌ ضد السائد حول الإبستومولوجيا.......................................13

رأيٌ ضد السائد حول الكتاب الورقي والمكتبات العمومية ................19

رأيٌ ضد السائد حول تعريف اللغات الحية.................................20

 رأيٌ ضد السائد حول الثورة ...............................................21

 رأيٌ ضد السائد حول هيبة الجامعة........................................24

رأيٌ ضد السائد حول ثورة الحاسوب والأنترنات .........................25

رأيٌ ضد السائد حول الذاكرة................................................30

منقذ بريطانيا تقتله بريطانيا..................................................32

رأيٌ ضد السائد حول مقولة "الماضي كان أفضلَ"........................ 33

رأيٌ ضد السائد حول الهُوية الوطنية........................................38

رأيٌ ضد السائد حول المغترّين بقدرات الإنسان............................41

رأيٌ ضد السائد حول الثورة الصناعية..................................... 42

حول الجمالية..................................................................44

رأيٌ ضد السائد حول مفهوم العائلة..........................................45

 رأيٌ ضد السائد حول الفصل بين العلوم الصلبة والعلوم الإنسانية ؟......47

رأيٌ ضد السائد حول أول مَن حرّر المرأة................................. 49

حول الحب ...................................................................51

حول الميثولوجيا .............................................................52

آراء ضد السائد حول الإنسان والإنسانية ...................................60

أفكارٌ طريفةٌ حول تغيّرِ الإنسان الناتج عن تطور العلم.....................75

أفكارٌ ضد السائد، يبدو لي أنني الوحيدُ الذي يتبنّاها ويدافع عنها...........78

أسئلة كبرى....................................................................80

كنتُ أظنُّ.....................................................................103

خلاصة نشاطي الفكري بعد التقاعد (2012-2022)....................106

إنتاجي الفكري بداية من سنة 2010 إلى سنة 2022....................109

 

 

 

 

 

 

 

 


حول تعريف الفيلسوف

 

-        لا يجب أن نقول: "فيلسوف إسلامي او فيلسوف ماركسي". الصواب أن نقول: "فيلسوف" لا أكثر ولا أقل.

-        الفيلسوف، إذا كان ماركسيا فهو ليس فيلسوفًا، كذلك الديكارتي أو الإسلامي أو المسيحي. الفيلسوف هو من يبحث عن معنى للأشياء ولا تقوده أي أفكار مسبقة.

-        حول سبب تحوّل ميشيل سارّ من مجال الرياضيات إلى مجال الفلسفة: العلوم (الفيزياء) فقدت ثقة المجتمع فيها مذ حجب بريقَها بريقُ قنبلة هيروشيما عام 1945، وبسببها انتقل ميشيل سارّ من مجال الرياضيات إلى مجال الفلسفة.

-        مَن هم "المثقفون الكبار" ؟ الفلاسفة أم العلماء ؟

-        مَن غيّرَ ثقافة المجتمعات ونمط حياتهم في العالَم أجمع ؟ الفلاسفة أم العلماء ؟

-        هل غيّرها مَن يبحث في المخابر العلمية في الكيمياء والفيزياء والبيولوجيا والطب وعلم الوراثة، أم غيّرها مَن يبحث في المكاتب المغلقة والأرشيف في ما أنتجه البشرُ واكتشفه علماؤهم ؟

-        لا أرى في تونس أن مفكرينا الكبار، أمثال الطاهر بن عاشور، الطاهر الحداد، هشام جعيط، عبد المجيد الشرفي، عبد الوهاب بوحديبة، محمد الطالبي، أبو يعرب المرزوقي، حمادي بن جابلله وغيرهم، قد غيّروا ولو قليلا من نمط عيشِنا، وفي المقابل أرى واضحًا أن علماء غربيين كبار مثل فليمنڤ مكتشف البنسيلين، توران مخترع الحاسوب، زوكاربيرغ مصمم الفيسبوك وغيرهم، قد قلبوا نظام حياتنا اليومية وحياة العالمين رأسًا على عقب.

-        وهل لنا، نحن العرب، المقيمون في الدول العربية، فلاسفة وعلماء ؟

-        في ما يخص إنتاج العلماء الكبار منتجي المعرفة، فعالمنا العربي هبطت خصوبته منذ عشرة قرونٍ أو أكثرَ، أما فلاسفتنا وما أكثرهم فهم غالبًا ما تجدهم يجترّون ما ألّفه فلاسفة الغرب منذ خمسة وعشرين قرنًا، أي مند سقراط وأرسطو وأفلاطون.

-        أرجو أن لا تُحاجِجُونني بأسماء مثل أحمد زويل وفاروق الباز ومحمد أوسط العياري، فهم علماء غربيون، من أصلٍ ونشأةٍ عربية، اشتغلوا وبحثوا في مخابر غربية، ودرّسوا وكتبوا ونشروا بِلغاتٍ غربيةٍ، وأقاموا في دولٍ غربيةٍ أكثر مما أقاموا في دولهم الأصلية. المسألةُ إذن هي مسألةُ محيطٍ وليست مسألةَ عِرقٍ أو جنسيةٍ، كما عرفت البشرية في القديمِ علماء ينتمون إلى الحضارة العربية-الإسلامية وهم من أصلٍ فارسيٍّ مثل أبو علي الحسين ابن سينا وعمر الخيّام.

-        "الطريق المستقيم لا يقود عادة إلى الإبداع، لنكتشف يجب أن نحيد عنه قليلا يمينا أو يسارًا".

-        ما هو دور الفيلسوف ؟ المساعدة على توليد عالَم جديد. سقراط قال: "لا أريد أن أموت قبل أن أصبح قابلة !"

-        « Un philosophe n’est pas un spécialiste, c’est un généraliste »

 


فيلسوفي المفضّل يصحّح بعض المفاهيم

 

-        أغلب الناس يستعملون في نصوصهم كلمتَي "إنسان" و"إنسانيًّا"، مفردتان لا تعنيان شيئًا في الفلسفة ! قل لي عن أي إنسان تتحدث ؟

-        "عاملْ الناس بإنسانية": جملة لا معنى لها، قلْ لي عن أي إنسانية تتحدث قال الفيلسوف ميشيل سار. عن إنسانية غاندي أو بايدن أو بوتين ؟

-        التاريخ لا يسجّل عادة إلا أسماء المدن (أثينا، بغداد، القدس..) التي لا يسكنها إلا عُشر البشر، إذن نحن نجهل تاريخ 90% من البشر.

-        يبدو لي أن الأخلاق بُنيت على مناصرة الفقراء والضعفاء ولا مكان فيها لنصرة الأغنياء والأقوياء. لكن في الواقع، الأغنياء دومًا على الفقراء منتصرون !

-        في 1970 كان العنوان البريدي يتغير مع تغيير مكان الإقامة. اليوم أصبح العنوان الألكتروني ثابتًا حتى ولو غيرت إقامتك من دولة إلى أخرى.

-        في ظرف قرن تقريبا أضِيف إلى قاموس الأكاديمية الفرنسية للغة الفرنسية حولي 30 ألف كلمة خاصة في العلوم والتكنولوجيا.  يشيل سارّ، عضو الأكاديمية الفرنسية)

-        في العالم، يوجد ثلاثة أنواع من الحكام: ملك أو سياسي أو تكنوقراطي. (في تونس، حاكمنا ليس ملكا ولا سياسيا ولا تكنوقراطيا. حاكمنا موظف عند حاكم خفي)

-        الحرب: اثنان يتعاركان فوق رمالٍ متحركةٍ ! مَن ربح الحرب ؟ طالبان أم الأمريكان، اليمن أم السعودية...؟ ربما ربحها أو خسرها ثالثٌ أو رابعٌ مجهولان ! "الحرب العالمية" الأولى أو الثانية، يجب أن نسمّيهما "الحرب ضد العالم" وليس "الحرب العالمية" !

-        الدكتاتورية: إذا أردتَ أن تحتكر السلطة، اِبدأ بإفساد السلطة، كما الحيوان عندما يتبول في مكان في الغابة ليثبت ملكيته التامة لهذا المكان.

-        الأعمار بيد الله: "الكون = حوالي 15 مليار سنة. الأرض = حوالي 4 مليار سنة. الحياة = حوالي 3،8 مليار سنة. الإنسان = حوالي 4 مليون سنة. الإنسان العاقل = حوالي 300 ألف سنة".

 

 


رأيٌ ضد السائد حول الإبستومولوجيا

 

قال: "أتابع مقالاتك وأفهمها جيدًا إلا كلمة إبستمولوجيا"، جملة قالها لي في جمنة صديقي عبد المجيد بالحاج منذ سنوات. عبد المجيد فلاحٌ مثقفٌ. ثِقوا أنني لا أجامله بنعته بالمثقف والدليل على موضوعية كلامي تجدونه موثقًا بالصوت والصورة في وسائل الاتصال الاجتماعي التي أرّخت ملحمة  نشاطه البارز في الدفاع عن قضية جمنة "هنشير ستيل"، وهو أحد مؤسسي "جمعية حماية واحات جمنة" ورئيسها الحالي سنة 2022.

بعد مرور سنوات على هذه الجملة-الحادثة، سمعتُ الفيلسوف ميشيل سارّ على اليوتوب يقول الآتي: "أكثر الناس يجهلون معنى كلمة إبستمولوجيا. لكن المفارقة تكمن في أن أكثر الناس أصبحوا فعليًّا إبستمولوجيين، أي أصبح لهم رأيٌ ونقد حول المعرفة العلمية : جل الناس ينتقدون السلاح النووي والاحتباس الحراري والتلوث البيئي. جل الناس أصبحوا إبستومولوجيّين إذن حتى دون أن يشعروا هُمُ بذلك !

Tous les gens sont au courant de la vaccination anti-Covid-19 et ses opposants, les médicaments et leurs effets secondaires, la pollution et ses catastrophes sur le climat régional comme celle du Groupe Chimique de Gabès (GCT-ICM).

بعد سماع هذا الشرح لكلمة "إبستمولوجيا" على لسان الفيلسوف ميشيل سارّ، هاتفتُ مباشرة صديقي عبد المجيد، الفلاحٌ المثقفٌ، وقلتُ له: "ابشِرْ يا صديقي فقد أصبحتَ أنتَ نفسك "إبستمولوجيًّا" دون أن تشعر وهذا بشهادة عالِم الإبستمولوجيا نفسه الفيلسوف ميشيل سارّ". ضحك وقال: "لن أقول لك بعد اليوم أنني لا أفهم كلمة إبستمولوجيا !".

حسب الفيلسوف ميشيل سارّ إذن،  أصبح كل الناس أو جلهم على الأقل مثقفين وإبستمولوجيين لكنهم  "مثقفون وإبستمولوجيون في المهد" (des intellectuels et des épistémologues en herbe)، وذلك بفضل تكاثر وسائل التواصل الاجتماعي وتنوعها في القرن 21 (فيسبوك، تويتر، يوتوب، ﭬوﭬل، ويكيبيديا، إلخ.)، القرن 21 أصبح قرن انتشار المعرفة العلمية في العالم أجمع.  معرفة أصبحت اليوم في متناول كل من يطلبها، متعلّمٌ أو أمّي، مبصر أو بصير، غني أو فقير، كبيرٌ أو صغير، داخل أسوار الجامعة أو خارجها، في المدن أو في الأرياف.

ولشرح وجهة نظري أكثر حول المثقف والإبستمولوجي، أعطي بعض التعريفات المتنوّعة لكلمة "إبستمولوجيا" وكلمة "مثقف":

تعريفات متنوّعة لكلمة "المثقف":

-        المثقف يُعرَّف عندي بمدى إلمامه باختصاصه وبغير اختصاصه.

-        المثقّفُ هو المطَّلِع على ثقافاتٍ أخرى: الرسول صلى الله عليه وسلم كان أمّيًّا لكنه كان مثقّفًا، والأمة الإسلامية اليوم خليطٌ من الثقافات.

-        المثقفون نوعان، المنتج والمستهلك، النزيه والانتهازي، والصغير فيهم مثلي يرى بعيون الكبير فيهم مثل أمين معلوف وميشيل سارّ وهنري أتلان وميشيل أنفري وألبير جاكار.

-        السياسي والمثقف، الأول يبيع الأوهام والثاني يحطمها، واحد يمدح سلعته مهما كانت رديئة والآخر ينقد إنتاجه مهما كان جيدا. خطان متوازيان غالبًا ما لا يلتقيان ونادرًا ما يلتقيان.

-        السياسي والمثقف، الأول يتكلم لغة خشبية أو لا يكون، والثاني يتكلم لغة عقلانية أو لا يكون، واحدٌ يُغلّف الحقائق الموجعة والآخر يُعرّيها.

-        أعجبُ من مثقفٍ يُعجَبُ بسياسي مهما كان لون هذا السياسي.

-        ويلٌ للسياسي إن لم يَرْضَ عن نفسه، وويلٌ للمثقف إن رضي عن نفسه. السياسي يعيش في قلب المجتمع والمثقف على هامشه.

-        السياسي شر إذا فكر في مصلحته فقط وخير إذا فكر في مصلحته والمصلحة العامة. المثقف خير إذا فكّر في مصلحة الآخرين لا في مصلحته.

-        الفيلسوف سارتر، 1967: "يبقى الباحثُ يُسمى باحثا ما دام يساهم في تطوير العلم، يصبح مثقفًا حالَما إذا شرع في الايحتجاج ضد التوظيف السيء للعلم (أينشتاين نموذجٌ، باحث ثم مثقف)".

-        مات المثقف الذي يدّعي أنه يفكر للآخرين. مات النائب الذي يدّعي أنه يمثل ناخبيه. كل إنسان حر، عليه أن يفكر بنفسه ولا يمثل إلا نفسه متفاعلاً إيجابيًّا مع الآخرين.

-        مالك بن نبي عرّف الثقافة بأنها ما يميّز أمّة عن أخرى، وذلك تمييزا عن العلم: داخل العيادة، طبيب مسلم أو غير مسلم، لا فرق، لكن خارجها هنالك فروقٌ ثقافية كبيرة ؟

-        أعجب من مثقفين حداثيين تونسيين يجهلون تاريخ الإسلام ويحفظون تاريخ المسيحية، يحقّرون لغتهم ويمجدون الفرنسية، يزدرون تقاليدهم ويقلدون الغربيين.

-        بفضل التعليم الانفصالي، أصبحت نخبة العالَم مقسّمةً بين "مثقفين جهلة بالعلم" (خرّيجو كليات العلوم الإنسانية والفلسفة والقانون، هُمُ حُكّام العالَم) و"علماء غير مثقفين" (خرّيجو كليات العلوم الصلبة، "الصحيحة" والتجريبية، هُمُ مغيّرو العالَم) !

-                 من الكبائر التي يرتكبها المثقف، مساندته للسلطة ! - - المثقف عرّفه عرّفه جان بول سارتر: "يعيش على هامش المجتمع أو لا يكون" وعرّفه ميشيل سارّ: "يكون ضد الرأي العام (opinions) أو لا يكون !".

-        المثقف، أعرّفه أنا: "لا يعجبه العجب ولا حتى الصيام في رجب، لا لأنه عنيد بل لأنه يتمتع بذهن ناقدٍ، ثاقبٍ، واستشرافي ويَطمح دومًا إلى الأفضل.".

-        واهمٌ، المثقف الذي يعتقد جازمًا أن إيديولوجيته -ماركسية كانت أو قومية أو إسلامية- قادرة على الإجابة عن كل تساؤلاته. أكيد يحتاج إلى غيرها. المثقفُ الذي يقرأ لإيديولوجية واحدة، كالفلاح الذي يزرع كل عام نفس النوع في نفس الأرض. الثاني يُفقِّرُ أرضَه، والأول يُفقّرُ عقله !

-        المثقف هو شخصٌ نزيه (désintéressé) أو لا يكون، أي لا يخدم أجندة على حساب أخرى، ولا يدّعي أنه جاء ليثقف الآخرين بل جاء ليتعلم من تجاربهم. مَثَلُه كمثل مَن يعشق امرأة مستحيلة المنال، يضحّي من أجل إرضائها بِجد وإخلاص دون طمع منها في جزاء أو شكور.وهو الذي يعتبر غير المثقفين مشاريع مثقفين أو مثقفين بالقوة (des intellectuels en puissance) ويحسن الظن بهم ويخاطبهم كمثقفين ولا ييأس منهم. هو الذي لا يَردّ على الشتيمة بشتيمة مماثلة، تجنبا للعنف اللفظي. هو الذي يحرص على عدم المساس بشعور محاوره دون التخلي عن جوهر الخلاف العلمي. المثقف يجامل والعلم لا يجاملُ.

-        المثقف هو الذي يَعرِف أن لا وجود لفكرة صائبة 100% وأخرى خاطئة 100% فلا يطلب إذن من مخالفه التخلي عن فكرته بل يدعوه إلى تجريبِ مقاربة أخرى.

-        لا وجود لمثقف عابر للمكان والزمان، هو ابن بيئته أو لا يكون، والمُنبتّ لا يمكن أن يكون مثقفًا.

-        المثقفون صنفان، الكبار (أمين معلوف، جيلبير النقاش، ميشيل أونفري، إلخ.) والصغار، منتجون ومستهلكون. الصنف الأول يرى العالَم بـ"جومال" (نظارات مكبّرات) والصنف الثانٍ يرى العالَم بعيونِ الصنف الأول  !

-        أنا ملتزم بالثقافة   فهي الوسيلة الوحيدة القادرة على ما لم يقدر عليه داروين، ألا وهو تحويل الحيوان فينا إلى إنسان.

-        إنما الأمم المثقفون ما بَقُوا، فإن هُمُ  ذهبوا ذهبت. في تونس ذهب المثقفون إلى وجهتين، الانتهازيون في الواجهة والنزهاء مهمَّشون.

-        L’Intellectuel, c’est une création du XIXe siècle qui disparaîtra à la fin du XXe ou du XXXe parce qu’il est fait pour disparaître. L’homme qui pense pour les autres, cela n’a pas de sens. Tout homme qui est libre ne doit être commandé par personne que par lui-même (Le philosophe français jean-Paul Sartre).

تعريفات متنوّعة لكلمة "إبستمولوجيا":

-        الإبستومولوجيا (نقد المعرفة أو معرفة المعرفة أو فلسفة العلوم أو تاريخ العلوم): معناها أن تخرج من جلدك وترى جلدك من الخارج بواسطة مكبّر اسمه النقد، ونقد المعرفة يحتاج إلى معرفة معمّقة.

-        "النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ "، هدّامٌ للتصورات غير العلمية والخرافات والأساطير. قرار عدد 1 في الإصلاح التربوي الموعود: "إدراج تدريس الإبستومولوجيا في كل الجامعات وفي كل شعب العلوم الصحيحة والتجريبية والإنسانية".

ملاحظة عابرة: من المفروض أن لا يُنتدَبَ في التعليم الثانوي والعالي أي أستاذ علوم لم يدرُسْ أكاديميّاً إبستمولوجيا اختصاصه. لماذا ؟ دون إبستمولوجيا، "لن يفهم الأستاذ لماذا تلامذته لا يفهمون"، كما قال ﭬاستون باشلار (الإبستمولوجي الفرنسي العظيم، صاحب المفهوم-المفتاح المسمَّى "القطيعة الإبستمولوجية"). لو طُبِّقَ هذا الشرط سنة 1974 (تاريخ انتدابي أنا كأستاذ علوم الحياة والأرض)، لَما انتُدِبتُ أنا نفسي، لأنني درّست 24 سنة دون معرفة إبستمولوجيا اختصاصي، لم أدرُسها أكاديميّاً إلا سنة 1998، تاريخ تسجيلي بالجامعة مرحلة ثالثة سنة أولى دراسات معمقة

(La didactique a failli s’appeler épistémologie de l’enseignement et j’aurais aimé qu’elle s’appelle ainsi).
رأيٌ ضد السائد
حول الكتاب الورقي والمكتبات العمومية

 

مهبولٌ مَن يبني اليوم مكتبةً عموميةً للأجيالِ القادمةِ ويملؤها بعشراتِ الكتب ومن من كل كتابٍ نسخة أو أكثر ! مَثَلُه كمَثلِ مَن يفتحُ "تاكسيفون" في زمن انتشارِ "البورتابل" !

ضحك الفيلسوف الفرنسي ميشيل سارّ (2001) من المشروع الفرعوني للرئيس فرانسوا ميتران المتمثل في تشييد "المكتبة الكبرى"  في باريس (La Grande Bibliothèque)، وقال عنه: "إنه مشروعٌ ضخمٌ، مُكلِفٌ، عبثيٌّ وغير مفيدٍ. صانعو القرار المتشبّهون بالفراعنة، الذين، وَرَغمَ فقرِ الشعبِ،  يبدّدون أموالَ دافِعِي الضرائِبِ في ما لا ولن ينفع أولادَ دافِعِي الضرائِبِ"، ثم أضاف: "لماذا نوزعُ على مكتباتِ العالَم ملايينَ النسخِ الورقيةِ من كتابٍ واحدٍ ونُجمِّعُها في الرفوفِ ولا يقرؤها أحدٌ من جيلِ المستقبلِ، ونسخةٌ رقميةٌ واحدةٌ منه على الأنترنات تكفي لمليار قارئ محتملٍ في جميع أنحاء الأرض، المعمورةِ منها والمهجورةِ ؟".

 


رأيٌ ضد السائد حول تعريف اللغات الحية

 

-        "ماذا تعني كلمة لغة ؟ اللغة تتبع الحب أكثر من الاقتصاد. هي الشيء الذي يقول كل شيء. تموت اللغة عندما تعجز عن قول كل شيء". ولغتنا ؟ (ميشيل سارّ هو المتحدّث بلغته الفرنسية)

-        "بين إصدار 1935 وإصدار 1992 (9e édition) اغتنى قاموس الأكاديمية الفرنسية بـ 30حوالي ألف كلمة جديدة جلها علمية وتكنولوجية". وقاموسنا العربي بكم كلمة اغتنى منذ 14 قرنًا ؟

-        "اللغة الحية هي اللغة التي تستطيع أن تقول كل شيء في كل المجالات المعاصرة". هل لغتنا الفصحى تستطيع ذلك ؟ ذنبُنا وليس ذنبَها  !

-        "اللغة الحية هي اللغة التي تستطيع أن تقول ما لا تستطيع أن تقوله اليوم، أي تستطيع أن تخلق وترتجل وتستنبط كلمات ومعاني جديدة" "اللغة الحية كاليد البشرية تستطيع أن تقوم بكل الحركات المعروفة (كَتَبَ، أشارَ، مَسَّدَ، إلخ) ولها قدرة كامنة واستعداد للقيام بحركات لا نعرفها اليوم".

-        "اللغة الحية، تُعَرَّفُ بقدرتها على الفعل في المستقبل، لا بما تفعله في الحاضر" (« La langue n’est pas, elle peut »).

 

 

 


رأيٌ ضد السائد حول الثورة

 

-        أول ثورة، ثورة الكتابة (حوالي ثلاثة آلاف سنة أو أكثر قبل ميلاد المسيح عليه السلام). منتجاتُها: المدينة، القانون، الدولة، الحضارات، الأنبياء، الديانات الكتابية التوحيدية، البيداغوجيا، العلوم المجرّدة، العُملة.

-        ثاني ثورة، ثورة الطباعة (1500 عام بعد ميلاد المسيح عليه السلام). منتجاتُها: التجارة العالمية، البنوك، الصكوك، الرأسمالية، العلوم التجريبية، الديمقراطية، أزمة الدين (البروتستانتية: لا للبابا ولكل إنجيله المطبوع)، طباعة الكتب المقدسة ونشرها في كل أنحاء العالم وقراءتها من قِبل أكبر عدد من الناس العاديين زيادة على رجال الدين والمختصين (القرآن والأناجيل والتورات).

-        ثالث ثورة، ثورة الحاسوب في القرن 20. منتجاتُها: فضاء آخر بمعاييرَ جديدةٍ، ثورة المعلومات، تعميم العولمة، العُملة الافتراضية، أزمة عِلم وتعليم ودين.

-        ما يُسَمَّى بـ"ثورة ماي 68"، هي "مَدٌّ ثوريٌّ دون ثورةٍ"، توصيفٌ كتبه ميشيل سارّ، أراهُ ينطبقُ أيضًا على "ثورة 17-14" التونسية: حَدَثٌ استعصَى حتى اليوم على فهمِ المؤرخينَ. حدثٌ انبثق من قلبِ المجتمعِ، انفجرَ فجأةً ودون مقدِّماتٍ منطقيةٍ، لم يسبقه جدلٌ ولم يهيئ له أي نوعٍ من الصراعاتِ الطبقيةِ، لا يحملُ في طياتِه أي رهانٍ انتخابيٍّ، رئاسيٍّ أو برلمانيٍّ،  ولم ينظمه  أي حزبٍ معارضٍ لا بمفرده ولا داخل جبهة: "ثورة 17-14" التونسية هي أيضًا مَدٌّ ثوريٌّ دون ثورةٍ !

المتظاهرون التونسيون أنفسهم رفعوا شعارات عالية لكنها متعالية على واقعهم اليومي المعيش، شعارات لا تعلنُ انتسابَها صراحة لأي إيديولوجية سياسية أو مرجعية فكرية محددة. متظاهرون يتخيلون أنفسهم في ثورة أكتوبر الروسية ! حدثٌ فاق خيالَ المخرجينَ السنمائيينَ وتحليلَ المحللينَ السياسيينَ وفاجأ أيضًا المنفذينَ أنفسَهم.

وبعد سنواتٍ، بدأ الناسُ يحتقرونَ ويسخرونَ من هذا "اللاحدث" (Ce non-événement) الذي يصفه الناس الأقل براءة والأقل سذاجة بالحدث-المشهد (Un spectacle)، بل ذهب بعضهم في تونس إلى أبعد من ذلك ونعتوا "ثورة 17-14" بالمؤامرة الخارجية محبوكة الخيوط. لكن وفي المقابل، هل يحق لنا أن نقلل من أهمية حدثٍ وصل تأثيره وصداه إلى العالم وتداعت له عواصم عديدة وتبنته شعوب متعددة ؟

ماذا يعني إذن مفهوم "اللاحدث" العالمي ؟

دون شك، هو حالةٌ معقدةٌ، عجز كل المحللين عن فك رموزها وشروطها أو قراءة معطياتها ورسائلها أو الاستفادة من مواعظها ودروسها. في الحقيقة هي حالةٌ تتجاوز التاريخ حسب نظرتنا الضيقة والحالية للتاريخ.

يقول الفيلسوف الفرنسي المعاصر ميشيل أونفري أن الإنجازَ البارزَ لِـ"ثورة ماي 68" الفرنسية هو إلغاء احترام التسلسل الهرمي في الوظيفة العمومية.

 وأنا أقول عن "ثورة 17-14" التونسية ما قاله أونفري عن "ثورة ماي 68" الفرنسية أو أكثر: لم يعد التلميذُ في بلدي يحترمُ أستاذَه ولا المرؤوسُ رئيسَه ولا الناخبُ ممثلَه.

على خُطَى الفيلسوف ميشيل سارّ، لا أعترف إلا بثلاث ثورات أتت بالخير لكل البشرية: الكتابة  (environ 3000 ans av. J-C)، الطباعة     (XVe S)  والحاسوب والأنترنات (XXe S).

 

 

 


رأيٌ ضد السائد حول هيبة الجامعة

 

قديمًا كان 80% مما يدرّسه أستاذ العلوم الجامعي، كان قد تعلّمه في الجامعة. في القرن 21 أصبح 80% مما يدرّسه، تعلّمه بعد التخرّج.

شيء قد يكون مضرا في بعض الأحيان ونافعا في أخرى: منذ انتشار الأنترنات، فقدت الجامعة هيبتها ولم تعد مصدرا أساسيا للمعرفة.


« Qu`est-ce que l`homme? C`est un robot déprogrammé, c`est pourquoi on peut lui enseigner un programme. » Michel Serres


رأيٌ ضد السائد حول ثورة الحاسوب والأنترنات

 

فلسفة حول "ما يقدر على فِعله الحاسوب": ما يقدر على فِعله الحاسوب، يفعله منذ زمان البشرْ والحيوانُ والنباتُ والحَجَرْ والاثنان يشتغلان على أربع وظائف، وهي: تَلَقِّي المعلومات، خَزْنُها، مُعالَجَتُها وبَثِّها (Recevoir, stocker, traiter et émettre les informations). الحاسوب يَتَلَقَّي المعلومات، يخزِنُها، يُعالِجها ويبثها، كذلك تفعل كل الكائنات الحية (البروتينات، ARN، ADN، الخلية، العضو، الفصيلة)، وكل الكائنات غير الحية (الذرّة، الكريستال الصخري، الجبل، الكوكب، المَجَرّة)، وكل المجتمعات البشرية (الأمة، المدينة، القرية، القبيلة، العائلة).

هذا الشيء العجيب الذي اخترعناه (الحاسوب) يتميّز بصفات كونية ويقدر على تقليد سلوك أشياء العالَم، كل الأشياء الموجودة قبله.

هذا الشيء العجيب أحدث ثورات متعددة، نذكر البعضَ منها:

-        ثورةٌ ملموسةٌ في المهن: قديمًا كنّا نتعرّف على المهنة من شكل صاحبها (النجار يحمل منشارًا والحدّاد مِطرقةً)، أما اليوم فترى جل العاملين منكبّين على حواسبهم فلا تستطيعُ التمييزَ بين كهربائي وفيلسوف. جِلسةٌ كونيةٌ بامتيازٍ.

-        ثورةٌ ثقافيةٌ على مستوى اللغة: بين طَبعةٍ وطَبعةٍ، يغتني المنجد الفرنسي الصادر عن "الأكاديمية الفرنسية" بـحوالي ثلاثين ألف كلمة جديدة، جلها علمية وتقنية.

-        ثورةٌ في التعليم: سبعون في المائة من المعارف التي يدرّسها الأستاذ الجامعي اليوم هي معارفٌ جديدةٌ لم يدرُسها في الجامعة.

-        ثورةٌ في المخ: تخلّص المخ من الأنشطة الرتيبة والمكرّرة كالحفظ والترتيب واسترجاع المعلومات ومراجعة الأخطاء والتصفيح (Pagination)، وتَفَرَّغَ للخلق والإبداع (externalisation de la mémoire).

-        لماذا لقي العالَم الافتراضي  كل هذا النجاح اليوم ؟ لأن الإنسان هو كائن افتراضي بطبيعته، فمنذ نشأته وهو يستعمل اللغة والرياضيات وهما وسيلتان افتراضيتان.

-        بعد اعتماد كل الناس على تخزين ذاكرتهم في الحاسوب، أصبح الحاسوب رأسنا الثانية التي لا غنى عنها، رأسا معدنية نحملها بين يدَينا لا على أكتافنا !

-        قبل اكتشاف الكتابة، كانت الوظائف البشرية الأربع يحملها المخ (يستقبل ويخزّن ويعالج ثم يبث). بعدها تغير الحامل ونشأ مع الكتابة، الدين والقانون والدولة.

-        بعد اكتشاف الكتابة، جاء الاكتشاف العبقري الثاني وهو اكتشاف العُملة (العُملة تحمل أرقاما وحروفًا) فقضت على تبادل السلع وكانت ثورة في التجارة.

-        بعد اكتشاف الكتابة، جاء الاكتشاف العبقري الثالث وهو ظهور الديانات الكتابية التوحيدية الأربعة تباعًا: اليهودية والمسيحية والإسلامية والبهائية.

-        القدرات الذهنية ثلاث: الذاكرة والخيال والعقل (Trois facultés intellectuelles: la mémoire, l`imagination et la raison). خسرنا واحدة، الذاكرة. لم نخسرها بل أخرجناها من مكانها الطبيعي أي المخ وصنعنا لها بيتًا أضمن وأوسع وسمَّيناه الحاسوب.

-        كنا نعتقد أن الملكات الثلاث الأساسية لعملية الإدراك البشري كلها داخلية: الذاكرة والخيال والعقل. اليوم انتقلت ذاكرتنا إلى الحاسوب.

-        تقدُّمنا في نقل الملكات الأساسية لعملية الإدراك البشري من المخ إلى الحاسوب (الذاكرة والخيال والعقل)، يخيفني فقدانَ إنسانيتنا.

-        كثرة اعتمادنا في التفكير على الحاسوب جعلتني أخاف من أن يأتي يومٌ لا نقدر فيه على التفكير دونه والأخطر أن يفكر مكاننا. (Bernard Stiegler)

-        من فرط ما شرّكنا الحاسوب في التفكير أخاف أن يأتي يومٌ لا يشرّكنا هو في التفكير (اليوم أصبح الحاسوب عضوا في مجلس إدارة بعض الشركات الأمريكية).

-        أكبر ثلاث ثورات معرفية مرت بها البشرية في تاريخها (كتابة، طباعة، حاسوب) أفقدتنا تقريبا الذاكرة (mémoire)، لكنها أربحتنا الكثير. مثلما خسرنا ساقَين للحمل (portage) عندما انتصبنا واقفين لكننا ربحنا يدين للإمساك (préhension). فقدت يدا الإنسان البدائي القدرة على الحمل وكسبتا القدرة على المسك وفقد فمه القدرة على المسك وكسب القدرة على الكلام.

-        ما الفرق بين الجالس أمام شاشة التلفزة والجالس أمام شاشة الحاسوب ؟ الأول في وضعية راكب السيارة والثاني في وضعية سائق السيارة.

 

تعليق المؤلف محمد كشكار:

ما الفرقُ بين بين التلفزة والفيسبوك ؟

أ. في التلفزة يوجدُ باثٌّ واحدٌ فاعلٌ وملايين المتلقّين من المفعولِ بهم غصبًا عنهم. في تونس المحروسة، عادة ما يكون الفاعلُ منشّطًا مأجورًا جاهلاً تافهًا. أما المتلقون فقد يكونون من المواطنين العاديين أو أنصاف المثقفين أو حتى المثقفين المعجَبين الذين هم في التفاهة راغبون وعليها مدمنون وللرداءة مستسيغون أو الذين على أمرهم مغلوبون  ولأذواقِ زوجاتهم خاضعون ولهن منبطحون وللنكدِ العائلي متجنّبون. 

 المنشطُ الفردُ هو شخصٌ مفروضٌ علينا كَرْهًا من قِبلِ دوائر الفساد المالي المتنفذة الأليفة والسائبة، هو ضيفٌ متطفلٌ ثقيلٌ، ولكنك لا تستطيعُ مخاطبته فهو لا يرى ولا يسمع ولا يستحي، و"اللّزادْ على ما بِيًّ" أنك تخسر عليه طاقةً كهربائيةً لِيتطاول على ذوقك ويتجاسر على فكرك وفي عُقرِ دارك ورغمًا عنكَ.

ب. في الفيسبوك، الوضعُ يختلفُ تمامًا، ملايين من الباثّين الفاعلين ومثلهم أو أكثر من المتلقّين الفاعلين أيضًا. خِطابٌ يناطِحُ خطابًا وليسَ كبشًا ينطَحُ آخرَ، وبكل حريةٍ يتفاعل الخطابان وللحقيقة النسبية قد يصلان. لا رئيسًا ولا مرؤوسًا. لا دكتورْ ولا طرطورْ، سلاحك منطقك وليست مرتبتك العلمية مهما عظُمَتْ وعلا شأنها، ولا فرق بين فيسبوكي وفيسبوكي إلا بقوة الحجة والدليل والبُرهانْ، وفي الشبكة العنكبوتية يُكرم العاقلُ أما الجاهل فلن تستره شهادته إذا كان عريانْ في سوق المعرفة والبيانْ. 

مساحةٌ رحبةٌ فسيحةٌ كقلوبِ العُشّاقِ، وحدها لا غيرها تتوفرُ فيها حرية النشر والتعبير، حريةٌ واقعيةٌ وليست خياليةً، منفعتها حِينية ومجانية، تُلغِي المسافات وتقرّب القلوب وتنوّر العقول. تؤسسُ، بِحولِ الله والعلم والتكنولوجيا، لديمقراطيةٍ مستقبليةٍ واعدةٍ مباشرةٍ أفقيةٍ تشاركيةٍ عالميةٍ، سنربحُ منها الخيرِ الكثيرَ الكثير، لو أجَدْنا وطوّرْنا استعمالَها ولو ذلَّلْنا عوائقَها وصبرنا على إيذاءاتها.

فضاءٌ (YouTube) تعانقُ فيه يوميًّا، صباحًا مساءْ ومتى تشاءْ، فلاسفة وعُقلاءْ، من أمثال ميشيل سارّ وطارق رمضان وميشيل أونفري وألبير جاكار وهنري أتلان وعبد الله العروي وهشام جعيط وعبد المجيد الشرفي ويوسف الصديق وأبو يعرب المرزوقي ومحمد أركون ومحمد الغزالي، عقلاءْ يساعدون المتقاعد على صومِ رمضان بعِفةٍ وتقوى، شرفاءُ يُجنِّبونك رؤية الحمقي من رجال الإعلام والسياسة.

والله أعجَبُ شديد العجبِ من مثقفٍ يُنصِتُ برغبته لِمذيعٍ مُرائي دسيسٍ، أو يشاهد منشّطا بائسًا تعيسًا، أو يقرأ لِزعيمٍ أو رئيسٍ، وله في اليوتوب الفكري أفضل جليسٍ وخير وَنِيسٍ ؟

خاتمة: وعدٌ من الأرضِ وليس من السماءْ من مؤمنٍ بالإنسان والأنبياءْ، سنمكثُ في الأرضِ وتذهبون كالزبدِ جُفاءْ أيها السياسيون الأغبياءْ.


رأيٌ ضد السائد حول الذاكرة (La mémoire)

 

قدرةٌ ذهنيةٌ خرجت من تلافيفِ المخِّ وحُفِظت في القُرْصِ الصلبِ داخل الحاسوبِ إلا عند العربِ !

أصبحت الذاكرة اليوم تقريبًا غير ضرورية بفعل الاكتشافات العلمية والتطبيقات التكنولوجية. قبل اكتشاف الكتابة أو قبل انتشارها في بعض المناطق الجغرافية (الجزيرة العربية في فجر الإسلام)، كانت الذاكرة ضروريةً عند العربِ وساهمت مساهمة كبيرة في حفظِ الشعرِ والقرآن والحديثِ والسيرةِ النبويةِ وتوارُثِها ، ثم انحصر دورها في المجال التربوي زمن ازدهارِ المدرسة السكولاستية (التلقين والحفظ واسترجاع المعلومات عند الامتحان)، منوالٌ تربويٌّ  ساد ثم انقرض في الغرب منذ القرن السادس عشر ميلادي على يدَي ديكارت.

الذاكرةُ المَحشُوّةُ (Une tête bien pleine)، تجاوزها الغربُ والحمد لله وأخرجها  من المخ وأسكنها الحاسوبَ فتحرّر عقلُه من عِبءِ الحفظِ وتفرّغ للتفكيرِ والملاحظةِ والتجريبِ والاكتشافِ العلميِّ، أما نحن، العربُ المقيمون في الدول العربية، فقد أبينا أن نُخرِجَها من مخنا، وللأسف ما زلنا في مدارسنا نَنْقُلُ، نلقِّنُ ونَحفَظُ ونُحفِّظُ ونلوكُ معارِفَ الغربِ كما تلوك البقرةُ العشْبَ، لذلك لم نكتشِفْ شيئًا رغم انتشارِ التعليمِ في ربوعِنا منذ نصفِ قرنٍ أو أكثرَ. أما العربي المقيم في الدول الغربية فهو عامل وأستاذ وطبيب ومهندس وعالِمٌ وباحثٌ ومنتِج معرفة مثله مثل الغربيين.

أنا لا أحفظُ إلا القليلَ القليلَ من القرآن الكريمِ والأحاديثِ، لكن وبفضلِ الحاسوبِ والأنترنات لم أعد أشعر بأي حاجةٍ إلى الذاكرة المخية عندما أكتبُ مقالاتٍ تتطلّب الاستشهادَ بآياتٍ من الذكرِ الحكيمِ وفي الأثناء أقرأ التفاسيرَ فتكوّنتْ عندي ثقافةٌ إسلاميةٌ متواضعة لم أكن لأحلُمَ بها قبل استعمالِ الذاكرة الصناعية واستغلالِ الأنترنات وخاصة في المجال الفقهي المكتوب باللغة العربية وبجودة عالية ويا ليت المواقع المنشورة باللغة العربية الأخرى كالنحو والصرف والعلم والكنولوجيا تكون بنفس الجودة.

خاتمة: أنظمتنا العربيية السياسية والتربوية هي المُكبِّلُ والمُجهِّلُ وليس خلايانا المخية.

اللهم ارزقنا بِديكارت مسلم-عربي يمحو ما تعلمناه ويُفَرْمِتُنا من جديد (Formatage).

 

 


منقذ بريطانيا قتلته بريطانيا

 

"يبدو أن الناعم (الحاسوب) هزم الصلب (العسكر): في الحرب العالمية الثانية، فكّ عالِم الرياضيات البريطاني آلان تورينغ رموز الجيش النازي بواسطة حاسوبه البدائي".

إلامَ ترمز التفاحة المقضومة، العلامة التي نجدها علي حواسيب "ماكنتوش" ؟ ترمز للتفاحة المسمومة التي انتحر بها آلان تورينـﭬ، مكتشف الحاسوب".

ألان تورينڤ  (Inventeur de la machine de Turing en 1936) هو أب الحواسيب الحديثة. وُلِدَ في لندن سنة 1912 وتوفي سنة 1954. ساهم مساهمة حاسمة في انتصار الحلفاء على المحور، أستاذ جامعي في الرياضيات، جنّده الجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية في قسم الأعداد (Service de chiffres) فنجح في فك رموز الشفرة  التي يستعملها الجيش الألماني النازي (جيش هتلر) في رسائله المشفّرة (décoder les messages codés).

سُجِنَ بسبب ميولاته الجنسية المثلية في ذلك الزمن ومات في السجن منتحرًا بعد أن قَضَمَ تفاحةً سمّمها بنفسِه.


رأيٌ ضد السائد حول مقولة "الماضي كان أفضلَ"

 

"الماضي كان أفضلَ" (C’était mieux avant): كليشيه ذاتي وغير موضوعي ولا يعبّر إلا عن حنينٍ لفترة الطفولة أو الشباب.

توضيحٌ هامٌّ: مفردة الماضي (avant) يعني بها الفيلسوف ميشيل سارّ تحديدًا "فترة ما قبل سنة 1950".

-        إنسانُ اليومِ ضاعَفَ "أمل حياته" (l’espérance de vie)، من معدّل 40 عامًا وصل تقريبًا إلى معدّل 80. إنسانُ اليومِ قد يصل إلى سن السبعين وهو لم يعانِ من أي ألمٍ حادٍّ وذلك بفضل بركاتِ الأدوية المسكِّنة (les antalgiques et les anti-inflammatoires).

-        كل المسنّين اليوم تقريبا لهم أسنان (طبيعية أو مركّبة)، أي يستطيعون أن يمضغوا ويبتسموا.

-        الأمراض الجرثومية (les bactéries et les virus) كانت تحصد الأرواحَ بالملايين في أزمنة الأوبئة والجوائح (les épidémies et les pandémies). جلها اليوم يُعالَج ويُشفَى بفضل اكتشاف البينيسيلين والتلقيح فأصبح لنا جسمٌ جميل نحبه، نفتخر به ونعرضه شبه عارٍ أو عاريًا تمامًا على الشُّطْآنِ في الصيف أو على خشباتِ المسارح في الفصول الأربعة (إضافة المؤلف محمد كشكار: في تقاليدنا، نحن ما زلنا نرى في التعرّي المفضوح عيبًا كبيرًا، سواءٌ ظهر على الشُّطْآنِ أو على خشباتِ المسارح).

-        قبل سنة 1950، كان الطبيبُ الأوروبي يقولُ: "أنا أعالج والرب يُشفِي". اليوم أصبح يقولُ: "أنا أعالج وأنا أُشفِي" (إضافة المؤلف محمد كشكار: في تقاليدنا، نحن ما زلنا متمسّكين بإيماننا بحبلِ العافي الشافِي والحمد لله وما زال الطبيب المسلم يقول: "أنا أعالج والله يُشفِي").

-        في أوروبا مرّ علينا أكثر من سبعين عامًا ونحن نعيش في سلام متواصل دون حربٍ إلى درجة أننا نسينا أننا ننعم بالسلام ولسنا في حرب (فيلسوفي المفضّل مات قبل عدوان روسيا على أوكرانيا)، بالرغم مما تنقله لنا قنواتنا المرئية من كمٍّ هائل من مآسي الحروب والإرهاب. هل تعرفون أنها المرة الأولى في تاريخنا التي يحدث فيها أن نعيش أطول عصرٍ كله سلام، وهل تعرفون أن البشرية كافة ومنذ نشأتها لم تَعِشْ في سلام إلا ما يساوي نسبة 6% من مُجْمَلِ تاريخها ؟ (إضافة المؤلف محمد كشكار: هل تعرفون أن هذه المعلومات السارّة تنطبق علينا أيضًا، نحنُ التونسيون بالذات !).

 

تعليق المؤلف محمد كشكار:

"الماضي كان أفضل"، مَقولةٌ يرددها مَن فاتَهم القطارْ من الكبارْ. كل مَن تجاوزَ سن الشبابِ، يحنّ بطبيعة الحالِ إلى سنينِ شبابِه. سنون الحب والصحة والعافية، سنون عدم تحمّل المسؤولية العائلية، سنون الاتكال على الغير، سنون كرمِ وتعاطفِ الأم والأب والجيران والجارات والأصدقاء والصديقات. سنونٌ لا يطؤها الطبيبُ ولا الدائن ولا القلق ولا الملل. سنونٌ تمثل قمة السعادة حتى ولو لم تتوفر لها أسبابُها المادية. سنونٌ تتغيّر حسب عمُرِ ذاكِرِها، فلو كان المتحدِّثُ في عُمُرِي (سبعون عامًا) لحددها في ستينيّات وسبعينيّات القرن العشرين، ولو كان في الأربعين من عمره لحددها في ثمانينيّات وتسعينيّات القرن العشرين. الفترة الذهبية عادةً ما تكون مرتبطةً بعمر الشباب فالحكمُ عليها إذن ذاتي وليس موضوعيًّا، يراها المرء بعينٍ متحيّزةٍ لا بعينٍ مجرّدةٍ ولكل واحدٍ منّا عيناهْ ولكل ذكراهْ ولكل ليلاهْ.

مِن جهةٍ أخرى كيف كان الماضي أفضلَ، ونصف المجتمع (المرأة) كان مغيّبًا عن الفضاء العام ، مجتمعٌ كان يأكله الجوعُ والجهلُ والمرضُ ويسرحُ القَمْلُ في رؤوس أغلبية أفراده ؟

كيف كان الماضي أفضلَ، ونصفُ العالم يحكمه حكّامٌ ظالمون ولشعوبهم قاهرون والنصف الآخر يحكمه رأسماليون ناهبون جشعون أو شيوعيون مزيّفون وباسم العمال في العمال يستغلّون ؟

كيف كان الماضي أفضلَ، وفلسطين كانت ومازالت محتلة ؟ وسبتة ومليلة كانت ومازالت مستعمرتين ؟ وحقوق الأغلبية السوداء في جنوب إفريقيا وروديسيا كانت تُداسُ وتُهانُ من قِبل الأقلية العنصرية البيضاء ؟

كيف كان الماضي أفضلَ، ومطبخنا الجمني كان خاليًا تمامًا من البريك والطاجين واللوبية والملوخية وخاليًا أيضًا من لحم البڤري والعلّوش ومن أي نوع من الأسماك.

في قريتنا جمنة، قرية الخمسينيات، لم يكن فيها بانو ولا حمام، لا فرشاة ولا "دنتِفريس"، لا "جرّاية" ولا سرير، لا "سوناد" ولا "ستاڤ"، لا ياغورط ولا حلويات عربي أو سوري، لا ملعب ولا مسبح، لا تلفزة لامسرح لا سينما، لا مكتبة لا إعدادية لا معهد، فقط فيها كُتّابٌ ومدرسة ابتدائية وتلامذة للعلمِ متعطّشون ومعلّمون للجَدِّ والكَدِّ عاشقون.

في قريتنا قرية الخمسينيات، يوجدُ بين الأقارب والجيران حبٌّ وتزاورٌ ووئام، كان فيها سَكينةٌ وقطط وشياه ودجاج وغذاء صحي بيولوجي لذيذ طازج دون مصبرات، لاڤمي عذب وخوخٌ ورمان و"خوطة ودرڤيلة" ودفء وأمان.

وهمٌ والله وهمٌ، لكنه وهمٌ جميلٌ ومريحْ ! علاجٌ مسكّنٌ وليس دواءً نافعًا فيه شفاءْ. كرةٌ حديديةٌ تشدّنا إلى الوراءْ كلما حاولنا القفز إلى الأمامِ أو في الفضاءْ.

وهمٌ عمره خمسة وعشرون قرنًا أو أكثر، أي خمسة قرون قبل ولادة المسيح عليه ألف سلام، كان الفيلسوف سقراط يردد في عهده الغابِرِ نفس المقولة التي لا تموت "الماضي كان أفضل"، وكان يقول في كِبَرِهِ عن صغار عصرِه أنهم لا يحترمون الكبار وعن التلامذة أنهم لا يحترمون أساتذتهم عكس صغار الجيل الذي سبقهم.

مالَه الحاضرُ ؟ بْلازْمَا أُمُّ مِترَيْن وحاسوبٌ محمولٌ آخر موديلْ ومائدةٌ مغذّيّةٌ متعددةٌ شهيّةٌ وفلاسفة يؤنسونك على اليوتوب وعمرٌ تضاعفَ عددُ سنينه، أكثر ساعاته يقضيها أغلبية سكّان العالم مشدودين إلى شاشة تافهة ذات نوايا مفضوحَهْ. علمٌ تطورَ وطبٌّ تقدّمَ وآلامٌ حادّةٌ تقريبًا اختفتْ. حروبٌ عالميةٌ انتهتْ لكن صناعة اللسلاح ازدهرتْ. بُلدانٌ كثيرةٌ حُرِّرتْ لكن العديدَ من أولادِها بعد التحرير سُجِنوا أو شُرِّدوا أو صُلِبوا أو قُتِّلوا على أيدي محرّريهم من أبناء جلدتهم. تلامذة فاتوا أساتذتهم عِلمًا واطِّلاعًا. قِطاعٌ عٌموميٌّ هُمِّشَ وقطاعٌ خاصٌّ على أكتاف المهمّشِين ازدهر. قليلٌ أثرى وكثيرٌ تفقّرَ.  جهادٌ ماتَ وجهادٌ قامَ، الأول في سبيل الله والثاني ضد مشيئةِ الله وضحاياه من خَلقِه المستضعفين، ظلمٌ مسلّطٌ على المسلمين على أيدي أبناء دينهم الذين أتوا من كل الأوطان لتدمير سوريا وكأن شرًّين متمثلين في الأسدِ والشبلِ لم يكفياها.

مزايا العلم: تركيب أسنان، تلقيح، ارتفاع أمل الحياة، آلة غسيل واحدة للأأدباش وأخرى للصحون، حبوب منع الحمل، مسكنات، حاسوب، أنترنات، وسائل نقل، تبنيج، آلات رفع وحفر وجر، إلخ.


رأيٌ ضد السائد حول الهُوية الوطنية

 

عندما تعرّفني -أنا مثلاً- كعربيٍّ فإنك قصدتَ وصفِي وإنصافِي وتشريفِي. أتشرّف بهذه الهُوية وبارك الله فيك، لكنك ظلمتنِي حين اختزلتَ تعريفي في انتمائي العِرقِي الجزئي وتغافلتَ عن باقي انتماءاتي الأخرى. عندما تعرّفني كيساري فإنك قصدت تصنيفي. أنصفتني/ظلمتني حين اختزلتني في انتمائي الجزئي وتغافلت قصدا عن باقي انتماءاتي الأخرى: مسلم، أمازيغي، عربي، تونسي، قَرَوي، جنوبي، جمني، يساري غير ماركسي، عَلماني على الطريقة الأنـﭬلوساكسونية المتصالحة مع الدين، اشتراكي-ديمقراطي على المنوال الأسكندنافي، تحرّري غير ليبرالي، معادٍ للرأسمالية المتوحّشة، معادٍ للحرب وللمقاومة المسلَّحة مهما كانت عدالة القضية، منادٍ بالسلم مهما بلغتْ شراسة العدو لكنني لو أجبِرتُ على الاختيار بين العنفِ والجبنِ فسأختارُ مُكرهًا الأول عن الثاني. عِلمِي، قومي، أممي، ضد عقوبة الإعدام وضد كل العقوبات البدنية، أعشق العربية الفصحى، في الصغر فرنكفوني التعليم غصبًا عني، والشيء أصبح شبه اختياريّ في الكبر ويا ليتني كنتُ أنڤلوفونيًّا لكان أثرَى لثقافتي العامة لأن فاقد اللغة الأنـﭬليزية عادة ما يكون كالمصاب بفقر الدم الثقافي.

والأخطر مما سبق يا ناعِتِي، أنك نسيتَ الأصلَ، ألا وهو تعريفي الذاتي  المنبثِق  عن التفاعل المتواصل طِوال حياتي بين موروثاتي الجينية وموروثاتي الأنتروبولوجية ومكتسباتي الثقافية، الأولى، أعلمُ وتَعلمُ بعضًا من مصادرها وبعض ما ظهر منها والله أعلم بما خفي منها. مَن أدراكَ أنني لا أحملُ جِيناتَ جَدٍّ بعيدٍ، تركي أو إيراني أو ماغولي أو أسباني ؟ هل حلّلتَ أدِآني (ADN) ؟ أما الثانية، أب وأم وإخوة وأخوات وجيران وجارات وبيئة وأصدقاء وصديقات ودين ولغة وتاريخ وتقاليد وعادات، إلخ. والثالثة، تعليم، عمل، سفر،  مطالعة، إلخ.

Je suis ce que je suis, et nul -mis à par Dieu- ne peut savoir vraiment ce que je  suis. Je suis une émergence  émanant de l`interaction permanente entre mon identité biologique (mes gènes codés portant mes caractères physiques), mon identité anthropologique (mon histoire, ma famille, ma religion, mon patrimoine, etc.) et mon identité culturelle (mon acquis, mes facultés intellectuelles, mes comportements, etc.). As-tu analysé mon ADN ? 

حصرتني يا سيدي وعن حسن نية سجنتني في هُويةٍ لا تتسع لتعدد هُوياتي المختلفة والمتكاملة لكنني أؤكّد لك أنها متفاعلة وغير متناقضة فيما بينها. أنا أممي وأمميّتي لا تُناقض وطنيّتي أو جمنيّتي، بل تجمّلها وتُضفي عليها مسحة إنسانية تلطّفها. أنا فركفوني وفرنكفونيّتي لا تُضعف لغتي الأم بل بالمجاز والتصورات تُغنيها، وبالأفكار والمعاني تُثريها.

ولا يفوتني وبكل لطف ومحبة أن أذكّرك أن تعريفك لي كعربي، فيه شيءٌ من التعميمْ، وأنت أدرَى بأن التعميمَ قد يقود إلى التعويمْ، أو قد يَنِمُّ أيضًا عن عنصريةٍ ضمنيّةٍ وتقزيمْ. 

اقتراح: عِوض التقوقعِ داخل هُويات أو انتماءات موروثة قد تكون قاتلة مثل ما هو جارٍ اليوم في سوريا ومصر والعراق وليبيا (مثل التعصب العرقي أو القومي أو الديني أو المذهبي أو الطائفي)، يُستحسن البحثُ الدؤوبُ عن   انتماءات جديدة تُعيدُ لنا إنسانيتنا وعن السفاسِفِ ترفعنا ومن أمراضنا تُشفينا وتُعافينا، وعن الشيطانِ تُبعِدنا ومن الله تُدنِينا.. والعالَم أرحبُ.. أرحبُ.. أرحبُ.

 

 


رأيٌ ضد السائد حول المغترّين بقدرات الإنسان

 

"لو نصبنا محكمة وسألنا "من المسئول عن الشر؟ الله يحاكِم ولا يحاكَم. الفرد أما مذنب وأما بريء. المجتمعات مسئولة هجومًا أو دفاعًا !".

بعيدًا عن الوعظ الديني: قليلٌ من التواضع (humilité) أيها العَلماني (laïc)  المغترّ بالعقل دون إيمان  (rationalité sans spiritualité)؟

أنت لستَ وحدك (L`Homosapiens) مَن يكتشف ! فالعالَم قبل وجودك وبعده يعجّ بالاكتشافات. وماذا تُساوي اكتشافاتك جميعًا جنب اكتشاف الحياة قبل وجودك بِـ3،8 مليار سنة (L`apparition de la molécule d`ADN ou ARN sur terre) ؟ اكتشافاتك لا تُساوي جناح بعوضة !

فكرة مواطن العالَم: أنت لستَ وحدك مَن يُنتِج الغذاء ! وماذا تُنتج مصانعك جميعًا جنب ما ينتجه النبات الأخضر عن طريق وظيفة التركيب الضوئي (La photosynthèse) ؟ أنتَ أيها الإنسان لا تُنتج إلا قطرة في محيط !

الإمام الشافعي قال:

وأقبح شيء أن يرى المرء نفسه *** رفيعاً وعند العالمين وضيعُ

تواضَع تكن كالنجم لاح لناظر *** على صفحات الماء وهو رفيعُ

ولا تك كالدخان يعلو بنفسه *** على طبقات الجو وهو وضيعُ


رأيٌ ضد السائد حول الثورة الصناعية

 

صناعة السيارات الخاصة كارثةٌ أكبر من كارثة صناعة الأسلحة: ضحايا حوادث الطرقات أكثر من ضحايا الحروب (OMS).

صناعة السيارات الخاصة تبذيرٌ: سيارة لكل فرد، الوقت الذي تقضيه رابضة في الـﭬاراج أكثر عشر مرات من  الوقت الذي تقضيه في الطريق.

السيارة الخاصة تؤدّي خدمات جليلة للمواطن لكن مضارّها أكثر من منافعها. نقل عمومي مجاني داخل المدن: حل يضر بالرأسمالية لكنه ينفع البشرية.

 

شهادة على العصر:

كانت الجالية التونسية, أكبر جالية أجنبية في مدينة جامعة (الجزائر), جالية تتكون من ست عائلات, أربعة أساتذة وبائع فطائر مقلية وسائق شاحنة. كنت الوحيد الذي يملك سيارة (R14). كان زملائي الثلاثة يستلفونها لقضاء حوائجهم ولم أكن أمانع. اقترحوا عليّ تحويلها إلى ملكية مشتركة فقبلتُ دون تردّد. قدّرنا ثمنها بمليون مليم تونسي (1980) وكل واحد ساهم بربع مليون. بقيتْ البطاقة الرمادية باسمي. حرّرنا شفويا في شأنها كراس الشروط التالية: إصلاح العطب مشترك أيا كان المتسبب فيه ومهما كان مكان وقوعه، في تونس أو في الجزائر. ثمن البنزين مشترك في حدود شعاع 50 كلم من مدينة جامعة ولو زادت المسافة عن ذلك يتحمل السائق مقابل الوقود المستهلك الزائد. تبيتُ السيارة أمام منزلي أنا مهما كان توقيت رجوع المسافر وتنطلق من أمامه مهما كانت ساعة الانطلاق. إذا رغب أحدنا في فض الشركة, يسترجعُ مبلغ مائة دينار تونسي بعد بيع السيارة في التوقيت الذي يحدده الباقون. تدرّبَ عليها لنيل رخصة السياقة أربعة تونسيين, زوجتي  وزميلي وزوجته وزميلتنا حتى تقطعت أوصالها وهرمتْ. حسدَنا المصريون على اشتراكيتنا وتفاهمنا وقد كانت تجربة فريدة في التاريخ ولو حدث ونسج على منوالنا الكثير من الموظفين في العاصمة التونسية القادمين إلى العمل من الأحواز  لوفرنا الكثير من الطاقة وحمينا بيئة عاصمتنا من التلوث وطبقنا التنمية المستدامة. يذهبُ الموظف التونسي الفقير في بلد العالم الثالث إلى عمله البيروقراطي غير المنتج في أغلب الأحيان وهو راكبٌ عربة تجرّها 4 أحصنة ( voiture populaire de 4 chevaux )، وهو في الواقع حصان واحد خسارة فيه. لماذا لا يتفق 4 أو 5 موظفين جيران من حمام الشط مثلا، موظفين يشتغلون في العاصمة بالتوقيت الإداري, على  استغلال سيارة أحدهم  أسبوع " أ" وسيارة آخر أسبوع "ب" فيربحون راحتهم ويوفرون ثمن البنزين ويتجاذبون أطراف الحديث في الطريق حول الكرة والمسلسل التركي وتنازلات عباس وعنتريات أردوڤان ووعود أوباما بتحرير فلسطين والمقاومة الافتراضية التي يقوم بها يوميا حزب الله والجبهة الشعبية أو يناقشون وضع العمال المصريين  المسجونين في السعودية الذين بلغ عددهم تقريبا  12 ألف وهو عدد يساوي أو يفوق حسب بعض الإحصائيات عدد السجناء الفلسطينيين في إسرائيل ويجيبون على نكستي وهزيمتي وحيرتي وسؤالي: هل نحرّر السجناء المصريين في السعودية أولا أو الفلسطينيين في إسرائيل قبلهم ؟ وهل نلجأ في تحريرهم إلى الجامعة العربية أو إلى مجلس الأمن أو إلى المؤتمر الإسلامي أو إلى المقاومة الافتراضية لحزب الله ؟


حول الجمالية

 

« La beauté est éducatrice »

نحن مجتمع لا يهتم بجمالية مدارسنا ولا شوارعنا ولا حتى مظهرنا  ونتساءل ببراءة: كيف أنشأنا دواعشَ ؟

للجمالية وجهانِ (L`esthétique): وجهُ طبيعيٌّ موروثٌ ووجهٌ ثقافيٌّ مكتسَبٌ. الوجه الأول وجهٌ يقع في متناول الجميع ويدركه المخ عن طريقِ أعضاء الحواس الخمس أو بعضها (من الأهم إلى الأقل أهمية في الحياة: السمعُ، النظر، اللمسُ، الذوقُ والشمُّ) وهو فطريٌّ ولا يحتاجُ عادةً إلى تدريبٍ. أما الوجه الثاني فيختص به مَصْقولو الذوقِ من أهلِ الحُظوةِ والحظِّ وهو حسيٌّ أيضًا ولا ندركه إلا بتعلّمِ آليّاتِ الغوصِ في مدلولات الفنون، موسيقى، نحت، تصوير، رقص، مسرح، سينما، شعر، غناء، إلخ.

تعليقُ المؤلف محمد كشكار: بيئةُ تَنْشِئَتِي الصحراوية بجمنة حرمتني من التمتع بالوجه الأول، ونظامنا التربوي قصّر في تعليمي الوجه الثاني. الله يسامح الاثنين.  

 


رأيٌ ضد السائد حول مفهوم العائلة

 

مفهوم العائلة في تونس (La notion de famille): هل تقهقر أو تحسّن خلال النصف الثاني من القرن العشرين ؟

-        يَقولونَ: اليوم، زادت حالات الطلاق.

-        أقولُ: قد يكون صحيحًا. لكن ألا ترونَ أن مدة العِشرة عند البقية المستقرة تضاعفت بِحُكم ارتفاع أمل الحياة (L`espérance de vie) ؟ كان الزواجُ لا يدومُ أكثرَ من ربعِ قرنٍ، أما اليوم فقد يستقر طيلة نصفِ قرنٍ أو أكثرَ.

-        يَقولونَ: آباءُ الأمس وأمهاتُ الأمس، كانوا أحسن منا تربيةً لأولادِهم.

-        أقولُ: لم يكن آباؤنا ولا أمهاتنا أكثر حرصًا منا اليوم على تربية أبنائنهم: آباء اليوم يتابعُون صحة أبنائنهم ودراستَهم باهتمامٍ شديدٍ، وينفِقُون على تكوينِهم وإسعادِهم أكثر بكثير مما أنفقَ علينا آباؤنا، الله يرحمهم.

-        يَقولونَ: أبناءُ الأمس كانوا أكثر عنايةً بآبائهم.

-        أقولُ: آباءُ اليوم وأمهاتُ اليوم -وبفضل جراياتِ تقاعدهم- لا يلتجئون إلا نادرًا لِعنايةٍ قد تأتِي أو لا تأتِي من أولادِهم ولا يحتاجون إلى شفقةٍ من أحدٍ.

-        يَقولونَ: أزواجُ اليوم يتخاصمون أكثر من أزواجِ الأمس.

-        أقولُ: قد يكون صحيحًا لأن زوجة الأمس كانت لا تخرج إلا نادرًا، وكانت مطيعةً لزوجِها مستكينةً وراضيةً بما كَتَبَ الله لها. أما زوجةُ اليوم العامِلةُ فمِن حقِّها المطالبةُ بالمساواةِ التامةِ مع الزوج، وقد نالت بجهدها ما تمنّت، فأصبح الزوجُ يُشاوِرُها في الكبيرةِ والصغيرةِ والشقيقةِ والرقيقةِ ويُصاحبُها للنزهةِ والتسوّقِ وعند السفرِ أحيانًا.ع

-        يَقولونَ: اليوم، انتشرَ التفسخُ الأخلاقيُّ (البَوْسُ في الفضاءاتِ العامةِ).

-        أقولُ: قِفْ لحظة ! هنا ينقسم المجتمع التونسي -ككل المجتمعات- إلى ثلاثةِ مُعَسكَرَاتٍ: متحرّرون (Les libéraux et les libertaires)، محافظون متدينون (Les conservateurs religieux)، ومحافظون تقليديون (Les conservateurs traditionnels). المتحرّرون لا يَرَون حَرَجًا في ذلك وهُمُ أقليةٌ من الأغنياءِ الجُدُدِ والنخبةُ اليساريةُ المُثقَّفَةُ جدًّا والمُنبتَّةُ جدًّا. المحافظون المتدينون يَرَوْنَه هرطقةً (Une hérésie) وخروجًا عن الدين. أما المحافظون التقليديون  فيَرَوْنَه صادِمًا للعُرْفِ والتقاليد وهُمُ أغلبيةُ المجتمعِ التونسي بِأغنيائهِ وفقرائهِ، بِيمِينهِ ويسارِه، بِمثقفيهِ وغيرِ مثقفيهِ.

خاتمة: يبدو أن الدولة الحديثة بدأت تأخذ شيئًا فشيئًا مكان العائلة القديمة فانبثقت أخلاقٌ جديدةٌ أو في طريقها للانبثاق وانقرضت أخلاقٌ قديمةٌ أو في طريقها للانقراض. سُنّةُ التغيِير، لكن هل يُعَدُّ هذا التغيِيرانتِكاسَةً أو تَطَوُّرًا ؟

يا حبيبي كل شيءٍ بقضاءْ

ما بأيدينا خُلِقْنا تُعَسَاءْ

لا تَقُلْ شِئْنَا فإن الحَظَّ شَاءْ !

(شعر إبراهيم ناجي، غناء الرائعة أم كلثوم)

 

 

رأيٌ ضد السائد حول الفصل بين العلوم الإنسانية من جهة والعلوم التجريبية والرياضيات من جهة أخرى

 

-        "التخصص في العلوم سلاح ذو حدين: قد يكوّن عقلا حادا يفضي إلى النجاعة في العمل، لكنه قد يعطّل المخيلة ويمنع التجديد" أدعو إلى التخفيف منه.

-        شُعَبُ العلوم الصحيحة وشُعَبُ العلوم الإنسانية، مفصولتان منذ الثانوي: تعليمُ أنتج لنا "علماء غير مثقفين" غيّروا العالم و"مثقفين جهلة بالعلوم". للأسف الشديد خرّيجو  العلوم الإنسانية هم الذين يحكموننا (محامون، قضاة، علماء اجتما أو سياسة).

-        العلوم الصلبة والعلوم الإنسانية، الأولى تدرُس العالم والثانية تدرُس المجتمع. التعليم في العالم فصلهما عن بعضهما فكيف نعيد الربط بينهما ؟

-        من غيّر العالم (تكنولوجيا، أمل الحياة، أنترنات) ؟ هم أصحاب العلوم الصلبة. من يحتكر الحكم والكلمة في العالم ؟ هم أصحاب العلوم الإنسانية.

-         المفارقة: من غيروا العالم لا يعرفهم العالم (تورينـﭬ،، فليمنـﭬ،، باستور، إلخ.)، ومن حكموا العالم ولم يغيروه يعرفهم العالم (هتلر، ستالين) !

-        أظن انه ليس صدفة أن تكون بين  كُلّيّة الهندسة في المنار وكُلّيّة الآداب في منوبة مساحة فراغ ثقافي اسمها العاصمة. عجزت الكُلّيّتان عن تعميرها ثقافيًّا وعلميًّا !

-        هل يأتي الخلاصُ يومًا من العِلم ؟

الفيلسوف ميشيل سارّ: "البشرية فقدت ثقتها في العلم منذ سقوط قنبلتين نوويتين على اليابان سنة 1945".

Pour en savoir plus, prière écouter Michel Serres sur YouTube.

-        لماذا نقص الإيمان بالعلم في العالم أجمع ؟ لأن خرّيجي العلوم الإنسانية المثقفين الجهلة بالعلم هم الذين يحكمون العلماء غير المثقفين.

Pour en savoir plus, prière écouter Michel Serres sur YouTube.

تعليق المؤلف محمد كشكار:

منذ 66 سنة ونظامنا التربوي الفاشل يخرّج لنا مثقفين جهلة بالعلم (شُعَبُ الفلسفة والعلوم الإنسانية: قُضاة، محامين، فنانين مسرحيين وسينمائيين، صحفيين، أدباء، شعراء، إلح.) ورجال علم جهلة بالثقافة (شُعَبُ الرياضيات والعلوم التجريبية: أساتذة علوم، أطباء، بياطرة، صيدليين، مهندسين، إلخ.).

الحل المقترح: تدريس المواد-القناطر في شُعب العلوم الإنسانية والعلوم الصحيحة والتجريبية في نفس الوقت مثل الإبستومولوجيا والأنتربولوجيا والإيكولوجيا وعلوم الحياة والأرض والطب الوقائي والديداكتيك وغيرها.

 


رأيٌ ضد السائد حول أول مَن حرّر المرأة

 

اذْكُرْ أكبر اختراعَين غيرا نمط حياة النساء في القرن العشرين ؟

اختراع آلة الغسيل واختراع حبوب منع الحمل !

فكرةٌ حول النساءِ، حتمًا لن تعجبَ الرجالَ:

 

مقدمة:

الكاتبة الفرنسية اليسارية الرائعة سيمون دي بوفوار، صديقة سارتر، كتبت في كتابها الشهير

Le deuxième sexe, 1949: « On ne naît pas Femme, on le devient ».

وأنا أضيفُ:

On ne naît pas Homme, on le devient.

NB: les propos de Simone et les miens sont à nuancer car l'homme mâle a été sélectionné naturellement pour la cueillette et la chasse, la femme pour la procréation et l'éducation des enfants (Christian de Duve 2017, Prix Nobel de médecine en 1974).

المقصود بالقولَتين ليس الشكل الخارجي أو الأعضاء التناسلية الخارجية والداخلية، بل هي العقلية: عقدة الإحساس بالنقص عند المرأة \ عقدة الإحساس بالتفوّق عند الرجل.

 

الخبران:

الخبر 1: ذهبتُ مرة إلى "مركز التصوير الطبي بحمام الأنف" لتصوير القفص الصدري. صورني تّقنيُّ لم أره وبعد انتظارٍ وجيزٍ ناولوني الصورة وتقريرَ طبيبٍ لم أره وكأنني جسمٌ بلا روح.

Ma personnalité, mon moi individuel, ma dignité, ma valeur.. Ma valeur humaine a été bafouée et piétinée par ce médecin qui ne veut pas voir ses patients.

تفحصتُ الصورة، لم أفهم فيها شيئًا وهذا أمرٌ طبيعي عند غير المختصّ في الطب. قرأتُ التقريرَ وفهمتُ نصفَ فهمٍ، وهو عادةً أخطرُ من عدمِ الفهمِ.

الخبر 2: ذهبتُ مرة أخرى إلى نفس المركز، الطبيبةُ نفسُها هي التي صورتني (échographie)، ابتسمتْ لي، شرحتْ لي حالتي الصحّية بالباء والتاء، وطمأنتني على صحتي. خرجتُ من عندها فرحًا مسرورًا ولم أقرأ التقريرَ ولا الصورَة. لماذا لم يفعل مثلها الطبيبُ الرجل ؟

التعليق: أليس الرجالُ أقوى عضلات من النساء ؟ أليس مخهم أكبر حجمًا وأكثر وزنًا ؟ (لو كان الذكاءُ متناسبًا -proportionnel- مع الوزن لكان الفيلُ أذكى الثدييات بِمخٍّ يزن 4،6 كلغ - مخ الإنسان 1،4 كلغ  ومخ البالان 7،8 كلغ). ألا يدّعي الرجالُ أنهم الأذكَى والأجلَد والأشجَع ؟ فلماذا إذن نكلفهم بأعمال لا تتطلّب كل هذه الصفات الذكورية المكتسبة مثل الأعمال التي تتطلّب الكياسة واللياقة والظرف ووسع البال والابتسامة واللطافة (المهن التربوية والطبية والخدماتية في الإدارة).. أليس الجنس اللطيف بهذه الأعمال أحق وأولى ونبعثُ كل الرجال إلى المصانع والحقول والأشغال الشاقة في البناء والقناطر والطرقات يستعرضون فيها عضلاتهم المفتولة، عضلات لا مكان لها في المكاتب المريحة والمكيّفة.

طُرفة واقعية دالّة (إعدادية بومهل السلام 1991-1992): تلميذٌ التحق متأخرًا بثلاثة أشهر بقسم من أقسامي، السابعة أساسي، تلميذٌ "صغرون تحفون". سألته عن سبب تأخره فقال: رفتوني من إعداديتي السابقة.. قلت له: لماذا ؟.. أجاب: صفعتني أستاذتي ("كفّ") فقلتُ لها: "كفٌّ من يديك كالعسل".. كظمتُ ضحكتي، ربّتتُ على كتفَيه وواصلتُ الدرسَ دون تعليقٍ.


حول الحب

 

قصة حب رائعة

يُحكَى أن شيخين متجولين منهكين وفدا على قرية فلم يُكرِم وفادتهما أحد من السكان. وعند خروجهما من القرية اللئيمة لمحا زريبة مهجورة في أطرافها فقصداها، استقبلهما بحفاوة عجوز وزوجته، نزعا لهما حذاءَيهما، غسلا لهما أقدامهما وأحضرا لهما طعامًا شهيًّا وفاكهة نَضِرة. بعد العشاء، قام العجوز وبدأ يصب لهما النبيذ من الجرة فلاحظ أنه كلما صب أكثر امتلأت الجرة أكثر. رفع عينيه حائرًا وسأل ضيفَيه: مَن أنتما ؟ أجاب أكبرهما: أنا جوبيتير ورفيقي هيرميس، من آلهة اليونان، وما دمتما قد أكرمتمانا فقد جاء دورُنا لنكرمكما: لن تفترقا أبدًا، أنتَ عند قدوم ساعتك ستتحول إلى شجرة زيزفون وأنتِ إلى سنديانة، وستظل أغصانكما تتعانق مع كل هَبَّةِ نسيمٍ عليلٍ.


 

 

 

 

 

حول الميثولوجيا


أسطورةُ الرجلِ الذي يمشي وهو حاملٌ رأسَه المقطوعَ بين يديه

 

الأسطورةُ:

كانت المسيحية، قبل تحوّلها إلى دين الدولة الرومانية عن طريق الامبراطور الروماني قسطنطين الأول في بداية القرن الرابع ميلادي، كانت تُعتبَرُ فِرقة سريةً مهمشةً (une secte) وكان أتباعُها ملاحَقِينَ من قِبل أصحاب السلطة. عَقَدَ بعضُ المسيحيين في باريس اجتماعًا سريًّا كعادتهم برئاسة أسْقُفٍ منتَخَبٍ. فاجأتهم الشرطة، وحتى ترهبهم قطعت رأسَ الأسقفِ أمام مريديه، لم يسقط الرجل بل انحنى قليلا وبلطفٍ أخذ رأسَه المقطوعَ بين راحتَيه وصعد به مشيًا إلى ربوة مونمارتر وفي أعلى نقطةٍ في القمة دفن رأسَه المقطوعَ  وصلى عليه صلاة الجنازة بكل سكونٍ وثباتْ.

تعليق المؤلف محمد كشكار:

كانت أسطورة لا تُصدق، كيف يمكن لرجلٍ أن يحملَ رأسَه المقطوعَ بيديه حتى ظهر الحاسوبُ المحمولُ (Ordinateur Portable). أليس الحاسوبَ هو رأسُنا اليوم المحمولُ بين راحتَينا ؟ أليس هو ذاكرتنا التي تحفظ ذكرياتنا المسموعة والمرئية، الثابتة والمتحرّكة ؟ أليس هو مصدر معلوماتنا قبل اتخاذ قراراتنا ؟ أليس هو امتدادٌ وتقويةٍ لحواسِّنا البيولوجيةِ المحدودة فِطرِيًّا ؟ كسبنا عينًا وأذنًا آليتان متطوّرتان لم نكن يومًا نحلم بأٍّفضلِ منهما !  عينٌ نرى بها العالَمَ أجمعَ وأذنٌ نسمعُ بها محاضرةً في باريس أو نيويرك في ساعتها ولحظتها.

الحاسوبَ هو رأسُنا الافتراضي الذي طوّر وضخّم قُدُراتَ رأسِنا البيولوجي ! نحمله في الدارِ، في قاعة الدرسِ، في الطائرة والقطارْ. يَبِيتُ معنا ونرفعه بلطفٍ، ثم نضعه على الطاولة أو على ركبتينا في الليلِ والنهارْ، وتتعطّلُ ذاكرتنا لو انقطع الاتصال أو التيّارْ.

 

 


الأضاحي الثلاثةُ في الميثولوجيا اليهوديةِ-المسيحيةِ ؟

 

الأضْحِيَةُ الأولَى: عَزَمَ إبراهيمَ على التضحيةِ بابنِه طاعةً وتقرُّبًا لربِّهِ، فأنزلَ عليهِ الربُّ كبشًا من السماءْ لابنِه إسحاقَ فداءْ. العبرةُ: ومنذ حدوثِ تلكَ المعجزِةِ، أمسَى الحيوانُ قربانًا وحُرّمَ على الإنسان ذبحُ إنسانٍ.

الأضْحِيَةُ الثانيةُ: هبّتْ على السفينةِ عاصفةٌ بحريةٌ هوجاءُ، سفينةٍ يركبُها يونسَ الذي التفت لمرافقيه وقال: "أنا السبَبُ، أنا المذنِبُ، ارمونِي في البحرِ ولَسَوفَ تَهدَأ العاصفةُ، ومِن الموتِ غَرَقًا سوفَ تَنجُونَ جميعًا". وفورًا في اليمِّ رَمَوْهُ، فهدأتِ العاصفةُ وفعلاً جميعًا نَجَوْا، لكنهم ندِموا على فعلتِهم الشنيعةِ الناتجةِ عن فرطِ أنانيتِهم وقالوا: "يا لِخيبتِنا، رَمَيْنا في اللُّجِّ أفضلَنا. كيفَ نَرمِي فيه مَن يعلمُ الغيبَ ومن تستجيبُ له السماءْ ؟" أما سيدُنا يونسَ فله ربٌّ يرعاهُ، سَخَّرَ له حوتًا عظيمًا، في العمقِ بَلَعَهُ وعلى الشاطئ سليمًا تقيّأهُ. العبرةُ: نَجَا الإنسانْ ونَجَا الحيوانْ.

الأضْحِيَةُ الثالثةُ والأخيرةُ: صُلِبَ المسيحُ فداءً للبشريةِ جمعاءَ، وأصبحنا نتقرّبُ إلى الربّ بالتضحيةِ بروحه الخالِدةِ وأصبحَ لحمُه خبزًا ودمُه خمرًا.

الموعظة:  لا أضاحِيَ ولا قَرابينَ بشرية بعدَ اليومَ !


اللسان ؟

 

في قديم الزمان والمكان، يُروَى أن ملكًا طلب من رئيس الطبّاخين أن يُعدّ له أفضل طبق طعام. في الغداء قدّم الطباخ للملك طبقا متكونًا من ألسنة خرفان.

في الغد طلب الملك من نفس رئيس الطبّاخين أن يُعدّ له أسوأ طبق طعام. في الغداء قدّم الطباخ للملك طبقا متكونًا من ألسنة خرفان كالأمس تمامًا.

غضب الملك غضبًا شديدًا وصاح في وجه طباخه وقال له: أوَصَلَتْ بك الجرأة أن تسخر من الملك ؟

أجاب رئيس الطبّاخين وهو واثقٌ من وجاهة حجّته وقال: حاشا يا سيدي، فاللسان هو أفضل عضوٍ في الإنسان وفي نفس الوقت هو أسوأ ما فيه.

تساءل الملك: كيف ذلك ؟

أجاب رئيس الطبّاخين بلهجة تونسية وقال: "لسانكْ صوّانكْ إذا صنته صانكْ وإذا خنته خانكْ".


تعريفٌ هندسيٌّ للذاتِ الإلهية

 

لنتصوّر جمعًا من الناس في قاعةٍ، كل واحدٍ منهم يرى الآخرينَ من زاويةٍ محدّدةٍ مختلفة عما يراه الآخرون (Il ne voit que les profils des autres, il ne peut pas voir la totalité de l`autre) ، ولكل واحدٍ زاويتُه. وإذا أراد كل واحدٍ رؤية الآخرَ من كل النواحي، فيجب عليه النظر إليهِ من جميع الزوايا في آن وهذا أمرٌ يستحيل على البشر. وحتى وإن حصل هذا المستحيل فهذا لا يكفي، لأن صورةُ المنظُورِ لن تكتمل في ذهنِ الناظِرِإلا إذا جمّع كل رُؤاه من كل الزوايا (La somme ou l`intégrale des profils) وهذا أيضًا يستحيل على الإنسان.

كائنٌ مَنْ كانْ، إنسانٌ أو نباتٌ أو حيوانْ، بالضرورةِ له مكانٌ وزمانْ، ولا يمكنه أن يكون مُتواجِدًا في نفس الثانية وفي كل مكانْ (L`ubiquité)، الجسمُ المادي عاجزٌ عن ذلك والقادرُ وحده هو المُجرّدُ الرحمانْ. هو يرانا على حقيقتِنا ونحن لا نراهْ، لذلك نحن أعجزُ من أن نقدّر حقيقته حق قدرها مهما اجتهدنا في توصيفِه ومهما عبدناهْ.




أسطورة البطاطا  ؟

 

كان يا ما كان في سالف العصر والأوان، جاعت قبيلةً جرّاء القحطِ والجفافِ، قبيلةً لم تكن تعرف أن جذوعَ نبتةِ البطاطا فيها للجائعين غذاءٌ.  فكّر عقلاؤها في الحلٍّ مليًّا فاهتدوا إلى صلاة الاستسقاء. أمطرهم الكريمُ عوض الماءْ بطاطا تسّاقطُ من السماءْ، فحسبوها من الشيطان بلاءْ ومن الله ابتلاءْ وتركوها لعبةً في أيدي الأطفال الأبرياءْ.

ليس للطفل عوائق الكبار، لعب الصغارُ، أكلوا البطاطا، تغذوا وشبعوا فناموا.

 




ما قصّة العيون التي تزركش ريش الطاووس ؟ (أسطورة يونانية)

 

في قديم الزمان والمكان كانت الآلهة متعددة (إله الحب، إله الجمال، إله الخصب، إلخ.) وأسماؤها أيضًا كانت متعددة وكانت الخيانات الزوجية تقضّ مضاجعهم ممّا جعل إلاهًا منهم يتمنّى قفّة من العيون حتى يراقب زوجته، عيون تنتشر في كل شبر من جسمه من الأمام ومن الخلف، فوق الرأس وتحت القدمين. أمنيات الآلهة مستجابة في الحين. لكن تجري الرياح بما لا تشتهي الآلهة، كانت زوجته تعشق إلاهًا غيره.

فكّر العشيق في التخلص من الزوج فاخترع لأول مرة في تاريخ الآلهة آلة موسيقية وجلس قرب غريمه وبدأ يعزف. تأثرَ الإله الزوج بالموسيقى حد البكاء فغمرت دموعه كل عيونه ولم يعد يرى شيئًا. اغتنم العشيق هذه اللحظة واستل سيفه وقتل الزوج. اقتربت الزوجة من الجثة وجمعت بيد واحدة كل العيون التي كانت تراقبها وتخلّصت منها ونثرتها في الهواء. مرّ في تلك اللحظة طائرٌ في الجوار فالتصقت بجسمه كل العيون وكان الطاووس ذو المائة عين وعين.

 

 

 

 

 


 

 

 

 

 

آراء ضد السائد حول الإنسان والإنسانية
رأيٌ ضد السائد حول الحرب والسلم في أوروبا

 

تاريخُ العَرَبِ، القديمُ والحديثُ، قبل الإسلامِ وبعده، مليءٌ بالعنفِ، لكن تاريخَ الغَرْبِ، القديمَ والحديثَ، قبل المسيحيةِ وبعدها، أكثر عنفًا ألفَ مرّةٍ ؟

حادثتا تفجيرِ قنبلتين ذريتين في مدينتَي هيروشيما وناكازاكي في اليابان يومَي 6 و9 أوت سنة 1945، قتلتا عشرات الآلاف من السكان المدنيين الأبرياء. هذه الجريمة العلمية (Un crime scientifique)  أنهت وإلى الأبد عصرَ التناغُمِ أو شهرَ العسلِ الذي كان قائمًا بين العلمِ والمجتمعِ.

جريمةٌ علميةٌ، سبقتها وتلتها جريمةٌ أفظعُ، جريمةٌ اجتماعيةٌ-سياسيةٌ دامت من 1923 إلى 1989، وكان مسرحها ألمانيا النازية، إيطاليا الفاشية، إسبانيا الفرنكية، روسيا الستالينية، الصين الماوية، كمبودج البول بوتية، إلخ... هذه الجريمة السياسية (Un crime politique)  أنهت وإلى الأبد عصرَ التناغُمِ أو شهرَ العسلِ الذي كان قائمًا بين الدولةِ والمجتمعِ. وكان وقعُ الحربِ العالميةِ الثانية أكثرَ تأثيرًا على الضميرِ الغربِيِّ (ستون مليون ضحية من العالمِ أجمعِ).

عنفٌ، قديمٌ وليس جديدًا، توارثناه، نحن البشرُ دون تمييزٍ، جيلاً بعد جيلٍ، منذ آلافِ السنينَ:

-        حدثَ قبل الميلاد في جزيرة سردينيا الإيطالية أن خرج منها الجنودُ الرومان ولم يتركوا وراءهم مواطنًا سردينيًّا واحدًا حيًّا.

-        حدثَ قبل الميلاد في بلاد الغال في بريطانيا أن قتل جول سيزار جميع البالغين، رجالاً ونساءًا، ولم ينجُ من المذبحةِ إلا بعضُ المسنين وبعضُ الأطفالِ المختبئينَ في الغاباتِ والخنادقِ.

-        حدثَ بعد الميلاد في الجنوب الغربي الفرنسي أن أفنَى لويس التاسع كل المسيحيين معتنقي المذهب الكاثاري (Les Cathares).

-        حدثَ حديثًا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين في الهند وإفريقيا وأستراليا أن ارتكب جنرالات أنڤليز أكبر الإبادات الجماعية وقتلوا عشرات الآلاف من الهنود والزولو والهنتتوس والسكان الأوستراليين الأصليين.

-        تَكبُرُ الإدانة ويتضاعفُ الاستنكار وتبلغ الجاهلية أوجَها عندما يقوم بلدٌ بنفس الجريمة أو أعظمَ، بلدٌ أنزلناه منا منزلة متميزة في التحضر والثقافة والعلم والفلسفة، بلدٌ يحظى وعن جدارة بإعجابِ منافسيه من الدول الغربية المتقدمة، بلدٌ لم نخله يومًا يسقط في بضع أسابيع إلى الدرك الأسفل من الإنسانية، بلدٌ ارتكب أفظع الإبادات العرقية والدينية ضد اليهود وجميع الأعراقِ غير الآريةِ. ألمانيا !

-        والأدهَى والأمر، أن ترى بعض الفلاسفة، من بلادي فرنسا على الأقل (الفيلسوف الفرنسي ميشيل سار يتكلم)، لم يكفُّوا حتى آواخر القرن العشرين عن مساندة ثلاثة أو أربعة أنظمةٍ ديكتاتوريةٍ شموليةٍ، أنظمة ستالين وماو وبول بوت.

 

إضافة المؤلف محمد كشكار: أضم صوتي إلى صوت الفيلسوف ميشيل سارّ وأصرخ بأعلى صوتي وأقول: والأنكَى والأشد، أن ترى بعض اليساريين، من بلادي تونس على الأقل، لم يكفُّوا حتى أوائل القرن الواحد والعشرين وبعد ثورةٍ غير مسلحةٍ عن عبادة مجرمِي حربٍ وسلمٍ مثل ستالين وماو وبول بوت، رغم أنني متأكدٌ تمامَ التأكدِ من أن غايتَهم، المتمثلة في العدالةِ الاجتماعيةِ، غايةٌ نبيلةٌ جدًّا، ومتأكدٌ أيضًا أنهم لم ولن يستعملوا الوسائلَ المسلحةَ مثلما استعملها رموزُهم، لا لأنهم لا يريدون، بل لأنهم لا يستطيعون وذلك لِنقصٍ في التزامهم الإيديولوجي ووَهنٍ في عزيمتِهم الثوريةِ الملوّثةِ بنمطِ عيشهم البورجوازي الصغيرِ. هم لا يخجلون من تسمية أحزابٍ باسم طغاتِهم تحت يافطةٍ مُلَمِّعةٍ مُحرّفةٍ مغلِّطةٍ عنوانها الشيوعية أو الماركسية اللينينية وما أبعد الاسم عن المسمَّى.

خاتمة: هل سيأتي يومٌ تُشفَى فيه البشرية من هذا الوباء ؟ ولا أفضلية أخلاقية عندي (أنا مواطن العالَم) بين عنفٍ وعنفِ مهما ارتفع أو قَلَّ عدد الضحايا، و"مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا" (قرآن كريم).

أنا، مواطن العالَم، مواطنٌ متشائلٌ : متشائمٌ بالقديمِ والحاضرِ، متفائلٌ بالمستقبلِ (L`émergence de nouvelles Valeurs)، لأن عند كل ولادةِ طفلٍ، يولد معه مخٌّ جديدٌ قد ينبثقُ منه فجرٌ جديدٌ، فجرُ عصرٍ خالٍ تمامًا من العنفِ، عصرُ "إعادة أنْسَنَةِ الإنسانيةِ" على حد تعبيرِ الفيلسوف الفرنسي المعاصر إدڤار موران.

"سؤالٌ فلسفيٌّ بامتيازٍ: ماذا يفعلُ الإنسانُ عندما يتحالفُ ضده العنفُ والعلمُ في آن: الحروبُ وصناعةُ الأسلحةِ ؟"

L`ONU est une organisation internationale pas mondiale car chacun défend les intérêts de son pays, non ceux du Monde. Botros Gali

"منذ 60 عاما ونحن أوروبا نعيش في سلام (دون حرب)، نعمة لم نعهدها طيلة تاريخنا، نعمة لا نشعر بها وهي أهم نعمة في الوجود" (ملاحظة: بعد موت الفيلسوف ميشيل سارّ جاءت الحرب الأوروبية-أوروبية بين روسيا وأوكرانيا لتنهي حلمه).

"الاشتراكيون الطوباويون (غير ماركسيين) صنعوا التعاونيات للعمال والفلاحين والاشتراكيون العلميون  (ماركسيون) قتلوا العمال بالملايين".


صرخةُ فيلسوفٍ غربيٍّ ضد الغربِ وحروبِه الظالِمةِ والمدمِّرةِ للعالَمِ الثالثِ عمومًا وللعالمِ الإسلاميِّ خصوصًا

 

هل نسيرُ نحو نهاية عصرِ الجندي الكلاسيكي ؟

مِن هنا فصاعدًا أصبح العسكريون الغربيون يُنهكون في منعِ دولِ العالمِ الثالثِ من إنجازِ حروبِها الإقليميةِ عوض أن يقوموا بواجبهم الكلاسيكي الذي أنشِئوا من أجله، ألا وهو الدفاع عن الداخل ضد أي عدوانٍ خارجيٍّ.

لقد قُلِبَ أخيرًا منطقُ الحربِ الكلاسيكيةِ على رأسه ومعه دُنّست أغراضُها، فلم يعُد تحريرُ الوطن من الاحتلال هدفَها النبيلَ، بل أصبح لها هدفٌ جديدٌ وحقيرٌ، ألا وهو غزوُ البلدانِ الضعيفةِ والغنيةِ واحتلالُها ونهبُ ثرواتها، وأصبح تحقيقُ انتصارٍ ساحقٍ من قِبلِ جيشٍ غالِبٍ مبتهِجٍ لا يكلِّفه سوى عشرين قتيلاً، بينما يفقدُ الجيشُ المهزومُ مائتَيْ ألفِ ضحيةٍ تحت القنابلِ الذكيةِ في فلسطين ولبنان والصومال وأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا واليمن (الجزائر حالة خاصة: أهلُها، العسكريون والإسلاميون، هم الذين أفسدوا فيها وفعلوا في بلدهم ما يفعلُ الجاهل بنفسه أو أتعس).

الحربُ، هي حالةٌ عبثيّةٌ غير مسبوقةٍ يعيشها اليوم العالمُ الغربيُّ "المتقدِّمُ المتحضّرُ" كمجزرةٍ تنتهي دومًا بِتلويثِ أيادِيه بِدِماء ملايين الضحايا الأبرياء من العالَمِ الثالثِ عمومًا ومن العالمِ الإسلاميِّ خصوصًا، حتى ولو كانت هذه الحروب تُخاضُ علنًا باسم الديمقراطية وحقوقِ الإنسان !

هل سيأتي يومٌ ينبثق (L`émergence) فيه، من هذه الحالة المتأزمة، الإنسان المنتظر، إنسانٌ حسّاسٌ رقيقٌ قد يصلُ إلى درجةِ أنه يتقيأ لمجرد ذكر أي صراعٍ مسلّحٍ، إنسانٌ يكرِّسُ حياتَه للنضالِ من أجلِ إلغاءِ عقوبةِ الإعدامِ.

هل سيأتي يومٌ تمّحِي فيه الحدودُ بين البلدانِ ويأتي صباحٌ يتواصلُ فيه المواطنُ الذي يُسمِّي الطائرَ الصغيرَ عصفورًا مع المواطنِ الذي يسميه "بيرد"، "فوجال"، "أوسَلّو" أو "بسّاجو" ؟ هل سيكرههم بشدة لِمجرّدِ أنهم لا يتكلمون نفس اللغة ولا يُصلّون نفس الصلاة ؟

انعكس الجدل (La dialectique) على صاحبِه وانقلب السحرُ على الساحرِ وأصبحنا نعيشُ عهدَ الضحايا وليس عهدَ المنتصرين. مَن ما زال ينكرُ علينا بعدُ، نحن الغربُ، على الأقل في هذه المسألة بالذات، أننا حققنا نجاحًا باهرًا وأنجزنا تقدّمًا عظيمًا ؟

(...) عندما يتضاعفُ أمل الحياة (L`espérance de vie) ويتقلصُ الألم (La douleur)، فهل سيأتي يومٌ يرجعُ فيه الإنسانُ عن غِيِّهِ ويكتشفُ أن الحربَ "مرضٌ جماعيٌّ" حان وقتُ القضاءِ عليه نهائيًّا في العالمِ أجمعِ، القضاءُ المُبرَمُ (L`éradication)، كما قضينا بالتلقيحِ على داءِ الجُدَرِيّ (La variole) ؟

"الحرب مؤسسة قانونية، الإرهاب مؤسسة غير قانونية لا تعرف فيها مَن هو عدوّك، ولا مكانه، ولا توقيت إعلانه الحرب عليك".

"حرب الإنسان ضد البيئة أخطر من حرب الإنسان ضد الإنسان وستكون بمثابة الطوفان دون سفينة نوح لو لم نوقف الحروب بيننا ونصلح عالَمَنا".


عكس ما يعتقد الكثيرون فالحروب والعنف والإرهاب هم من أقل الأسباب المؤدية للموت في العالَم

 

كل عام يتوفى 55 مليون نسمة في العالم (المذنب الرئيسي هو نمط العيش الغربي) ويولد 140 مليون طفل. (Reflet du mode de vie occidental, lié en partie à son mode de vie alimentaire)

ما هي -بالترتيب التنازلي- الأسباب العشرة الهامة المؤدية للموت في العالَم، حسب إحصائيات المنظمة العالمية للصحة (L`OMS) ؟

1.    أمراض القلب والشرايين (Les maladies cardiovasculaires).

2.    السكتة الدماغية (AVC: Les accidents vasculaires cérébraux).

3.    العدوَى الرئوية (Les infections pulmonaires ).

4.    أمراض الانسداد الرئوي (Les pathologies pulmonaires obstructives).

5.    الإسهال الجرثومي (Les diarrhées infectieuses ).

6.    السيدا (Le SIDA ou VH).

7.    سرطان الأنف والحنجرة وسرطان الرئة (Les cancers ORL et pulmonaires ).

8.    داء السكري (Le diabète).

9.    حوادث الطرقات.

10.                   موت الأطفال المبكّر (أقل من 5 سنوات).

 

تعليق الفيلسوف ميشال سارّْ: التناقض الذي يحيّرنا هو أن العالَم لم يكن في يومٍ ما أكثرَ سِلمِيّةً مما نحن فيه اليوم وخاصة داخل العالَم الغربي.


مَن بعثَ بالشبابِ إلى مِحرقةِ الحَربينِ العالَميتينِ ؟  

 

هل الابنُ هو الذي قتلَ الأبَ أم الأبُ قتلَ الابنَ ؟

الحرب العالمية: كان أحرى بنا أن نسمّيها الحرب ضد العالَم !

قرارُ الحربينِ أخذه الآباء ولم يستشيروا البتة فيه الأبناء. أخذه الرئيسُ والوزيرُ والعقيدُ وكلهم كبارٌ في السن، والجنودُ هم مَن نفذوه ودفعوا ثمنه من دمهم ولحمهم وعظمهم وكلهم صغارٌ في السن.

الأبُ الجَمعِي (Le père générique) قتلَ الابنَ الجَمعِي (L`enfant générique) بعشراتِ الملايين وجَنَى من قتْلِ ولدِه سُلطةً وجاهًا ومالا وفيرَا، وتاريخًا مجيدًا في الكتبِ مخطوطًا مسطورَا: روزفلت، إيزنهاور، تشرشل، ستالين، ماو، بول بوت، ديڤول، فرانكو وغيرهم كثيرون.

المجرمُ موصوفٌ ومعروفٌ، هو الأبُ لا غيره وما الابنُ إلا ضحيةً مُنقادة، ولكننا ما زلنا في عَمانا وما زلنا في كل جامعات  العالم نُدرِّس ونَدرُس عقدة أوديب وقَتْل الأبِ ؟

نتجاهل الواقع الصارخَ الفاقعَ ونلجأ إلى نظريات علم النفس الفرويدي لنهرب منه، نترك فلسفة العالَمِ والحياةِ ونسجن أنفسنا في فلسفة الكُتُبِ والتاريخ، تاريخ المُدُنِ.


الشيطانُ هو الإنسانُ لا غيره !

 

مَن هو الشيطانُ المعتوهُ الذي قَصَفَ الجَنَّةَ "عَدَنْ" بعشرينَ ألفَ طُنٍّ من القنابِلِ المتفجرة ؟

أين توجدُ الجنة فوق الأرضِ؟ توجدُ في بلاد ما بين النهرَين، وكانت تُسَمَّى في القديمِ "عَدَنْ" (Eden) وثبّتها الله في قرآنه الكريم.

أين نشأت أولُ حضارةٍ بشريةٍ، حضارةُ الحدائق المعلّقة، حضارة بابل؟ ما بين دجلة والفرات.

أين ظهر أبُ الأنبياء، سيدنا إبراهيم الخليل ؟ في العراق.

مَن دمّرَ آثارَها وسرقَ كنوزها  ونهب ثرواتها الأحفورية ؟

مَن لَوَّثَ بِركَها وهواءَها وتُربتَها ؟

مَن حَرَقَ كتبَها ورمى بها في اليمِّ حتى ازْرَقَّ الماء بمِدادِها ؟

مَن شوّه جيناتَ أطفالِها باليورنيوم المخصّب ؟

أليس هذا فِعلٌ شيطانيٌّ معتوهٌ ؟ بدأه التتارُ في القرن الثالث عشر ميلادي وأنهاهُ الأمريكان في القرن العِشرِينْ، وبين القرنَيْنِ كان العربُ وما زالوا عاجزينْ.


كيف تمكن الإنسان البيولوجي (L`Homo biologicus) في القرن العشرين من تجميع كل خاصيات الحيوانات المختلفة في جسمٍ واحدٍ ؟

 

في العالَم، أصبح الإنسان قادرًا على:

-        التكاثر دون ذكر (Le clonage) مثل بعض الحشرات.

-        تَخصِيبِ أنثاه عن بُعد (La fécondation in vitro) مثل بعض الرخويات.

-        تغييرِ جنسه (Le changement de sexe) مثل بعض الأسماك.

-        تعويضِ أعضائه المريضةِ (La greffe des organes) مثل السمندل (Le triton).

-        رعاية جنينِه خارج الرحم (La couveuse des prématurés) مثل الكنغر.

-        الإسبات (Le coma) مثل القنفد  (L’hibernation).

-        العوم والغطس والطيران أفضل من الحيوانات.

-        التواصل عن بُعد أفضل من الحوت (La baleine).

 

تعليق المؤلف محمد كشكار: أصبح الإنسان في تونس 2022 قادرًا على:

-        الكَسبِ دون عمل مثل الطفيليات.

-        الركوع دون خشوع مثل السرعوفة (La mante religieuse).

-        التلوّن حسب المصلحة الذاتية مثل الحرباء.

-        "التهييب والتبهبير" كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد.

-        إلحاق الضرر بنفسه مثل الجسم المصاب بمرض فقدان المناعة (La maladie auto-immune).

-        الهجرة الجماعية حتى الموت مثل الجراد.

-        الكلام دون معنى مثل الببغاء.

-        التعايش مع الفضلات في الطرقات مثل الـ...

 

"الإله لا يسكن مستقبلاً إلا في العالَمِ الثالثِ والرابعِ". مقولةٌ للفيلسوف ميشيل سارّ. 

تعليق المؤلف محمد كشكار:

الله يُمهِلُ ولا يُهمِلُ، "وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" (قرآن) .القرية حسب فهمي الخاص هي عالَم اليوم ومترفوها المعاصرون هم الرأسماليون الغربيون ووسطاؤهم في العالَمِ الثالثِ والرابعِ. ابتلاهم الله بِدعوشةٍ فاقت في الإرهابِ دعوشةَ المسلمين، أليس هم مَن مدّ دويعشاتَنا بأداة الجريمة، أسلحةُ الدمارِ الشاملِ وعلى رأسِها اللغمُ الشخصي والقنبلةُ والرشّاشُ والمدفعُ. قراءة أخرى لنفس الآية تقول "أَمَّرْنَا" وليس "أَمَرْنَا" أي أعطيناهم السلطة وليس أعطيناهم أمرًا، والنتيجة (التدمير) -حسب رأيي المتواضع- واحدة في الحالتَين مع اختلاف في المسؤولية عنه، ففي القراءة الأولى مسؤولية إلهية بحتة أما في الثانية فمشتركة، إلهية وبشرية.

 

زيّن الله لهم أنهم أصبحوا أقوياءَ من دونه فتوهّموا أنهم هم الخالقون الآمرون الناهون المتنفذون المتحكمون في مصائر شعوبهم والشعوب الأخرى. تراءى لهم أنهم نجحوا في انتحال صفات الله: القوة والجبروت والقهر والحساب والعقاب، وظنوا خطأ أن "الله مات" أو شُبِّه لهم أنهم قتلوه ودون محاكمة دفنوه ولم يُصلّوا عليه وطلبوا منا أن نترك ذكره وننساه ونحمّله مصائبنا، فقرنا وتعاستنا، جهلنا ومرضنا، سِلمنا وحربنا، وهو القائل سبحانه وتعالى: "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ"، "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"، حكمتان كافيتان شافيتان لو تفكرهما دعاةُ المسلمين لَحلّوا عنا وبلعوا ألسنتهم وكفوا عنا هراءهم.

تهيأ لهم، الرأسماليون الغربيون ووسطاؤهم في العالَمِ الثالثِ والرابعِ، أن الأمرَ استقر نهائيًّا لهم ولأولادهم من بعدهم، لا آخرة لهم أما الدنيا فمن نصيبهم، ولا عقاب ولا حساب، هم الله ولا إله غير آلهتهم، آلهة المال والربح والاستغلال. اغترّوا بنجاحاتهم المادية المتتالية وتوهموا أنهم اكتسبوا كل صفات الله.

صفةٌ واحدةٌ من صفاتِ الله لم يدّعوا يومًا اكتسابَها، صفةٌ واحدةٌ تبدو لي لوحدها أحق منهم بالتبجيلِ والتوقيرِ والإجلالِ والتعظيمِ، ألا وهي الرحمةُ !

 

الله يسكن حيث يسكن عباده الفقراء الضعفاء والذين بسبب فقرهم هم الأقل إضرارًا بالإنسانية والبيئة وهم الأقرب إلى صفات الله الأزلية فهم الأكثر طيبة ورحمة والأقل بطشًا بإخوانهم من عباد الله.

وهل للفقيرِ الضعيفِ أنيابٌ حتى ينهش لحمَ أخيه ؟ ومَن أحوجُ إلى رحمة الله من غير الفقيرِ المسكينِ ؟

"نوع من الأشجار التي تتخاطب فيما بينها: عندما تعتدي غزالة على واحدة منها، تقوم هذه الأخيرة بإرسال ذرّات تحذر جاراتها من الخطر".

"بعض الطيور الذكور تقوم برقصات حب لإثارة الإناث وتستنبط رقصاتها مع كل فصل جديد. هل رأيتم عاشقًا يفعل هذا مع حبيبته ؟"

"زلزال بقوة 7،2 ضرب مدينة سيليكون-فالي في أمريكا سنة 1989 فقتل 37 فردا. زلزال بقوة 7،00 ضرب هايتي فقتل 300 ألف. مَن المسؤول ؟" المجتمع لا الله سبحانه وتعالى.


أفكارٌ طريفةٌ حول تغيّرِ الإنسان الناتج عن تطور العلم، سمعتها من فيلسوفي المفضّل خلال محاضرة دامت ساعة حول مفهومٍ واحدٍ يتمثل في كلمة "إنسانيًّا"

 

اكتفى الفيلسوفُ بشرح معناها الأنتروبولوجي فقط دون أن يتوقف كثيرًا عند معناها الأخلاقي الفارغ الحري بأجوبة تلامذة الباكلوريا في امتحان الفلسفة. ففي حين تُعَلِّمُ كبارُ القروش صغارَ الذئاب كيف يكون لها أنيابٌ أطوَلُ، يُلهوننا نحن الفقراء بتأسيسِ روابط لحقوق الإنسان قد تجرّنا إلى الفناءْ أو تجعل منّا أنبياءْ بُلَهاءْ لو لم ننتبه لسرابِ وخُدَعِ الأغنياءْ:

1.    حول تَغيّر التعريف الشخصي: بطاقة التعريف اليوم تدل على انتماءات صاحبها (مهنة، قبيلة، مدينة) أما في الحقيقة فالشخص نفسه لا يُعرّف بغير(L`ADN) ، وهذا ما لا يعرفه حتى صاحبه.

2.    حول تَغيّر العنوان الشخصي: العنوان البريدي فضاءٌ ثابتٌ تصلك فيه الرسائل ويدل على محل سكناك الذي يصلك فيه البوليس كي يطبّق عليك القانون لو أخطأتَ، أما العنوان الألكتروني ففضاءٌ متحركٌ، تصلك فيه الرسائل ولا يصله فيه البوليس.

3.    حول تَغيّر الجسم الشخصي: جسمك أفضل من جسم جدك البعيد: جسمك أجمل بفيهٍ غير أدْرَدَ بفضل مواد وعمليات التجميل. جسمك يعيش أكثر بفضل الطب. جسمك يتألم أقل أو لا يتألم البتة بفضل المسكنات والمضادات الحيوية ومضادات الالتهاب. مثلاً: ملك فرنسا لويس الرابع عشر (1638-1715) كان يوميًّا يصرخ ألمًا بسبب مرض الناسور الشرجي (Une fistule anale)، مرضٌ بسيطٌ يُعالج اليوم في يومٍ واحدٍ تحت التخديرِ ودون ألمٍ.

4.    حول تَغيّر السكن الشخصي: تصحّرَ الريف وتعمّرتِ المدن. المواطن الريفي يتميّز بعلاقة مباشرة مع الطبيعة، أما ساكن المدينة فقد انقطعت علاقته تمامًا مع الطبيعة أي مع الجيران والفلاحة والتراب والحيوانات والنباتات والمناخ والسماء والنجوم، وفَقَدَ أو كادَ صلة الرحم إلى درجة أن الخال قد لا يعرف ابن أخته لو قاطعه صدفة في الطريق.

5.    حول تَغيّر المهنة الشخصية: جدك البعيد كان فلاحًا أو نادرًا ما كان حِرفيًّا تقليديًّا وأنت اليوم سائق سيارة أو طيارة أو مهندسٌ أو تقنيٌّ أو ظابطٌ، إلخ.

6.    حول تغيّر المسافات والنقل: الطائرة قلصت المسافات والهاتف الجوال ألغاها تمامًا.

7.    حول تَغيّر مفردات اللغة: اغتنى قاموس الشباب اليوم بمفردات غريبة عنّا نحن الشيوخ: مريڤل، نورمال، عاقِدْها، سَلّكتها، أمورك في الجْبِنْ، جوّك باهي، جوّك حفلات، هانية، إلخ.

8.    جدك البعيد ينتمي إلى العصر الحجري الذي بدأ منذ تسعة آلاف سنة أي منذ أن دجّن الإنسانُ النباتَ والحيوانَ والحجرَ لخدمته، أما أنت فتنتمي إلى العصر الصناعي الذي بدأ مع المكننة.

9.    التاريخ الذي تدرسونه اليوم هو تاريخ المدن (أثينا، أورْ، روما، قرطاج، القدس، مكة، المدينة، دمشق، بغداد، إلخ.) حيث كان يقطن 3  % فقط من سكان العالم، أي لا تعرفون تاريخ 97  % من سكان العالم أي حُجِبَ عنكم واندثر تاريخ ريفكم ومطبخكم وتقاليدكم.

10.                    عند ولادة الفيلسوف (1930-2019) كان العالَم يعُدّ مليار ونصف واليوم 2022 يعدّ ستة تقريبًا مليارات أي ضُرِب العدد في أربعة.

 

لو تسألني: ما هو عنوانك ؟ أقول: 4 نهج باردو حمام الشط (محدَّد في الجغرافيا والفضاء ويخضع للقانون منذ زمان مثل قانون الجباية البلدية، أي "الزبلة والخرّوبة"). عنوان يصلني فيه الإشهار فأرميه في سلة المهملات.

 

لو أعدتَ عليَّ السؤال ؟ أقول: 23139868، رقم جوّالي، وعنواني الألكتروني mkochkar@gmail.com. عنوانَان فعليان لكنهما غير محدَّدَين في الجغرافيا والفضاء أو الأصحّ، محدَّدَان في فضاءٍ آخرَ بمعاييرَ جديدةٍ، فضاء لم تتغيّر فيه المسافات لكن سرعة اختراقه هي التي تغيرت، فضاء لا يخضع للقانون ولا للسياسة، فضاء صَنَعَ قانونه وسياسته، فضاء صَنَعَ ثورةً ثقافيةً، فضاء أضاع ذاكرتنا وعوّضها ببنوك للمعلومات.

 
أفكارٌ ضد السائد، يبدو لي أنني الوحيدُ الذي يتبنّاها ويدافع عنها

 

-        حَذْفُ المؤسسات التربوية الثلاث التالية حذفًا تامًّا ونهائيًّا: التفقد والقيمون والمعاهد والإعداديات النموذجية. النظام التربوي الفنلندي نظام تربوي دون تفقد، وهو من أفضل الأنظمة التربوية في العالَم.

-        إلغاء تدريس الأخلاق في المؤسسات التربوية لأن الأخلاق ليست معرفةً تُدرَّس بل هي سلوكٌ يُمارَس: تكليف التلامذة بأعمال تطوّعية منتظمة كما هو معمولٌ به في المعاهد الكندية حيث يُطالَب التلميذ بإنجاز 40 ساعة عمل تطوّعي خلال 3 سنوات دراسة في المعهد. قال عمر بن الخطّاب: "انصحوا الناسَ بصمت". قالوا: "كيف يا عمر ؟". قال: "بأخلاقكم (أي بسلوككم)".

-        إضافة تدريس علوم جديدة في المعاهد كمواد مستقلة بذاتها: الترجمة، الطب الوقائي، القانون.

-        إنهاء الفصل التعسفي بين تعليم العلوم الإنسانية وتعليم العلوم التجريبية والصحيحة في المعاهد والجامعات وأدعو للربط بينها وذلك عن طريق تدريس التلامذة والطلبة "موادَّ قناطرَ" كموادّ الإيكولوجيا والإبستمولوجيا والأنتروبولوجيا (Nous n’avons plus besoin d’intellectuels ignorants et de savants non intellectuels, ressortissants de l’école actuelle dans le monde entier. Michel Serres).

-        توفير وجبة صحية ساخنة ونقل مجانييين للتلامذة والطلبة.

-        ضمّ الروضات (من 3 إلى 6 سنوات) إلى وزارة التربية.

-        تمكين المدارس الابتدائية من ميزانية تسيير سنوية كما هو جاري به العمل في الإعداديات والمعاهد والجامعات.

-        إعادة الاعتبار لمفهوم الانضباط داخل مؤسساتنا التربوية. "غياب فرض الانضباط (discipline) في المؤسسات التربوية هو عبارة عن إساءة معاملة لأبنائنا لأنهم أطفال ولا يعرفون حدود حريتهم" (Philippe Perrenoud).

-        منْع الإضراب في الروضات والمدارس الابتدائية والإعداديات والمعاهد والجامعات أو تعويض أيام الإضراب وهو أضعف الإيمان.

-        تأنيث كامل الإطار التربوي في الروضات والمدارس الابتدائية لأن المرأة انتُقيت طبيعيًّا أي جينيًّا للقيام بتربية الأطفال دونًا عن الرجل (La sélection naturelle darwinienne).

-        تحديث الدرس الدنيوي الذي يسبق خطبة الجمعة الدينية والذي يُقدَّم في الجوامع والمساجد: يقوم به مختص (طبيب، مهندس، أستاذ، محامٍ، إلخ.) وليس الإمام وباستعمال تقنيات التواصل (PC, vidéoprojecteur, micovisionneur projecteur, etc).

 

 

 








أسئلة كبرى يبدو أنني وجدتُ لها ربّما بعضًا من الإجابةً

 

1.    القرآن في عيون غير المسلمين المعاصرين لنزوله ؟

انتهيتُ حديثًا من قراءة كتابٍ، في ثلاثة أجزاء يتكوّن من 3400 صفحة بقلم 18 مؤلّفًا في عدة اختصاصات، يقول أن القرآن كتابٌ جمع كل علوم عصره وألّف بينها جميعًا وأضاف لها الكثير.

Le Coran des historiens. Sous la direction de Mohammad Ali Amir-Moezzi & Guillaume Dye, Les Éditions du Cerf, 2019, Paris.  Prix : 69 euros (environ 240 dinars). Formé de trois volumes (total=3400 pages).

 

2.    هل يوجد عُنفٌ في القرآن ؟

الأنتروبولوجية جاكلين الشابي: "العنفُ في القرآن، عنفٌ في الخطابِ فقط (Le discours)، وليس عنفًا في الفعل (L`action). وعكس ما يعتقد الكثيرون، لم يرتفع منسوبُ العنفِ في الخطابِ القرآني إلا من أجل تجنبِ العنفِ في الواقع المعيش. أما العنف في الفعل الداعشي فلا صلة له  بالعنفِ في الخطاب القرآني بل له صلة وثيقة جدا بِالعنف الفعلي العالمي المعاصر، والدواعش ليسوا أحفادَ محمد كما يدّعون بل هم أبناء هتلر وستالين".

 

3.    هل يأتي الخلاصُ يومًا من السماء ؟

القرآن: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ".

 

4.    سؤال حيّرني سنينًا، أجابني عليه اليوم القرآن الكريم !

السؤال الذي حيّرني سنينًا:  خلافًا لجل الحضارات الكبيرة، لماذا الحضارة الإسلامية هي الوحيدة التي لم تترك لنا آثارا عمرانية عظيمة مقارنة بأخواتها، مثلما تركت الرومانية والإغريقية والصينية والهندية والأنكا ؟

الجواب الفرضية: لعل السبب يكون ذا جذور عقائدية قرآنية ؟

الله دمّر الحضارات الكبرى التي تتكبّر ببناء الصروح:

-        أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ  (س 40: آ 37): (des cordes célestes pour atteindre Dieu): "وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ" (س 7: آ 137).

-        حضارة عادْ: وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (س 26: آ 129): ils construisent des édifices en pensant qu’ils sont éternels (...) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (س 89: آ ­6-7).

كنتُ أظن أن القناعة ونبذ مظاهر البذخ، كنتُ أظن أن كل هذه القيم أتتني من ثقافتي اليسارية. الواقع أنها قيم إسلامية راسخة في اللاوعي الجمعي لجميع المسلمين، يساريين كانوا أو إسلاميين.

Pour en savoir plus, prière lire : Le Coran des historiens. 

 

5.    الدولة العميقة، مَن تكون ؟

هي دولة عالمية بمعنى أنها دولة لاوطنية. هي سلطة تعادي الفقراء وتساند الأغنياء. هي سلعنة الإنسان وتشييئه. (الفيلسوف الفرنسي المعاصر ميشيل أونفري).

الدولة العميقة في تونس؟ ليست الدساترة والتجمعيين كما كنتُ أعتقد. هو صندوق النقد الدولي وشركاؤه (FMI & Cie) الذين فرضوا علينا استقلالية بنكِنا المركزي. بنكنا المركزي الذي رفض تمويل مشاريع حكومتنا الحالية متعللاً بحججٍ واهيةٍ، مما أجبرها على الاقتراض من البنوك الخاصة بفائض 9%، لكنه في المقابل أقرض هذه البنوك الخاصة بفائض 6%، وكأني به يريد إفلاسَ دولتِنا. الدولة العميقة هي التي فرضت علينا استيراد السلع الكمالية ونحن في أشد الحاجة إلى استيراد أجهزة تنفس لمجابهة جائحة الكورونا. الدولة العميقة هي التي فرضت علينا تصدير 90% من زيتنا وهو غير مَعَلَّبٍ.

 

6.    هل فقدتُ الأمل في غدٍ أفضلَ ؟

لا.. لم أفقد الأمل وذلك لأسبابٍ ثلاثة  لا رابعة لها:

-        التناسل الجنسي عند البشر (la reproduction humaine sexuée) تناسلٌ لا يأتي إلا بالجديد ومع كل مولودٍ جديدٍ يولدُ أملٌ جديدٌ، مولودٍ لا يشبه كل مَن أتَوا قبله ولا الذين سيأتون بعده (mille individus, mille cerveaux).

Pour en savoir plus, prière lire : Voyage au centre du cerveau, Éric Fottorino, Éd. Stock, 1998, 195 pages.

-        مفهوم "الانبثاق" (l’émergence) يقول أن الحالة الراكدة قد تولِّد حدثًا غير مألوفٍ وغير منتظَرٍ مثل الحدث الذي وقع في جمنة يوم 12 جانفي 2011 والذي يتمثّل في انبثاق منوال تنمية جديد، منوال غير ماركسي وغير رأسمالي، منوال يشبه الاقتصاد الاجتمااعي-التضامني الكلاسيكي لكنه أرقى منه نوعيًّا لأنه منوالٌ مبنيٌّ كليًّا على مبدأيْ نكران الذات والتطوع لخدمة الصالح العام.

-        أعتقد جازمًا أن الماضي لن يكون أفضل من الحاضر والمستقبل. يكفي أن ننظر في وجوه كبار السن منّا ونرى البسمة تعلو محيّاهم، فبفضل تقدّم الطب، أسنانُهم لم تسقط بل كلها سليمة وبيضاء وأفواههم لم تعد كالماضي درداء !

Pour en savoir plus, prière écouter Michel Serres sur YouTube et lire son livre « C’était mieux avant ».

 

7.    لماذا لم تنته الحروب رغم توفر ما يكفي لإطعام كل البشر ؟

القرآن: "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا".

الفيلسوف كريستيان دو دوف: "لأن العدوانية تُورَّث في الجينات وكذلك التضامن والقِيمتان الاثنان في صراعٍ أبديٍّ لن ينتهي إلا بحدوثِ طفرةٍ جينيةٍ (Mutation dans l’ADN)" أو رحمةٍ ربّانيةٍ.

بصيصُ أملٍ: لو نجحنا في تطويرِ الجانبِ التضامني في الإنسان بواسطة التربية فقد نَكْبَحُ قليلاً الجانبَ العدواني فيه.

Pour en savoir plus, prière lire : Génétique du péché originel. Le poids du passé sur l`avenir de la vie. Christian de Duve (Prix Nobel de médecine 1974, biologiste-moraliste), Editions Poches Odile Jacob, Paris, 2017, 240 pages.

 

8.    لماذا انقرض الضميرُ المهني في العالَم وفي جميع المهن دون استثناء ؟

الفيلسوف رولان ﭬوري: "لأن الرأسمالية سلعنت كل القِيم وبرلتت كل المِهن (Le capitalisme a prolétarisé tous les métiers)، ثم وظفت جميع المهنيين في ماكينتها واستلبت ضمائرهم وأفرغت كل مهنةٍ من رسالتها (الأستاذ أصبح موظفًا دون رسالة تربوية، الطبيب أصبح موظفًا دون رسالة صحية، السياسي أصبح موظفًا دون رسالة سياسية، إلخ.)".

Pour en savoir plus, prière lire : La fabrique des imposteurs, éd. Babel essai, 2015, 308 p., Prix 8,7  ; Roland Gori  (psychanalyste et professeur émérite de psychologie et de psychopathologie clinique à l'université Aix-Marseille).

 

9.    لماذا غُزِينا ثقافيًّا دون أن نشعرَ أو نَعِي أننا غُزِينا ؟

الفيلسوف زيـﭬمونت بومان: "لأن الغزوَ الثقافيَّ تمَّ بطريقةٍ ناعمةٍ وسائلةٍ".

Pour en savoir plus, prière lire : Zygmunt Bauman (sociologue-philosophe), La vie liquide, Ed. Fayard/Pluriel, 2016.

 

10.                    لماذا الإسلامُ هو الإسلامُ والمسلمون لم يعودوا مسلمينَ ؟

الأنتروبولوجية جاكلين الشابي: "الدينُ يخلقُ المجتمعَ والمجتمعُ يخلقُ دينَه".

Pour en savoir plus, prière écouter sur YouTube l’anthropologue française Jacqueline Chabbi.

11.                    ما الفرق بين المسلم والمؤمن ؟

جاكلين الشابي، أنتروبولوﭬ، قالت: "المؤمن هو المسلم المقاتل". لو اعتمدنا جدلا تفسيرها فلن نجد في مسلمي اليوم مؤمنين غيرَ الجهاديين !

 

12.                    كيف تجاوزتُ عقدة النقص الحضارية التي سكنتني سنينًا حيال الحضارة الغربية المسيحية لمجرد أنني عربيٌّ-مسلمٌ ؟

عِلم الأنتروبولوجيا يقول ويؤكّد أن "لا حضارة أفضل من حضارة".

 

13.                    كيف نتخلص من الإرهاب المنسوبِ خطأً للإسلامِ والمسلمينَ ؟

عالِم السياسة فرانسوا بورﭬا: "الحل يكمن في توزيع الثروات بعدلٍ بين سكّان العالَم الأول وسكّان العالَم الثالث".

« La meilleure arme de destruction massive contre le terrorisme islamique est le Partage économique entre le Nord et le Sud » François Burgat.

Pour en savoir plus, prière écouter sur YouTube le politologue français François Burgat.

 

14.                    هل من المعقول أن نثق دومًا في العقل ؟

الفيلسوف هنري أتلان: "هل نكونُ على صواب عندما نثقُ دومًا في العقل".

« A-t-on raison de faire toujours confiance à la raison ? » Henri Atlan

Pour en savoir plus, prière écouter sur YouTube Henri Atlan, philosophe, biophysicien, éthicien et écrivain.

 

15.                    هل جيناتُنا الموروثة تُحدِّدُ وحدها صفاتَنا الذهنية (الذكاء، العبقرية، العدوانية، إلخ.) ؟

صفاتُنا الذهنية تنبثقُ من تفاعُلِ جيناتِنا مع محيطِنا (L’épigenèse).

Pour en savoir plus, prière lire ou écouter: 1. La fin du « tout génétique » ? Vers de nouveaux paradigmes en biologie, Henri Atlan, Editions de l’INRA., Paris 1999, 91 pages. 2. in YouTube, Mohamed Kochkar : Enseigner des valeurs ou des connaissances ? 3. L’épigenèse cérébrale ou le "tout génétique"? Édition électronique, Presses Universitaires Européennes. (PUE), 2010. 

 

16.                    صراعُ طبقات أم صراعُ حضارات أم صراعُ أديان أم أفولُ قِيمٍ إنسانيةً ؟

Pour en savoir plus, prière lire ou écouter: Le naufrage des civilisations, Amin Maalouf, Grasset, 332 p, 22 €.

 

17.                    بسبب خَطِّي غير الجميل، فرحت بقدوم الكتابة على لوحة مفاتيح الحاسوب وقلت أن عهد الخط (Graphie) قد وَلَّى وانتهى ولا فائدة من إجهاد الصغار في تعلمه.

عرفت اليوم أن استنتاجي كان غير علمي: تعليم الكتابة بواسطة الخط (Graphie) أفضل من تعلّمه على الحاسوب (Clavier). الخط يساعد التلميذ على القراءة أحسن لأنه يتعرف بصورة أسرع على الحروف.

Pour en savoir plus, prière écouter  sur YouTube : Grégoire Borst, Professeur de psychologie du développement et de neurosciences cognitives de l'éducation et Directeur du Laboratoire de Psychologie du Développement et de l'Education de l'enfant (CNRS).

 

18.                    كنت أقول أن لا فرق بين التعلم عن قرب (Présentiel) والتعلم عن بعد (Distanciel) عند الطفل والكهل

عرفت اليوم أن استنتاجي كان غير علمي: التعلم عن قرب (Présentiel) أفضل من التعلم عن بعد عند الطفل (en distanciel, l’enfant laissé seul, il n’arrive pas à activer pas ses neurones-mémoires).عند الكهل كيف كيف. (Grégoire Borst).

 

19.                    لماذا فقراءُ اليوم لم يعودوا يصبرون على فقرهم مثل فقراءِ الخمسينيات ؟

لأننا كنا نعيش فقرنا جماعيا وهم اليوم يعيشونه في عزلة تعيسة  !

Source d’inspiration : Roland GORI, La fabrique des imposteurs, BABEL, 2015  (p. 29).

 

20.                    القروض غير الضرورية أو كذبة تداين الدول للحاجة

البنك المركزي المستقل عن الحكومة يُقرض البنوك الخاصة بفائض ضعيف والتي بدورها تُقرض الحكومة بفائض أقوى وتربح الكثير دون مبرّر وجيه. حيلة لنهب المال العام لا أكثر ولا أقل، والمفارقة الكُبرَى أنه نهبٌ مُسندٌ بالقانون الليبرالي الإجرامي المجحف والمبيّت والمبرمج، والدليل على وجاهة طرحي: دولة غنية كفرنسا تدفع سنويًّا ربع ميزانيتها لتسديد قروضها غير الضرورية وكذلك تفعل الولايات المتحدة الأمريكية.

الحل المقترَح: بنك مركزي غير مستقل عن الحكومة يُقرض الحكومة مباشرة بفائض ضعيف. يُنقذ الحكومة خلال الأزمات ويَربح القليلَ القليلَ.

Source : Nicolas Sersiron, La résistible ascension d`un duo destructeur, Dette et Extractivisme, Éd. Utopia, 2014.

 

21.                    لماذا لا أحتج في الشارع ؟

-        المحتج لا يفكر، لا لآنه لا يستطيع بل لأنه لا يريد. يريد الأخلاق والأخلاق أيضا لا تفكر.

-        المحتجُّ لا يفكر، المحتج فقط يجرِّم ويستمتع بتشويه المعارضين، وحتى لو كان المعارضون له غير موجودين، فهو يستمتع بتشويه الموالين له.

-        احتجاج رئيسنا قيس سعيّد ضد المحتكرين، فعلٌ أخلاقي وليس فعلا سياسيا وما دامت الأخلاق لا تفكر فرئيسنا لا يفكر في مشاكلنا ولا في إيجاد حلول لها.

-        لا يوجد احتجاجٌ لا يصاحبه غضبٌ حامٍ والغضبُ الحامي لن يصبح قوة سياسية فاعلة إلا إذا مرّ عبر غربال التحليل العقلاني البارد.

-        الاحتجاجُ كالغضبِ الحامِي، إذا بَرَدَ، حوّل سهامَ غضبِه نحو نقد الهياكل والبُنَى والمؤسسات عوض ثلبِ الأشخاص ومبارزة طواحين الريح.

-        السياسةُ لا تبدأ بتعيينِ الأعداءِ إلا عند المحتجين الليبراليين-الفحوليين-الدونكيشوتيين الذين يحرّكهم الغضبُ والإقصاءُ والاستئصالُ.

-        المحتج له خصومٌ وهو يتوهم أن له أعداء. الفرق بين الاثنين: العدوّ أتمنى محقه أما الخصم فلا أضمر له أي شر، أريده أن يتوقف عن إيذائي فقط.

-        المفكر الجاد لا ينبهر ومزاجه لا يتأثر لأنه يحلل ظواهر منتظمة ولا يتعجب أيضا لأن ما يحلله يتكرر ولا ينحاز إلا للحق حتى ولو كان ضده.

-        الفرقُ شاسعٌ بين صاحب تقييم أخلاقي وصاحب تقييم إحصائي لظاهرة عادية. الأول يَغضب ويحتج لكنه لا يفكر أما الثاني فيحلل وهو مرتاحٌ.

-        جاء قرار حل البرلمان ثم قرار حل المجلس الأعلى للقضاء. متى سيأتي قرار حل مشاكل التونسيين والتونسيات؟ احتكار وغلاء أسعار، صحة، تعليم..

-        المحتج في الشارع إنسانٌ صادقٌ لكنه إنسان غاضب والغاضبُ لا يفكر. كفانا إذن احتجاجا وغضبا دون فعل. نريد فعلا رصينا يُغضب مَن أغضبنا.

-        ضد التيار: تصوروا معي ولو للحظة لو أنفِقت كل الطاقات المهدورة في الاحتجاجات الغاضبة في الاتصال المباشر في عمق البلاد لإقناع الناس.

Source d’inspiration (idée et moule du texte): Le Monde diplomatique, février  2022, extraits de l’article « Colère », par François Begaudeau, écrivain, p. 28.  Son article à lui est extrait de son dernier ouvrage « Notre joie », paru en septembre 2021aux Éditions Pauvert, Paris (Librairie Arthème Fayard).

 

22.                    كنتُ أظن أن أجدادَنا (Homo sapiens) كانوا يعيشون في انسجامٍ مع الطبيعةِ، حتى قرأتُ:

Yuval Noah Harari, Sapiens. Une brève histoire de l’humanité, Ed. Albin Michel, 2015, 492 pages, prix=24€.

فوجدتُ:

-        "لا تصدّقوا أنصارَ البيئة (les écolos) الذين يدّعون أن أجدادَنا كانوا يعيشون في انسجامٍ مع الطبيعةِ".

-        "الإنسان العاقل" (Homo sapiens) يتمتع بامتياز ملتبِس بأنه النوع الأخطر في سِجِلات البيولوجيا (les annales de la biologie).

 

23.                   سؤال كان يتبادر إلى ذهني: هل ما يسمى بـ"الأرقام العربية" (1،2،3...) هي حقا عربية المنشأ أم هندية المنشأ ؟

هي هندية المنشأ. عندما غزا العرب الهند حققوا فيها ونشروها في أوروبا والشرق الأوسط.

Source: Yuval Noah Harari, Sapiens. Une brève histoire de l’humanité, Ed. Albin Michel, 2015, 492 pages, prix=24€. Page 160.

 

24.                    سؤال كان يتبادر إلى ذهني: هل اللغة العربية الفصحى المعاصرة هي لغةٌ جزئيةٌ (une langue partielle cad une langue seulement écrite et non parlée) أم هي لغةٌ كاملةٌ (une langue complète cad écrite et parlée) ؟

اليوم هي في البلدان العربية لغةُ كتابةٍ وليست لغةَ تَخاطُبٍ. أهلُها جعلوا منها لغةً جزئيةً (partielle) بعدما كانت لغةً كاملةً (complète).

 

25.                   أسئلة كانت تتبادر إلى ذهني حول وضع المرأة في المجتمع فوجدت لها بعض الأجوبة في كتاب:

Yuval Noah Harari, Sapiens. Une brève histoire de l’humanité, Ed. Albin Michel, 2015, 492 pages, prix=24€.

-        المرأة تحبل والرجل لا يحبل. تمييزٌ بيولوجي-طبيعي وامتياز جيني تُرجِمَ ثقافيًّا في كل الحضارات إلى تمييزٍ حقوقي وحيف اجتماعي.

-        الطبيعة البيولوجية المختلفة عند المرأة لا يمكن أن تُستغَل كتبرير لعدم المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل مثل القول بعدم أهليتها لتولي منصب قاضية رئيسة محكمة.

-        التمييز البيولوجي بين المرأة والرجل بقي قارًّا على مر التاريخ بينما التمييز الحقوقي تغير من عصر إلى عصر (كانت لا تَنتخِب ولا تُنتخَب واليوم أصبحت تَنتخِب ولا تُنتخَب تقريبًا في جل بلدان العالَم).

-        ""أن تكون ذكرًا أو أنثى فهذه مسألة بيولوجية واضحة (XXouXY) أما أن تكون رجلاً أو امرأةً فهذه مسألة ثقافية مكتسبة ومركّبة".

"خلال تاريخ "الإنسان العاقل" (Homo sapiens) لم تتغير المرأة بيولوجيا لكن وضعها الاجتماعي تغير (لا تنتخِب/تنتخِب أو تابعة للرجل /مستقلة عن الرجل).

-        "أكثر الصفات الاجتماعية والذهنية عند الرجل أو عند المرأة هي صفات أنتجتها الثقافة وطوّرتها ولم تنتجها البيولوجيا".

-        "عند الحيوانات عادةً ما يكون الذكرُ أجملَ وأزينَ من الأنثى (الأسد، ذكور العصافير) خلافًا لِما هو سائدٌ عند البشر".

-        "خلال تاريخ "الإنسان العاقل" أنفِقت على تعليم المرأة ميزانيات أقل مما أنفِق على الرجل وحُرمت من حرية التنقل".

-        "عادة ما يكون الرجل أقوى عضليًّا من المرأة لكن عادة ما تكون المرأة أكثر مقاومة وأكثر صبرًا على الجوع والمرض والتعب (الحَمل)".

-        "لو كانت القوة العضلية سببًا في حرمان المرأة من ممارسة بعض المهن الشاقة فلماذا أقصِيت من امتهان الفلسفة والدين والقانون والسلطة والقيادة السياسية".

-        "عادة ما نردد ونقول دون تدقيق أن الإنسان هو المسؤول عن الحروب. أي إنسان ؟ عبر التاريخ كان الرجل هو المسؤول وليست المرأة".

- "لماذا سيطر الرجل على المرأة في كل الحضارات وعلى مر التاريخ ؟ ربما تكون القوة العضلية أو العدوانية هي السبب ؟ حتى اليوم لا نفهم جيدا لماذا".

- "في مجتمع بنِي وتطوّر بفضل قيمة التضامن بين أفراده، كيف نفسر سيطرة الرجال وهم الأقل تضامنًا على النساء وهن الأكثر استعدادًا للتضامن".

- "يبدو وكأن سيطرة الرجال على النساء لا تستند إلا على أساطير غير مدعومة لا على حقائق بيولوجية. كيف نفسر إذن عالميتها ودوامها ؟"

- "عبر ملايين السنين من "الانتقاء الطبيعي" يبدو أننا ورثنا جينات الرجال الأكثر عدوانية وطموحا وجينات النساء الأكثر حنانا وخضوعًا".

- "للمرأة صفات جينية مميزة على الرجل لم تسمح لها المجتمعات الذكورية بالظهور مثل القدرة على بناء شبكات من التواصل والتعاون".

-        Les spécialistes distinguent entre le « sexe » (mâle /femelle) qui est une catégorie biologique et le « genre »  (homme/femme) qui est une catégorie culturelle. (Yuval Noah Harari, Sapiens, p. 181).

 

26.                    كيف نوفق بين الحرية الفردية والمساواة بين الأفراد ؟

وجدتُ بعض الجواب عند Yuval Noah Harari

-        "المساواة والحرية الفردية قيمتان أساسيتان لكنهما متناقضتان ولن تتحقق الأولى إلا بِـبتر الثانية، أي الحد من امتيازات الميسورين".

-        "كل التاريخ السياسي للعالم منذ الثورة الفرنسية (1789) يتلخص في الجهد المبذول لإيجاد حلول للتناقض المعاصر بين المساواة والحرية الفردية".

 

27.                     لماذا اندثر سلطة العائلة والقبيلة في كل المجتمعات رغم اختلاف ثقافاتها ؟ (L’effondrement de la famille et de la communauté, Yuval Noah Harari, Sapiens, p. 417 )

 "منذ الثورة الصناعية (XVIIIe) افتكّت الدولة كل وظائف العائلة والقبيلة في مجالات التربية وتوفير السكن والصحة والقرض والحماية الشخصية".

-        الدولة والسوق عوضتا الوالدين في حياة الأبناء. أصبحت الدولة تعاقب الذي يعتدي بالعنف على ولده أو لا يدخله المدرسة أو يزوج ابنته غصبا.

-        "ظهور الدولة الحديثة في حياة البشرية عامّة (XVIIIe) حرّر النساء والأطفال من تسلط العائلة والقبيلة" (Yuval Noah Harari). يبدو لي أنه سلاح ذو حدّين !"

-        "قبل الثورة الصناعية: الدولة والسوق ضعيفتان والعائلة والقبيلة قويتان. بعد الثورة الصناعية: الدولة والسوق قويتان والعائلة والقبيلة ضعيفتان".

-        ملايين من السنين قولَبت الإنسان على الانتماء العضوي للعائلة والقبيلة. جاءت الثورة الصناعية وفي قرنين فقط حولتنا إلى أفراد مستلبين".

-        خلال القرنين الأخيرين ضعف أو اندثر الانتماء القبلي وقوي الانتماء الإيديولوجي والطبقي والقومي والنقابي والعلمي والفيسبوكي والكروي.

-        منذ 14 قرنا، الدولة الإسلامية خلخلت الانتماء العضوي للقبيلة وفرضت على الأغنياء إعانة الفقراء حتى لو لم يكونوا من قبيلتهم (الزكاة).

 

28.                    لماذا ثورات القرن 21 لم تعدْ تبدو لنا ثورات كالثورة الفرنسية مثلا ؟ (Yuval Noah Harari, Sapiens, « chaque année est révolutionnaire, p. 428)

-        لأن الاكتشافات التكنولوجية جعلتْ من كل سنة تمرّ علينا "سنة ثورية" في حد ذاتها.

-        اليوم أصبح تغيير نمط العيش متسارعا إلى درجة أن شابا في30 من عمره يستطيع أن يقول صادقا لجيله من المراهقين: "يا حسرة مْنين كنّا".

-        اليوم حتى الأحزاب الأكثر محافظة مثل النهضة أصبحت كالأحزاب التقدمية لا تَعِدُ إلا بالإصلاح والتغيير في المجالات التربوية والاقتصادية.

 

29.                    كنتُ أعتقد كالكثيرين من أمثالي أن الحروب هي أكبر متسبب في تزايد عدد الوفيات في العالم قبل الجرائم وحوادث الطرقات (Yuval Noah Harari, Sapiens, p. 428)

يبدو أن تاريخ البشرية لا يتقدّم إلا من حمّام دم إلى آخر لكن...

من الاستعمار إلى الاستيطان إلى الحرب العالمية الأولى إلى الثانية إلى الباردة، من الإبادة الجماعية للأرمن في تركيا إلى اليهود في ألمانيا إلى التوتسي في رواندا، من روبيسبيير في فرنسا إلى لينين وستالين في روسيا إلى هتلر في ألمانيا إلى بولبوت في كمبوديا... لكن ورغم كل هذه الكوارث التي أصابت البشرية فإن الحقبة السبعينية الأخيرة (1945-2022) التي مرّت على البشرية باستثناء فلسطين كانت من الفترات الأكثر سلمية في كل تاريخ البشرية.

عام 2000، جملة الحروب في العالم تسببت في قتل 310.000 بشر في حين أن جرائم العنف لوحدها قتلت 520.000 وجرائم الانتحار قتلت 815,000.

ما قتلته الحروب والجرائم مجتمعة في العالم في عام 2000 لا يساوي إلا نسبة 1,5% من العدد الجملي للوفيات في العالم وفي نفس العام، عدد يساوي 56 مليون وفاة.

ما زلنا في عام 2000،  حوادث الطرقات وحدها تسببت في قتل مليون و260 ألف بشر أي بنسبة 2,25% من العدد الجملي للوفيات في العالم في نفس العام.

خاتمة: نحن في تونس والحمد لله لم نعشْ حربًا منذ معركة بنزرت سنة 1961 ومنذ ذلك التاريخ إلى اليوم أي منذ ستين عامًا ونحن ننعم بسلام متواصل باستثناء بعض العمليات الإرهابية.

 

30.                   نلاحظ أن قيمة الصداقة في طريقها للانقراض بسبب بروز مؤسسات الدولة في حياتنا مما نتج عنه عدم احتياج الصديق لصديقه في أوقات الشدة (Yuval Noah Harari, Sapiens, p. 449).

 

31.                   نحن العصريون (les modernes)، وبسبب نفاد صبرنا أصبحنا عند الإصابة بآلام عضوية أو نفسية نشعر بالمعاناة بصفة أشد مما شعر بها أجدادنا. (Yuval Noah Harari, Sapiens, p. 450)

 

32.                    "الإعلام والإشهار سلبانا الإيمان بالقناعة والإحساس بالسعادة وذلك بتحسيسنا أننا لسنا في مستوى النماذج المثالية التي يعرضونها علينا" (Yuval Noah Harari, Sapiens, p. 451)

 

33.                    "الإحساس بعدم الرضا على النفس في العالم الثالث قد لا يكون بسبب الفقر والفساد والقمع بل بسبب المقارنة مع مواصفات العالم الأول" (Yuval Noah Harari, Sapiens, p. 451)

 

  1. الحرية الفردية والٌقِيم السامية في عالَم اليوم ؟

وجدتُ بعض الجوابَ في هذا الكتاب الرائع:

Source d’inspiration : 1984, livre de George Orwell, éd. Folio, Barcelone 2022, 408 pages (traduit de l’anglais par Amélie Audiberti. Edité pour la première fois en français en 1950 par Gallimard).

-        الحرية الفردية في الدول الديمقراطية تصبح عبودية شبه-إرادية: تنتخب مَن يمثلك في السلطة ثم تُجبر وبالقانون على الصمت لمدة خمس سنوات.

-        السلطة السياسية جماعية أو لا تكون والفرد فيها لا يستمد سلطته من ذاته بل يكتسبها بقدر ما يلغي ذاته وفردانيته داخل حزبه الحاكم.

-        في دول العالم الثالث لا وجود لفرد حر فعليًّا إلا إذا كان مجنونًا أو مثقفًا نكرة يعيش على هامش المجتمع أو متصوفًا يسبح في ملكوت الله.

-        الدليل القاطع على أن الفرد في الدول الديمقراطية ليس حرًّا بل هو عبدٌ ذليلٌ: ينتدبونه في الحرب غصبًا عنه ليدافع عن مصالح أسياده.

-        في دول العالم الثالث لا تسمى السلطة سلطة إلا إذا جعلت شعبها يتألم ويحس بذنب لم يرتكبه. سلطةٌ لا يكفيها طاعة شعبها لقوانينها.

-        عالَم اليوم هو عالَمٌ مختلفٌ تمامًا لعالَم الذات المثالي الساذج الذي حَلَمَ به الفلاسفة المصلحون القدامى والحداثيون.

-        عالَم اليوم هو عالَمُ الخيانة والألم والنفاق والانتهازية والأنانية المفرِطة والجشع الغريزي والخوف من المستقبل القريب.

-        عالَم اليوم هو عالَمُ الجلادين والمسحوقين. عالَمٌ كلما زاد تقدّمًا تكنولوجيًّا كلما نقص قِيميًّا وكلما زاد "تحضّرًا" زاد قسوةً.

-        الأديان القديمة تدّعي أنها بُنِيت علي الحب والعدالة. في عالَم اليوم لا تجد إلا الخوف والحنق والكِبْر. نحن قتلنا كل شيء جميلٍ.

-        في عالَم اليوم، نحن البشر هدمنا العلاقات الرقيقة بين الآباء والأبناء وبين الأصدقاء وبين النساء والرجال. لا أحد صار يثق في أحد.

-        في عالَم اليوم، نحن البشر هدمنا العلاقات العاطفية بين الأخ وأخيه، بين الجار وجاره، بين المدرّس والتلميذ. الكل أصبح يشك في الكل.

-        في دول العالم الثالث، السلطة السياسية تسعى دائمًا إلى تفكيك العقل الجماعي إلى قِطعٍ متناثرة متناحرة وتدّعي تجميعها بطريقتها.

 

  1. هل الإنسانُ مخيّرٌ (Le libre arbitre) أم مسيّرٌ (le déterminisme absolu de la nature)  ؟

أطروحتان يصعب البرهنة على كليهما.

"الضرورة الحرة"-libre nécessité: حتمياتنا الداخلية، إذا عرفناها ورتبناها، تنتج شخصا متحررا من رغباته بفضل الحتميات الخارجية.

Pour en savoir plus, prière lire « Sommes-nous libres », livre d’Henri Atlan & Bertrand Vergely, éd. Salvator, Paris 2012, 130 p., Prix 14 euros.

 

  1. وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلً (قرآن)

الفيلسوف هنري أتلان لا يؤيد مقاربة "ثنائية الجسد والروح" (Dualisme cartésien) ولا مقاربة "الوحدانية المادية المضللة" (Monisme matérialiste لكنه يؤيد مقاربة "الوحدانية المركبة"، وحدانية غير مادية وغير مثالية أو الاثنان في آن (Monisme ni matérialiste ni idéaliste, ou plutôt les deux à la fois)، وحدانية يدركها بوجهين: وجه يدركه بحواسه ووجه يدركه بتصوراته الذهنية المجردة ولا وجهٌ يُعتبر سببًا للوجه الآخر.

الفيلسوف برتراند فارجولي قال: "عندما يدّعي العِلمويّون (Les scientistes) أنهم سوف يفهمون كل شيء فإن ادعاءَهم لا يُعتبرَ علمًا بل وثنيةً مرتبطةً بمشروعٍ يَهدفُ إلى استئصال الدين".

 

Platon : « L’âme comme le cocher conduisant l’attelage du corps ».

Henri Atlan : « Je ne peux réagir que par un désaccord certain ».

Pour en savoir plus, prière lire « Sommes-nous libres », livre d’Henri Atlan & Bertrand Vergely, éd. Salvator, Paris 2012, 130 p., Prix 14 euros.

 


كنتُ أظنُّ

 

1.    كنتُ أظنُّ أن الماركسيةَ خلاصٌ للمضطهَدين وغذاءٌ للمثقفين حتى اكتشفتُ أنها سرابٌ للمضطهَدين وأفيونٌ للمثقفين.

Pour en savoir plus, prière lire « L'Opium des intellectuels », un livre écrit par le philosophe français Raymond Aron et paru en 1955.

2.    كنتُ أظنُّ أن الدينَ ينتمي إلى البُنَى الفوقية (superstructures) حتى اكتشفتُ بِـفضلِ فيلسوف حمام الشط أنه ينتمي أيضًا  إلى البُنَى التحتية (infrastructures).

3.    كنتُ أظنُّ أن الحضارة الغربية أفضل من باقي الحضارات حتى اكتشفتُ بِـفضلِ علم الأنتروبولوجيا أن لا حضارة أفضل من حضارة.

4.    كنتُ أظنُّ أن الصفات المكتسبة لا تورّث بتاتًا حتى اكتشفتُ بِـفضلِ عالِم البيولوجيا والفيلسوف هنري أتلان أنه اعتقادٌ لم يعدْ اليومَ مستبعدًا علميًّا (le néolamarckisme ou hérédité épigénétique ).

Pour en savoir plus, prière lire « Croyances. Comment expliquer le monde ? » Henri Atlan, éd. Autrement, Paris 2014, 373 pages, Prix : 10 euros.

5.    كنتُ أظنُّ أن كل الكائنات الحية عندها (ADN) أو (ARN) أو الاثنين معًا حتى اكتشفتُ بِـفضلِ عالِم البيولوجيا والفيلسوف هنري أتلان أنه يوجد كائن حي اسمه (Le prion) يتسبب في عدوى مرض جنون البقر،  كائن ليس له (ADN) ولا (ARN).

Qu’est-ce qu'un "être vivant" ? Ça se discute. Le biologiste philosophe Henri Atlan a dit que la vie-même n'est plus un objet de laboratoire comme l’âme exactement. Les deux concepts sont devenus des objets purement philosophiques.

6.    كنتُ أظنُّ أن جيناتَنا تحدّد حتميًّا كل صفاتِنا (Le tout-génétique) حتى اكتشفتُ بِـفضلِ عالِم الوراثة والفيلسوف ألبير جاكار أن الذكاء مكتسب 100% ووراثي 100% (L’épigenèse).

7.    كنتُ أظنُّ أن الإنسان خيّر بطبيعته حتى دَرَسْتُ انتقاءَ الآدِآن (sélection naturelle darwinienne de l’ADN) وقرأتُ في القرآن "ونفس وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها".

8.    كنتُ أظنُّ أن الثورات تقوم بها الطبقة الدنيا لتحسين ظروف عيشها حتى اكتشفتُ أن الطبقة الوسطى هي التي تقوم بها لتأخذ مكان العليا وما الدنيا إلا حَطَبٌ لا غير.

9.    كنتُ أظنُّ أن الحروب هي أكبر متسبب في الوفيات غير الطبيعية حتى اكتشفتُ بِـفضلِ الفيلسوف ميشيل سارّ أن الانتحار وحوادث الطرقات أكبر بكثير.

10.                    كنتُ أظنُّ أنني أعرف القليل من العلوم والفلسفة حتى اكتشفتُ بِـفضلِ قراءاتي المكثفة بعد التقاعد أنني لا أعرف إلا جزءًا قليلاً من القليل. الحمد لله.

 


خلاصة نشاطي الفكري المتواضع خلال عشر سنوات من التقاعد (2012-2022)

 

1.    نشرتُ ستة كتب والسابع تحت الطبع.

2.    وزّعتُ مجانًا حوالي ألف نسخة رقمية من كتبي الخمسة على الأصدقاء الفيسبوكيين الذين طلبوها وحوالي مائة نسخة ورقية لمن اتصل بي مباشرة.

3.    قدّمت مجانًا حوالي عشر محاضرات حول التربية والتعليم والثقافة العامة في تونس العاصمة (مرتين فقط خارج العاصمة: مرة في جمنة مسقط رأسي ومرة في المنستير).

4.    قدّمت تجربة جمنة 23 مرة في شكل محاضرات ومشاركات في مؤتمرات وتدخلات تلفزية وإذاعية في تونس العاصمة (مرة واحدة فقط خارج العاصمة في ﭬـعفور).

5.    راجعتُ خمسة كتب قبل الطبع للأصدقاء الكتّاب رضا بركاتي وليلى الحاج عمر والعربي بن عميرة وسميرة غانم والأسعد النجار (مقال طويل).

6.    أصدقاء كتّاب راجعوا مشكورين كتبي وبعضهم كتبوا لها مقدمات: بلـﭬاسم عمامي وعفيف ساسي وحبيب بن حميدة ورؤوف ساسي وليلى الحاج عمر والأسعد النجار ومحمد بوسريرة.

7.    أقارب وأصدقاء بعثوا لي مجانًا كتبًا من الخارج: أندري جيوردان (أستاذي السابق والحاضر في الديداكتيك، جينيف) وعبير كشكار (ابنتي، أوتاوا كندا) ورهان كشكار (ابنة أخي المرحوم صالح كشكار ، دبي الإمارات) وفوزي وأحمد العابد (أبناء أختي الكبرى مباركة كشكار، باريس) وبكّار عزوز (أستاذ القرآن، باريس) وصديق افتراضي فيسبوكي (أستاذ رياضيات تونسي متعاون في قطر). من الداخل بلـﭬاسم عمامي وفتحي بالحاج يحي أهدياني كتبًا.

8.    أعرتُ كتبًا للأصدقاء حبيب بن حميدة وليلى الحاج عمر وأسامة كشكار (ابن أخي أحمد كشكار والممثل المشهور) وسامي زواري ومحمود رمضان والفاضل رواشد ولزهر زايد وعربي مستوري.

9.    استعرت كتبًا من رمزي بن سلطان ومحمود رمضان والمكتبة العمومية بحمام الشط.

10.                    ساهمت وبصفة متواضعة جدًّا وغير رسمية في مشاورات شبه تأطير منهجي لأربعة طلبة: محمد بوﭬرين (دكتورا ديداكتيك تفكير إسلامي، المنستير) سوار عبد العزيز وعبير مهنّي (نهاية إجازة في علوم التربية، المنستير) ونجيب بن بلـﭬاسم (دكتورا ديداكتيك عربية، تونس).

11.                    درّست الديداكتيك شهرًا واحدًا (أربع محاضرات في أربع حصص) لفائدة مجازين مرشحين للتدريس في الثانوي في مؤسسة تكوين خاصة بحمام الشط بمقابل 800 دينار.

12.                    زارني في مقهى الشيحي، محرابي، 33 صديقًا فيسبوكيًّا وتحدّثوا معي حول التربية والتعليم والثقافة العامة والسياسة.

13.                    حاولتُ عديد المرّات لكنني لم أوفَّق إلا مرّة واحدة، حاولتُ إقناع جلاّسي وأصدقائي بأهمية جريدة لوموند ديبلوماتيك الشهرية المكتوبة بالفرنسية، الجريدة الوحيدة التي دأبت على قراءتها منذ نصف قرن وأنا اليوم abonné. نجحتُ فقط في إقناع تلميذي السابق عربي مستوري فأصبح اليوم يشتريها من أكشاك العاصمة.

 

 


إنتاجي الفكري بداية من سنة 2010 إلى سنة 2022

 

صَدَرَ لِي ستة كُتُبٍ:

1. Enseigner des valeurs ou des connaissances ? L’épigenèse cérébrale ou le "tout génétique" ? (PUE: Presses Universitaires Européennes, Edition électronique, 2010).

2. Le système éducatif au banc des accusés ! «Les professeurs ne comprennent pas que leurs élèves ne comprennent pas», édition libre, Tunis 2016.  NB : Ce livre a été traduit en 7 langues occidentales par « Presses Universitaires Européennes », Edition électronique, 2022.

3. جمنة وفخ العولمة،، طبعة حرة، تونس 2016.

4. الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي سفر في الديداكتيك وعشرة مع التدريس (1956 – 2016)، طبعة حرة، تونس 2017.

5. حكايات طريفة، طبعة حرة، تونس 2021.

6. حدّث ميشيل سارّ قال... ، طبعة حرة، تونس 2022.

 

 

 

 




 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire