mardi 28 septembre 2021

أيّهما أولَى بالتقريع، جيلي أم جيل أبنائي ؟ مواطن العالَم والديداكتيك

 


جيلُ الكهولِ وجيلُ الشيوخِ، جِيلِي، جيلُ الخمسينياتِ والستينياتِ والسبعينياتِ، يلومُ جيلَ الشبابِ على عدمِ إقبالِه على المطالعةِ والقراءةِ والكتابةِ. نصَبَ له محكمةً، حَكَمَ عليه وانتهى.

يبدو لي أن التهمةَ نفسَها باطلةٌ لأن جيلَ الشباب جيلٌ يقرأُ، يكتبُ، يشاهدُ، يسمعُ، يعلقُ، ويحاورُ أكثر ألف مرة من جيلِي، والدليلُ موثق بالصوتِ والصورةِ، في صفحاتِ الفيسبوكِ وفيديوهاتِ اليوتوبِ ومهرجاناتِ السينما والمسرحِ. جيلٌ يقرأُ ما لا نقرأُ ويشاهدُ ما لا نشاهدُ، اهتماماتُه علميةُ، تكنولوجيةُ، سينمائيةُ، مسرحيةُ، موسيقيةُ، فكريةُ، تربويةُ، تعليميةُ، مُتْعَوِيةُ، أدبيةُ، اجتماعيةُ وسياسيةُ، لكنهااهتماماتٌ تختلف عن اهتماماتِنا، وهذا ما لم يستوعبْه جِيلِي، لكن العينَ لا ترى إلا ما تريدُ أن ترى!

وهل رأينا كبارَنا في الفضاءات العامة، يقرؤون حتى نلومَ صغارَنا ؟

 

يا أندادي، أفيقوا فعصرُ المثقفِ الذي يفكرُ للآخر قد ولّى وانتهى ! من أنتم حتى يتخذَكم جيلُ المستقبلِ قُدوةً ؟ جيلٌ أغلبُه فاشلٌ في دراستِه، فاشلٌ في حياتِه، فاشلٌ في تربِية أولادِه وبناتِه، فاشلٌ في نضالِه، فاشلٌ مع المرأةِ والمرأةُ فاشلةٌ مع الرجلِ، فاشلٌ مع النظافةِ، متأقلم مع الوساخةِ، فاشلٌ في الإبداعِ، متأقلمٌ مع الفشلِ نفسِه ! كان الأجدرُ بكم أن تبدؤوا بنقدِ أنفُسِكم -زلاتُكم لا تُحصَى ولا تُعدُّ-  قبل أن تنقدوا الشبابَ وتصفوه بالجهلِ وانعدامِ الضميرِ والأخلاقِ. ألستُم مسؤولين على تربيةِ هذا الجيلِ ؟ فإذا كان فيه اعوجاجٌ فهو من صنعِ أيدِيكم، وإذا كان ناقصًا تربيةً فمن "حسنِ أخلاقِكم"، وإذا كان جاهلاً فهو متخرجٌ من مدرستِكم العموميةِ، وإذا كان مهزومًا فقد رضعَ الهزيمةَ من "انتصاراتِكم في حرب 67"، وإذا كان جبانًا متخاذلاً فقد تعلمَ "الشجاعةَ" إبانَ سقوطِ  بغداد في 2003، وإذا كان فاسدًا فالفسادُ قد اكتسبَه من تقليدِ "سلوكاتِكم المستقيمةِ". ألستُم المسؤولينَ الأولينَ والأخيرينَ عن ضِياعِه إذا كان حقًّا ضائعًا كما تدّعونَ وتُبالِغون دونَ دراسةٍ أو قياسٍ علميٍّ ؟ سامحَكم الله على ما تأتونَ من ظلمٍ وافتراءٍ في حقِّ أبنائكم !

 

يبدو لي أن المسؤوليةَ تقعُ بالكاملِ على عاتقِ مَن زكُّوا أنفسَهم لتحمُّلِها، أعني بهم، المدرسينَ المباشرينَ في التعليمِ العموميِّ والخاصِّ والبرلمانيين المنتخَبينَ ومثقفِي السلطةِ والمعارضةِ والأحزابَ والجمعيات والنقابات ومنشطي دورِ الثقافةِ والشبابِ والسينمائيينَ والمسرحينَ والصحفيينَ وأخص باللوم منهم الإعلاميينَ في الإذاعاتِ والتلفزاتِ والأئمةَ والوعّاظَ ورجالَ الأعمال والآباءَ والأمهات والمبدعينَ الكبارَ والقائمةُ تطولُ...

 

خاتمة: بني وطني لا تحزنوا فكلنا في الهواء سواء، والمصيبةُ إن عَمت خَفّت. العالَمُ الرأسماليُّ أجمع يحكمُه الشعارُ القاسي التالي (« Les vices privés font la vertu publique »)، وعالَمُنا اليوم، كله عالمٌ رأسماليٌّ فاسِدٌ، والحمدُ لله الذي لا يُحمدُ عن مكروهٍ سواهُ !

 

إمضائي

"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو

"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين، بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد" مواطن العالَم

"وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا" (قرآن)

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 14 مارس 2018.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire