dimanche 26 février 2017

هل يوجد خيطٌ فاصِلٌ بين التحضّرِ والبربريةِ لدى الفرد والمجتمع؟ فكرة الفيلسوف إدڤار موران. تونسة مواطن العالَم

قال الفيلسوف إدڤار موران: " لا يوجد خيطٌ فاصِلٌ بين التحضّرِ والبربريةِ لدى الفرد والمجتمع".
بعض "المتحضرين" يرون البربرية في كل منتمٍ إلى حضارة أخرى غير حضارتهم وجل أدعياء هذا التعالي النرجسي ينتمون للأسف إلى الحضارة الغربية المسيحية وهم أصحاب عقدة المركزية الأوروبية، عقدة عنصرية إقصائية استئصالية.
أنا أرى عكس ما يرون، استنادًا مني إلى علم الأنتروبولوجيا (عِلم الإنسان كفرد وكمجتمع ودراسة حضاراته ودياناته وثقافاته وعاداته وفنونه، إلخ) الذي يقول أن لا حضارة أفضل من حضارة رغم اختلاف كل واحدة عن الأخرى اختلافًا قد يكبر أو يصغر.
الاستعمار الفرنسي والديكتاتورية البورقيبية والبِنعلية والاغتراب في شكل عَلمنة فوقية مستوردة والتبعية السياسية والاقتصادية والثقافية في شكل اقتصاد سوق متوحش والوهابية الرجعية السعودية وافتقار المكتبة الإخوانية للتنوع الثقافي (الاكتفاء بالإنتاجات الإجرائية للمؤسس حسن البنا وبالتنظيرات التكفيرية لأبي الأعلى المودودي وابن تيمية)، بربرياتٌ أنتجت عددًا هائلاً من الدواعشَ التونسيين مما جعلنا نحتل المرتبة الأولى في قائمة الدول المصدِّرة للتطرّف والبربرية، والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه.
البربرية الستالينية أنتجت عددًا غير قليلٍ من اليساريين التونسيين المنبَتِّين عن مجتمعهم العربي البربري (berbère et non barbare) الإسلامي، والفرق الأول بينهم وبين الدواعش أن الستالينيين التونسيين يؤمنون بالعنف "الثوري" لكنهم لم يمارسوه البتة، ليس اختيارًا أو نقدًا ذاتيًّا بل مكرهين لقلة الحيلة وغياب الوسيلة، أما الفرق الثاني فيتمثل في عدم قابليتهم للتصدير لانتهاء مدة صلوحيتهم ولأن زملاءهم في الغرب يُعرضون في المتاحف للفرجة والعبرة والاتعاظ من معسكرات العمل التعسفي والاعتقال الڤولاڤي الستاليني (Le terme Goulag désigne le système de camps de travaux forcés, en URSS, où étaient principalement détenus des prisonniers politiques, adversaires supposés du régime stalinien).
البربرية الأوروبية التي خرجت من رحم النهضة الحضارية الأوروبية، لم يكفها إبادة شعوبٍ بأكملها في الأمريكيتين في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر، فبعد تسع سنوات فقط من اندلاع الثورة الفرنسية غزا نابليون بونابارت مصر سنة 1798، وبعد تطعيمها بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، شرعت في إذلال الشعوب العربية ونهب ثرواتها، ولا زالت مصرّة حتى اليوم على ممارسة أبشع البربريات باسم حماية حقوق الإنسان في فلسطين وليبيا وسوريا والعراق واليمن.
المفارقة الكبرى في الحضارة الغربية أنها حملت إلينا السمَّ والدسمَ في آن، البربرية والتحضر، الهمجية والعقلانية، العِلة والدواء، الهدم والبناء، العنف والرفق، الظلم وحقوق الإنسان، الفوضى والنظام، الديكتاتورية والديمقراطية، القومية العنصرية والأممية الرحبة، الاستعمار وأدوات التحرر من الاستعمار، التصحر الثقافي والغزو الثقافي، وما علينا إلا أن نختار لو تركتنا نختار!


Conclusion d`Edgar Morin : Les moins barbares doivent s`unir contre les plus barbares 

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 26 فيفري 2017.
Haut du formulaire



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire