samedi 19 mai 2018

في النهاية لا يمكن حتى أن أعتب على أشباه الإعلاميين، سامي ونوفل وعلاء وعبد الرزاق وأمين، على ما يقدّمونه من تفاهة ورداءة في برامجهم الأكثر مشاهدةً في التلفزة! مواطن العالَم



ماذا يمكن أن يقدّمَ برنامجٌ علميٌّ أو ثقافيٌّ أو فكريٌّ أو فنيٌّ من متعةٍ أو ترفيهٍ للمواطن التونسي الذي يعيش على وشك الانفجار، بل الانتحار من مرارة الانتظار، ولا وقت له للتأمّل أو التذوّق، والذي يفضّل على ذلك البرامج الرديئة التافهة، حيث يمكن أن يفوز في لعبة قمار بنصف مليار أو بعمرة إلى أقدس الديار، يمكن له أيضًا أن يحلم، يتمنى، يرقص، يصرخ ومع الكمبارس يغني، منفقًا على "الآس آم آس" وعلى مهرجانات تلك الأغاني الشعبية المشبوهة (الرَّابْ والرِّيڤِي وما شابهما)، ما تبقّى في جيبه من دينارات، وما تراكم في مخه من عُقَدٍ نفسية وفي جسده من حرمانٍ جنسيٍّ؟
تلك "الثروة" الوحيدة التي يملكها شبابنا حقًّا، والتي لا يجد لها مجالاً للإنفاق غير مجالِ الرداءةِ والتفاهةِ.

للأسف الشديد يبدو أن الخُماسِيَ الشَّرِهَ المَرِحَ قد فهم شعبنا أكثر من عقلائنا، نجح نسبيًّا ووقتيًّا في خلق قاعدة شعبيّة غوغائيّة من المتابعين لبرامجه متدنيّة الذوق. وكأنه قال للمبدع بمزاحٍ لا يخلو من الجد، على لسان أحلام مستغانم: "أتدري أنك مغرورٌ؟ أجبته: أنا مغرورٌ لكي لا أكون ’’محقورًا’’ فنحن لا نملكُ الخيارَ يا صاحبي. إننا ننتمي إلى أمّةٍ لا تحترمُ مُبدِعِيها وإذا فقدنا غرورَنا وكبرياءَنا، ستدوسُنا أقدامُ الأمّيّينَ والجهلةِ! (...) فالذي يجلس أمام مساحةٍ بيضاءَ للخلقِ، لا بدّ أن يكون إلهاً أو عليه أن يغيّرَ مهنتَه".

ملاحظة: للأمانة العلمية، مقال مستوحَى من رواية أحلام مستغانم، ذاكرة الجسد، دار الآداب، بيروت، الطبعة الثلاثون، 2013، ص. 180.

 إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأحد 20 ماي 2018.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire