مسرحية محاكمة الرب والفرد
والمجتمع بتهمة الفساد في الأرض. تأليف الفيلسوف لايبنيتز، تحيين الفيلسوف ميشال
سارْ، نقل وترجمة وإخراج مواطن العالَم
محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا (La Didactique de la Biologie)
المصدر: Rencontre avec Michel Serres aux Champs Libres dans le
cadre des mardis de l'Espace des Sciences. Mise sur You Tube le 24 mars 2011
التهمة: مَن المسؤول عن آلام الناس الناتجة عن الزلازل والحروب والمرض
والجهل والفقر؟
المتهمون الثلاثة: الرب والفرد والمجتمع.
النائب العام: الشيطان.
محامي المتهمين الثلاثة: الفيلسوف.
المرافعة:
-
عن الفرد: قد يكون بريئا في بعض المصائب كما قد يكون مذنبا في أخرى.
-
عن الرب: خذ مثلا زلزالا وقع في مدينة كبيرة بالولايات المتحدة الأمريكية
وقتل 35 فردا فقط وللمقارنة خذ زلزالا آخر بنفس الدرجة وقع في مدينة كبيرة
بهايْتِي وقتل 300 ألف فردا. مَن المسؤول هنا عن الفارق المهول في عدد الضحايا بين
أمريكا وهايتي؟ الرب أم المجتمع؟
-
عن المجتمع (الفيلسوف أخذ هنا دور المغرّق وهو محق في ذلك): المجتمع
الهايتي هو المذنب الوحيد طبعا من بين المتهمين الثلاثة، لأنه لم يوفر ما وفره
الشعب الأمريكي في هذه الحالة من أسباب الوقاية للتقليل من كوارث الزلازل. خلال
التاريخ، هل خلا زمن من الكوارث الطبيعية والبشرية؟ وهل كان وقعها مماثلا في كل المجتمعات؟
رغم أن الرب واحد لم يتغير بتغير الجغرافيا والتاريخ. فلماذا نتهم هذا الأخير
باطلا والتهمة لاصقة في المجتمعات لصوق الطابع البريدي في الظرف؟ مَن المسؤول عن
الحروب الصليبية في القرن الحادي عشر ميلادي؟ أليست المجتمعات الأوروبية الغازية
للشرق والمجتمعات الإسلامية الفاتحة للقدس؟ إبراء ذمة الفرد وإدانة المجتمع لا
يُعدّ من باب السفسطة الفلسفية، والدليل: الفرد يقوم بعمل جزئي ولا يتصور مسبقا
ماذا سينتج عن مجموع الأعمال الفردية مثلما لا تعي النحلة الواحدة أن رسما هندسيا جميلا
ومعقدا سوف ينبثق من مجموع الأعمال الفردية لآلاف النحل في الخلية، ومثلما لم يكن
أنشتاين يتصور أن عِلمَه سيتسبب يوما في إبادة 150 ألف مدني ياباني في هيروشيما في
بعض ثوانٍ. الفرد ليس المجتمع، والمجتمع ليس مجموع الأفراد، إنه مجموع الأفراد
زائد العلاقات بين هؤلاء الأفراد زائد ما سينبثق من هذه العلاقات من كوارث وهو
أمرٌ غير أوتوماتيكي وغير حتمي وغير معروف مسبقا.
النطق بالحكم:
-
الفرد بريء إلى أن تثبت إدانته.
-
الرب بريء من فسادكم وإفسادكم يا معشر البشر ولن تستطيعوا إثبات إدانته ولو
حرصتم.
-
كل المجتمعات -دون
استثناء- مدانة "للعنكوش" ما لم تتدارك أمرها وتقدم نقدها الذاتي علنا
وتعتذر عن جرائم أسلافها وتبتعد نهائيا وإلى الأبد عن صنع وتصدير الأسلحة وتحفظ حق
المجتمعات القادمة في أرضٍ وجوٍّ وبحرٍ غيرَ ملوثِين، يبدو لي أن المجتمعات
الوحيدة في العالم التي تسعى إلى تحقيق هذا الحلم هي المجتمعات الأسكندنافية لا
غير.
إمضائي:
على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو
جيد، لا بالعنف اللفظي.
"وإذا كانت كلماتي لا
تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 15 جوان 2016.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire