dimanche 23 août 2020

غايات السياسيين الأخلاقية عادة ما تُخفِي وسائل غير أخلاقية. فكرة فيلسوف حمام الشط، تأثيث مواطن العالَم

 


بكل جِد كلانا يدعو إلى التشكيك الفلسفي في نوايا السياسيين، وخاصة مُدَّعِي الغايات الأخلاقية منهم، فعادة ما تكون وسائلهم غير أخلاقية. يبدو لي أن كل قائد سياسي -يساري أو إسلامي- يدّعي قيادة الجماهير إلى الجنة السماوية أو الأرضية هو كاذب لأن لا وجود لِجنة أرضية والسماوية حكمها عند الله.

 

سبق لنا وأن جرّبنا السياسيين اليساريين، ستالين وبول بوت وغيرهم، أما الإسلاميون فيبدو - والعلم بالغيبِ عند الله- أنهم على نهج اليساريين سائرون وعلى منوالهم ناسجون وفي الغايات الأخلاقية مبدعون والوسائل غير الأخلاقية مشتركون وفي اللبّ متشابهون ولا تغرّنّكم أنهم في الكسوة مختلفون، حمراء كانت أو خضراء (L`habit ne fait pas le moine). يبدو لي أنهم في مستنقع المثالية المتطرفة جميعهم يسبحون وللحقيقة محتكِرون، إنهم لَواهمون ولنا لَظالمون والاثنان على تونس دخلاء والاثنان يُعتبرون فيها منبتّون. غرق اليساريون وحتمًا سيتبعهم الإسلاميون لو لم يغيروا ما بِهم وإلى ربهم يرجعون، فالدين يدعو إلى التواضع وعدم التكبّر على خلق الله وأوْلَى بهم أن يطبقوا هذه المبادئ على أنفسهم قبل دعوة الغير إلى تطبيقها.

 

-         وَعَدَنا ستالين بِتحرير عمال العالم وفلاّحيه، غاية جِدُّ نبيلة، ومن أجل تحقيقها قتل ونفَى وقمع وشرّد ملايين العمال والفلاحين.

-         وَعَدَ بول بوت شعبَه بمستقبل زاهر، غاية جِدُّ نبيلة، ومن أجل تحقيقها قتل رُبع شعبه، مليون ضحية على أربعة ملايين ساكن.

-         وَعَدَ حسن الترابي السودانيين بِتحقيق العدل الإسلامي، لم يُحقق منه إلا قطع أيادي السارقين الجياع، مُنكَرٌ شديدٌ تجنّبه عمر بن الخطاب بِحكمة عندما عطّل حد السرقة عام الرَّمَادَةِ حيث اشتد الجوع جدا وهلك الناس، وعُمُرُ الرَّمادَةِ في السودانِ أعوامُ.

-         وَعَدَ أردوڤان الأتراكَ بالحرية والعدالة، غاية جِدُّ نبيلة، ومن أجل تحقيقها فَصَلَ 167 ألف موظف من عملهم بعد الانقلاب ودمّر بالطائرات بعض مُدُنِ شعبه الكُردِي وشرّد سكّانها.

 

خلاصة القول: الوسيلة أهم من الغاية لأنها بِبساطة تُعلن عن النوايا وتُبشّر بالغاية قبل حصولها، و"الجواب بيّن من عنوانه" كما تقول الحكمة الشعبية، والغاية لا تُبرّر الوسيلة كما أكد الفيلسوف العظيم كانط 

(La fin ne justifie pas les moyens. Kant).

 

إمضائي

"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

 

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 26 أفريل 2017.

Haut du formulaire

 

 

 

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire