vendredi 24 août 2018

شعبة دستورية من جمنة السبعينيات عَمِلَت فينا معروفًا، نحن الشباب الجمني الماركسي آنذاك، أردّه اليوم لأعضائها تحية اعترافٍ بالجميلِ بعد رحيل جلهم أو كلهم بنصف قرنٍ من الزمن؟ مواطن العالَم، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً



في جمنة السبعينيات من القرن الماضي في عهد بورڤيبة، كنا ثلة من المدرّسين الشبان المتمردين على السلطة والدين وتقاليد مجتمعنا، وكنا ثقفوت ماركسيين ثوريين بورجوازيين صغار، فئةٌ قال فيها ماركس نفسه ما لم يقله مالك في الخمر. هذه الشهادة الضيقة والمقتضبة على العصر ليست تأريخ لتجربة ما، بل هو اعترافٌ شخصيٌّ لا يُلزِم أحدًا غيري ولن أقول إلا على نفسي، وعلى نفسي فقط.
كنا، مجموعة صغيرة من ستة أو سبعة أنفار، نجتمع ليلاً في حوشنا في دار سيدي البحرية بصفة سرية أو كنا نتوهم ذلك، نقرأ كتبًا ماركسية لـماو (كنتُ، خاصة أنا، مبهورًا بفكره وكنت أرى دمويته ثورية شرعية) وستالين (كنا والحق يُقال، كنا كلنا ننقده وبشدة منذ ذلك الزمن) وصادق جلال العظم (الذي تنبّأ بانقراض الحركات السياسية العربية الإسلامية، كذّب التاريخ تنبؤاته قبل وفاته سنة 2016 وفي بلده سوريا بالذات) ونوال السعداوي وغيرهم ممن نسيت أسماءهم.
سمعنا أن فرقةً من أمن الدولة جاءت إلى جمنة تسأل عنا، اتصلت بالشعبة فتسترت هذه الأخيرة عنا ونفت الخبر وقال أحد أعضائها ما يلي: "محمد بن كشكار، حوشهم مهدّم فكيف تقولون عنه أنه يعبد في مارس (قال مارس وليس ماركس)"، أظنه عضو الشعبة، جارنا الطيّب، بنعيسَ بالطيب.
لولا تستر الشعبة علينا لَقضينا في غياهبِ السجونِ سنينَ طِوالاً، الله أعلم بعددِها.
عن نفسي أقول وعن الآخرين أصمت وأمسك قلمي، أتعبتني المماحكات مع الأصدقاء القدامى الجمنين اليساريين وأفقدتني الأغلبية منهم، بعد الثورة نجوتُ منهم بثلاثة فقط (ع. ن.، ط. ط.، ح. ح.): سترني الله بعد أن كان سيفضحني تشيّعي لماركس، وسترتني أيضًا أخلاق الجمنين العالية فحمدًا للأول وشكرًا لأعضاء الشعبة على معروفهم الجميلِ هذا في الزمن الجميل ذاك. لا دعوَى لي بأفعالهم الأخرى، غفر الله لهم ما تقدّم من ذنوبهم وما تأخّر.

إمضائي
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 25 أوت 2018.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire