Aliénation ou Liberté?
سؤالٌ قد يبدو لأولِ وهلةٍ
سهلاً بل ساذجًا ولا يحتاجُ لِتفكيرٍ أو ترددٍ، والحسمُ فيه بديهيٌّ وواضحٌ لفائدة
الخيار الثاني. مهلاً آلَ ياسِرْ!
قال فيلسوف حمام الشط، حبيب
بن حميدة: الديمقراطية، حسب ما يفهمها العديدُ منا، هي ممارسة الحرية الفردية والمشاركة
في السلطة. الديمقراطية، حسب ما أفهمها
أنا (لا يعني أنني أراها الأمثل أو الأفضل)، هي التخلي تمامًا عن حريتك الفردية
وعدم المشاركة تمامًا في السلطة. لك الحق في أن تمارسها مرة واحدة كل خمس سنوات.
كيف تمارسها؟
تمارسها يوم الانتخاب في حركة
رمزية: تدخل إلى مدرسةٍ ثم قاعةٍ ضيقةٍ ثم
خلوةٍ أضيقِ وكأنك داخلٌ إلى زنزانةٍ وأنت وحيدٌ معزولٌ، تخرج من الخلوةِ وبيدك
ورقةٌ ملفوفةٌ صغيرةٌ صِغرَ حريتكَ، تضعها داخل صندوقٍ مغلقٍ، تخرج وأنت حزينٌ
صامتٌ، تنتظر وأنت صاغرٌ مصيرَكَ التي ستقرره
الأغلبية الناخبةُ. ومهما كانت نتيجةُ الفرزِ، ترضى بها وتضم فمكَ وتُمسكَ يدكَ
ولسانكَ وتصبرَ وتصابرَ حتى يأتي موعدٌ انتخابيٌّ جديدٌ وهذه سنّة الديمقراطية شئتَ أم أبيتَ.
تعليق مواطن العالم: الأمرُ يبدو
عسيرًا ويبدو أيضًا أن التخلي طواعيةً عن ممارسة الحرية ليس بالأمرِ الهيّنِ،
خاصةً لو خانَ الوعودَ مَن انتخبناه وما أكثرهم عندنا وفي العالمِ أجمعِ؟
ما الحل إذن؟
الحلُّ الأسهلُ هو بطبيعة
الحالِ الحلُّ العربي! تدميرُ الدولةِ والدخولُ في حربٍ أهليةٍ ضَروسٍ يَفقدُ فيها
المواطن حياته ظنًّا منه أنه يدافع على حريته الفردية. وماذا نفعلُ بحريةٍ وسط
الخرابِ مثلما هو الحالُ اليوم في الصومال وليبيا وسوريا واليمن؟ إنه الإبداعُ
العربيٌّ!
الحلُّ الأصعبُ، أوجده قبلنا
أبناء هتلر وبسبب هتلر!
قالوا، الألمان وليس العربَ:
الديمقراطية التمثيلية جلبت لنا وللعالم أجمع أكبر مصيبة في تاريخنا القديم
والحديث، مصيبةٌ جلبت لنا العارَ والذلَّ والاستعمارَ (ستون مليون ضحية في أربع
سنوات خلال الحرب العالمية الثانية). فهل يُلدغُ المرْءُ من جُحرٍ مرتين؟ إن لدغنا
مرة فتبّا له وإن لدغنا مرتين فتبًّ لنا وألف تبةٍ! ولن يلدغنا ثانيةً بحولِ الله.
ماذا فعلوا؟
استنبطوا أنموذجًا جديدًا من
الديمقراطية المقيّدَة أو المنظمَة وسمّوها
(L`ordolibéralisme).
ما فحوى هذا الأنموذج
الألماني الفريد من نوعه؟
لن نترك مستقبلاً الفائزَ في
الانتخابات يرتعُ كالديكِ الهائجِ في مدجنةٍ يُهشمُ البَيضَ كما يشاءُ. نربط
الديكَ بِخيطٍ رفيعٍ شفّافٍ يمنعه من الوصولِ إلى مبتغاهِ لو فَسُدَ مبتغاهُ.
فمَن سيغزِلُ للديكِ خيطًا
ومَن سيطرزُ للمنتخبِ
(L`élu de la nation)
قوانينَ تمنعه مسبقًا من التفردِ بالسلطةِ لو غلبته نفسه وزيّنت له الظلمَ عدلاً،
كما فعل هتلر؟
مؤسسات
تفكير يديرُها مختصون من أهل الفكر والرأي
(Think-tank ou laboratoires
d`idées ou boîtes à penser )
يحدّون من حرية المنتخبِ (L`élu de la nation) ويجعلونه
كلاعبِ كرةٍ يجري ويُبدِعُ في الملعبِ بكل حرية لكنه لا يتجاوز قوانين اللعبة وإن
تحمّسَ وفعلها، صفّرَ له الحَكَمُ، وإن تمادَى في غِيِّهِ وكررها، أوقفه الحَكَمُ عن
اللعبِ وأخرجه من الملعبِ.
هل الأنموذجُ الألماني
هو الأنموذجُ الأمثَلُ؟ قد يكونُ هو
الأفضلُ من بين الأنظمة السياسية الليبراليةِ المعاصرة، لكنه ليس الأحسنُ في
العالم. أظن أن الأنموذج الأسكندنافي الاشتراكي الديمقراطي هو الأصلحُ، على الأقل
حتى اليوم، ولا يعلم الغيبَ إلا الله وبدرجة أقل علماء المستقبل (Les futurologues).
إمضائي
"المثقفُ
هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"على كل مقال سيء نرد
بمقال جيد" مواطن العالَم
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الجمعة 17 نوفمبر 2017.
Référence: Le Monde
diplomatique, n°737-62è année, août 2015. Extraits de l`article
« L`ordolibéralisme allemand, cage de fer pour le Vieux Continent »,
Page 20 et 21, par Francois Denord (sociologue CNRS), Rachel Knaebel
(journaliste, Berlin) et Pierre Rimbert
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire