lundi 18 février 2019

دفاعًا عن منهجيتِي وأسلوبِي في الكتابةِ والنشرِ. مواطن العالَم



الإهداء: إلى كل قرائي الكرام وكل أصدقائي الأعزاء، وأخص بالذكر منهم صديقي الحميم مراد جرادي بالذات.
تعرضت ولا زلت أتعرض وسأتعرض في المستقبل إلى حيف وظلم كبيرين من قِبل بعض الأصدقاء وبعض القراء جراء منهجيتي وأسلوبي الخاص والشخصي في الكتابة والنشر، لذلك أرى نفسي مضطرا للدفاع عن منهجيتي وتوضيح أصولها العلمية التي تعلمتها في اختصاصي العلمي "تعلمية البيولوجيا" (La didactique de la biologie) تحت إشراف أساتذة أجلاء وأكفاء، متنقلا، طيلة سبع سنوات في المرحلة الثالثة بحث علمي، بين جامعة تونس وجامعة كلود برنار ليون 1 بفرنسا. وليسمح لي القارئ الكريم أن أذكّر بها بين الفينة والأخرى، إذا اقتضى الأمر ذلك.

منهجيتي تتلخص في  السبع نقاط التالية:
1.     أنا أعمل جاهدا من أجل الحث على التغيير الذاتي للتصورات غير العلمية (المفاهيم العامة غير الدقيقة أو السحرية أو الأسطورية أو الخرافية أو الشائعة في العلم والتعليم والتربية والتدين والسياسة) وأسعى إلى تفكيكها من الداخل وتسليط الضوء على كل جوانبها وزواياها وتشريحها وتشخيص نقاط ضعفها ومرافقة حامليها عند إعادةِ تركيبِها من جديد مرافقة بيداغوجية إبستمولوجية حتى يعيدوا بأنفسِهم البناء الذاتي الاجتماعي المعرفي لتصورات علمية جديدة مكانها.
J`ai modifié  l`adage « Faire avec pour aller contre » pour l`adapter  à ma condition de tunisien, et je l`ai compartimenté en deux :
- « Faire avec pour aller contre » : « Faire avec » sans aller pour autant jusqu`à  épouser l`opinion de l`interlocuteur et sans la défendre non plus, mais surtout éviter de le toucher affectivement dans son for intérieur. Mon savoir-faire se résume dans la façon de lui ôter doucement ses attelles fragiles et de l`aider à les remplacer par soi-même par d`autres plus solides.  « Faire avec » les conceptions non scientifiques qui pullulent dans les domaines de l`éducation, les mythes et le politique, « pour aller contre » ces mêmes conceptions non scientifiques, et en même temps laisser le choix à l`apprenant d’auto-socio-construire sa  propre conception scientifique. Didactique, Piaget et Vygotsky
- « Faire avec pour aller avec » toute spiritualité, que ce soit d`origine religieuse ou non religieuse
يبدو أن هذا الأسلوب العلمي التعلمي لم ينل إعجاب بعض القراء وهم أحرار في ذلك، لكنهم ليسوا أحرارا في فهمهم الإيديولوجي لأسلوبي وتأويلهم لمعانيه على أنها مجاملة ومغازلة للقارئ أو لبعض الأحزاب السياسية، مثلا عندما أتمسك موضوعيا وأخلاقيا بعدم ثلب أو شتم أو سب النهضاويين في مقالاتي، يُفسَّر هذا الموقف القِيمي السامي على أنه مغازلة أو مجاملة لحزب حركة النهضة، رغم أنني نشرت 51 مقالا أنقد فيهم سياسة هذا الحزب الحاكم، أو عندما أنقد الأحزاب الستالينية التونسية الثلاثة، يُفسَّر هذا الموقف الفكري الحر بأنه عداء لليسار السياسي، رغم أنني أعلن وبصراحة ووضوح انتمائي لنفس العائلة اليسارية الموسَّعة، فرع الفكر اليساري ما قبل ماركس، اليسار المؤسساتي التضامني مثلما هو جاري به العمل في صندوق الضمان الاجتماعي CNR، أو في تجربة جمنة مسقط رأسي، إلخ.

2.     أعتمد عن وعيٍ الخطابَ الحواريَّ مع القارئ وأتجنب الخطابَ الجبهويَّ الصادمَ للقارئ إلا مَن يستفزّني ويتجرّأ مجانًا على شخصي المتواضِع.
  Un dialogue ou un débat avec le lecteur et non un discours frontal qui pourrait le choquer ou l`aveugler complètement
أوضحُ: تَجنبُ الخطابِ الجبهوي الصادم للقارئ، لا يُعد جبنا فكريا كما يفهمه بعض المتعصبين إيديولوجيا، وإنما هو حرص مني على إيصال المعرفة العلمية (Le savoir savant) إلى القارئ ومحاولة تجاوز العوائق النفسية والإبستمولوجية التي قد تعرقل أو تعوق وصولها إليه.

3.     آخذُ في الاعتبار العامل العاطفي الذي يقرّب ولا ينفّر بين الكاتب والقارئ، خاصة وأنني درست وتعلمت في فرنسا حيث أعِيدَ إحياءُ هذا العامل وتم توظِّيفُه في التعلم، بعد ما أهمِل لسنوات عن خطأ باسم الصرامة العلمية والموضوعية والحيادية في تناول مواضيع العلوم الصحيحة أو التجريبية، لذلك ذهب في ذهن بعض القراء وبعض الأصدقاء أن في توظيفه، من أجل هدف سامٍ (مثل محاولة تغيير التصورات غير العلمية لدى القارئ) استجداءٌ لعواطف القارئ وجلبه إلى فكرتي دون حجج موضوعية. أرد عليهم بكل لطف واحترام وأقول لهم:  أنا لست داعية، لا فكري ولا سياسي, أنا مواطن عادي مثلكم، أعرض عليكم  وجهة نظري المتواضعة والمختلفة عن السائد, ولا يضيرني إن قرأها واحد أو ألف، لكن إذا تبنيتموها أكون سعيدا جدا, و إذا نقدتموها أكون أسعد لأنكم ستثرونها بإضافة ما عجزت أنا عن إدراكه, و إذا عارضتموها  فيشرّفني أن يصبح لفكرتي معارضون.

4.     آخذُ في الاعتبار أيضًا نظرية التعقيد (La théorie de complexité) التي تعتبر أن كل الظواهر الاجتماعية معقدة، وهي نظرية تمتاز وتتميز بتناول كل موضوع من جميع جوانبه ولا تستهين بأي ركن من أركانه مهما بدا لأول وهلة بسيطًا أو بديهيا، خاصة وأنني درست وتعلمت في فرنسا حيث أعِيدَ إحياءُ هذه النظرية أيضًا وتم وتوظيفها في التعلم بعد ما أهمِلت لسنوات عن خطأ باسم الوضوح والتبسيط في تناول مواضيع العلوم الصحيحة أو التجريبية، لذلك ذهب في ظن بعض القراء وبعض الأصدقاء أن في توظيفها، من أجل شرح بعض المسائل، تفلسفٌ في غير موضعِه. أرد عليهم بكل لطف واحترام وأقول لهم: تطلبون مني البت بوضوح في مسائل هي بطبيعتها معقدة وغير واضحة ومتعددة المتغيرات، وأنا مواطن معزول ولست مؤسسة، ولا أعلم من جملة متغيراتها إلا النزر القليل، لذلك قد تبدو بعض تحليلاتي متناقضة ومهتزة أو غير متماسكة، وهذا ناتج عن تناقض الواقع الاجتماعي الخارج عن نطاقي، فأراني مجبرًا على عدم جر القارئ إلى التبسيط الذي قد يؤدي به إلى الخطأ. ومَن يطلب التوضيح والتبسيط في واقع ضبابي معقد، تتداخل فيه العوامل الخارجية مع العوامل الداخلية، فهو كمَن يطلب المستحيل، ولن يجد ضالته عندي على الأقل، وذلك التزاما مني بتوخي المقاربة الشاملة غير الأحادية (L’approche systémique) في محاولة شرح وتحليل كل الظواهر الاجتماعية المنبثقة عن الثورة بعد 14 جانفي 2011. 

5.     أرجو من القراء العرضيين أو الوقتيين أن لا يتسرعوا في الحكم على جملة أفكاري وأطروحاتي من خلال قراءة مقال واحد من بين قرابة العشرة آلاف مقال الذين كتبتهم ونشرتهم على النت، قبل وبعد الثورة، بين سنة 2008 وسنة 2019 (تنقيح السنة أضيفَ في 2019).
يحمل الكاتب كتلة من الهموم والاهتمامات الفكرية موزعة بين كتاباته المتعددة، فأرجو التأني قبل التجني.

6.     أتجنب في كل مقالاتي تقديم البديل للإشكاليات التي أطرحها، وهذا الموقف النقدي الفاقد للبديل قد يبدو لبعض القراء هروبا من تحمل المسؤولية الأدبية. أرد عليهم بكل لطف واحترام وأقول لهم: لو كنت أملك البديل لما بخلت به عليكم، لكن البديل - حسب وجهة نظري - يُصنع ولا يُهدى، يُبتكر وليس جاهزا، يأتي بعد الحوار والتشاور بين أهل الإشكالية وهو ليس قرارا فوقيا مسقطا من مفكر قاصر قصور علمه مهما علا شأنه وكثرت شهائده. التغيير والبديل شيئان ينبثقان من الداخل ولا يُفرضان من الخارج.

7.     أنا أتوجه في مقالاتي قصدا إلى الناس العاديين المتعطشين للثقافة والمعرفة العلمية في المجال البيولوجي والتربوي والاجتماعي والسياسي والديني، ويشرفني أنهم يمثلون أغلبية قرائي وقارئاتي، وهم أو هن جمهوري المستهدف (Public cible)، ولو وددت الاتجاه للأكاديميين، ومستواي العلمي يسمح لي بذلك، لكتبت ونشرت في المجلات الفرنسية العلمية المختصة في تعلمية البيولوجيا.

إمضائي
أجتهدُ فإذا أصبتُ فلي الأجرُ الموعودُ، وإذا أخطأتُ فلي بعضُه!
أنا اليومَ لا أرى خلاصًا للبشريةِ في الأنظمةِ القوميةِ ولا اليساريةِ ولا الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، أراهُ فقط في الاستقامةِ الأخلاقيةِ على المستوى الفردِيِّ وكُنْ كما شِئتَ (La spiritualité à l`échelle individuelle).
"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
لا أقصدُ فرضَ رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى، وعلى كل مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 31 أوت 2013.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire