هذا الأب الذي قال لابنته
عندما زارته مؤخّراً: "يا أحلى لحظة في حياتي!".
هو الأب الذي انتظر غياب ابنه
تسع سنوات، وعندما رجع، فتح له البابْ، ضمّه بشوقٍ، غمره أدْمُعًا، ولم يسأله
لماذا كل هذا الغيابْ.
هذا الأخ الكبير للكل الذي لم
يفرض يوماً سلطته الأدبية على مَن حواليه، توارَى مبارِكًا صعودهم.
هذا الأصيل الذي قال في بداية "تجربة جمنة":
"جمنة تنتشر". صدقت نبوءته، وانتشرت في العالَم أجمع.
هذا النقابي الذي لم يرضخ
لإغراءات المسؤولية النقابية، كعضوٍ في الجهوية ورئيسٍ في المحلية، مارسها بتفانٍ
وخرج منها كما دخلها موظفًا فقيرًا نظيفا.
هذا الرفيق الذي لم يتزحزح عن
قناعاته رغم إلحاحي حبّاً له وخوفاً عليه من دود الأرض في سنين الجمر.
هو المدرّس الذي لم يَعرِض
علمه للبيع خارج المدرسة رغم حاجته الماسة للمال.
هذا المواطن المسالم الأعزل.
وهو الذي كان يغادر الاجتماع
الحزبي السري مع "الطبيب"، غير متأكّدٍ من أنه سيصل إلى بيته سالمًا،
وسيفلت هذه المرة أيضًا من مراقبة عيون بورڤيبة الحديدية التي ترى في الظلام.
وهو الذي خبّأ انتماءه السرّي
على كل الناس حتى على أخيه حرصاً على سلامة رفاقه.
هذا الرجل الذي أمنيتُه أن
يكون الوطن بخير.
هذه الهامةُ التي ما انحنت
يوماً طلباً لحاجةٍ مادّية شخصيّة. إنه هو.
ملاحظة:
للأمانة العلمية، نص مستوحَى من رواية أحلام مستغانم، فوضى الحواس، دار الآداب،
بيروت، الطبعة الخامسة عشرة، 2005، ص. 298.
إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ"
جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأحد 27 ماي 2018.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire