أبدأ بتقديمِ
توضيحٍ رفعًا لكل لَبسٍ: مواطن مسلم عَلماني
وغير معادٍ للإسلاميين، مواطن يساري غير ماركسي وغاندي الهوى، مواطن يخالفكم ولا يكرهكم ولي فيكم أقاربَ
أحبهم، أومن بحقكم في المواطنة الكاملة ما دمتم تقبلون بالديمقراطية نظامًا وما لم
تحملوا السلاح ضد دولتكم وشعبكم.
لستُ واعظًا
فنيًّا ولا ناقدًا فنيًّا ولا ذوّاقًا للفن، ولا أفقه فيه أكثر منكم، لكنني أختلف
عنكم قليلاً: أنا لا أحرّم الفنون بجميع أنواعها التي أعرفها، وللجنسَين، مثل الموسيقى،
الغناء، الرسم، الخط العربي، السينما، المسرح، الرقص، التعبير الجسماني، إلخ. لم
أتلقَّ أي تكوينٍ في الفنون فلذلك أشعر بنقصٍ كبيرٍ في هذا المجال. أرى أن حاسة
الذوق الفني ليست حاسة طبيعية فطرية غريزية جينية وراثية (génétique)، بل هي حاسة حضارية
مكتسبة فوق جينية (épigénétique)، لا أومن بمفهوم
"الموهبة"، أو الأصح أرى أن الموهبة هي 100% وراثية و100% مكتسبة. حسب
رأيي، لا يولد الإنسان ذوّاقًا للفن، بل يصبح ذوّاقًا له بالتعليم والتدريب: أنا
وللأسف لم أولَد كذلك ولم أصبح كذلك، وإذا حرِمتُ من القدرة على تذوّق لوحة
لبيكاسو أو سمفونية لبيتهوفن، فاللوم يرجع على المنظومة التعليمية التونسية
العمومية ولا يرجع على بيكاسو أو بيتهوفن.
لماذا أطلب
من السلفيين استثناء الرسم التجريدي والموسيقى السمفونية من مبدأ تحريم الفنون الذي لم يَرِدْ في الكتاب على
حد علمي المتواضع بتفسير وتأويل الكتاب؟
حسب ما أسمع
عنهم، يقولون أن الفنون "فيها وعليها"، لذلك حرّموها على أنفسهم وذويهم،
هُمُ أحرارٌ، لكن يبقى سؤال يحيرني وهو الآتي:
الرسم
التجريدي (L’art abstrait, non figuratif, comme la calligraphie et autres) والموسيقى السمفونية (على الأقل السماع والاستمتاع):
-
رغم أنني لم أجرّبهما، أعرف أن الاثنين هما
أرقَى وأرقّ الفنون على الإطلاق، وأنهما يهذّبان النفس ويصقلان الذوق وأظنهما يقرّبان
من الله.
-
وأسأل: ماذا فيهما وماذا عليهما من عيوبٍ قد
تتنافي مع شرع الله، مع العلم أنني لستُ فقيهًا في شرعه سبحانه وتعالى؟
إمضائي: "وإذا كانت كلماتي لا
تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر
آخر" (جبران)
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 26 جويلية
2019.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire