dimanche 19 septembre 2021

تذكير: في انتظار الإصلاح التربوي الموعود، هل نستطيع بالموجود بلوغ بعض المنشود ؟ مواطن العالَم والديداكتيك

 


سأكتفي اليومَ بالتذكير بعشرة إجراءات تربوية، إجراءات لا تكلّف مليمًا، أعرضها على وزير التربية القــــــــــادم لتطبيقها وأدعو النـــــــــقابة العامة للتعليم الثانوي لمؤازرته من أجل تحقيق القليل في انتظار الكثير.

 

إجراء رقم 1:

فرض 40 ساعة عمل تطوّعي على تلامذة المعاهد في كامل تراب الجمهورية، يكون إنجازُها كاملةً خلال 4 سنوات شرطًا مستقلاًّ للحصول على شهادة الباكلوريا مع معدل 10 على 20 طبعًا.

نستغل هذا الجهد أولاً لتدريب التلميذ على عمل الخير واكتساب الأخلاق الحميدة بالفعل وليس بالقول، ثانيًا نستغله لخدمة نفسه بنفسه من أجل صيانة كل المؤسسات التربوية (تنظيف، تبييض، دهن، تشجير، تصليح الكراسي والطاولات والأبواب والنوافذ المعطوبة، إلخ). فكرةٌ معمولٌ بها في كندا مع فارق في نوعية الأعمال التطوعية.

 

إجراء رقم 2:

تمكين كل أستاذ من مفتاح القاعة، هو أول من يدخلها وهو آخر من يخرج منها حتى تبقى نظيفة ونحافظ على التجهيزات من الإتلاف العرضي أو المتعمّد.

 

إجراء رقم 3:

إعادة الاعتبار للدور البيداغوجي والديداكتيكي للعاطفة بين الأستاذ والتلميذ لأن العاطفة تجلب الاحترام للأول وترغّب الثاني في المعرفة وتحببه في أستاذه.

 

إجراء رقم 4:

بين الفينة والأخرى، نجلب مهرّجًا محترفًا يضحّك التلاميذ في الساحة في أوقات الراحة حتى نحبّبهم في مدرستهم فيُقدِمون عليها منشرحين.

 

إجراء رقم 5:

هنالك إعداديات تحولت إلى معاهد فبقيت فيها وسائل إيضاح وآلات مخبرية لا تحتاجها، وجب إذن الاستغناء عنها لفائدة إعداديات ناشئة تحتاجها كثيرًا.

 

إجراء رقم 6:

الاقتصاد في استهلاك الماء والضوء وتَجنب التبذير في غير محله حتى لا نثقل كاهل الميزانية على حساب شراء المستلزمات البيداغوجية (ورق طباعة، أقلام لبدية، فئران تجارب، إلخ.)

 

إجراء رقم 7:

عندنا تقريبًا 6.000 مؤسسة تربوية، لنفرض أن عُشرَها أو أكثر قليلا يعاني من صعوبات تعلمية (نتائج ضعيفة، عنف، انقطاع مبكر، تعدد غيابات التلامذة والأساتذة، إلخ.)، وعندنا قرابة 800 متفقد بيداغوجي بين الابتدائي والثانوي، فلماذا لا نعيّن، في كل مؤسسة تعاني، متفقدًا دارِسًا متكوِّنًا مكوِّنًا حاذِقًا نَشِطًا يسكن فيها ويسهر على إنقاذها بمعية أسرتها التربوية ولا يغادرها إلا وقد تعافت ولحقت بركب المؤسسات الناجحة.

 

إجراء رقم 8:

في غياب المتفقدين (إجراء رقم 7: هم في مهمة أنبل  بكثير مما يقومون به حاليًّا، أنبل من زيارة أستاذ في قسمه مرة كل عامين أو ثلاثة) لن يقف تكوين الأساتذة علميًّا ولن يقف أيضًا تأطيرهم بيداغوجيًّا. المهمة الأولى نوكلها لأساتذة جامعيين يقدّمون محاضرات دورية في مراكز الرسكلة الجهوية، والمهمة الثانية نوكلها للأساتذة المميزين نخصص لكل واحد منهم 3 ساعات في جدول أوقاته، ساعات يرافق فيها زملاءه الأصغر سنًّا داخل القسم وخارجه ويمرر لهم تجربته بجدية مطعّمة بحنيّة دون إسناد أعداد جزائية اعتباطية.

 

إجراء رقم 9:

يجب السعي لتمكين كل مؤسسة تربوية من مساحة فلاحية تقدر بهكتار أو هكتارين يُنشئون عليها وقفًا فلاحيًّا (un fond agricole) يكون على ملك المؤسسة وباسمها، مساحة يزرعها التلامذة أنفسهم ويرعونها في نطاق العمل التطوّعي (إجراء رقم 1 المنصوصِ عليه أعلاه). سمعتُ عن مدرسة ابتدائية في الجرسين ولاية ﭬبلي أنها تملك بستانَ دﭬلة نور يدرّ عليها دخلاً سنويًّا ما يقارب أو يفوق عشرين ألف دينار (في مقهى الشيحي، قال لي المعلم-المدير الجمني المتقاعد مختار الـﭬـلالي أنه مؤسسها، مريّض الله يشفيه)، ورأيت أيضًا بأم عيني نفس الشيء في معهد جمنة، مسقط رأسي.

 

إجراء رقم 10:

أحث كل الزملاء على الاطلاع على:

-         البيداغوجيا، فهي عضدكم الأيمن ودونها الأستاذ ليس أستاذًا.

-         الديداكتيك، فهي اختصاص يَنفذ إلى أعماق أعماق عملية اكتساب المعرفة ولا يقف عند الجزء العائم من جبل الثلج.

-         الإبستومولوجيا، فهي كشّاف الجهل المقنّع ودونها أستاذُ العلوم ليس أستاذ علوم.

-         الأنتروبولوجيا، فهي تُزيل عقدة النقص الحضارية المتأصّلة فينا نحن المسلمون العرب.

-         المطالعة بلغة أجنبية لِكتّاب أجانب فهي الترياق ضد التقوقع الهُووي القاتل على حد تعبير الروائي أمين معلوف.

-         تَجَنُّبِ الشطط في ثمن الساعات الخصوصية (L’étude) وخاصة بالنسبة للتلامذة الفقراء رأفةً بالقواريرِ وأولياء القوارير، أعني بالقواريرِ أبناءَنا إناثًا وذكورًا.

-         تَجَنُّبِ الرخص المرضية المزيّفة قدر المستطاع.

-         تَجَنُّبِ التأخر في قاعة الأساتذة في راحة العاشرة صباحًا وراحة الرابعة مساءً.

-         تَجَنُّبِ احتكار الكلمة في القسم و تَجَنُّبِ استعراض عضلاتكم أمام تلامذتكم فالقسم مِلكٌ للتلميذ وليس مِلككم.

-         تَجَنُّبِ احتكار القيام بالتجارب بِـدعوى الحِرصِ منكم على التجهيزات المخبرية الثمينة فهي ليست أثمن من تلامذتكم.

 

خاتمة:

عشرةُ إجراءاتٍ قد تبدو لكم بسيطة لكن البسيط مع البسيط قد يولّد المهم مثل خلية النحل، كل نحلة تقوم بعمل بسيط فينبثق من البسيط والبسيط شكلٌ هندسيٌّ معقَّدٌ وجميلٌ (La ruche). ألسنا أفضلَ من النحلِ ؟ النحلة تعمل بالغريزة ولا تتصور مسبقًا نتيجة عملها، أما نحن البشر فنعمل بوعيٍ وندرك مآل عملنا قبل الشروع في إنجازه، فالمفروض إذن أن يكون دافعُنا أقوَى (La motivation) لأن جزاءَنا على عمل الخير (Le bénévolat) سيكون إن شئنا وشاء الله أكبرَ دنيا وآخرة.

 

إمضائي:

"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو

"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

"وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة" (جبران)

النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ، أنا لا أقصدُ فرضَ رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى تجريب مقاربةٍ أخرى، وعلى كل مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.

لا أرى خلاصًا للبشريةِ في الأنظمةِ القوميةِ ولا اليساريةِ ولا الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، أراهُ فقط في الاستقامةِ الأخلاقيةِ على المستوى الفردِيِّ وكُنْ ما شِئتَ (La spiritualité à l`échelle individuelle).

 

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 20 أوت 2020.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire