ما هي أوجه الشبه بين الثورة
الفلسطينية و أساليبها و الحركة الصهيونية و طرق عملها؟ جزء 2. صادق جلال العظم. نقل دون تعليق مواطن
العالَم د. محمد كشكار
كتاب "زيارة السادات و
بؤس السلام العادل"، صادق جلال العظم، دار الطليعة للطباعة و النشر، الطبعة
الأولى، بيروت 1978، 248 صفحة
نص المؤلف صفحة 86
يعمل هذا المنطق الخفي على
تشبيه الثورة الفلسطينية بالحركة الصهيونية لأنه يقول: إذا كانت الشروط الموضوعية
للشتات اليهودي قد أنتجت الحركة الصهيونية الاستعمارية الاستيطانية بتحالفاتها
المتقلبة مع الدول العظمى (في ذلك الزمان) و مع القوى الإقليمية الأكبر وزنا و
الأكثر نفوذا و مع الطبقات المحلية السائدة، أليس من الطبيعي أن تنتج الشروط
الموضوعية للشتات الفلسطيني أيضا (بسبب التشابه المذكور بين الشتاتين) نوعا من
"الحركة الصهيونية" المعاكسة، أي حركة وطنية تحررية معادية للاستعمار و
الاستيطان تستفيد هي أيضا من تحالفاتها المتقلبة مع الدول العظمى و مع القوى
الإقليمية الأكبر وزنا و الأكثر نفوذا في المنطقة و مع الطبقات المحلية الحاكمة؟
إذا كانت الشروط الموضوعية للشتات اليهودي قد أنتجت المنظمة الصهيونية العالمية
بقيادة شرائح معينة من البورجوازية اليهودية الأوروبية لتكون إطارا يتسع لتحالفات
و صراعات عدد لا بأس به من الاتجاهات و التنظيمات بكبيرها و صغيرها، بيسارها و
يمينها و وسطها، بمتطرفيها و معتدليها، أليس من الطبيعي أن تنتج الشروط الموضوعية
للشتات الفلسطيني منظمة شمولية مشابهة (و معاكسة للمنظمة الصهيونية) هي منظمة
التحرير بقيادة شرائح معينة من البورجوازية الفلسطينية الخليجية لتكون إطارا يتسع لتحالفات
و صراعات عدد لا بأس به من الاتجاهات و التنظيمات بكبيرها و صغيرها، بيسارها و
يمينها و وسطها، بمتطرفيها و معتدليها؟
هامشة 32 على صفحة 87: على سبيل المثال أنشأت البورجوازية الفلسطينية في
الولايات المتحدة: (1) "صندوق الأرض المقدسة الموحد" و مركزه في شيكاغو.
و يتمتع هذا المشروع بكافة الامتيازات و الإعفاءات التي تتمتع بها المشاريع
المالية الصهيونية-اليهودية المماثلة في أمريكا بما في ذلك الإعفاء الكامل من
الضرائب و السماح للمساهمين و المتبرعين للصندوق بحسم تقديماتهم من الضرائب
المترتبة عليهم إلى الحكومة الأمريكية. و يكاد يكون دستور "صندوق الأرض
المقدسة الموحد" و لوائحه التنفيذية نسخة طبق الأصل عن دستور و لوائح الصندوق
الصهيوني-اليهودي المماثل
الجواب الذي يقدمه هذا النوع
من المنطق هو نعم كبيرة، بدليل أنه عندما طرحت دولة الانتداب فكرة تقسيم فلسطين في
ثلاثينات هذا القرن انقسمت المنظمة الصهيونية العالمية على نفسها، انقسمت إلى كتلة
كبيرة معتدلة و إلى جبهة رفض أصغر حجما و أكثر تطرفا بقيادة جابوتنسكي الذي خرج من
المنظمة الصهيونية المعترف بها دوليا و شكل منظمة موازية. كانت حجة الكتلة
المعتدلة في المنظمة الصهيونية تقول أن القبول بإنشاء دولة يهودية على جزء من
فلسطين سوف يعطي الحركة قاعدة صلبة للاستمرار في "الكفاح" من أجل تحقيق
الأهداف الإستراتيجية الكبرى للشعب اليهودي. أما جبهة الرفض فقد اتهمت قيادة المنظمة
بالاستسلام لضغوط الاستعمار الانكليزي و إغراءاته و أكدت بأن "الوطن
التاريخي" غير قابل للمساومة و التقسيم و لا بد من العمل بكافة الوسائل، مهما
كان نوعها، على تحريره بكامله
و في يومنا هذا نجد أن فكرة
تقسيم فلسطين مجددا استنادا إلى حدود إسرائيل قبل حرب حزيران 1967 (مع تعديلات
طفيفة طبعا!) و إنشاء دولة فلسطينية على جزء من أرضها قد أدت أيضا إلى انقسام
منظمة التحرير على نفسها. انقسمت المنظمة إلى كتلة كبيرة معتدلة و مدعومة من جانب
حلفائها الدوليين و المحليين من جهة و إلى جبهة رفض أصغر حجما و أكثر تطرفا بقيادة
جورج حبش الذي خرج من منظمة التحرير المعترف بها عربيا و دوليا و فكر في فترة من
الفترات بإنشاء منظمة بديلة و موازية. تقول حجة الكتلة المعتدلة في منظمة التحرير
أن القبول بإنشاء دولة فلسطينية على جزء من أرض فلسطين سوف يعطي المنظمة قاعدة
صلبة للاستمرار في الكفاح من أجل تحقيق الأهداف القومية الكبرى للشعب العربي
الفلسطيني. في حين تتهم جبهة الرفض قيادة المنظمة بالاستسلام أمام الضغوط
الإمبريالية المحلية و الدولية و إغراءاتها و تؤكد بأن الوطن التاريخي للشعب
الفلسطيني غير قابل للمساومة و المقاسمة و لا بد من العمل بكافة الوسائل، مهما كان
نوعها، على تحريره بكامله
تاريخ أول إعادة نشر على
مدونتي و صفحاتي الفيسبوكية الثلاث
حمام الشط، في 5
أفريل 2013
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire