mercredi 24 juillet 2019

مفاهيم سادتْ ثم بادتْ: التغيير الفجائي والثوري، حرية النشر والتعبير والمعتقد والضمير، الديمقراطية البرلمانية، فصل السلطات الثلاث، الهيئة المستقلة للانتخابات النزيهة والشفافة، المجلس التأسيسي والدستور الجديد! مواطن العالَم، ، يساري غير ماركسي وغاندي الهوى



أحترم طموح أشقائنا الجزائريين والسودانيين وأتمنى - من كل قلبي وبكل صدقٍ - أن لا يصيبهم ما أصابنا، نحن التونسيين، من خيبة أمل: أتكلم عن نفسي على الأقل، أنا أصِبتُ بالإحباط واليأس والفشلْ وفقدتُ الأملْ في كل ما سيحصل جراء ما حصلْ. هُمٌ، ما زالوا يطمحون إلى تفعيل كل هذه المفاهيم البائدة (des concepts caduques, car périmés)، أما نحن وبعد ما أنجزناها كلها، وبعد مرور ثمان سنوات على "ثورتنا المجيدة"، ما زلتُ أشعر أننا وكأننا لم ننجز شيئًا.

عندما يُعرَفُ السببْ قد يَبطُلُ العجبْ!
مَن هو يا تُرى هادمُ اللذات وقابرُ الطموحات؟ ومَن غيره.. هو الفسادُ بعينه.. وما أسبابُه؟
الأسبابُ التي أعنيها ليست هي نفس الأسباب التي قد تتبادر إلى أذهان الأغلبية منكم؟؟؟
الأغلبية الساحقة، وفي العالم أجمع، ترى الفساد في فساد الأخلاق فقط، أي الغِش والربا والرشوة والمحسوبية.
ويا ليتها كانت كذلك، لَسَهُلَ القضاء عليها بواسطة دروس التربية الإسلامية أو خطب الجمعة. والدليل على  أنها ليست كذلك: لو كانت هذه الأسباب أخلاقية بحتة لَهَذَّبتْها على الأقل 216  ساعة دروس تربية إسلامية  تلقّاها كل مواطن تونسي عادي أتم دراسته الابتدائية (1 ساعة في الأسبوع في 4 أسابيع في الشهر في 9 أشهر في السنة في 6 سنوات) أو لَأزالتْها نهائيًّا 2080 خطبة جمعة حضرها كل مواطن تونسي مصلي عادي (52 جمعة في العام في 40 عام صلاة)!

الأسبابُ في نظري أعمق من ذلك بكثير:
-         السبب الأول يكمن في النظام الاقتصادي الرأسمالي، الأليف منه والمتوحش والوطني منه والعالمي، النظام الذي قنّن هذه الأخلاق الفاسدة (الغِش، الربا، الرشوة، المحسوبية، إلخ.) وطوّرها إلى علوم وقوانين (المضاربات في البورصة، القروض المجحفة، الإشهار المغشوش، احتكار حرية النشر والتعبير من قِبل رجال أعمال متهربين من الضرائب مثل نبيل القروي وسامي الفهري، تجار الجملة الوسطاء والمهرّبون، إلخ.).
-         السبب الثاني سبب جيني متوارث، سببٌ لن يقدر على إزالته إلا خالقُه أو تُزيلُه طفرةٌ جينيةٌ (une mutation génétique): علميًّا، نسميه الجينات (ADN) حاملة الغرائز الحيوانية (الأنانية، العدوانية، حب التملّك، الرغبات، الشهوات، إلخ.)، ودينيًّا، سمّاه خالقُه "فجور النفس".

ملاحظة: مَن أراد منكم التعمّق أكثر في السبب الثاني، فليقرأ الكتاب التالي:
Génétique du péché originel. Le poids du passé sur l`avenir de la vie. Christian de Duve (Prix Nobel de médecine, Un biologiste et moraliste), Editions Poches Odile Jacob, Paris, 2017, 240 pages
أو يرجع إلى مقالي المنشور في 8 مارس 2019 تحت العنوان التالي: "مجموعةٌ من الأسئلةِ، أرّقتني طيلةَ عقودٍ! وجدتُ لها اليومَ جوابًا في كتابٍ؟ فكرة كريستيان دو دوف، ترجمة وتأثيث مواطن العالَم"، وهذا رابطه في مدونتي (blog. fr):

إمضائي: "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 24 جويلية 2019.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire