samedi 19 mai 2018

جوابٌ مجتملٌ على إشكاليةٍ كبيرةٍ، يبدو لي للوهلةِ الأولى أنه جوابٌ وجيهٌ: لماذا العرب وحدهم بقوا متخلفين؟ فكرةٌ فيلسوف حمام الشط حبيب بن حميدة، تأثيث مواطن العالَم



يقول فيلسوفنا المهمَّش من قِبل القمة والقاعدة: لكل رتلٍ من العربات لا بد من قاطرة (Une locomotive)، عربةُ قيادة تُقلِعُ بها نحو أفقٍ أفضل. وقاطرة المجتمع هي طبقة منظمة، مهيكلة، طبقةٌ تمتلك وعيًا طبقيًّا بدورِها القيادي مثل طبقة النبلاء أو الأرستقراطية أو طبقة البورجوازية في الدول الأوروبية والآسيوية خلال تاريخها القديم والحديث. طبقيةٌ غير عادلة لكنها اليوم تبدو "ناجحةً"، تبدو شيّادةً لبِنيةٍ تحتيةٍ (طرقات، قناطر، سكك، معامل، فلاحة مصنّعة، إبداعٌ علمي وتكنولوجي، إلخ)، وخلاّقةً لبِنيةٍ فوقية (ديمقراطية، مؤسسات، تعليم جيد وناجع، قوانين وضعية، حرية فردية، صحافة حرة، لا سقف لحرية الفنان والأديب والمفكر، مساواة تامة بين الرجل والمرأة، إلخ).

يُواصل فيلسوفُنا الجهبذْ، وتحت إلحاحِي، يُضيفُ:  من المفارقات الكبرى (Notre grand paradoxe) أن سبب تخلفنا يكمن في أفضل قيمتين فينا ألا وهما قيمة العدالة وقيمة الانفتاح على الحضارات الأخرى، قيمتان تتميزان بهما حضارتنا العربية-الإسلامية (إضافتي الخاصة:  قرآن:  "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، لم يقل سبحانه أغناكم أو أشرفكم أو أوجهكم. حديث: "لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى". فقه: يكفي أن تنطق بالشهادتين لتتمتع فورًا بكامل حقوق أخيك المسلم حتى ولو سبقك بنصف قرنٍ (Absence de méritocratie)، وذلك مهما كان دينك السابق أو حضارتك السابقة أو طبقتك الاجتماعية السابقة). يبدو أنه بسبب "تفشي" هذين القيمتين الساميتين فينا، لم تبرز في مجتمعاتنا طبقة نبيلة ولا أرستقراطية ولا بورجوازية ولا بروليتارية حتى، فبقيت مجتمعاتنا-عرباتنا العربية تراوح مكانها ولم تنطلق!

تعليقي المتواضع كغير مختص في الفلسفة: نحنُ أمام مأزقٍ (Un dilemme): نُقلدُهم ونأخذُ بأسبابِ نَهضتِهم (الغرب) لنصلَ إلى ما وصلوا إليه من رأسماليةٍ متوحشةٍ: دولٌ وحكوماتٍ تَسرقُ، تَنهبُ، تَحتلُّ، تَقتلُ، تُبيدُ، تَغتصبُ، تَكذبُ، تَتَحايلُ، تُزوّرُ، تُلوّثُ العقلَ والجسمَ والبطنَ والجوَّ والأرضَ والبحرَ، تُجوّعُ، تَحتكرُ، تَربحُ، تَبني، وإلى زوالِ حضارتِها اليهوديةِ-المسيحيةِ بِخُطًى حثيثةٍ تَتَقَدمُ، ولا يَغرّنّكم البُهرُجَ؟ وشَهِدَ شاهدٌ من أهلها، الفيلسوف الفرنسي الأشهر ميشيل أونفري: (La civilisation judéo-chrétienne est une civilisation en décadence irréversible, la civilisation islamique est une civilisation jeune)

أم نتمسكُ بِقيمِنا المكتوبةِ في جيناتِ هويتِنا العربية-الإسلاميةِ، نَنقدُها، نُغربلُها، نُصفّيها، نُحيّنُها، نُؤقلمُها، نُطوّرُها، نُغذيها بالعلوم الغربية الحديثة، نُعقلنُها تعليمًا وممارسةً، نَفصلُ اللاعقلاني فيها عن العقلاني فيها، نَتَوكّلُ على الله وعلى العقل في آنٍ، الله مَنَحَ لنا مُخًّا شبه-ناضج خَلقيًّا (La genèse) لكنه قابلٌ لمزيدٍ من النضجِ بعد الخلق (L`épigenèse). علينا أن نَستعينُ بالاثنينِ دون الخَلطِ بين الاثنينِ، العقلُ ولا شيء غير العقلِ في التكوينِ والتعليمِ وتسييرِ دواليبِ الدولةِ ومؤسساتِها، والميتافيزيقا في الإيمانِ وممارسة الشعائر الدينية بكامل الحرية لكل المؤمنين؟

خاتمة: أنا اخترتُ الحلَّ الثاني وأنتُم؟

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 19 ماي 2018.

mercredi 16 mai 2018

لِنرى ونُدقِّقْ ونُقيّم ماذا جنينا من سبعة قرارات كبرى طبقتها وزارة التربية خلال تاريخها "المجيد"، ظنًّا منها أنها تُصلِحُ؟ مواطن العالَم



أنطلقُ في نقدي وتقييمي من حقيقة ثابتة في مخي لا تتزحزح، وهي التالية: قالها فيليب بيرنود، عالِم الاجتماع السويسري: "لن يرتقي أي إصلاح  تربوي إلى رهانٍ مجتمعيٍّ كبيرٍ ما لم يستفدْ منه أولاً التلامذة الذين يتعثّرون في دراستهم".
Une réforme du système éducatif n’est un enjeu majeur que si elle profite, en priorité, aux élèves qui ne réussissent pas à l’école. P. Perrenoud, 1997

رسالةٌ مفتوحةٌ إلى وزيرِ التربيةِ من سنةِ 1975 (تاريخ تعريب الفلسفة في عهد وزير التربية السابق إدريس ڤيڤة) إلى سنةِ 2018، رسالةٌ عنيفةُ اللفظِ، على قَدْرِ وقعِ قراراتِك الأعْنَفِ:
1.     قرار إلغاء التعليم الإعدادي المهني: أولاً، خسّرتنا ماديًّا آلاف الآلات باهظة الثمن. ثانيًا، زدتَ من عدد المطرودين والمنقطعين سنويًّا (100 ألف) الذين لم يجدوا في التعليم مكانًا لتنمية ذكائهم المهني اليدوي. أفقدتنا يدًا عاملةً مختصةً فأصبح البنّاءُ التونسي (Le maçon) لا يُحسن استعمال أجهزة القيس البسيطة كالمتر والمثلّث.  
2.     قرار إرجاع مناظَرَتَيْ السيزيام والنوفيام في زمن التقليل من الامتحانات: أعدتهما لفرزِ المتفوّقين وعزلِهم حتى لا يستفيدَ منهم أترابُهم غير المتفوّقين وأنت تعلم جيدًا - يا وزير التربية الـمتفوّق - أن التلميذ الناجح هو أحسن قدوة لأخيه التلميذ المتعثّر وأفضل عكّازٍ له. لماذا جمعتَ أبناءنا المتفوّقين عكاكيز أبنائنا المتعثّرين في جيتو (Ghetto) وأطلقت عليه اسم معهد نموذجي؟ فَصَلتَهم يا متفوّق "صفر فاصل" عن مَن هم في أشد الحاجة إليهم (زملاؤهم المتعثرون)، "عشعشتهم"، سَمَّنتهم ودللتهم، ثم صدّرتهم لقمةً دسمةً سائغةً جاهزةً حاضرةً طازجةً مجانيةً لمَن لم يدفع مليمًا واحدًا أحمرَا في تكوينهم، القطاع الخاص الأجنبي. جزاك الله شرًّا على طـ...
3.     قرار تعريب تدريس المواد العلمية في الإعدادي مع الإبقاء على فرنستها في الثانوي والجامعة: ثبّتْ روحك يا وزير التربية الـ... عرّب "وَلَّ" فرنس لعنة الله عليك، شوّشتَ عقول أجيالٍ بأكملِها متتاليةٍ يا أكبر مشوّشْ عقولْ رأيتُه في حياتي، يا وزير "الهانة ورڤود الجبّانة".
4.     قرار ضمني بعدم متابعة ومحاسبة مقاولي الدروس الخصوصية: غضضتَ عنهم النظرْ يا قصير النظرْ، يا مَن مِن المفروضِ أن يُرجعُ إليه بالنظرْ، يا عديم النظرْ وصاحب الضمير العاجز المستترْ، أطلقتهم فينا كالكلاب ينهشون لحمنا ويَحشون أدمغة أولادنا بمعارف لا تُصلِح، لا بل تضرْ.
5.     قرار مساعدة الجشعين المستثمرين في التعليم الخاص: منحتهم مساعدات مادية وتسهيلات قانونية ولم تتفقدهم كما تتفقدنا فتكاثروا كالفطر دكاكينَ دكاكينْ يستغلون مَن هم من مدرستك العمومية هاربينْ.
6.     قرار إنشاء معهد لتكوين المتفقدين بقرطاج: كل التونسيون يطالبون بإنشاء كلية تربوية يتخرّج منها الأساتذة والمعلمون، مدرسون أكفاء بيداغوجيًّا جاهزون للتدريس. أحبطتَ آمالهم في تعليمٍ أفضل، خيّرتَ اللجوء للأسهل والأرخص يا ر...، ملأت مدارسنا بآلاف المعوّضين بمرتبٍ هزيلٍ مُهينٍ، وركزتَ على تكوين كُتّاب التقارير المتفقدين (دون تعميمٍ). هل المتفقّد هو مَن سيدرّس في القسم وينهض بمستوى تلامذتك؟ لعلمك يا سيدي يا قابِر أحلامي، خلال 30 سنة تدريس في تونس + 8 في الجزائر، في الجزائر زارني المتفقد مرّةً واحدةً، وفي تونس  6 مرّات، مرة رفتني من التعليم (أرجعتني النقابة)، ومرّة خفّض لي العدد البيداغوجي من 16 إلى 9 دفعة واحدة.
7.     قرار إنشاء المعاهد والإعداديات النموذجية: خلقتَ تمييزًا إيجابيًّا في غير محلّه لفائدة تلامذة نسبيًّا متفوّقين، تمييزٌ ليسوا في حاجة إليه، وفي نفس الوقت حَرَمتَ منه مَن هم في أشد الحاجة إليه، أعني بهم التلامذة المتعثّرين في دراستهم، وعددهم الهائل كل عام يُضافُ إليه 100 ألف مُنقطِعٍ، 100 ألف يا وزير التربية الـ...، طبعًا، ليسوا أبناءك ولا أبناءَ طبقتك يا مُفْتَرٍ، أعوذُ بالله منك ومن الشيطان الرجيم، أكبرُ مفسدٍ في الأرض، هو معلّمك ولستُ أنا!

خاتمة: يبدو لي - والخبراء أعلم - أن كل الإصلاحات التي طبقتها وزارتك خلال تاريخها "المجيد"، قراراتٌ تفسِدُ ولا تُصلِحُ. لقد ساهمتَ، وبصفة مبيّتة وممنهجة، في تدنّي المستوى العلمي، وهمّشتَ دور التعليم العمومي لصالح التعليم الخاص المرخّص له وغير المرخّص له (Les cours particuliers presque obligatoires et chèrement payés).

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 16 ماي 2018.


تلامذة النموذجي الممتازون؟ مواطن العالَم



 Les “génies” du lycée pilote

تلامذة النموذجي الممتازون المتميزون المحظوظون، استفادوا من "مبدأ التضامن الوطني في القطاع العام"، ميّزناهم غصبًا عنا أفضل تمييز، نحن الموظفون العموميون دافعو الضرائب والممولون الأساسيون للقطاع العام، لكن قرار إنشاء المعاهد والإعداديات النموذجية ليس قرارنا بل هو قرار نظام تربوي انتقائي مسنَدٌ من قِبل نظام سياسي ديكتاتوري (بورڤيبة وبن علي). صرفنا علي تنمية ذكائهم من جيوبنا: لم يرثوا ذكاءهم عن آبائهم ولم يكن مكتوبًا في جيناتهم ولم ينزل عليهم وحيًا من السماء (L`intelligence est 100% héréditaire et 100% acquise. Albert Jacquard)، وفّرنا لهم أفضل الأساتذة عوض أن نوفرهم لمن هم في حاجة أكثر لكفاءاتهم (Les élèves en difficulté d`apprentissageوفي المقابل ودون تعميمٍ، نراهم يتنكرون لمن ربّاهم وأكرمهم في شبابهم (القطاع العام) ويرتمون مهاجرين في أحضان القطاع الخاص الأجنبي طلبًا للكسب المادي الجشع، عوض أن يردّوا الجميل لصاحب الجميل (القطاع العام الوطني) ويوفرون لتونس أكفأ الأساتذة والأطباء والمهندسين، هدفٌ أساسيٌّ فضلناهم من أجل تحقيقه وهو التبرير الأخلاقي الوحيد الذي يسندهم. أصبح مَثَلُهم كمَثَلِ الابن العاق. نلومهم على صنيعهم، وفي نفس الوقت نطلب منهم الرجوع إلى أرض الوطن حتى يسدّدوا للمجموعة الوطنية ما عليهم من دَينٍ.

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 16 ماي 2018.




mardi 15 mai 2018

ربي خلقتني، سَوّيتني فلم أستوِ، بعثتَ لي رُسُلاً، هديتني، لم أهتدِ فماذا أفعلُ وما أنتَ فاعلٌ بي! مواطن العالَم



خلقتني في أحسنِ تكوينٍ، 46 كروموزوم و30 ألف جينة، مخٌّ مجهّزٌ بـ100 مليار خلية ومليون مليار وصلة عصبية، قلبٌ - أنامُ - وهو يحرسني لا ينامُ، كِليتَين اثنتين، كل كِلية مركّبة بمليون مصفاة. أنت تفضلتْ وأدّيتَ وظيفتَك على أحسنِ وجهٍ، وظيفة الخلقِ (La genèse)، وفّيتَ وكفّيتَ. بعد الخلقِ، يأتي "ما بعد الخلقِ" (L`épigénèse)، وظيفتي أنا، تقاعستُ في تأديتها، وكالطفل الصغير خرّبتُ ما أنتَ أبدعتَ: دخّنتْ، شربتْ، هواءً ملوّثًا تنفّستْ، بدواءٍ مسمومٍ تداويتْ، بأغذيةٍ مسرطنةٍ تغذّيتْ، على خلقك تحويرات أدخلتْ. ائتمنتني وعلى أمانتك لم أحافظ، أنعمتَ عليّ ولنعمتك كنتُ أسوأ حافظ.
عقلٌ ويدان، ماذا فعلتُ بهما؟ صنعتُ بهما السلاح على كل الألوانْ، غزوتُ الأمصار والبلدانْ وفي كل بلدٍ زرتُه أشعلتُ بركانْ، وقريبًا أفنِي خلائقك كلها بما فيها الإنسانْ. ألا تتدخّل يومًا وتوقف الطوفانْ يا أرأف بالإنسان من الإنسانْ؟
أوكلتَ لي مهمة خلافتك في الأرض فأفسدتُ فيها، زنيتُ فيها، سرقتُ فيها، نهبتُ فيها، فسقتُ فيها، ظلمتُ فيها، اغتصبتُ عذرية رجالها ونسائها وفيها رشوتُ وارتشيتُ وما ارتويتُ ولا ارتدعتُ، لوثتُ بحرها وسماءها وأراضيها، قتلتُ ناسَها واقتلعتُ أشجارها وأكلتُ حيواناتها ولم أبقِ على شيء جميلٍ فيها، ولو مددتَ في عمري لجعلتُ واطيها عاليها، "لاَ خَيْرَ في الدُّنْيَا وَمَنْ فِيهَا". فلأي حكمة يا ربي تُبقي عليّ وعليها؟ أرجوك عجّلْ بفنائها، فمَن توسّمتَ فيه الخيرَ (الإنسان)، الشرُّ غلبه (الشيطان)، أتوسّلُ إليك، انهيني، انهينا وأنهيها! سلّمتَ لي جسمًا معافًى سليمَا واليوم أسلمك جسمًا عليلا سقيمَا، فما جزائي يا ترى؟  
"يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت ... إن الكبائر في الغفران كاللمم (صغار الذنوب)".

إن كنتَ حقًّا تحبني كما أحبك، فخذهم جميعًا، وأنا معهم، إلى جهنم والنيرانْ، فجنتك لا يستحقها إنسانْ، كائن مَن كانْ، من أمة محمد أو من ملة موسى أو من الرهبانْ، واجعل خليفتك فيها إنسانْ غير هذا الإنسانْ (الجشعُ أكثر من الحيوانْ)، إنسانْ لا يقدس غيرك ولا يدين إلا بمحبة أخيه الإنسانْ، الحب دينه وديدنه، شفرة مكتوبة في جيناته يرثها غصبًا ويورثها غصبًا. ثم اصبغ عليه نعمتك، امسك عليه الشيطان في السماء وانزل له جنتك من السماء، يعيش مترفًا فيها واترك له الحرية يتنزه فيها ويقطف الثمار التي يشتهيها.

لي طلبٌ، صغيرٌ عندك، كبيرٌ عندي، أخي مريضٌ، اشفِه أو خذني فداءً له!

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 14 ماي 2018.


dimanche 13 mai 2018

إرهابُنا وإرهابُهم، والكَيلُ بمكيالَينِ اثنَينِ؟ مواطن العالَم



-         إرهابُنا، صرخة المهزومين المظلومين المستعمَرين المقهورين.
-         إرهابُهم، سوط المنتصرين الظالمين المستعمِرين القاهرين.
-         إرهابُنا، صوت الجنوب.
-         إرهابُهم، صدى الشمال.
-         إرهابُنا، "هووي ديني رجعي".
-         إرهابُهم، "دولي مدني حداثي".
-         إرهابُنا، تتناوله وسائل الإعلام بالتقييم والتحليل وتنشر له ألف صورة وصورة وكأنه "ماتش كورة".
-         إرهابُهم يمرّ دون صورة ولو واحدة للذكرى.
-         إرهابُنا، ينفذه متطرفون منبوذون في دينهم ومجتمعهم وفي العالم أجمع.
-         إرهابُهم، ينفذه مهندسون طيارون بأمرٍ من رؤساء دولهم الديمقراطية وفيهم من حاز على جائزة نوبل للسلام (أوباما، صاحب الـ2300 اغتيال سياسي خارج أمريكا بواسطة طيارات دون طيار)
-         إرهابُنا، بالسكين والدهس والذبح. بِجِدٍّ، ما أوسخه وما أبشعه!
-         إرهابُهم، بالطائرات والصواريخ والقنابل. بسخريةٍ، ما أنظفه!
-         إرهابُنا، سببه الظلم وأداته الجهل.
-         إرهابُهم، سببه الجشع وأداته العلم.
-         إرهابُنا، نحن أكبر ضحاياه عددًا.
-         إرهابُهم، نحن ضحاياه الوحيدون (4 مليون قتيل مسلم منذ سنة 1990 حسب تصريح متكرر لأشهر فيلسوف فرنسي معاصر معارض يساري غير ماركسي أناركي تحرري ملحد-مسيحي، اسمه ميشيل أونفري، نشر 100 كتابٍ).
-         إرهابُنا، حصيلته ثقيلة ومضرّة لكنها أقل ضررًا بالإنسانية من حصيلة إرهابهم، فِعلُ إجرام قُتِل فيه العشرات من المواطنين الغربيين الأبرياء.
-         إرهابُهم، حصيلته أثقل بكثير من حصيلة إرهابنا وأكثر ضررًا بالإنسانية، فِعلُ إبادة دُمّرت فيه مدنٌ بأكملها وقُتِل فيه الملايين من المواطنين العرب الأبرياء.
-         إرهابُنا، مُدانٌ بالإجماع من أهله وغير أهله.
-         إرهابُهم، مُدانٌ من قلة من أهله وكثرة من غير أهله.
-         إرهابُنا ناطقٌ باللغة العربية (الله أكبر).
-         إرهابُهم ناطقٌ باللغات الحية (أنڤليزية، فرنسية، سوفياتية).

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 14 ماي 2018.



التلميذُ عُكّازٌ لأخيه التلميذِ، لو درّبناه على التعاون وليس على التسابقِ. مواطن العالَم





Tuteur: Littéraire. Personne ou chose qui servent d'appui, de soutien, de protection

1.     واقعُ تعليمنا:
-         أعدادٌ (Notes de 0 à 20) محبِطة، تُسند بصفة اعتباطية، من قِبل مدرسين غير أكفاء في التقييم العلمي.
-          ترتيبٌ للذكاء والذكاء لا يُصنّف حسب عالم الوراثة ألبير جاكار.
-         غيابٌ شبه تام للعمل داخل فريق متعاون.
-         عقابٌ شديدٌ يُسلّط على الغريق طالب النجدة (مرتكب محاولة الغِش).
-         نقتل الذكاء المتعدد (الرياضي، الفني، اليدوي) ونقول عن تلميذنا غير ذكي.
-         نكثر من التقييمات الجزائية (الارتقاء) والإشهادية (ديبلوم) ونكثف من الامتحانات، وفي نفس الوقت نهمل التقييمات التكوينية عماد التعلم، فيتخرج الطالب عندنا يحمل إجازة على الورق وهو لا يفقه أبجديات اختصاصه.
-         الأولياء والمدرسون أنفسهم يشجعون التلامذة على التنافس والتسابق والأنانية عن طريق الدروس الخصوصة: منظومة تربوية موازية وفاسدة مثلها مثل التجارة الموازية، لا يستفيد منها إلا المدرسون الخارجون على القانون، المتهربون من دفع ضرائب على دخلهم الإضافي، المستكرشون المستفيدون من الربح السهل المشط الحرام. أما الأولياء (وأنا واحدٌ منهم) والتلامذة فأنا لا أبرّئهم تمامًا من المسؤولية لكنني أقرّ لهم بظروف التخفيف. هم ضحايا ومعذورين جزئيًّا أما المدرسون المقاولون فلم أجد لهم عذرًا  سوى الجشع وما أقبحه من عذرٍ.
-         الدولة نفسها تصنّف الذكاء، تمارس التمييز، تعمّق الهوّة بين التلامذة ولا تجسّرها، لا بل تُقِيمُ للحَيْفِ إعدادياتٍ ومعاهدَ نموذجية حيث تَصرِف أموالَ أولياء التلامذة المحتاجين إلى دعم تَعَلُّمِي
 (Les élèves en difficulté d`apprentissage)
وهم الأغلبية الساحقة ، تبذّرها على  التلامذة غير المحتاجين إلى دعم تَعَلُّمِي 
(Les élèves soit-disant intelligents)
 وهم الأقلية القليلة. والأدهى وأمرّ أنها تدّعي زورًا وبهتانًا - هي وجل موظفيها المدرسين المقاولين "المحترمين" - أنها تسعى لإصلاح المنظومة التربوية الحالية، كل هؤلاء أعداء المدرسة العمومية مشتركون في الجريمة، فيهم المدرس الإسلامي واليساري والقومي والحداثي والليبرالي والنقابي، في الإيديولوجيا مختلفون وفي الجشع متفقون (دومًا، أستثني منهم المكتفين بالمقابل القليل من المال والعدد القليل من التلامذة).
« Une réforme du système éducatif n’est un enjeu majeur que si elle profite, en priorité, aux élèves qui ne réussissent pas à l’école. » P. Perrenoud, 1997
-         الغريب في الأمر أن هذا الإقبال الحماسي على الدروس الإضافية بمقابل والذي يبدو في ظاهره حبًّا للمعرفة لم يجلب لنا إلا تهميشًا للمدرسة العمومية وهجرةً للأدمغة المهيّأة أصلاً للهجرة: منظومتنا التربوية لا تهدف لإيصال الأكثرية للوسط  عكس ما رغب فيه المعلم الأول في تاريخ الإنسانية (Aristote: La vertu est le juste milieu entre deux vices):
 تكلفة معهد نموذجي واحد في ولاية ما (يؤمه حفنة من التلامذة) تكفي لترميم البنية التحتية وتحسينها في جميع المعاهد العادية لهذه الولاية (يؤمها آلاف من التلامذة). لم تهدف لخير الأكثرية. هدفت لانتقاء الأقلية "الأفضل"، أدمغة على شكل كمبيوتر لا تصلح إلا للدول المتقدمة. حفرت جبًّا لشعبها  فوقعت وأوقعتنا في شر أعمالها. دولة ومدرسون مقاولون خدموا أسيادهم الغربيين بأموال إخوانهم التونسيين. رعوا الزهرة بعرقنا، أصبحت ثمرة يانعة، قطفها الغرب دون عناء. أيوجد غباء يفوق هذا الغباء؟
-         تلامذة النموذجي الممتازون المتميزون المحظوظون، استفادوا من "مبدأ التضامن الوطني في القطاع العام"، فضلناهم وميزناهم غصبًا عنا أفضل تمييز، نحن الموظفون العموميون دافعو الضرائب والممولون الأساسيون للقطاع العام، لكن قرار إنشاء المعاهد والإعداديات النموذجية ليس قرارنا بل هو قرار نظام تربوي انتقائي مسنَدٌ من قِبل نظام سياسي ديكتاتوري (بورڤيبة وبن علي). صرفنا علي تنمية ذكائهم من جيوبنا: لم يرثوا ذكاءهم عن آبائهم ولم يكن مكتوبًا في جيناتهم ولم ينزل عليهم وحيًا من السماء (L`intelligence est 100% héréditaire et 100% acquise. Albert Jacquard
 وفّرنا لهم أفضل الأساتذة عوض أن نوفرهم لمن هم في حاجة أكثر لكفاءاتهم
(Les élèves en difficulté d`apprentissage
وفي المقابل ودون تعميمٍ، نراهم يتنكرون لمن ربّاهم وأكرمهم في شبابهم (القطاع العام) ويرتمون مهاجرين في أحضان القطاع الخاص الأجنبي طلبًا للكسب المادي الجشع، عوض أن يردّوا الجميل لصاحب الجميل (القطاع العام الوطني) ويوفرون لتونس أكفأ الأساتذة والأطباء والمهندسين، التبرير الأخلاقي الوحيد الذي يسندهم والهدف الوحيد الذي أنشِئوا من أجل تحقيقه. مثلهم كمثل الابن العاق، نلومهم على صنيعهم، وفي نفس الوقت نطلب لهم الهداية ونتمنى لهم عودة ميمونة لأرض الوطن.

2.     الأمل: سبقتنا أممٌ عديدة ولن نخترع العجلة من جديد (في اليابان والصين توجَد أفضل المنظومات التربوية في العالم المتقدم). كيف نجعلُ من التلميذِ سندًا وعُكّازًا لأخيه التلميذِ؟
-         في شنڤهاي، يلتحق الأستاذ بقسمه نصف ساعة بعد بداية الحصة حتى يتيح الفرصة لتلميذ فاهم أن يشرح لزملائه محتوى الدرس السابق. ممارسةٌ ليست حكرًا على تلميذٍ دون آخر، كل واحد حسب جهده (Méritocratie).
-         في اليابان، تُنظم دروس إضافية مجانية تطوعية داخل المؤسسة حيث يساعد التلامذة بعضهم البعضَ، فيستفيد في نفس الوقت التلميذ-المعلم والتلميذ-المتعلم مع تبادل الأدوار حسب مواضيع الحصص.

خاتمة: إجراءٌ سهلٌ لا يتطلّب إمكانات مادية. سلوكٌ غنيٌّ بالمعاني: تدريب التلميذ على التعاون والتطوع، وحثه على الاجتهاد وتملك المعرفة. سلوكٌ جميلٌ ومفيدٌ للجميع (تلامذة نجباء وغير نجباء، أولياء أغنياء وفقراء، مدرسون)، سلوكٌ كنا نمارسه في الستينيات والسبعينيات في غياب الدروس الإضافية بمقابل، حين كان المدرّس عكّازًا مجانيًّا للتلميذ الغني والفقير دون تمييز طبقي، ولا زال هذا السلوك الحميد سائدًا والحمد لله في كامل أنحاء الجمهورية، لكن بصفة أقل كقلة الخير في هذا الزمن المعولَم قهرًا والضاغط على الفقراء فقط.
التلميذُ عُكّازٌ لأخيه التلميذِ. قد يصبح التلميذُ بيداغوجيًّا بالتمرين: يقود زميلَه من دار الجهل إلى دار العلم:
Le pédagogue: l'esclave qui accompagnait les enfants à l'école

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأحد 13 ماي 2018.