الأزمة الاقتصادية الحالية:
أزمة مَن؟ أزمة العمال والموظفين أم أزمة المستثمرين الجشعين المستكرشين
المافيوزيين؟ مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا (La Didactique de la Biologie)
أبدأ بالخارج المهيمن حتى
نفهم الداخل التابع:
أصدقائي الافتراضيين المفكرين
اليسارين الفرنسيين المستقلين التحررين غير الليبرالين الذين أسمعهم يوميا، وبعد
تحليلهم للأزمة الاقتصادية في أوروبا، أزمة أبدية مفتعلة ناتجة عن دفع فائض القروض
(في اليونان مثلا) أجمعوا على ما يلي:
-
شركات المضاربة
وخاصة البنوك (مثل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي) تأخذ قروضًا من الدول دون
فائض أو بفائض قليل (الربح الأول للرأسمالي والخسارة الأولى لدافع الضرائب الممول
الأساسي لميزانية الدولة) ثم تقرِض الدول بفائض مرتفع (الربح الثاني للرأسمالي
والخسارة الثانية لدافع الضرائب نتييجة تدني الخدمات العمومية في المدارس والطرقات
والمستشفيات بسبب استخلاص القروض وفائض
القروض المجحف).
-
شركات المضاربة
وخاصة البنوك تمنع الدول الفقيرة (مثل تونس) وحتى الغنية (مثل فرنسا) من صك النقود
ومن
الاقتراض الداخلي لحل أزمتها،
إلا أمريكا، أكبر بلد متداين في العالم، تطبع كما تشاء دولارات دون رصيد ذهبي (La monnaie fiduciaire).
-
عندما تعجز دولة عن سداد فائض ديونها مثل اليونان، تبيع
الشركات الدائنة مجموع ديون اليونان. تشتريها شركات أخرى وتزيد في الفائض وحتى
تضمن استرجاعها تفرض على الأجراء والمتقاعدين اليونانيين شد الحزام وصوم الدهر.
ثار الشعب اليوناني عليهم وحتى يتخلص من
قبضتهم الحديدية انتخب حكومة يسارية وزكاها باستفتاء، لكن ويا لخيبة أمل
اليونانيين خانهم اليسار وقَبِل بشروط الاتحاد الأوروبي المهينة حتى يبقى في الحكم
ولو على حساب ناخبيه ومزكيه.
-
شركات المضاربة
وخاصة البنوك اشترت وزراء وبرلمانيين وخبراء ومحطات إعلامية وصحف وفلاسفة ومفكرين
وفنانين مرتزقة. "داسّو" اشترت "لوفيڤارو" وبنك اشترى
"ليبراسيون". أتوجد سريالية أكثر من هذا، صحيفة يسارية (Mai 68) يشتريها بنك؟
-
عبثية اقتصادية من خلقِ مافيا رأس المال الغربي خفي
الاسم! أو كيف تفسر أن دولة منتجة غنية متطورة مثل فرنسا تعيش بالقروض؟ نحن في
قريتنا جمنة الستينيات نعرف أن الغني لا يستلف والفقير الكريم أيضا لا يستلف إلا
إذا عضه الجوع أو المرض أو من أجل تعليم أولادهم.
أرجع
إلى تونس:
-
نحن الأجراء بالفكر والساعد نعاني أزمة مذ نولد حتى نموت
ولا أمل لنا في قامعينا (الدولة) ولا في مستغلينا (القطاع العام والخاص). نُطيح
رأسًا (بن علي وأصهاره) تطلع لنا ألف رأس (الطرابلسية الجدد). لم يلتفت إلى أزمتنا
أحد حتى ألفناها وألفتنا وأصبحت لنا منوال حياة: نلبس الفريب ونشرب ماء الحنفية
ونكتفي بالكسكسي الكذاب أو اللوبيا بالدجاج، وجبة يومية غير متوازنة وغير صحية
وغير لذيذة وغير متنوعة.
-
أما أصحاب البنوك (البنك هو صندوق يجمع فيه الأجراء
مدخراتهم الهزيلة مقابل فائض زهيد جدا، يأتي الأغنياء المافيوزيون يسرقون مدخراتنا
دون ضمان، يفلس البنك وبرلماننا الموقر يسن قانونا بعدم أحقية الأجراء في استرجاع
مدخراتهم). أتوجد سرقة موصوفة بحماية القانون أكثر من هذه؟
-
الفقر تحملناه، فلا تضيفوا له النكد والستراس. منذ
الثورة وهم يهددوننا نحن المتقاعدين بتخفيض الشهرية أو قطعها. اتركونا نموت
مستورين، الله لا يبارك لكم في مليم واحد أخذتموه ظلمًا من قوتنا وقوت عيالنا.
أزمتموننا طوال حياتنا وأزمتم مستقبل أولادنا، ودون حياء تطلبون منا أن نحل أزمتكم
ونُشبِع جشعكم على حسابنا يا أولاد الكلب!
إمضائي:
يطلب الداعية
السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج
العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم
بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
"وإذا
كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 30 جوان 2016.