دردشة في مقهى "الويفي"
بحمام الشط الغربية بين أستاذين متقاعدين (فلسفة و تعلّميّة بيولوجيا): أربع أفكار
طريفة و معاكسة للسائد! مواطن العالم د. محمد كشكار
1.
الفكرة الأولى: دعوى يسارية إلى تأسيس حزب ديني
مؤسس
فكرة الحزب و مُلهم بعض أفكاري، أستاذ الفلسفة القدير المتقاعد، العَلماني اليساري
المستقل غير الانتهازي حبيب بن حميدة: يدعو جادا إلى تكوين حزب يحمل اسم حزب
"العمل عبادة". يحتوي برنامج هذا الحزب الفريد من نوعه على جملة واحدة
فقط و هي التالية: "لا فرق بين تونسي إسلامي و تونسي عَلماني إلا
بالعمل" و يحتوي نظامه الداخلي على التعليمة التالية: "يُفصَل من الحزب فورا
كل عضو كسول في عمله مهما كان مستواه التعليمي و مهما كانت درجة ثوريته".
حزب، يجد فيه الإسلامي ضالّته، فكل ما عمل أحسن، اقترب من ربه أكثر و يجد فيه
العَلماني ضالّته أيضا، فكل ما عمل أفضل، تصالح مع مبادئه أكثر
2.
الفكرة الثانية: الفصل بين الدين و الدولة في المسيحية و
الإسلام
في
المسيحية: الدولة
الرومانية، هي التي أسست و نشرت الدين المسيحي بعد نزوله على عيسى عليه السلام،
بثلاثة قرون. فالدين المسيحي، إذن، هو بمثابة الابن و الدولة هي بمثابة الأم و من
الطبيعي بل من الأسلم و الأفضل للابن أن يستقل و يكوّن أسرة و ينفصل تماما عن
الأم. لذلك انفصل الدين المسيحي الابن عن الدولة الغربية الأم. مع الملاحظة أن هذا
الانفصال أو الفطام لم يتم بسهولة و إنما دام سبعة قرون من الصراع بين رواد النهضة
(بيترارك، المتمزق بين الإيمان المسيحي و الفلسفة اليونانية 1304م - 1374م و لورنزو قالا، أحد النهضويين الأوروبيين
و الإنسانيين في القرن الخامس عشر 1407 م - 1457 م و إيراسموس، زعيم النهضة
الأوروبية 1469م -1532م و جيوردانو برونو شهيد الأصولية المسيحية 1548م - 1600م و مارتن
لوثر 1483م- 1546م و جون كالفان 5361م - 1564م مؤسسَيْ المذهب البروتستانتي و كوبرنيك و ديكارت و
قاليلي و نيوتن و كانط و فولتير و ديدرو و سبينوزا و غيرهم كثيرون) و
الأصوليين الكاثوليكيين بدية من القرن الثالث عشر ميلادي حتى تاريخ اندلاع الثورة
الفرنسية عام 1789
أما
في الإسلام: فقد كان
الأمر معه معكوسا تماما: الدين الإسلامي هو الذي أسس و أنشأ الدولة الإسلامية على
يد الرسول محمد، صلى الله عليه و سلم. فالدين الإسلامي، إذن، هو الأب، و الدولة
الإسلامية هي الابنة و ليس من الهيّن على الأب ترك ابنته تعيش و تترعرع بعيدة عنه،
فهو الذي رعاها عزباء و تابعها متزوجة، و من اللامعقول أن نطالب الأب بالانفصال عن
ابنته حتى و لو استقلت عنه أو هجرته و سوف يتمسك بها بكل قوّته حتى و لو افتكوها
منه عنوة. لذلك أرجو من رفاقي العَلمانيين أن يرفقوا بإخوانهم الإسلاميين و لا
يطالبوهم بـ"المستحيل التفكير فيه الآن" و هو مبدأ "فصل الدين
الإسلامي عن الدولة الإسلامية" و أن يؤجلوا مطلبهم هذا إلى أن يحين الوقت
الذي يصبح من الممكن التفكير في فصل الدين عن الدولة
3.
الفكرة الثالثة: إنشاء طبقة من علماء الدين المسلمين
نطالب
مؤمنين صادقين بتأسيس طبقة نيّرة من علماء الدين المسلمين متعددي الاختصاصات في
العلوم الدينية و العلوم الحديثة (الأنتروبولوجيا، الفلسفة، الإبستومولوجيا،
الألسنية، علم النفس، علم الاجتماع، الفيزياء، الكيمياء، الطب، البيولوجيا،
الأركيولوجيا، علوم التربية و غيرها)، طبقة محصَّنَة و مستقلة دستوريا عن السلطة
التنفيذية، طبقة تحترف و تمتهن تفسير و تأويل القرآن الكريم و الأحاديث النبوية
الصحيحة حتى تسدّ الباب على المتطفلين و المجتهدين أنصاف المثقفين أمثال الدعاة
الفضائيين الدجالين الانتهازيين و أئمة الجوامع الموظفين التابعين إلى السلطة
التنفيذية الذين يفتون في الدين و الدنيا و هم يجهلون علوم الدين و علوم الدنيا.
أيُعقل أن يأخذ العالِم دينَه و دُنياه عن إمام نصف جاهل بدينه و دنياه؟ أيُعقل أن
يُنصِت مسلم عالِم إلى مسلم جاهل؟ يبدو لي أنه من الأجدر أن يتغير إمام الجمعة كل
جمعة حسب موضوع خطبة الجمعة و يُرشّح المصلون بالتوافق أعلَمَهم في موضوع الساعة
سواء كان شأنا دينا أو شأنا دنيويا و بهذه الطريقة يصبح الجامع جامعة مفتوحة لمن
لم يسعفه الحظ بالالتحاق بالجامعة الكلاسيكية فيصبح بالإمكان أن يتلقى المصلي سنويا
56 محاضرة علمية دينية أو دنيوية و بهذه الطريقة البيداغوجية غير المنافية
للشريعة الإسلامية نصبح أمة "اِسْمَعْ علما" ما دمنا أمة لا تقرأ علما
4.
الفكرة الرابعة و الأخيرة: يبدو لنا أن شعبا لا يعمل، هو
شعب لا يستحق حرية و لا كرامة
بعد
الربيع العربي، عمّ - و الحمد لله الذي لا يُحْمَدُ على مكروه سواه - شتاء عربي
على كل ّالديمقراطيات" الناشئة: شركات أجنبية فارّة، شركات وطنية مفلسة، مستثمرون
محليون خائفون، مستثمرون أجانب مترددون، مؤسسات
صناعية مُغلقة، مناجم مُعطّلة، جامعات لا تعلِّم، كل المثقفين العرب أصبحوا نُقّادا
في المقاهي و كسلاء في العمل، كل الجهلة و المهمّشين و المُسَرّحين من السجون أصبحوا
مفتين في الدين، كل الانتهازيين أصبحوا ثوريين، قضاء فاسد موروث عن العهد البائد،
منظومة تعليمية موروثة متعفنة، ضباط أمن غير منضبطين. كل هذا الكابوس من التعاسة،
لا تزحزحه السلفية و لا العَلمانية و إنما يزيحه العمل و العمل الجادّ فقط. أعجبُ
من شعب لا يعمل و يطالب بالتشغيل و الزيادة في الأجور و التخفيض في الأسعار! مِن
أين سيأتي التشغيل يا ترى و المُشغِّلون و الشغالون لا يشتغلون؟ من أين ستأتي
الكرامة و نحن نتسوّل قوتنا اليومي من أمريكا و قطر و السعودية و البنك العالمي
(الأمريكي) و صندوق النقد (النهب) الدولي
و الاتحاد الأوروبي؟ كيف سيثق فينا العالَم و نحن نفعل بأنفسنا ما يفعل الجاهل
بنفسه؟ من أين ستأتي الزيادة في الأجور و خزينتا مسروقة و أموالنا مهرّبة و حالنا
واقف؟ من أين ستأتي الديمقراطية و نحن لم نستورد إلا أسوأ ما فيها، الفوضى و
الهمجية؟ من أين سيأتي الأمن و نحن نعتدي على بعضنا بعضا و نكفّر بعضنا بعضا و
جيشنا و شرطتنا مستقيلان يتفرجان و كأن الأمر يحدث في السودان؟ كيف ستُخفَّضُ
الأسعار و نحن لا ننتج سلعا جديدة؟ كيف سنكون أحرارا و قد استعبدنا بعضنا بعضا؟
كيف سنتقدّم و نحن نتأخر يوميا ألف خطوة؟
إمضائي المختصر
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في
أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه من أجل بناء أفراده الذاتي لتصورات علمية مكان تصوراتهم
غير العلمية و على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري و على
كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي
"و
إذا فهمت نفسك فكأنك فهمت الناس جميعا". هاشم صالح
"الفلسفة
هي القبض على الواقع من خلال الفكر".
هيغل
"الذهن غير المتقلّب غير
حرّ
قال الرسول محمد، صلى الله
عليه و سلم: "مَن قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدَهُما
قال تعالى: "يا أيها
الذين آمنوا، عليكم أنفسكم لا يضرّكم مَن ظلّ إذا اهتديتم إلى الله
تاريخ أول نشر على النات
حمام الشط في 31 مارس 2012
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire