يبدو لي أن العولمة المفروضة
علينا من الغرب خرّبت عقولنا وحولت السخط الاجتماعي عندنا إلى تطرّف وتعصّب. كيف؟
أجبرتنا على الانغلاق على أنفسنا والاحتماء بـ"الهُويات القاتلة" (عنوان
كتاب للروائي الفرنسي أمين معلوف)؟ ما هي هُوياتنا القاتلة نحن العرب؟ هي التطرف
والتعصب بكل أنواعه: التعصب الديني (مسلم وغير مسلم) أو المذهبي (مالكي وحنبلي-وهّابي
وصوفي وشافعي وحنفي) أو الطائفي (سني وشيعي وإباضي ودرزي وأورتدوكسي وزيدي وعلوي
وحوثي، إلخ.) أو القومي (عربي وفارسي) أو العِرقي (تونسي عربي وتونسي بربري أو
عراقي عربي وعراقي كردي) أو الجهوي (جنوب وشمال، ساحلي وزيرويت) أو اجتماعي (بِلدي
ومن وراء البلايك) أو الجَندرِي (ذكر وأنثى) أو اللوني (أسود وأبيض)، أو القبَلي
(همامّة وفراشيش وغيرهم) إلخ.
عندما يُظلم المرء عندنا من
قِبل النظام المحلي الحاكم (مثل بن علي ومبارك والأسد والقذافي وصدام وغيرهم)
يتقوقع على نفسه كما يفعل الطفل المراهق عند تعرضه لأول مشكلة في حياته جراء ضيق
أفقه عوض أن يبحث عن حل لمشكلته.
يبدو لي أن حضارتنا العربية
الإسلامية هي نفسها نتاج تلاقح حضارات مختلفة (الحضارات العربية والفارسية
والهندية والبيزنطية وغيرها) أي الحداثة بأتم معنى الكلمة منذ القرن الثاني للهجرة
في عهد الخلافة العباسية حسب تعريف أدونيس للحداثة. فهي إذن تحوي في تاريخها
هُويات أرقى وأقرب للإنسانية تجاوزت هُوياتنا القديمة القاتلة (حقبة الجاهلية) إلى
الهويات العالمية الأرحب وأفضل دليل على وجاهة ما أطرح هو رسالة ديننا الموجهة
للعالَمين وليست خاصة بالعربِ أو الفُرسِ ولا بِبلدٍ دون آخر ولا بِعرق دون عرقٍ
ولا بِجنسٍ أو لونٍ أو جهةٍ.
إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر"
(جبران)
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 21 فيفري 2017.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire