samedi 6 mai 2017

أفيقوا بعض بني قومي، إن العِلمَ الغربيَّ الحديثَ تراكُمٌ وبِناءْ وليس نصًّا نزل من السماءْ! مواطن العالَم

العِلمُ نورٌ، لكنه ليس كنورِ الإيمانِ يقذفه الله في القلب على حد تعبير الإمام-الفيلسوف أبو حامد الغزالي (1058-1111).
العلم جهدٌ بشريٌّ بحتٌ وتراكم تجارب ومعارف عبر قرونٍ من الزمن من تاريخ البشرية جمعاء.
العلم خلقٌ إنسانيٌّ. فكيف إذن نستدل بِخلقِ المخلوقِ على خلقِ الخالقِ؟ الله خلق السماوات والأرض والإنسان خلق العلم وشتان بين الخلقِ والخلقِ! ما أصغر ما أبدعه الإنسان جنب ما أبدعه الخالق! فكيف نستدل إذن على الإعجاز القرآني الرباني بالإنجازات العلمية البشرية.
ولو قبلنا جدلا بوجود حقائق علمية مكتوبة بلغة علمية حديثة في القرآن وهو القادر على كل شيء، فما دخلكم أنتم يا بعض المسلمين الكسلاء وما هي مساهماتكم في هكذا إعجاز رباني؟ وهل القرآن مِلككم؟ وهل الله ربكم وحدكم؟ وهل رسالة الإسلام تخصكم وحدكم؟ وهل أنتم في حاجة إلى إبداعات العلماء غير المسلمين حتى تُرسّخوا إيمانكم بالله الواحد الأحد؟ ألم تجدوا في القرآن ما يكفيكم حتى تؤمنوا وتتيقنوا من أن الله قادرٌ؟ وهل مر الصحابة حتى يصدقوا بهذا الطريق غير المستقيم التي تسلكونه أنتم اليوم؟
القرآن يغزو القلوب قبل أن يدخل العقول. تدخله وأنت مؤمن وتتمه وأنت أكثر إيمانًا، يقينٌ في أوله ويقينٌ في آخره، صوابٌ في صوابٍ لا يمسه الخطأ. أليس كلام الله أو لا زال في قلوبكم بقية شِركٍ؟ أما العلم فالعكس تمامًا، العلم يغزو العقول فقط ولا علاقة له بالقلوب. تدخله وأنت شاكّ وتخرج منه وأنت أكثر شكًّا، شك في أوله وشك في آخره، خطأ يتلوه خطأ قد يتخللهما صواب (القانون العلمي). فكيف نستدل إذن على كلام الله بكلام البشر؟
يُعرّف العلم بقابليته للتكذيب وهو دومًا يعرِض نفسه للدحضِ على صفحات المجلات العلمية المختصة، أما القرآن فيُعرّف بقابليته للتصديق لا غير. العلم يتطور ويتغير والقرآن نص ثابتٌ لا يتزحزح. القرآن والعلم خطان متوازيان غير متناقضين وغير متنافرين لكنهما لا يلتقيان وإنما يشتركان في تحقيق ما ينفع الناس، الأول بالحث على الفعل والثاني بالفعل نتيجة الحث.
العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء خاتمهم مات منذ 14 قرنًا فلم يبق لنا نحن المسلمون مِن منقذٍ سوى العلم والعلماء! بربكم كُفوا إذن عن التواكل، وتوكلوا على الله الذي قال لكم بصريح العبارة "إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ". محمد - صلى الله عليه وسلم - كان له ملاكٌ يهديه ويوحى إليه أما العالِم فله كده وجده وتجاربه ومخه ومخبره. محمدٌ واحدٌ وقد مات أما العلماء فكُثرٌ وفي كل عصرٍ يتجددون.
أكثر العلماء المعاصرين لم يقرؤوا القرآن ولم يمنعهم ذلك من الإبداع العلمي. لماذا إذن نستكثر عليهم ذكاءهم؟ أليسوا من عيال الله مثلنا؟ جل المسلمين قرؤوا القرآن ولم تسعفهم قراءتهم لاكتشاف أي شيء فلا نجد فيهم إلا نسبة قليلة جدا من العلماء. الذنبُ ذنبهم وليس ذنبَ القرآن فالله في كتابه الكريم يدعو للعلم والعمل وأغلبهم لا يعلمون ولا يعملون، لكنهم من جهد العلماء غير المسلمين يستفيدون ولاستحقاقات هؤلاء الأخيرين ناكرون. يعتقدون خطأ أن العلم الحديث في القرآن هو مُفصّلٌ تفصيلا لذلك تراهم على لغة القرآن يتعسفون والكهرباء والذرة لها ينسبون. إنهم لَواهمون!
لو أراده كتابَ علمٍ لَفَعَلْ، أراده كتابَ إيمانٍ وعلى رسوله أنزلْ. والإيمان أعلى منزلة من العلم لو كنتم تتفكرون وتفقهون. أنزل القرآن لحل مشكلات الإنسان الماورائية (Métaphysique) وخلق العلماء لحل مشكلات الإنسان الطبيعية (Physique وقال، هو وليسَ أنا، ومَن أنا جنبه هو، سبحانه وتعالَى: "وأمرهم شورَى بينهم"، ولم يقل بيني وبينهم، هم البشر الأحرار القادرون عل حل مشاكلهم الدنيوية فيما بينهم دون انتظار نبي بعد النبي. فلا تتعلقوا بحبالٍ واهيةٍ لا توجد إلا في أمخاخكم المعطلة، والقرآن بريء من جهلكم وكسلكم. شمّروا إذن على سواعدكم وافعلوا في واقعكم، ولا تنتظروا حلا لن يأتيكم بحول الله من السماء، واتركوا الغيبيات للخالق وأنا واثقٌ جدا من عدله فسوف يجازي البحاثة العلماء مسلمين وغير مسلمين الذين نفعوا الناس كل الناس بإنجازاتهم، وسوف يستدعي في حضرته أساتذة "الإعجاز العلمي في القرآن" الموجودين فقط في الجامعات السعودية، ويسألهم: ماذا صنعتم بإعجازي يا عَجَزَةً في العلم وفي فهم بَيانِي، أم ضاق أفقكم حتى حصرتم كل معجزاتي في لغة قرآني، وصغّرتم منها إلى درجة أنكم تجرأتم على مقارنتها بإبداعٍ بشرٍيٍّ غربي أو ياباني؟

إمضائي
"عَلَى كل خطابٍ سيئٍ نردّ بِخطابٍ جيدٍ، لا بِالعنفِ اللفظِي" (مواطن العالَم)
وَ"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 6 ماي 2017.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire