lundi 27 février 2017

أيها الغربيون وأيها العرب اللائكيون (دون تعميم): أرجوكم تثبتوا قبل أن تُقحِموا القرآنَ والحضارةَ العربيةَ الإسلاميةَ في النقاش السائد والدائر حول أسباب الإرهاب الداعشي؟ فكرة مفكر مسيحي لبناني، السياسي والاقتصادي جورج قرم. ترجمة بتصرف مواطن العالَم

 يبدو لي أن حاضنة (La couveuse) الإرهاب الداعشي ليست دينية ولا حضارية بل هي دنيوية سياسية (Profane - politique et non religieuse - civilisationnelle) والأدلة عديدة ومتعددة وعلى سبيل الذكر لا الحصر أذكر لكم بعضها:
-         لو كانت الأسبابُ صِداميةً - حضاريةً لَما افتتن العربُ بالحضارة الغربية ولَما بعثوا أبناءهم للدراسة في أكبر الجامعات الغربية، فحتى رجال الدين منهم فضّلوكم ولم يرسلوا أبناءهم إلى جامعة الملك فيصل في السعودية أو جامعة الأزهر بمصر. نحن نرى أن كل الفئات الاجتماعية العربية مبهورة بما حققته الحضارة الغربية من رُقِيٍّ وتقدّمٍ وأغلبهم يتمنون العيش في البلدان الغربية (أغنياء وفقراء، نخبة وعامة، رجال ونساء، أطفال وشباب وشيوخ، يساريون وإسلاميون، ليبراليون ومحافظون، إلخ). نحن نرى أيضا أن حزبًا إسلاميًّا مثل حزب النهضة يدفع مئات الملايين من العملة الصعبة لتدريب أبنائه على ممارسة الحكم المحلي في بعثة إلى بريطانيا أو أمريكا ونلاحظ إصرار بعض قياداته على البقاء الإرادي والاستقرار الحر في الغرب مفضِّلين حضارته على خدمة حزبهم في تونس وحريصين على مستقبل دراسي أفضل لأبنائهم في الجامعات الغربية العَلمانية.
-         لو كانت الأسبابُ صِداميةً - حضاريةً لَما هاجر إلى ألمانيا قرابة المليون مسلم سوري وعراقي من الطبقة المتوسطة متحَدِّين الموت غرقًا.
-          ولو كانت الأسبابُ دينيةً لَما التجأ إلي الغرب وأقام في بلدانه العَلمانية عقدًا أو عقدين من الزمن أبرزُ قيادات الحركات الإسلامية المضطهدة في بلدانها الإسلامية.
-         لو أرجعنا أسبابَ الإرهابِ الداعشي لِما ورد في القرآن فهل يجوز لنا بالقياس إرجاع أسباب جرائم الغرب الحديثة ضد الإنسانية لِما جاء في التوراة والأناجيل مثل الاحتلال الاستيطاني الصهيوني العنصري لكل أرض فلسطين أو إبادة شعب الهنود الحمر في أمريكا الشمالية أو 150 ألف قتيل مدني ياباني في هيروشيما أو 45 ألف ضحية مدنية جزائرية في سطيف 1945 أو الملايين من المواطنين اليهود الذين قضوا نحبهم ظلمًا في معسكرات الاعتقال النازية أو... أو...
-         نَقَلَ فرانسوا بورڤات، عالِم سياسي فرنسي، مختص في دراسة الحركات الإسلامية: "قال لي مرة نائب إخواني أردني: لو طبقتم قِيَمَكم الواردة في إعلانكم العالمي لحقوق الإنسان ولم تكيلوا بمكيالين في قضية الصراع العربي - الصهيوني لأصبحنا كلنا غربيين".

خاتمة: أرجوكم لا تُقحِموا القرآن  والحضارة العربية الإسلامية في النقاش السائد والدائر حول أسباب الإرهاب الداعشي فمَن كان بيتُه من زجاجٍ لا يرمي الآخرين بِحجرٍ، بل تمهلوا وتفحصوا واحذروا أن تخدعكم المظاهر فالمحتوى سياسي واللغة رمزية إسلامية وابحثوا عن الأسباب الحقيقية الكامنة في أنظمتِكم السياسية الرأسمالية الغربية المعتدية على بلداننا العربية الإسلامية والناهبة لخيراتنا الأحفورية والبشرية (العمال المهاجرون والأدمغة العربية المهاجرة إلى الغرب) والمتحالفة مع أنظمتنا العربية الديكتاتورية التابعة أو العميلة.

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 27 فيفري 2017.
Haut du formulaire



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire