samedi 22 juillet 2017

كيف نقضي على الستراس بعد التقاعد؟ مواطن العالَم

 (L`Universel dépasse de loin le Culturel, mais ne le nie pas)

Zéro Stress
أعرفُ زميلاً يساريًّا عَلمانيًّا متقاعدًا تصوّف على كِبرْ، لا حبًّا في العُزلة أو هروبًا من ظلمِ الحاكمِ كما فعل أسلافه المتصوفة المسلمون، بل لأنه عجز عن التأقلم مع مجتمعه المتأزم فخلق لنفسه عالَمًا افتراضيًّا وفرضَ عليها المسكينة نواميسًا قاسيةً، ومن المفارقة أنها مريحة في الوقت نفسه. ماذا فعل؟
-         يعشق المطالعة قبل وبعد ولادة الأنترنات لكنه لا يقدر على شراء الكتب فلا دخل له سوى مرتبِ أستاذ ثانوي متقاعدٍ. كيف يحقق هوايته إذن؟
-         يأخذ الكتبَ من المكتبة العمومية بحمام الشط مقابل دينارٍ واحدٍ ومائتي مليم في السنة، وهي لَعَمْرِي كنزٌ من المعرفة، يفنَى صاحبي وعطاؤها لا يفنَى. أو يستلف من أصدقائه في الداخل والخارج.
-         يذهبُ إلى الطبيبِ فيجد قاعة الانتظار غاصة بأمثاله.
-         لا ينزعج، يفتح كتابًا ويتمنى أن يطول الانتظار.
-         يخرجُ في الشتاء على الساعة السادسة والنصف صباحًا إلى مقهى الشيحي بحمام الشط الغربية. لا يجد جُلاّسَه.
-         لا يحزن،  يفتح كتابًا ويتمنى أن يتأخر الأصدقاء لكن ما إن يحل ركبُ أولهم حتى يهجر الصاحب الأبكم الأصم احترامًا للصاحب الأكثر دفئًا وونسًا. وكذلك يفعل مساءًا في مقهى البلميرا بحمام الشط الشرقية.
-         يعشق الكتابة والتأليفَ أيضًا. تلفظه دور النشر لأنه نكرة في الميدان.
-         لا ييأس، يطبع على حسابه الفارغ، يبيع كتبه لأصدقائه طالبًا بصراحة مساندتهم وتشجيعهم ويعطي ما جناه عن طريق التقسيط المريح إلى صاحب المطبعة بالتقسيط المريح أيضًا.
-         تطلبُ زوجته زيارة أمها المسنّة.
-         لا يرفضُ لها هذا الطلب أبدًا، بل يشجعها على وَصْلِ صلة الرحم ليخلو بنفسه إلى التمتع بما لذ وطاب من محاضرات عُظماء الفلاسفة الفرنسيين المنشورة على قناة اليوتوب.
-         أخيرًا دعته بحمام الشط ثلاث قائمات انتخابية مستقلة لحضور اجتماعاتها.
-         حضر اجتماعًا واحدًا لقائمةٍ واحدةٍ، حضره ردًّا لِجميلِ زميلٍ رفيقٍ وصديقٍ قديمٍ، ويا ليته ما حضر! في اليوم الموالي كتب في الفيسبوك تغريدةً عنوانها "تنبيه ودّي موجه إلى الداعين لترشيح قائمات مستقلة في الانتخابات البلدية القادمة بحمام الشط: أنا شخصٌ لا يُعوّل عليه في المشاركة في منافسة غير علنية أو غير شريفة أو غير شفافة!" دون أن يتعرض بسوء لهذه القائمة ودون أن يذكرها باسمها، بل تمنى لها النجاحَ في مسعاها.
ثارت ثائرة أعضاء هذه القائمة وشتمه في المقهى وأمام الملأ أرذلُ وأجهلُ واحدٍ فيهم وقاطعه البقية سياسيًّا، وفي ظهره خاضوا في سيرته بالسوء.
أيُعقل أن تتآمر مجموعةٌ على شخصٍ واحدٍ وحيدٍ غير منتمٍ ولا ينافسهم فيما هم مقدِمونَ عليه.
الله يهدي ما خلق و"حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلْ، هو نِعْمَ المولَى وهو نِعْمَ النصيرْ".

هل عرفتموه؟
"إذا عرفتوهْ باللهِ ... باللهْ قِيلوهْ" فهو شخصٌ دَرويشٌ فقيرٌ لله، لا طموحَ سياسيَّ له ولا يريد من أحدٍ شيئًا سوى الكلمة الطيبة وثقوا بأنه على كل طِيبةٍ سوف يرد بأطيبَ منها لكن رجاءً لا تستفزوه فالجُبنُ ليس من شِيَمِهِ!

إمضائي
"عَلَى كل خطابٍ سيئٍ نردّ بِخطابٍ جيدٍ، لا بِالعنفِ اللفظِي" (مواطن العالَم)
وَ"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 22 جويلية 2017.
Haut du formulaire



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire