dimanche 1 mai 2022

حول مشروع تدريس التربية الجنسية في المؤسسات التعليمية التونسية

 

مقدمة:

مشروع تدريس التربية الجنسية كمادة مستقلة في الإعدادي والثانوي يلزمه مدرّسين مؤهلين تأهيلاً عاليًا وشاملاً لأنها مادة صعبة ومعقدة (complexe non compliquée). مادة تتموقع في تَقاطُع اختصاصات متعددة (Une discipline-carrefour): بيولوجيا، طب وِقائي، علم اجتماع، أنتروبولوجيا، علم نفس الطفل، قانون، فقه، إلخ.

سأكتفي اليوم بعرض تجربتي البيداغوجية المتواضعة في هذا المجال كأستاذ سابق في علوم الحياة والأرض طيلة 38 سنة (1974-2012).

 

تجربتي في تدريس ما بدا لي أنه "تربية جنسية علمية بحتة" (1974، أستاذ إعدادي وعمري 22 سنة): درّستُها  ليس كمادة تربوية مستقلة، بل كمِحورٍ مُهِمٍّ (Un chapitre important des SVT) من محاور اختصاصي (سأحكي عن نفسي فقط ولا أتحمل أخطاء بعض زملائي، هذا إذا كانوا قد وقعوا في أخطاء بيداغوجية خلال تدريسهم لهذا المحور):

-         درّستُها لتلامذة الثالثة إعدادي منذ 1974 (في التاسعة أساسي حديثًا تُدرّس بالعربية وكانت تُدرّس بالفرنسية في الثالثة ثانوي سابقًا ، أي في فترة المراهقة بالنسبة للتلامذة، سن 15). سنة 1974 هي أول سنة لي في التعليم.. نعم درّستُها في الجمهورية التونسية منذ 1974.

-         ماذا كنتُ أدرّس بالضبط ؟ كنتُ أدرّس: 1. كنتُ أدرّس تركيبة الجهاز التناسلي الذكري والأنثوي ووظائف أعضائهما بالتفصيل وكنتُ أستعين بقالب بلاستيك مجسّم لكل الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية، مجسّمٌ قابلٌ للتفكيك والتركيب من قِبل التلامذة في حصص الأشغال التطبيقية. 2. كنتُ أدرّس الأمراض والإصابات المنقولة جنسيًّا (MST & IST) مثل السيدا والتهاب الكبد "نوع ب" وكيفية الوقاية منهما. 3. كنتُ أدرّس وسائل منع الحمل (كنتُ أطلب من تلامذتي جلبَها من أقرب مركز للتنظيم العائلي).

-         كان هذا المحور يشدّ التلامذة شدًّا، وكنتُ أدرّسه بكل مِهَنِيةٍ وجديةٍ وصرامةٍ علميةٍ وكنتُ أقول لتلامذتي: "لا حياءَ في العلم كما لا حياءَ في الدين". من حسن حظي المِهَنِي أن تدريسَ لهذا المحور بالذات لم يتسبب لي في أي مشكلة خلال مسيرتي المهنية التي دامت 38 سنة بالتمام والكمال، لا مع التلامذة ولا مع أولياء أمورهم ولا مع الإدارة، وكنتُ أرى في تدريسه مصلحة كبيرة وفائدة مباشرة للتلميذ كفرد وللمجتمع كعلاقات سليمة بين الأفراد، وأرى أيضًا في تدريسِ هذا المحور الجذّاب لاهتمام التلامذة، كل التلامذة دون تصنيفٍ سخيفٍ، كنت أرى فيه تَجْسِيرًا بين العلم والحياة، فالعلم -هنا- خرج من دائرته الضيقة، المخابر والجامعات، خرج إلى أفقٍ أرحبَ بكثيرٍ، ألا وهو أفقُ الحياة. صادَفَ مرة وأن كانت ابنتي الكبرى من تلامذتي وقدّمتُ الدرسَ كما عهدتُ تقديمَه في الأقسام الأخرى دون زِيادةٍ أو نُقصانٍ، وإيمانًا مني بأهمية التربية الجنسية ولتعميم الفائدة درّسته -وعن وعي- لولدَيَّ الآخرَين في المنزل، ولدَيَّ اللذاْن "لم يسعفهما الحظ" بالتتلمذ على أبيهم في السنة التاسعة أساسي.

-         في برنامج هذا المحور، لا توجد أي إشارة لتناول موضوع التحرّش الجنسي ولا الوقاية منه، وأنا، تمسّكًا ديونتولوجيًا مني بأخلاق المهنة، لم أتناوله في حصصي، لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ. لذالك أقترح إدراجَه لاحقًا -في نطاق الإصلاح التربوي المرتقَب- في محور اختصاصنا بعد تكوين أساتذة العلوم في هذا المجال تكوينًا علميًّا معمقًا على أيدي أطباء نفسانيين وأساتذة جامعيين مختصين وليس على أيدي متفقدين غير متكوّنين أكاديميًّا في هذا المجال.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire