حضرتُ اليوم "الندوة الوطنية لدراسة مُخْرَجات
الحوار الوطني حول إصلاح المنظومة التربوية".
المكان: المركز الوطني للغات بالبُحيرة 2.
الزمان: 16-17-18 نوفمبر 2015.
المنَظِّمون: وزارة التربية والاتحاد العام التونسي
للشغل والمعهد العربي لحقوق الإنسان.
الحضور: 270 مشارك (معلمون وأساتذة ومفقدون ابتدائي
وثانوي ومرشدو
توجيه ومسؤولون كبار من الوزارة وباعثو مؤسسات تربوية خاصة وبعض الأساتذة
الجامعيين)، وُزِّعوا على 12 لجنة. وزير التربية ناجي جلول افتتح الندوة وحضر
الحصة الصباحية وتناول وجبة الغداء معنا.
إصلاح التعليم لا يمكن أن
يأتي من رجال التعليم المباشرين ولن يأتي قطعًا من المتفقدين المباشرين وذلك لسبب
منطقي: جلهم، مدرسون
ومتفقدون، محافظون (Des conservateurs)
أو ممتثلون للمقاربات البيداغوجية السائدة (Des conformistes) أعداء التجديد. هم ليسوا مُغْرَمِين
بمهنتهم النبيلة ولا يؤمنون برسالة المعلم وغير مستعدين لبذل أي مجهود إضافي في
القسم ولا خارجه وهم قومٌ لا يقرؤون المراجع العلمية ولا المجلات العلمية المختصة.
هم غير متكونين في علوم التربية ولا في إبستمولوجيا التعليم: لم يدرسوا البيداغوجيا
في الجامعة ولا التعلمية (Didactique ou épistémologie de l`enseignement)
ولا إبستومولوجيات اختصاصاتهم ولا علم نفس الطفل ولا علم التقييم
(L`évaluation)
ولا علوم التواصل ولا الإعلامية
(L`informatique est un outil d`apprentissage normalement utilisé dans toutes
les disciplines).
يَغارون من أن يصبح التلميذ محور العملية التربوية
ولا يعترفون بمركزيته، يستكبرون ويتوهمون أنهم هم محور العالم. وليعلم مَن لا يعلَم
بعدُ أن أعظم المنظِّرِين في مجال التربية ليسوا من رجال التعليم، بداية من الفيلسوف
روسّو
(Émile ou De
l'éducation)
إلى الطبيبة مونتيسوري (Aide-moi à faire seul) والعالِمَيْن، فيڤوتسكي (Le socioconstructivisme et la ZPD) وبياجي (Le constructivisme).
نرجع إلى ما حدث في الندوة:
يبدو لي أنه من سوء حظي أنني درستُ سبع سنوات علما يُسمَّى "إبستمولوجيا
تعليم البيولوجيا". لماذا؟ لأن الإبستمولوجيا تشتغل على نقد المعرفة، إذن أنا
لا أملك إلا النقد ولا شيء غير النقد والنقد كما لاحظتُ من الممارسة لا يتقبله ولا
يتحمله إلا الراسخون في العلم وهم قلة أما أكثرية المباشرين من المدرسين والمتفقدين
والإداريين فهم سجناء إطار تفكير قديم متكلس (paradigme ancien et caduque). أكثر المدرسين يخلِطون ولا يميِّزون
بين موضوع النقد وشخص الناقد ويترجمون خَلْطَهم عنفا لفظيا ضد شخصي كناقد وهذا ما
حدث اليوم: أثناء نقاش البرامج المدرسية في لجنة المقاربات التربوية التي ترأستُها
صحبة زميل، تدخلتُ وقلتُ أن جل الأساتذة يسرعون لإنهاء البرنامج ولو على حساب قدرة
الاستيعاب والفهم عند التلميذ خوفا من سلطة المتفقد المزدوجة، البيداغوجية
والزجرية.
خلاصة القول: العلم لا يجامل
أما ناقل العلم فهو مطالَبٌ بالديبلوماسية والمجاملة واللياقة والأدب حتى يُبلِّغ
وجهة نظره العلمية بكل لطف وهذا ما دأبت على فعله يوميا إلى درجة أن بعض أصدقائي
نعتوا هذا التمشِّي بالنفاق. هو تماهيا وليس نفاقا (Faire avec pour aller contre
les conceptions non scientifiques) ولن أتراجع عن منهجيتي، كلّفني
ذلك ما كلّفني ولو بقيتُ وحيدا سجينًا في عالمي الافتراضي المسمَّى فايسبوك.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 17 نوفمبر 2015.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire