مفهوم العائلة في تونس (La notion de famille):
هل تقهقر أو تحسّن خلال النصف الثاني من القرن العشرين ؟
-
يَقولونَ: اليوم،
زادت حالات الطلاق.
-
أقولُ: قد يكون
صحيحًا. لكن ألا ترونَ أن مدة العِشرة عند البقية المستقرة تضاعفت بِحُكم ارتفاع
أمل الحياة (L`espérance
de vie) ؟ كان الزواجُ لا يدومُ
أكثرَ من ربعِ قرنٍ، أما اليوم فقد يستقر طيلة نصفِ قرنٍ أو أكثرَ.
-
يَقولونَ: آباءُ
الأمس وأمهاتُ الأمس، كانوا أحسن منا تربيةً لأولادِهم.
-
أقولُ: لم يكن
آباؤنا ولا أمهاتنا أكثر حرصًا منا اليوم على تربية أبنائنهم: آباء اليوم يتابعُون
صحة أبنائنهم ودراستَهم باهتمامٍ شديدٍ، وينفِقُون على تكوينِهم وإسعادِهم أكثر
بكثير مما أنفقَ علينا آباؤنا، الله يرحمهم.
-
يَقولونَ: أبناءُ
الأمس كانوا أكثر عنايةً بآبائهم.
-
أقولُ: آباءُ
اليوم وأمهاتُ اليوم -وبفضل جراياتِ تقاعدهم- لا يلتجئون إلا نادرًا لِعنايةٍ قد
تأتِي أو لا تأتِي من أولادِهم ولا يحتاجون إلى شفقةٍ من أحدٍ.
-
يَقولونَ: أزواجُ
اليوم يتخاصمون أكثر من أزواجِ الأمس.
-
أقولُ: قد يكون
صحيحًا لأن زوجة الأمس كانت لا تخرج إلا نادرًا، وكانت مطيعةً لزوجِها مستكينةً
وراضيةً بما كَتَبَ الله لها. أما زوجةُ اليوم العامِلةُ فمِن حقِّها المطالبةُ
بالمساواةِ التامةِ مع الزوج، وقد نالت بجهدها ما تمنّت، فأصبح الزوجُ يُشاوِرُها
في الكبيرةِ والصغيرةِ والشقيقةِ والرقيقةِ ويُصاحبُها للنزهةِ والتسوّقِ وعند السفرِ
أحيانًا.ع
-
يَقولونَ: اليوم،
انتشرَ التفسخُ الأخلاقيُّ (البَوْسُ في الفضاءاتِ العامةِ).
- أقولُ: قِفْ لحظة ! هنا ينقسم المجتمع التونسي -ككل المجتمعات- إلى ثلاثةِ مُعَسكَرَاتٍ: متحرّرون (Les libéraux et les libertaires)، محافظون متدينون
(Les conservateurs religieux)،
ومحافظون تقليديون
(Les conservateurs traditionnels).
المتحرّرون لا يَرَون حَرَجًا في ذلك وهُمُ أقليةٌ من الأغنياءِ الجُدُدِ والنخبةُ
اليساريةُ المُثقَّفَةُ جدًّا والمُنبتَّةُ جدًّا. المحافظون المتدينون يَرَوْنَه
هرطقةً (Une hérésie) وخروجًا عن الدين. أما المحافظون التقليديون فيَرَوْنَه صادِمًا للعُرْفِ والتقاليد وهُمُ
أغلبيةُ المجتمعِ التونسي بِأغنيائهِ وفقرائهِ، بِيمِينهِ ويسارِه، بِمثقفيهِ
وغيرِ مثقفيهِ.
خاتمة: يبدو أن الدولة الحديثة بدأت تأخذ شيئًا فشيئًا مكان العائلة القديمة
فانبثقت أخلاقٌ جديدةٌ أو في طريقها للانبثاق وانقرضت أخلاقٌ قديمةٌ أو في طريقها
للانقراض. سُنّةُ التغيِير، لكن هل يُعَدُّ هذا التغيِيرانتِكاسَةً أو تَطَوُّرًا
؟
يا حبيبي كل شيءٍ بقضاءْ
ما بأيدينا
خُلِقْنا تُعَسَاءْ
لا تَقُلْ
شِئْنَا فإن الحَظَّ شَاءْ !
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire