mardi 15 mai 2018

ربي خلقتني، سَوّيتني فلم أستوِ، بعثتَ لي رُسُلاً، هديتني، لم أهتدِ فماذا أفعلُ وما أنتَ فاعلٌ بي! مواطن العالَم



خلقتني في أحسنِ تكوينٍ، 46 كروموزوم و30 ألف جينة، مخٌّ مجهّزٌ بـ100 مليار خلية ومليون مليار وصلة عصبية، قلبٌ - أنامُ - وهو يحرسني لا ينامُ، كِليتَين اثنتين، كل كِلية مركّبة بمليون مصفاة. أنت تفضلتْ وأدّيتَ وظيفتَك على أحسنِ وجهٍ، وظيفة الخلقِ (La genèse)، وفّيتَ وكفّيتَ. بعد الخلقِ، يأتي "ما بعد الخلقِ" (L`épigénèse)، وظيفتي أنا، تقاعستُ في تأديتها، وكالطفل الصغير خرّبتُ ما أنتَ أبدعتَ: دخّنتْ، شربتْ، هواءً ملوّثًا تنفّستْ، بدواءٍ مسمومٍ تداويتْ، بأغذيةٍ مسرطنةٍ تغذّيتْ، على خلقك تحويرات أدخلتْ. ائتمنتني وعلى أمانتك لم أحافظ، أنعمتَ عليّ ولنعمتك كنتُ أسوأ حافظ.
عقلٌ ويدان، ماذا فعلتُ بهما؟ صنعتُ بهما السلاح على كل الألوانْ، غزوتُ الأمصار والبلدانْ وفي كل بلدٍ زرتُه أشعلتُ بركانْ، وقريبًا أفنِي خلائقك كلها بما فيها الإنسانْ. ألا تتدخّل يومًا وتوقف الطوفانْ يا أرأف بالإنسان من الإنسانْ؟
أوكلتَ لي مهمة خلافتك في الأرض فأفسدتُ فيها، زنيتُ فيها، سرقتُ فيها، نهبتُ فيها، فسقتُ فيها، ظلمتُ فيها، اغتصبتُ عذرية رجالها ونسائها وفيها رشوتُ وارتشيتُ وما ارتويتُ ولا ارتدعتُ، لوثتُ بحرها وسماءها وأراضيها، قتلتُ ناسَها واقتلعتُ أشجارها وأكلتُ حيواناتها ولم أبقِ على شيء جميلٍ فيها، ولو مددتَ في عمري لجعلتُ واطيها عاليها، "لاَ خَيْرَ في الدُّنْيَا وَمَنْ فِيهَا". فلأي حكمة يا ربي تُبقي عليّ وعليها؟ أرجوك عجّلْ بفنائها، فمَن توسّمتَ فيه الخيرَ (الإنسان)، الشرُّ غلبه (الشيطان)، أتوسّلُ إليك، انهيني، انهينا وأنهيها! سلّمتَ لي جسمًا معافًى سليمَا واليوم أسلمك جسمًا عليلا سقيمَا، فما جزائي يا ترى؟  
"يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت ... إن الكبائر في الغفران كاللمم (صغار الذنوب)".

إن كنتَ حقًّا تحبني كما أحبك، فخذهم جميعًا، وأنا معهم، إلى جهنم والنيرانْ، فجنتك لا يستحقها إنسانْ، كائن مَن كانْ، من أمة محمد أو من ملة موسى أو من الرهبانْ، واجعل خليفتك فيها إنسانْ غير هذا الإنسانْ (الجشعُ أكثر من الحيوانْ)، إنسانْ لا يقدس غيرك ولا يدين إلا بمحبة أخيه الإنسانْ، الحب دينه وديدنه، شفرة مكتوبة في جيناته يرثها غصبًا ويورثها غصبًا. ثم اصبغ عليه نعمتك، امسك عليه الشيطان في السماء وانزل له جنتك من السماء، يعيش مترفًا فيها واترك له الحرية يتنزه فيها ويقطف الثمار التي يشتهيها.

لي طلبٌ، صغيرٌ عندك، كبيرٌ عندي، أخي مريضٌ، اشفِه أو خذني فداءً له!

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 14 ماي 2018.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire