vendredi 20 mai 2016

جليسي اليومي في المقهى، فيلسوف حمام الشط الماركسي، الأستاذ حبيب بن حميدة يتحدث عن الدين الإسلامي والاستعمار؟ مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا (Didactique de la Biologie)

جليسي اليومي في المقهى، فيلسوف حمام الشط الماركسي، الأستاذ حبيب بن حميدة يتحدث عن الدين الإسلامي والاستعمار؟ مواطن العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا (Didactique de la Biologie)

سألته: قال لي صديق ماركسي مرة: المؤرخون العلمانيون أصبحوا يساوون بين الاستعمار الأوروبي الحديث والفتوحات الإسلامية القديمة.
أجاب: نبدأ بتحديد أهداف الاستعمار الأوروبي الحديث (La colonisation): نهب المواد الأولية، جلب يد عاملة أمية ورخيصة وفتح أسواق لبيع إنتاجه الصناعي الوافر، والمسلمون الفاتحون لم يفعلوا شيئا من ذلك.
- ألم يسخِّروا المواطنين المفتوحين عبيدًا وجواريَ لخدمتهم ؟
- العبودية عند المسلمين لم تكن نظاما اقتصاديا صارما كما وقع للسود الأفارقة في أمريكا. عبيد المسلمين كانوا عبيد الخدمات المنزلية في قصور الأغنياء والأمراء إلا النزر القليل منهم. وأبناء العبيد عندنا قد يُعتَقون والإسلام يحث على ذلك فيتحررون وقد يرتقون وقد يتبوءون أعلى المناصب السياسية والعسكرية والفقهية والفكرية مثل خير الدين باشا في تونس وتركيا والمماليك عموما (Mobilité sociale exemplaire) أما في الدول الأوروبية حتى أواسط القرن العشرين (أمريكا وجنوب إفريقيا) فالتفرقة العنصرية كانت حاجزا لا يمكن تجاوزه بالنسبة إلى طبقة العبيد وخاصة السود منهم مهما كدّوا واجتهدوا. في الامبراطوريات الإسلامية وبين المسلمين الأحرار أو العبيد المعتوقين، لا توجد أي تفرقة من أي نوع (Pas de ségrégation, ni de classe, ni de caste, ni raciale, ni sociale, ni de couleur, ni sexuelle, ni ethnique) ولدخول الإسلام يكفي أن تقول "لا إله إلا الله" البسيطة في نطقها البليغة في معناها دون أي شرط من أي نوع وقد سبق النبي عصره بقوله "لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى".
- لكن المسيحية أيضا دين محبة؟
- عندما استعمرت إسبانيا أمريكا الجنوبية في القرن الخامس ميلادي، كانت الكنيسة الحاكمة آنذاك تستقدم الهنود من بلادهم الأصلية لتتثبت منهم هل هم ينتمون إلى النوع البشري أم لا.
- ألم يستعمر العرب إسبانيا نفسها؟
- الفاتحون المسلمون لا يرون ذلك استعمارا لأنهم عند فتحهم للبلدان جميعا كانوا يعتقدون إيمانيا أن كل فرد هو مسلم بالفطرة وأبواه مسّحوه أو هوّدوه أو مجّسوه وواجبهم الديني يحتِّم عليهم أن يذكّروه أن الدين عند الله الإسلام والإسلام رسالة للعالمين (Une religion super-universelle).
- أليست المسيحية أيضا دينٌ عالميٌّ؟
- نعم لكن، المسيحية لم تؤسس مثل الإسلامِ دولة وقوانين ونمط حياة بل وجدت الدولة الرومانية وقوانينها فتأقلمت معها ولبستها وفضلت مبدأ السيطرة على قيمة الحب والعدل وارتكبت جرائم ضد الإنسانية لا تُقارن البتة بما ارتكبه الإسلام. أما الدين الإسلامي فهو دينٌ مؤسِّسٌ لكيان من عدمٍ.
- ألا يبدو من كلامك هذا أنك تشكر الدين الإسلامي؟
- أنا لا أشكر ولا أذم بل أحلل حالة دون خلفيات إيديولوجية إقصائية أومعادية.
- ألا يبدو من كلامك هذا أنك مثل السلفيّين تحنّ إلى الماضي "المجيدِ"؟
- لا، أنا أقول أن قيمة المساواة السائدة عند المسلمين قديما ربما تكون هي سبب هزيمتهم أمام الدول الاستعمارية العنصرية، فرّطوا في امبراطوريتاهم بسبب بابهم المفتوح لكل مَن هبَّ ودبَّ فهُم يعتبربون أن كل إنسان هو مسلمٌ بالقوّة (Tout individu est un musulman en puissance quelque soit sa religion, chrétien, juif, bahaii, hindou, confucéen, boudhiste, athéee ou agnostique ou autre) حتى لو لم يكن مسلما بالفعل (non musulman).
- ألا يظهر من كلامك هذا أنك تجامل الإسلاميين المعاصرين؟
- العكس تماما، نحن الاثنان نهاجمهم لأنهم فرّطوا في القيم الإسلامية الكونية وأصبحوا يتشبهون بأعدائهم وفعلوا اليوم ببعضهم البعض ما فعله الكاتوليك بالبروتستانت أو اقتربوا من ذلك. رحمة ربي واسعة جدا جدا وتسع الناس جميعا وهم ضيقوا فيها، لا بل سجنوها في أوطان وأحزاب وطوائف ومذاهب وكتب صفراء ونسوا أن الله دوما بابه مفتوحٌ لجميع الناس من كل الأديان والإيديولوجيات والأعمار وغفرانه في متناول أي بشر إلى آخر ثانية من عمره طال أو قصر، وأنكروا في معيشهم اليومي أن الله رب العالمين و ليس حكرا على المسلمين ورفعوا الطقوس والخمار هوية لهم وغفلوا على لب القرآن المليء بالمجاز والفلسفة والتقوى والتسامح ونكران الذات ولعلمك فإن الأحكامَ فيه لا تتجاوز العُشر.

أنهِي بأحلى إسلام وأفضل كلام، ما قاله لي يومًا صديقي القيادي النهضاوي النادر والبارز في المهجر، أستاذ القرآن في مدارس باريس، السيد بكّار عزوز: "أحسن هدية أود أن أقدمها لكل إنسان في الكون هي الإسلام فهل أستطيع أن أقدم هدية إلى شخص أكرهه؟ طبعًا لا! إذن فقَدَرِي كمسلم يفرض عليَّ أن أحب الناس جميعا دون تمييز لوني أو جنسي أو عرقي أو طائفي أو طبقي أو اجتماعي أو ديني أو قومي أو ثقافي أو لغوي، لا أريد أن أحرم من نعمة الإسلام أحدا، العَلماني والعِلماني والشيوعي واليساري والملحد والوسَطِي والمتطرِّف والمجرم والمِثلي، وليس لي اختيارٌ آخر غير الحب اللامشروط ولم يترك لي الإسلام طريقا آخر غير العطاء المجاني ومن طرف واحد ولا أملك كنزًا غيره أتصدق به ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى".

إمضائي:
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الجمعة 20 ماي 2016.
Haut du formulaire


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire