mardi 21 septembre 2021

التلميذُ عُكّازٌ لأخيه التلميذِ لَوْ... مواطن العالَم والديداكتيك

 


1.     واقعُ تعليمنا:

-         نُسند بصفة اعتباطية أعدادًا ضعيفة ومحبِطة للتلامذة، ونحن الأساتذة لم ندرس أكاديميًّا علم التقييم.

-          نرتّب التلامذة إلى ذكي وأقل ذكاء، والذكاء لا يُصنّف حسب عالم الوراثة ألبير جاكار.

-         لا ندرّب  التلامذة على التعاون والعمل داخل فريق.

-         نسلّط عقابًا شديدًا على التلميذ الغريق الطالب للنجدة (مرتكب محاولة الغِش).

-         نقتل في التلميذ تعدد الذكاء (الرياضي، الفني، اليدوي) ونقول عنه غير ذكي.

-         نكثر من التقييمات الجزائية (الأعداد) ونكثف من الامتحانات، وفي نفس الوقت نهمل التقييمات التكوينية عماد التعلم.

-         الأولياء والمدرسون أنفسهم يشجعون التلامذة على التنافس والتسابق والأنانية عن طريق الدروس الخصوصة. تنافس خلق منظومة تربوية موازية وفاسدة مثلها مثل التجارة الموازية، منظومة لا يستفيد منها إلا قلة من التلامذة وقلة من المدرسين الخارجين على القانون، المتهربين من دفع ضرائب على دخلهم الإضافي. أما الأولياء والتلامذة، فأنا لا أبرّئهم تمامًا من المسؤولية، لكنني أقرّ لهم بظروف التخفيف. الغريب في الأمر أن هذا الإقبال الحماسي على الدروس الإضافية بمقابل والذي يبدو في ظاهره حبًّا للمعرفة لم يجلب لنا إلا تهميشًا للمدرسة العمومية وهجرةً للأدمغة المهيّأة أصلاً للهجرة. يبدو أن منظومتنا التربوية لا تهدف لإيصال الأكثرية للوسط.

-         الدولة نفسها أصبحت تصنّف الذكاء، تمارس التمييز، تعمّق الهوّة بين التلامذة ولا تجسّرها، لا بل تُقِيمُ للحَيْفِ إعدادياتٍ ومعاهدَ نموذجية. هل أن تكلفة معهد نموذجي واحد في ولاية ما (يؤمه حفنة من التلامذة) تكفي لترميم البنية التحتية وتحسينها في جميع المعاهد العادية لهذه الولاية (يؤمها آلاف من التلامذة). الدولة لا تهدف لخير الأكثرية، بل تهدف لانتقاء الأقلية "الأفضل" (ironie)، رعت الزهرة بعرقنا، أصبحت ثمرة يانعة، قطفها الغرب دون عناء. أيوجد غباء يفوق هذا الغباء ؟ تلامذة النموذجي "الممتازون المتميزون المحظوظون" (ironie)، استفادوا من "مبدأ التضامن الوطني في القطاع العام"، فضلناهم وميزناهم -غصبًا عنا- أفضل تمييز، نحن الموظفون العموميون دافعو الضرائب والممولون الأساسيون للقطاع العام، لكن قرار إنشاء المعاهد والإعداديات النموذجية ليس قرارنا بل هو قرار نظام تربوي انتقائي مسنَدٌ من قِبل نظام سياسي ليبرالي (بورڤيبة وبن علي وبعد الثورة). أنفقنا من جيوبنا علي تنمية ذكائهم، تلامذة النموذجي لم يرثوا ذكاءهم عن آبائهم ولم يكن مكتوبًا في جيناتهم ولم ينزل عليهم وحيًا من السماء (L`intelligence est 100% héréditaire et 100% acquise. Albert Jacquard)، وفّرنا لهم "أفضل" الأساتذة (ironie)، وفي المقابل ودون تعميمٍ، نراهم يتنكرون لمن ربّاهم وأكرمهم في شبابهم (القطاع العام) ويرتمون مهاجرين في أحضان القطاع الخاص الأجنبي طلبًا للكسب المادي الجشع، عوض أن يردّوا الجميل لصاحب الجميل (القطاع العام الوطني) ويوفرون لتونس أكفأ الأساتذة والأطباء والمهندسين، الهدف الوحيد الذي أنشِئوا من أجل تحقيقه.

 

2.     الأمل: كيف نجعلُ من التلميذِ سندًا وعُكّازًا لأخيه التلميذِ ؟

-         سبقتنا أممٌ عديدة ولن نخترع العجلة من جديد ففي اليابان والصين توجَد أفضل المنظومات التربوية في العالم المتقدم: في شنڤهاي، يلتحق الأستاذ بقسمه نصف ساعة بعد بداية الحصة حتى يتيح الفرصة لتلميذ فاهم أن يشرح لزملائه محتوى الدرس السابق. ممارسةٌ ليست حكرًا على تلميذٍ دون آخر، كل واحد حسب جهده (méritocratie). في اليابان، تُنظم دروس إضافية مجانية تطوعية داخل المؤسسة حيث يساعد التلامذة بعضهم البعضَ، فيستفيد في نفس الوقت التلميذ-المعلم والتلميذ-المتعلم مع تبادل الأدوار حسب مواضيع الحصص.

 

خاتمة: التطوعُ إجراءٌ سهلٌ لا يتطلّب إمكانات مادية. التطوعُ سلوكٌ غنيٌّ بالمعاني: تدريب التلميذ على التعاون والتطوع، وحثه على الاجتهاد وتملك المعرفة. التطوعُ سلوكٌ جميلٌ ومفيدٌ للجميع (تلامذة نجباء وغير نجباء، أولياء أغنياء وفقراء، مدرسون)، سلوكٌ كنا نمارسه في الستينيات والسبعينيات في غياب الدروس الإضافية بمقابل، حين كان المدرّس والتلميذ المجتهد عكّازان مجانيًّان للتلميذ المتوسط الغني أو الفقير دون تمييز طبقي، ولا زال هذا السلوك الحميد سائدًا والحمد لله في كامل أنحاء الجمهورية، لكن بصفة أقل كقلة الخير في هذا الزمن المعولَم قهرًا والضاغط على الفقراء فقط.

التلميذُ عُكّازٌ لأخيه التلميذِ.

« Une réforme du système éducatif n’est un enjeu majeur que si elle profite, en priorité, aux élèves qui ne réussissent pas à l’école. » P. Perrenoud, 1997

 

إمضائي

"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأحد 13 ماي 2018.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire