jeudi 30 août 2018

فكرةٌ "مهبولةٌ": طلبتُنا غير مجتهدين وموظفونا العموميون غير مواظبين، فلماذا لا نلغي كل إضراباتهم وكل عُطَلِهم السنوية؟ مواطن العالَم



مقدمة:
علماء الحياة أكدوا أن الخلية، الوحدة الأساسية المكونة للكائنات الحية، لا ترتاح ولا تُعطِّلُ أبدًا، بل تشتغل دومًا لإنتاج الطاقة الضرورية للجسم الحي. راحتُها تعني موتَها.
المخ البشري لا يرتاح حتى في النوم، وشغله في الغفوة كشغله في اليقظة، والدليل: الأحلام والتنفس والهضم والطرح والحرارة المستقرّة في الدرجة 37س، وغيرها من الوظائف الحياتية. الرسم الدماغي (encéphalogramme) المسطّح (الراحة) يعتمده الطبيب لإعلان الموت النهائي.
يبدو لنا لأول وهلة أن القلبَ لا يرتاح، عضلته تتقلص 0،4ث وتتمدّد 0،4ث، لكن خلاياه تعمل دومًا لتأمين التقلصِ والتمدّدِ.
فلاحونا، فقراء الريف، لا يعرفون من العطل إلا يومين، عيد الفطر وعيد الأضحى.
الأم، ربة البيت الفقيرة ومربية أطفالها، لا ترتاح حتى في الأعياد.

الفنان المبدع والمفكر والشاعر والكاتب والروائي والأديب والعالِم والفيلسوف والناقد والباحث وطالب الماجستير أو الدكتورا، كلهم لا يعطّلون ودومًا يفكرون ويجتهدون. 
العطلةُ فكرةٌ غربيةٌ حديثةٌ صدّرها لنا الغرب ُ عنوةً من عصرِه الصناعي. غربٌ طفيليٌّ إجباريٌّ (parasite obligatoire)  يعيش جزئيًّا على حساب ثروات العالم الثالث وعرق عماله المهاجرين. هم يرتاحون ونحن نجوع!

الفكرة، هي "مهبولة" صحيح لكنها ظرفيًّا معقولة خاصة في هذه الفترة بالذات وذلك للخروج من هذه الأزمة الهيكلية العميقة والخانقة السائدة اليوم في تونس:
تدوم المسيرة الدراسية في تونس 16 سنة (6 ابتدائي + 3 إعدادي + 4 ثانوي + 3 عالٍ). تصوّروا معي كم سنربح من الوقت الثمين لو ألغينا العطلة المدرسية الصيفية السنوية (قرابة 3 أشهر) وأصبحت السنة الدراسية تدوم 9 أشهر عوض 12، تليها التي بعدها مباشرة؟ سنربح 4 سنوات كاملة ، فيصبح المتعلم يتخرّج مُجازًا وعمره 18 سنة عوض 22، ويبدأ الشغل في أعز فترة عطائه الجسمي (6 قبل المدرسة. 12 سنة ميلادية ينهي فيها 16 سنة دراسية).
أما بالنسبة للموظفين العموميين، فزيادة على العطل السنوية، أطالب بإلغاء الإضرابات وفي كل القطاعات حتى يقف القطاع العمومي على رجليه ويستردّ عافية عصر ما قبل العولمة والليبرالية البربرية المتوحّشة، لكي لا يبلعه غول القطاع الخاص المتربص به وبنا، نحن العمال العموميون بالساعد والفكر.

القطاع العمومي هو ملك عمومي مشترك لدافِعِي الضرائبِ. فكيف يُضرب العاملُ في ملكه ويخرّب بيتَه بيديه؟

خاتمة: من المفارقة أن يبدو لي أن طريق الحرية، والانعتاق من الاستلاب (l`aliénation) والتبعية والارتهان للدوائر المالية وقروضها القذرة (les dettes odieuses)، لا يمر إلا عن طريقِ استلابٍ من نوعٍ آخرَ، الرضوخ إراديًّا للقانون والنظام والانضباط في العمل واحترام الكفاءة والتراتبية المستحقة والبحث العلمي للسيطرة على قوانين الطبيعة وتوظيفها لصالح الإنسان، كل إنسان دون تمييز ديني أو مذهبي أو طبقي أو عرقي أو لوني أو جندري أو ذهني أو صحّي. قالها ماركس ولم أقلها أنا اليساري غير الماركسي ولستُ ضد كل ماركس ( Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites. Sartre, 1948)، ومَن مِن الماركسيين يجرؤ ويُزايد على ماركس في وقوفه مع العمال ضد الاستغلال، لذلك تنبأ هذا الفيلسوف العظيم بقيام نظام اشتراكي في بريطانيا الرأسمالية المصنّعة وليس في روسيا الفلاحية المتخلفة بالمقارنة.
هذا الطريق، سلكه اليابانيون ونجحوا، هزمتهم أمريكا، أقامت قواعد على أرضهم، كتبت لهم دستورهم من ألِفه إلى يائه، وحرّمت عليهم إنتاج القنبلة الذرية. قاوموا لكنهم لم يقاوموا بالسلاح كالعرب وهم لا يقلّون عنا شجاعةً: اليابنيون يعملون، يدّخرون، لا يُضرِبون ولا يسافرون للفسحة إلا حديثًا تحت ضغط الغربيين وإلحاحهم بحجة المنافسة "الشريفة". قاوموا بالاستلابِ للعلمِ والعملِ فراكموا ثروة مادية وثروة علمية وثروة تكنولوجية، وبعد ما كانوا عبيدًا للأمريكان أصبحوا أسيادًا للعالَم، يُعملُ لهم ألف حساب وحساب وحديثنا قياس وخرّافتنا هابة هابة وكل عام اتجينا صابة يا رب.

إمضائي
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 30 أوت 2018.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire