lundi 30 mai 2022

هل ما زال تعليمنا التونسي العمومي يشغِّل التلميذ في نقل ما يمليه المدرس ؟

 

 

في عصر السبورة واللوحة الرقميتين التفاعليتين (Tablette pour chaque élève et tableau interactif dans chaque salle de classe )، ما زال المدرس التونسي -التقليدي رغم أنفه- يهدر وقت التلميذ ويشغله في عمل غير ذهني. يتمثل هذا العمل غير الذهني في الكتابة السلبية (لا يشارك التلميذ في إنتاجها) لِما يمليه المدرس أو نقل ما يكتبه على السبورة. مع الإشارة أن هذا العمل قد يكون فيه للمدرس أهداف بيداغوجية وجيهة، لكن هنالك في القسم أهداف أوْلى وأهم مثل القيام بمشاهدات أو تجارب علمية لا يمكن للتلميذ القيام بها خارج المخبر أو دون مساعدة مدرسه. أما خلاصة الدرس المسقطة، فالمدرس يستطيع توفيرها للتلميذ مكتوبة في نسخ ويكفيه عناء نقلها حتى يتفرغ الاثنان لأنشطة ذهنية أجدى.

أنا لا أقصد بنقدي هذا حصص الإنتاج الكتابي المفيدة جدا والصعبة جدا والمهملة جدا من قِبل مدرسي اللغات ولا أقصد أيضا الإنتاج الشفوي، فهذان النشاطان هما من أهم الأنشطة الذهنية التكوينية لمستقبل أجيالنا القادمة. نردد أحيانا ونتهم المتخرج الجامعي الحالي بالعجز عن تحرير مطلب شغل أو إنتاج خطاب شفوي متماسك منطقيا وننسى أن المتهم الرئيسي هو مدرسه أما التلميذ فهو ضحية نظام تعليمي متخلف نسبيا، لمْ نعلّمه فلم يتعلم لأن اكتساب المعرفة لا يخرج من التربة كالفِطر ولا ينزل من السماء كالغيث. التعلم مهنة وجهد مشترك بين المعلّم والمتعلم والأقران، العلم ليس موهبة يمنحها القدر لمن يشاء، العلم بناء ذاتي-اجتماعي طويل النفس ومُضنٍ ومعقد.

لو وفرت وزارة التربية سبورة تفاعلية في كل قاعة درس ولوحة تفاعلية لكل تلميذ لَجنّبْنا التلميذ عناء النقل من السبورة لأن كل ما يخطه المدرس على السبورة الرقمية طوال الحصة يُسجّل أوتوماتيكيا على لوحة التلميذ الرقمية. وهذا ليس مطلبا تعجز حكومتنا الموقرة عن توفيره لتلامذتها المحتاجين. حكومة نراها لا تفرّط في امتيازات وزرائها ونوابها في البرلمان وتفرّط بسهولة في مستقبل أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة أما أبناء الوزراء والنواب والأغنياء فلهم مدارس خاصة تُؤويهم وتحميهم فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، مدارسهم عادة ما تكون مجهزة بأحدث الوسائل التعلمية الرقمية إلا في أمريكا  حيث مدارس أولاد المشاهير عادة ما تكون قصدًا غير مجهزة بأحدث الوسائل التعلمية الرقمية وذلك لأسباب بيداغوجية وجيهة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire