1.
التعلّمية (La Didactique) تهتم بالمعرفة وعلاقتها بالتلميذ والمدرس أكثر من
اهتمامها بطرق التدريس (البيداغوجيا). يركّز هذا العلم خاصة على كيفية تعلم
المتلقي ويعلّمه كيف يتعلّم. عدم إلمام المدرسين بهذا العلم يبرّر مقولة العالم
الابستومولوجي الفرنسي باشلار "المدرسون لا يفهمون أن تلامذتهم لا يفهمون".
2.
علم التقييم (L'Évaluation) هو علم قائم الذات يدرّس في الجامعات. تسمح آليات
هذا العلم بتقييم مكتسبات التلميذ قبل وأثناء وبعد الدرس. تساعد نتائجه على تحسين
مردود المعلم والمتعلم. المدرس الذي لم يدرس أكاديميا التقييم مثله كمثل تاجر يزن
سلعة دون ميزان.
3.
عِلم نفس الطفل (La psychologie de
l'enfant) هو علم يفتح عيون المدرسين
على عالم الطفولة والمراهقة ويكشف لهم ما خفي من جبل الجليد النفسي عند التلميذ،
لعل الرؤيا تتوضّح لديهم ويظهر لهم أن اللامعقول في تصرفات التلميذ هو من صلب
المعقول النفسي, فربما يعذرون حينئذ ويفهمون أسباب وعمق بعض السلوكات التلمذية
العنيفة أو الخارجة عن المألوف ويكفّون عن التعامل مع التلميذ كما يتعامل عالم
النفس السلوكي مع فأر التجارب عندما يحدد له مسبقًا مدخل المتاهة ومخرجها (Le labyrinthe).
4.
الإبستومولوجيا (L'Épistémologie) هي "مبحث نقدي في مبادئ العلوم وفي أصولها
المنطقية" وتهدف إلى الكشف عن الآليات والمفاهيم التي تعتمدها الثقافة في
إنتاج المعرفة ونقدها. هي "معرفة المعرفة أو نظرية المعرفة العلمية".
يحتاج لهذا العلم كل من يدرّس العلوم معلما كان أو أستاذا. عندما يعرف المدرس أن العلم لم يولد كاملا بل
تكوّن على مراحل وبعد أخطاء جسيمة ارتكبها العلماء العظام, حينئذ قد يعذر ويتسامح
ويفهم أخطاء التلميذ ولا يحمّله ما لم يقدر عليه كبار العلماء، أعني به الفهم
المباشر والسريع للمسائل المعقدة في الرياضيات والفيزياء وعلوم الحياة والأرض
وغيرها...
5.
"إدراك عملية الإدراك"
(La
Métacognition) هو علم ينظر "في التفكير في آليات التفكير
وفي معرفة أننا نعرف وفي اختيار الطريقة الأنسب لحل المشاكل" وكما قال بيار ﭬريكو: " لو
أن الإنسان الذي يقول لا أعرف, عرف لماذا يقول لا, لكان قادرا على تحديد نعم
المستقبلية" أو كما يقول المثل الصيني المشهور " لا تعطني سمكة بل علمني
كيف أصطاد" والسمكة في التعليم هي
المعلومة وتعلّم الصيد هو "إدراك عملية الإدراك". أثناء إدراك عملية
الإدراك "ينشط التلميذ ذهنيا وليس تطبيقيا وقد ثبت أن هذا النوع من النشاط
الذهني البحت يسمح بالوعي بالإجراءات والشعور بالطرق والسيرورات الذهنية الموظفة
لحل المشاكل ويرسّخ اكتسابها".
6. السيميائية
(La Sémiologie )
وهي حسب تعريف فردناند دو سوسور (1857-1913)، مؤسس علم الألسنية
(La Linguistique ):
السيميائية هي علم دراسة العلامات (Les signes)
داخل الحياة الاجتماعية. يحتاجها جدا مدرسو اللغات في التعليم الابتدائي والإعدادي
والثانوي وللأسف لم يتلق أكثرهم تكوينا جامعيا في هذا الاختصاص الضروري لتحليل
النصوص (أنا لم أدرُسها).
خلاصة القول
جل الأساتذة لم يدرسوا هذه العلوم في الجامعة أما أنا فقد اكتشفتها متأخرا
أي بعد أربعة وعشرين عاما من التدريس. يبدو لي أن الأستاذ كان أقل حظا من المعلم
في هذا المجال. وحتى من علم وتعلم فلن يستطيع أن يطبق النظريات الجديدة في نظام
تعليمي يَعتبر الارتقاء الآلي فيه ديمقراطية والتقشف في استعمال الطباشير حكمة.
مدرسة ابتدائية دون ميزانية وميزانية المعهد تصرف في تسخين مكاتب الإداريين وطباعة
الامتحانات والمناشير. أما السبورة التفاعلية (Le tableau interactif) فلن تكون العصا السحرية التي ستُخرج تعليمنا من
المحلية إلى العالمية ولن تغير بين عشية وضحاها وضعا متخلفا وتسيبا عاما وتجهيزات
مهترئة وأجورا زهيدة وبيروقراطية متكلسة وقرارات فوقية وإملاءات خارجية وخرّيجين
عاطلين عن العمل لمدة سنوات.
لديّ تجربة بسيطة مع توظيف التكنولوجيا الحديثة في التعليم: منذ ثمان سنوات
وبضربة حظ, جهّز لي وزير التربية التونسي السابق منصر رويسي مخبرا بعشر حواسيب
لتدريس علوم الحياة والأرض في معهد برج السدرية ومنذ تاريخ مغادرة الوزير للوزارة في 2001 نسوني
وتركوني أتخبط وحدي دون فأرة ودون برمجيات ودون صيانة ودون تجديد الحواسيب حتى
هرمت ولم تعد صالحة للاستعمال.
في فرنسا لا تدرّس الإعلامية كمادة مستقلة بل تستعمل كأداة تدريس في كل
المواد منذ عام 2000.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire