وجهة نظر سمعتها حول اعتماد
الشريعة مصدرا من مصادر الدستور. مواطن العالم د. محمد كشكار
سأصوغ بعجالة
فقرة قصيرة تحتوي على القليل القليل مما فهمته و استوعبته من سماعي لحصتين
تلفزيتين حول هذا الموضوع الشائك و المعقّد. الحصة الأولى تتمثل في نقاش دار بين
جوهر بن مبارك الناطق الرسمي باسم قائمة "دستورنا"، أستاذ الدستور
بالجامعة التونسية و بين نائبة نهضاوية من المجلس التأسيسي، أما الثانية فقد شارك
فيها بن خضر، نائب عن النهضة في المجلس التأسيسي مع زميله إياد عن الحزب
الديمقراطي التقدمي و الجورشي من اليسار الإسلامي: تُعتبر الشريعة مصدرا من
المصادر المادية و ليست الشكلية للتشريع. عندما نقول مصدرا ماديا للتشريع، نعني
بذلك أن الرجوع إلى الشريعة ينتهي العمل به بمجرد الانتهاء من صياغة الدستور و
المصادقة عليه. بعد كتابته يصبح الدستور المصدر الوحيد و الأخير و الأوّل و
الأساسي للمصادقة على الاتفاقيات الدولية و لسنّ القوانين و الأوامر و اللوائح و
المناشير الداخلية. لكن إذا قلنا أن الشريعة تُعتبر مصدرا شكليا فهذا يعني أنها
تبقى مصدرا منافسا للدستور حتى بعد كتابته و قد تُعتمد في سن القوانين و الأوامر و
اللوائح و المناشير الداخلية و تُأخذ بعين الاعتبار قبل الموافقة و الإمضاء على
الاتفاقيات الدولية. لا يكمن المشكل في الشريعة في حد ذاتها لأن نصوص القرآن و
السنة و المذهب المالكي هي محل إجماع من جميع الحساسيات السياسية في البلاد
التونسية لكن المشكل يكمن في الاختلاف المشروع و الصحّي الذي يتمثل في الاختيار -
الحر بين عديد التأويلات و التفسيرات و القراءات البشرية المتحركة و المتغيرة و
المتطورة عبر التاريخ - لهذه النصوص الثابتة في التاريخ الإنساني، نصا و ليس
تأويلا، مثلما قال أبو يعرب المرزوقي في مقال الجارح الراجحي بعنوان "الرد السليم على فظاظة الشيخ غنيم"،
المنشور في الحساب الفيسبوكي لنزار يعرب المرزوقي بتاريخ 19 فيفري 2012 : "أن
تكون الحقيقة العقلية والنقلية في ذاتها مطلقة وموجودة في العلم الإلهي ليس موضوع
كلامنا بل دعوى أن علمنا الإنساني بهما مطلق فذلك هو المشكل".
الخلاصة
لكتابة
الدستور، مطلوب التوافق بين كل الأحزاب المنتخبة في المجلس التأسيسي و للوصول إلى
هذا النوع من التوافق، يجب على كل المشاركين أن يتزحزحوا قليلا عن مواقعهم
الأيديولوجية دون المساس بثوابتهم و عليهم أن يتركوا خارج الدستور المسائل
الخلافية التي لا يتم حولها وفاق.
تاريخ أوّل نشر
على النات: حمام الشط في 24 فيفري 2012.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire