اكتفى الفيلسوفُ بشرح معناها
الأنتروبولوجي فقط دون أن يتوقف كثيرًا عند معناها الأخلاقي الفارغ الحري بأجوبة
تلامذة الباكلوريا في امتحان الفلسفة. ففي حين تُعَلِّمُ كبارُ القروش صغارَ
الذئاب كيف يكون لها أنيابٌ أطوَلُ، يُلهوننا نحن الفقراء بتأسيسِ روابط لحقوق
الإنسان قد تجرّنا إلى الفناءْ أو تجعل منّا أنبياءْ بُلَهاءْ لو لم ننتبه لسرابِ
وخُدَعِ الأغنياءْ:
1.
حول تَغيّر
التعريف الشخصي: بطاقة التعريف اليوم تدل على انتماءات صاحبها (مهنة، قبيلة،
مدينة) أما في الحقيقة فالشخص نفسه لا يُعرّف بغير(L`ADN) ،
وهذا ما لا يعرفه حتى صاحبه.
2.
حول تَغيّر
العنوان الشخصي: العنوان البريدي فضاءٌ ثابتٌ تصلك فيه الرسائل ويدل على محل سكناك
الذي يصلك فيه البوليس كي يطبّق عليك القانون لو أخطأتَ، أما العنوان الألكتروني
ففضاءٌ متحركٌ، تصلك فيه الرسائل ولا يصله فيه البوليس.
3. حول تَغيّر الجسم الشخصي: جسمك أفضل من جسم جدك البعيد: جسمك أجمل بفيهٍ غير أدْرَدَ بفضل مواد وعمليات التجميل. جسمك يعيش أكثر بفضل الطب. جسمك يتألم أقل أو لا يتألم البتة بفضل المسكنات والمضادات الحيوية ومضادات الالتهاب. مثلاً: ملك فرنسا لويس الرابع عشر (1638-1715) كان يوميًّا يصرخ ألمًا بسبب مرض الناسور الشرجي
(Une fistule anale)،
مرضٌ بسيطٌ يُعالج
اليوم في يومٍ واحدٍ تحت التخديرِ ودون ألمٍ.
4.
حول تَغيّر السكن
الشخصي: تصحّرَ الريف وتعمّرتِ المدن. المواطن الريفي يتميّز بعلاقة مباشرة مع
الطبيعة، أما ساكن المدينة فقد انقطعت علاقته تمامًا مع الطبيعة أي مع الجيران
والفلاحة والتراب والحيوانات والنباتات والمناخ والسماء والنجوم، وفَقَدَ أو كادَ
صلة الرحم إلى درجة أن الخال قد لا يعرف ابن أخته لو قاطعه صدفة في الطريق.
5.
حول تَغيّر المهنة
الشخصية: جدك البعيد كان فلاحًا أو نادرًا ما كان حِرفيًّا تقليديًّا وأنت اليوم
سائق سيارة أو طيارة أو مهندسٌ أو تقنيٌّ أو ظابطٌ، إلخ.
6.
حول تغيّر
المسافات والنقل: الطائرة قلصت المسافات والهاتف الجوال ألغاها تمامًا.
7.
حول تَغيّر مفردات
اللغة: اغتنى قاموس الشباب اليوم بمفردات غريبة عنّا نحن الشيوخ: مريڤل، نورمال،
عاقِدْها، سَلّكتها، أمورك في الجْبِنْ، جوّك باهي، جوّك حفلات، هانية، إلخ.
8.
جدك البعيد ينتمي
إلى العصر الحجري الذي بدأ منذ تسعة آلاف سنة أي منذ أن دجّن الإنسانُ النباتَ
والحيوانَ والحجرَ لخدمته، أما أنت فتنتمي إلى العصر الصناعي الذي بدأ مع المكننة.
9.
التاريخ الذي
تدرسونه اليوم هو تاريخ المدن (أثينا، أورْ، روما، قرطاج، القدس، مكة، المدينة،
دمشق، بغداد، إلخ.) حيث كان يقطن 3 % فقط من سكان العالم، أي لا تعرفون تاريخ 97 % من سكان العالم أي حُجِبَ عنكم واندثر تاريخ ريفكم
ومطبخكم وتقاليدكم.
10.
عند ولادة
الفيلسوف (1930-2019) كان العالَم يعُدّ مليار ونصف واليوم 2022 يعدّ ستة تقريبًا مليارات
أي ضُرِب العدد في أربعة.
لو
تسألني: ما هو عنوانك ؟ أقول: 4 نهج باردو حمام الشط (محدَّد في الجغرافيا والفضاء
ويخضع للقانون منذ زمان مثل قانون الجباية البلدية، أي "الزبلة
والخرّوبة"). عنوان يصلني فيه الإشهار فأرميه في سلة المهملات.
لو
أعدتَ عليَّ السؤال ؟ أقول: 23139868، رقم جوّالي، وعنواني الألكتروني mkochkar@gmail.com. عنوانَان فعليان لكنهما غير محدَّدَين في الجغرافيا
والفضاء أو الأصحّ، محدَّدَان في
فضاءٍ آخرَ بمعاييرَ جديدةٍ، فضاء لم تتغيّر فيه المسافات لكن سرعة اختراقه هي
التي تغيرت، فضاء لا يخضع للقانون ولا للسياسة، فضاء صَنَعَ قانونه وسياسته، فضاء
صَنَعَ ثورةً ثقافيةً، فضاء أضاع ذاكرتنا وعوّضها ببنوك للمعلومات.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire