كيف فاز فيها
حزب "إيكس"، رغم أدائه الكارثي خلال خمس سنوات خلت (وهو حزبٌ من أحزابِ
السلطة الحالية)؟
-
فترة حُكم حزب "إيكس" 2014-2019، حصيلة
اقتصادية واجتماعية أكثر من مخيّبة للآمال: دينار طائح، فساد طالع، محسوبية
متفشية، رشوة معلنة، تهريب مكثّف، تهرّب من الضرائب دون محاسبة، أسعار نارية، قطاع
تربوي متردٍّ، قطاع صحّي متدهور، سِكك
حديدية مرتعشة، طرقات محفّرة، إلخ. ورغم كل هذه المصائب فقد فاز حزب "إيكس"
في الانتخابات التشريعية التونسية (6
أكتوبر 2019) بأغلبية مريحة مكّنته من إعادة تنصيب أمينه العام، "إيﭬراﭬ" المتخلّي،
في كرسي رئيس الحكومة من جديد (أو نسخةٌ منه، لا فرقَ).
-
بمهارة الحاوي، استطاع أمينه العام "إيﭬراﭬ"
أن يتجنب في حملته الانتخابية كل المواضيع التي تزعج الناخب وإذا لم يستطع
تجنبها، يلفها في ورق سيلوفان وردي وعودًا تُسيل لُعابَ الجاهلِ. يذهبُ الجاهلُ ويأتي
مكانَه الغافلُ.
-
ركّز قائدنا المُفدَّى على مسألة الإرهاب
والأمن، وقال: "أنَحْنُ أفضل من الدول العظمى في مقاومة نفس المعضلة؟ نعم..
نحن أفضل وهذا بشهادتهم هُمْ!" (تصفيق أو تكبير.. بصدقٍ لا أذكر، سَمعي
ثَقُلَ، حركات بهلوانية يافعة لكن ترجمتها في الصندوق نافعة!). قائدنا واقفٌ.. واقفٌ لتونسِنا، وبمفرده.. أي
شجاعةٍ وأي جرأةٍ! عَنْتَرْ زمانه! لم نعهد في تونس الحديثة مثل هذه الخطابات
المفعمة بأسًا ووطنيةً وانتماءً خاصة من قائدٍ رَضَعَ الوطنية في السفارات
الأجنبية والدوائر المالية العالمية!
-
لا مصلحة لقائدنا في تِعداد أفشاله السابقة
في الحكم. ماذا يفعل إذن (Que faire)؟ لم يبقَ له من حيلة
يلجأ إليها حتى يخرج من هذه الورطة إلا التلويح كسابقيه بشبح التهديدات الخارجية
العربية أو الغربية. ولإسناد هذه الحيلة كان يرفض رفضًا باتًّا الحضور في
المؤتمرات الصحفية حول برنامجه الواعد أو المشاركة في المناظرات التلفزية مع
نظرائه في أحزاب المعارضة. اكتفى بالظهور في بعض التلفزات الخاصة التي يملكها رجال
أعمال حريصون على موالاة الواقف، وصاحبنا أول الواقفين وأشبّهم! وإن لم تُسعِفه
هذه، فجِراب الحاوي مليئة بالحيل: يشيطن حزب "نون"، حليف الأمس، ويصفه
بحاضنة الإرهاب وتدريب الجهاديين وتسفيرهم على نفقته إلى سوريا وليبيا، والغريب
أنه لا يرى غضاضة أن يجدد تحالفَه معه بعد النصر لو حصل "نون" على
الرتبة الثانية، فالغايةُ عنده تبرّر الوسيلة. شيطنه في حملته إلى درجة أن أحد الحاضرين
في
الاجتماع لم يصبر وانفجر في وجهه قائلاً: "ما دام حزب "نون" بكل هذه البشاعة فلماذا تحالفت
معه خمس سنوات في فترة حكمك السابقة؟ ولو أخذنا كلامَك مأخذ الجد، لا التهريج، فالمفروض،
وحسب ما قلته الآن، أن تقبض على كل قيادات هذا الحزب فورًا بتهمة احتضان وتشجيع
الإرهاب وتضعهم في السجون!".
-
المالُ عَصَبُ الانتخابات وصاحبنا وأصحابه
يملكون منه الكثير بحرامه أكثر من حلاله. ميزانية حملتِه الانتخابية فاقت الألف
مليون دينار، كرمٌ لوجه الله من "فاعلي الخير" الواقفين لتونس، الذين
اشتهروا بالفساد والتهريب والتهرّب الضريبي، الكل يهون من أجل إنجاح حملة انتخابية
يقودها بطل مكافحة الفساد. لا تتعجبوا من مواقف الواقفِ، ألم يُنشئ وزارةً بِطُمِّ
طميمها ونصّب على رأسها رجلاً حكيمًا من أجل خدمة هذا المبدأ الجميل؟ أما الهدايا
الموزعة ليلة الاقتراع فهي موجهة للصغار وليس للكبار، فرحةٌ وليست رشوةً. ما أسوأ
ظنكم بالواقفِ؟
-
قائدنا شباب و"بْرانْشِي" ومسنود
من جنود الخفاء، خفافيش الشبكة ومروّجي الإشاعات والأخبار الزائفة والفوتوشوب، ومسنود أيضًا من متعهدي الحفلات، "ليلة والمزود خدّامْ..
اركز يا زينة لَﭬدامْ".
-
الانتخابات التشريعية (6 أكتوبر 2019) أكدت
إعادة انتخاب نفس الوجوه البرلمانية لكنها غيرت زيد المرتشي بعمرُو الراشى، تشبيبٌ
ودمٌ جديدٌ! أليس هذا مطلبُكم يا شعبُ؟
خاتمة: بنو وطني، اطمئنوا ولا تجزعوا، مستقبلكم ومستقبل
أولادكم يأيادٍ أمينة، فقائدنا "إيﭬراﭬ" بعد الانتخابات
ليس نسخة مطابقة لـ"إيﭬراﭬ" قبل الانتخابات، حتى ولو كان
يحمل نفس الاسم ونفس الوجه، "إيﭬراﭬ" بعد الانتخابات ألعن
من "إيﭬراﭬ" قبل الانتخابات. "إيﭬراﭬ"
بعد الانتخابات سيفتح باب الخضراء على مصراعيه لـ"الأليكا" الاستعمارية
وللخوصصة الوطنية (بيع كل أو بعض شركات القطاع العام، مثل الستاﭬ، السوناد،
تونيسار، الكوبّانية، الـﭬمرﭬ، إلخ)، فكُلُوا واشرَبُوا وقِرُّوا عينًا أيها
التونسيون فالـ"شاهد ما شافْشِ حاﭬة"!
إمضائي: "وإذا كانت كلماتي لا
تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر
آخر" جبران
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 6 جويلية
2019.
مقالٌ
مستوحَى مِن جريدتي الوحيدة، لا أقرأُ غيرَها
من الجرائدِ الأجنبيةِ أو المحليةِ وذلك منذ أربعينَ سنةٍ خلتْ، جميلةٌ أحبُّها
واسمُها لوموند ديبلوماتيك
Le Monde diplomatique, juillet 2019, l`article «Identité, sécurité, les
recettes gagnantes du nationalisme hindou. En Inde, comment remporter les
élections avec un bilan désastreux», par Christophe Jaffrelot, auteur et
directeur de recherche au CERI et CNRS, pp. 10 et 11
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire