dimanche 20 mai 2018

مَن لا يحدّدُ عدوَّه لن ينتصرَ عليه! مواطن العالَم



الصهاينة اليهود وحلفاؤهم حدّدوا أعداءَهم بدقةٍ متناهيةٍ (هُمُ المسلمون العرب أولاً والمسلمون العجم ثانية)، حدّدوه خمسين عامًا قبل تأسيس دولتهم (نجح المؤتمر الصهيوني التأسيسي الأول، بمدينة بازل بسويسرا يوم 29 أوت 1897، في تشكيل المنظمة الصهيونية العالمية بقيادة تيودور هرتزل).

أنشِئ الجيش الإسرائيلي الهجومي وجُهِّزَ أفضل تجهيزٍ، بالسلاح الكلاسيكي والسلاح النووي، من قِبل أمريكا والصين وأوروبا الغربية والشرقية، لا من أجل محاربة الفلسطينيين والدول العربية المجاورة فقط، بل من أجل مهمةٍ أكبرَ وأخطرَ ألا وهي قبرُ كل محاولة نهضوية عسكرية جادّة في العالَم العربي وفي العالم الإسلامي خاصة إذا كان هذا الأخير حقًّا يهددها، والأمثلة كثيرة (مصر، العراق، حزب الله، سوريا، وإيران في الأفق). ولا زال الغرب إلى اليوم يسمّيه جيش الدفاع، ومَن تجرّأ حتى الآن على الهجوم عليه، إذا استثنينا محاولة الجيش المصري الناجحة-الفاشلة في 73 وعلى أرضها سيناء، فمصر كانت في حالة دفاع وليست في حالة هجوم.

ولتحقيق حلمهم المجنون، وَظَّفَ اليهود الصهاينة كل أسلحتهم المتباينة شكلاً والمتحدة مضمونًا في خدمة مشروعهم العنصري الاستيطاني: وظفوا وفي نفس الوقت الإلحاد والعلمانية والدين والاشتراكية والرأسمالية والليبرالية والعلم والتكنولوجيا العسكرية والهولوكوست. مفاهيم مختلفة ومتنازِعة في العالم أجمع إلا عند اليهود الصهاينة الذين نجحوا بذكاء في الاستفادة من تناقضاتها في سبيل خدمة هدف واحد موحّد ألا وهو تأسيس دولة على أرضٍ لم يملكوها وحدهم يومًا واحدًا في تاريخ للشعوب والملل والنحل، القديم والحديث.

قبل اتفاقية أوسلو سيئة الذكر، كانت حكومة إسرائيل تَتهِمُ بالخيانة العظمى كل مواطن إسرائيلي يتصل مجرد اتصال بصفة مباشرة أو غير مباشرة بأي مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية داخل الكيان المشبوه أو خارجه: إصرارٌ وشراسةٌ وتطرّفٌ في شيطنة كل تطبيعٍ مع عدوّهم الفلسطيني المباشر.

وما ذا يقابلها عند العرب والمسلمين: للأسف، يقابلها اعتدالٌ وانهزاميةٌ وليونةٌ حيالَ كل تطبيعٍ مع العدوّ الإسرائيلي. عدم وضوح في الرؤيا وصل بنا إلى حد اعتبار شطحات أردوڤان بطولةً ما بعدها بطولة: تركيا تقيم علاقات ديبلوماسية واقتصادية مع إسرائيل (سفارة وقنصليات وتبادل زيارات) وتنظم معها مناورات عسكرية وتصدّر لها الماء الذي تمنعه على جيرانها العرب.
-         شيوعيونا قديمًا طبّعوا باسم وحدة العمّال واقتداءً بموقف زعيمهم المفدّى جوزيف ستالين الذي ساند في آخر لحظة قرار الأمم المتحدة القاضي بتقسيم فلسطين، القرار المؤسس لدولة إسرائيل على أرض الفلسطينيين.
-         قوميونا طبّعوا باسم المحافظة على كياناتهم الدكتاتورية الهشة المتخفّية بشعارات الممانعة والصمود والتصدي.
-         إسلاميونا طبّعوا باسم للضرورة أحكام.
-         علماؤنا طبّعوا باسم حيادية العلم.
-         مفكرونا طبّعوا باسم عالمية الثقافة.
-         رأسماليونا طبّعوا باسم المنفعية.
-         فنانونا طبّعوا باسم سموّ الفن على الواقع.
-         مجلسنا التأسيسي "الثوري" طبّع باسم عدم أحقية تجريم التطبيع في الدستور.
-         ماذا بقي؟ السلطة الفلسطينية طبّعت باسم المفاوضات.

خاتمة: لم أقرأ في حياتي عن عدوٍّ بشريٍّ نجح في ترويضِ عدوِّه مثلما نجح العدوُّ الإسرائيلي في تدجينِ أعدائه العرب والمسلمين. لم أرَ مثل هذا النجاح إلا عند الفيروسات: الفيروس يخترق عدوّتَه الخلية، يندمج في آدِآنِها (ADN)، يغالطها فتصبح الخلية مصنعًا يصنّع عدوّها (الفيروس) بالملايين. كذلك فعل العدوّ الإسرائيلي مع مصر وتركيا ودول الخليج: الأولى تمدّه بالغاز، الثانية بالماء، والثالثة بالمال عبر أمريكا.
أيوجد ذكاءٌ أخبثُ من هذا الذكاءِ الإسرائيليِّ؟
     أيوجد غباءٌ أبهمُ من هذا الغباءِ الحكوميِّ العربيِّ-الإسلاميِّ؟

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأحد 20 ماي 2018.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire