معلومتنان
قرأتهما أمس صباحًا في مقهى الشيحي، الأولى صادمة والثانية العكس.
ماذا تحمل
الأولى؟
الزعيم والقس
مارتن لوثر كينڤ، زعيم السود في أمريكا، شهيد النضال المدني السلمي ضد نظام
التمييز العنصري في أمريكا الشمالية، هذا المَثَل الأعلى في نظري، للأسف لقد سانَدَ
عفويًّا بَعثَ دولة إسرائيل، الدولة الأشد عنصرية في العالَم، دولة فعلتْ ما لم
يفعله النظام السابق في جنوب إفريقيا،
طردتْ الفلسطينيين ثم استولتْ على أراضيهم وقُراهم ومُدنهم وأقامتْ عليها
دولةً يهوديةً صهيونيةً عنصريةً مغتصِبةً.
الثانية، ماذا
تحمل؟
المهاتما موهانداس كرمشاند غاندي، بطل
المقاومة السلمية ضد الاستعمار البريطاني الغاشم الغشوم، صاحب المقولة الشهيرة
والرائعة:
"لن يجد العدوُّ عندي مقاومةً مسلّحةً
يتعلّلُ بها، لكنه سيُفاجَأ بمقاومةٍ روحانيةٍ تُعمِيه"
L’ennemi ne trouvera pas chez moi
une résistance physique contre laquelle il peut s’appuyer mais une résistance
de l’âme qui l’aveuglera
هذا النبي الأرضي، رسول السلم والسلام، وعلى
عكس تلميذه مارتن لوثر كينڤ، أدان علنًا الصهيونية باسم مناهضة الاحتلال.
أبناء كينڤ أيضًا، المناضلون المتمردون (SNNC) نشروا سنة 1967 نداءً يدعون فيه إلى التضامن مع
القضية الفلسطينية.
1.
موقف سود
أمريكا من إسرائيل، المسانِد لها قديمًا، المناهِض لها حديثًا:
-
الحِلفُ بين السود واليهود الأمريكان كان
محدِّدًا خلال فترة الكفاح من أجل الحقوق المدنية (1954-1968) وأصبح اليوم معرّضًا
للخطر. قضية فلسطين دشّنت القطيعة بين المتحالفَين.
-
الداعية الإسلامي مالكوم إيكس (1925-استشهد في 1965)
زار القدس سنة 1957 وغزة سنة 1964. بعدها أصدر كتابًا بعنوان "المنطق
الصهيوني" يُدين فيه "تمويه الاحتلال" الإسرائيلي الذي أظهرَ العنفَ
في صورةِ معروفٍ بفضل المساندة الإستراتيجية الأمريكية التي يسمّيها إيكس "دولارِيزم".
-
إلى جهنم وبئس
المصير أمريكا وإسرائيل، هكذا قالت أهم منظمتان لِسودِ أمريكا اللتان
تحررتا من الإرث الإنجيلي لأجدادهم. هؤلاء
الشبان المناضلون من أجل تحرير السود ابتعدوا عن التعاطف العفوي مع إسرائيل، الأرض
المقدسة، أرض الميعاد، الأرض شهيدة التاريخ.
-
الجيلُ الجديدُ من المناضلين السود، جيلٌ
مناهضٌ للإمبريالية مسانِدٌ لشعوب العالَم الثالث مسانَدَةً عِرقيةً لَونيةً. هذا
الجيلُ يرى نفسَه محتلاًّ في الداخل، والقوميون المتحمّسون منهم يطالبون بأمريكا
ذات قوميتين، واحدة للبِيض والأخرى للسود. هذا اللعب مع المرايا أنتج "الخيال
السياسي الإفريقي-العربي".
-
منظمة "الفهود السود" ربطت علاقات
مع منظمة التحرير الفلسطينية وأصبحت ترى أن قضية فلسطين تنخرط في التاريخ الطويل
للهيمنة الاستعمارية والحق في الأرض.
-
أن تُأكِّدَ مساندتَك لفلسطين، يعني أنك
تطالب بحقك في التمرّد على السلطة الأمريكية، هذه السلطة التي، بعد أن صادرت أملاك
السود والهنود والمكسيكيين وحرمتهم من المشاركة في الحكم، استنسخت هيمنتها الداخلية
وطبقتها في الشرق الأوسط.
-
بداية من سنة 1968، برزت في أمريكا حركات
يهودية وأخرى عربية مستلهمة من تجربة مارتن لوثر كينڤ زعيم حراك الكفاح السلمي من
أجل فرض الحقوق المدنية: أسس اليهود "جامعة الدفاع اليهودي" وفي نفس
السنة أصدر المفكر الأمريكي-الفلسطيني إدوارد سعيد كتابه بعنوان صورة العربي (The Arab portrayed)، وكان هذا الكتاب مدخلاً لأعماله المشهورة حول مفهوم
الاستشراق. أعمالٌ تدعو منذ ذلك الوقت إلى فهم البناء "العنصري" للآخر.
-
سنة 1979، أعفَى الرئيس كارتر سفيرَه الأسودَ لدى الأمم المتحدة أندريو يونڤ من مهامه بسبب
مقابلة أجراها هذا الأخير مع قياديين من منظمة التحرير الفلسطينية عامًا قبل
إقالته، مما جعل الروائي جيمس بالدوين يكتب بتاريخ 29 سبتمبر 1979: "دولة
إسرائيل لم تُبعَث من أجل خلاص اليهود، بُعِثت من أجل خِدمة المصالح الغربية (...)
الفلسطينيون دفعوا ثمن السياسة الاستعمارية
البريطانية المُفعِّلة لشعار "فرّقْ تَسُدْ" ودفعوا أيضًا ثمن عقدة
الذنب المسيحية التي تلازم أوروبا وتُقلقها منذ أكثر من ثلاثين سنة" ، ومما
جعل أيضًا جيسّي جاكسون (الحزب
الديمقراطي) يتهم اليهود الأمريكان بوقوفهم وراء هذه الإقالة التعسفية، فرموه هم
بدورهم بالتهمة الجاهزة والكلاسيكية، اتهموه بمعاداة السامية خاصة بعد مساندته من
قِبل لويس فارخان، زعيم منظمة "أمة الإسلام". "نجح" اليهود في
تشويه سمعة نضال السود وشيطنة مناهضتهم للصهيونية .
-
سنة 1990، بدأت الصداقة بين السود
والفلسطينيين تتداعى خاصة بعد إمضاء اتفاقيات أوسلو بين الإسرائيليين ومنظمة
التحرير الفلسطينية. في 2015-2016، جرى في عروق الصداقة الدم من جديد، يرجع الفضل
في هذا الإنعاش إلى وسائل الاتصال الاجتماعية الحديثة: في 2017، فنانون سود قاموا
برحلة إلى الأراضي المحتلة، أقِيمت ملتقيات في الجامعات الأمريكية حيث نُودِيَ
بمقاطعة إسرائيل. رغم قلة عدد المناضلين والجامعيين أصحاب هذه المبادرات فإن جيلاً
جديدًا استلم مشعل الدفاع عن وحدة النضال بين الفلسطينيين وسود أمريكا ورفعه
عاليًا. فنان الراب فِيكْ مِنْسا زار الأراضي المحتلة في 2017 ونقل احتجاجه في
منبر تحت عنوان "ماذا علّمتني فلسطين حول العنصرية في الولايات المتحدة
الأمريكية؟" حيث تحدّث عن معاناة الفلسطينيين وقال أن مشهد إيقاف شاب فلسطيني
من قِبل جندي إسرائيلي هو مشهدٌ يرى فيه نفسَه: في أول وهلة خفّت عليه وطأة المشهد
بما أنه ليس هو المتهم، ثم استدرك قائلاً:
"هنالك في فلسطين، السود هم فلسطينيو الأراضي المحتلة".
-
سنة 2015، بُثَّ على الشبكات الاجتماعية فيديو
ثلاث دقائق بالأسود والأبيض يحمل عنوان "عندما أراهم أراني" (When I See Them, I See
Us: Quand je les vois, je nous vois) ويضم شهادات ضد
العنصرية في أمريكا وإسرائيل لأشخاص معروفين وغير معروفين، فلسطينيين وسود أمريكيين
(المناضلة أنجيلا دافيس، الفيلسوف كورنيل ويست، المخرج والممثل داني ڤلوفر، المغنية
لورين هيل، الكاتبة أليس والكر). الفيديو فكرة الجامعية المحامية نورة إراكات.
المصدر:
Le Monde diplomatique, février 2019, Extrait de
l`article «Ce que la Palestine m`a appris du racisme aux Etats-Unis», par
Sylvie Laurent, Chercheuse associée à l`Université Harvard et à l`Université
Stanford, enseignante à Sciences Po, auteure de Martin Luther King. Une
biographie intellectuelle et politique, Seuil, Paris, 2015, pp. 18 & 19
إمضاء مواطن العالَم
أنا اليومَ لا أرى خلاصًا للبشريةِ في الأنظمةِ القوميةِ ولا اليساريةِ ولا
الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، أراهُ فقط في الاستقامةِ الأخلاقيةِ على المستوى
الفردِيِّ وكُنْ كما شِئتَ (La
spiritualité à l`échelle individuelle).
"النقدُ
هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"المثقّفُ هو هدّامُ
القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
"وإذا كانت
كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى
فجرٍ آخَرَ" جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الثلاثاء 12 فيفري
2019.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire