mardi 23 avril 2019

اليوم فقط فهمتُ حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم "مَن دخلَ بيتَ أبي سفيان فهو آمِنٌ" و"اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ"، وحكمة ميركل مع المليون لاجئ! تأليف أمين معلوف، ترجمة وتأثيث مواطن العالَم



يبدو لي أن ميركل قرأت التاريخ جيداً، أما الرسول فقد يكون وحياً أو اجتهاداً، الله أعلَم!
ماذا يقول التاريخ؟

نص أمين معلوف: أسوق إليكم أربعة أمثلة من التاريخ الحديث والمعاصر:
1.     فرنسا: سنة  1685، قرر لويس الرابع عشر، ملك فرنسا، تهجير الأقلية البروتستانتية الفرنسية (Les huguenots). ساهموا وبصفة كبيرة في نهضة العواصم الأوروبية الثلاث التي احتضنتهم، أمستردام ولندرة وبرلين فأصبحت هذه المدينة الأخيرة المدينة المنافسة لباريس (La grande rivale de Paris). في المقابل، ساهم هذا التهجير المكثف في إفقار فرنسا.
2.     اسبانيا: سنة 1492، سنة سقوط غرناطة، هُجِّر اليهود والمسلمون قسريّاً من قِبل كاثوليك اسبانيا المنتصرين. نتج عن هذه الهجرة أن اسبانيا فقدت نخبتها فعجزت عن الاستفادة من فتح أمريكا ولم تتجاوز تخلفها  مقارنة بالأمم الأوروبية  إلا بعد 500 عام.
3.     أمريكا: ليس صدفةً أن تختص أمريكا، أقوى دولة في العالم، في استقبال أفواجٍ متعاقبةٍ من المُهجَّرين المغضوبِ عليهم في بلدانهم الأصلية مثل المتشددين البريطانيين، اليهود الألمان، الناجين من الثورات الروسية والصينية والكوبية والإيرانية والبروتستانت الفرنسيين.
4.     جنوب إفريقيا: حتى العسكر والشرطة أدوات القمع لدى نظام البِيض العنصري، نجح مانديلا في تحويلهم إلى مساندين لـ"الأمة-قوس-قزح".

كلمة طيبة في أفراد الأقليات: هُمُ المُلَقِّحونْ كعاملات النحل: يحومون، يُدَوِّمون، يجمعون رحيقَ الزهور، مما يظهرهم في صورة انتهازيين أو طفيليين. لذلك لا نقتنعُ بإيجابيةِ دورِهم إلا بعد غيابهم أو فقدانهم. نستطيع أن نقارنهم بالشريان الذي يربط العالم المتخلف بالعالم المتقدم، لو قطعناه قطعنا.

خاتمة مواطن العالَم: هل فهمتم لماذا اليوم فقط فهمتُ حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم  "مَن دخلَ بيتَ أبي سفيان فهو آمِنٌ" و"اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ"، وحكمة ميركل المتمثلة في منحها اللجوء السياسي لمليون لاجئ (سوريين وعراقيين وأكراد وأفغان: نُخَبُ بلدانهم الأصلية، فنانون، أطباء، ممرّضون، مهندسون، تقنيون، مدرّسون، إلخ)؟

غمزة موجهة لأولي الألباب من بني وطني: المضحك-المبكي أننا ما زلنا في تونس القرن 21 نتغنى ونتباهى بكوننا مجتمعٌ متجانسٌ (Une société homogène) أي مجتمعٌ عربيٌّ مسلمٌ سنّيٌّ مالكيٌّ أشعريٌّ... ماذا فعلنا بتجانسِنا وماذا فعل أجدادُنا بِعدم تجانسِهم؟ تطوّروا وقتيّاً وتخلفنا وإلى الأبد! وهذا أكبر دليل على جهلنا بتاريخ حضارتنا العربية-الإسلامية قبل جهلنا بتاريخ الحضارات الأخرى: عدم تجانس مواطني دولة الخلافة العباسية في عصرها الذهبي (القرن الثالث والرابع هجري) ومواطني الدولة الأموية في الأندلس في نهضتها الثقافية (القرن 12م) ، يبدو لي أنه كان العاملَ الأساسيَّ الذي ساهم في ازدهار الحضارة العربية-الإسلامية في تلك العهود (خليط من الأعراق واللغات والثقافات: عرب، فرس، أتراك، سود أفارقة، هنود، أكراد، أوربيون، إلخ. وخليط من الديانات: مسلمون، مسيحيون، يهود، إلخ. تقريباً مثل أمريكا اليوم وفرنسا بصفة أقل).

إمضاء مواطن العالَم: و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

Référence: Le naufrage des civilisations, Amin Maalouf, Grasset, 332 p, 22 €, pp. 49-55

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 24 أفريل 2019.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire