jeudi 30 juillet 2020

صرخة ضد التمييز حسب العائلة أو المهنة أو الشهادة العلمية (الإيجابي والسلبي)! مواطن العالَم

 

1.     صرخة ضد التمييز  حسب العائلة (الإيجابي والسلبي):

يقولون: هذا "وِلدْ عائلة أو وِلدْ أصل". أتساءل: والآخر، وِلدْ مَن؟ هل هو وِلدْ ك..؟ من حسن حظ البشرية أن الأخلاق الهابطة والتربية السيئة كما الأخلاق العالية والتربية الجيدة لا تُورَّث جينيا بل الأولى تُكتسب بالكسل والثانية بالكد والجد والعمل فكل فردٍ قادرٍ إذن على اكتساب أخلاق عالية وتربية جيدة إذا أراد واجتهد.

 

2.     صرخة ضد التمييز حسب المهنة (الإيجابي والسلبي):

يُكتب على قفا بطاقة التعريف الوطنية التونسية مهنة حاملها: أستاذ، طبيب، مهندس، عامل يومي، متقاعد، إلخ.

تقود سيارتك الخاصة، ترتكب خطأ مروريًّا، يوقفك شرطي المرور ويطلب أوراق السيارة مع بطاقة الهوية فيخاطبك مبتسما إن كنت طبيبا أو أستاذا وعابسا إن كنت عاملا يوميا. أتساءل: ما الفرق في السياقة بين سائق طبيب أو سائق عامل؟ لعل العامل السائق يكون أفضل في السياقة من الطبيب السائق! ما دخل المهنة الأصلية للسائق في حذق السياقة؟ ما ذنب السائق العامل وبماذا يمتاز عنه الطبيب السائق في احترام إشارات المرور؟ لماذا يُمنح الطبيب السائق امتيازا من قِبل الشرطي ويُعامل معاملة حسنة وفي جل الحالات يُعفى من تطبيق القانون إذا أخطأ؟ لماذا لا يُمنَح العامل السائق نفس الامتياز من قِبل الشرطي ولماذا يُعامل معاملة سيئة وفي أغلب الأحيان تُسلَّط عليه عقوبة مالية إذا أخطأ؟ يبدو لي أن العاملَ الطيبَ أجدر بالمعاملة الحسنة من الطبيب التاجر أو الأستاذ مقاول الساعات الخصوصية وقد تخفي المهنة عورات لا نراها.

أطالب بحذف المهنة من بطاقة التعريف حتى يُعامَلَ التونسي في الطريق العام كمواطن وليس كطبيب أو عامل لأن الطبيبَ طبيبٌ في المستشفى أما خارج المستشفى فهو مواطن متساوٍ في الحقوق مع جميع المواطنين، اللهم إذا كان في مهمة في سيارة إسعاف.

يبدو لي أننا، نحن التونسيون، نخلط بين الحقوق والواجبات. الناس ليسوا سواسية في أداء الواجبات، العامل ليس كالطبيب، كلٍّ حسب اختصاصه لكنهم سواسية في الحقوق وبهذا فقط المواطن المتحضر عن المواطن غير المتحضر.

يُحكَى أن في دولة مصر الشقيقة يُكتب اسم الدين على بطاقة الهوية. يُحكَى أن في دول الغرب الصديقة لا يُكتب نوع المهنة ولا اسم الدين على بطاقة الهوية إذا وُجدت (في أمريكا لا توجد بطاقة تعريف عليها بصمتك وكأنك متهم)، والمقارنة مع الأحسن أفضل. من حسن حظي أنني لم أعد مميزا في بطاقة التعريف: في بطاقتي، حُذِفت كلمة أستاذ وحلت محلها كلمة متقاعد فأصبح المتقاعدون من مختلف المهن سواسية رغم أنوفهم.

 

3.     صرخة ضد التمييز حسب الشهادة العلمية (الإيجابي والسلبي):

عادة ما يتكبر بعض الناس بشهاداتهم العلمية ويصرّون على البحث عن التمييز الإيجابي ولا يرضون إلا بـمخاطبتهم بـ: "يا دكتور، يا أستاذ". لا يكون الدكتورُ دكتورا إلا في اختصاصه وعادة ما يكون اختصاصه ضيقا ومحدودا جدا فمثلا أنا -وأعوذ بالله من كلمة أنا- أنا دكتور في تعلمية البيولوجيا (يعني كيف تُعلِّم أو تتعلم البيولوجيا)، لكنني لا أفقه إلا القليل في أقرب الاختصاصات إلى اختصاصي مثل تعلمية الرياضيات أو الفيزياء ولا أفقه شيئا في الفقه والفلك والشعر والفن والجغرافيا والاقتصاد وصيد السمك وقائمة جهلي بالمعارف المتبقية أطول من نهر النيل وأتساوى مع أي إنسان عادي في غير اختصاصي وقد أضرّك أكثر مما أنفعك إذا استشرتني ووثقت فيّ في غير اختصاصي وقد يفيدك آخر ممن هو أقل مني شهائد وقد تجد في مجتمعنا دكتورا جاهلا بعديد المواضيع الاجتماعية الهامة وتجد فاقدَ شهائد أعلم منه بكثير في هذه المواضيع وقد صادفت بنفسي هذا الصنف النوعي من العالمين العِصاميين.

 

خلاصة القول: أنا أقف بشدة ضد التمييز حسب العائلة أو المهنة أو الشهادة العلمية (الإيجابي والسلبي)، لكنني في الوقت نفسه أقف وبحماس مع التمييز الإيجابي للمعاقين وكبار السن كأن نخصص مثلا حصة خاصة في كل وزارة لانتداب المعوقين عضويا أو نبجّل مسنا في الحافلة أو في الصف.

 

إمضائي المحيّن:

قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".

قال جبران خليل جبران: "وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمّة".

قال مواطن العالَم: "يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -واقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد". لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، وعلى كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي. عندما تنقد إيديولوجية في حضور صديقك تُطلعه على جزء من فكرك، فإذا كانت مخالفة لإيديولوجيته، شجعك وشكرك، وإذا كانت غير مخالفة لإيديولوجيته تجاهلك واحتقرك. "ألا ليتني كنت ذاتا لا تنشر، ولا تكتب، فألَمُ التغريد خارج السرب أمرّ من ألَمِ الصمت"، "نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟"، "لا يوجد دينٌ محصَّنٌ من الضلال الفردي ولا دينٌ ينفرد بالتقوى".

 

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 7 أكتوبر 2015.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire