samedi 4 septembre 2021

تذكير بعشرة مقترحات لعلاج عشرة أمراض أصابت المنظومة التربوية التونسية ؟ مواطن العالَم والديداكتيك

 


1.     المرض عدد 1: تعليم يحث على الأنانية والسباق والتنافس وتصنيف التلامذة إلى ذكي، متوسط وضعيف، مما قد ينجرّ عنه نفور وإحباط وهروب وفشل ثم انقطاع (100 ألف منقطع سنويًّا لأسباب متعددة). للأسف، مدرستنا تساهم في تكاثر الفاشلين مقابل حفنة من الناجحين.

المقترح عدد 1: تعليم يحث على التضامن والتكافل والتعاون، ينبذ الأنانية والسباق والتنافس، ويتخلى نهائيًّا عن التصنيف الغبي لتلامذتنا الأذكياء، كلهم تقريبًا أذكياء لو وجدوا أمامهم مربين أذكياء، كل تلميذ في مجاله وحسب محيطه واستعداداته وميولاته. المربي الذكي هو المربي الذي يكتشف الذكاء المحتمل والوشيك لدى تلامذته (ZPD : Zone Proximale du Développement mental)، ولا يكتفي بما هو ظاهر وجلي (QI: Quotient Intellectuel). تعليم يطمح لمساعدة الأغلبية لبلوغ الوسط 

(Aristote: La vertu est le juste milieu entre deux vices).

 الذكاء لا يُصنّف (Albert Jacquard). الذكاء يُصنع ويُنمَّى ويُطوّر  في تفاعلِ مستمر بين الموروث والمكتسب (Épigenèse et plasticité cérébrales).

 

2.     المرض عدد 2: تعليم يرعى نوعًا واحدًا من الذكاء: الذكاء المنطقي بشقيه الرياضي واللغوي والمرتبط بالمادة الشخمة فقط 

(Le logos: parole, discours, raison, relation).

 ويهمل الأنواع الأخرى: الذكاء المرتبط بالمخ وباقي أعضاء الجسم مثل الحِرف والفنون. لستُ عدميًّا ولا سوداويًّا حتى أقول أن مدرستنا لم تنتج شيئًا: لكنها أنتجت القليل، فتركيز منظومتنا التربوية على الذكاء المنطقي مكّن تلامذتنا المهاجرين من منافسة زملائهم الغربيين بل جعلهم يتفوّقون عليهم في عقر دارهم، أحييهم بالمناسبة ولي فيهم أبناء كثيرون.

المقترح عدد 2: تعليم يعطي مجالا لصقل الاستعدادات المنبثقة من ميولات التلميذ نفسه ولا يقمعها (الفنون بكل أنواعها، الرياضة، التعبير الجسماني بكل فروعه، الأعمال اليدوية، إلخ.).

 

3.     المرض عدد 3: مدرستنا لم تعد مصعدًا اجتماعيًّا، مصعدًا يرتقي بواسطته المواطن من مستوى اجتماعي إلى مستوى أفضل بل أصبحت تؤبد الطبقية: أبناء الأغنياء والمتوسطين (محامون، أطباء، أساتذة جامعيون وبعض مقاولي الدروس الخصوصية من مدرسي الثانوي والابتدائي) يُمَكَّنون من مواصلة تعليمهم في أفضل المدارس والجامعات الخاصة في الداخل والخارج، وعند تخرجهم يرِثون مناصب آبائهم ويبقى ابن الفقير خارج الدائرة بسبب فقره لا بسبب تقاعسه.

المقترح عدد 3: إحياء قيم المدرسة العمومية الجمهورية المتمثلة أساسًا في تكافؤ الفرص دون تمييز طبقي والتي تمكّن كل تلميذ دون تمييز اجتماعي من النجاح عن جدارة دون ترقيات آلية (Méritocratie de l`école publique républicaine).

 

4.     المرض عدد 4: مراجعة نظام التقييم الحالي الصادم والمحبِط للتلميذ والمُشلّ لذكائه المحتمل (Ses capacités intellectuelles potentielles). المدرسون (ابتدائي، ثانوي وعالٍ) لم يتلقوا أي تكوين أكاديميّ في علم التقييم قبل مباشرة التدريس ما عدى بعض التربصات التي لا تغني ولا تسمن.

المقترح عدد 4: التقليل من التقييم الجزائي والإشهادي (أعداد وترتيب وترقيات) والإكثار من التقييم التكويني المشجع والمفجّر للطاقات الكامنة لدى التلميذ المصَنّف حاليًّا متوسطا أو ضعيفا، والتي عجز نظام التقييم الحالي عن الغوص في بحورها واستخراج دُرَرِها.

 

5.     المرض عدد 5: هرمُ منظومتنا التربوية هرمٌ مقلوبٌ على رأسه: تُخصص الدولة ميزانية أكبر للثانوي فالإعدادي ثم يأتي الابتدائي في آخر اهتماماتها اللوجستية، وتنتدب لتدريس تلاميذ الثانوي مدرسين ذوي كفاءات وشهائد أعلى من مدرّسي الابتدائي ولو عكست لأصابت.

المقترح عدد 5: إعادة الهرم إلى وضعه الطبيعي: أكرر وأعيد، لو عكست الدولة لأصابت، أي لو خصصت ميزانية أكبر للابتدائي ثم الإعدادي ثم الثانوي، ولو انتدبت مدرسين ذوي كفاءات وشهائد أعلى للتدريس في الابتدائي لتحسّنت أوتوماتيكيًّا وحتميًّا نتائج الإعدادي والثانوي والعالي أيضًا.

 

6.     المرض عدد 6: مدرستنا تفتقد لوسائل الترغيب: الجمال غائبٌ، بابها حديد يعلوه الصدأ، جدرانها غير مطلية، حديقتها مفقودة أو مهملة، طاولاتها وكراسيها مضرّة بصحة الظهر، وِحدتُها الصحية غير صحية، مدرسة خالية من النوادي الثقافية أو عامرة بالمزيفة منها (على الورق فقط)، مدرسة لا أكل ولا شرب صحيين فيها، لا بشاشة، لا استقبال طيب ولا حتى ابتسامة أو كلمة طيبة صَدَقَة.

المقترح عدد 6: إعادة الاعتبار لقيمة الجمال (Le beau) في المدرسة بتحسين الموجود بالحوكمة الرشيدة (La bonne gouvernance)، وبأقل التكاليف المادية عن طريق تحسيس التلامذة والأولياء. مثلا: خلال فترتَيْ الراحة في العاشرة والرابعة،  استدعاء مهرّج محترف وتوزيع لمجة شكلاطة وخبز، حركتان بسيطتان  كفيلتان بإدخال الفرحة والبهجة في بطون وقلوب صغارنا.

 

7.     المرض عدد 7: انتشار ظاهرة الغِش في الامتحانات في كل المواد وفي كل المستويات. العلاج الحالي هو علاج بافلوفي تأديبي بإسناد صفر أو بالرفت 15 يومًا.

المقترح عدد 7: اعتماد حلول علمية لهذه الظاهرة: التنقيص من عدد التلامذة في القاعة يوم الامتحان وذلك بتقسيم القسم إلى مجموعتين مثلما نفعل في الباكلوريا. تمرين مسبق للتلامذة في كل المستويات عن طريق إجراء امتحانات تكوينية بيضاء دون عقوبة أو جزاء كالباكلوريا البيضاء. تشجيع التلامذة على العمل الجماعي. تكليفهم ببحوث ميدانية فعلية غير افتراضية داخل فرق اختيارية ومجازاتهم بأعداد تحفيزية تُحتسب في المعدل، إلخ.

 

8.     المرض عدد 8: وزارة التربية أغلقت جل مدارس ترشيح المعلمين والأساتذة وأصبحت تنتدب مدرسين لم يدرسوا بتاتًا علوم التربية (البيداغوجيا، الديداكتيك، علم النفس التربوي، تقنيات التواصل-Les TICE).

المقترح عدد 8: إعادة فتح جميع مدارس ترشيح المعلمين والأساتذة وفتح أخرى جديدة.

 

9.     المرض عدد 9: برامج تعليمية مكثفة تثقل كاهل التلميذ ولا تستجيب لاهتماماته ولا تواكب عصر الصورة والأنترنات.

المقترح عدد 9: التخفيف من المحتوى المعرفي في البرامج، تدريس تقنيات معالجة الصورة (Le traitement d`images) والأخذ في الاعتبار الجانب السلوكي الأخلاقي القيمي - La morale  est un comportement, non une connaissance (تدريب التلامذة على أهمية التطوع ونكران الذات في سبيل خدمة الغير).

 

10.                        المرض عدد 10: معضلة الدروس الخصوصية. وُلِدت مشكلة، تفاقمت، فأصبحت  معضلة (المشكلة لها حل، أما المعضلة فلا حل لها في الأفق).

المقترح عدد 10: لو عالجنا الأمراض التسعة المشخصة أعلاه لهانت المصيبة ولاح الفجر بعد ليلٍ بَهيم.

 

أمنية:  أتمنّى تأنيث كامل إطار التدريس في الإبتدائي لأن الرجلَ غير مهيأ جينيًّا لتربية الأطفال ! الانتقاء الدارويني هيأه لمهام أخرى أخشنَ.

 

خاتمة: كل إصلاحٍ تربويٍّ لا يستفيد منه التلامذة الذين تعترضهم صعوبات تعلميّة، لا يُعدُّ إصلاحًا بل يُعتبَرُ قبرًا لطموحات أولاد الفقراء وهم الأغلبية الساحقة في مجتمعنا التونسي.

 

إمضائي:

"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو

"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)

"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار

"لا أقصدُ فرضَ رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى، وعلى كل مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ" محمد كشكار

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 2 ماي 2018.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire