samedi 28 mai 2016

بأيدينا شوّهنا حضارتنا العربية الإسلامية ولم يشوّهها أحدٌ غيرنا، وبأيدينا لغّمناها من الداخل، وبأيدينا أيضًا أشعلنا الفتيلَ، واليوم نقف كالمتفرّج ونتعجب من انفجار الألغام فينا. فكرة حبيب بن حميدة. تأثيث مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا (La Didactique de la Biologie)

بأيدينا شوّهنا حضارتنا العربية الإسلامية ولم يشوّهها أحدٌ غيرنا، وبأيدينا لغّمناها من الداخل، وبأيدينا أيضًا أشعلنا الفتيلَ، واليوم نقف كالمتفرّج ونتعجب من انفجار الألغام فينا. فكرة حبيب بن حميدة. تأثيث مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا (La Didactique de la Biologie)

- رَفعَنا القرآن درجات وفضّلَنا على جميع الأمم "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه". بالله عليكم يا مسلمين، هل نحن اليوم كذلك؟ أكاد أجزم أننا اليوم عكس ذلك! وهل يوجد منكر أفظع من قتل النفس؟: الأنظمة العربية (عبد الناصر والأسد وصدام والڤذافي وكلهم دون استثناء) والحركات الإسلامية الجهادية (القاعدة والنصرة وداعش وأخواتها). وهل سجّل لنا التاريخ معروفا واحدا أمرْنا به الأمم الأخرى منذ موت ابن رشد في نهاية القرن الثاني عشر ميلادي؟ وهل آمنا بالله حقا؟ قال تعالى: "وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ". ونحن لا شغل لنا إلا تكفير كل مَن خالفنا دون وجه حق. نقول عنهم أنهم لتوراتهم وإنجيلهم محرّفون ونحن ماذا فعلنا بقرآننا، حفظه الله نصا ونحن حرفناه تأويلا: جاء نبينا لإتمام مكارم الأخلاق. فأين نحن منها اليوم؟ صلاتنا لم تنهنا عن الفحشاء والمنكر، رمضاننا تبذير، حَجُّنا كِبْرٌ وزكاتنا لم تنقذ الفقير أما الشهادة عندنا نُحسن نطقها ولا نفقه معناها.
- جاءنا الوحي بالتوحيد في أرقى صورة من التجريد. نزلنا به إلى أرذل صورة من الطقوس المفرغة من التقوى وقلبنا التجريد إلى تجسيد. ومَن أولَى بالتجريد يا تُرى؟ المثقفون من كل الأديان أم عَبَدَةُ الأئمة مِنّا والرهبان؟
- ورّثنا الله زبدة الحضارة اليهودية المسيحية. أنكرْنا أننا امتدادٌ لها ولسنا أعداءً لها. تمادينا في غِيِّنا وعصينا الله فيها وعاديناها. عزلنا أنفسنا في قوقعة وأقفلنا المخرج وتوهمنا أن الإسلامَ هو الحل! رضي الله بالكِتابية، يهودية أو مسيحية، أمًّا لأولادنا المسلمين. أيوجدُ بعد هذا التشريف تشريفا لليهود والمسيحيين؟ أم نحن نعلم أكثر منه سبحانه وتعالى؟ معاذ الله، نحن يقينًا أقصر منه نظرًا وأضيق منه أفقًا وأقل منه رحمة! ظلمنا أنفسَنا وألصقنا ظلمنا بغيرنا بقال الله وقال الرسول وهم من كفرِنا والله أبرياء!
- في عهد المأمون وقبل أوروبا بحوالي خمسة قرون، اكتشفنا الفلسفة والعقلانية اليونانيتين، عِمَادَيْ النهضة والتقدم ولا عماد غيرهما إلا الله، إله الناس أجمعين مسلمين وغير مسلمين. ثم هجرناهما عن طواعية ودون سبب منطقي فكان مَثلنا كمَثل مَن يتزوج امرأة طيبة وجميلة ويطلّقها دون ذنبٍ اقترفته 
سوى أنها أسعدته وضمّته إلى عالَمها الأجمل والأرحب، عالَم العِلم والفلسفة، عالَم القِيم الكونية، وأخرجته من جحره العربي البدوي المنغلق.
- ربي يفتح باب عفوِه على مصراعيه ويقبل توبة المشرِك حتى آخر ثانية من حياته قبل أن يقبض روحه ومالكٌ عندنا يفتي بقتل تارك الصلاة.
- ربي خَتَمَ جل أو كل آيات حدوده بـ"إن عفوتم فهو خيرٌ لكم" وقال: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا" بل وحرَّض المشركين، وهم على حالٍ عظيمٍ مِن قبيح الفِعال، أنْ يُقلعوا عن كفرهم ليفوزوا بالغفران، فقال: "قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ". وقال البصيري في قصيدة البردة في مدح النبي: "يا نفس لا تقنطي من زلّة عَظُمَتْ ... إنّ الكبائر في الغفران كاللّمم (صغائر الذنوب)" كما قال يحيى بن معاذ: " إذا أقام اللهُ عليك عدْلَه، لَمْ تَبْقَ لك حسَنَةٌ تُثابُ عليها، وإنْ أقام عليك فضْلَه لَمْ تَبْقَ لك سيِّئةٌ تُعاقَب عليها". أبَعْدَ كل هذا التسامي والرحمة والتسامح، ننزل إلى الحضيض بغفرانه ونأخذ في الحساب مكانه؟: نقطع يدَ مَن سرق في السودان بلاد الفقراء، نقتل صحفيا في الجزائر أو مفكرا في لبنان، ننعل شارب حارة بيرّة في تونس وكان الأجدر بنا أن ننعل المعصية وندعو بالهداية للعاصي، نرجم الزان والزانية في إيران، حُكمٌ أتى به الفاروق ولم يُذكر في الفُرقان، نحرق عدوا في داعش وما يحرق بالنار إلا العزيز الجبّار، نعذب أسيرا في الأردن والرسول أوصى أسامة بأن لا يقطع في الحرب شجرة، أما في بلادنا فنضرب الفاطرين رمضان ونطرد اليهود التونسيين من ديارهم في 67 والرسول أوصانا بأهل الكتاب خيرًا ونكفّر عالِما كالصدّيق أو الطالبي وفي نفس الوقت نرحب بوجدي غنيم في القبّة.
- كل الأمم ترنو لتحقيق القيم الكونية ولا تضع لطموحها حدّا. ولو لم تحقق الكثير منها فالأكيد أنها في الغرب وآسيا حققت القليل. أما نحن فما دمنا نرنو إلى القيم السلبية فإن شاء الله سنتدحرج إلى أسفل السافلين: نمجّد الأنانية والكسل والنفاق والانتهازية بل نربي عليها أولادنا ونرفعها قيما براڤماتية للنجاح على حساب الآخرين ونعادي باسم الدين الناسَ أجمعين وننسى أن "مَن حفر جُبًّا لأخيه (في الإنسانية) وقَع فيه".

إمضائي:
على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 29 ماي 2016.
Haut du formulaire
Bas du formulaire


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire