1.
المرض: تعليم يحث على الأنانية والسباق والتنافس وتصنيف
التلامذة إلى ذكي، متوسط وضعيف، مما قد ينجرّ عنه نفور وإحباط وهروب وفشل ثم
انقطاع (100 ألف منقطع سنويًّا لأسباب متعددة). للأسف، مدرستنا تساهم في تكاثر الفاشلين
مقابل حفنة من الناجحين.
المقترح:
تعليم يحث على التضامن والتكافل والتعاون، ينبذ الأنانية والسباق والتنافس، ويتخلى
نهائيًّا عن التصنيف الغبي لتلامذتنا الأذكياء، كلهم أذكياء لو وجدوا أمامهم مربين
أذكياء، كل تلميذ في مجاله وحسب محيطه واستعداداته وميولاته. المربي الذكي هو
المربي الذي يكتشف الذكاء المحتمل (ZPD)
ولا يكتفي بما هو ظاهر وجلي (QI). تعليم يطمح لمساعدة الأغلبية لبلوغ
الوسط (Aristote: La
vertu est le juste milieu entre deux vices). الذكاء لا يُصنّف (Albert Jacquard). الذكاء يُصنع ويُنمَّى ويُطوّر في تفاعلِ مستمر بين الموروث والمكتسب(Épigenèse et plasticité cérébrales).
2. المرض: تعليم
يرعى نوعًا واحدًا من الذكاء: الذكاء المنطقي بشقيه الرياضي واللغوي والمرتبط
بالمادة الشخمة فقط
(Le logos: parole, discours, raison, relation).
ويهمل الأنواع الأخرى: الذكاء المرتبط بالمخ وباقي
أعضاء الجسم مثل الحِرف والفنون. لستُ عدميًّا ولا سوداويًّا حتى أقول أن مدرستنا
لم تنتج شيئًا: لكنها أنتجت القليل، فتركيز منظومتنا التربوية على الذكاء المنطقي مكّن تلامذتنا المهاجرين من منافسة
زملائهم الغربيين بل جعلهم يتفوّقون عليهم في عقر دارهم، أحييهم بالمناسبة ولي
فيهم أبناء كثيرون.
المقترح:
تعليم يعطي مجالا لصقل الاستعدادات المنبثقة من ميولات التلميذ نفسه ولا يقمعها (الفنون
بكل أنواعها، الرياضة، التعبير الجسماني بكل فروعه، الأعمال اليدوية، إلخ.).
3.
المرض: مدرستنا لم تعد مصعدًا اجتماعيًّا، يرتقي بواسطته
المواطن من مستوى اجتماعي إلى مستوى أفضل بل أصبحت تؤبد الطبقية: أبناء الأغنياء والمتوسطين
(محامون، أطباء، أساتذة جامعيون وبعض مقاولي الدروس الخصوصية من مدرسي الثانوي والابتدائي)
يُمكّنون من مواصلة تعليمهم في أفضل المدارس والجامعات الخاصة في الداخل والخارج،
وعند تخرجهم يرثون مناصب آبائهم ويبقى ابن الفقير خارج الدائرة بسبب فقره لا بسبب
تقاعسه.
المقترح:
إحياء قيم المدرسة العمومية الجمهورية المتمثلة أساسًا في تكافؤ الفرص دون تمييز
طبقي والتي تمكّن كل تلميذ دون تمييز اجتماعي من النجاح عن جدارة دون ترقيات آلية
(Méritocratie
de l`école publique républicaine).
4.
المرض: مراجعة نظام التقييم الحالي الصادم والمحبِط
للتلميذ والمُشلّ لذكائه المحتمل (Ses capacités intellectuelles
potentielles). المدرسون (ابتدائي، ثانوي وعالٍ) لم يتلقوا أي تكوين أكاديميّ في
علم التقييم قبل مباشرة التدريس ما عدى بعض التربصات التي لا تغني ولا تسمن.
المقترح:
التقليل من التقييم الجزائي والإشهادي (أعداد وترتيب وترقيات) والإكثار من التقييم
التكويني المشجع والمفجّر للطاقات الكامنة لدى التلميذ المصَنّف حاليًّا متوسط أو
ضعيف، والتي عجز نظام التقييم الحالي عن الغوص في بحورها واستخراج دُرَرِها.
5.
المرض: هرمُ منظومتنا التربوية هرمٌ مقلوبٌ على رأسه: تخصص الدولة ميزانية أكبر
للثانوي ثم الإعدادي ثم الابتدائي، وتنتدب لتدريس منتسبي الثانوي مدرسين ذوي
كفاءات وشهائد أعلى.
المقترح:
إعادة الهرم إلى وضعه الطبيعي: لو عكست الدولة لأصابت، أي لو خصصت ميزانية أكبر للابتدائي
ثم الإعدادي ثم الثانوي، ولو انتدبت مدرسين ذوي كفاءات وشهائد أعلى للتدريس في
الابتدائي لتحسّنت أوتوماتيكيًّا وحتميًّا نتائج الإعدادي والثانوي والعالي.
6.
المرض: مدرستنا تفتقد لوسائل الترغيب: القبح يعلو
محيّاها، بابها حديد مصدّد، جدرانها غير مطلية، حديقتها مفقودة أو مهملة، طاولاتها
وكراسيها مضرّة بالظهر، وحدتها الصحية غير صحية، خالية من النوادي الثقافية أو
عامرة بالمزيفة منها (على الورق فقط)، لا أكل ولا شرب صحيين فيها، لا بشاشة، لا استقبال طيب ولا حتى ابتسامة أو كلمة
طيبة صدقة.
المقترح:
إعادة الاعتبار لقيمة الجمال (Le
beau) في المدرسة بتحسين الموجود بالحوكمة الرشيدة (La bonne gouvernance)
وبأقل التكاليف المادية عن طريق تحسيس التلامذة والأولياء. خلال فترتَيْ الراحة في
العاشرة والرابعة، استدعاء مهرّج محترف أو
توزيع لمجة شكلاطة وخبز، حركتان بسيطتان كفيلتان
بإدخال الفرحة والبهجة في بطون وقلوب صغارنا.
7.
المرض: انتشار ظاهرة الغش في الامتحانات في كل المواد
وفي كل المستويات. العلاج الحالي هو علاج بافلوفي تأديبي بإسناد صفر أو بالرفت 15
يومًا.
المقترح:
اعتماد حلول علمية لهذه الظاهرة: التنقيص من عدد التلامذة في القاعة يوم الامتحان وذلك
بتقسيم القسم إلى مجموعتين مثلما نفعل في الباكلوريا. تمرين مسبق للتلامذة في كل المستويات عن طريق
إجراء امتحانات تكوينية بيضاء
دون عقوبة أو جزاء كالباكلوريا البيضاء. تشجيع التلامذة على العمل الجماعي. تكليفهم
ببحوث ميدانية فعلية غير افتراضية داخل فرق اختيارية ومجازاتهم بأعداد تحفيزية تُحتسب
في المعدل، إلخ.
8.
المرض: وزارة التربية أغلقت مدارس ترشيح المعلمين
والأساتذة وأصبحت تنتدب مدرسين لم يدرسوا بتاتًا علوم التربية (البيداغوجيا،
الديداكتيك، علم النفس التربوي، تقنيات التواصل-Les TICE).
المقترح:
إعادة فتح مدارس ترشيح المعلمين والأساتذة.
9.
المرض: برامج تعليمية مكثفة تثقل كاهل التلميذ ولا
تستجيب لاهتماماته ولا تواكب عصر الصورة في الأنترنات.
المقترح:
التخفيف من المحتوى المعرفي في البرامج، تدريس تقنيات معالجة الصورة (Le traitement d`images)
والأخذ في الاعتبار الجانب السلوكي الأخلاقي القيمي -
La morale est un comportement, non une connaissance
(تدريب
التلامذة على أهمية التطوع ونكران الذات في سبيل خدمة الغير).
10.
المرض: معضلة الدروس
الخصوصية. وُلِدت مشكلة (لها حل)، تفاقمت فأصبحت معضلة (لا حل في الأفق).
المقترح:
لو عالجنا الأمراض التسعة المشخصة أعلاه لهانت المصيبة ولاح الفجر بعد ليلٍ بَهيمٍ!
خاتمة: كل إصلاحٍ
تربويٍّ لا يستفيد منه التلامذة الذين تعترضهم صعوبات تعلميّة، لا يُعدُّ إصلاحًا
بل يُعتبَرُ إفسادًا للمخ وقبرًا لمستقبل أفضل!
إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ"
جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 2 ماي 2018.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire