samedi 27 mai 2017

أفكارٌ طريفةٌ حول تغيّرِ الإنسان الناتج عن تطور العلم، سمعتها اليوم من الفيلسوف ميشال سارّ خلال محاضرة دامت ساعة حول مفهومٍ واحدٍ يتمثل في كلمة "إنسانيًّا"؟ مواطن العالَم

 اكتفى الفيلسوفُ بشرح معناها الأنتروبولوجي فقط دون أن يتوقف كثيرًا عند معناها الأخلاقي الفارغ الحري بأجوبة تلامذة الباكلوريا في امتحان الفلسفة. ففي حين تُعَلِّمُ كبارُ القروش صغارَ الذئاب كيف يكون لها أنيابٌ أطوَلُ، يُلهوننا نحن الفقراء بتأسيسِ روابط لحقوق الإنسان قد تجرنا إلى الفناءْ أو تجعل منّا أنبياءْ بُلَهاءْ لو لم ننتبه لسرابِ وخُدَعِ الأغنياءْ:
1.     حول تغيّر التعريف الشخصي: بطاقة التعريف اليوم تدل على انتماءات صاحبها (مهنة، قبيلة، مدينة) أما الشخص نفسه فلا يُعرّف بغيرADN ، وهذا لا يعرفه حتى صاحبه.
2.     حول تغيّر العنوان الشخصي: العنوان البريدي فضاءٌ ثابتٌ تصلك فيه الرسائل ويدل على محل سكناك الذي يصلك فيه البوليس كي يطبق عليك القانون لو أخطأتَ، أما العنوان الألكتروني ففضاءٌ متحركٌ، تصلك فيه الرسائل ولا يصله البوليس.
3.     حول تغيّر الجسم الشخصي: جسمك أفضل من جسم جدك البعيد: جسمك أجمل بفاهٍ غير أُدْرَدٍ بفضل مواد وعمليات التجميل. جسمك يعيش أكثر بفضل الطب. جسمك يتألم أقل أو لا يتألم البتة بفضل المسكنات والمضادات الحيوية ومضادات الالتهاب. مثلاً: ملك فرنسا لويس الرابع عشر (1638-1715) كان يوميًّا يصرخ ألمًا بسبب مرض الناسور الشرجي (Une fistule anale)، مرضٌ بسيطٌ يُعالج اليوم في يومٍ واحدٍ تحت التخديرِ ودون ألمٍ.
4.     حول تغيّر السكن الشخصي: تصحّرَ الريف وتعمّرتِ المدن. المواطن الريفي يتميّز بعلاقة مباشرة مع الطبيعة، أما ساكن المدينة فقد انقطعت علاقته تمامًا مع الطبيعة أي مع الجيران والفلاحة والتراب والحيوانات والنباتات والمناخ والسماء والنجوم، وفَقَدَ أو كادَ صلة الرحم إلى درجة أن الخال قد لا يعرف ابن أخته لو قاطعه صدفة في الطريق.
5.     حول تغيّر المهنة الشخصية: جدك البعيد كان فلاحًا أو نادرًا ما كان حِرفيًّا تقليديًّا وأنت اليوم سائق سيارة أو طيارة أو مهندسٌ أو تقنيٌّ أو ظابطٌ، إلخ.
6.     حول تغيّر المسافات والنقل: الطائرة قلصت المسافات والهاتف الجوال ألغاها تمامًا.
7.     حول تغيّر مفردات اللغة: اغتنى قاموس الشباب اليوم بمفردات غريبة عنّا نحن الشيوخ: مريڤل، نورمال، عاقِدْها، سَلّكتها، أمورك في الجْبِنْ، جوّك باهي، جوّك حفلات، هانية، إلخ.
8.     جدك البعيد ينتمي إلى العصر الحجري الذي بدأ منذ تسعة آلاف سنة أي منذ أن دجّن الإنسان النباتَ والحيوان لخدمته، أما أنت فتنتمي إلى العصر الصناعي الذي بدأ مع المكننة.
9.     التاريخ الذي تدرسونه اليوم هو تاريخ المدن (أثينا، أور، روما، قرطاج، القدس، مكة، المدينة، دمشق، بغداد، إلخ) حيث كان يقطن 3  % فقط من سكان العالم، أي لا تعرفون تاريخ 97  % من سكانه أي حُجِبَ عنكم واندثر تاريخ ريفكم ومطبخكم وتقاليدكم.
10.                        عند ولادة الفيلسوف (1930) كان العالَم يعُدّ مليار ونصف واليوم - وهو لا يزال حيًّا - يعدّ ستة مليارات أي ضُرِب العدد في أربعة.

إمضائي
وَ"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 27 ماي 2017.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire