mardi 26 février 2019

حضرتُ اليوم مؤتمرًا حول الإرهاب-الإسلامي-الفاحش في نزل مضخم فاخر في البحيرة 1، عاصمة الإرهاب-الاقتصادي-الرأسمالي-السائل-الغربي-المسيحي-اليهودي-الشرقي-الإسلامي الأفحش، الثاني أبُو الأول، مُولّدُه، مُموّلُه، مُصدّرُه وراعيه، ولو انقرض الثاني وسادت العدالة الاجتماعية مكانَه لَزال الأولُ أوتوماتيكيًّا! مواطن العالَم



اليوم الأول في المؤتمر:
ملاحظة منهجية: بعد هذا العنوان المتشائم جدًّا، من المفروض أن لا أضيف شيئًا لكنني سأنقل لكم ما دار في المؤتمر بكل أمانة صحفية إيمانًا مني بالعلم فمهما طوعته السلطة الرأسمالية لصالحها سيبقى فيه شيءٌ لله وللفقراء المسحوقين المضطهدين أمثالي وأمثالك.

الجهة المنظمة: رئاسة الجمهورية والاتحاد الأوروبي. لم تصلني الدعوة، لا من الأول ولا من الثاني، وصلتني من صديق صديقي الدافئ الهادئ الجميل.
الحضور: 100 مشارك، تقريبًا عشرُهم أجانب وخمسُهم نساء سافرات.
المكان وما أدراك ما المكان (Mövenpick): نزلٌ لم أر مثله في حياتي (وأنتَ ماذا رأيتَ في حياتك يا موظف يا فَڤرِي؟)، رأيتُ رُخامًا في رخامٍ، السورُ نصف-رُخام، الجدرانُ رُخامٌ، الأرضيةُ رُخامٌ، الوحدة الصحية رُخامٌ ولها قاعة انتظار فيه صالون (تكلفة بيت حمّام واحد تبني دار في حمام الشط!)، لم أتعرّف على مكان وعاء الصابون السائل إلا عندما سألتُ ولم أعرف كيف تُفتح حنفية بيت الحمّام إلا بعد لأيٍ، بابُ بيت الحمّام يشبه باب "كوفر-فور بْلَنْدِي". قال لي الحارس، النزل يُمنَع فيه "الشراب" بأمر من صاحب أرض البحيرة 1 و2، السعودي الشيخ صالح أو طالح، نسيت والله (الله لا تصلح له أيام: لا يعرف من المحرّمات إلا الخمر، ونَهْبُ ثروات الشعب السعودي، أليس حرامٌ في حرامٍ يا شيخ حرامي؟).
البورجوازية التونسية تركت لنا، نحن العمال والموظفون، العاصمة القديمة نُرَيِّفُها كما نشاء (والله سوق الخميس في دوز أنظف ألف مرة من نهج الجزيرة في العاصمة)، وشيدتْ لنفسها عاصمةً أنيقة نظيفة على أرض البحيرة 1 و2 ورفّعتْ في الأسعار فهجرها الفقراءْ دون عناءْ.

الافتتاح: الأميرال كمال عكروت مستشار أول لرئيس الجمهورية تكلم بالعربية، وممثل الاتحاد الأوروبي "الشقيق" تكلم بالفرنسية، رحّبا بالمشاركين.

المحاضر عدد 1: آلان ڤرينيار، جامعة لياج، بلجيكا، قال أن أصله بوليس ولا رادّ لقضاء الله. تكلم بالفرنسية وقال: "ماركسيو السبعينيات سبقوا الدواعش في "دومان" الإرهاب. حلّل، فسّر، أرّخ وللأسف لم يضف إلى معلوماتي السابقة شيئًا يُذكر فيُشكر ما عدى الشعار الرائع التالي: 
"Restaurer le pouvoir des neurones chez les extrémistes aux dépens de celui des hormones".
ثم أضاف قائلاً عن أسباب التطرف العنيف (La radicalisation): لقاء شخص متطرف+السلفية+التزامن مع وضع سياسي مشجع+غياب الأب+حي قزديري+الانتماء الخيالي إلى خير أمة أخرجت للناس. السلفية هوية سهلة فما عليك إلا أن تقلد سلوكات معينة ولا تحتاج إلى تفكير. يشعر المنتمي أنه يُكفّر عن ذنوبه ويشتري بذلك الدنيا والآخرة في آنٍ. الدواعش البلجيكيون من أصل عربي يعودون إلى بلجيكا للانتقام من دولة احتقرتهم وهمشتهم في طفولتهم وشبابهم.
سؤالي الذي وجهته بالفرنسية للمحاضر عدد 1: 
"Je vous prie de commenter la citation suivante de François Burgat, politologue et islamologue français renommé, il a posé une question à laquelle il a directement répondue: Quelle est l`arme de destruction massive contre le terrorisme islamique? Le partage des richesses d`une manière équitable entre le Nord et le Sud
J`ai cru qu`il a boudé ma question. Après, il est venu auprès de moi et s`est excusé en me disant qu`il est un peu sourd et il a ajouté que le phénomène est beaucoup plus complexe. Il est revenu une deuxième fois auprès de moi au restaurant et m`a donné raison et il a ajouté en ironisant : regarde ce qu`est la vie à l`intérieur de cet hôtel et à l`extérieur

المحاضر عدد 2: سفيان الزريبي، طبيب نفساني (Psychiatre)، تكلم بالفرنسية وقال:
-         التطرّف حصل بِتدرّجٍ.
-         كلنا لنا بُعد معرفي ديني وهو الذي يؤسس سلوكاتنا المنظمة (Une dimension cognitive: des schémas de pensée religieux organisés qui fondent notre comportement).
-         مخنا مهيّأ للاعتقاد بطرق معرفية مختصرة (Des raccourcis cognitifs).
-         تمثلات صوفية : إحساس بالذنب، بالخطأ، بالعقاب لاسترجاع التوازن.
-         أئمة التطرّف فنانون (Les radicalisateurs sont des artistes): يهيّجون التمثلات النائمة (إسرائيل، عنف الغرب ضدنا، الاحتلال، إلخ.) من أجل تبرير انبثاق التطرّف  وتعزيز التفكير الثنائي (الخير\الشر، العربي\اليهودي، دار الحرب\دار الإسلام، إلخ.).
-         وقال أشياء أخرى مهمة جدًّا يطول نقلُها مثل: المتطرفون ليسوا مرضى نفسانيين بل أشخاص عُرضة للتأثر (Vulnérables).
علّق عليه بالفرنسية زميله صلاح الدين الڤلالي الجمني قائلاً: هل سيد قطب شخصٌ عُرضة للتأثر؟ هو شخصٌ ينفذ إلى عمق الأشياء.

المحاضِرة عدد 3: إيزابال ديمولان، بلجيكا (OCAM): تناولت قضية مساندة عائلات المتطرفين بالقوة أو بالفعل بالمعنى الفلسفي للكلمتين الأخيرتين. إشكال: التعاون مع البوليس يتعارض مع عدم إفشاء سر العائلات المعنية. وقالت أشياء أخرى مهمة جدًّا يطول نقلُها.

المحاضِرة عدد 4: آمنة جبلاوي، مديرة معهد التنمية البشرية (Islamologue تكلمت بالفرنسية وقالت: أربعة أركان التطرف السلفي هي: الولاء، البراء، التوحيد، التكفير (Loyauté, désaveu, monothéisme, excommunication). وقالت أشياء أخرى مهمة جدًّا يطول نقلُها.

المحاضِرة عدد 5: ممثلة إدارة ديوان الخدمات الجامعية بوزارة التربية، عنوان محاضرتها "مقاومة التطرّف: من أجل مدرسة أكثر تسامحًا"، تكلمت بالفرنسية وقالت أن فوكو قال: "المدرسة تُعدّ فضاءً سجنيًّا بامتياز". بداية موفّقة! ثم نقلت أشياء جميلة فعلها الديوان 
(Trop  beau pour être vrai)،
ولو فعل الديوانُ نصفَها في نصفِ عددِ المؤسسات التربوية التونسية لكان بطل الأبطال!

المحاضِر عدد 6: كمال حجام، ممثل وزارة التربية، عنوان محاضرته "التربية على المواطنة: من أجل مجتمع هادئ، عادل، ومدمَج..."، تكلم بالعربية. الجواب بائن من عنوانه، عنوان يَرْشَحُ لغةً خشبيةً، أو ما معنى مجتمع هادئ؟ واصلَ طوال 45د والخشب يتقاطر من عباراته التالية: لا نشك لحظة.. التنمية المستدامة.. تضافر الجهود.. يهدف في نهاية الأمر إلى بناء قناعات لبناء مجتمع هادف في كنف.. وضعُ الخطط الكفيلة في نطاق برنامج الأمم المتحدة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية (تعليقي في قلبي: هم تدخلوا في شؤوننا الداخلية وانتهى يا سيّدي!). خرجتُ أدخّنُ هروبًا من العجب التربوي الخالي من المعلومة المفيدة والنقد الهدّام والبحث العلمي  (نصيحة إلى وزارة التربية: لا تبعثي إلى الندوات الثقافية إداريينَ مُحَفْلَطِينَ مُزَفْلَطِينَ محدودينَ، ابعثي باحثينَ أحرارَ مستقلينَ والحمد لله عندك منهم الكثير خارجَ جدرانِ بناية باب بنات).

المحاضِر عدد 7: مانويل توريز، جامعة بابلو أولافيد، إسبانيا، تكلم بالأنڤليزية ولم أفقه منه شيئًا رغم الترجمة الفورية لأنها ترجمة شكلية قاصرة (مارستُها مرّة واحدة في حياتي).

خاتمة: في نهاية اليوم الأول، أخذتُ الكلمة بالفرنسية قصدًا وقلتُ الآتي وختامُها مِسْكٌ:
  Pour éviter toute ambiguïté, je ne suis ni islamiste ni marxiste ni nationaliste ni libéral. Je suis de la gauche mutualiste d`avant Marx. Vous avez mentionné les trois termes suivants : la complexité, l`approche systémique et la critique. Vous avez parlé de la déradicalisation des acteurs terroristes salafistes, mais vous avez omis d`évoquer la déradicalisation des policiers et des hommes politiques occidentaux qui ont envoyé leurs drones pour tuer (d`après Le Monde diplomatique, Obama a signé 2000 arrêts de morts extraterritoriaux par drones), leurs avions pour détruire des villes entières (Sarkozy en Libye) et pour tuer aussi des innocents en Irak (d`après Michel Onfray, philosophe français renommé, les gouvernements occidentaux ont exterminé 4 millions de victimes des nôtres depuis la première guerre du Golfe en 1991). Je ne déculpabilise pas les nôtres, Daech n`a pas le droit de dire qu`Obama est terroriste et vice versa, mais moi j`ai le droit de dire que Daech est terroriste, Obama est terroriste et Sarkozy aussi est terroriste
La fin

إمضاء مواطن العالَم
أنا اليومَ لا أرى خلاصًا للبشريةِ في الأنظمةِ القوميةِ ولا اليساريةِ ولا الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، أراهُ فقط في الاستقامةِ الأخلاقيةِ على المستوى الفردِيِّ وكُنْ كما شِئتَ (La spiritualité à l`échelle individuelle).
"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
لا أقصدُ فرضَ رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى، وعلى كل مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الثلاثاء 26 فيفري 2019.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire